الحمد لله رب العالمين واصلي واسلم على نبينا محمد وعلى اله واصحابه اجمعين اما بعد فقد نقل النووي رحمه الله في كتاب رياض الصالحين في باب عقوق الوالدين وقطيعة الرحم عن ابي عيسى المغيرة ابن شعبة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال ان الله تعالى حرم عليكم عقوق الامهات وما لعن وهات ووأد البنات وكره لكم قيل وقال وكثرة السؤال واضاعة المال وهذا حديث متفق عليه قال رحمه الله متفق عليه. هذا الحديث اشتمل على النهي عن امور وفرق بينها في المرتبة والمنزلة فقال صلى الله عليه وسلم ان الله حرم عليكم عقوق الامهات. وهذا هو الشاهد من الحديث وعقوق الامهات هو قطع ما يجب لهن من البر والاحسان والصلة وخص الامهات بالذكر لان الامهات اعظم حقا من الاباء والا فعقوق الامهات وعقوق الاباء كله من كبائر الذنوب وعظائم الاثم. لكن عقوق الامهات اغلظ لان النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل من احق الناس بحسن صحابته؟ قال امك ثم امك ثم امك قال ثم ابوك فحق الام اعظم ولذلك نص على اه عليها وهي اه اه احق بالبر من الاب وكلاهما مستحق ولا هو لذلك نص عليه. وقيل ان سبب آآ تخصيص الامهات بالذكر هنا لان العقوق للامهات اكثر وقوعا منه في عقوق الاباء فلذلك نص عليه وسواء كان هذا او هذا وكلاهما له وجه التخصيص انما اراد به تغليب هذه الصورة من العقوق وتغليظ صورة من الكبائر لا يعني ان ما دونها ليس بكبير. فالنبي وسلم لما سئل عن اي الذنب اعظم؟ قال في عد ذلك قال ان تزاني حليلة جارك. ولا خلاف بين اهل العلم ان الى محرم لكن الزنا بحليل الجار اعظم جرما واكبر ذنبا فكذلك عقوق الامهات اعظم من عقوق الاباء وان كان الجميع كبيرا من الذنوب وعظم من من الاثم والامهات هنا يشمل الامهات المباشرات ومن علونا فالام والجدة ونحو ذلك من ممن يدخل في وصف الام داخل في قوله صلى الله عليه وسلم عقوق الامهات. قال ومنعا وهات والمراد به البخل. والشح الذي يحمل الانسان على منع ما يجب عليه من الحق والمطالبة بما ليس اه له من الحقوق. هذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم ومنعا وهات. وقوله وأد البنات اي قتلهن والوعد محرم وانما لكل ولد. وانما ذكر البنات لكثرته وشيوعه بين المشركين في زمن النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم. وقوله وكره لكم قيل وقال وكثرة السؤال واضاعة المال. هذا دون المرتبة الاولى في غلظ المنع والتحريم ولذلك فرق فقال عليكم وهنا قال وكره لكم وكلاهما مما ينبغي للمؤمن ان يتجنبه. فقيل وقال هو الاشتغال بالقول الذي يخرج به الانسان عن حفظ لسانه ويخرج به عن القول السديد. ومن ذلك ان ينقل كلما يصل اليهم الحديث وقد قال النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم كفى بالمرء كذبا ان يحدث بكل ما سمع. واما كثرة السؤال فالمقصود به كثرة السؤال عما لا ينفع السؤال عنه. وهو ما في السؤال عنه تغليظ وتشديد. او ما ما في السؤال اه آآ عنه آآ الحاق للمشقة بالمسؤول سواء كان ذلك في الامور المعنوية في الامور الدينية او الامور الدنيوية وسواء كان في الامور الخاصة او الامور العامة. واضاعة المال وكره لكم اه اه اضاعة المال اي كره تبديده وافساده بوضعه في غير موضعه او آآ عدم حفظه والقيام عليه بما يصلحه فان ذلك