الحمد لله رب العالمين واصلي واسلم على المبعوث رحمة للعالمين نبينا محمد وعلى اله واصحابه اجمعين اما بعد فقد نقل النووي رحمه الله بباب توقير العلماء والكبار عن عن ابي مسعود البدري رضي الله تعالى عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح مناكبنا في الصلاة ويقول استووا ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم ليلني منكم اولو الاحلام والنهى ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم رواه مسلم و عن عبد الله ابن مسعود رضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلني منكم اولو الاحلام والنهى ثم الذين يلونهم اما الذين يلونهم واياكم وهشات الاسواق رواه مسلم هذان الحديثان الشريفان مضمونهما واحد وهو بيان تقديم اهل الفضل والرشد والعقل والسن على غيرهم فان النبي صلى الله عليه وسلم في هذين الحديثين قال ليلني منكم اي في الصلاة والقيام لها اولو الاحلام اي اصحاب العقول اولو الاحلام اي البالغون والنهى اي العقول و قوله صلى الله عليه وعلى اله وسلم ليلني منكم هو ندب لكل من اتصف بهذا الوصف من من اولي الاحلام اصحاب البلوغ عقول ان يتقدم فالاحلام هنا هي من بلغ سن الرشد وقيل بلى الاحلام هنا بمعنى النهى اي يقال ذو حلم اي ذو عقل والامر متقارب والمقصود ان يتقدم اصحاب العقول والغالب ان العقول والاراء وحسن التدبير مقترن بالسن اذ يجتمع العقل والتجربة والمعرفة فكلما تقدم الانسان زاد تجربة وزاد معرفة فكان اولى بالتقدم في مثل هذه المواقف العظيمة التي منها التقدم في في صفوف الصلاة والعلة في توجيه النبي صلى الله عليه وسلم الى هذا هو ان اولي الاحلام والنهى يضبطون من المعرفة بصلاة النبي صلى الله عليه وسلم وما يطرأ فيها ليعلموه غيرهم. ولذلك قال صلى الله عليه وسلم ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم. فجعلهم صلى الله عليه وسلم على نحو من التدرج والتتابع على هذا النحو الذي ذكر في هذا الحديث اي ثم الذين يلونهم اي في الحلم والعقل وهلم جر كل على حسب منزلته. وهذا ليس نهيا عن تقدم الصغار او من ليس موصوفا بهذا الوصف عن ان يتقدموا الى الصفوف الاول انما هو ندب الى ان يتقدم اصحاب العقول واهل الرشد الى هذه المواطن اما اذا تقدم غيرهم فان النبي صلى الله عليه وسلم قد قال فيما يتعلق بالصف الاول لو يعلم الناس ما في الصف الاول ما في النداء والصف الاول. ثم لم يجدوا ان يستهموا عليه الا ان يستهموا عليه لاستهموا عليه معنى هذا ان الصفوف الاول والتقدم هو محل سبق فقوله ليلني هو ندب وليس نهيا لغيرهم عن ان يتقدموا انما ندب بهؤلاء الموصوفين ان يتقدموا. وفي الحديث امران ايضا جاء بهما الخبر الاول اه التأكيد على تسوية الصفوف في الصلاة. وان تسوية الصفوف مما يحصل به خير واجتماع فان النبي صلى الله عليه وسلم قال استووا ولا تختلفوا اي في قيامكم للصلاة ولا تختلفوا بان يتقدم او يتأخر او يتباعد او نحو ذلك من اسباب الاختلاف في الصف. تقدما وتأخرا وعدم تسوية ثم قال صلى الله عليه وسلم فتختلف قلوبكم وهذا تحذير من ان الاختلاف في الصفوف وعدم اقامة الصف مما يوجب اختلاف القلوب ووذلك ان اختلافهم في الصف