الحمد لله رب العالمين واصلي واسلم على نبينا محمد وعلى اله واصحابه اجمعين اما بعد فقد نقل النووي رحمه الله في باب التحاب اه في باب فضل الحب في الله عن ابي هريرة رضي الله تعالى عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ان الله يقول يوم القيامة اين المتحابون بجلالي اليوم اظلهم في ظلي يوم لا ظل الا ظلي رواه مسلم. هذا الحديث الشريف يخبر فيه النبي صلى الله عليه وسلم عن امر يكون يوم القيامة فقال ان الله تعالى يقول يوم القيامة يخبر عن قول الله عز وجل في ذلك اليوم يوم القيامة وهو اليوم الذي يقوم الناس فيه لرب العالمين حفاة عراة غرلا غير مختونين يقومون في موقف عظيم ومجمع كبير يجمع الله تعالى فيه الاولين والاخرين ويحشر فيه الخلق اجمعين فيجمعهم جل وعلا ويكون في ذلك اليوم من الاهوال والاحوال ما تشيب له الولدان كما قال تعالى يا ايها الناس اتقوا ربكم ان زلزالة الساعة شيء عظيم يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما ارضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد ففي اهوال ذلك اليوم واحواله يكون الناس احوج ما يكونون الى سبب نجاة يسلمون به من ذلك الهول ويأمنون به من ذلك الخوف ويزول عنهم ذلك الفزع ومن ذلك ما يكون من العمل الصالح الذي ينجي الله تعالى به اصحابه في ذلك اليوم يقول الله تعالى يوم القيامة اين المتحابون بجلالي المتحابون بجلال الله عز وجل يناديهم الله عز وجل في ذلك الموقف العظيم. فقوله اين المتحابون بجلالي؟ ليس سؤالا عن مكانهم فليس هو استفهام انما هو نداء او امر احضارهم وتمييزهم عن غيرهم من الخلائق في ذلك اليوم العظيم. ذلك اليوم المشهود اين هنا هي من الفاظ الاستفهام من ادوات الاستفهام. لكن لكنها جاءت في سياق غير سياق الاستفهام وهو سياق التنويه والاكرام فقوله اين المتحابون في بجلالي؟ في رواية في جلالي هو اشادة بهم وبيان فظلهم وتمييز لهم ونداء او انه امر بتمييزهم واحضارهم بيانهم وتبينهم عن غيرهم من الخلق في ذلك اليوم اين المتحابون اي الذين عمرت قلوبهم بالمحبة لاجل الله عز وجل فقوله بجلالي اي بسبب جلالي اي بسبب عظمة وهيبة وسلطاني تعظيما لحق فهؤلاء قوم لم يكن بينهم نسب ولم يكن بينهم سبب من تجارة او جيرة او اتفاق لسان او اشتراك في عمل او احسان او غير ذلك من الاوجه التي يرتبط بها الناس وتكون بينهم محبات بسببها بل لم يكن بينهم في موجب المحبة التي عمرت قلوبهم الا هيبة الله واجلاله ومحبته وتعظيمه جل في علاه فهؤلاء الذين تبوأوا هذه المنزلة انهم تحابوا في الله احب بعضهم بعضا لاجل الله ليس لدنيا ولا لغيرها ولا لمصلحة ولا منفعة بل لما هم عليه من طاعة الله عز وجل والقيام بامره سبحانه وبحمده اين المتحابون بجلالي هذا اشادة بهم وبيان سبب استحقاقهم للفظل والاجر الذي ذكره جل في علاه اليوم. يعني يوم القيامة اليوم اظلهم في ظل يوم لا ظل الا ظلي اليوم اي ذلك اليوم الذي تدنو فيه الشمس من رؤوس الخلائق و يبلغ العلق العرق من الناس بقدر اعمالهم يظلهم الله عز وجل بظله سبحانه وبحمده الظل في هذا الحديث اظافه الله تعالى الى نفسه جل في علاه وقد جاء في القرآن مضافا الى نفسه وقد جاء في النصوص الشرعية مضافا الى الله عز وجل كما في هذا الحديث وفي حديث السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل الا ظله وجاء مضافا الى عرشه كما في بعض روايات حديث ابي هريرة في انظار المعسر وانه يظله الله تعالى في ظل عرشه يوم القيامة في المسند وغيره وجاء مضافا الى الجنة كما في قوله تعالى مثل الجنة التي وعد المتقون اكلها دائم وظلها. اي صفتها ان ان اكلها دائم وكذلك ظلها دائم فاظاف الجنة ايه فاظاف الظلال الى الجنة فمن اهل العلم من فسر هذا المذكور في الحديث بانه ذل العرش استنادا الى ما جاء في بعض الروايات من تقييده بالعرش واخرون قالوا بل هو ظل الجنة وهذا بعيد جدا لان الظل الذي ذكره هنا هو في يوم القيامة في العرصات ثمان ظل الجنة لا يختص به اصحاب عمل عن عمل لا يختص به اصحاب عمل عن غيره من الاعمال بل كل اهل الجنة واصحابها