كله من اضاعة المال فاضاعة المال الا يقوم بما يصلحه ويحفظه او ان يضعه في غير موضعه بان يبذر او آآ يفسد في ماله او بصرفه في محرم فذلك كله من اضاعة المال. والمال هنا يشمل كل ما يتمول مما ينتفع به سواء كان نقدا او كان طعاما او كان متاعا او كان عقارا او كان منقولا فكل مال يجب حفظه وصيانته من الاضاعة. هذه جملة من الامور التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث والتفريق بين التحريم والكراهة هو لبيان غرظ المرتبة الاولى وان المرتبة الثانية اقل ظررا وفسادا وان كانت مما كرهه الله. وكره الله تعالى للشيء يفيد منعه وتحريمه ولذلك آآ لما ذكر الله تعالى جملة من الموبقات وسيء الاعمال من القتل والزنا انه اكل المال بغير حق قال كل ذلك كان سيئه عند ربك مكروها. وليس المراد بالكراءة هنا الكراهة الاصطلاحية التي هي النهي منع الندب الى ترك الشيء مع عدم المعاقبة على فعله بل المقصود به التحريم الذي يفيد المعاقبة على فاعل ذلك. فقوله صلى الله عليه وسلم وكره لكم آآ قيل وقال وكثرة السؤال واضاعة المال هو مما يشمل المحرم والمكروه من ذلك. واما الاول فان جميعه مكروه فان جميعه محرم. فكل عقوقه محرم. وكل وبخل عما يجب تطلع الى ما لا يستحقه الانسان محرم ووأد البنات محرم بخلاف ما يتعلق بالمرتبة الثانية فالمرتبة الثانية مما ذكره صلى الله عليه وسلم قد يكون منها ما هو مأذون فيه او يتسامح فيه فلذلك قال وكره لكم قيل وقال فمن القيل والقال ما يكون مكروها ومنه ما يكون محرما ومن كثرة سؤال ما يكون مكروها وما يكون محرما. ومن اضاعة المال ما قد يكون محرما وما يكون مكروها. بخلاف المرتبة الاولى التي التي جزم النبي صلى الله عليه وسلم فيها بالتحريم. وعلى كل حال هذا الحديث يفيد جملة من الفوائد حسن تعليم النبي صلى الله عليه وسلم بجمع النظائر الى آآ نظيرها وبيان مرتبتها في التحريم اي وفيه آآ غرر آآ عقوق الامهات وان عقوق الامهات اعظم ذنبا ووزرا من من عقوق ابى وفيه آآ التحذير من الشح والبخل وآآ التحذير من وأد البنات وقتلهن وبيان لهذه الامور الثلاثة تشترك في التحريم وان كانت متفاوتة. فاغلظ هذه الثلاثة الامور هو وأد البنات لما فيه من قتل النفس التي حرم الله تعالى آآ بغير حق. ويليه آآ آآ الشح وعقوق ثم عقوق الامهات والشح قدم على عقوق الامهات لان الشح ينتج عنه عقوق الوالدين وعلى كل حال لم تذكر هذه المذكورات على وجه الترتيب لمنزلتها وانما تعرف منازلها بالنظر الى ما جاءت به النصوص وفيه ايضا آآ التحذير من اشتغال الانسان بما لا ينفعه من القول. وانه ينبغي له ان يمسك عن اكثر القول فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم من كان يؤمن بالله واليوم الاخر فليقل او خيرا او ليصمت. وفيه ان كثرة المسائل مما يعاب على الانسان ومما يريده المحرم ويوقعه في الوزر فقد كره لنا ربنا جل في علاه كثرة السؤال وكذلك فيما يتعلق باضاعته المال. وواجب على كل مؤمن ان يحتاط لنفسه. باجتناب ما حرمه الله. وان يحتاط لنفسه بالبعد عن كل ما كرهه الله تعالى ورسوله فالنجاة في لزوم امر الله ورسوله والسير على ما يحبه الله ورسوله ومجافاته ومجانبة كل ما حرم الله تعالى ورسوله اللهم اعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك وصلى الله وسلم على نبينا محمد