الحمد لله وحده واصلي واسلم على من لا نبي بعده نبينا محمد وعلى اله وصحبه اما بعد فقد نقل النووي رحمه الله في كتاب رياض الصالحين بباب علامات حب الله العبد عن عائشة رضي الله تعالى عنها ان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث رجلا على سرية فكان يقرأ لاصحابه في صلاتهم فيختم قل هو الله احد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا احد فلما رجعوا ذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال سلوه لاي شيء يصنع ذلك فسألوه فقال لانها صفة الرحمن فانا احب ان اقرأ بها. فقال الرسول صلى الله عليه وسلم اخبروه ان الله تعالى يحبه. متفق عليه هذا الحديث الشريف فيه خبر هذه السرية وهذا الرجل وما كان منه مع اصحابه فقد بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا على سرية لم يذكر هذا الرجل وقد قيل انه ابن الهدام وقيل غير ذلك لكنه معدود في المبهمات ونحن يهمنا مظمون الخبر وان كان فيه شرف وفضيلة لهذا الصحابي الكريم رضي الله تعالى عنه حيث اخبره النبي صلى الله عليه وسلم بان الله يحبه لكن العبرة بالمضمون والمعنى الذي تظمنه وقوله بعث قول عائشة رضي الله تعالى عنها بعث رجلا على سرية السرية هي مقدمة الجيش وتبلغ ما دون الاربع مئة مقاتل تبعث عادة بين يدي الجيوش للاستطلاع وسائر ما يحتاجه المقاتلون وما تحتاجه الجيوش وسميت سرية لانها تخرج سرا هكذا قال بعض اهل العلم فكان يقرأ لاصحابه يعني في ما يقرأ في صلواتهم. كان يقرأ لاصحابه في صلاتهم فهو امامهم فيختم بقل هو الله احد اي يختم قراءته في كل ركعة بقل هو الله احد وهذا يحتمل ان يقرأ الفاتحة وهذا لابد منه ثم يقرأ شيئا من القرآن سورة ونحوها ثم يختم بقل هو الله احد في خاتمة قراءته ويحتمل انه لا يزيد على قل هو الله احد بعد الفاتحة قالت رضي الله تعالى عنها فلما رجعوا ذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم اي اخبروه بما كان يصنع من ختم قراءته في كل ركعة بقل هو الله احد. فقال النبي صلى الله عليه وسلم سلوه لاي شيء يصنع ذلك. يعني ما الذي حمله على فعل لهذا فسألوه عن سبب ذلك فقال صلى الله عليه فقال رضي الله تعالى عنه لانها صفة الرحمن اي كان يختم قراءته في كل ركعة قل هو الله احد لانها صفة الرحمن ولها منزلة في نفسه حيث قال فانا احب ان اقرأ بها فهو احب هذه السورة وخصها بهذا العمل وهو ختم كل ركعة بها لانها تظمنت صفة الرحمن ومقصود الصحابي في قوله لانها صفة الرحمن اي انها تضمنت الخبر عن وصفه فقد قيل ان اليهود سألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن صفة الرب الذي يدعوهم اليه وقيل ان المشركين قالوا انسب لنا ربك فانزل الله تعالى قل هو الله احد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا احد فوصفها بانها صفة الرحمن لانها خصت بان تكون خالصة من ذكر غير ذلك فليس بهذه السورة الا ذكر صفة الرحمن جل وعلا ولهذا سميت الاخلاص فهي اخلصت لبيان عظيم وصفه جل في علاه وقد تضمن من اسمائه تضمنت سورة الاخلاص من اسمائه ومن الخبر عنه ما يبين عظيم قدره جل وعلا ورفع منزلته سبحانه وبحمده فقد اخبر في بدايتها بالانفراد فقال قل هو الله احد اخبر بألوهيته وانفراد واخبر بانفراده بكل ما يوصف به به من الوهية وربوبية واسماء واسمائه وصفاته جل في علاه واحد في الاصل تأتي في الاثبات لكنه جاءت في هذا موطن في الخبر عن الله في سياق الاثبات خلافا للعادة فانت لا تقل في اللسان عندي احد في الغالب انما تقول لا احد عندي فتأتي غالبا في النفي في استعمال اللسان لكن جاءت في هذا السياق بالاثبات لاثبات انفراده جل وعلا بكل الكمالات وانه لا مشارك له فيه. وختمت السورة بالخبر بانه ليس له كفؤ جل وعلا. ليس له نظير ولا سامي ولا مثل ولا ند سبحانه وبحمده فكانت هذه السورة قد بلغت هذه المنزلة عند هذا الصحابي رضي الله تعالى عنه لما فيها من وصف الرحمن فاحبها فخصها بذلك فسألها فسأله فسأل الصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صنيعه فقال سلوه لاي شيء ذلك فاخبر بهذا الخبر فلما بلغ النبي صلى الله