وقد سبق لي منذ بضع سنين انشرحت هذه الرسالة مجالس كثيرة واشتمل ذلك الشرح على اطناب في بعض الابواب وعلى اختصار في بعضها ونرجو ان شاء الله تعالى ان يكون المكتبة الصوتية لمعالي الشيخ صالح بن عبدالعزيز بن محمد بن ابراهيم بن عبداللطيف ال الشيخ طروحات كتب الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله. شرح كتاب فتح المجيد. الدرس الاول. بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات نحمده سبحانه حمدا كثيرا طيبا ونثني عليه الخير كله ونشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له ونشهد ان محمدا عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما مزيدا اما بعد فاسأل الله جل وعلا ان يجعلني واياكم من اهل العلم ومحصليه الذين صحت نياتهم فيه وصح فيه قصدهم واخذوا فيه بالطريق التي سلكها ائمة اهل العلم وهذا الطريق هو الذي يصل من سلكه الى مبتغاه ويحقق العلم فيه من اقتفى سنننا اهل العلم في طلبهم وسمتهم وهديهم وسلوكهم ثم اننا في فاتحة هذه الدورة العلمية او هذه الدروس العلمية السابعة في هذا المسجد الذي حمل اسم شيخ الاسلام ومجدد الملة في زمانه تقي الدين احمد ابن عبد الحليم ابن عبد السلام ابن تيمية الحراني المتوفى سنة ثمان وعشرين وسبعمائة ان هذه الدروس الامة في كل زمان ومكان. ومن كلام شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى انه قال ولعلماء الحديث وحملته في كل زمان من العلم بالدين ومن القوة عند حلول الشبهات يعني معنى كلامه لها من الفوائد التي حصلها من التزم بها فيما مضى ولم ومن سيحصلها ان شاء الله تعالى من التزم بها فيما بقي ما يعين على اخذ العلم وسماعه والعناية به ودرسه في ايام قليلة وليال يسيرة اذا نظر اليها الناظر ولكن بالنظر الى كثرة ما يلقى فيها من العلم وتشرح فيها من الكتب والمتون فان فيها خيرا كثيرا نرجو من الله جل وعلا ان يكتب اجر من القى من جميع المشايخ ومن ومن اسهم في ذلك واعان على نشر هذه الدروس العلمية ونظم لها انه سبحانه جواد كريم ثم اننا بين يدي شرح كتاب فضل الاسلام نقدم بمقدمة مهمة يحتاج اليها كل طالب للعلم الا وهي اهمية العلم في دين الانسان فالاسلام عظيم ان يكون المرء التزم به وعظيم ان يكون المرء قد اجهد نفسه وجاهد نفسه في ان يكون على حقيقة الاسلام ولكن لن يكون ذاك الا بالعلم فالعلم النافع به يصلح القلب وبه يصلح العمل ولهذا قال الله جل وعلا قل هذه سبيلي ادعو الى الله على بصيرة انا ومن اتبعني ومعنى على بصيرة يعني على علم لان البصيرة للقلب هي العلم الذي به يبصر حقائق المعلومات. ويدرك الصواب فيها وقال الله جل وعلا اومن كان ميتا فاحييناه؟ وجعلنا له نورا يمشي به في الناس وقد قال اهل العلم ان هذا النور هو الاسلام الذي هو العلم النافع والعمل الصالح ولهذا لم يأمر الله جل وعلا نبيه صلى الله عليه وسلم وامته من بعده ان يزدادوا من شيء شيئا الا ان يزدادوا من العلم فقال جل وعلا في سورة طه وقل رب زدني علما رفع الله اهل العلم على سائر المؤمنين لما حصلوه من العلم فقال جل وعلا يرفع الله الذين امنوا منكم والذين اوتوا العلم درجات فكل مؤمن يرفعه الله جل وعلا بايمانه وكل صاحب علم صحيح من اهل الايمان فانه مرفوع على غيره درجات وهذا من فضل الله جل وعلا على اهل العلم وطالب العلم اذا سلك الطريق فان الله يسهل له به طريقا الى الجنة كما قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح ومن سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا الى الجنة وذلك ان طريق الجنة يكون بصحة الاعتقاد ويكون بصحة العمل وصحة الاعتقاد لا تكون الا بعلم وصحة العمل لا تكون الا بعلم فمن سلك طريقا يلتمس فيه علما من علم التوحيد او علم الفقه والحلال والحرام سهل الله له به طريقا الى الجنة لان الجنة من اسباب دخولها صحة العمل وصحة الاعتقاد ومن فضل العلم ان العالم يستغفر له كل شيء العالم يستغفر له كل شيء حتى الحيتان في جوف المال لانه سبح وهلل ومجد الله وعظم واثنى عليه وسار في اتباعه لمحمد عليه الصلاة والسلام عن يقين وعلم ومعرفة وهذا يكون به الكمال كمال المخلوقات فيكون اولى المخلوقات الفضل والرفعة والقربى من الله جل وعلا. لهذا تعرف الاشياء فضل طالب العلم وفضل العالم سيستغفر له له كل شيء حتى الحيتان في جوف الماء ثم لان كل هذه الاشياء التي جعلها الله جل وعلا غير مكلفة تعرف فضل العالم الذي يعلم الناس الخير والذي يبث في الناس محبة الله جل وعلا. والعلم به واسمائه وصفاته. وما يستحقه جل وعلا من التوحيد وما يستحقه جل وعلا من التعظيم. وما يستحقه نبيه صلى الله عليه وسلم من المحبة والمتابعة والعلم بسنته والاقتداء به. فحينئذ يكون ممن ينشر العالم محبة الله جل جلاله والعلم به. وهذا شيء يبطل به العالم ما سواه من الكائنات لهذا يستغفر له كل شيء رضا بما يصنع حتى الملائكة تضع اجنحتها لطالب العلم رضا بما يصنع لعظيم عمله لهذا اذا علمت بعض هذه الاشياء فانك تقبل اقبالا شديدا على العلم في حفظه وتدارسه وحضوره بحلق العلم ومعرفة ذلك. لان هذا لا يرغب فيه الا مؤمن صحيح الايمان ولا يرغب عنه الا مفرط وكل من جاهد نفسه في العلم فانما يجاهد نفسه في صلاح قلبه وصلاح عمله والعالم او طالب العلم اذا اذنب فان استغفاره ليس كاستغفار سواه لانه اذا استغفر فيكون استغفاره عن علم وبينة. وعن معرفة بالله جل وعلا وما يستحق. ومعرفة بقصور وبما ارتكبه وما قصر فيه. لهذا كان سيد علمائه هذه الامة بعد نبيها صلى الله عليه وسلم. وابو بكر الصديق رضي الله عنه. فعلمه نبينا صلى الله عليه وسلم ان يدعو في صلاته بقوله اللهم اني ظلمت نفسي ظلما كثيرا ولا يغفر الذنوب الا انت فاغفر لي انك انت الغفور الرحيم فجعل هذا الدعاء لابي بكر الصديق وهو الاكمل علما وعملا وسلوكا وسابقة ومحبة للنبي صلى الله عليه عليه وسلم وخلة فجعل له هذا الدعاء الذي فيه اعظم الاستغفار والانابة من جهة عظم الاعتراف بالذنب ربي اني ظلمت نفسي ظلما كثيرا. ولا يغفر الذنوب الا انت. وكل طالب علم وعالم بقدر معرفته لله وعلمه بالله جل جلاله وعلمه بتفاصيل الشريعة وعلمه بتفاصيل حق الله في الاعتقاد فانه يعظم عنده الذنب بل تكون عنده بعظ الاعمال مما يوجب الاستغفار ولو كانت عند غيره ليست ما يوجب الاستغفار ولهذا يعظم تعظم درجة طالب العلم والعالم بقدر ما اكتسبه من علم التوحيد وعلم العمل في عظم استغفاره وانابته لله جل جلاله وفي هذا الزمن ربما ترون ان كثيرين اساؤوا ظنا بالعلم من جهات بل من جهات اساءوا ظنا بالعلم في ظن بعضهم ان العلم لا فائدة مرجوة منه بقدر ما يبذل فيه البال ومنهم من اساء ظنا بالعلم في انه اذا تعلم فانما سيكون في نهايته مثل غيره لن يكون له من الاثر الشيء الكبير الذي يوازي تعبه في العلم ومنهم من اساء الظن بالعلم لان الاهم هو الدعوة ان الناس والارشاد والبذل ونحو ذلك والعلم ليس الاثر كاثر النشاط والدعوة نحو ذلك. ومنهم من اساء ظنا بالعلم بان العلم لن يكون لاصحابه شأن وان الشأن انما هو لغيرهم اما من اهل الدنيا واما من اهل الاتجاهات المختلفة في هذه الحياة وهذا كله هذه الاشياء جميعا من سوء الظن بالشريعة. لان العلم هو الشريعة. والواجب على طالب العلم ان يحسن ظنه بالله جل وعلا. وان يحسن ظنه بحمله للعلم. وان يحسن ظنه بالعلم والعمل جميعا وان يقبل على ذلك ولقد احسن ابن القيم رحمه الله تعالى اذ يقول والجهل داء قاتل وشفاؤه امران في التركيب متفقان. نص من القرآن او من سنة وطبيب ذاك العالم الرباني والعلم اقسام ثلاث ما لها من رابع والحق ذو تبيان علم باوساط الاله وفعله. وكذلك الاسماء للديان. والامر والنهي الذي هو دينه. وجزاؤه ويوم المعادي الثاني والكل في القرآن والسنن التي جاءت عن المبعوث بالقرآن. والله ما قال امرؤ متحذلق بسواهما الا من الهذيان وقد قال احد العلماء ايضا في منظومة الله بل في شعر اللهو لا تسيء بالعلم ظنا يا فتى ان سوء الظن بالعلم عطر وهذا حق فاننا جربنا ورأينا بان كل من اساء ظنا بالعلم وتخلف عن سبيل حملة العلم ودرس ثم انتهى درس ثم ترك ولم يستمر في العلم الا كان امره الى غير كمال فالعلم به كمال الروح به كمال الاعتقاد به كمال العمل به كمال انشراح الصدر به كمال رؤية الاشياء به كمال الامن في الا يتصرف شيئا الا على وفق الشريعة ذكر اهل العلم ان من اسباب الضلال الضالين من هذه الامة انهم ضلوا لانهم لم يكونوا على علم صحيح فالعلم الصحيح سبب من اسباب وقاية الفتن ووقاية اسباب الضلال والافتراق الى غير ذلك من اثار ترك العلم لهذا اوصيكم ونفسي بالمحافظة على العلم وعلى حمله وحفظه وتدارسه وان يتعاهد المرء مع درس وان يقبل على ما لم يعلمه باخذه عن مشايخه الذين يوثق بهم في فهمهم للعلم وفي ادائهم له. لان هذا به ان شاء الله تعالى صلاح النفس وصلاح العمل اسأل الله جل وعلا ان يزيدنا واياكم من الهدى والعلم وان يجعلنا من عباده الصادقين المخلصين وان يغفر لنا ذنوبنا انه سبحانه جواد كريم تقرأ بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين قال المصنف رحمه الله تعالى كتاب فضل الاسلام قال رحمه الله تعالى باب فضل الاسلام وقول الله تعالى اليوم اكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا وقوله تعالى قل يا ايها الناس ان كنتم في شك من ديني فلا اعبد الذين تعبدون من دون الله ولكن اعبد الله الذي يتوفاكم. الاية وقوله تعالى يا ايها الذين امنوا اتقوا يا ايها الذين امنوا اتقوا الله وامنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته ويجعل لكم نورا تمشون به لكم والله غفور رحيم. وفي الصحيح عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كما قال مثلكم ومثل اهل الكتابين كمثل رجل استأجر اجراء فقال من من يعمل لي من غزوة الى نصف النهار على قيراط فعملت اليهود ثم قال من يعمل لي من نصف النهار الى صلاة العصر على قيراط فعملت النصارى ثم قال من يعمل لي من صلاة العصر الى ان تغيب الشمس على قيراطين فانتم هم فغضبت اليهود والنصارى وقالوا ما لنا اكثر عملا واقل اجرا؟ قال هل نقصتكم من حقكم شيئا؟ قالوا قال ذلك فضلي اوتيه من اشاء. وفيه ايضا عن ابي هريرة رضي الله تعالى عنه انه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اضل الله عن جمعة من كان قبلنا فكان لليهود يوم السبت للنصارى يوم الاحد فجاء الله بنا فهدانا ليوم الجمعة وكذلك هم تبع لنا يوم القيامة الاخرون من اهل الدنيا والاولون يوم القيامة. وفيه تعليقا عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال احبوا الدين الى الله الحنيفية السمحة. وعن ابي ابن كعب رضي الله تعالى عنه انه قال عليكم والسنة فانه ليس من عبد على سبيل وسنة ذكر الرحمن ففاضت عيناه من خشية الله فتمسه النار وليس من عبد على سبيل وسنة ذكر الرحمن فاخشع رجيده من خشية الله الا كان الا مثله كمثل الشجرة يبس ورقها فبينما هي كذلك اذ اصابتها الريح فتحات عنها ورقها الا تحاثت عنه ذنوبه كما تحاثت عن هذه الشجرة ورقها. وان اقتصادا في سبيل وسنة خير من اجتهاد في خلاف في خلاف سبيل وسنة. وعن ابي الدرداء رضي الله تعالى عنه انه قال يا حبذا الاكياس وافطارهم كيف يغبنون كيف يغبنون سهر الحمقى كيف كيف يغبنون؟ صار الحمقى وصومهم ولم يثقال ذرة من من بر مع تقوى ويقين اعظم وافضل وارجح من امثال الجبال عبادة من المغترين الحمد لله وبعد هذه الرسالة رسالة فضل الاسلام الامام المجدد شيخ الاسلام ابي عبدالله وابي علي محمد بن عبد الوهاب مجدد القرن الثاني عشر والباعث للمسلمين فقههم في دينهم وتوحيدهم هذه الرسالة من الرسائل المهمة التي كتبها الامام المجدد عليه رحمة الله وسماها فضل الاسلام لانه اول باب في هذه الرسالة ووجه اهمية هذه الرسالة ان هذه الرسالة تعتبر رسالة في المنهج الذي يتميز به حملة التوحيد واتباع السلف الصالح بعامة كما انها تبين كثيرا من المباحث والمسائل المتصلة بالواقع العملي للدعوة ومخالطة المسلم المتبع لطريقة السلف الناس من جميع الاتجاهات ومن جميع الافهام والاهواء ففيها بيان تفسير الاسلام وفيها بيان فضل الاسلام وفيها بيان البدع وان البدع اشد من الكبائر وفيها بيان معالي الانتماء الحق وابطال انواع الانتماء المحدثة وفيها تفصيل المنهج من حيث الاولويات الاهتمام بالسنة ورد البدع وفيها ما يتصل في بحث الالقاب والشعارات التي قد يتسمى بها او قد يرفعها بعضهم وبيان حكم ذلك وفيها بيان ان الاسلام واجب ان يدخل فيه قل له وعل يفرق بين امر وامر فيه من حيث وجوب الدخول فيه والايمان بذلك فهي رسالة تعد رسالة منهج يميز المتبعين للسلف الصالح اهل التوحيد وحملت العقيدة وغزا الفها الامام المجدد رحمه الله لسد هذه الثغرة العملية التي ادركها من واقع معاشراته بل من واقع قيادته للمؤمنين بالدعوة وفي العلم حيث ظهر له ضرورة تبيين هذه المسائل لكن على طريقته رحمه الله بانه انما يذكر الباب ويذكر تحته الايات والاحاديث التي تدل على ذلك وبعض اقوال قال السلف وهذه منهجية في تأليف اعتمدها في كثير من او في الاكثر من مؤلفاته رحمه الله تعالى ومن اوجه الاهتمام بهذه الرسالة فضل الاسلام انها لم تشرح من ابنائي الشيخ رحمه الله ولا من تلامذته القريبين منه. كما شرحت رسائل اخرى وبينت وفصلت ككتاب التوحيد وكغيره من الكتب والرسائل والنبذ التي كتبها عليه رحمة الله والحاجة في كل زمان قائمة الى هذه المعاني التي اشتملت عليها هذه الرسالة لهذا كانت العناية بها مهمة هذا الشرح مشتملا على مقاصد الكتاب. وعلى ايضاحات مهمة تفهم مقصود المعلم وتقرر المنهج السلفي ومنهج اهل التوحيد في هذه المسائل. وتقرر ما يتميز به حملة السنة عن غيرهم بالاعتدال في القول والاعتدال في العمل والنظرة الصحيحة للامور وفق السنة لا وفق الاهواء المختلف قال رحمه الله تعالى بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين باب فضل الاسلام فضل الاسلام يريد به امورا. الاول فضل الاسلام في نفسه على غيره من الملل والاسلام يشمل الدين كله بمراتبه المختلفة الاسلام والايمان والاحسان ويشمل ايضا فينا كله من جهة العقيدة والشريعة والسلوك الجزاء ونحو ذلك فالاسلام في نفسه فضل غيره وصار مفظلا على غيره بتفضيل الله جل وعلا الامر الثاني ان فظل الاسلام على اهله الذين اعتنقوه ودخلوا فيه واستقاموا عليه. ظاهر في الدنيا والاخرة النصوص في بين المؤلف بعضا من النصوص التي تدل على فضل الاسلام على اهل الاسلام واثار الاسلام المباركة على عباد الله المؤمنين الامر الثالث ان الاسلام تحمله امة وهذه الامة لاجل حملها للاسلام طارت مفضلة على غيرها وصارت خيرا من غيرها كما قال تعالى كنتم خير امة اخرجت للناس سبك الاية كنتم للناس خير امة اخرجت وذلك لفضل هذه الامة في نفسها بما حملت من الدين ولفضلها على غيرها من الامم ثم فيه فضل الامة الوسط من هذه الامة على سائر فرق هذه الامة فامة الاسلام افترقت على فرق الى فرق كثيرة وكلها في النار الا واحدة وهذه الواحدة هي الجماعة وهي التي اخذت بالدين الوسط يعني بالدين المتيقن منه للخيار قال جل وعلا وكذلك جعلناكم امة وسطا. يعني عدلا خيارا عدلا خيارا لوسطيتها في في العقيدة بين الغاليين وبين الجافين ولوسطيتها في الاحكام بين الغاليين والجافين ولوسطيتها في السلوك بين الغاليين والجاثين ولوسطيتها في انواع التعامل مع الخلق بين الغاليين والجاثين لهذا صارت هذه الامة الوسط من اهل الاسلام صار لها من الفضل المزيد فاذا كان لاهل الاسلام عامة كامة فضل خاص بينته الايات والاحاديث فكذلك احرى الناس فيه اخص الفضل واعلى الفضل هم اهل التوحيد والسنة