حدثنا يزيد ابن هارون حدثنا محمد بن عمرو عن ابي سلمة عن ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن ولا ينتهب نهبة يرفع الناس فيها ابصارهم وهو مؤمن التخريج هذا اسناد حسن وهو صحيح مخرج في الصحيحين وغيرهما من وجوه اخرى كما سيأتي التاسع والثلاثون المصنف رحمه الله تعالى حدث يزيد ابن هارون حدثنا محمد بن اسحاق عن يحيى بن عباد ابن عبد الله ابن الزبير عن ابيه عن عائشة قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ولا يسرق وحين يسرق وهو مؤمن ولا يشرب يعني الخمر حين يشربها وهو مؤمن فاياكم اياكم التخريج حديث صحيح وخرجه في المصنف والامام احمد مختصرا قال الالباني حديث صحيح رجال وثقات. لولا عننة ابن اسحاق وقال العثيمي في المجمع رواه احمد والبزار بعضه والطبراني وبعضه ورجال وثيقات الا ان ابن اسحاق مدرس ورجال البزار رجال الصحيح. قلت وهو في صحيح مسلم بهذه الزيادة فاياكم اياكم عن ابي هريرة ببعض الطرق انتهى الحديث الاربعون والحادي والاربعون. قال المصنف رحمه الله وحدثنا ابن علية عن الليث عن مدرك عن ابن ابي اوفى قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن ولا يشربوا الخمر حين يشربها وهو مؤمن ولا ينتهب نهبة ذات شرف يرفع المسلمون اليها رؤوسهم وهو مؤمن حدثنا الحسن بن موسى حدثنا شعبة عن فراس عن مدرك عن ابن ابي اوفى عن النبي صلى الله عليه وسلم نحواه التخريج اسناده حسن ورواه في مصنفه بطريقيه هنا وابن مدرك وهو ابن عمارة القرشي وسلت عنه ابن ابي حاتم. وقد روى عنه جماعة ووثق ابن حبان وهو في طبق التابعين مقبول الحديث ما لم يعرف احدهم بجرح ويشهد له حديث ابي هريرة وعائشة فهو صحيح ان شاء الله المناسبة الكتاب مناسبة هذه الاحاديث عن ابي هريرة وعائشة وابن ابي اوفى عن النبي صلى الله عليه وسلم انها تدل على ان الاعمال الصالحة من الايمان كما ان المعاصي تنقزه ففيها الرد على المرجئة الشرح معنى الحديث انه لا يزني حال زناه وهو على الايمان الكامل كمال الوجه وهو الذي يكون ادى فيه الواجبات واجتنب المحرمات المنفي بتلك المعاصي هو كمال الايمان الواجب لا اصل الايمان. كما تقول الخوارج والمعتزلة ولا مجاز الايمان كما تقول المرجئة وقوله صلى الله عليه وسلم لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن الى اخره يعني لا يزني حين زناه ومعه كمال الايمان الواجب. الذي يترتب عليه المدح والعفو ودخول الجنة والنجاة من النار اولا فاذا زنا يكون عنده نقص في الايمان الواجب ولا يعني زوال الايمان والاسلام بالكلية البخاري في كتاب الحدود من صحيحه باب لا يشرب خمر وقال ابن عباس ينزع منه نور الايمان في الزنا ثم روى حديث ابي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بقى يزني ازاي يا عيني ازني وهو مؤمن ولا يشرب الخمر حين يشرب وهو مؤمن ولا يسرق حين يسرق وهو مؤمن ولا ينتهب نهبة يرفع الناس اليه فيها ابصارهم وهو مؤمن وقول ابن عباس وصله ابن ابي شيبة هنا في كتاب الايمان كما سيأتي من طريق عثمان بن ابي صفية قال كان ابن عباس يدعو بغلمانه غلاما غلاما فيقول الا ازوجك ما من عبد يزني الا نزع الله منه نور الايمان وقد روي مرفوعا اخرجه الطبري من طريق مجاهد عن ابن عباس سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول من زنا نزع الله نور الايمان من قلبه فان شاء ان يرده اليه رده قال ابو الحسن ابن بطال في شرح البخاري قال الطبري اختلف من قبلنا في هذا الحديث فانكر بعضهم ان يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم قال هذا القول قلعطاء اختلف الرواة في اداء لغط النبي صلى الله عليه وسلم بذلك قال محمد ابن زيد ابن واقد ابن عبد الله ابن عمر ابن الخطاب وسئل عن تفسير هذا الحديث فقال انما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يزنين مؤمن ولا يسرقن مؤمن وقال اخرون عن بذلك لا يزني الزاني وهو مستحل للزنا غير مؤمن بتحريم الله ذلك عليه وهو معتقد تحريمه فهو مؤمن ذلك على كلمة عن ابن عباس وحجة هذه المقالة حديث ابي ذر النبي صلى الله عليه وسلم قال من قال لا اله الا الله دخل الجنة وان زنا وان سرق وان رغم انف ابي ذر وقال اخرون ينزع منه الايمان فيزول عنه اسم المدح الذي يسمى به اولياء الله المؤمنون ويستحق اسم الذنب الذي يسمى به المنافق فيوسم به ويقال له منافق وفاسق. روي هذا عن الحسن قال النفاق نفاقا تكذيب محمد صلى الله عليه وسلم فهذا لا يغفر ورفاق خطايا وذنوب يرجى لصاحبه وعن الاوزعي قال كانوا لا يكفرون احدا بذنب ولا يشهدون على احد بكفره ويتخوفون رفاق الاعمال على انفسهم قال الوليد بن مسلم ويصدق قول الاوزاعي انه كان من قول السلف ما حدثنا الاوزاعي عن هارون ابن رئاب ان عبدالله بن عمر قال في مرضه زوجوا فلانا ابنتي فلانة واني كنت وعدته بذلك وانا اكره ان القى الله بثلث النفاق وما حدث له عن الزهري عن عروة انه قال لابن عمر الرجل يدخل منا على الامام فيراه يقضي بالجور فيسكت وينظر الى احدنا فيثني عليه بذلك فقال عبدالله اما نحن معاشر اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فكنا نعدها نفاقا فلا ادري كيف تعدونه انه سئل عن المنافق فقال الذي يتكلم بالاسلام ولا يعمل به وحجة هذا القول ان النفاق انما هو اظهار المرء بلسانه قولا يبطن خلافه اليروع الذي يتخذه كي ان طلبه الصائد من قبل مدخل قصع من خلافه اما لم يجتنب الكبائر من اهل التوحيد علمنا ان ما اظهره من الاقرار بلسانه خداع للمؤمنين فاستحق اسم النفاق ويشهد لذلك قوله صلى الله عليه وسلم ثلاث من علامات المنافق اذا حدث كذب واذا وعد اخلف واذا اؤتمن خان والزنا والسرقة وشرب الخمر ادل على النفاق من هذه الثلاث وقال اخرون اذا اتى المؤمن كبيرة نزع منه الايمان واذا فارقها عاد اليه الايمان روي عن ابي الدرداء قال عبدالله بن رواحة انما مثل الايمان مثل قميص بينما انت قد نزعته اذ لبسته وبينما انت قد لبسته اذ نزعته وعن يزيد ابن ابي حبيب عن اسلم ابن عمر انه سمع ابا ايوب يقول انه ليمر على المرء ساعة وما في جلده موضع ابرة من النفاق علة هذه المقالة ان الايمان هو التصديق غير ان التصديق معنيان احدهما قول والاخر عمل فاذا ركب المصدق كبيرة فارقه اسم الايمان كما يقال الاثنين اذا اجتمع اثنين فاذا انفرد كل واحد منهما لم يقل له الا واحد وزال عنهما الاسم الذي كان لهما في حال الاجتماع وكذلك الايمان انما هو اسم التصديق الذي هو الاقرار والعمل الذي هو اجتناب الكبائر فاذا وقع المقر كبيرة زال عنه اسم الايمان في حال مواقعته فاذا كف عنها اعاد له الاسم لانه في حال كفيه على الكبيرة مجتنب لها وباللسان مصدق وذلك معنى الايمان عندهم وقال بعض الخوارج والرافضة والاباضية من فعل شيئا من ذلك فهو كافر خارج عن الايمان لانهم يكفرون المؤمنين بالذنوب ويجيبون عليهم التقليد في النار بالمعاصي ومن حجتهم وغير حديث