الحمد لله رب العالمين واصلي واسلم على نبينا محمد وعلى اله واصحابه اجمعين اما بعد فقد نقل النووي رحمه الله في باب اجراء احكام الناس على الظاهر وسرائرهم الى الله تعالى انا بمعبد المقداد ابن ابن الاسود رضي الله تعالى عنه قال قلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم ارأيت ان لقيت رجلا من الكفار فاقتتلنا فضرب احدى يدي بالسيف فقطعها ثم لاذ مني بشجرة فقال اسلمت لله ااقتله يا رسول الله؟ بعد ان قالها قال صلى الله عليه وسلم لا تقتل فقلت يا رسول الله قطع احدى يديه ثم قال ذلك بعدما قطعها. قال صلى الله عليه وعلى اله وسلم لا تقتل فان قتلته فانه بمنزلتك قبل ان تقتله وانك بمنزلته قبل ان يقول كلمته التي قال متفق عليه هذا الحديث الشريف فيه سؤال المقداد رضي الله تعالى عنه لرسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه المسألة حيث قال ارأيت يعني اخبرني ان لقيت رجلا من الكفار فاقتتلنا في غزوة او في جيش او في حال انفراد وقع فيه اقتتال بيني وبينه فضرب احدى يدي بالسيف اي فقطع ثم لاذ مني بشجرة اي انه احتمى بعد ان وقع منه هذا الاعتداء عليه بشجرة فقال اسلمت لله اي انه دخل في الاسلام بالاقرار بدين الاسلام سواء قال لا اله الا الله او قال اسلمت لله او قال انا من المسلمين او غير او قال غير وذلك مما يكون مبينا لقبوله الاسلام ودخوله فيه فقال صلى الله عليه فقال المقداد اقتله يا رسول الله بعد ان قالها قال صلى الله عليه وسلم في جواب سؤاله لا تقتله عظم هذا على المقداد اذ ان هذا الرجل فعل ما فعل من الاعتداء والجناية ثم كان منه الدخول في الاسلام على نحو ما وصف. فقال صلى الله عليه وسلم لا تقتله في جواب سؤاله فقال المقداد يا رسول الله قطع احدى يدي قال ذلك بعدما قتلها. قال ذلك بعدما قطعها. فقال صلى الله عليه وسلم لا تقتل اكد الجواب السابق بنهيه عن قتله لانه لما قال اسلمت لله فقد عصم دمه ولم يحل قتله. وما كان من الجناية قبل ذلك لا يؤاخذ به ولا يطالب به ولذلك قال لا تقتله ثم بين ما يترتب على قتله وانه ان قتله بعد ان اسلم وبعد ان دخل في الاسلام فان الامر على نحو ما ذكر صلى الله عليه وسلم فان فان قتلته فانه بمنزلتك قبل ان تقتله. يعني قتلت معصوم دم وكانت هذه جناية على من لا يحل لك الاعتداء عليه ولا على قتله وذاك ان الله تعالى حرم دم المسلم فكل مسلم على مسلم حرام دمه وماله وعرضه. قد قال الله تعالى وما كان لمؤمن ان يقتل مؤمنا الا خطأ فلو وقع ذلك على وجه العم قال ومن قتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه واعد له عذابا عظيما وهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم فان قتلته فانه بمنزلتك قبل ان تقتله اي انه معصوم الدم كما انك معصوم الدم قبل ان تقتله واما انت الذي قتلته بعد ان اسلم قال وانك بمنزلته قبل ان يقول كلمته التي قال. بمعنى انك غير معصوم الدم بل انت بعد قتلك اياه وقد اسلم لست معصوم الدم لانك مباح الدم بالقصاص كما قال الله تعالى في محكم كتابه ولكم في القصاص حياة يا اولي الالباب. وقد قال النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم من قتل له قتيل فهو بخير النظرين يعني ورثته اما ان يودا واما ان يقاد ان يقتص منه. وهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم وانك بمنزلته ليس المقصود المنزلة ولا انك كفرت فان الجناية على المسلم بالقتل لا يكون بها الانسان كافرا. ولذلك قال الله تعالى ومن عفي له من اخيه شيء فاتباع بالمعروف واداء اليه به احسان فاثبت الاخوة بين القاتل والمقتول لكن المقصود بقوله صلى الله عليه وسلم وانك بمنزلته يعني انك اصبحت بجناية عليه بعد اسلامه مباحة دم غير معصوم وذلك بالقصاص لا بالكفر. واذ ان المبيح للدم متنوع قد يباح. الدم بسبب القصاص قد يباح الدم بسبب حد من حدود الله كالزاني المحصن قد يباح الدم بسبب مفارقة الجماعة وما الى ذلك من الاسباب المباحة للدم. هذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم وانك بمنزلته قبل ان يقول كلمته التي قال هذا الحديث فيه جملة من الفوائد من فوائده السؤال عما يحتاج الانسان السؤال عنه ولو لم يقع. فان المقداد سأل النبي صلى الله عليه وسلم عما سألها ليست واقعة. ولكنها متوقعة وما جاء من المسائل فيما لم يقع فان ذلك فيما هو بعيد الوقوع او ما كان على وجه التعنت او ما كان على وجه الاشتغال بما ينبغي ان يشتغل بها الاشتغال عما ينبغي ان يشتغل به. يعني السؤال