بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين. اللهم اغفر لنا شيخنا ولوالديه ولمشايخه ولجميع المسلمين امين. نقل الشيخ الحافظ النووي رحمه الله في كتابه رياض الصالحين. باب في سن سنة حسنة او سيئة. قال الله تعالى والذين يقولون ربنا هب لنا من ازواجنا وذرياتنا قرة اعين واجعلنا للمتقين وقال تعالى وجعلنا منهم ائمة يهدون بامرنا بسم الله الرحمن الرحيم. قال رحمه الله تعالى باب فيمن سن سنة حسنة او سيئة. يعني باب وبمن سن سنة حسنة وباب عقاب من سن سنة سيئة. وقوله رحمه الله سن سنة حسنة هذا من من قوله عليه الصلاة والسلام من سن في الاسلام سنة حسنة. والمراد بالسنة الحسنة واحد من امور ثلاثة الاول ان المراد بقوله من سن في الاسلام سنة حسنة ابتداء العمل لا الشرع. يعني انه ابتدأ عملا اه اقتدى الناس به كما يدل عليه سبب الحديث فان سبب الحديث ان قوما من مضر قدموا الى النبي صلى الله عليه وسلم وكانوا فقراء. فامر النبي عليه الصلاة والسلام ان يتصدق ان يتصدق عليهم. فجاء رجل ومعه صرة من ذهب قد اثقلت يده فوضعها في حجر النبي صلى الله عليه وسلم فتتابع الناس بالصدقة. فهذا سن في الاسلام سنة حسنة اي ابتدأ بدأ العمل والا فالصدقة مشروعة. الامر الثاني من قوله من سن في الاسلام سنة حسنة ان المراد بذلك السنة التي اندثرت وماتت. فجاء انسان واحيا هذه السنة واظهر هذه السنة للناس فهذا يقال انه سن سنة حسنة لا انه شرع. والامر الثالث ان المراد بقوله من سن في الاسلام سنة حسنة المراد بذلك ان يفعل ما يكون وسيلة الى امر مشروع. في عمل وسيلة تكون سببا الى امر مشروع كطباعة الكتب وتبويب وتبويبها تنظيم المدارس وبنائها وما اشبه ذلك. ثم ذكر المؤلف رحمه الله الايات في هذا الاية الاولى قول الله عز وجل والذين يقولون ربنا هب لنا من ازواجنا وذرياتنا قرة اعين. هذه من اوصاف عباد الرحمن انهم لما اصلحوا انفسهم حرصوا على اصلاح غيرهم. ولهذا قال الذين يقولون ربنا يعني يا خالقنا ويا رازقنا ويا مالكنا ويا مدبرنا ربنا هب لنا والهبة بمعنى العطية اي اعطنا هب لنا من من ازواجنا وذرياتنا من ازواجنا هذا يشمل الذكر والانثى. فالمرأة تقول ربنا هب لنا من ازواجنا وذرياتنا. والرجل ايضا يقول ربنا هب لنا من ازواجنا وذرياتنا. فقوله من ازواجنا يشمل الذكر والانثى وذرياتنا ذرية الانسان هم اولاده لصلبه واولاد ابنائه دون اولاد بناته اولاد البنات لا يدخلون في مسمى الاولاد ولا في مسمى الذرية لا لغة ولا شرعا. ولهذا قال الشاعر بنون بنو ابنائنا وبناتنا بنوهن ابناء الرجال الاباعدي. فاولاد البنات لا هنا في مسمى الذرية الا بنص او قرينة. مثال النص ان يقول هذا وقف على اولادي واولاد بناتي ومثال القرينة ان يقول هذا وقف على اولادي. ومن مات من ولد فنصيبه لولده. او ان يقول هذا وقف على اولادي وليس لهم سوى اولاد بنات. فحينئذ يدخلون. اما عند الاطلاق فان الذرية والاولاد انما يدخل فيها اولاده لصلبه واولاد بنيه دون اولاد بناته. يقول ربنا هب لنا من ازواجنا وذرياتنا قرة اعين اي ما تقر به