الحمد لله رب العالمين واصلي واسلم على نبينا محمد وعلى اله واصحابه اجمعين اما بعد وقد نقل النووي رحمه الله في باب زيارة اهل الخير عن ابي موسى الاشعري رضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم انما مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكيل فحامل المسك اما ان يحذيك واما ان تبتاع منه واما ان تجد منه ريحا طيبة ونافخ الكير اما ان يحرق ثيابك واما ان تجد منه ريحا منتنة متفق عليه هذا الحديث الشريف بين فيه النبي صلى الله عليه وسلم ما يجده الانسان من الصحبة الطيبة والصحبة الرديئة من صحبة الخير ومن صحبة الشر وذكر ذلك بتمثيل للجليس لان الصحبة تقفظ المجالسة والمخالطة فقال انما مثل الجليس الصالح وهو الذي ينفعك في دينك ودنياك ويقيك شر ما يفسد عليك دينك او يفسد عليك دنياك هذا هو ضابط الجليس الصالح. فكل من انتفعت منه في ما يصلح دينك وما يصلح دنياك فانه جليس صالح لان به تصلح امورك وتستقيم احوالك واما جليس السوء فهو المقابل لذلك فهو الذي يوقعك في السوء والردى فيزين لك الشر ويفسد عليك دينك او يفسد عليك دنياك فكلاهما من جليس السوء الذي ينبغي الحذر منه والنبي صلى الله عليه وسلم لم يحذر بمقالة تذم مباشرة الجلس الصالح تذم الجليس السوء وتمدح الجليس الصالح. انما بين مثالا يدرك منه العواقب التي تنتهي اليها الامور في صحبة الاخيار وفي صحبة الاشرار وبمعرفة العواقب والنهايات يتبين لذيذ البصيرة والعقل ما الذي ينبغي ان يفعله في الساعة الحاضرة قال صلى الله عليه وسلم فحامل المسك اي حامل الطيب لان النبي صلى الله عليه وسلم قال مثل الجليس الصالح والجالس السوء كحامل المسك ونافخ الكيل فالجليس الصالح مثل حامل المسك الذي يحمل المسك والمسك نوع من الطيب رفيع المنزلة فواح فقوله كحامل المسك اي كحامل الطيب فذكر المسك هنا تمثيل لنوع من انواع الطيب التي يتطيب بها الناس ويسعى الى تحصيلها واما الجليس في السوء كنافة خل الكير الكير اي الذي ينفخ في الكير والكير هو وعاء من جلد ينفخ فيه الحداد ليشعل النار ويضربها اما بالة نفخ باليد او بغير ذلك من وسائل النفخ تنافخ الكيل هو الذي يستعمل الجلد الذي بضغطه ينفخ النار فتضطرب على الحديد الذي يريد تليينه يسعى الى صناعته هذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم كنافخ الكير اي كالذي ينفخ في هذه الالة وهذه الاداة التي هي الكير لاجل اضرام النار على الحديد وقوله صلى الله عليه وسلم في هذا التمثيل ايجاز واختصار لما يدركه الانسان من صحبة الصالح ومن صحبة السوء. فصل ذلك بالبيان صلى الله عليه وسلم وذلك بتوضيح وذكر ما يدركه الانسان بصحبة الصالح بالجليس الصالح وما يدركه بالجليس السوء بعد التمثيل الذي يدرك به المعنى لكن فصل صلى الله عليه وسلم لتوضيح الامر. فقال صلى الله عليه وسلم لم فحامل المسك الذي هو مثل الجليس الصالح اما ان يحذيك يعني ان يطيبك فقوله صلى الله عليه وسلم يحذيك ان يعطيك طيبا من هذا الطيب اما ان تأخذه معك او ان يطيب بدنك ويطيب ثيابك اما ان يحذيك هذه هذي صورة من صور المنافع التي يدركها الانسان بصحبة الصالح واما ان تبتاع منه اش معناتها ابتاع منه اي تشتري منه واما ان تجد منه ريحا طيبة فان لم يحذيك ولم يبعك او لم تشتري منه فانه تجد منه ريحا طيبة والريحة الطيبة تؤثر على النفس. فكل هذه الصور الثلاثة هي من صور المنافع التي يدركها الانسان بصحبة الاخيار بحامل المسك اما ان تأخذ منه شيئا حسنا اما بالهبة والعطية واما المعاوظة وبذل الثمن فان لم يكن هذا ولا ذاك فانك بغشي هذا ومجالسته والاتيان عليه تجد منه ريحا طيبا وهذا نفع لان الريح الطيبة لها من التأثير على النفس بالانشراح ولها من التأثير على النفس بتقويتها وتقوية البدن ما هو معروف مشهود هذه هي المنافع التي يدركها الانسان من حامل المسك وهي التي يدركها من الجليس الصالح. فالجليس الصالح لن تعدم من مجالسته من نفع في دينك او دنياك اما بالابتداء بان يبتديك بان يبتدئك بنفع وتوجيه وارشاد وكلام مفيد واما ان تبتاع منه تطلب منه تأخذ منه بطلب منك اما بالسن صح او استرشاد او خبر تخبره يستدعي ذلك قولا منه يكون ارشادا الى خير واصلاحا في معاشك او معادك فان لم يكن هذا ولا ذاك مجرد المجالسة تؤثر عليك فهي ريح طيبة فان مجالسة الاخيار ولو لم يكن منها تذكير او انتفاع مباشر فان المجالسة في حد ذاتها طيب يطيب قلبك تجدوا منه ريحا طيبة يطيب بها القلب وتنشط بها النفس الى الخير والبر والنفع والمصلحة في معاشك ومعادك فلن تعدم خيرا من مجالسة الصالح اما بقوله واما بفعله واما بالنظر اليه ولذلك النظر الى الشيء مما يفيد الانسان اذا كان نافعا ومما يوقعه في الظرر ان كان ضارا ولهذا نهى الله تعالى المؤمن عن الجلوس في مكان السوء اذا كان لا يستطيع ان يغيره. لماذا؟ لان هذا فيه من التأثير عليه بالنظر الى هذا السوء والشر. ما ينعكس على فينبغي للمؤمن ان يحرص على استحضار هذه المعاني في مصاحبة الصالحين والاخيار قال صلى الله عليه وعلى اله وسلم ونافخ الكير هذا هو الثاني ممن ذكر النبي صلى الله عليه وسلم وهو نافخ الكير مثل الجليس السوء. قال اما ان تجد منه اه اما ان يحرق ثيابه اما ان يحرق ثيابك فاذيك وهذا الحرق بالثوب اذى ظاهري لكنه يترتب عليه من من الخطر الداخلي ما يمكن ان يتطور. فحرق الثوب قد يفضي الى حرق البدن والى فساد المال وفساد الحال واما ان تجدي منه ريحا منتنة يعني حتى لو لم يصلك منه ارشاد الى شر حث على فساد تنشيط على ترك واجب او وقوع في محرم او افساد لدنياك فانك ستجد منه ريحة منتنة الاثر النفسي الذي ينعكس عليك بمخالطة هذا السيء ولو لم يكن فيه ايقاع في محرم او تشجيع على ترك واجب واخلال بما يجب فانه في حد ذاته مما ينبغي توقيه لانه يقعدك عن الخير فصحبته تؤثر تأثيرا للرائحة المنتنة التي اذا وجد الانسان انقبضت نفسه وكسل بدنه قعد عن خير ونشاط بسبب هذه الرائحة المنتنة ولهذا يفر الناس من الروائح المنتنة لما لها اثر على نفوسهم ليس فقط لانها تؤثر على حاسة الشم بل تؤثر على المزاج وتؤثر على القلب وتؤثر على صفاء فكذلك صحبة الاشرار تؤثر على القلب تؤثر على النشاط في الخير تؤثر على آآ نشاط البدن في ما يعود على الانسان بما ينفعه في دينه هذا الحديث الشريف تضمن جملة من الفوائد المهمة التي ينبغي لنا جميعا ان نستحضرها اولا التمثيل لاثر الصاحب الطيب والصاحب الرديء وهذا من حسن بيان النبي صلى الله عليه وسلم الذي يقرب الخير ويوضحه يوصل المعاني بايسر الطرق واسهلها وفيه ان الجليس على اي حال كان يؤثر على مجالسه مهما كان الانسان فانه لابد ان يتأثر بمن يجالس ولهذا ينبغي للانسان ان ينتقي من يجالسه لانه سيتأثر به ولا محالة. شاء ما باء فان التأثير لا يقتصر فقط على المقالة او على الفعل بل حتى بمجرد المجالسة يقع تأثير ولهذا قال صلى الله عليه وسلم في الجليس الصالح تجد آآ واما ان آآ تجد منه ريحا طيبة والثاني