الحمد لله رب العالمين واصلي واسلم على نبينا محمد وعلى اله واصحابه اجمعين اما بعد فقد ذكر النووي رحمه الله في كتاب رياض الصالحين باب وجوب الصوم والصوم هو الامساك عن المفطرات من طلوع الفجر الى غروب الشمس وهو من الاعمال الصالحة وركن من اركان الاسلام فرضه الله تعالى على اهل الايمان فقال يا ايها الذين امنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون شهر رمظان الذي انزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه والله تعالى ذكر فرظ الصوم بعد نداء المؤمنين. واخبر بان ذلك قد كتب على هذه الامة كما كتب على الامم السابقة. وكل شريعة فرضها الله تعالى على هذه الامة وكان قد فرضها على الامم السابقة فذاك لعظيم مقامها وكبير حاجة الناس اليها في اصلاح دينهم اصلاح معاشهم ومعادهم والله تعالى بعد ان ذكر فرض الصوم على الامم السابقة على هذه الامة كما هو على الامم السابقة ذكر العلة والغاية اوجبت هذا الفرض فقال لعلكم تتقون لعل هنا المقصود لاجل فهي للتعليل اي لاجل ان يتحقق لكم التقوى لعلكم تتقون. والتقوى هي ان يجعل الانسان بينه وبين مغاضب الله ومساخطه وقاية هذا معنى التقوى فالتقوى ان تجعل بينك وبين غضب الله وعذابه وسخطه وقاية ولا يكون ذلك الا بطاعة الله عز وجل فيما امر وبترك ما نهى عنه وزجر. فان التقوى دائرة على هذين المعنيين. فعل المأمور الذي امر الله تعالى به. وترك ما نهى عنه ان رغبة فيما عنده وخوفا من عقابه بذلك تتحقق للمرء التقوى وكيف تتحقق التقوى بالصوم اولا انه عبادة يطيع العبد فيها ربه ويمتثل امره ثانيا ان طبيعة الصوم عبادة قلبية لا يطلع عليها غير الله جل وعلا فالانسان يعزم بقلبه الصوم ويمتنع عن فعله ممنوع فعل فعل ما منع منه في صيامه. من وهذا لا يطلع عليه سوى الله جل في علاه فان الصوم عبادة خفية بين العبد وربه. فقد يكون الانسان بين الناس كل نهار ولا يدرك انه صائم لكون ذلك بينه وبين الله عز وجل بنيته التي جزم بها الصوم فكان ذلك مما يتحقق به التقوى لانه من عبادات الخفاء والسر. كذلك الصوم عبادة لا يطلع عليها الا الله تعالى ولا يراقب العبد فيها الا ربه جل في علاه فهي تربي الانسان على مراقبة الله عز وجل وخوفه وخشيته. فان الانسان يترك المأكولات والمشروبات والمشتهيات فيما يتعلق بالجماع ونحوه رغبة فيما عند الله. لا يمنعه ذلك الا اطلاع الله عليه وهذا لا يكون الا من قلب موقن بالله عز وجل مراقب له يخافه ويخشاه ولهذا كانت هذه العبادة من ابرز العبادات التي يتحقق بها التقوى كذلك مما يحققه الصوم للتقوى ان الصوم يكبح جماح النفس وهواها فيقدم الانسان على الطاعة ويقبل على الخير وينشط للبر فيكون ذلك سببا لتحقيق التقوى. ايضا مما يتحقق به التقوى في الصوم ان الشيطان تضيق عليه المجاري فالشيطان يجري من ابن ادم مجرى الدم. ولذلك لا يتمكن الشيطان من الانسان في صومه كما يتمكن في فطره فيكون بذلك من موجبات تحقيق التقوى. هذه معاني من المعاني التي يتحقق بها التقوى بالصوم وقد ذكر الله جل وعلا ان شهر رمظان خصه بانزال القرآن هذه خاصية قدرية ثم خصه بفرض الصيام وهذه خاصية شرعية شكرا لله على هذه النعمة التي خص بها هذا الشهر. شهر رمظان الذي انزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان. قال تعالى بعد هذه الخاصية القدرية فمن شهد منكم الشهر فليصمه فجعل فرض الصوم على كل من شهد الشهر من اهل الايمان ممن يقدر ويستطيع وعذر المرظى واصحاب العذاب قال ومن كان ومن كان مريظا او على سفر فعدة من ايام اخر ثم بلغنا رمضان وارزقنا فيه صالح الاعمال وخذ بنواصينا الى ما تحب وترظى في السر والاعلان. وصلى الله وسلم على نبينا محمد