يفضي الى تباعد قلوبهم وعدم التئامهم واجتماعهم فيكون سببا اختلاف قلوبهم ووقوع الشر بينهم وفي الحديث الاخر حديث عبد الله بن مسعود قال واياكم وهيشات الاسواق وهذا تحذير من ان يقع بين اهل الايمان في في صفوف صلاتهم واجتماعهم في مساجدهم ما يقع في الاسواق من الاختلاط عدم التمايز بين اهل والسن وبين غيرهم. هذا التنبيه النبوي هو بيان عظيم مقام الانسان في وقوفه بين يدي ربه. وانه ينبغي ان يكون على حال من الالتئام والاجتماع والائتلاف وخلو القلب من الاغتصاب ما يصلح به حاله. هذا الحديث فيه جملة هذان الحديثان فيهما جملة من الفوائد من فوائدهما التأكيد على استواء الصف حيث امر به النبي صلى الله عليه وسلم بل كان كما في حديث ابي مسعود يمسح مناكبهم لتحقيق التسوية بين الصفوف وفيه ان الاختلاف في الصف يفضي الى اختلاف القلوب. وهذا يفيد فائدة ان اختلاف المظاهر يفضي الى اختلاف البواطن ولذلك ينبغي للانسان ان يحرص على التئام باطنه مع اخوانه والا يكون آآ التئام ظاهره مع اخواني وان لا يكون نشاذا عنهم لان ذلك يفضي الى اختلاف الظواهر. كما انه يفيد ان الالتئام والتوافق في الظاهر ينعكس على الباطل وبالتالي ينبغي للانسان ان يتجنب التشبه باهل النقص على اي حال كانوا سواء كانوا من اهل الايمان او كانوا من من اهل الاسلام او من اهل الكفر فان التشبه بالناقص يفضي يفضي بالانسان الى النقص. وفيه من ان المندوب لاهل العقول واهل الرشد ان يتقدموا الى الصفوف الاول وان يلحظوا اه اه ما يكون من امر الصلاة لتقويمه وتصويبه واصلاحه. في زمن النبي كانوا يتقدمون لينقلوا عنه ويأخذوا عنه اما في الزمن بعد النبي صلى الله عليه وسلم فانهم يتقدمون لحيازة الفضل بالتقدم الى الصفوف الاول ولاجل ان الامام اذا احتاج الى ان فاحدا وجد من اهل الاحلام والنهى من يستخلفه ويقيمه ويقيمه ويقيمه مقام وكذلك فيه من الفوائد ان الناس في مجالسهم في في مقامهم في الصلاة يكونون على هذا النحو في التتابع وكذلك في سائر اجتماعاتهم. فينبغي ان يقدم اهل الفضل واهل المكانة. وهذا ليس معناه ان يكون ان يقوم احد لاحد او ان انه اذا جاء من اولي الاحلام والنهى يقيم غيره فان النبي صلى الله عليه وسلم نهى الرجل ان يقيم اخاه في المجلس لكن اذا خص لهم مكان فانهم يتوجهون اليه والا فانه ينتهي يجلس احدهم حيث ينتهي به الصف وفيه ايضا من الفوائد التحذير من آآ تسوية المساجد بغيرها من الاماكن. فان النبي صلى الله عليه وسلم قال واياكم وانشأت الاسواق. نهاهم عن ذلك ان يكون في مساجدهم ان يكون في مساجدهم من الاختلاف والخصام والتباعد وما يكون في الاسواق من هذا الشأن بل ينبغي ان في مساجدهم على نحو من الالتئام والسكينة ما يتناسب مع احب البلاد الى الله خلافا لما يكون عليه الحال في الاسواق التي هي ابغض البلاد الى الله كما جاء في الحديث وفيه ايضا ان الانسان اذا كان في الاسواق ينبغي ان يتحرز وان يبعد عن كل ما يكون سببا الهيشات من خصام واختلاف وشقاق واختلاط ونزاع ونحو ذلك اللهم الهمنا ما يرشى اي ما ينفعنا اللهم علمنا ما ينفعنا والهمنا رشدنا وقنا شر انفسنا وارزقنا عملا صالحا ترضى به عنا وصلى الله وسلم على نبينا محمد محمد