المذموم فيما يتعلق بالوقائع القادمة اما ان يكون سؤال على وجه التعنت او سؤالا عن النوادر من الوقائع التي يندر وقوعها او ان يسأل سؤالا يشتغل به عما ينبغي ان يشتغل به في في الحاضر من تعلم ما ينفعه. فكل هذه المسائل او كل هذه اه الاحوال يذم فيها السؤال عما لم يقع. واما اذا كان يسأل عن شيء سيقدم عليه او يتوقع حدوثه وحصوله فان هذا مما يتهيأ به الانسان لما يستقبل من حوادث الزمان. ووقائع الاحوال وهو مما اقره النبي صلى الله عليه وسلم ولذلك اجاب المقداد على مسألته لما سأله في بقوله ارأيت ان قتلت ان ان لقيت رجلا من الكفار فاقتتلنا فضرب احدى يدي بالسيف فقطع ثم لاذ مني بشجرة فقال اسلمت ااقتله بعد ان قالها فهذا سؤال عن مسألة متوقعة. ومحتملة الوقوع وذلك لما كان بين المسلمين والكفار من قتال وشجار ولقاء آآ يحصل به آآ التدافع آآ الاعتداء من من من اهل الكفر على اهل الاسلام وفيه من الفوائد تفصيل السائل المسألة وبيانها على وجه يتبين للمسئول والمفتي ما يكون مؤثرا في الحكم فانه فصل ذلك على وجه يتبين به السؤال وفيه من الفوائد انه ينبغي ان يكون القتال لله لا للانتقام للنفس فان المقداد رضي الله تعالى عنه ذكر الكفر وذكر الاعتداء بقطع اليد ثم ذكر حصول الاسلام من هذا الذي كان كافرا واعتدى بقطع يد الصحابي رضي الله تعالى عنه فيما سأل عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا تقتله ثبتت العصمة وهذا بيان عظيم ما يحصل بالاسلام من عصمة الدم وان الذي يقاتل احدا ينبغي ان يستحضر انه لا ينتصر لنفسه. ولا لجماعته ولا لجهته انما يقاتل احقاقا للحق نصرة لله ولدينه. ولهذا قال لا تقتله فالغى ما يتعلق بالانتقام للنفس فنهى عن ان يقتله ولهذا لما استغرب المقداد رضي الله تعالى عنه من الجواب فقال يا رسول الله قطع احدى يدي هذا حظ النفس ثم قال ذلك بعدما قطعها يعني انه قد يكون قالها على غير ارادتها انما لاجل ان يعصم دابة. وان يحتمي بهذه الكلمة من ان ينزل به ما يكون من بالقتل او غير ذلك مما يكون من العقوبات المتعلقة باحوال الكفار. قال صلى الله عليه وعلى اله صلى الله عليه وسلم لا تقتل اكد المعنى ثم بين النبي صلى الله عليه وسلم حقيقة الامر ان ذلك كان مباح الدم بسبب مقاتلته واعتدائه على اهل الاسلام فلما اسلم عصم دمه ولهذا قال فانه بمنزلتك قبل ان تقتله بمعنى انه معصوم الدم بتلك الكلمة التي قالها وان حصل منه ما حصل قبل ذلك. وان قالها تعوذا او قالها طلبا لعصمة دمه احتماءا وحماية لنفسه. فان ذلك جميعه غير معتبر بل المعتبر هو ما ظهر منه من اسلام حيث قال اسلم لله وفيه من الفوائد ان حظ النفس ينبغي ان يجنب فيما يتعلق بالاحكام الشرعية وانه لا ينبغي ان يكون مؤثرا في الحكم الشرعي بل المنظور اليه في الحكم الشرعي هو ما كان من حق الله عز وجل وما دل عليه شرع الله عز وجل وانه ينبغي ان يجنب الانسان حظوظ نفسه وان يتغلب على شهواته ورغباته في ما يتعلق بالاحكام الشرعية بل يقيموا الحق على نحو ما يرضى به الله تعالى يقوم به دينه جل في علاه. وفيه من الفوائد وهو المقصود بسياق الحديث ان الاحكام تجري على الظواهر وانه ولو كان الظاهر مخالفا للباطن او يظهر منه ما يخالف الباطل على وجه الاحتمال ولو كان قويا فان العبرة بما ظهر فان هذا يحتمل احتمال قوي انه انما قال ذلك ليحصم دمه ولذلك لاذ بالشجرة وقال اسلمت لله مما يشير الى انه قالها تعودا وطلبا لحماية نفسه وعصمة دمه لكن هذا الاحتمال ملغى امام قوة هذه الكلمة وهي ان يقول اسلمت لله. وما ظهر منه من قبول دين الله عز وجل وبه يتبين ان العبرة بما ظهر لا بما يتوقع في الباطن او يظن في الخفايا حتى لو كانت الظواهر وما يكون من الامارات دال على صدق هذا التوقع. فان النبي صلى الله عليه وسلم الغاه بالكلية تأكيدا للحكم بقوله لا تقتله ثم قال لا تقتله ثم بين انه لا يسوغ قتله وانه ان حصل فان وان كان مجاهدا في سبيل الله. سعيا في نصر دينه الا انه يباح دمه بسبب جنايته على معصوم وهو من اظهر الاسلام في مثل هذه الحال وفيه عظيم نفع هذه الكلمة لمن قالها في الدنيا واما في الاخرة فنفعها اعظم ففي الدنيا ينتفع بها كل من قالها من صادق الايمان ومن اهل النفاق. لكن في الاخرة لا ينتفع بها عظيم الانتفاع الا من كان انا صادقا في قولها مؤمنا بما تظمنته من افراد الله تعالى بالعبادة. فنسأل الله ان يحيينا على هذه وان يميتنا عليها وان يكون اخر كلامنا من الدنيا لا اله الا الله وصلى الله وسلم على نبينا محمد