وكم من انسان صلحت حاله باصحابه وفي المقابل كم من انسان خابت حاله وخسر بصحبته الاشرار واهل الفسق والفجور ولهذا من الضروري ان يعتري الانسان الصحبة وان ينتقي لها من يصلح وان يتوقى الحمد لله رب العالمين واصلي واسلم على نبينا محمد وعلى اله واصحابه اجمعين اما بعد فقد نقل النووي رحمه الله في باب زيارة اهل الخير ومجالستهم وصحبتهم ومحبتهم جملة من الاحاديث صدرها بذكر ايات موسى مع الخضر والشاهد من ذلك قول الله تعالى قال له موسى هل اتبعك على ان تعلمني مما علمت رشدا وهذا فيه طلب موسى عليه السلام من الخضر الصحبة وبين سبب ذلك وهو انه طلب صحبته اجر ان يتعلم منه وان يتلقى عنه وان ينتفع من صحبته علما ولذلك قال على ان تعلمني مما علمت رشدا والرشد ضد السفه وهو وضع الامور في مواضعها. وقد قص الله تعالى قصة موسى مع الخضر وكيف اشترط عليه الصبر على ما يلقاه وما يستغرب منه فكان ان راجع موسى عليه السلام الخضر بي ثلاثة مواضع ثم قال له هذا فراق بيني وبينك وبعدها قال سانبئك بما لم تستطع عليه صبرا هذه الايات الكريمات دالة على عظيم فضل الصحبة الصالحة وان كل احد مهما علا منزلته وما ارتفع مقامه بحاجة الى صاحب ينتفع منه ويستعين الله تعالى به على حصول مقاصده واغرابه وانه ينبغي للانسان ان ينتقي من الاصحاب ما تكون من تكون صحبته عونا له على كل خير وزادا له الى كل بر وقربة له الى كل رشد وان ما عدا هذا من المصاحبات فانما يكون نقصا على اصحابه في غالب الاحوال ان لم تكن نقصا مؤكدا بان كانت صحبة للاشرار واهل الفساد و الضلال ولهذا من المهم ان ينتقل الانسان الصاحب وان يسعى له ولو استقطاب ذلك الكلفة فان موسى عليه السلام خرج وتكلف في طلب صحبته هذا كما قال الله تعالى واذ قال موسى لفتاه لا ابرح حتى ابلغ مجمع البحرين او وامضي عقوبا واما الاية الاخرى فهي قوله تعالى واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه. وهذه الاية دالة على ان الصحبة اما كانت حسنة طيبة تحتاج الى حبس النفس عليها. والمصابرة في المضي فيها وانه مهما كان الصاحب على خير فانه ولابد ان يكون في ذلك من المعاشرة ما يقتضي ان يتصبر له الانسان ولهذا امر الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم وهو اكرم الناس منزلة واعلاهم جاها ان يصاحب هؤلاء الموصوفين بقوله واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه وان يصبر نفسه يحبسها في مصاحبة هؤلاء لان مصاحبتهم خير للانسان وهذا فيه ما في الاية السابقة من ظرورة الانسان الى المخالطة والمعاشرة والمعايشة وانه ينبغي له ان يختار ممن يخالط ومن يصاحب من تكون صحبته عونا له على كل خير وقربة الى كل بر يصلح بها دينه ويستقيم بها معاشه وان ذلك لا يتأتى الا في البحث والتنقيب عن هؤلاء الاصحاب فان الله عز وجل ذكر وصفهم قال الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي ما معنى يدعون ربا بالغداة والعشي؟ يعني يعبدون الله تعالى بكرة واصيلا فقد عمروا اوقاتهم بعبادة الله وطاعته. قياما بالفرائض وعملا بالواجبات وسعيا في المستحبات. وهذا هو الصاحب الذي عليه ويصبر على مصاحبته ان يكون مشتغلا بالخير عاملا به فان ذلك يؤثر على الانسان. فالصاحب ساحب من يكون سببا للشر كما قال الله تعالى ويوم يعض الظالم على يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا يا ويلتى ليتني لم اتخذ فلانا خليلا فذكر الصحبة الصالحة وهي صحبة الرسول واتباعه وذكر ما يقابل ذلك من صحبة الاشرار الذين اضلوه وزينوا له الباطل فاوقعوه في الردى وورطوه في في السوء والشر والاصحاب قسمان اصحاب تسر بهم يوم القيامة واصحاب تنقلب خلتك وصحبتك لهم عداوة يوم القيامة كما قال تعالى الاخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو الا المتقين فعل التقوى تدوم مودتهم وينزع الله تعالى ما يكون في صدورهم من غل حتى يكونوا كما قال الله تعالى اخوانا على سر المتقابلين واما من عداهم فهم في خصام و حاجة ومخاصمة كل منهم يرمي على الاخر ما يكون سببا لخساره وهلاكه. فنسأل الله السلامة والعافية وان يرزقنا خير الاصحاب. وان يجعلنا من خير الاصحاب لاصحابهم. وصلى الله وسلم على نبينا محمد