اعيننا. وانما تقر عين الانسان باولاده اذا كانوا مستقيمين على امر الله. فهم قائمون بحقوق الله وقائمون بحقوق والديهم. فقد قاموا بحق الله وما يلزمهم من طاعته. وقاموا ايضا بحق من اب او ام ببرهم والاحسان اليهم. واجعلنا نعم قرة اعين واجعلنا للمتقين اماما جعلنا اي صيرنا واوصلنا الى هذه المنزلة العالية والرتبة الرفيعة اجعلنا للمتقين اماما والامام هو القدوة المتبع. هذا هو الامام القدوة المتبع. وانما يكون الانسان اماما اذا استكمل اوصافا ثلاثة. الوصف الاول العلم. فالجاهل لا يكون اماما. لانه لا يقتدى به الوصف الثاني التقوى. فغير المتقي لا يكون اماما لانه ليس قدوة. الوصف الثالث التأثير ان يكون مؤثرا بقوله وفعله. اما التأثير بالقول فان يكون عنده فصاحة وبلاغة وبيان. في خطابه. واما في فعله فان يكون مستقيما في منهجه وفي سلوكه. واجعلنا للمتقين اماما يصيرنا ولما كانت الامامة في الدين لا تنال الا بالصبر واليقين اعقب المؤلف رحمه الله هذه الاية بقوله وجعلناهم ائمة يهدون بامرنا لما صبروا وكانوا باياتنا يوقنون جعلناهم اي صيرناهم ائمة. والامام هو القدوة الذي يقتدى به. ائمة يهدون بامرنا. اي يسيرون على شرعنا ولا يتبعنا اهواءهم بل يهتدون بهدي الله وهدي رسوله صلى الله عليه وسلم. لما صبروا اي صبروا على طاعة الله وصبروا عن معصية الله وصبروا على اقدار الله المؤلمة. فالعالم والداعية لابد له من الصبر ولا سيما الصبر ولا سيما الصبر على اقدار الله المؤلمة. لان من سلك هذا طريق اعني طريق الانبياء والمرسلين في تبليغ رسالة الله عز وجل لابد ان يناله شيء من الاذى ولابد ان يناله شيء ولهذا قال الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم فاصبر كما صبر اولو العزم من الرسل. وقال تعالى برسوله صلى الله عليه وسلم ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا واوذوا حتى اتاهم نصرنا كل من سلك هذا الطريق طريق تعليم الناس وطريق الدعوة الى الله عز وجل لا بد ان يناله شيء من الاذى ولا ان يصيبه شيء من الفتور وضيق الصدر فليصبر وليصابر وليكن عنده حزم وجلد فالعاقبة للمتقين وثم قال عز وجل لما صبروا وكانوا باياتنا يوقنون. وكانوا يعني هؤلاء باياتنا والايقان هو الايمان من غير شك. او التصديق من غير شك. الموقن هو الذي يصدق من غير شك هؤلاء فهؤلاء كان عندهم ايقان. اي انهم صدقوا بوعد الله وبما اخبر الله عز وجل به. وايقنوا بجزاءه سبحانه وتعالى وانه سوف يجازيهم على اعمالهم. فبهذه ففي هاتين الايتين فظيلة الامام فضيلة الامامة في الدين ومن الامامة في الدين امامة الصلاة. فان الامام متق والذين يصلون خلفه متقون فيدخل في قوله وجعلنا للمتقين اماما. لان المصلين خلفه يقتدون به. ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم انما جعل الامام ليقتدى به. فاذا كبر فكبروا الى اخره. اسأل الله عز وجل ان يهدي وان يصلح اعمالنا وان يغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين الاحياء منهم والميتين انه جواد كريم وصلى الله على نبينا محمد