الحمد لله رب العالمين واصلي واسلم على نبينا محمد وعلى اله واصحابه اجمعين اما بعد فقد نقل النووي رحمه الله في رياض الصالحين في باب فضل الحب في الله والحث عليه عن معاذ بن جبل رضي الله تعالى عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يقول الله عز وجل المتحابون في جلالي لهم منابر من نور يغبطهم النبيون والشهداء رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح هذا الحديث الشريف ذكره رحمه الله في سياق بيان فضل الحب في الله وفيه خبر النبي صلى الله عليه وسلم عن الله حيث قال يقول الله عز وجل وهذا حديث الهي ويسميه كثير من اهل العلم حديث قدسي و وهو ما تكلم به الله عز وجل ونقله النبي صلى الله عليه وسلم من غير القرآن فالحديث القدسي ما نقله النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه جل وعلا من غير القرآن ما اضاف فيه القول الى الله من غير القرآن ولهذا يسميه جميع جماعة من اهل العلم الحديث الالهي ليميزوه عن القرآن الكريم الذي هو كلامه جل في علاه وقوله وبين الحديث القدسي والقرآن فروقات والمقصود ان النبي صلى الله عليه وسلم نقل هذا حديث عن الله يقول الله عز وجل المتحابون في جلالي المتحابون اي الذين قام بينهم حب وذكر سبب الحب بانه من اجل الله عز وجل ولله عز وجل حيث قال في جلالي فالمتحابون هم من عمرت قلوبهم بالمحبة بمحبة بعضهم لبعض وهذا الحب سببه هو الله جل وعلا ولذلك قال في جلالي في هنا بمعنى لاجلي فهي فئة للسببية وجلال الله عز وجل هو عظمته اي تعظيما له واجلالا له ومحبة له سبحانه وبحمده والمقصود بالتعظيم هنا العبادة اي لاجل عبادته جل وعلا فهو يحبه لله لا لمصلحة يدركها منه في مال او غير ذلك من المنافع والمصالح الدنيوية فهم يحبونهم لله عز وجل والمحبة بينهم هذا سببها ذكر النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه جل وعلا العمل الذي قام به هؤلاء وهو الحب في الله الحب لاجل الله وضابط الحب لاجل الله هو ان لا يكون له سبب من امر الدنيا انما هو خالص لله عز وجل وذاك لما قام بالمحبوب من طاعة الله عز وجل ومن الاوصاف والاعمال التي يحبها فانت اذا احببت شخص لله انت تحبه لما قام فيه من الوصف الذي يحبه الله عز وجل. تحبه لاجل انه مصلي تحبه لاجل انه منفق في سبيل الله. تحب تحبه لاجل انه سباق للخيرات تحبه لانه امر بالمعروف ناه عن المنكر تحبه لاجل عمل صالح قام به فهذا هو الحب في الله فليس ثمة حب لاجل دنيا ولا لاجل نسب ولا لاجل بلد ولا لاجل موافقة في امر من الامور الدنيوية انما لله عز وجل معنى قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الالهي المتحابون في جلالي لهم هذا ثوابهم واجرهم منابر من نور اي يمن الله تعالى عليهم يوم القيامة بمواضع عالية مرتفعة فالمنابر هي الاماكن البارزة الرفيعة العالية التي يبوأها الله تعالى هؤلاء وهؤلاء جمعوا في الاجر الذي وهبهم الله تعالى اياه امرين العلو والاشراق والاضاءة والنور ولذلك قال لهم منابر علو من نور ليس فيه ظلمة ولا فيه قتر ولا فيه ما يعكر بل هي مشرقة وضيئة جميلة بهية وهذه المنازل العالية الرفيعة الوضيعة المتلألئة بانوار يمن الله تعالى بها على اهلها يتبوأها ويستحقها من عمرت قلوبهم بمحبة عباد الله لاجل الله لهم منابر من نور هذه المنزلة العالية الرفيعة بلغ بها العلو والرفعة ان قال فيها ربنا جل وعلا يغبطهم اي على هذا الاجر وعلى هذا الثواب وعلى هذه المنازل المنورة بالله عز وجل يغبطهم النبيون والشهداء اي يتمنى النبيون والشهداء ان يدركوا ذلك الفضل وتلك المنابر المنورة بفضل الله عز وجل وتبقى لاهلها فالغبطة هي تمني الخير الذي يمن الله تعالى به على الغير مع بقائه عنده. يعني تمني المشاركة في الخير فاذا تمنيت ان تشارك احدا في وصف اتصف بهم الخير فقد غبطته. ومنه قول النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم فيما في الصحيحين من حديث عبدالله بن مسعود رضي الله تعالى عنه قال صلى الله عليه وسلم لا حسد الا في اثنتين رجل اتاه الله مالا فسلطه على هلكته في الحق ورجل اتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها وفي الحديث الاخر حديث عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنه قال لا حسد الا في اثنتين رجل اتاه الله القرآن فهو يقوم به يتلوه اناء الليل واناء النهار ورجل اتاه الله مالا فهو ينفقه اناء الليل واناء النهار فهذه الاعمال يتمنى ادراكها اذا رآها الانسان في غيره لما فيها من خير الدنيا والاخرة لكن لا يتمنى زوالها انما يتمنى المشاركة فيها وتسمية ذلك بالحسد في قول الله حسد انما هو من باب التجوز والمقصود به المشاركة والا في الحسد المذموم هو ان تتمنى زوال النعمة عن الغير فان هذا هو الحسد الذي وصفه النبي صلى الله عليه وسلم بالحالقة تحلق لا تحلق الشعر بل تحلق الدين وتفسده فقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الالهي يغبطهم النبيون اي يتمنون ادراك هذه الفظيلة مع بقائها لاهلها والنبيون جمع نبي وهم اعلى خلق الله منزلة ورفعة. فاعلى مراتب الناس وارفع مراتب البشر هي النبوة فلا فوقها الا الرسالة وهذا اذا قلنا الرسالة غير النبوة لكن هنا المقصود بالنبوة يشمل الانبياء والرسل لانها من الاسماء التي اذا اطلقت شملت المعنى الاخر اذا اجتمع افترقا واذا افترق اجتمعا التنبيون هون المراد بهم هنا الرسل صلوات الله وسلامه عليهم قوله صلى الله عليه وسلم النبيون اي يغبطهم من بلغوا هذه المرتبة مرتبة النبوة لرفعة ما يرونه من منزلتهم وعظيم ما هم فيه من المكانة والشهداء وهؤلاء هم المنزلة الثانية التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم وهم في الرفعة والعلو في منزلة عالية رفيعة لجليل عملهم وهو بذل نفوسهم في سبيل الله عز وجل ورغبة في ادراك فضله وخيره ومحبة له وتعظيما له واجلالا والمقصود ان هؤلاء تبوأوا منزلة عالية وغبطة النبيين والشهداء لهؤلاء لا يعني ان هؤلاء خير من هؤلاء باء ثبوت فظيلة فئة او ثبوت فضيلة في عمل لا يعني ان هذا العمل يفوقه سائر الاعمال وان اهله يفضلون سائر العمال بل هو اثبات هذه الفضيلة لهذا العمل وقد يكون غيرهم افضل منهم في عمل اخر فالنبوة اشرف واعلى من هذا العمل وهو الحب في الله ثمان منزلة الحب في الله انما عرفت من قبل الانبياء فلا شك ان هذا لا يفيد ان المتحابين في في جلال الله المتحابين في الله اعلى منزلة من النبيين والشهداء بل هذا بيان لفظل هذا العمل دون مفاضلة بين اصحاب هذا العمل ومن يغبطهم انما هو بيان لشريف هذا العمل وان النبيين والشهداء تتوق نفوسهم للعمل الموجب لهذه الفظيلة وهو التحاب في الله تتوق وتتشوف نفوسهم العمل الذي اوجب هذه الفظيلة وهي فضيلة انهم على منابر من نور على منابر من نور نسأل الله تعالى من فضله. الحديث في جملة من الفوائد من فوائده بيان عظيم فضل الحب في الله ومن فوائده ان الحب الذي يؤجر عليه الانسان وينال به المثوبة في الاخرة هو ما كان لله واما ما كان لغيره فقد يكون على اصحابه ترا و يكون سببا للعداوة بين المتحابين كما قال تعالى الاخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو الا المتقين وفي ان الاجور تتفاوت في تفاوت الاعمال وفيه ان العمال وان علت مراتبهم وسمت منازلهم فانهم تتوق نفوسهم لبعض انواع العمل الصالح الذي علت مرتبته وهذا من المسابقة في الخيرات والسابقون السابقون. فالنبيون الشهداء قد بلغوا منزلة عالية رفيعة لكن لشدة حرصه مع الخير وكان منهم كانت منهم هذه الغبطة التي ذكرها النبي في هذا الحديث الالهي وفيه من الفوائد ان الله تعالى يتكلم جل في علاه. قال فان النبي صلى الله عليه وسلم قال يقول الله عز وجل وهذا اثبات القول له وهذا مما لا خلاف فيه بين اهل العلم فاهل الاسلام يثبتون صفة القول والكلام له جل وعلا على الوجه اللائق به سبحانه وبحمده هذا بعض ما في هذا الحديث من فوائد والله تعالى اعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد