الحمد لله رب العالمين واصلي واسلم على المبعوث رحمة للعالمين نبينا محمد وعلى اله واصحابه اجمعين اما بعد وقد نقل النووي في رياض الصالحين في باب الوصية بالنساء حديث عمرو بن الاحوص دوشمي رضي الله تعالى عنه وهو قد اخبر انه سمع النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع اي في خطبته صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع وهي فيما يظهر خطبته يوم عرفة سمعه صلى الله عليه وسلم بعد ان حمد الله و اثنى عليه وذكر وعظ قال صلى الله عليه وسلم الا واستوصوا بالنساء خيرا. الا كلمة لفت نظر وتنبيه و قوله صلى الله عليه وسلم واستوصوا بالنساء خيرا بيان ما الذي يجب ان يكون عليه الانسان في معاملته للنساء عموما وللزوجات على وجه الخصوص لان الحديث سيق في بيان حق المرأة على الرجل وحق الرجل على المرأة وقوله صلى الله عليه وسلم واستوصوا بالنساء خيرا اي تواصوا فيما بينكم بالنساء خيرا ويوصي الانسان نفسه بذلك فالاستوصاء هو طلب الوصية وقيل استوصوا اي اقبلوا وصيتي في النساء وذلك انه اوصى صلى الله عليه وسلم بالنساء خيرا اي ان يعاملنا بالخير فالخير اسم جامع لكل اوجه الاحسان القولية والعملية فقوله واستوصوا بالنساء خيرا يعني اقبلوا وصيتي لكم في شأن النساء وعهدي اليكم في شأن النساء ب الاحسان اليهن من كل وجه قولا وعملا فالخير جامع لكل احسان قولي او عملي سواء كان واجبا او كان مستحبا وقوله صلى الله عليه وعلى اله وسلم فانما هن عوان عندكم بيان ل حال المرأة مع الرجل مع زوجها فيما يتعلق تشبيه الصلة في كون المرأة محبوسة على زوجها لا تملك انفكاكا منه الا بما اجراه الله تعالى من احكام الانفصال فهي تحت ولايته وفي عصمته في ذمته وعهده ولذلك قال صلى الله عليه وسلم في تشبيه صلة الرجل بالمرأة التي تقتضي الاحسان اليها والمحافظة على حقوقها واداء الامانة المتصلة بها قال فانما هن عوان عندكم اي اسيرات فعوان جمعان وهو العاء الاسير وهذا تشبيه صلة الزوجة بزوجها صلة المرأة بزوجها وانها على هذا النحو من الصلة التي تستوجب الاحسان وتستوجب الرعاية وتستوجب الحفظ والصيانة ولذلك قال صلى الله عليه وسلم في تأكيد هذا المعنى في الصلة بين الرجل والمرأة ليس تملكون منهن شيئا غير ذلك. ليس تملكون منهن شيئا غير ذلك. يعني ليس لكم ان تتعاملوا مع النساء خارج هذه الوصية فالمشار اليه في قوله ليس تملكون منهن شيئا غير ذلك يعني غير ما اوصيتكم به من العهد والوصية بالخير للنساء في قوله واستوصوا بالنساء خيرا الاصل في علاقة الرجل بامرأته هو هذا المعنى. وهو الوصل والاحسان واللطف والعطف والرحمة. قال الله تعالى ومن اياته ان جعل لكم من انفسكم ازواجا لتسكنوا اليها وجعل بينكم مودة ورحمة فهذا هو الاصل في علاقة الرجل بامرأته وهو الذي ينبغي ان يحافظ عليه. ولا يخرج عنه الا على وجه الاستثناء. ولذلك قال صلى الله عليه وسلم الا ان يأتينا بفاحشة مبينة فهنا يكون قد خرج الامر عن الاصل والا فالاصل هو الوصية بالنساء خيرا والصبر على ما يمكن ان يكون من نقص خلقي او خلقي قصور او تقصير فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لا يفرك مؤمن مؤمنة ان كره منها خلقا رضي منها اخر وقد قال الله تعالى وعاشروهن بالمعروف ان كرهتموهن فعسى ان تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا فاذا حصل ما يقتضي الخروج عن الاحسان والخيرية والبر واللطف في معاملة المرأة فهو استثناء يقيد بقدره يقيد بقدره وبما تقتضيه المصلحة. وما يقتضيه الاصلاح للصلة بين الرجل والمرأة ولذلك قال صلى الله عليه وسلم الا ان يأتين بفاحشة مبينة اي بفاحشة ظاهرة والمقصود بالفاحشة هنا هو كل قبيح من القول او العمل ولذلك فسره جماعة من اهل العلم بما قبح من الذنوب والمعاصي ولا يلزم من ذلك ان يكون هذا بالزنا بل بالتأكيد ان ذلك ليس مقصودا لان الزنا له حكم يخصه عقوبة منصوصة وليس ما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم من اوجه والاصلاح فقوله الا يأتين بفاحشة مبينة يعني يأتين بقبيح من القول والعمل يخرجن به عما يجب عليهن في حق ازواجهن وقد جاء تفسير ذلك في القرآن الكريم في قوله تعالى واللاتي تخافون نشوزهن تعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فان اطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا فجعل الفاحشة في الاية هي عدم طاعة المرأة زوجها فيما يجب عليها طاعته فيه النبي صلى الله عليه وسلم قال فيما يتعلق بالخروج عن الاصل في معاملة المرأة بالاحسان والخير قال الا ان يأتين بفاحشة مبينة فعند ذلك ينبغي المعالجة بما يصلح المسار ويقوم الصلة بين الرجل وامرأته فان فعل وقع منهن نشوز وعصيان فيما يجب عليهن فعند ذلك قال صلى الله عليه وسلم فاهجروهن في المضاجع اهجروهن في المضاجع يعني تجنبوا معاشرتهن في مواضع الاضطجاع في الفرش بان يترك الرجل فراش امرأته يبيت عند آآ يبيت في مكان اخر او في نفس الفراش يترك جماعها كما قال بعض اهل العلم او يوليها ظهره او لا يلين لها الحديث في اه اه محادثتها في فراشها وما اشبه ذلك مما فسر به قوله آآ فاهجروهن في المضاجع فاهجروهن في المضاجع. فقد فسر بترك الجماع وفسر بترك المبيت في الفراش وفسر اعراظ النفس والبدن عنها بان يوليها ظهره وفسر بان يقول لها هجرا من القول وهو القول الغليظ المخالف للاصل في علاقة الرجل بامرأته وكل ذلك غرضه وغايته اقامة الجادة في الصلة بين الرجل والمرأة فهو نوع من الاستصلاح لابد ان يكون بحق وان يكون بعدل وان يكون بقدر ما تقتضيه الحاجة فلا يزيد ولا يتجاوز فان الزيادة والتجاوز ظلم ينهى عنه ثم قال صلى الله عليه وسلم واضربوهن وهذا على وجه الرخصة وليس امرا بالفعل بل جاء حديث اياس بن عبدالله بن ابي ذباب وفيه نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ضرب النساء ولما رخص لهم في في ذلك قال ليس اولئك بخياركم وسيأتي ان شاء الله تعالى والمقصود ان الظرب هنا رخصة ولكن لما كان الظرب في حياة الناس قد تجاوز فيه كثير من الناس الحدود الشرعية اما في سببه والباعث اليه. واما في صفته و قدره فانه ينبغي كفوا اليد عن هذا والتوقف عنه لما في ذلك من المفاسد الكثيرة التي تعود على الصلة بين الرجل وامرأته وقد غلظ فيه النبي صلى الله عليه وسلم وحذر بين ان ذلك لا يكون على وفق ما يشتهيه الانسان. فقال صلى الله عليه وسلم لا يجد احدكم امرأته جلد الفحل في رواية الامة وفي رواية العبد ثم يضاجحها او لعله في اخر لعله يضاجعها في اخر اليوم. وهذا يدل على تقبيح هذه الوسيلة من وسائل المعالجة ينبغي كف اليد عن هذا فانه لا يضرب الخيار. الخيار لا يضربون. انما لا يكون ذلك الا في حال العجز وآآ لا استعمله خيار الناس ولذلك كان هديه صلى الله عليه وسلم ترك كان هديه صلى الله عليه وسلم ترك الظرب قالت عائشة رضي الله تعالى عنها لم ابن ابي الرسول صلى الله عليه وسلم بيده شيئا لامرأة ولا آآ عبد ولا دابة لا امرأة ولا الا في سبيل الله الا ان الا ان يكون يجاهد في سبيل الله فينبغي ان يراعى هذا المعنى وان آآ يجتنب والنبي صلى الله عليه وسلم قيد الظرب ب وصف يدل على انه ليس للتشفي ولا لاطفاء الغائظة والغظب انما للاصلاح قال ظربا غير مبرح فان حصل المقصود بالمعالجة بالوعظ او بالهجر فانه ينبغي ان يكف الانسان عن الاعتداء ولذلك قال صلى الله عليه وسلم فان اطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا. يعني حصل منهن الطاعة لكم فلا تبغوا عليهن سبيلا في شيء من اه القول او الفعل. بل ينبغي العودة الى الاصل الذي هو صدر حق وصيته صلى الله عليه وسلم في قوله بالنساء خيرا والله تعالى اعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد