وهذا هو اصح ما حمل عليه قول امي عطية رضي الله تعالى عنها والذي يدل على ذلك اننا نجد في السنة جملا من الاحاديث التي وان كان في احادها شيء من المقال ابدا لاننا لا نتكلم عن مجرد مرور المرأة على المقابر وانما نتكلم عن قصد خروج المرأة من بيتها الى الى المقبرة. هذا هو الذي نعنيه ونتكلم عنه. وهو الذي دل الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ وليد بن راشد السعيدان حفظه الله يقدم شرح عمدة الاحكام. الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله الامين وعلى اله واصحابه الطيبين الطاهرين ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين وقفنا عند حديث ام عطية رضي الله عنها في كتاب الجنائز نهينا عن اتباع الجنائز نعم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اللهم وفق شيخنا واغفر لوالديه ولنا ولوالدينا ولجميع المسلمين والمسلمات الاحياء منهم والاموات قال المؤلف وفقه الله تعالى عن ام عطية الانصارية رضي الله عنها قالت نهينا عن عن اتباع الجنائز ولم يعزم علينا. نعم. الكلام على هذا الحديث في جمل من المسائل المسألة الاولى اذا قال الراوي امرنا بكذا او نهينا عن كذا فان جماهير اهل العلم رحمهم الله تعالى يعطونه حكم الرفع لان الراوي لا يقول مثل هذا الكلام في مقام الاحتجاج والبيان الا وهو ينقل كلام من في كلامه الحجة فالذي يغلب على الظن ان الراوي لا يقول نهينا الا وهو ينقل كلام صاحب النهي في عهدهم وهو النبي صلى الله عليه وسلم وكذلك اذا قال امرنا فيغلب على الظن انه انما ينقل لنا امر من خوله الله عز وجل بالامر وامرنا بطاعته وهو النبي صلى الله عليه وسلم والمتقرر عند العلماء ان غلبة الظن كافية في التعبد والعمل اذا سمعت احد الرواة يقول امرنا بكذا او نهينا عن كذا فاعطه مباشرة حكم الرفع وقد قسم علماء المصطلح المرفوع الى النبي صلى الله عليه وسلم الى قسمين الى مرفوع حقيقي والى مرفوع حكمي فاما المرفوع الحقيقي فهو ان يصرح الراوي بنص رسول الله صلى الله عليه وسلم لقوله سمعت رسول الله او ان رسول الله او قال قال رسول الله او نحو تلك العبارات التي ينقل فيها نفس الفاظ النبي صلى الله عليه وسلم واما المرفوع الحكمي فهو الا ينقل الفاظ النبي صلى الله عليه وسلم بعينها وانما يقول نهينا او امرنا او ان يقول قولا لا مجال للرأي ولا للاجتهاد فيه. او ان لكانوا يفعلون او كنا نفعل على عهد النبي صلى الله عليه وسلم فكل هذه الالفاظ اعطاه الجمهور حكم الرفع يعني كأن النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي نهى وهو الذي امر الفائدة الثانية قول ام عطية رضي الله تعالى عنها نهينا هذا نهي والمتقرر في عليكم السلام ورحمة الله والمتقرر في قواعد الاصول ان النهي يفيد التحريم ولكن اختلف العلماء رحمهم الله تعالى في قولها نهينا في هذا الحديث اهو يفيد التحريم ام الكراهة على قولين لاهل العلم رحمهم الله فمنهم من قال بانه يفيد الكراهة التنزيهية فقط بمعنى انه يكره للمرأة ان تتبع الجنازة ولكن لو انها خالفت واتبعت لما كان عليها اثم لان المكروه عند العلماء هو ما يثاب فاعله امتثالا ولا يستحق العقاب تاركه فقال لهم العلماء القائلون بان النهي للتحريم قالوا لهم وما دليلكم على انصراف النهي من التحريم الى الكراهة قالوا دليلنا على ذلك هو قول ام عطية في اخر الحديث ولم يعزم علينا فقد فهمت رضي الله تعالى عنها ان هذا النهي ليس عزيمة اي ليس من باب العزائم او ليس مما يعزم به وهي التي روت الحديث والمتقرر عند العلماء ان تفسير الراوي مقدم على تفسير غيره ما لم يخالف ظاهر الحديث ولكن القول الصحيح عندي والله اعلم ان النهي باق على بابه وهو ان قولها نهينا يراد به التحريم وان قولها ولم يعزم علينا ليس بنص في انصراف صيغة التحريم من التحريم الى الكراهة لان من المعلوم ان النهي مراتب والتحريم مراتب فهناك محرمات تعتبر من الكبائر وهناك محرمات تعتبر من الصغائر فيحمل قولها ولم يعزم علينا اي ان النهي لم يقرن بلعنة ولا بغضب ولا بعقوبة ولا بتشديد كما قرن غيره من المأمورات. عفوا من المنهيات فان هناك منهيات في الشرع اكد على تحريمها وغلظ وشدد في تحريمها باللعن او بالعقوبة او بنفي الايمان او بقول الشارع فيها ليس منا او توعد عليها بعقوبة خاصة في الاخرة او ترتب عليها شيء من الحدود في الدنيا فمثل هذه المحرمات لا جرم ان الشارع حرمها وشدد واكد وعزم في تحريمها ولكن يبقى عندنا جملا كثيرة من المحرمات لم يعزم في تحريمها بمعنى انه لم يقرن في تحريمها لم يقرب مع تحريمها شيء من اللعن ولا من العقوبة واقصد من العقوبة المحددة في الدنيا ولا من ترتيب حد او نحو ذلك فاذا لا يفهم من قول ام عطية ولم يعزم علينا بان النهي قد انصرف عن دائرة التحريم كلية الى باب الكراهة وانما يفهم منه انه وان كان نهى الا انه ليس من النهي المؤكد المغلظ المشدد فيه المشدد فيه تؤكد وتشدد على حرمة اتباع الجنائز في حق النساء فالاصح عندي في هذه المسألة ان شاء الله ان المرأة لا يجوز لها ان تتبع ان تتبع الجنازة لا يجوز للمرأة ان تتبع الجنازة لثبوت النهي عن ذلك فان لم يقبل كلامنا في تخريج قول ام عطية ولم يعزم علينا فلا اقل من ان نقول ان هذا هو فهمها واننا لسنا بمتعبدين باتباع رأيها ولا ظنها. وانما نحن متعبدون باتباع ما نقلته عن النبي صلى الله عليه وسلم من النهي. فحيث ثبت نهيه وصح فاننا نقول سمعنا واطعنا ويبقى اجتهادها غير ناقض ويبقى اجتهادها غير ناقظ غير ناقض لنهي النبي صلى الله عليه وسلم فهذا هو القول الصحيح ان شاء الله وهو ان النهي هنا على بابه الذي هو التحريم لا سيما لا سيما انه قد تأيد هذا التحريم بجمل من الاصول فمن الاصول التي تؤيد التحريم قاعدة سد الذرائع فان من المعلوم ان المرأة سريعة الجزع وقليلة الصبر فلو ان الشارع اجاز لها اتباع الجنازة فانك سترى ولابد شق الجيوب وضرب الخدود والدعاء بدعوى الجاهلية والصراخ وحالات الاغماء من ها هنا وها هنا لان المرأة قليلة الصبر. فسد لذريعة بقوعها في مثل ذلك سد الشارع عليها هذا الباب واجازه للرجال فقط بقوة قلوبهم وكذلك المتقرر عند العلماء وجوب سد كل طريق يفضي الى الحرام والمرأة اذا اجاز الشارع لها اتباع الجنازة فانه لا بد وان يحصل اختلاط في اتباع الجنازة بين الرجال والنساء بين الرجال والنساء لا محرم وما افضى الى الحرام فانه حرام. ويؤيد ذلك ايضا ان هذا الموضع موضع تذكر وعظة واعتبار وتأمل في حال الانسان فلو ان المشيعين من الرجال رأوا النساء الفاتنات المتبرجات يمنة ويسرة لخرج هذا الموضع عن مقصوده الشرعي وصار بعض الرجال يتلصص ببصره على النساء امامه او من خلفه او من عن يمينه وشماله ولا يستطيع الانسان ان يحكم النساء جميعا بان لا يلبسن في مثل هذه المواضع الا اللباس المحتشم وانك لترى في حضور النساء في صلاة التراويح امرا عجبا من الاطياب والعباءات المزخرفة المزركشة ومن البنطال مع انهن في دور في دار عبادة فلا تظنن ان المقبرة سوف تخيف قلوب كثير من النساء او ان التشييع سوف يكون زاجرا لهن عن عدم التبرج او السفور. ولذلك سدوا هذا الباب من اعظم ما يجب. سد هذا الباب من اعظم ما يجب سيما في هذا الزمن الذي قل فيه وازع الدين في الجنسين. الذكور والاناث وصارت المرأة لها ما لها من المطالبة بحقوق كشف الوجه ولبس ما تشاء والذهاب متى تشاء وقيادة السيارة. فمثل هذا الزمن الذي ظعف فيه وازع كثير من الناس ذكورا واناثا لا ينبغي ان يفتح فيه مثل هذا الباب الذي قد يكون موجبا بلاء لا يعلمه الا الله ففي الحقيقة ان هذا فضل عظيم من الله عز وجل واحسان على عباده ان منع النساء من الذهاب الى القبور واتباع الجنائز لان لا يفتن الرجال في موضع يطلب فيه التذكر والاعتبار الفائدة الثالثة لقد اختلف اهل العلم هل هذا النهي عن اتباع الجنازة في حق النساء عام ام خاص بالكبيرات عفوا ام خاص بالشواب الجميلات يعني بمعنى ان الكبيرة التي لا يشتهى مثلها يجوز لها ان تتبع الجنازة واما الشابة الصغيرة المليحة ذات القوام الجميل لا يجوز لها ذلك ام ان النهي عام الجواب فيه خلاف كما ذكرت والقول الصحيح والرأي الراجح المليح ان النهي هذا يدخل فيه جميع النساء على اختلاف في مراحل حياتهن من غير تفريق بين جميلة وشوهاء. وبين كبيرة وصغيرة لان قول ام عطية اهينها هذا قول مطلق والمتقرر عند العلماء ان الاصل هو بقاء المطلق على اطلاقه ولا يجوز تقييده الا بدليل ولا نعلم دليلا يدل على ان هناك تقييدا له فحيث لا دليل يدل على تقييده فالاصل هو البقاء على الاصل حتى يرد الناقل وهذا فيه رد الا من اجاز اتباع الجنازة للكبيرة التي خرجت عن حد النكاح ومن المسائل في هذا الحديث ايضا استدل بهذا الحديث من منع من زيارة النساء للقبور فان المرأة اذا كانت ممنوعة من مجرد تشييع الجنازة فلا ان تكون ممنوعة من زيارة القبر القبور من باب اولى وهذا استدلال صحيح فان زيارة القبور مقصودة والوسيلة لها تشييع الجنازة فاذا كانت الوسيلة قد سدت ومنعت فكيف يفتح الشارع المقصود هذا لا يكون في حكمة الشرع ابدا فتحيم اتباع المرأة للجنازة يدل على تحريم زيارتها للقبور من باب اولى واحرى وهذا يسميه العلماء القياس الاولوي والمتقرر عند العلماء ان القياس الاولوية حجة وقد تأيد هذا التحريم بادلة معروفة عند اهل العلم فمنها حديث ابي هريرة رضي الله عنه عند ابي داود بسند صحيح قال قال النبي قال لعن النبي صلى الله عليه وسلم زائرات القبور وكذا اخرج الامام احمد في مسنده وابو داود في سننه والترمذي في جامعه وقال حديث حسن من حديث ابن عباس رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم لعن زائرات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج وقال بالتحريم جمهور اهل العلم من المالكية والشافعية والحنفية واليه ذهب اكثر اهل الحديث واختارها ابو العباس ابن تيمية رحمه الله تعالى وتلميذه العلامة الامام ابن القيم واختارها الامام النووي من الشافعي ايضا واختارها كذلك الامام المجدد محمد ابن عبد الوهاب وهو الذي يفتي به سماحة الوالد الشيخ عبد العزيز ابن باز وسماحة الوالد الشيخ محمد ابن صالح العثيمين وعليه فتيا اللجنة الدائمة في المملكة العربية السعودية كل هؤلاء يقولون بان زيارة المرأة للقبور محرمة فان قلت وما الحكمة من تحريم زيارة المرأة فاقول لان المرأة معروفة بقلة بقلة الصبر وشدة الجزع فاذا وقفت عند قبور تتضمن عظام الاحبة وجلودهم ثم تذكرت حالها وحالهم فلا جرم انها سوف تتجزع فاذا كانت المرأة تجزع جزع العظيم وهي في بيت اهلها بمجرد فقد شيء احد من احبتها فكيف اذا وقفت على قبورهم وتذكرت اطلالهم فلا جرم ان هذا سيكون من اعظم ما يوقعها في الجزع والتسخط والتضجر من قضاء الله وقدره ولان المقابر غالبا ما تخلو من الناس والزائرون لها قليل فلو ان المرأة زارتها في حال خلوة من الناس وربما حصل ما حصل من البلاء والفتنة عليها فسدا لزريعة الفتنة بها او منها سد الشارع ذلك الباب وحرم زيارتها للقبور وحرم زيارتها للقبور فان قلت وهل يتصور ان النساء جميعا تتحقق فيهن هذه الحكمة فان من النساء من هي اصبر من الرجال ومن الرجال من يصيبه من التجزع والتضجر اذا رأى قبر احبته ما لا يصيب النساء فكيف تقولون بان هذه هي العلة وتعممونها على جميع النساء مع اننا نجزم ان من النساء من فيها من الدين والصبر والايمان بقضاء الله والتسلي بموعود الله ما يمنعها من تلك الافعال افيجوز لمثل هؤلاء النساء قويات الصبر ان يزرن القبور الجواب ان المتقرر عند العلماء ان الحكمة اذا كانت خفية او مختلفة مضطربة فان الشريعة تنيط الحكم بوصف ظاهر منضبط كل من دخل في هذا الوصف فيثبت في حقه الحكم حتى وان كانت الحكمة مختلفة بين افراده واضرب لك مثالين المثال الاول ما علة ما الحكمة من مشروعية قصر الصلاة في السفر ما الحكمة من مشروعية قصر الصلاة في السفر الجواب وجود المشقة طيب وهل المشقة وصف عام في كل من سافر ان من المسافرين من يكون سفره بالة مريحة وفي بعد عن زخم الناس وزحامهم في نعيم ورفاهية وكانه في بيته افمثل هذا يترخص او لا يترخص يترخص لم يترخص وقد انتفت الحكمة فيه فنقول لان الحكمة وهي وجود المشقة تختلف بين مسافر ومسافر فلان ولما كانت الحكمة خفية ومضطربة ومختلفة لم تجعل الشريعة القصر منوطا بها وانما ربطته بوصف ظاهر يعرفه كل احد وهو الدخول في مسمى السفر فمن دخل في مسمى السفر جاز له الترخص برخص السفر مطلقا سواء اشق عليه السفر او لم يشق عليه السفر فاذا الاحكام لا تناط بحكمها وانما الاحكام تناط بعللها لان الحكمة قد تضطرب وقد تتفاوت ولكن العلة وصف منضبط لا يختلف ولا يتفاوت المثال الثاني ها ايه ده اعيدها في المثال الثاني المثال الثاني لماذا لماذا اوجبت الشريعة المحرمة بالنسبة للمرأة ردا لذريعة الفتنة بها او منها ولحمايتها والدفاع عنها والقيام بشؤونها ورعايتها وليسد عنها تبذل السقطاء وطمع السفهاء اليس كذلك طيب وهل كل النساء يحتاجن ذلك فان من النساء من فيها من الدين ما يجعله يحفظها باذن الله عز وجل في سفرها وفي حلها افمثل هذه المرأة يسقط عنها وجوب المحرم اجيبوا الجواب لا لما نوجب عليها المحرم؟ مع ان الحكمة غير موجودة فيها هي تحمي نفسها وربما تسافر مع نساء مأمونات لا خوف عليها من اي اعتداء ومع ذلك نوجب عليها المحرم لم؟ لان الذي فات ليس هو العلة وانما هو الحكمة ولو اننا جلسنا نفرق بين النساء انت يجب عليك المحرم. انت لا يجب عليك المحرم. الثالثة يجب عليك المحرم لجعلنا الشريعة مختلفة مضطربة فلما كانت الحاجة الى المحرم مضطربة متفاوتة بين النساء لم تعلق الشريعة ها المحرم بالحكمة وانما علقته بوصف ظاهر منضبط وهو سفرها. فمتى ما ارادت المرأة مسمى السفر فيجب المحرم لان الشريعة تنيط الاحكام بعللها لا بالحكمة منها وضحت ان شاء الله اضرب مثالا ثالثا المثال الثالث ما الحكم لو نام الانسان نوما مستغرقا الجواب انتقض وضوءه لوجود لثبوت الادلة بذلك لكن لو سألنا سائل وقال وما الحكمة من انتقاض الوضوء حال النوم فاننا نقول ان النوم ليس ناقضا في ذاته ولكن لانه مظنة للحدث من حيث لا يشعر الانسان ولكن لو اننا سألنا النائم بعد استيقاظه هل انت احببت ام لا فسيقول لا ادري انتم معي فلما كان من النائمين من ينام ويحدث. ومن النائمين من ينام ولا يحدث. لم تعلق الشريعة انتقاض الوضوء باختلاف وجود الحدث من عدمه. في حق النائمين لانها لو قالت ذلك لا حصل اضطراب واختلاف عظيم جدا فربطت الشريعة انتقاض الوضوء بوصف منضبط يعرفه الجميع وهو النوم الذي يذهب الشعور فمتى ما نمت نوما افقدك شعورك فان وضوءك يعتبر منتقضا. حتى وان لم يكن قد خرج منك شيء في حقيقة الامر لكن لا شأن لنا بذلك خرج او لم يخرج وضحت اذا القاعدة في هذه المسألة تقول الحكمة اذا كانت خفية غير منضبطة فالحكم يعلق بالوصف الظاهر المنضبط والمقصود بالوصف الظاهر المنضبط اي العلة والمتقرر عند العلماء ان الاحكام الشرعية تعلق بعللها لا بالحكمة منها ثم نرجع ونقول سلمنا لك ان من النساء من فيها من الصبر ما فيها وفيها من قوة التحمل ما يمنعها من الصراخ في المقابر وغير ذلك وكذلك نقول في حقها لا يجوز لا ان تتبع الجنازة ولا ان تزور القبور لان التفريق بين النساء في هذا لان التفريق بين النساء في هذا الحكم يوجب اختلاف الاحكام وعدم الانضباط وكثرة الاضطراب فاذا الحكم في مثل هذه المسائل يعلق بالانوثة والذكورة. بغض النظر عن افراد الاناث وبغض النظر عن افراد الذكور. فالذكر يجوز له الزيارة مع اننا نجزم ان منهم من يزور ويصرخ والنساء يحرم عليهن الزيارة مع اننا نجزم ان من النساء من يزول ويثبت تعليقا للحكم بعلته لا بحكمته لا ادري اوصلت المعلومة فان قلت وكيف تقول بان زيارة القبور ممنوعة ونحن نجد من الاحاديث ما يدل على جوازها قلنا واين هذه الاحاديث قال خذ اولها وهو حديث بريدة ابن الحصين رضي الله تعالى عنه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها وهذا امر مطلق وعام فيدخل فيه الذكور والاناث الجواب سلمنا ان هذا لفظ عام مطلق ولكن قد ورد في السنة ما يخصصه ويقيده وهي تلك الاحاديث الواردة في شأن لعن من زارت لعن زوارات او زائرات القبور وقد ذكرتها لكم قبل قليل وهي احاديث صحيحة او حسنة لكنها لا تنزل عن رتبة الاحتجاج ومن المتقرر عند العلماء ان العامة يبنى على الخاص وان المطلق يبنى على المقيد فقوله فزوروها عام والاحاديث التي تلعن زائرات القبور وتنهاهن عن ازديارة خاصة. ولا تعارض بين عام وخاص ثم قالوا لنا وكيف تقولون في العلة التي علل بها النبي صلى الله عليه وسلم مشروعية زيارة الرجال للقبور بقوله صلى الله عليه وسلم كما عند الترمذي فانها تذكر الاخرة وفي حديث ابن مسعود عند ابن ماجة وتزهد في الدنيا والمرأة ايضا مفتقرة ومحتاجة الى رؤية المنظر او المشهد الذي يذكره الاخرة ويزهدها في الدنيا فالعلة توجب التعميم في قوله فزوروها بين الرجال والاناث الجواب سلمنا لكم ان المرأة محتاجة الى الوعظ والتذكير والزجر والتزهيد في هذه الدنيا ولكن المتقرض عند العلماء ان سلامة المقاصد لا تسوغوا الوقوع في المخالفات وقد ثبت النهي عن هذا الطريق المعين وهو اتباعها للجنازة وزيارتها للقبور فلا يجوز للمرأة ان تجعل ما نهى الشارع ما نهاها الشارع عنه طريقا لتذكر الاخرة والاتعاظ اعتبار وان طرق التذكر كثيرة ولله الحمد والمنة ولكن لا حق للانسان اذا كان مقصوده سليما ان يسلك لتحصيل هذا المقصود الوسيلة الممنوعة عليه شرعا ولا اشكال في هذا ولان زيارتها للقبور مصلحتها خاصة بها ولكن هذه المصلحة لا تأتي الا بوجود مفسدة عامة اعظم من مصلحتها التي تريد والمتقرر عند العلماء انه اذا تعارضت مصلحة ومفسدة وكانت المفسدة اربى من المصلحة ان درء المفاسد مقدم على جلب المصالح فالمفاسد العظيمة التي تتضمن خروجها وتشييعها اقصد خروجها الى المقابر وتشييعها اعظم بكثير من تلك كالمصلحة التي ترجوها هي من تذكر الاخرة او التزهيد في الدنيا او التزهيد في الدنيا ثم قالوا لنا وكيف تقولون في حديث تلك المرأة التي رآها النبي صلى الله عليه وسلم تبكي عند لصبي لها فقال يا امة الله اتق الله واصبري. فقالت اليك عني انك لم تصب بمصيبتي فلما عرفت انه رسول الله واخبروها بانه نبي الله صلى الله عليه وسلم كادت تموت من الفزع فجاءت فلم تجد عند بابه بوابين. فاعتذرت اليه اما قالت وفعلت فهذا دليل على انه يجوز للمرأة ان تزور القبور الجواب هذا ليس فيه دلالة على ذلك لان النبي صلى الله عليه وسلم لم يقرها على هذه الزيارة بل انكر عليها وامرها بالصبر. وامرها بتقوى الله. ومعنى تقوى الله فعل ما امر وترك ما نهى. ومن جملة ما نهى الشارع عنه المرأة ان تزور القبور. فلما قال لها اتقي الله واصبري هذا انكار عليها هذا الفعل بدليل انها جاءت واعتذرت عن فعلها وعن عدم سمعها وطاعتها فاي دليل يدل فاي قرينة في هذا الحديث تدل على جواز زيارة النساء للقبور فزيارتها لقبر ولدها ابتداء لم يكن بامر النبي صلى الله عليه وسلم وانما هي من جزعها وقلة صبرها ذهبت الى قبره وجعلت تبكي عنده فحصل ما ما من اجله حرم الشارع هذه الزيارة وهو الجزع والبكاء وقلة الصبر فلما مر بها النبي صلى الله عليه وسلم ما اقرها ولا تجاوزها بدون انكار. بل انكر فلو كانت زيارة القبر للمرأة جائزة لاقرها صلى الله عليه وسلم على ذلك فان قلت ولماذا لم يسحبها من عبائتها ويأخذها من شعرها ويرمي بها خارجا. فنقول ليس هذا من حاله صلى الله عليه وسلم. ولا من طريقة دعوته وانكاره لانه كان يترفق بامته لا سيما والمرأة تمر بظرف صعب جدا والله كتب الاحسان على كل شيء ويكفي انها فهمت وعرفت خطأها الذي وقعت فيه. وعدم استجابتها لامر النبي صلى الله عليه وسلم ثم واعتذرت وتبين لها ان ما فعلت ليس بصواب ولا بصحيح ففي الحقيقة هذا يدل على ماذا؟ يدل على ما نقوله نحن من تحريم زيارة المرأة للمقابر فليس فيه ادنى دلالة على جواز زيارة المرأة للقبور ثم قالوا لنا وكيف تفعلون بحديث عائشة رضي الله تعالى عنها انها سألت النبي صلى الله عليه وسلم ماذا اقول اذا مررت بهم مررت على القبور او المقابر فعلمها النبي صلى الله عليه وسلم ما تقوله السلام عليكم اهل الديار من المؤمنين والمسلمين الى اخر الحديث فلو ان المرأة ممنوعة اصلا من زيارة القبور فما الداعي الى ان يعلمها هذا الامر ولكان جوابه لها ولماذا تسألين يا عائشة عن هذا وانت لست من اهل الزيارة لكن لما علمها ما تقوله اذا مرت على شيء من القبور دل ذلك على جواز زيارة المرأة للمقابر وهذا استدلال غريب مع انه قال به ائمة كبار لكن الصحيح ان هذا الحديث لا يدل على شيء من ذلك لان الفاظ الحديث عند من خرجه ليس فيها ماذا اقول اذا زرت القبر ليس فيه لفظ الزيارة عند من خرجه من الائمة وانما فيه اذا مررت ونحن لا نمنع المرأة اذا مرت على المقبرة في طريقها من غير قصد لهذا المرور او مرت في طريقها في البرية على بعض القبور من غير قصد ولا خروج من بيتها بقصد زيارة القبر ان تقول هذا الدعاء فتدعو لاخوانها ولنفسها. هذا لا حرج فيه الادلة على تحريمه فتعليم النبي صلى الله عليه وسلم لها انما هو تعليم لها في حالة يجوز لها ان تقول هذا الذكر فيه انت معي دل؟ فتعليم النبي صلى الله عليه وسلم لها ما تقول؟ انما هو تعليم لها في حالة يجوز لها ان تقول هذا الذكر فيه وهي حالة مرورها على المقابر او شيء من القبور من غير من غير قصد من غير قصد ولذلك لما مرت على قبر اخيها عبدالرحمن وهي راجعة من مكة من الحج وقفت على قبر اخيها عبدالرحمن وقالت لو شهدت لما زرتك فقولها لما زرتك كان المتقرر في ذهنها رضي الله عنها ان المرأة منهية عن زيارة المقابر والا لما كان لقولها هذا داع وسيأتينا بعد قليل هذا الحديث والجواب عنه ان شاء الله فاذا نحن لا نتكلم عما اذا مرت وانما نتكلم عما اذا قصدت زيارة المقابر. فهذا الحديث ليس فيه ليس في محل النزاع اصلا ولان عائشة رضي الله تعالى عنها من فقيهات الصحابة فلربما علمها النبي صلى الله عليه وسلم ذلك لا لتقوله هي بنفسها. وانما لتنقله لمن؟ للامة وانما لتنقله للامة. وكم من الاحاديث التي نقلتها للامة ليست من خصائص النساء وانما من خصائص الرجال. ومع ذلك ترويها من؟ ترويها عائشة رضي الله تعالى عنها وارضاها كالطالب الذي يسأل شيخه عن امر لا يخصه هو ارأيت يا شيخ ان حصل لي كذا وكذا فكيف اقول وهو يعلم انه ما حصل له ولن يحصل له. وانما اراد ان يتعرف على ما يفعله المسلم في هذه الحالة لينقله لها للمحتاجين ممن امروا او شرع لهم ان يقولوا ذلك هذا امر متصور ولا اقل من ان هذه احتمالات ترد على الحديث والمتقرر عند العلماء انه اذا تطرق الاحتمال القوي الى الى الدليل سقط به الاستدلال سقط به الاستدلال ثم قالوا لنا وكيف تفعلون بزيارتها رضي الله تعالى عنها لقبر اخيها عبدالرحمن الجواب نقول ان عائشة رضي الله تعالى عنها لم تخرج من بيتها في المدينة الى قبر اخيها عبد الرحمن فزارته وانما مرت عليهم مرورا عارضا غير مقصود مرورا عارظا غير مقصود في مجيئها من مكة. فانها انما فعلت ذلك لما كانت قادمة من الحج فمرت به في الطريق وهذا ليس كمن تخرج من بيتها قاصدة قاصدة الزيارة ومن سوى بينهما فقد سوى بين مختلفين والمتقرر في الشريعة انها لا تسوي بين مختلفين كما انها لا تفرقوا بين متماثلين ولانها انما فعلت ذلك لانها لم تشهده فانها لما وقفت على قبر اخيها قالت لو شهدتك لما زرتك فقولها لما زرتك دليل على ان المتقرر في ذهنها ان المرأة ليس من شأنها ان تزور القبور والا لما كان لقولها هذا معنى والا لما كان لقولها هذا اي معنى ولا يعرف بالسند الصحيح عن نساء الصحابة. ولا امهات المؤمنين انهن يزرن القبور هذا لا يعرف عن عن احد منهن. رضي الله عنهن وارضاهن وهن خير قدوة لنساء الامة من بعدهن ثم قالوا لنا انتم معي في هذا الكلام ولا لا ثم قالوا لنا وكيف تفعلون بما رواه الامام الحاكم رحمه الله تعالى في مستدركه ان فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنها يعني من بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت تزور قبر عمها حمزة كل جمعة كيف تجيبون عن هذا فنقول ان المتقرر عند العلماء ان الاحكام الشرعية تفتقر في ثبوتها للادلة الصحيحة الصريحة وهذا الحديث حديث ضعيف منكر كما قاله الامام الذهبي في تلخيصه على المستدرك وعلته رجل يقال له سليمان ابن داود وقال البيهقي رحمه الله بعد روايته منقطع واضح فاذا ليس هناك حجة بما نعلم لمن قال بجواز زيارة النساء للمقابر هناك لفظة في حديث اللعن وهي قوله زوارات. فنقول حتى وان صحت هذه اللفظة فانها الاحاديث الاخرى كحديث ابن عباس وروايات في حديث ابي هريرة صحت ايضا وهي زائرات. فالمرأة ممنوعة من الزيارة مطلقا. اكانت زيارة واحدة او متكررة ولكن كلما تكررت زيارتها كلما عظم اثمها وجرمها والذي يكرر فعل المحرم عدة مرات لا جرم ان عقوبته ستكون مضاعفة. فلا يستدل على هذه الرواية بان الممنوع انما هو الاكثار. من الزيارة لان الاكثار لا ضابط له. والشريعة من مقاصدها استقرار احكامها لانك مهما قلت للمرأة لقد اكثرت فتقول انني لم اكثر. وربما يخالفك فقيه اخر ويقول دعها يا اخي انها لم تكثر. فحينئذ يقع الفأس في الرأس وتختلط الامور ولا تنظبط ومن مقاصد الشرع استقرار الاحكام. فاذا تحرم الزيارة على النساء مطلقا. هذا هو الذي ندين الله عز وجل به في هذه المسألة ونكمل بعد الاذان ان شاء الله تعالى عن ابي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال اسرعوا بالجنازة فان تك صالحة فخير تقدمونها اليه. وان سوى ذلك فشر فشر تضعونه عن رقابكم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله الكلام على هذا الحديث في جمل من المسائل المسألة الاولى فيه دليل على مشروعية الاسراع بالجنازة وقد اتفقت كلمة اهل العلم رحمهم الله تعالى على هذه المشروعية وانها تشريع استحباب لا ايجاب الا فيما يروى عن الامام ابن حزم رحمه الله تعالى فانه قال بوجوبها ولكن الحق هو ما عليه عامة اهل العلم رحمهم الله فهو محجوج بالاجماع قبله وقد حكى اجماع العلماء على ذلك الامام النبوي رحمه الله تعالى والامام ابن قدامة رحم الله الجميع رحمة واسعة الفائدة الثانية نحن وان امرنا بالاسراع الا انه لا بد ان يكون اسراعا مأمون الغائلة والعاقبة فنحن مأمورون بالاسراع بها الا ان يخاف من الاسراع انفجار الميت او تغيره او سقوطه او تعثر من احمله فلا جرم ان المشروع هو الاسراع ولكن بحيث لا ينتهي الاسراع الى شدة يخاف معها حدوث مفسدة على الميت واضح هذا يقول الامام ابن دقيق العيد وقد جعل الله لكل شيء قدرا فلا نبطئ به كثيرا ولا نسرع به كثيرا وانما يكون كسير الرمل. كسير الرمل الذي نفعله في ماذا؟ في الحج في الطواف المسألة الثالثة ان قلت وما الحكمة من هذا الاسراع فاقول الحكمة منه قد بينها النبي صلى الله عليه وسلم وهي وهي الاسراع بتقديم الصالح الى مكان نعيمه والاسراع بالتخلص من من ماذا يجمعان من من صاحب الشر من مصاحبة الشر ووضع الشر عن الرقاب فهذا نسرع به من باب التخلص والاخر نسرع به من باب من باب الاحسان اليه حتى يصل الى محل نعيم به سريعا نسأل الله ان يجعلني واياكم من اهل الصلاح باطلا وظاهرا المسألة الرابعة ان قلت وهل يقصد بالاسراع هنا؟ الاسراع في كل ما يتعلق بالجنازة؟ ام الاسراع بها في حال فقط يعني في حال تشييعها الى المقبرة اقول في ذلك خلاف والظاهر ان شاء الله العموم في كل ما يتعلق بامر الجنازة لما اخرجه الطبراني باسناد حسن عن ابن عمر رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا مات فلا تحبسوه واسرعوا به الى قبره. قال واسرعوا واطلق الاسراع هنا والاصل بقاء المطلق على اطلاقه ولا يجوز تقييده الا بدليل ولحديث لا ينبغي لجيفة مسلم لا ينبغي لجيفة مسلم اي ان تبقى بين ظهراني اهله فالاسراع هنا يشمل كل ما يتعلق بالمنبر من الاسراع في انهاء اوراقه من المستشفى والاسراع في اخذه من ثلاجة الموتى الله المستعان والاسراع بتغسيله وتكفينه والصلاة عليه. ومن جملة ما يدخل في الاسراع الاسراع بتشييعه الى المقبرة فإذا الإسراع بتشييعه الى المقبرة انما هو فرض مما يطلب الاسراع فيه فقول النبي صلى الله عليه وسلم فان تك صالحة فخير وان تك شر وان تك وغير ذلك فشر انما هو يبين لنا واحدة من من عفوا يبين لنا فردا من افراد الاسراع المطلوب بالجنازة فكل امر الميت يطلب فيه الاسراع. لانه ان كان صالحا فسيعظم شوقه لما امامه من النعيم والخير فاحسانا اليه نعجله الى هذا النعيم. وان كان شرا فهو من باب التخلص من هذا الشر هذا هو الراجح ان شاء الله واما قوله صلى الله عليه وسلم فشر تضعونه عن رقابكم فان هذا فيه بيان لفرد من افراد الاسراع المطلوب وهذا لا يتنافى مع مشروعية الاسراع ها بما قبل ذلك من شؤون الجنازة الفائدة المسألة التي بعدها قال ابن تيمية رحمه الله كان الميت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم يخرج به الرجال يحملونه الى المقبرة. لا يسرعون ولا يبطئون بل عليهم السكينة ولا يرفعون اصواتهم لا بقراءة ولا بغيرها هذه هي السنة باتفاق المسلمين وبناء على ذلك فلا يجوز ان يتبع الميت لا بالبنادق ولا بالاصوات المرتفعة ولا بكثرة التكبير والتهليل والتحميد ولا بالقصائد ولا بالاهازيب والاناشيد ولا بالتصفيق او الصفيف ولا بالطبول او النار كما يفعله بعض جهلة المسلمين بل في الحديث لا تتبع الجنازة بصوت ولا نار وقال عبد وقال عمرو بن العاص رضي الله عنه في وهو في سياقة الموت قال فاذا انا مت فلا تصحبني نائحة ولا نار ولان الموضع موضع سكينة وتفكر وتأمل وليس موضع ضجيج وليس موضع ضجيج ولا اظهار قوة فلينتبه لذلك بل ينتبه لذلك. قال الامام النووي رحمه الله تعالى واعلم ان الصواب المختار ما كان عليه السلف من حال السير من السكون. حال السير مع الجنازة. فلا يرفع صوت لا بقراءة ولا ذكر ولا غير ذلك والحكمة فيه ظاهرة انه اسكن لخاطره واجمع لفكره واضحة ومن الفوائد ايضا اعلم ان الاسراع لا يؤخذ على عمومه. بل ان اقتضت المصلحة الخالصة او الراجحة واعني بها المصلحة الشرعية ان يبطأ به قليلا فحين اذ لا بأس. كالذي يموت فجأة بسكتة قلبية فقد كانوا في السابق لا يجزمون بموته اذ ليس عندهم من المكتشفات ما تجعلهم يقطعون بانه مات. فكم من انسان توقف قلبه ثم بقدر الله عز وجل عاد ينبض فاذا شككنا في موته فحين اذ لا نسرع به بل نبطئ الامر حتى نتأكد يقينا من انه انه مات وهذا يقودنا الى مسألة اخرى ما القول في ما يسمى بموت الدماغ هل نستعجل على من مات دماغيا ونرفع اجهزة الانعاش عنه؟ الجواب لا. لان الموت له حقيقة اصطلاحية وحقيقة شرعية فقول الاطباء موت الدماغ انما سموه موتا باعتبار اصطلاحهم هم ولكن الموت الذي تترتب عليه الاحكام الشرعية انما هو الموت ها الشرعي وهو خروج الروح من فمتى ما تأكدنا من خروج روحه من جسده حينئذ تثبت سائر الاحكام على الموت من تغسيل وتكفير واسراع به. واما ما دام محكوما عليه بانه ميت دماغيا لكن روحه لا تزال بين جنبتيه فلا يجوز ان يتعرض له بشيء ابدا مسألة هل يجوز ان نتأخر بالميت قليلا حتى ننتظر اقاربه الجواب ان كان الزمن يسيرا عرفا فلا حرج. من باب تكفير من يصلي عليه ومن باب مراعاة مصلحة صلاة اقاربه عليه. لان من صلى على قريبه صارت صلاته عليه اسكن لقلبه وابرد لجزع لجزعه كما هو معروف واما اذا كان انتظارهم يفضي الى انقطاع الى قطع الى وقت طويل جدا فحين اذ لا تقدم راحتهم على مصلحة الميت. بل يسرع به ولا يعتبر حضورهم من عدمه اذا كان انتظارهم يوجب بقاء الميت وقتا طويلا مسألة ان قلت لقد عرفنا ان الاسراع بالجنازة مشروع ولكن لماذا تأخر الصحابة بدفن النبي صلى الله عليه وسلم الى يوم الاربعاء فانه توفي في يوم الاثنين. ولم يدفن الا في يوم الاربعاء. فلماذا تأخر الصحابة وهم يعلمون هنا ان الاسراع بالجنازة هو المشروع الجواب ذلك لضرورة اقامة الخليفة من بعده حتى لا تبقى الامة زمنا لا خليفة لا خليفة لها اخروه دفنه من اجل اقامة الخليفة من بعده. فهذا يكون سنة ان الخليفة على البلد اذا مات فانه لا يدفن الا اذا اقيم خليفة اخر فاذا حصل شيء من الخلاف فلا بأس بتأخير دفن الخليفة الاول حتى نقيم مكانه خليفة اخر ولا بأس بذلك ان شاء الله ومن المسائل ايضا هذا فيه دليل على ان الاخرة للعبد الصالح خير من هذه الدنيا بما فيها فلذلك امرنا بالاسراع بالجنازة من باب تقديمه الى ما هو اعظم نعيما من الذي خرج منه. واعظم سعادة مما كان فيه في هذه الدنيا. فعلى العبد ان يحرص على سعادة الاخرة ونعيم الاخرة ولا يشغلنه نعيم الدنيا وشهواتها عن هذا المقصود الاعظم حتى يكون من اصحاب الفرح الاعظم اذا مات ومن مسائلها كذلك لقد قال قوم بان الاسراع المقصود ليس هو الاسراع في المشي بالجنازة وانما هو الاسراع في حفر القبر ودفنها واما قبل ذلك فلو ابطأوا فلا حرج وهذا تأويل ممجوج بعيد عن الحق. بل الحق ان الاسراع هنا يشمل المشي بها الى المقبرة ويشمل جميع ما يتعلق بها. ولذلك رد هذا التأويل الامام ابن عبدالبر كما في التمهيد ابدأ ومن فوائد هذا الحديث ان فيه التحذير من مجالسة اصحاب السوء ومصاحبتهم. فاذا كنا نستعجل بجنازة الشر حتى هذا الشر عن رقابنا ونرتاح فكيف بمن يجلس مع اهل الشر وقرناء الشر؟ الاوقات الطويلة؟ ويأنس بهم ويصاحبهم فلا جرم انه لابد ان يأخذ العبرة والعظة من هذا الحديث. وان يحذر الحذر الشديد من مصاحبة اهل الشرط لان ذلك يعود عليه بالضرر ومن فوائد هذا الحديث ايضا. ورد في احاديث اخرى ان الجنازة تتكلم بكلام يعلمه الله عز وجل ولا يسمعه الاذان انها اذا كانت صالحة قالت قدموني قدموني. ولكن لا يسمعها المشيعون واذا كانت طالحة قالت يا ويلها الى اين تذهبون؟ بها ومن فوائد هذا الحديث ايضا يجوز تأخير الجنازة والصلاة عليها وتغسيلها اذا كان هناك سبب امني. او صحي بمعنى ان يقتل الانسان ولا يعرف من قتله فلا بد ان يخضع على ما جرت عادة كشف الجرائم الى التشريح وربما يبقى هذا لمعرفة ملابسات القضية زمنا فان هذا التأخير له مصلحة شرعية ولا حرج في ذلك. بل لو ان انسانا مات بسبب مرض غامض لا يعرف الاطباء هذا المرض وخافوا من انتشار هذا المرض فيكون وباء عاما وابطأوا بجثة هذا الميت ليشرحوه ليعرفوا حقيقة هذا المرض المرض وطريقة علاجه فان هذا التأخير فيه مصلحة شرعية. اذا نأخذ قاعدة كل تأخير في امر الجنازة له مصلحة خالصة او راجحة فانه لا بأس به مسألة هل يجوز نقل الميت من بلد ليدفن في بلد اخر هل يجوز ان ينقل الميت من بلد ليدفن في بلد اخر كأن يموت انسان في المملكة ينقل الى مكة مثلا او ينقل الى بلاده. الجواب اذا كان هذا النقل له مصلحة معتبرة شرعا فلا بأس. والا فالاصل ان الانسان يدفن في البلد التي مات فيها اذا كان في نقله مصلحة معتبرة كأن يموت انسان من المسلمين في دار الكفر فيريد الا يدفن في مقابر الكفار. وانما يدفن في مقابر المسلمين فهذه مصلحة معتبرة شرعا. لكن ان يدفن بين اقاربه في بلده هذه ليست مصلحة معتبرة. اذ انه سيذهب الى اقاربه تعرفوا عليهم حتى ولو كان في اطراف الارض لان امر الارواح يختلف عن امر الاجساد فان كان هناك مصلحة فلا بأس وان لم يكن هناك مصلحة فلا يقال. مسألة اخيرة حتى نختم هذا الدرس. ما الحكم لو اوصى الانسان ان يدفن في البلاد الفلانية كمن يوصي بان يدفن في البقيع. بجوار اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. او يوصي ان يدفن في الارض المقدسة. او يوصي ان يدفن في مكة. فهل تنفذ وصيته؟ الجواب اب لا تنفذ وصيته الا اذا كان في نقله مصلحة معتبرة شرعا وليس في الدفن في الاراضي المقدسة اي مصلحة. فان الارض فان ارض الله باعتبار الاموات واحدة. فانك اذا مت في وقبرت بالدلم كما اذا مت في مكة ودفنت في مكة. فان كان ثمة شيء من العذاب قد استحققته فلن يدفعه عنك دفنت في ارض مقدسة بل سيصلك من العذاب ما كتب عليه. وان لم تكن من اهل العذاب فلا يضرك ان تدفن في هذا وهذا. حتى لو دفنت بجوار اصحاب رسول الله وكنت من اهل الوعيد والعذاب فان مجاورة الصالحين في القبور لا تمنع نزول العذاب عليك من الله. فاذا دفن هنا او دفن هنا لا يغير من الحكم شيئا لكن المعتبر في النقل انما هو المصلحة ليس مجرد الوصية. فاذا كان هناك مصلحة فلا والا فالاصل ان كل ميت يدفن في بلده الذي مات فيه. ونكمل بقية فروع هذه المسألة الدرس القادم والله اعلم. وصلى الله وسلم على تابع بقية هذه المادة. من خلال المادة التالية