وهذا يبين شريف منزلة هذا العمل ويدل على فضل الحب في الله وفيه ايضا فضيلة المجالسة لله عز وجل ويشمل ذلك كل مجلس جلست فيه ترجمة عند الله لا لمصلحة دنيوية الحمد لله رب العالمين واصلي واسلم على نبينا محمد وعلى اله واصحابه اجمعين اما بعد فقد نقل النووي رحمه الله في باب فضل الحب في الله والحث عليه خبر ابي ادريس الخولاني مع معاذ بن جبل رضي الله تعالى عنه وقد قال له معاذ رضي الله تعالى عنه بعد ان اخبره ابو ادريس بمحبته له في الله قال وقد جبده اليه وقربه منه ابشر فاني قد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وجبت محبتي للمتحابين في والمتجالسين في والمتزاورين في والمتبادلين في حديث صحيح رواه مالك في موطئه باسناد صحيح هذا الحديث فيه جملة من الفوائد من فوائده ادب السلف الصالح وحرصهم على الخير والمسابقة اليه فان ابا ادريس لما قدم دمشق دخل مسجدا. دمشق واقبل على هذا المجلس الذي فيه هذا الرجل الذي وصفه بانه براق الثنايا وفيه حرص السلف على تعلم العلم واخذه من اهله فانهم كانوا اذا وقع بينهم ما يكون محتاجا الى بيان وايظاح رجعوا الى اهل العلم والمعرفة واهل البصيرة والدراية فيصبرون عن قولهم ويأخذون بما يوجهونهم اليه فكانوا اذا اشكل عليهم شيء اسندوه اليه وصدروا عنه الى معاذ وصدروا عنه اي اخذوا بقوله وهذا امتثال لما امر الله تعالى به في قوله فاسألوا اهل الذكر ان كنتم لا تعلمون وكذلك فيه حرص الصحابة على تعليم العلم وقربهم من الناس وبذلهم الخير فان معاذ رضي الله تعالى عنه كان بين الناس ولم يكن منعزلا عنهم وانما كان سباقا الى الخير. فكان بينه في التعليم وكان سباقا الى العمل الصالح حيث انه سبق ابا ادريس في التهجير الى المسجد واشتغل فيه بالصلاة ثم لما جاءه ابو ادريس احسن وفادته واستقباله بان استمع اليه وافاده بما يحثه على الخير ويشجعه عليه وفيه صفاء قلوبهم وسلامة صدورهم فان ابا ادريس لما قام في قلبه حب الله واحب له جل وعلا من ظهرت عليه سيماء الصلاح والسبق وتميز بالصحبة اخبر معاذا رضي الله تعالى عنه بمحبته لله فيه فجاءه وسلم عليه وقال اني احبك لله وهذا من اشرف ما يخبر به الشخص لما فيه من الخير للمخبر والمخبر ولهذا لما كان الامر عظيما وهو ما يتصل بالحب في الله استوثق منه معاذ رضي الله تعالى عنه وطلب وطلب منه توكيد ذلك بالقسم المكرر. االله فقال ابو ادريس الله ثم اعاد قال الله يعني تحلف على ذلك بالله والله هذا الذي قام في قلبك تجاهي قال الله والله اني لاحبك لله فلما استوثق من ذلك استقبل هذا الخبر بما فيه ادخال السرور على المخبر حيث قربه منه تأنيسا و ساق اليه البشارة والبشارة هي ما اخبر به عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه وهذا اعظم مكافأة واهداء وبشارة للمتعلم الحريص على معرفة ما جاء عن الله وعن رسوله وفيه ان الانسان اذا اشتغل بالتعليم فينبغي ان يحرص على ان يعبد تعليمه وما يلقيه الى الناس بالدليل من كلام الله او كلام رسوله صلى الله عليه وسلم. ولهذا لم يزد معاذ على ان نقل ما سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يقول الله عز وجل يقول الله تعالى وجبت للمتحابين في الى اخر الحديث وفيهم الفوائد خبر النبي صلى الله عليه وسلم عن الله عز وجل في غير القرآن فان الله عز وجل تكلم بالقرآن واوحاه الى النبي صلى الله عليه وسلم وهو معروف مميز واوحى الى نبيه كلاما غير القرآن. لا يأخذ احكام القرآن وهو ما يعرف بالحديث الالهي ويسميه العلماء الحديث القدسي وهو من كلام الله عز وجل يرويه النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه وفيه اثبات صفة القول لله عز وجل. وهذا ما عليه الادلة في الكتاب والسنة. واجماع علماء الامة وفيه اثبات محبة الله لعباده الموصوفين بهذه الصفات وهو اثبات لصفة المحبة. وقد جاء ذلك في القرآن يحبهم ويحبونه والسنة مليئة بذلك ومنها هذا الحديث وفي ان محبة الله تدرك باسباب. محبة الله ان محبة الله لعبده لها اسباب متى قامت في اصحابها كانت موجبة لثبوت ذلك لمن اتصف بها وقام وقامت به وجبت محبتي للمتحابين في وهذي الصفة الاولى التي ذكرها او العمل الاول الذي ذكره مما يوجب محبة الله ويثبت محبة الله للعبد. التحاب في الله سواء كان ذلك المجلس لتعليم او لتعلم او كان ذلك المجلس لتلاوة القرآن او كان ذلك المجلس للاصلاح او كان ذلك المجلس لصلة رحم او كان ذلك المجلس برا بوالد او اكراما لجار او كان ذلك المجلس ادخالا للسرور للسرور الى قلب مسلم كل ذلك مما يدخل في المجالسة لله لانك لم تجلس لمصلحة دنيوية انما لله ومنه اذا زرت جارك وجلست معه اكراما للجار فانت ممن جلس لله فيدخل في فضل هذا الحديث. ومثله المتزاورون في الله فوجبت محبته للمتزاورين في الله الذين يزور بعضهم بعضا لله وهذا يدل على خلوص الانسان من مصالح الدنيا فيزور اخاه ويجالسه و اه يأتي اليه ويكرمه لاجل الله عز وجل فدل ذلك على صفاء النية. وفيه ايضا الخاصة الرابعة فضل التبادل في الله الانفاق والعطاء مستحضرا الثواب منه وطالبا للاجر منه لا ترجو من احد جزاء ولا شكورا كما قال الله تعالى في وصف الابرار. انما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا وفيه من الفوائد ان المساجد محال للاجتماع على طاعة الله تعلما وتعليما ومجالسة ومزاورة وفي من الفوائد المسابقة الى العمل الصالح واغتنام الفرصة ب مجالسة الصالحين كما فعل ابو موسى كما فعل ابو ادريس الخولاني رحمه الله وفيه من الفوائد ايضا فضيلة التهجير الى المساجد وطول وفضيلة طول طول المكث فيها فان ذلك من اسباب الخير وموجباته وفيه من الفوائد مشروعية الاخبار بمحبة الله عز وجل اذا احب احدا في مشروعية الاخبار بان بانك تحب المرأة لله عز وجل. فابو ادريس اخبر معاذ رضي الله تعالى عنه في التحقق من الخبر باليمين والتسليم للحالف واجراء الامر على الظاهر اذا لم يكن هناك ما يوجب التهمة هذه جملة من الفوائد وفوائد هذا الخبر كثيرة واعلى ما فيه ما هو مما اتصل في الباب من فضيلة الحب في الله الحث عليه فنسأل الله ان يجعلني واياكم من المتحابين فيه وان يجمعنا واياكم على طاعته وان يسلك بنا سبيل الرشاد وصلى الله وسلم على نبينا محمد