في الجفاء والغلظة والسكون والبركة والهدوء. فكيف بمخالطة الانسان؟ لا شك ان مخالطة الانسان لبني جنسه والموافق له في اه الجنس اعظم تأثرا ولا يلزم ان يكون التأثر ناتجا عن ظاهره وباطنه فيما يظهر لك من سلامة نيته وقصده وان يكون مستقيما في قوله وعمله فان الانسان على دين خليله ولذلك يقاس الرجل بمن يخالط والقرين بالمقارن يقتدي وقيل لا الحمد لله رب العالمين واصلي واسلم على نبينا محمد وعلى اله واصحابه اجمعين اما بعد فقد نقل النووي رحمه الله في باب زيارة اهل الخير ومجالستهم عن ابي هريرة رضي الله تعالى عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال الرجل على دين خليله فلينظر احدكم من يخالل رواه ابو داوود والترمذي باسناد صحيح. وقال الترمذي حديث حسن هذا الحديث امر فيه النبي صلى الله عليه وسلم ب انتقاء من يصاحبهم الانسان ويوادهم ومن يكون بينه وبينهم خلة مودة ومحبة فقوله صلى الله عليه وسلم الرجل على دين خليله خبر وهو مقدمة للامر وتعليل له وقول الرجل اي شخص وهو شامل لكل انسان من رجل او امرأة من صغير او كبير الرجل على دين خليله يعني حاله تتأثر بحال خليله فالدين هنا يشمل ما يكون من العمل وما يكون من الحال وما يكون من المقال فالدين هنا شامل للعمل فالدين يطلق ويراد به الجزاء في قوله تعالى مالك يوم الدين اي مالك يوم الجزاء ويطلق ويراد به العمل لكم دينكم ولي دين لكم عملكم وعبادتكم وليا ديني وعبادتي. فقوله صلى الله عليه وسلم الرجل على دين خليله اي على عمله وعلى طريقته وعلى حاله وقوله خليله اي من يواده ومن يحبه والخل مرتبة من مراتب الحب وهي من اعلى ما يكون من مراتب الحب فالخليل فعيل بمعنى مفعول اي محبوب و الخليل مأخوذ من الخلة وهي اما ان تكون بمعنى المودة والمحبة التي تخالط الروح وتسكن القلب كما قال الشاعر تخللت مسلك الروح مني وبذا سمي الخليل خليلا يصف ما بلغ من محبته من يحب انه تخلل روحه حتى خالطه وبذلك سمي الخليل خليلا لانها تتخلل شغاف القلب وتسكن الفؤاد وتعمر الروح وقيل بل الخليل مأخوذ من الخلة بالفتح وهي الحاجة والافتقار وذلك ان ان الشخص قد يفتقر الى صاحبه والى من يخالله والذي يظهر ان المعنيين فانه اذا بلغت المحبة مبلغا كبيرا كان الانسان محتاجا الى من يحب ويفتقر اليه واعلى ما يكون من ذلك محبة الله عز وجل فان محبته تستلزم الافتقار اليه جل في علاه قوله صلى الله عليه وسلم الرجل على دين خليله يعني الشخص يجري ويسير على طريقة وعمل من يحبه ويواده و يعاشره معاشرة محبة ذاك ان المخالطة والمودة تقتضي الموافقة والمشاكلة وتقتضي التناسب في الاقوال والاعمال والطبع سراق هكذا يقولون والصاحب ساحب فالانسان يتأثر بمخالطه ولابد بل حتى يتأثر بمخالطه من غير جنسه فاذا كان يتأثر بمخالطته للحيوان كما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم في تأثير الغنم على اصحابه وتأثير الابل على اصحابها قول او فعل بل قد تكون من مجرد المخالطة والنظر الى الى الشيء. فان الانسان بالنظر الى الشخص يتأثر فالنظر الى المسرور يسر مع الوقت والنظر الى المحزون يحزن مع الوقت واذا كانت الحيوانات في مخالطتها تتأثر في سلوكها واخلاقها فكيف بالناس فالجمل الشارد الجمل الشارد الذي يفر من اصحابه اذا خالط ذلولا جملا مذللا ذل وانس فينبغي للانسان ان يلحظ هذا المعنى وان لا يتهاون بالمخالطة بكل صورها حتى المخالطة التي لا يتكلم فيها الانسان بكلام يؤثر عليك او يدعوك الى سلوك او يعمل عمل او يدعوك الى عمل ينبغي لك ان تحرص على ان يكون سليما في تسأل عن عن المرء واسأل عن من يصاحبه ويخالطه. والله تعالى يقول قل كل يعمل على شاكلته يعني على ما يماثله يناسبه ويشابهه فينبغي للانسان ان يحرص على مخالطة من تكمل حاله وتستقيم اموره ويرتقي لا ينزل فان مخالطة النازل تجذبك وتنزل بك ومخالطة السليم العالي ترفعك وتسمو بك لهذا يقول صلى الله عليه وسلم بعد هذا التنبيه الرجل على دين خليله فلينظر احدكم من يخالل اي فلينتقي كل واحد منا من يخالله ويخالطه ويصاحبه ليتأثر منه التأثر الذي يرجوه. فمن كان يرجو صلاحا فهل يؤثر؟ فليخالط من يؤثر عليه بالصلاح وهم الصالحون. لا تصحب الا مؤمنا ولا يأكل طعامك الا تقي ومن اهمل هذا وغفل وصاحب الاشرار وخالط اهل الفسق والفجور فان ذلك سينزل به ولابد. ولا ينبغي للانسان ان يقول انا لا اتأثر او انا لا يؤثر علي احد بل كلنا يتأثر اذا كان النبي صلى الله عليه وسلم وهو اكمل الخلق واتمهم ايمانا واعلاهم جاها صلوات الله وسلامه عند رب العالمين يتأثر بمجالسة الاخيار فكيف بغيره؟ فان النبي صلى الله عليه وسلم كان اجود الناس كان النبي صلى الله عليه وسلم اجود الناس وكان اجود ما يكون حين يلقاه جبريل وكان يلقاه كل ليلة يدارسه القرآن فلرسول الله اجود بالخير من الريح المرسلة حين يلقاه جبريل هذا تأثر منه صلى الله عليه وسلم بمخالطة الاخيار والله تعالى يقول لرسوله واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولا تطع من اغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبعه وهو كان امره فرطا لهذا من الضروري ان ننتقي اصحابنا ونقول اليوم الصاحب لا يقتصر على المخالط المباشر بل يشمل المخالط عبر وسائل العلم تواصل او عبر وسائل الاتصال المرئي والمسموع والمقروء فينبغي للانسان ان يحرص على انتقاء ما يسمعه. فاذا كرت من سماع الالفاظ الرديئة علقت بذهنك. اذا اكثرت من سماع الكلام الطيب ضرب لسانك عليه. اذا اكثرت من سماع الخير سكن نفسك الي ونشطت نفسك اليه والعكس كذلك لهذا ينبغي للانسان ان يحرص حرصا بالغا على هذا المعنى لا تقل لا تأثر وتنظر الى المقاطع القبيحة وتسمع المقاطع الرديئة وتتابع من يثير الشبه ومن يزين الشهوات وتقول لا تأثر. ما ليس هناك احد لا يتأثر. كلنا نؤثر ونتأثر. فليكن تأثيرنا ايجابيا تحرص على تنقية من يؤثر علينا بان نختار من نخالط ومن نسائل ومن نتابع ومن نسمع له ومن اه نصاحبه فان ذلك يؤثر علينا ولذلك قال فلينظر احدكم من يخالل. لا تتورط وتقول آآ لا يظرني آآ الدخول الى المواقع الفلانية والسماع لاصحاب تباها واصحاب الشهوات بل احرص على نقاء قلبك وصفاء ذهنك واسمع من يدلك على الخير ويحثك عليه وينفعك في دينك ودنياك هذا الحديث فيه حسن تعليم النبي صلى الله عليه وسلم. حيث مهد بالتعليل ثم عقب ذلك ببيان ما الذي ينبغي ان يكون من الحكم؟ فقال الرجل على دين خليله هذا قديم واما المقصود من هذا الخبر هو ما بعده من النهي عن صحبة من من من النهي عن صحبة من لا والحرص على انتقاء الصاحب فيه من الفوائد تأثر الانسان بمن يخالطه به من الفوائد انه ينبغي للانسان ان ينتقي الصحبة الطيبة فيه من الفوائد ان خاصة الانسان ومن ومن يوده ويحبه ينبغي ان يكون على صلاحه في دينه لانه سيتأثر بذلك. ولهذا نهى الله تعالى عن مودة اهل الفجور والفسق والكفر. وامر وبمودة اهل التقوى والايمان. قال الله تعالى والمؤمنون والمؤمنات بعضهم اولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيم ويقيمون الصلاة ويؤتون زكاة ويطيعون الله ورسوله اولئك سيرحمهم الله وقال في آآ اهل الفجور والفسق قال لا تجدوا قوم يؤمنون بالله واليوم الاخر يؤدون من حاد الله ورسوله فينبغي للمؤمن ان يحرص على صحبة اهل الخير ومودتهم فان ذلك مما يستقيم به دينه. وفيه من الفوائد ان الحب في الله مما يؤجر عليه الانسان ومما يعينه على طاعة الرحمن. واما تستقيم به ديانته فالرجل على دين خليله فاذا احب اهل الطاعة والاحسان كان ذلك حاملا له على سلوك سبيلهم وبه يستقيم دينه ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم اوثق عرى الايمان الحب في الله والبغظ في الله. اللهم اعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك. وصلى الله وسلم على نبينا محمد