الحمد لله رب العالمين واصلي واسلم على المبعوث رحمة للعالمين نبينا محمد وعلى اله واصحابه اجمعين اما بعد فقد نقل النووي رحمه الله في رياض الصالحين عن ابي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه ان النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم قال ما من عبد يصوم يوما في سبيل الله الا باعد الله بذلك اليوم وجهه عن النار سبعين خريفا متفق عليه وعن ابي هريرة رضي الله تعالى عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من صام رمظان ايمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه هذان الحديثان الشريفان فيهما بيان فضيلة الصوم على وجه العموم وفضيلة وفيه وفيهما فضيلة صيام رمضان على وجه الخصوص حديث ابي سعيد قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم من صام ما من عبد يصوم يوما في سبيل الله في سبيل الله قيل اي في الجهاد في سبيل الله يجتمع عليه مشقتان مشقة الجهاد كتب عليكم القتال وهو كره لكم ومشقة الصوم فيصبر عليهما وقيل المقصود في سبيل الله اي ابتغاء وجهه وطلبا لرضاه وطاعة له جل في علاه وهذا المعنى اقرب فيما يظهر والله تعالى اعلم لان الجهاد من الاحوال التي يكون فيها الانسان مرغبا بالفطر ليتقوى على القيام بما يشتغل به من مقارعة اعداء الله والذب عن دينه والصد ومجابهة من يصد عن سبيله فالاقرب في قول النبي صلى الله عليه وسلم ما من عبد يصوم يوما في سبيل الله اي ابتغاء وجهه ورغبة فيما عنده وطاعة له الا باعد الله بذلك اليوم اي بسبب صوم ذلك اليوم وجهه عن النار سبعين خريفا وقوله صلى الله عليه وسلم باعد المباعدة هي المفارقة. وذكر هذا العدد وهو قوله صلى الله عليه وسلم سبعين خريفا يعني مسافة السير سبعين سنة في الخريف المراد به السنة. وهذا يبين عظيم الفضل الحاصل بالصوم وانه اجر نزيل عظيم وهذا في الصيام فرضا كان او نفلا ومعلوم انه اذا كان الصوم فرضا كان اجره اعظم فان احب ما يتقرب به العبد الى ربه ما افترضه عليه فهذا الاجر يبين ما الذي يدركه الانسان بصومه طاعة لله واخلاصا له وفي هذا من حفز النفوس وتشجيع بيعها وتنشيطها على التقرب الى الله تعالى والاخلاص في تلك الطاعات ما هو ظاهر بين واما قوله صلى الله عليه وسلم في حديث ابي هريرة من صام رمضان ايمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه. التنبيه الى ان قوم لا يشترك الناس في اجره على حد سواء بل هم متفاوتون فيه. بقدر ما يقوم في قلوبهم من حسن النية وسلامة القصد فان النبي صلى الله عليه وسلم ذكر عملين قلبيين لادراك هذا الفضل الذي ذكره في صيام رمضان من صام رمضان ايمانا هذا عمل قلبي واحتسابا هذا عمل اخر وهو عمل قلبي غفر له ما تقدم من ذنبه فقيد حصول الثواب بمغفرة الذنوب ان يكون الصوم مقترنا بهذين الوصفين. الاول ايمانا ومعنى الايمان والتصديق والاقرار بما جاء من فرض الصيام وفضل ذلك العمل والاحتساب هو طلب الاجر في ذلك العمل من الله عز وجل هذا معنى الايمان والاحتساب الايمان هو الاقرار بالقلب ان الله فرض هذا الصوم والاحتساب انك لا تطلب اجر هذا الصوم وما تلقاه فيه من مشقة الا من الله عز وجل واذا تحقق ذا هذان الوصفان فانك موعود بفظل عظيم غفر له ما تقدم من ذنبه والمغفرة تتظمن من العفو والتجاوز والسكر فان المغفرة يحصل بها للانسان امران ان الله لا يؤاخذه على ما كان من سيء العمل لا يعاقبه يعفو ان يتجاوز والامر الثاني انه يستره ولا يفضحه فغفر له ما تقدم من ذنبه اي يتجاوز الله عن ذنبه ويستره به. وهذا يدل على ان الحسنات مما يحط مما يحط الله تعالى بها السيئات مهما عظمت فانه قد قال غفر له ما تقدم من ذنبه كل ما تقدم من ذنب يغفره الله عز وجل وهذا فضل الله عز وجل وجزيل احسانه وكريم عطاءه لمن يمتثل امره ايمانا واحتسابا وهذا فيما يظهر من العموم انه يشمل الصغائر والكبائر التي تاب منها الانسان. التي لم يصر عليها الانسان. اما ما كان مصرا عليه من الكبائر فانه لا يدخل في المغفرة فنسأل الله ان يعيننا واياكم على تحقيق هذه الاوصاف ان يجعلنا ممن يصوم ايمانا واحتسابا وان يباعد بيننا وبين النار سبعين في كل يوم نصومه طاعة له ورغبة فيما عنده وصلى الله وسلم على نبينا محمد