ابي هريرة لا يزني الزاني وهو مؤمن قال ابو هريرة الايمان فوقه هكذا فان وتاب رجعه الايمان وان اصر ومضى فارقا وقال ابو صالح عن ابي هريرة ينزع منه الايمان فان تاب رد عليه قالوا ومن نزع منه الايمان فهو كافر لانه منزلة بين الايمان والكفر. ومن لم يكن مؤمنا فهو كافر وجماعة اهل السنة وجمهور الامة على خلافهم. قال الطبري وحجة اهل السنة ان ابن عباس قد بين حديث ابي هريرة وقال ان العبد اذا زنا نزع منه نور الايمان لا الايمان حدثنا عبدالرحمن بن الاسود حدثنا محمد بن كثير عن شريك ابن عبدالله عن ابراهيم ابن مهاجر عن مجاهد عن ابن عباس قال سمعت نبيا صلى الله عليه وسلم يقول من زنا نزع الله نور الايمان من قلبه فان شاء ان يرده عليه رده والصواب عندنا قول من قال يزول عنه الاسم الذي هو بمعنى المدح الى الاسم الذي هو بمعنى الذم فيقال له فاجر فاسق زان سارق ولا خلاف بين جميع الامة ان ذلك من اسمائه ما لم تظهر منه التوبة من الكبيرة ويزول عنه اسم الايمان بالاطلاق والكمال بركوبه ذلك نثبته له بالتقييد فنقول هو مؤمن بالله وبرسوله مصدق قولا ولا نقول مطلقا هو مؤمن اذا كان الايمان عندنا معرفة وعملا وقولا لم يأت بها كلها استحق اسم التسمية بالايمان على غير الاطلاق ولاستكمال له المهلب وقوله صلى الله عليه وسلم ينزع منه نور الايمان يا علي ينزع منه بصيرته في طاعة الله لغلبة الشهوة عليه وكأن تلك البصيرة نور طفته الشهوة من قلبه واشهد لهذا قوله تعالى كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون وقال العلامة ابن ابي العز الحنفي في شرح الطحاوية ولا شك ان من قام بقلبه التصديق الجازم الذي لا يقوى على معرضه شهوة ولا شبهة لا تقع معه معصية ولولا ما حصل له من الشهوة والشبهة او احداهما لما عصى بل يشتغل قلبه ذلك الوقت بما يواقعه من المعصية فيغيب عنه التصديق والوعيد فيعصيه ولهذا والله اعلم وقال صلى الله عليه وسلم لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن. الحديث او حين يزني يغيب عنه تصديقه بحرمة الزنا وان بقي اصل التصديق في قلبه ثم يعاوده فان المتقين كما وصفهم الله تعالى بقوله ان الذين اتقوا اذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فاذا هم مبصرون قال ليت عن مجاهد والرجل يهم بالذنب فيذكر الله فيدعه والشهوة والغضب مبدأ السيئات. فاذا ابصر رجع ثم قال تعالى واخوانه يمدونهم في الغي ثم لا يبصرون اي واخوان الشياطين تمدهم الشياطين في الغي ثم لا يبصرون قال ابن عباس لا الانس تقصد عن السيئات ولا الشياطين تمسك عنهم فاذا لم يبصر يبقى قلبه في عمى والشيطان يمده في غيه وان كان التصديق في قلبه لم يكذب. فذلك النور والابصار وتلك الخشية والخوف تخرج من قلبه؟ وهذا كما ان الانسان يغمض عينيه فلا يرى وان لم يكن اعمى فكذلك القلب بما يخشاه من ريم الذنوب لا يصر الحق وان لم يكن اعمى كعمل كافر وجاء هذا المعنى مرفوعا الى النبي صلى الله عليه وسلم انه قال اذا زنا العبد نزع منه الايمان فان تاب اعيد اليه اخرجه ابو داوود والحاكم وصححه هو والذهبي وصححه الالباني في الصحيحة انتهى من شرح الطحاوية تحقيق الارنغوط الجزء الثاني اربعمئة ثمانية وستين وطبعة المكتب الاسلامي الصفحة ثلاثمائة وسبعة وثلاثين والناس في الفاسق من اهل الملة مثل الزاني والسارق والشارب ونحوهم ثلاثة اقسام طرفان ووسط كما قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله في الايمان. انظر مجموع الفتاوى الجزء السابع ستمائة وسبعين الطرف الاول الواعدية من الخوارج والمعتزلة. قالوا انه ليس بمؤمن بوجه من الوجوه. ولا يدخل في عموم الاحكام المتعلقة باسم الايمان ثم من هؤلاء من يقول هو كافر كاليهودي والنصراني وهو قول الخوارج ومنهم من يقول ننزله منزلة بين المنزلتين. اي لا مسلم ولا كافر. وهي منزلة الفاسق عندهم فليس هو بمؤمن ولا كافر وهو المعتزلة وهؤلاء يقولون ان اهل الكبائر يخلدون في النار وان احدا منهم لا يخرج منها وهذا من مقالات اهل البدع التي دل الكتاب والسنة واجماع الصحابة والتابعين لهم باحسان على خلافها قال الله تعالى وان طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فاصلحوا بينهما فان بغت احداهما على الاخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء الى اهل الحمد لله. فان فائت فاصلحوا بينهما بالعدل واقسطوا ان الله يحب المقسطين انما المؤمنون اخوة فاصلحوا بين اخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون فسماهم مؤمنين وجعلهم اخوة مع الاقتتال وبغي بعضهم على بعض وقد زم النبي صلى الله عليه وسلم اقتدال المسلمين فيما بينهم كفرا فقال لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض متفق عليه وسماهم الله مؤمنين. كما في هذه الاية مع وقوعهم في ذلك المحظور فدل على انه كفر دون كفر لا يخرج جندا لله. وايمان دون ايمان لا يعصم من العقوبة وقال الله تعالى ومن قتل مؤمنا خطأ فتحضير رقبة مؤمنة مودية مسلمة الى اهله الا ان يصدقوا ولو اعتق عبدا مذنبا اجزأ عتقه باجماع العلماء ارزق عتقه باجماع العلماء ولم يشترط لصحة ذلك كمال الايمان. بدليل حديث الجارية عن النبي عليه الصلاة والسلام امتحنها باصل الايمان فقال من انا؟ قالت قال اين الله؟ قالت في السماء. قال اعتقها فانها مؤمنة. رواه مسلم ولهذا يقول علماء السلف في المقدمات الاعتقادية لا نكفر احدا من اهل القبلة بذنب ولا نخرجه من الاسلام بعمل وقد ثبت الزينة والسرقة وشرب الخمر على اناس في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولم يحكم فيهم حكم من كفر ولا قطع الموالاة بينهم وبين المسلمين الجلد هذا وقطع هذا. وهو في ذلك يستغفر لهم ويقول لا تكونوا اعوان الشيطان على اخيكم. كما في الصحيحين عن ابي هريرة رضي الله عنه قال اوتي النبي النبي صلى الله عليه وسلم بتكرار فامر بضربه فمنا من يضربه بيده ومنا من يضربه بنعله ومنا من يضربه بثوبه. فلما انصرف قال رجل مات له اخزاه الله. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تكونوا عون الشيطان على اخيكم واحكام الاسلام كلها مرتبة على هذا الاصل والطرف الثاني قول من يقول ايمانهم باق كما كان لم ينقص. بناء على ان الايمان هو مجرد التصديق والاعتقاد الجازم. وهو لم يتغير وانما نقصت شرائح وهذا قول مرجئة من الجهمية ومن سلك سبيلهم وهو ايضا قول مخالف للكتاب والسنة واجماع السابقين والتابعين لهم باحسان ولما زكت الاعراب انفسها بالايمان رد الله ذلك عليهم. فقال قالت الاعراب امنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا اسلمنا ولما يدخل الايمان في قلوبكم وان تطيعوا الله ورسوله لا يلدكم من اعمالكم شيئا ان الله غفور رحيم ثم قال مبينا للايمان الكامل الذي يمدح صاحبه مطلقا انما المؤمنون الذين امنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا باموالهم وانفسهم في سبيل الله اولئك هم الصادقون وقال انما المؤمنون الذين اذا ذكر الله وجلت قلوبهم واذا تليت عليهم اياته غزالة ايمانا وعلى ربهم يتوكلون وقال الذين قال لهم الناس ان الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم ايمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل وقال هو الذي انزل السكينة في قلوب المؤمنين ليزدادوا ايمانا مع ايمانهم ولله جنود السماوات والارض وكان الله عليما حكيما وقال واذا ما انزلت سورة فمنهم من يقول ايكم زادته هذه ايمانا فاما الذين امنوا فزادتهم ايمانا وهم يستبشرون وقال النبي صلى الله عليه وسلم الايمان بضع وسبعون شعبة اعلاها قول لا اله الا الله وادناها اماطة الاذى عن الطريق. متفق عليه وقال صلى الله عليه وسلم لوفد عبدالقيس امركم بالايمان بالله اتدرون ما الايمان بالله؟ شهادة ان لا اله الا الله وان تؤدوا خمس ما غنمتم متفق قال شيخ الاسلام واجمع السلف ان الايمان قول وعمر يزيد وينقص ومعنى ذلك انه قول القلب وعمل القلب ثم قول اللسان وعمل الجوارح فاما قبر القلب فهو التصديق الجازم بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر. ويدخل فيه الايمان بكل ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ثم الناس في هذا اقسام ثم الناس في هذا على اقسام منهم من صدق به جملة ولم يعرف التفصيل ومنهم من صدق جملة وتفصيلا ثم منهم من يدوم استحضاره وذكره لهذا التصديق ومنهم من يغفل عنه ويذهب ومنهم من استبصر فيه بما قذف الله في قلبه من النور والايمان ومنهم من جزم به لدليل قد تعترض فيه شبهة او تقليد جازم وهذا التصديق يتبعه عمل القلب وهو حب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم. وتعظيم الله ورسوله وتعذير الرسول وتوقيره صلى الله عليه وسلم وخشية الله والانابة اليه والاخلاص له والتوكل عليه الى غير ذلك من الاحوال. فهذه الاعمال القلبية كلها من الايمان وهي مما يوجبها التصديق والاعتقاد ايجاب العلة المعلول ويتبع الاعتقاد قول اللسان ويتبع عمل القلب عمل الجوارح من الصلاة والزكاة والصوم والحج ونحو ذلك والمذهب الثالث وهو القول الوسط الذي هو قول اهل السنة والجماعة. انهم لا يصلبون اسم الايمان عن الفاسق الملي على الاطلاق. ولا يعطونه على الاطلاق فنقول هو مؤمن ناقص الايمان او مؤمن عاص او مؤمن بايمانه فاسق بكبيرته ويقال ليس بمؤمن حقا او ليس بصادق الايمان. على ظاهر قوله جل جلاله في المؤمنين اولئك هم المؤمنون حقا. وقوله اولئك هم الصادقون كما تقدم وكل كلام اطلق في الكتاب والسنة فلابد ان يقترن بهما يبين المراد منه. والاحكام منها ما يترتب على اصل الايمان فقط كجواز اتق في الكفارة وكالموالاة والموارثة ونحو ذلك. ومنها ما يترتب على اصله وثرائه كاستحقاق الحمد والثواب وغفران السيئات ونحو ذلك ثم قال شيخ الاسلام رحمه الله اذا عرفت هذه القاعدة فالذي في الصحيح قوله لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن ولا ينتهب نهبة ذات شرف يرفع الناس اليه ابصارهم فيها حين ينتهبها وهو مؤمن والزيادة التي رواها ابو داوود والترمذي صحيحة قال فيها مشي يعني قوله صلى الله عليه وسلم خرج منه الايمان فكان فوق رأسه كالظلة. رواه ابو داوود اربعة الاف وستمائة وتسعين والحاكم في المستدرك والبيهقي علقه الترمذي من حديث ابي هريرة وقرر الحاكم صحيح على شرطهما ووافقه الذهبي وسكت عليه ابو داوود والمنذري. انتهى