فلما بلغ النبي صلى الله عليه وسلم قوله قال اخبروه ان الله تعالى يحبه اخبروه ان الله تعالى يحبه وسبب محبة الله تعالى لعبده محبته لوصفه واشتغاله بذكره وذكر اوصافه سبحانه وبحمده في هذا الحديث جملة من الفوائد من فوائده ان النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يخرج مع كل من خرج في سبيل الله وانما كان يبعث سرايا وقد يبعث جيوش ولا يشهد ذلك وفيه من الفوائد ان الصحابة رضي الله تعالى عنهم كان اذا عين عليهم امير تولى ما يتعلق اقامة الصلاة فيهم. فكان هذا الصحابي يصلي بهم وفيه جواز جمع اكثر من سورة في ركعة واحدة هذا اذا قيل انه كان يقرأ بشيء بعد الفاتحة ويضيف اليها قل هو الله احد وان كان لا يقرأ الا بها فلا دلالة فيه وفيه من الفوائد حرص الصحابة رضي الله تعالى عنهم على معرفة الشرع والرجوع الى اهل العلم فيما اشكل عليهم كما امرهم الله تعالى بذلك في قوله فاسألوا اهل الذكر ان كنتم لا تعلمون. فقد سألوا النبي صلى الله عليه وسلم عما شهدوه من حال هذا الرجل. هذا الصحابي رضي الله تعالى عنه وفيه من الفوائد ان ما فعله هذا الرجل لم يكن مما يعرفه الصحابة من فعل النبي صلى الله عليه وسلم ولذلك استنكروا وسألوه صلى الله عليه وعلى اله وسلم وفيه من الفوائد ايضا التثبت والتريث جواب السائلين وبيان احكام الافعال فانه لما اخبر بما اخبر به من صنيع هذا الرجل قال صلى الله عليه وعلى اله وسلم سلوه لاي شيء يصنع ذلك. يعني ما الذي حمله على فعل ذلك وفيه من الفوائد ان من سئل عن شيء له سبب ينبغي ان يبين السبب وان يوضحه لاجل ان يزول الالتباس والاشتباه في فعله فقد بادر بالجواب فقال لانها صفة الرحمن وانا احب ان اقرأ بها وفيه من الفوائد جواز ميل الانسان الى شيء من القرآن بتخصيصه قراءة او تلاوة في صلاة او كثرة تكرار وترداد لتلاوته وان ذلك لا يستلزم ان يوصف بانه هاجر لبقية القرآن. فان هذا الصحابي كان قد خصص هذه السورة بهذا العمل الذي فعله دون خبر من النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم ولم يكن سنة في في الاصل. بل كان امرا مستغربا عند الصحابة وفيه من الفوائد اقرار النبي صلى الله عليه وسلم لفعل هذا الرجل الذي تترتب عليه الاحكام المتقدمة حيث قال اخبروه ان الله تعالى يحبه فاقره وهذا لا يفيد سنية ما اقره النبي صلى الله عليه وسلم من جهة فضيلة ذلك من جهة الندب اليه بأن الهدي الكامل هو ما كان عنه صلى الله عليه وسلم. وما ثبت عنه فلم ينقل عنه هذا الذي نقل لكن يوصف هذا بأنه مما اقر النبي صلى الله عليه وسلم فعله واذن فيه فهو مأذون فيه جائز مباح اذا كان فاعله قد نوى بهما كان من نية هذا الصحابي رضي الله تعالى عنه وقصده وغرضه وفيه من الفوائد ان محبة الله تعالى تحصل بالعمل وقد يفوز بها الانسان وهو لا يدري فان هذا الرجل كان يحب هذه السورة وهو لا يعلم عن محبة الله تعالى له لاجل هذا العمل حتى اخبر بما اخبر به من قوله صلى الله عليه وسلم فاخبره ان الله يحبه وفيها ان ترتيب المحبة ليس على العمل فحسب بل على القصد فانه سئل لما اه لاي شيء يصنع ذلك؟ فقال لانها صفة الرحمن فكان هذا الفعل فكان هذا الفعل ممدوحا لانه صفة لانه كان حبا لصفة الرحمن وكان القرظ منه ما في قلبه من عمل صالح وهو محبة صفات الله عز وجل وفيه لفت النظر الى اعمال القلوب وعدم الاقتصار على اعمال الجوارح فان عمل الجارحة اذا كان خاليا من المعاني القلبية ينزل بصاحبه وقد يسمو به ويرفعه الى مثل هذه المنزلة فجدير بنا ان نعتني بما في قلوبنا من مقاصد ونحسن اني المقاصد بنصح النيات وفيه من الفوائد بشارة النبي صلى الله عليه وسلم لهذا الرجل بان الله تعالى يحبه وذلك لا يكون الا عن وحي وفي ان كل من احب وصف الله نال محبة الله عز وجل. كما قال تعالى يحبهم ويحبونه قل ان كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله هذه جملة من الفوائد في هذا الحديث نسأل الله تعالى ان يجعلنا من اصفيائه واوليائه. اللهم اخلصنا بخالصة ذكر الدار واجعلنا من المصطفين الاخيار ومن علينا بمحبتك يا عزيز يا غفار. وصلى الله وسلم على نبينا محمد