محرم واما قول الله تعالى وجزاء سيئة سيئة مثلها فهذا فيما اؤذن فيه مما لا تعدي فيه لحدود الله تعالى واما اذا تعدى الانسان حدود الله عز وجل فانه لا يقابل ذلك الحمد لله رب العالمين واصلي واسلم على نبينا محمد وعلى اله واصحابه اجمعين اما بعد نقل انه رحمه الله في رياض الصالحين في باب عقوق الوالدين قطيعة الرحم عن عبد الله ابن عمرو ابن العاص رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من الكبائر شتم الرجل لوالديه من الكبائر شتم الرجل والديه. قالوا يا رسول الله وهل يشتم الرجل والديه قال النبي صلى الله عليه وسلم نعم يسب ابا الرجل فيسب اباه ويسب امه فيسب امه. متفق عليه. وفي رواية قال صلى الله عليه وسلم ان من اكبر الكبائر ان يلعن الرجل والديه قالوا يا رسول الله كيف يلعن الرجل والديه؟ قال يسب ابى الرجل فيسب اباه ويسب امه فيسب امه هذا الحديث الشريف فيه بيان كبيرة من الكبائر وصورة من سور العقوق فان النبي صلى الله عليه وسلم اخبر ان العقوق ان عقوق الوالدين من اكبر الكبائر. اخبر النبي صلى الله عليه وسلم ان عقوق الوالدين من اكمل الكبائر كما جاء في حديث ابي بكرة رضي الله تعالى عنه في قوله الا انبئكم باكبر الكبائر؟ قالوا بلى يا رسول الله. قال الاشراك بالله وعقوق الوالدين الا وقول الزور الا وشهادة الزور. فعد النبي صلى الله عليه وسلم عقوق الوالدين من اكبر الكبائر وهذه صورة من صور عقوق الوالدين وهي ما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث من شتم الرجل والديه وقد اخبر في الرواية الثانية انه من اكبر الكبائر ان يلعن الرجل والديه والشتم اوسع من اللعن فالشاتم يشمل اللعن وكل قول قبيح يقوله في حق احد فانه شتم فالشتم هو الكلام القبيح الذي يحصل به الاذى من الذي وجه اليه القول قوله صلى الله عليه وسلم من الكبائر شتم الرجل والديه يشمل هذا شتم الرجل وشتم المرأة لوالديها فالرجل والمرأة سواء وانما ذكر الرجل بناء على غالب الخطاب الوارد في الشرع وانه موجه للذكور ومعلوم ان النساء شقائق الرجال وقوله والديه اي المباشرين اباه وامه ومثله ايضا شتم من فوق ذلك كان يشتم ابى الاب الجد سواء من جهة الام او من جهة الاب او من جهة الام فكله داخل في قوله صلى الله عليه وسلم من الكبائر شتم الرجل لوالديه لكن شتم الاب المباشر والام المباشرة لا شك انه اعظم واغلط. قالوا يا رسول الله وهل يشتم الرجل والديه يعني هل يقع هذا؟ وفي الرواية الاخرى؟ قالوا كيف يلعن الرجل والديه؟ والمعنى متقارب فان قوله قولهم رضي الله تعالى عنهم هل يشتم الرجل والديه استفهام انكار واستغراب فهو استفهام الانكار كيف يقع ذلك وقوله كيف يلعن الرجل والذي كذلك؟ الاستفهام هنا استفهام تعجب وانكار وتقبيح لهذا الفعل الذي ذكره النبي صلى الله عليه وسلم مما يقع من الناس. فقال النبي صلى الله عليه وسلم نعم اي يقع ذلك ان يشتم الرجل والديه او ان يسب الرجل والديه فقال في بيان ذلك قال يسب ابا الرجل فيسب اباه. يعني يسب ابى رجل اخر فيقابل ذلك الرجل. هذا السب لابيه بسب ابي المتكلم الساب اللاعن الشاتم ويسب امه سواء باللعن او بغيره فيسب امه اي فيعود عليه القول بسب امه وهذا ليس اذنا ان يقابل الانسان الاساءة في مثل هذا بمثلها فلا يجوز لاحد لعن والداه ان يقابل ذلك بلعن والدي اللاعن او سب بذلك الساب بل الواجب عليه ان يذكره بالله تعالى وان يمسك لسانه عنان يسبه او ان يلعنه ان يسب والديه الساب او يلعن والديه الساب فان ذلك من اساءة بمثلها فقوله فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم. وقوله تعالى وجزاء سيئة سيئة مثلها انما يكون في اطار ما اذنت به الشريعة من مقابلة الاساءة بمثلها فلو ان رجلا سب رجلا بكلمة قال له مثلا آآ كلمة قبيحة ردها عليه فانه لا حرج في ذلك وهو جائز لقوله تعالى لا يحب الله الجهر بالسوء من القول الا من ظلم. ولقولهم وجزاء سيئة سيئة مثلها. ولقوله فمن فمن عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم اما ان يسب ابى الرجل الذي سب اباه او يسب ام الرجل الذي سب اباه فهذا اعتداء اذ ان والد ذلك لا جرم له فلا يتوجه اليه السب ولا يتوجه اليه اللعن ولهذا كان ذلك من المحرم ولا يؤذن به ولا يجوز وقوله صلى الله عليه وسلم فيسبوا اباه فيسبوا امه في مقابلة سب ذلك الساب للاب او للام ليس اذنا انما اخبار بالحال التي تقع و يكون فيها اعتداء وجناية على الوالد من اب او ام الحديث فيه جملة من الفوائد من فوائده بيان صورة من صور عقوق الوالدين والصورة المذكورة في الحديث هي سورة التسبب في حصول الاذى لهما بالقول حيث ان النبي صلى الله عليه وسلم عد سب ابي الرجل ولعن ابي الرجل وسب ولعنة سب ابي الام وسب الام ولعن الام مما يفضي الى كبيرة من الكبائر وهو ان يسب اباه او يسب امه. ومن سب ابا الرجل جمع سيئتين. السيئة الاولى الجناية على والد الرجل من اب او اب من غير جرم والثاني ان ذلك يمكن ان يكون موجبا موجبا موجبا مقابلة هذا بنظيره وبما يشبهه من من سب ابيه او سب امه فكان ذلك موجبا للعقوبة. فينبغي للمؤمن ان يتقي الله عز وجل وان يحفظ لسانه عن ان يقع في شيء من والتسبب للاذى. واذا كان هذا في الاذى القوي للوالدين فالاذى الفعلي من باب اولى. والامر اعظم من هذا فان الله تعالى نهى الرجل عن ان يقول لوالديه اف وهي كلمة تضجر وتأفف من امر او نهي او اه شيء يتعلق بالوالدين فكيف بالسب الذي هو اعظم واكبر واخطر فينبغي الانسان ان يصون قوله ومعلوم ان الاذى بالفعل اعظم في كثير من الصور من الاذى بالقول وان كان قد يكون الاذى بالقول اعظم لكن ينبغي ان يصون الانسان نفسه عن ان يلحق والديه اذى بقول او فعل وفيه ان سب الانسان لابيه. وان سب الانسان لامه اعظم خطورة واكبر جرما واثما فاذا كان التسبب في في السب موجبا للعقوبة بان يكون من الكبائر وان يكون من اه اكبر الكبائر فكذلك السب المباشر هو من من الكبائر ومن اكبر الكبائر بل هو اغلظ من التسبب في السب وفيه من الفوائد وجوب صيانة الانسان لسانه عن ان يصدر منه سوء او شر وانه ينبغي له ان يتأمل بل وان يفكر في العواقب لما يصدر عنه وان لا يكون غائبا عما يؤول اليه فعله. فان النبي صلى الله عليه وسلم نظر في المآلات والعواقب في مثل هذا الكلام الذي يصدر عن بان يسب ابا الرجل او يسب امه وجعل العواقب موجبة للامتنان لمزيد امتناع عن قول او عن الفعل لاجل شؤم عاقبته وقبح مآله. فينبغي للانسان ان يكون متأملا لعواقب قوله وخواتمه فان ذلك مما يسلمه ويبعده عن الاثم وعن الوزر وعن الخطأ الامور بمآلاتها وعواقبها تعرف احكام بداياتها واحكام اوائلها. ينبغي ايضا ان يعرف المؤمن ان هذه الصور التي ذكر النبي صلى الله عليه وسلم هي من اعظم الصور من اعظم الصور البر من اعظم صور العقوق فينبغي للانسان ان كل ما يكون فيه اذى لوالديه فليس المقصود قصر العقوق بهذه الصورة بل هذه صورة من الصور وهي صورة التسبب في الاذى فاعظم منه الاذى المباشر. اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما يا عليم وقنا شر السنتنا وانفسنا واعنا على قول الحق والعمل به وصلى الله وسلم على نبينا محمد