في هامشه قال وهي مفسرة للرواية المشهورة وحمل الحديث على ظاهره. وان الزاني يصير كافرا وانه يستو الايمان بالكلية لم يحمله على هذا احد احد من الائمة ولا هو ايضا ظاهر الحديث لان قوله صلى الله عليه وسلم خرج منه الايمان فكان فوق رأسه كالظلة دليل على ان الايمان لا يفارقه في الكلية. فان الظلة صاحبها ويوم متعلقة ومرتبطة به نوع ارتباط. عامة علماء السلف يقرون هذه الاحاديث ويمضونها كما جاءت. ويكرهون كنت تأول تأويلات تخرجها عن مقصود رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقد نقل كراهة تأويل احاديث الوعيد عن سفيان واحمد بن حنبل رضي الله عنهم وجماعة كثيرة من العلماء ونص احمد على ان مثل هذا الحديث لا يتأول تأويلا يخرجه عن ظاهره المقصود به وقد تأوله الخطابي وغيره تأويلات مستكرهة مثل قولهم لفظه لفظ الخبر ومعناه النهي اي ينبغي للمؤمن الا يفعل ذلك. وقولهم المقصود به الوعيد والزجر دون حقيقة النفي وانما صاغ ذلك لما بين حاله وحال من عدم الايمان من المشابهة والمقاربة وقولهم انما عدم كمال الايمان وتمامه او شرائعه وثمراته ونحو ذلك. وكل هذه التأويلات لا يخفى حالها على من امعن النظر فالحق ان يقال نفس التصديق المفرق بينه وبين الكافر لم يعدمه. لكن هذا التصديق لو بقي على حاله لكان راهبه مصدقا بان الله حرم هذه الكبيرة وانه توعد عليها بالعقوبة العظيمة وانه يرى الفاعل ويشاهده وهو سبحانه وتعالى مع عظمته وجلاله وعلوه وكبريائه يمقت هذا الفاعل فلو تصور هذا حق التصور لامتنع صدور الفعل منه. ومتى فعل هذه الخطيئة فلابد من احد ثلاثة اشياء واحد اما اضطراب العقيدة بان يعتقد بان الوعيد ليس ظاهره كباطنه وانما مقصوده الزجر كما تقوله المرجئة او ان هذا انما يحرم على العامة دون الخاصة كما يقوله الاباحية او نحو ذلك من العقائد التي تخرج عن الملة. اثنان واما الغفلة والذهول عن التحريم الرب وشدة بأسه. ثلاثة واما فرط الشهوة بحيث يقهر مقتضى الايمان ويمنعه موجبه بحيث يصير الاعتقاد نورا مقهورا كالعقل في النائم والسكران وكالروح في النائم. ومعلوم ان الايمان الذي هو الايمان ليس باقيا كما كان. اذ ليس مستقرا ظاهرا في القلب واسم المؤمن عند الاطلاق انما ينصرف الى من يكون ايمانه باقيا على حاله عاملا عمله وهو يشبه من بعض الوجوه روح النائم فانه سبحانه توفى الانفس حين موتها والتي لم تمت في منامها النائم ميت من وجه حي من وجه وكذلك السكران والمغمى عليه عاقل من وجه وليس بعاقل من وجه. فاذا قال قائل السكران ليس بعاقل فاذا صحى عاد عقله اليه كان صادقا مع العلم بانه ليس بمنزلة البهيمة اذا عقله مستور. وعقل البهيمة معدوم. بل الغضبان ينتهي به الغضب الى حال يعزب فيها عقله ورأيه وفي الاثر اذا اراد الله نفاذ قضائه وقدره سلب ذوي العقول عقولهم. فاذا انفذ قضاءه وقدره رد عليهم عقولهم ليعتبروا العقل الذي به يكون التكليف لم يسلب وانما سلب العقل الذي به يكون صلاح الامور في الدنيا والاخرة كذلك الزاني والسارق والشارب والمنتهب لم يعدم الايمان الذي به يستحق الا يخلد في النار. وبه ترجى له الشفاعة والمغفرة وبه يستحق والموارثة. لكن عدم الايمان الذي به يستحق النجاة من العذاب ويستحق به تكفير السيئات وقبول الطاعات. وكرامة الله ومثوبة وبه يستحق ان يكون محمودا مرضيا. وهذا يبين ان الحديث على ظاهره الذي يليق به والله اعلم انظر مجموع الجزء السابع صفحة ستمائة وسبعين