الذين اخذوا بطريقة الجماعة الاولى لهذا ثبت في الصحيح ان النبي صلى الله عليه وسلم قال انتم موفون سبعين امة انتم خيرها واكرمها عند الله وهذا من فضل الله العظيم لهذا بين رحمه الله في هذا الباب في هذا الكتاب بعامة ما يتصل بتقرير هذه المسائل وبيان الفضل في الدنيا والاخرة في العقيدة والشريعة واهل الاسلام وما تميز به القرآن والسنة من الفضل على اهله المتمسكين به بانواع الفضل مما سيأتي بيانه ان شاء الله تعالى قال رحمه الله وقول الله تعالى اليوم اكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا لقوله وقول الله تعالى يصح فيها الوجهان بالجرف عطفا على فضل يعني باب فضل الاسلام وباب قول الله تعالى. والرفع فداء وقول الله تعالى اليوم اكملت لكم دينكم على نحو ما مر معنا في شرح كتاب التوحيد قوله جل وعلا اليوم اكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا. هذه الاية نزلت والنبي صلى الله عليه وسلم قائم في عرفة في يوم جمعة بين الله جل وعلا فيها انه جل جلاله اكمل لنا الدين واتم علينا النعمة ورضي لنا الاسلام دينا واكمال الدين يعني ان هذا الدين وهو دين الاسلام في عقيدته وبشريعته وبمصادره من الكتاب والسنة وما دل عليه الكتاب والسنة من الادلة ان هذا قد اكمله الله جل وعلا فاكمل لنا الدين فلم يعد فيه زيادة لمستزيد وهذا من فضل الاسلام ان غيره من الملل لم تكن كاملة بل كان الناس بعدها يحتاجون الى اشياء فلا يجدونها فجعل الله جل وعلا هذا الدين كاملا حتى لا يكون فيه زيادة لمستديم وقد كان من قبلنا دخلوا في كثير من البدع وكثير من السلوكيات عن جهل منهم تارة وعن علم تارة. لكن في الاسلام وفي دلائله من الكتاب والسنة فيه من بيان الاصول التي تدل على كمال الدين وعلى ان اصول الدين وعقائد الملة انها ظاهرة بينة واضحة ما تجعل اهل الاسلام في امنه ان كونوا وان يكونوا ضالين عن الحق كما ضل من قبلنا او يكونوا زائغين عنه لعدم علمهم به العلم به ظاهر واكمال الله لنا الدين بين. ولذلك من الله على الناس بهذا الاكمال حيث قال اليوم اكملت لكم دينكم قال واتممت عليكم نعمتي والنعمة نوعان نعمة دينية ونعمة دنيوية والاسلام له فضل بالجهتين ومن الجهة الدينية الاسلام بمصادره من الكتاب والسنة فيه البيان لما يحتاجه الناس في امر دينهم حيث لا يلتبس من اراد الحر لا يلتبس الطريق على من اراد الحق وفيه ايضا فظل على اهل الاسلام في النعمة الدنيوية لان الله جل وعلا وعد من تمسك بالاسلام انه يكون في حياة طيبة كما قال جل وعلا من عمل صالحا من ذكر او من ذكر او انثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة والحياة الطيبة تشمل الطمأنينة في هذه الدنيا وتشمل الامن وتشمل سعة الرزق وتشمل الرضا ونحو ذلك مما لا تكون الحياة الطيبة الا به. ولا يكون الاطمئنان والعيش الرغد الا به مهما كثر المال او كثرت زخارف الدنيا فلا تستقيم الا بالطمأنينة والرضا والانس بالله جل جلاله. وهذه كفلها كفلها الدين لاهل لاهله لاهل الاسلام قال ورضيت لكم الاسلام دينا والاسلام اذا رضيه الله جل وعلا لعباده دينا معنى ذلك انه سبحانه وتعالى يرضى عمن اخذ بهذا الاسلام. ويرضى عن من استقام على الاسلام ودخل فيه. واذا كان كذلك فاهله مرضي عنهم واذا كانوا مرضيا عنهم من الله جل وعلا فهم اذا مخصوصون بتوفيق الله جل وعلا ومعيته الخاصة قال سبحانه ان الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون ومعية الله جل وعلا المعية الخاصة هي لمن رضي عنه فمن رضي عنه قولا وعملا وذلك بتمسكه بالاسلام افتقادا وعملا فانه يحظى المحبة من الله جل جلاله والتوفيق والهدى وهذه كلها فيها من الاثار في الدنيا والاخرة ما لا يدخل تحت حصد اذا ان دلت الاية فما هو مراد المؤلف رحمه الله ان الاسلام كمل وان الله اتم علينا النعمة الدنيوية والدينية وانه رضي الاسلام دينا ورضي عن اهله الذين اخذوا به وهذا من محبة الله جل وعلا للاسلام بهذا الدين من فضل الدين على اهله انه كان سببا في فضل الله جل وعلا ومحبته وانعامه واكمال امر لاهل الاسلام واذا تأملت في غيرنا فانك ستجد ان الله جل وعلا لم يمنحه من الفضل كما منح هذه الامة ولهذا وجب على المؤمن ان يتبين فضل الله جل وعلا عليه وان لا يمن على الله بعمله او ان لا يمن على الله جل وعلا بعبادته وبسلوكه فان الله جل وعلا هو صاحب المنة لو كانوا يعقلون وفي الاية من الفوائد اولا ان قوله جل وعلا اليوم اكملت لكم دينكم ان الاكمال شمل الدين كله والدين ينقسم باحد في احد الاعتبارات الى عقيدة وسريعة واكمال الدين يعني اكمال العقيدة واكمال الشريعة والعقيدة لها وسائل لاثباتها والعلم بها واثبات الغاية اثبات للوسيلة فاثبات كمال الغاية واثبات كمال الوسام ففي الاية دليل على ان وسائل تقرير العقيدة والشريعة قد اكملها الله جل وعلا بما دل عليه في الكتاب والسنة. من الادلة نصية او الادلة الاخرى التي دل عليها القرآن والسنة فعقيدة الاسلام اكملها الله فلا يمكن ان يكون في غير الكتاب والسنة من الدين ما هو اكمل مما فيهما ولهذا بطل قول الفلاسفة واهل الكلام واهل الفرق بعمومها في انهم راموا الكمال في طرق عقلية او فلسفات كلامية رام الكمال فيها فاخذهم النقص حتى قال قائلهم طريقة السلف اسلم لكن طريقة الخلف اعلم واحكم. ويريدون ايضا اكمل وهذا دل دلت الاية على بطلانه لان اكمال الدين لا يكون الا باكمال وسائل اثبات اذا كانت وسائل اثباته كاملة فان الطرق المختلفة التي احدثت وسائل اخرى انها ظاهرة البطلان. الفائدة الثانية قوله جل وعلا رضيت لكم الاسلام دينا لقوله لكم ما يدل على ان الاسلام الذي رضي هو الاسلام الخاص الذي صار سمة هذه الامة والا فكلمة الاسلام تشمل رسالة كل رسول لان كل رسول بعث بالاسلام لكن في قوله لكم ما يدل على ان الاسلام الذي رضيه الله جل وعلا هو الاسلام الخاص الذي من لم يدخل فيه فانه ليس بمسلم والنبي صلى الله عليه وسلم هو الذي سماه اجرا فلذلك هو اجر على الحقيقة اجر في مقابلة عمل وليس التعبير بالاجر انه تعبير على المجاز او انه تعبير على التمثيل بعد مجيء النبي صلى الله عليه وسلم واما قبل ذلك فمن اسلم الاسلام الذي امر به الرسول الذي جاء فانه يكون مسلما مرضية ولكن بعد بعثة النبي صلى الله عليه وسلم فانه لا اسلام الا الاسلام الخاص وهذا يشمل مراتب الدين الثلاثة الاسلام والايمان والاحسان والدين هو كل ما يدين به الناس ويجعلونه الفا لهم وديدنا لهم وهو في اصله مأخوذ من الديدن هذا ديدنه يعني هذا ما اعتاده ما اعتاده والتزم جنته يعني التزمته والدين سمي بذلك لانه ملتزم والدين كذلك هو الطريقة الملتزمة فاذا اعتقد شيئا والتزمه صار له دينه واذا عمل بشيء وسلكه صار له دينه حتى تصيروا حتى تصير الانظمة التي تلتزم باللغة تسمى دينا كما قال الله جل وعلا في قصة يوسف عليه السلام ما كان ليأخذ اخاه في دين الملك تم طريقة الملك باحكام في مسألة السرقة. وان الذي سرق يؤخذ اسيرا او رقيقا عقابا له على سرقته سماه الله جل وعلا دينا لانه التزام لحكم في كل حال لهذا صار الدين دين الملك في قصة يوسف هو ما التزمه الملك في رعيته حين ذاك من الشرائع اذا كانت الشريعة مخالفة لشريعة الاسلام يصح ان يقال لغة ان هذا دين كذا لانه يدان به ويلتزم فاذا في قوله رضيت لكم الاسلام دينا ان كل التزام يلتزمه الناس بامور العقائد او في امور الشرائع والاحكام والاقضية او في امور السلوك او في امور الدعوة والمنهج اذا التزموه ويكون ليس مدلولا عليه بنص القرآن او بنص السنة او بما حكم به السلف او ائمة الاسلام فانه بدلالة الاية يمكن ان يقال ان الله لم يرضه دينه لانه ما رضي دينا الا دين الاسلام على النحو الذي اوضحنا قال رحمه الله بعدها وقوله تعالى قل يا ايها الناس ان كنتم في شرك من ديني فلا اعبد الذين الذي فلا اعبد الذين تعبدون من دون الله ولكن اعبد الله الذي يتوفاه مناسبة الاية ودلالتها ان الامام المصلح رحمه الله تعالى يريد ان الدين والاسلام له فضل على اهله الذين اتضحت لهم فيه معالمه حيث انهم يسلمون من براتن الشهوات وبراثن الشبهات وهي اعظم واذا وردت الشكوك فان صاحب الدين يسلم من التردد فيها فيكون عند فيكون حينئذ عنده البصر النافل والبصيرة التامة عند حلول الشبهات وعند حلول الشكوك. لهذا قال جل وعلا يا ايها الناس ان كنتم في شك من ديني فلا اعبد الذين تعبدون من دون الله فاذا وقعت الشكوك من اهل الشرك او اهل البدع او اهل الضلالات واوقعوها لدى المؤمن عرضوها عليه فان من فضل الاسلام على المؤمن على المسلم اذا علم وتمسك به وصار له له به النور في قلبه انه لا يتأثر بتلك الشبه. ولا يتأثر بتلك الشكوك كما كان امامنا عليه الصلاة والسلام قويا فيما واجه به المشركين حيث قال لهم يا ايها الناس ان كنتم في شك من ديني يعني من دين الاسلام والتوحيد الذي جئت به فلا اعبد الذين تعبدون من دون الله ولكن اعبد الله الذي يتوفاكم. اعلم كلمة التوحيد لا اله الا الله. التي فيها النفي وفيها الاثبات وهذا من فضل الاسلام على اهله ان صاحب الاسلام الذي علم دين الاسلام بالادلة وعلم العقيدة فتبين له التوحيد واعتقد ذلك عن علم وبينة وبصيرة ويقين ان الله جل وعلا يحميه عند حلول الشبهات وعند حلول الشكوك فلا يتردد ولا يزيد. ومن اعظم اسباب الزيغ ان ان ترد الشبهة فلا يجد ما يرد به تلك الشبهة. لكن كلما قوي الايمان كلما قوي الاسلام والعلم بتفاصيل الاسلام في عقيدته وشريعته فان المرء يكون قويا معتزا في الاسلام لا تؤثر فيه شبهة واذا عرض له واذا عرض له شخص او عرض له عارض من شبهة او شك او ريب فانه يرده بقوة وهذا من اثار وفضل الاسلام على اهل الاسلام ان الله جل وعلا يثبتهم. وان الله جل وعلا يقذف في قلبهم النور وان الله جل وعلا لا يكلهم الى انفسهم بل يعينهم ويسددهم عند حلول الشبهات. وهذا مجرب واقع فانما صمد في كل زمن عند حلول الفتن انما صمد اهل العلم بالاسلام واهل العلم بالشريعة اهل العلم بالعقيدة والسنة فانهم صمدوا ونفعوا و كان لهم الاثر على انفسهم وعلى ومن القوة عند حلول الشبهات ما يفصلون به غيرهم حتى انك تجد عندهم من اليقين والعلم التام عند حلول الشبه على الاسلام والسنة ما يتعجب منه المرء لكن هذا بفضل الله جل وعلا وبرحمته وكذلك من كان معهم في حمل الحديث والسنة والعناية بذلك فان الله جل وعلا يقوي يقينه ويعظم معرفتهم وعلمهم حتى يكونوا ثابتين اقوياء عند حلول الشبهات وعند ورود الشكوك والري او كما قال رحمه الله تعالى هذا معنى كلام فاذا ان دلت الاية على ان الاسلام له قول على اهله فضل عظيم في ان المسلم اذا استمسك بالتوحيد واسلم الاسلام الكامل لله جل وعلا فانه تقوى عزته ويقوى يقينه فلا يلفته حينئذ عن دينه. لافق ولا يصرفه عن دينه صارف بل يثبته الله جل وعلا على القول الثابت في الحياة الدنيا وفي الاخرة ثم قال رحمه الله وقوله تعالى يا ايها الذين امنوا اتقوا الله وامنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته ويجعل لكم نورا تمشون به ويغفر لكم والله غفور رحيم في هذه الاية مناسبة عظيمة لفضل الاسلام وهو ان الله جل وعلا خاطب المؤمنين لانهم ان ان حققوا الاسلام بما يشمل المراتب الثلاث ان حققوا الاسلام واتقوا الله وامنوا برسوله فان الله جل وعلا يتفضل عليهم لاجل هذا التمسك منهم وعلى ولاجل استعصامهم بالله جل وعلا واعتصامهم بحبله ودينه المتين فان الله جل وعلا يمن عليهم بثلاثة انواع من الفضل الاول انه يؤتيهم كب كفلين من رحمته وهذا كما قال هنا يؤتكم كفلين من رحمته يريد بها الحظين يعني يؤتكم حظين عظيمين من رحمته وهذان الحظان العظيمان تشمل الاجر بان الله جل وعلا يضاعف الاجر للمؤمن فكل مسلم يؤتيه الله جل وعلا مرة يؤتيه الله جل وعلا اجره مرتين. يعني يضاعف له الاجر والثواب منة من الله جل وعلا وتكرم وايضا يؤتكم كفلين من رحمته يشمل الرحمة التي تقوم بها الحياة رحمة الدنيا وايضا رحمة الاخرة فلا احد يسلك في الدنيا طريقا الا وهو محتاج الى رحمة الله جل وعلا قال يؤتكم كفلين من رحمته وكذلك الاخرة لا احد ينجو فيها الا برحمة الله جل وعلا فاذا انشملت الاية ان الله جل وعلا تفضل على اهل الاسلام بانه يؤتيهم كفلين من رحمته رحمة الدنيا ورحمة الاخرة الفضل الثاني قال ويجعل لكم نورا تمشون به والنور الذي يمشون به هو نور العلم واليقين والبصيرة وقد دارت تفاسير السلف على ان النور الذي يمشى به هو نور العلم واليقين والبصيرة فاذا استقام المرء حقيقة على الاسلام وجاهد نفسه في تقوى الله والايمان برسوله فان الله جل وعلا يمنحه العلم بتهيئة سبله له وبمحبة اهله وبسماع كلامهم فيجعل له نورا يمشي به وها هنا وقفة في ان الله جل وعلا من اسمائه النور والنور في اسمائه جل وعلا له اثر في الشريعة لان الله جل وعلا جعل رسوله صلى الله عليه وسلم نورا وجعل الكتاب الذي هو القرآن نورا وجعل في قلوب المؤمنين ايضا العلم نورا قال جل وعلا قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين والنور هنا في احد التفسيرين هو الرسول صلى الله عليه وسلم لانه عطف عليه الكتاب او على القول الثاني انه الكتاب لكن نوع وصفه والنور هذا الذي يقذفه الله جل وعلا في القلب هذا لا يكون الا لاهل الاسلام فكل مؤمن له حظ من هذا النور لكن انما يعظم هذا النور عظمة تحصيل الاسلام والاستقامة عليه عقيدة وشريعة. لهذا كلما قوي اخذ الاسلام كلما قوي العلم بالشريعة كلما قوي العلم بالاعتقاد كلما قوي العلم بالله جل وعلا كلما زاد هذا النور في القلب واذا زاد النور في القلب فانه يبصر به في الظلمات ظلمات الشبهات وظلمات المسائل التي قد ترد على الانسان في حياته وتسمية الله جل وعلا له نورا في قوله ويجعل لكم نورا تمشون به في قوله به تمشون به يعني لتمشون بهذا النور في الظلمات فان هذه الحياة ما فيها من شبه وما فيها من شهوات وما فيها من صوارف اشبه ما تكون بالظلمة لهذا يحتاج فيها الى النور وكلما قوي النور قوي ابصار الطريق ومن اثار ذلك ان اهل الاسلام المستمسكين به والمستمسكين بطريقة السلف والذين اخذوا بالاسلام والسنة على نحو ما سيوصف بهذا الكتاب بالادلة على ان كل من قرب منهم فانه ابصروا من النور بقدر قربه منه وكلما بعد منهم كلما ضعف عنه النور وله النور بقدر بعده عنهم من نبه على ذلك العلامة ابن القيم رحمه الله في كتابه الفوائد في ان من اثار النور الذي يقذفه الله جل وعلا في قلب اهل التوحيد والسنة ان من قرب منهم صار له من النور بقدر قربه قربه منهم حيث يبصر به صواب الطريق لهذا تجد العامي من اهل التوحيد ممن لم يتعلم العلم عنده من النور والبصيرة في كثير من المسائل في العقيدة في التوحيد وفي السلوك ما يبصر به طريق الظلمات. لانه وان لم يكمل عنده العلم او يكون على علم لكن لقربه من اهل هذا النور فانه يحصل له ذلك وهذه قاعدة مهمة في سبيل المنهج لان الالتحاق باهل العلم والقرب من اهل الاستقامة على الاسلام والسنة. وطريق السلف الصالح كلما قرب العبد من ذا منهم ومن طريقتهم كلما منحه الله جل وعلا النور الذي يبصر به ولا يضل به السبيل اما الفضل الثالث في هذه الاية في قوله تعالى ويغفر لكم والله غفور رحيم. فمن فضل الاسلام على اهله ان الاسلام بتحقيقه سبب عظيم من اسباب المغفرة الله جل وعلا وعد كل مسلم ومسلمة وعد كل مؤمن ومؤمنة ان يغفر الله جل وعلا لهم قال سبحانه ان المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات الى قوله في اخر الاية والذاكرين الله كثيرا والذاكرات اعد الله لهم مغفرة واجرا عظيما وكل موحد قد وعده الله جل وعلا بالمغفرة. فالمغفرة يحظى بها مغفرة الذنب يحظى بها اهل الاسلام لهذا من الله جل وعلا على اهل الايمان على اهل الاسلام بان جعل الصلاة الى الصلاة مكفرات لما بينهما اذا اجتنبت الكبائر ورمضان الى رمضان والعمرة الى العمرة وكذلك الحج المبرور ليس له جزاء الا الجنة حج فلم يرفث ولم يفسق خرج من ذنوبه كيوم ولدته امه. وهذا ونحوه من اثار مغفرة الله جل وعلا لعباده المؤمنين لانهم استقاموا على الاسلام فهذا من فضل الاسلام عليهم ان كان اخذهم للاسلام سببا من اسباب لمغفرة ذنوبهم فاعظم سبب واعظم وسيدة للمغفرة ان يستقيم المرء على الاسلام. وكلما كان اقوى في الاستمساك بالاسلام والسنة والبعد عن الشرك انه يكون اقوى في الاتيان بسبب المغفرة. لهذا جاء في الحديث ان الله جل وعلا يقول يا ابن ادم لو اتيتني بقراب الارض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لقيتك بقرابها مغفرة يعني بملئ الارض خطايا فان الله جل وعلا يأتي بقرابها مغفرة بهذا نقول دلت الاية على ان المؤمن اذا اتقى الله وامن برسوله وحقق ذلك الاسلام والتزم اما بالسنة بايمانه برسوله حق الايمان والاستقامة على سنته والاقتداء بهديه عليه الصلاة والسلام والبعد عن ما عن كل لما يخالف سنته فانه موعود بهذه الفضائل الثلاث العظيمة انه يؤتى اجره مرتين بل يؤتى اثنين عظيمين وحظين كبيرين من رحمة الله جل وعلا لعبده وانه يجعل الله له نورا يمشي به فلا تلتبس عليه الطرق ولا يشتبه عليه السبيل وان الله جل وعلا يجعل له من كل ذنب يجعل له في كل ذنب مغفرة ورحمة منة منه جل وعلا وفضلا وتكرما هذه الاية قد ذكر فيها كثير من المفسرين انها نزلت في اهل الكتاب وان المراد بها اهل الكتاب يعني من اليهود والنصارى وان هذه الامة تدخل فيهم لانها احق بهذا الوصف وهو الايمان والتقوى والايمان بالرسول صلى الله عليه وسلم لكن هذا فيه نظر من جهتين الجهة الاولى ان الله جل وعلا قال في اخر الايات في سورة بالاية اللي بعدها في سورة الحديد لئلا يعلم اهل الكتاب الا يقدرون على شيء من فضل الله هذا يدل على ان المراد بقوله يا ايها الذين امنوا اتقوا الله وامنوا برسوله غير المراد اهل الكتاب الثاني ان اهل الكتاب وعدهم الله جل وعلا انهم اذا امنوا واتقوا وعاملوا برسوله واحسنوا اسلامهم ان الله جل وعلا يؤتهم اجرهم مرتين كما جاء في سورة القصص وكما جاء في قول الله في قول النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة يؤتون اجرهم مرتين وذكر منهم رجل من اهل الكتاب امن بنبيه ثم امن بمحمد صلى الله عليه وسلم فهذا يؤتى اجره مرتين فاهل الكتاب اذا استقام وامن واسلم فانه يؤتى اجره مرتين لكنهم ليسوا هم المقصودين بهذه الاية التنبيه الثاني ان في قوله جل وعلا ويجعل لكم نورا تمشون به النور كما ذكرت لك يعبر عنه في التفسير عدة تعبيرات. تارة يعني في مواضعه من القرآن تارة يقال النور هو القرآن تارة يقال النور الاسلام تارة يقال النور السنة ونحو ذلك وكلها تفاسير صحيحة لان الجميع نور كما وصف الله جل وعلا الاسلام بانه نور وان القرآن نور. وان نبيه صلى الله عليه وسلم نور الى اخره اذا تبين هذا بعد هذه الايات يظهر مما سبق ان الله جل وعلا اذ جعل الاسلام مفضلا على غيره وجعل اهله مفضلين على غيرهم وجعل هذه الامة مفضلة على غيرها وهذا يعني ان تبعه بهذا التفضيل عظيم لانه كلما عظم الفضل كلما عظمت التبعة هذا قال الله جل وعلا في وصف هذه الامة كنتم خير امة اخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله. ولو امن اهل الكتاب لكان خيرا خيرا لهم فالقرآن هو افضل الكتب لاسباب والنبي صلى الله عليه وسلم هو افضل الانبياء والمرسلين لاسباب جاءت في الكتاب والسنة يعني اسباب هذا التطبيب وهذه الامة افضل بنص الكتاب والسنة كما مر معنا اذا كان كذلك فانه كلما زاد الفضل كلما زادت التبعة لان الله جل وعلا يؤاخذ الفاضل بما لا يؤاخذ به غيره ويؤاخذ العالم بما لا يؤاخذ به من ليس بعالم الامور اذا بمقابلها هذا يعظم تبع على كل رافع قراية السنة والتوحيد الا يتخلف عن التمسك بذلك اولا ثم الا ينسب او ينسب كلاهما صحيح الا ينسب الى الاسلام والسنة ما ليس منه لانه انما يصف الطريق التي وصفها الله جل وعلا ووصفها رسوله صلى الله عليه وسلم وبين الله جل وعلا فضله اذا كان الله جل وعلا بين هذا الفضل العظيم فانما يعرف الطريق بدلائله من الكتاب والسنة لا بالاهواء ولا بادعاء المدعين وانما كل احد يصف ذلك اه كل احد يصف ذلك بغير ما وصف الله جل وعلا به الاسلام والسنة. او وصفها به رسوله صلى الله عليه وسلم او اجمع عليها السلف الصالح فانه حينئذ يكون معارضا فيما يقول قال رحمه الله تعالى بعد ذلك. وفي الصحيح عن ابن عمر رضي الله عنهما. ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال مثلكم ومثل اهل الكتابين كمثل رجل استأجر اجرا هذا المثل يضربه عليه الصلاة والسلام لبيان ان هذه الامة جاءت متأخرة ولا عملت قليلا ولكنها حظيت باجر كثير فاعطى الله هذه الامة قيراطين من الاجر واعطى من قبلها قيراطا قيراطا مع قصر مدتها وقلة عملها وهذا فيه فضل الله جل وعلا على اهل الاسلام بما شرعه من شرائع وفيما اختصهم به من حيث الزمان ومن حيث المكان قوله عليه الصلاة والسلام مثلكم ومثل اهل الكتابين كمثل رجل استأجر اجراه يعني المثل من جهة الزمن مدة العمل والاجر وعبر هنا عليه الصلاة والسلام بقوله كمثل رجل استأجر اجرة والممثل به الله جل جلاله حيث هو الذي تعبد عباده بالعبادات وهو الذي يعطيهم الاجر فعبر بقوله كمثل رجل لانه في القرآن تمثيل الحقوق بي بحق الله جل وعلا وحق عباده ونحو ذلك بالرجل ومن يعمل عنده كقوله جل وعلا فضرب الله مثلا رجلين احدهما ابكم لا يقدر على شيء وهو كل على مولاه واينما يوجهه لا يأتي بخير هل يستوي هو ومن يأمر بالعدل وهو على صراط مستقيم ونحو ذلك من الايات التي في هذا التنفيذ. فالتمثيل تمثيل حال بحال بحال تمثيل عمل بعمل بما يقرب الامر الى سامعه الامر الثاني عند قوله استأجر اجراء الاستئجار هنا هل هو حقيقة بان المثل مضروب على الاستئجار فعلا وان ان ابن ادم استأجره الله جل وعلا فجعل له اجرا على عمله او ان هذا للتقرير وليس لحقيقة الاجر المعتمد عند اهل السنة والجماعة في نظائره في الكتاب والسنة انه على حقيقته وانه اجر على حقيقة الاجر وهو ما يعطى من العوض لقاء عمل من الاعمال والله جل وعلا يعطي عوضا لقاء عمل والله سبحانه هو الذي سماه اجرا ليس كذلك بل هو اجر على الحقيقة وهذا المثال به تقرير لذلك حيث قال كمثل رجل استأجر اجراء ومثل بانهم يعملون في زمن واعطاهم اجرا قيراطين قيراطين في هذه الامة. وهذا هو حقيقة الاجر هذا له فوائده الكثيرة في التفسير وفي فهم النصوص وفي مسائل عدة من مسائل الشريعة والعقيدة ايضا قال عليه الصلاة والسلام كمثل رجل استأجر اجراء. فقال من يعمل لي من غدوة الى نصف النهار على قيراط؟ فعملت اليهود ثم قال من يعمل لي من نصف النهار الى صلاة العصر على قيراط فعملت النصارى ثم قال من يعمل لي من صلاة العصر الى ان تغيب الشمس على قيراطين فانتم هم فغضبت اليهود والنصارى وقالوا ما لنا اكثر عملا واقل اجرا قال هل نقصتكم من حقكم شيئا ان قالوا لا قال ذلك فضلي اوتيه من اشاء مناسبة الحديث للباب ان هذه الامة اختصها الله جل وعلا من بين الامم بفضل زيادة الاجر وهذا احد اوجه تفضيل هذه الامة على غيرها واحد اوجه تفضيل الاسلام اه اوجه فضل الاسلام على هذه الامة فهذا في زيادة الاجر. ومن أنواع الفضل الأخرى ما ذكرت في الاية التي قبل ان الله جل وعلا يجعل للمؤمنين نورا وانه يغفر لهم وانه يغفر لهم وايضا مما جاء من الفضل في النصوص غير ما ذكر ان هذه الامة لا تجتمعوا على ضلال والمقصود بها امة المؤمنين المستمسكين بما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم فانها لا تجتمع على ضلالة كما قال جل وعلا ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين. نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا فقال ويتبع غير سبيل المؤمنين. وسبيل المؤمنين هو سبيل هذه الامة. التي لم تفترق ولم تتفرق في دينها. اما الذين نتفرق في دينهم شيعا فهؤلاء ليسوا معدودين في الاجماع وقد جاء في حديث لا تجتمعوا امتي على ضلالة وهو مروي من طرق يحسنها يعني بمجموعها عدد من اهل العلم في السنن وفي غيرها ودل هذا على ان المسلم يمكن ان يعصم نفسه من الضلال بان يلتزم بما اجمعت عليه الامة فمن التزم في العقيدة بما اجمعت عليه الامة عند حلول الاقوال المختلفة والاهواء المتباينة فانه على سبيل نجاة لانه اخذ بالجماعة واخذ بما اجمعت عليه الامة وهذا مصدر نجاة في الاتفاق وايضا من اثارها على المسلم ان عدم اجتماع الامة على ضلالة وان الامة انما تجتمع على حق وهدى لا على ضلالة انه ييسر له سلوك السبيل والاستقامة مع من مشوا خلف طريق الجماعة قبل ان تفسد الجماعة لان طرق تباينت والامة اختلفت فاذا اراد المرء طريق الحق فانه يبحث عمن تمسك بما كانت عليه الجماعة قبل ان تفسد يعني بما كانت عليه الجماعة اذ لم تجتمع على ضلالة. اذ كان اجتماعها على حق وهدى فهذا اقتداء عملي اجتماع على حق وهدى كان فيما سلف والله جل وعلا عصم هذه الامة من ان تجتمع على ظلالة فما ذفن في الحديث ايضا من المناسبة قوله في اخره قال ذلك فضلي اوتيه من اشاء وهذا الفضل هو من الله جل وعلا. واذا كان من الله جل وعلا فان فضل الاسلام على اهله انما هو من الله جل وعلا هذا يجعل المسلم دائم التعلق بالله جل وعلا معرفة منه بفضل ربه عليه في دينه هداية وفي اجره عليه فمن الذي هدى عباده للاسلام؟ هو الله جل وعلا. من الذي هداك للاستقامة على السنة؟ هو الله جل وعلا من الذي تفضل عليه في النور؟ بعد ذلك هو الله جل وعلا. من الذي تفضل بالحظين من الرحمة والكفلين من الاجر هو الله جل وعلا فحينئذ يكون الامر من الله جل وعلا واليه ابتداء وانتهاء وهذا يجعل قلب المؤمن غنم على محبة الله جل وعلا والذل له والاعتراف له جل وعلا بالفضل والاحسان دائما وابدا وفي هذا القدر اليوم كفاية ونلتقي ان شاء الله غدا وقد يجري تعديل في الموعد كما بلغني الاخ فهد اه بس بحسب ما يرتبون فان رتبوا ان نكون غدا بعد العصر مباشرة صار كذلك او اذا ارادوا ان نأخذ الفترة الثانية صار كذلك ايضا ان شاء الله تعالى ونسأل الله لكم جميعا الانتفاع بهذه دروس عامة وان ينفعني واياكم بما سمعنا وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد