ولا يصخب ولا يجهل هذه امور ثلاثة نهى عنها صلى الله عليه وعلى اله وسلم حال الصيام فلا يرفث اي لا يقع في شيء من الرفث والرفث هو فاحش القول وسيئه الحمد لله رب العالمين واصلي واسلم على المبعوث رحمة للعالمين نبينا محمد وعلى اله واصحابه اجمعين اما بعد فقد نقل النووي رحمه الله في رياض الصالحين عن ابي هريرة رضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم والصيام جنة ثم قال صلى الله عليه وسلم فاذا كان صوم يوم احدكم فلا يرفث ولا يصخب ولا يجهل فان سابه احد او قاتله فليقل اني صائم هذا الحديث الشريف بين فيه النبي صلى الله عليه وسلم ما يجنيه المؤمن بصومه وما ينبغي ان يكون عليه حال صومه. فالصوم جنة اي وقاية من سيء القول والعمل وهو وقاية للعبد من النار اجارنا الله تعالى واياكم منها فان من تبقى سيء القول والعمل وقي النار وحفظ منها واجاره الله تعالى من ان يناله شيء منها ثم ذكر النبي صلى الله عليه وسلم صورة مما ينبغي ان يكون عليه الصائم في توقي الاثام فقال فاذا كان صوم يوم احدكم يعني اذا جاء او حصل صوم يوم احدكم سواء كان فرضا او نفلا فلا يرفث ويطلق على ما يريده الرجل من امرأته من النساء اي فلا يقرب ما يكون من شأن النساء وهذا وذاك كلاهما مما يمنع منه الصائم فانه يدع شهوته لله عز وجل فلا يرفث اي لا يقع في بذيء القول وسيئه من التلاعن والتشاتم والتساب والصخب وسيء القول فان ذلك سلاح اللئام هذا هو سبيلهم وطريقهم. قال ولا يصخب. والصخب هو رفع الصوت وذاك لا يكون الا في غالب الحال فيما لا يرظى من القول. فان الصخب يطلق على القول الرديء اذا رفع به صوت وعلا وانتشر وفشى وظهر فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن القول السيء ولو كان بصوت خافت واكد النهي بان لا يرفع صوته به ثم قال صلى الله عليه وسلم ولا يجهل وهذا ثالث ما نهى عنه الصائم. وقوله ولا يجهل اي لا يقع في شيء من الجهل والجهل المنهي عنه هنا هو المعاصي بجملتها فان كل معصية جهل من صاحبها والمراد بالجهل هنا عدم العمل بالعلم وليس المقصود عدم المعرفة فان الذي لا يعرف لا لا يأثم اذا الاحكام تتبع العلم لكن لا يجهل يعني لا يقع في الجهل. والجهل يطلق على عدم العلم ويطلق ايضا على عدم العمل بالعلم. قال الله تعالى انما التوبة للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب يعملون السوء بجهالة يعني عدم عمل بالعلم وهذا كل من تورط في سيئة فانه جاهل ولكنه قد يعاقب وقد لا يعاقب لا يعاقب اذا كان لا يعلم لان التكاليف تتبع العلم ويعاقب اذا علم. المقصود ان الصائم منهي عن الجهل عن كل المعاصي الظاهرة والباطنة فالصوم زكاة تقي الانسان سيء القول والعمل وفاحشة والفاحشة من الظاهر والباطن. ولا يجهل. ثم بين النبي صلى الله عليه وسلم ما ينبغي ان يقابل الانسان به من اساء اليه قال فان سابه احد يعني شاتمه بالقول سواء بلعن او بصياح وقبيح قول او بغير ذلك. من آآ مما يقع به المسابة كالتلاعن او قاتله والقتال يكون بالمدافعة باليد في الغالب فاذا اعتدى عليك احد بقول وانت صائم او بعمل وانت صائم فقابله بتذكيره وتذكير نفسك بحالك ولذلك قال فليقل اني صائم صائم فلا اقابل الاساءة بمثلها. صائم ايظا يفيد ان يحبس الانسان نفسه عن ان يسيء الى غيره. ولهذا قوله فليقل اني صائم الفائدة عائدة الى جهتين الى الى الصائم نفسه بان يذكر نفسه بما يقتضيه صومه وان يذكر هذا الذي سابه او شتمه بانه على حال لا يمكنه فيها ان يقابل الاساءة بمثلها. لان الاصل انه اذا اساء الانسان اليك ان تقابله بمثله هذا على وجه الجواز فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم وجزاء سيئة سيئة مثلها. لكن يترك الانسان هذا لاجل الصوم حفاظا عليه وصيانة له واكراما له اللهم اعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك. وارزقنا صوما ترضى به عنا. وصلى الله وسلم على نبينا محمد