واما ان تجد منه ريحا منتنا وهذا تأثير ليس من فعل المجالس من الفعل المباشر له يعني هو لا عندما تجلس عند عند عند صاحب الطيب صاحب الطيب لا يعمل عملا لايصال الرائحة اليك بل هو من طيبه الذي في مجلسه يصلك ما يكون من الرائحة الطيبة والعكس كذلك عند نافخ الكيك هو لا يفعل فعلا مباشرا يوصل اليك الرائحة المنتنة لكن الرائحة الموتنة ملازمة له وكذلك جالس السوء وكذلك جليس الخير الجالس الصالح وفيهم لا الفوائد ان منافع الجليس الصالح متعددة متنوعة اكثر واعظم من الجليس السوء فان النبي ذكر في الجليس الصالح ثلاثة فوائد ثلاث فوائد وذكر في الجليس السوء فائدتين او عاقبتين وثمرتين وفيه من الفوائد ان الجنس الصالح يؤخذ ما ما عنده اما بالابتداء منه واما بالطلب واما الاثر الذي لا طلب منه فهو بمجرد المجالسة لان النبي ذكر ثلاثة اثار اما بطلب واما بابتداء من الجليس الصالح واما بمجرد المجالسة بفعل المجالسة ولو لم يكن منه فعل. اما ان يحذيك هذا اذا من واما ان تبتاع منه هذا طلب منك واما ان تجد منه ريحا طيبا وهذا ليس بفعل منك ولا بفعل منك بل بمجرد المجالسة وفي المقابل فيه ان الجليس السوء يصلك شره ولو لم يقصد بمجرد مجالسته تحصل اه يحصل الضرر ولو لم يسعى الى الاضرار بك اذ ان النبي صلى الله عليه وسلم قال اما ان يحرق ثيابك بما يكون من عمله الذي يشتغل به فهو سيحرق ثيابك اما اختياره واما من غير اختياره بتطاير الشرر الذي ينتج عن فعله وهو نفخ الكير. وهو ما يكون من سيء عمله ولو لم يكن ذلك فان الرائحة المنتنة التي تجدها عنده كافية في ان تصدك عن مجالسته وفيه من الفوائد ان المخالطة مؤثرة على كل حال فليجد الانسان وليجتهد في مخالطته الاخيار. وليبعد وليتقي مخالطة الاشرار وفيه ان المجالسة بين الاصحاب اقوى ما يكون من اوجه التاء التأثر والتأثير بخلاف المرور فان المرور اقل تأثيرا ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم مثل الجليس الجليس الذي تجالسه سواء كانت هذه المجالسة في سيارة كانت هذه المجالسة في استراحة هذه المجالسة في مجلس. هذه المجالسة عبر وسائل التواصل الحديث. فانها داخلة في معنى الذي ذكره النبي صلى الله عليه وسلم في التمثيل للجليس الصالح والجليس السوء. واحيانا قد تكون اليوم مجالسات الناس عبر وسائل التواصل اكبر واطول واعظم تأثيرا من المجالسة المباشرة ولهذا تجد الكثير من الناس لا ينفك عن تواصله مع جهاز الاتصال بمطالعة او محادثة او او غير ذلك من اوجه التواصل التي تقع بين الناس وهذا يؤكد على ان المعنى في قوله صلى الله عليه وسلم مثل الجليس الصالح ومثل الجليس السوء ليس مقصورا على المجالسة المباشرة بل كل انواع المجالسات المباشرة وغير المباشرة تدخل في الحديث في بيان تأثير الجليس الصالح هو الجليس السوء وفيه انه ينبغي لنا ان نحرص على الحث على مجالسة الصالحين في انفسنا وفي ابنائنا وبناتنا واخواننا واخواتنا وسائر الناس فان الجليس الصالح منافعه عظيمة في الدنيا والاخرة والجليس السوء منافعه قبيحة رديئة في الدنيا والاخرة هذا بعض ما في هذا الحديث من الفوائد والمعاني فجزى الله نبينا محمد صلى الله عليه وسلم خير ما جزى نبيا عن امته فقد بين وارشد وقرب مهد لكل خير نناله في الدنيا والاخرة فنسأل الله ان يتبعنا اثاره وان يلزمنا سنته وان يرزقنا اقتفاء هديه باحسان لا ان يتوفانا وان يجمعنا به في جنة عدن في مقعد صدق عند مليك مقتدر وصلى الله وسلم على نبينا محمد