يستوون فيه الفوز بظلاله ان المتقين في ظلال وعيون فظل الجنة شامل لاهلها كلهم ليس خاصا باصحاب عمل من الاعمال بخلاف الظل الذي يكون في يوم القيامة في الموقف فانه جاء مظافا وموعودا به شئام من الناس و الظل الذي في ذلك اليوم للعلماء فيه اقوال فمنهم من قال انه ظل اضافه الله الى نفسه الله اعلم بحقيقته فلا يفسر بظل العرش لان ظل العرش يختلف عن ظله واخرون قالوا بل هو ظل العرش كما جاء في بعظ الروايات واخرون قالوا بل هو ظل الاعمال التي يستظل بها العاملون كما جاء ذلك في الصدقة وفي تلاوة القرآن في تلاوة البقرة وال عمران وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم اقرأوا الزهراوين فانهما تأتيان يوم القيامة كالغاياتين او الغمامتين او الفرقين الصواف تظلان صاحبهما فيكون هذا الظل المضاف الى الله عز وجل اضافة تشريف وهو ظل العمل الصالح الذي استوجبوا به ذلك الفضل والله اعلم بمراده ولو فسر بهذا المعنى فانه غير بعيد و قوله صلى الله عليه وسلم يوم لا ظل الا ظل في ما يخبر به عن قول الله عز وجل هو اخبار عن انقطاع كل الاسباب التي تحصل بها النجاة في ذلك اليوم. فلا نجاة الا بالله ولا سبيل الى السلامة من اهوال ذلك اليوم الا بجميل الصلة به سبحانه وبحمده ولذلك قال لا ظل الا ظلي هذا الحديث فيه جملة من الفوائد من فوائده اضافة القول الى الله عز وجل بالفعل المضارع خلافا لمن منع ذلك وقال لا يصح ان يقول المؤمن يقول الله عز وجل بل يقول قال الله وهذا ليس بصحيح ويعارضه الكتاب والسنة. اما الكتاب فالله تعالى يقول في محكم كتابه والله يقول الحق واما السنة فكثير ومنها هذا الحديث الذي فيه يقول النبي صلى الله عليه وسلم ان الله تعالى يقول فقوله جل وعلا يأتي الاخبار عنه بصيغة الماضي او يأتي نسبته الى الله عز وجل بصيغة الماضي وكذلك بالصيغة بصيغة المضارع وفيه اثبات القول لله عز وجل وقوله الحق جل في علاه وهو كلامه سبحانه وبحمده وفيه ان الله تعالى يكلم الخلق يوم القيامة ويسمعونه وكلامه يوم القيامة لخلقه منه ما هو اكرام كهذا الذي في هذا الحديث ومنه ما هو عذاب على اصحابه لان الله عز وجل يكلم اهل الكفر يوم القيامة كلاما تقريع وتوبيخ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ما منكم الا وسيكلمه الله ليس بينه وبينه ترجمان وهذا خطاب لجميع من يبلغه من اهل الاسلام وغيرهم وفي الحديث ان الله تعالى يقول لعبدي الكافر انا مسودك المربعك الم ازوجك كما في الصحيح من حديث ابي هريرة يقول بلى فيقول اكنت تظن انك ملاقيه؟ فيقول لا. فيقول الله عز وجل اليوم انساك كما نسيتني وفيه من الفوائد عظيم فضل الحب في الله وانه في منزلة جليلة عظيمة وفيه ان الحب الذي ينفع اصحابه وينجو به الناس يوم القيامة هو الحب في الله. اما ما عداه فانه يتقطع كل سبب بين الناس ويزول اقوى الاسباب والصلات بين الناس هي الانساب ومع ذلك يقول الله تعالى فلا انساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون اي انه لا ينتفعون بالنسب بل على العكس يوم يفر المرء من اخيه وامه وابيه وصاحبته وبنيه واما سائل الخلات والعلاقات والمحبات التي تكون بين الناس على امور رديئة او امور الدنيا فانها تزول. واما ما كان على امور رديئة فانه يندم بها يندم عليها الانسان. وتكون سببا لحسرات في يوم يعض الظالم على يديه ويوم يعض الظالم على يديه يقول يا ليتني لم اتخذ فلانا خليلا. لقد اضلني عن الذكر بعد اذ جاءني وكذلك يقول الله جل وعلا في محكم الكتاب الاخلاء بعضهم يومئذ لبعض عدو الا المتقين وفيه من الفوائد عظيم الاجر الذي رتبه الله تعالى على هذا العمل الصالح وهو الحب في الله فانه من اجل القربات التي يحصل بها النجاة يوم القيامة وذلك بالظل الذي يتوقى به الانسان ما يكون من الشرور والافات والاضرار حيث ينقطع عن الناس كل سبب نجاة الا النجاة بما يكون من الله عز وجل من رحمة وفوز وفوز وتبليغ للغايات والمقاصد اللهم اجعلنا من المتحابين فيك العاملين بطاعتك الراجعين لفضلك الساعين فيما تحب وترظى سرا وعلنا وصلى الله وسلم على نبينا محمد