بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله. نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. اللهم اغفر لشيخنا فهو فبه يا رب العالمين. قال الامام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى في كتاب التوحيد باب ما جاء في التنجيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله واصحابه واتباعه باحسان اما بعد قال المؤلف رحمه الله باب ما جاء في التنجيم اي من الذم والوعيد والتنجيم مصدر للفعل نجم ينجم والتنجيم يطلق على تعاطي علم النجوم المذموم يطلق على تعاطي علم النجوم المذموم وذلك ان علم النجوم منه ما هو مذموم ومنه ما هو غير مذموم وهذا الباب الذي عقده المؤلف رحمه الله يتعلق ببيان حكم هذا التنجيم الذي صار علما على القسم المذموم من علم النجوم والمنجم هو من يتعاطى التنجيم وهو من جنس الكهان والعرافين تأصيلا للموضوع يقال ان علم النجوم ينقسم الى قسمين. علم تأثير وعلمي تسيير ينقسم علم النجوم الى قسمين علم تأثير وعلم تسيير فاما علم التأثير فانه ينقسم الى قسمين تأثير عملي وتأثير علمي وبيان ذلك فيما يأتي علم التأثير العمل هو اعتقاد ان للنجوم والكواكب العلوية تدبيرا لهذا الكون او هي كما يقول ارباب هذه الصناعة ما يكون على وجه الارض من مجريات واحداث انما هي انفعال لفعل النجوم والكواكب وهذا دين الصابئة المشركين الذين بعث اليهم ابراهيم عليه السلام ولم يزالوا موجودين الى هذا العصر توجد قلة في بعض البلدان من هؤلاء الصابئة الذين يعتقدون ان النجوم والكواكب مدبرات لشؤون هذا الكون مع الله جل وعلا فكما ان الله يدبر شؤون الكون كذلك هذه الكواكب ويتبع هذا اشراكهم بها مع الله في العبادة حيث انهم يرجونها ويخافونها ويتقربون اليها بانواع العبادات واصل عبادة الاصنام بعضه راجع الى ذلك فالاصنام انما هي تماثيل يتذكر بها العابدون معبوداتهم السماوية او الارضية الارضية يعني ما يعبدونه من الاولياء والصالحين ينصبون انصابا ويجعلون اصناما تمثل هؤلاء الصالحين كذلك بالنسبة للمعبودات السماوية يجعلون هياكل وابين وابنية وبيوتا يصورون فيها صورا لهذه الكواكب والنجوم او يجعلون لها صنما فيتقربون الى هذا الصنم لانه يمثل الكوكب وهم يعتقدون ايضا ان روحانيات هذا الكوكب وهي الشياطين في الحقيقة ربما خاطبتهم ولبت رغباتهم فجمع هذا الشرك بين الشرك في الربوبية والشرك في الالوهية النوع الثاني علم التأثير العلمي وذلك يرجع الى استدلال اصحاب هذا الدجل استدلالهم بحركات النجوم والكواكب اقترانها وافتراقها استدلالهم بهذا على الحوادث المستقبلة الغيبية يعني يزعمون ان ظهور هذه النجوم والكواكب او خفائها او اقترانها او افتراقها او سيرها في الافلاك ان هذا به تعرف امور الغيب فاذا ظهر النجم الفلاني فان هذا يدل على ان آآ ملكا سيموت او عظيما سيولد او انه ستقوم حرب او ستحصل هزيمة او ما شاكل ذلك فهذا علم تأثير علمي يرجع الى الاستدلال بشأن امور الغيب التي لم تقع ويستدل على وقوعها بحركة النجوم وما الى ذلك ولا شك ان هذين النوعين شرك بالله سبحانه وتعالى اما الاول فشرك ظاهر في الربوبية فالله عز وجل هو الذي يدبر الامر وهو الملك السيد المتصرف في شؤون هذا الكون وحده لا شريك له واما الثاني فانه على الصحيح اشراك مع الله عز وجل في علم الغيب فالله جل وعلا عنده علم الغيب قل لا يعلم من في السماوات والارض الغيب الا الله وفي صحيح البخاري من حديث ابن عمر رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم قال مفاتح الغيب خمس لا يعلمهن الا الله لا يعلم احد ما في غد الا الله الى اخر الحديث اذا كل من زعم ان غدا سيهك سيكون كذا من امور الغيب او الاسبوع القادم او الشهر القادم او خلال هذه السنة سيحصل كذا وكذا من الامور المستقبلة فانه بهذا ادعى مشاركته مع الله سبحانه وتعالى في علم الغيب والله جل وعلا تفرد بعلم الغيب اذا هذان النوعان لا شك انهما شرك اكبر وقد جمعهما شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله كما في المجلد الخامس والثلاثين من مجموع الفتاوى عرف علم النجوم بما يجمع هذين النوعين قال علم النجوم هو الاستدلال على الحوادث الارضية بالافلاك السماوية تمزيج الافلاك السماوية بالحوادث الارضية قال هذا او كلمة قريبة منها والمراد كما ذكرت لك ما يزعمه هؤلاء من ان ما يكون على ظهر هذه الارض وما يكون في هذا الكون انما هو انفعال او انفعال لفعل هذه الكواكب ثمة قسم ثالث يرجع الى التأثير العلمي لكنه ليس شركا اكبر انما هو شرك اصغر وهو ما يزعمه ارباب هذا الدجل من ان الامور التي وقعت كان وقوعها بسبب تأثير من هذه الكواكب وهذه البروج وهذه النجوم على ان الله سبحانه وتعالى هو الفاعل حقيقة لكن هذه اسباب وما يذكرونه في هذا الباب انما هو وهميات ما جعل الله عز وجل هذه الكواكب اسبابا لحصول هذه الامور كما يزعمون مثلا ان الذي يولد في البرج الفلاني يكون هادئا بتأثير او بسبب من هذا البرج والله جل وعلا هو الذي جعله كذلك والذي يولد في البرج الفلاني يكون انفعاليا او غضوبا والذي يولد في البرج الفلاني تكون حالته كذا وكذا فهؤلاء جعلوا سببا لامر لم يجعله الله عز وجل سببا لا من جهة الشرع ولا من جهة القدر فكان هذا شركا اصغر كما مر معنا غير مرة لاحظ رعاك الله ان علماء الاسلام لا ينفون ان يكون شيء من هذه النجوم والشمس والقمر وما الى ذلك ان يكون لها سبب ما على شيء مما يكون على وجه الارض هذا قدر لا ينكره اهل العلم والشريعة لا يمكن ان تنكر شيئا واقعا انتبه لهذه القاعدة جيدا. الشريعة لا يمكن ان تنكر امرا واقعا. وبالتالي ربما يجعل الله عز وجل شيئا مما يكون في الاجرام السماوية يجعله سببا لشيء يقع على وجه الارض فالشمس مثلا سبب لكثير من الامور التي تقع على وجه الارض من جهة ما يتعلق بانضاج آآ الثمار من جهة ما يتعلق بحصول انتفاع بهذا الضوء او الحرارة للكائنات الحية او ما شاكل ذلك او من جهة مثلا ان يكون هناك سبب من القمر في حصول المد والجزر وقد يكون سببا شرعيا كما اخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن الشمس والقمر انهما لا ينخسفان لموت احد ولا لحياته ولكن الله عز وجل يخوف بهما عباده. فهما اذا سبب لحصول التخويف سبب لحصول الخوف من العباد و اذا كان الامر كذلك فهذا القدر لا شك انه ليس داخلا فيما نتحدث فيه. نحن نتحدث عن جعل هذه الاجرام السماوية سببا لشيء والحقيقة انه ليس سببا انما هو شيء يتوهمه هؤلاء في عقولهم اما ما جعله الله عز وجل سببا فنحن لا ننكر ذلك ولا يعد اعتباره سببا قادحا في التوحيد مع اننا نعامل هذا السبب معاملة آآ بقية الاسباب فاهل السنة والجماعة في نظرتهم الى الاسباب يعتقدون ان انه لا يوجد سبب يستقل بالامور بل لابد من اجتماع اسباب ولابد من زوال المانع وكل ذلك يكون بتقدير من الله سبحانه وتعالى. اذا هذه ثلاثة احوال لعلم النجوم المذموم في حالتين منها يكون الحكم ان تعاطي هذا العلم شرك اكبر وفي حالة منها يكون تعاطي هذا العلم شركا اصغر وعلى كل حال توارد وتكاثر عن اهل العلم بل هم مجمعون على هذا ان هذا العلم علم مذموم ما يزعمونه من علم النجوم الذي هو علم التأثير لا شك انه مذموم باجماع اهل العلم في هذا يقول القحطاني رحمه الله في نونيته علم النجوم وعلم شرع محمد في قلب عبد ليس يجتمعان الها دليل سعادة او شقوة لا والذي برأ الورى وبراني. من قال بالتأثير فهو معطل للشرع منتحل لقول ثاني فالله جل وعلا ما جعل هذه الكواكب اسبابا مؤثرة في تدبير هذا الكون ومن شواهد هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم قال الله جل وعلا على اثر مطر نزل قال الله عز وجل اصبح من عبادي مؤمن بي وكافر فاما من قال مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب واما من قال مطرنا بنوء كذا وكذا. فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب. وسيأتي الحديث عن هذا قريبا في الباب القادم ان شاء الله وكذلك فيما يتعلق آآ الاستدلال بما يكون في السماء على ما يكون في الارض من امور الغيب لا شك ان هذا دجل بدليل ما كان يعتقده اهل من ان الشمس او القمر اذا خسفتا او كسفتا فان ذلك يدل على ان عظيما يولد او ان عظيما سيموت فبين النبي صلى الله عليه وسلم بطلان هذا الوهم. وقال ان الشمس والقمر ايتان من ايات الله لا ينخسفان لموت احد ولا حياته فدل هذا على ان ما يزعمون من هذا التأثير العلمي ان هذا باطل لا شك في بطلانه. نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله قال البخاري في صحيحه قال قتادة خلق الله هذه النجوم لثلاث زينة للسماء ورجوما للشياطين وعلامات يهتدى بها فمن تأول فيها غير ذلك اخطأ واضاع نصيبه وتكلف ما لا علم له. وتكلف ما لا علم له به انتهى هذه كلمة حسنة من قتادة ابن دعامة السدوسي التابعي الجليل الثقة الثبط رحمه الله والمتوفى سنة ثماني عشرة ومئة او سبع عشرة ومئة عليه رحمة الله هذه كلمة حسنة تلقاها اهل العلم عنه بالقبول فالنجوم من الحكم التي ظهر لنا في شأنها هذه الامور الثلاثة هذا ما ظهر لنا من خلال كتاب الله جل وعلا وقد يكون لها حكم الله اعلم بها لكن ما ظهر لنا في القرآن والسنة من شأنها راجع الى هذه الامور الثلاثة. كما قال القحطاني رحمه الله ان النجوم على ثلاثة اضرب فاسمع مقال الناقد الدهقاني بعض النجوم خلقن زينا للسما كالدر فوق ترائب النسوان وكواكب تهدي المسافر في السرى. ورجوم كل مثابر شيطاني. اذا هذه ثلاث حكم هذا ما يجب ان يعتقده اهل الاسلام في النجوم. اولا انها زينة للسماء وثانيا انها رجوم للشياطين والمقصود بهذا كما سبق ان درسنا هذا الامر انه ينفصل عن النجوم الشهب التي يرمى بها سراق او مسترقو السمع من من الجن. وقد جمع الله عز وجل هاتين الحكمتين في قوله جل وعلا ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح وجعلناها رجوما للشياطين. اذا هاتان حكمتان جمعهما او جمعتهما هذه الاية واما الحكمة الثالثة فبينها الله سبحانه وتعالى في قوله وبالنجم هم يهتدون. فهذا الذي يجب ان يعتقده الانسان في هذه النجوم. فمن جاوز ذلك الى ما وراءه مما يتعلق بتفاصيل التأثير او علم النجوم من جهة التأثير كما فصلناه فلا شك انه قد اخطاء وضل السبيل وتكلف شيئا لم يحط به علما بل اضاع نصيبه لانه اضاع عمره في شيء لا ينفع بل في شيء قد يضره في دينه هذا العلم الذي يزعمون علم التأثير لو سلمنا جدلا انه لا مفسدة تترتب عليه لكن في الواقع انه لا فائدة ترجى من ورائه. ليس هناك اي ثمرة من وراء هذا العلم. اذا علم الانسان فيما يزعم ان سقوط النجم الفلاني او ظهوره سببه في حصول كذا وكذا فكان ماذا ايستطيع ان يصنع شيئا بعد هذا الجواب لا بقية العلوم فيها فائدة اذا تعلم الانسان علم الطب كان هذا سببا في حصول ماذا الشفاء اذا تعلم علم الحساب مثلا فانه يستطيع ان يقسم التركات ويستفيد من هذا في امور حياته لكن اذا علم انه سيكون كذا وكذا فما الثمرة؟ ايستطيع ان يقلب الموت الى حياة مديدة ايستطيع ان يقلب الى نصر ايستطيع ان يقلب العداوة الى صداقة؟ ايستطيع ان يفعل شيئا؟ الجواب لا. انما هو حاضر ومحكوم بقدر الله جل وعلا. لكن المصيبة كل المصيبة انه صار يخاف زحل والمسلمون يخافون رب زحل وصار يرجو المشتري والمسلمون يرجون رب المشتري. صار صار يخضع للشمس والمسلمون يخضعون لرب الشمس هذا ان سلمنا ان هذا العلم له حقيقة وله اثر من صواب لكن الحقيقة ان هذا كله كذب ودجل ولا حقيقة له. وقد ذكر شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله انه تكلم مع بعض هؤلاء المنجمين فاقسم له بالله احدهم انهم يكذبون مئة فكذبة في سبيل ان يصدق كلمة واحدة قالوها والناس كما قد تعلمنا هذا في دروس سابقة يتشبثون بهذه الكلمة الصادقة لاجل ما في النفوس من اتباع للهوى وتسلط من الشيطان على هؤلاء الجهال الاغمار مع الاسف الشديد ان هذه اه العلوم الفاسدة الكاسدة التي ترجع الى تعاطي الكهانة او والضرب والطرق او الزجر او التنجيم او ما الى ذلك كل ذلك من اوهام يتخيلونها او يخيلونها ويوحونها الى الجهال فيتبعونهم على هذا الباطل وهذا كله مصادم لشرع الله سبحانه وتعالى علم النجوم وعلم شرع محمد في قلب عبد ليسا يجتمعان. نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله وكره قتادة تعلم منازل القمر ولم يرخص ابن عينة فيه ذكره حرب عنهما ورخص في تعلم المنازل احمد واسحاق هذه مسألة راجعة الى القسم الثاني كل ما سبق كان يتعلق بالقسم الاول وهو علم التأثير هذا الذي ذكره رحمه الله من تعلم منازل القمر وانه رخص فيه احمد واسحاق وكذلك هذا منصوص مجاهد وابراهيم النخعي غيرهم بل هذا قول جمهور اهل العلم انه لا حرج في تعلم ذلك وقد يكون هذا مشروعا من جهة الاستحباب وقد يكون هذا واجبا في بعض الاحوال على ما سيأتي تفصيله ان شاء الله. علم تسير هو معرفة حركات النجوم والكواكب ومواقعها للانتفاع بذلك اما بمعرفة مكان او معرفة زمان. يعني فائدة علم التسيير الذي هو احد شقي علم النجوم وهذا ليس مذموما بل هو مباح وقد يكون مشروعا فائدته ترجع اما الى معرفة زمان واما الى معرفة مكان. اما معرفة الزمان فان اهل الشأن معرفة بهذا الامر يستدلون ظهور القمر في منزل معين على ان البرج على ان الفصل الفلاني فصل الشتاء او فصل الخريف قد دخل يستدلون بحركة الشمس وانها اذا كانت في البرج الفلاني فان آآ الفصل الفلاني قد دخل وبالتالي فانهم يبنون على هذا مصالح ترجع اليهم كأن يكون هذا الوقت هو الذي يزرع فيه النبات الفلاني ويحصد فيه النبات الفلاني ولا يزرع فيه النبات الفلاني لان المطر سينزل فيفسد او ان المطر لم ينزل كما عادة الله سبحانه وتعالى في كونه. وقد يكون هذا استدلالا على مكان. كان يستدل بالنجوم على الاتجاهات فاذا عرف الانسان مثلا ان النجم المسمى بالقطب انه يكون في جهة الشمال فانه اذا وظعه امامه فانه سيتجه الى جهة الشمال. والناس في السابق لا سيما العرب كان لهم عناية فائقة بهذا العلم وهذا امر شائع في جميع الامم. لكن العرب كانت حاجتهم الى ذلك عظيمة لانهم يعيشون في صحاري اه يحتاجون فيها الى الاستدلال على الاتجاهات والا تاهوا فكان لهم عناية بهذا العلم وهو علم التسيير. كذلك حينما يبحر الانسان فانه في السابق لا يجد وسيلة يهتدي بها في ظلمات البحر الا من خلال معرفته بهذه النجوم فيعرف الاتجاهات. وبالتالي فالاستدلال بهذه النجوم على زمان او مكان هذا امر قال جمهور اهل العلم بانه جائز ولا حرج فيه واما الذين ذموا ذلك ونقل هذا اعني عدم الترخيص في تعلم منازل القمر نقل هذا عن قتادة وعن سفيان ابن عيينة وهذا فيما يظهر والله اعلم يخرج او يمكن ان يخرج على احد وجهين الاول انهم ارادوا ما يرجعوا الى علم التأثير. لا الى علم التسيير والثاني انهم ارادوا الانشغال بذلك عما هو اولى منه هذا القدر من العلم فيه قسط مفيد وفيه تدقيق كثير وتفاصيل شتى لا حاجة بها. كثيرة التعب كما يقول شيخ الاسلام رحمه الله قليلة الفائدة والانشغال بها قد قد يضيع الوقت على الانسان في استثماره فيما هو اولى منه. ولا شك ان انشغال الانسان بالمفضول عن الفاضل بخس في الحظ والخير. ولذلك من اساليب الشيطان الذي اه في شأنه الذي لا يستطيع ان يضله عن الحق الى الضلال فانه ربما اشغله بالمفضول عن المقصود ان هذا القدر المقطوع والصواب فيه انه لا حرج على تعلم الانسان آآ معرفة ما يتعلق بالكواكب والنجوم لاجل ان ينتفع بذلك في امر دينه او امر دنياه. وربما يكون هذا الامر مشروعا اما استحبابا او وجوبا بمعنى لقدر ان انسانا لن يستطيع ان يعرف القبلة الا من خلال استدلاله عليها بالاجرام السماوية. فاصبح علمه بذلك ماذا واجبا لان ما لا يتم الواجب الا به فهو واجب. كذلك مثلا فيما يتعلق بمعرفة الزوال فان هذا لا بد منه واذا قدر انه لن يعرف دخول وقت الظهر الا بمعرفة الزوال صار العلم بذلك في حقه واجبا وان كان هذا في هذه الازمنة المتأخرة اصبح قليل الفائدة مع وجود هذه الاجهزة الحديثة. ذكر هنا ان قتادة وابن عيينة لم يرخص في تعلم منازل القمر. وان احمد واسحاق بل الجمهور اجازوا ذلك منازل القمر هي المواقع التي ينزلها القمر كل ليلة وذلك ان القمر عند اهل علم التسيير له ثمانية وعشرون منزلا تظهر للناظر من فوق سطح الارض اذا نظر الى القمر فانه تظهر له هذه المنازل كل ليلة ينزل منزلا منها هذه التي تسمى منازل القمر وفي الليلتين الاخيرتين التي هي التاسعة والعشرين والثلاثين لا يظهر فيها الضوء غالبا لان اه ما تراه انما هو المساحة المنيرة من ظهر القمر والتي تكون اذا انعكس عليها ضياء الشمس ذلك ان القمر يدور ويسير حول الارض خلال الشهر اليس كذلك اذا قدرنا ان الدائرة وهو يسير في دائرة اشبه بالبيضاوية وليس بدائرة محكمة انما هو اشبه بالدائرة البيضاوية كما يقول اهل الفلك الدائرة اه كم درجة ثلاث مئة وستون درجة. فاذا قسمناها على ثلاثين فانه يصبح اه اثنا عشر درجة كل كل يوم يمشي القمر هذا القدر هذا المقدار المحدد. هذا المقدار المحدد يسامت من السماء نجما او ومجموعة نجوم يسامت من السماء كانه اصبح نازلا عند هذه النجوم. ولا شك انها فوقه بكثير لكن الناظر اليها يرى انه اصبح في ماذا في مسامتة هذا النجم كانه نزل عندها وفي اليوم التالي ينتقل فيصبح مسامتا الى مجموعة من النجوم اخرى هذه هي التي تسمى اما ماذا منازل القمر العرب سموا هذه المنازل الهنعة والهقعة سعد السعود وسعد الذابح وسعد وسعد الاخبية والدبران والثريا الى اخر ما ذكروا من الثمانية والعشرين منزلا. هذه هي المقصودة بمنازل القمر فكل ليلة للقمر منزل ينزله يعني موقع من السماء اثناء سيره يكون فيه صامتا لماذا لمجموعة من النجوم التي تسمى النجوم الثوابت. وهذه يتصورون اشكالا لها. يرسمونها على شكل اشكال يعني يربطون بينها خطوط وهمية في عقولهم فيصبح شكلها على شكل معين. كذلك الشأن فيما ذكرناه غير مرة في البروج. البروج هي المواقع التي ينزلها او تنزلها الشمس آآ خلال السنة الشأن فيها كمنازل القمر لكن في حق الشمس تسمى عند اهل الصنعة عند اهل الفلك تسمى بروجا وفي حق القمر تسمى ماذا؟ منازل وهذه هي البروج الاثنى عشر وكل ثلاثة بروج منها تمثل فصلا من الفصول الاربعة وهي التي جمعت في قول الناظم حمل الثور جوزة السرطان ورعى الليث سنبل الميزان ورمت عقرب بقوس جديا ومن الدلو بركة الحيتان. اذا حفظت هذين البيتين فانك تستطيع معرفة فصول السنة. فالبداية تكون قم بالحمل او الحمل حمل الثور جوزته هذه الثلاثة هي الربيع وبعد الربيع ينتقل الى الصيف وبعد الصيف ينتقل الى الخريف بعد الخريف ينتقل الى الشتاء وهكذا دواليك. يسير الامر بانتظام الى ان يرث الله الارض ومن عليها كما قال سبحانه وتعالى وهذا في الحقيقة الباب من اخذ منه طرفا فانه يزيده ايمانا ويقينا بالله العظيم وبصفاته جل وعلا هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب. ما خلق الله ذلك بالحق. هذا كله من الحق الذي خلق الله عز وجل السماوات وما فيها والارض وما فيها من اجله جل وعلا. كذلك في قوله جل وعلا في سورة ياسين ومنازل القمر في القرآن في موضعين في سورة يونس كما قد سمعت وفي سورة ياسين والقمر قدرناه منازل حتى عاد العرجون القديم العرجون هو العذق عذق النخل الذي يحمل الشماريخ والشماريخ يكون فيها او عليها الرطب. سبحان الله اذا وكبر يعني تقدم به الوقت فانه ينحني الهلال اذا وصل الى الليلة المؤخرة او اخر ظهور له قبل ان يولد من جديد فانه يشبه العرجون قديم ولاحظ هذه الدقة في هذه الكلمة العرجون ينحني باتجاه النخلة كذلك الهلال سبحان الله العظيم طرفاه المنيران يتجهان جهة الارض بعكس الهلال الوليد. فان طرفاه تكون على غير اتجاه الارض وهذا ادق ما يكون في آآ الجملة حينما قال حتى عاد رجع كالعرجون القديم. المقصود ان احاطة الانسان بشيء من هذا العلم انه امر حسن. وقد ذكر شيخ الاسلام رحمه الله وفي شرح العمدة عن الامام احمد رحمه الله انه اجاز تعلم منازل القمر بل اخبر عن نفسه انه تعلم ذلك من اهل مكة. وكان الامام الشافعي رحمه الله له عناية بمثل هذا الامر وعلى كل حال اخذ طرف من هذا العلم يفيد الانسان دون شك والله انا اعلم نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله وعن ابي موسى رضي الله عنه انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة لا يدخلون الجنة مدمن خمر وقاطع الرحم ومصدق بالسحر. رواه احمد وابن حبان في صحيحه هذا الحديث حديث ابي موسى رضي الله عنه وقد خرجه الامام احمد وابن حبان وغيرهما وفيه بحث ايضا من جهة ثبوته فيه رجل اسمه ابو حريص عبدالله ابن الحسين وهذا فيه كلام قال فيه الذهبي في الميزان فيه شيء وقال الحافظ رحمه الله صدوق يخطئ الحديث له شاهد عند احمد من حديث ابي سعيد الخضري رضي الله عنه ولكن فيه ايضا علة وهي انه من طريق العوفي و على كل حال هذا الحديث حسنه جماعة من اهل العلم والشيخ الالباني رحمه الله اورده في صحيح الترغيب المقصود ان النبي صلى الله عليه وسلم اخبر ان صح الحديث انه لا يدخل الجنة هؤلاء الثلاثة مدمن خمر مدمن يعني مستمر ولا ينفك عن شرب الخمر ابدا هذا هو المدمن فهو مستمر على شربها حتى وفاته لم يتب الى الله عز وجل منها والثاني قاطع لرحمه يعني قرابته والثالث مصدق بالسحر وهذا وجه ايراد المؤلف رحمه الله هذا هو الشاهد من هذا الحديث. ولاجله اورد هذا الحديث في الباب. وجه ذلك ان التنجيم شعبة من شعب السحر ولعلكم تذكرون ما مر بنا من قول النبي صلى الله عليه وسلم من اقتبس شعبة من النجوم فقد اقتبس شعبة من السحر زاد ما زاد فهذا الذي اراده المؤلف رحمه الله او هذا الذي قصد المؤلف رحمه الله من ايراد هذا الحديث في هذا الباب. فلا شك ان علم التنجيم ان صحت تسميته علما ان هذا داخل في اه السحر من الوجه الذي ذكرناه سابقا من جهة ان السحر آآ ما خفي ولطف ودق سببه وفيه تأثير خفي على النفوس وهذا الشأن ايضا في التنجيم. وهو من جهة اخرى داخل في حكم والكهانة والسحر حكمهما متقارب الى حد كبير كما مر بنا تفصيل ذلك لكن قول النبي صلى الله عليه وسلم هنا انصح مصدق بالسحر لابد من التفصيل فيه من صدق ان للسحر تأثيرا باذن الله سبحانه وتعالى فلا شك انه ليس داخلا في هذا الحديث مر بنا ان للسحر تأثير باذن الله الكوني اليس كذلك؟ وهذا ما اثبته الله عز وجل في كتابه فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه اذا ما المقصود بهذا الحديث الذي يظهر والله تعالى اعلم انه يراد به احد امرين الاول ان يكون المراد بالسحر ها هنا هو التنجيم فيكون قد توعد بعدم دخول الجنة من صدق المنجم في ادعائه علم الغيب او ان لهذه اجرام السماوية تدبيرا هذا الكون والوجه الثاني ان يقال ان السحر هو السحر بحقيقته العرفية التي تعلمناها والتي فيها آآ معاونة من الشياطين فمن صدق بهذا السحر تصديقا يؤدي الى اشراك مع الله عز وجل كأن يعتقد هذا المصدق والمتعاطي للسحر والمؤمن به ان الشيطان له مشاركة مع الله عز وجل في ربوبيته او في اسمائه وصفاته او ان لهذا الساحر مشاركة مع الله عز وجل فيما يختص به من ربوبية والصفات فلا شك انه داخل في هذا الذنب. اذا لا بد من التفصيل في هذا الجزء من الحديث وهو قوله ومصدق بالسحر لكن لنا وقفة هنا مع هذا الحديث وامثاله اولا مر بنا سابقا قاعدة وهي دخول امور عدة تحت وعيد واحد لا يدل على استوائها في الحكم اليس كذلك؟ مر بنا قول النبي صلى الله عليه وسلم اجتنبوا السبع الموبقات. ذكر الشرك وذكر قذف المحصنة وهل هما سواء هذا وهذا قدر مشترك وهو ان هذا موبق وهذا موبق مع قدر مميز فارق بين هذا وهذا فهذا شرك وهذه وهذا معصية. كذلك الشأن هنا ان قلنا بصحة هذا الحديث فلا شك ان ادمان الخمر وقطيعة الرحم من المعاصي اما تصديق السحر على القدر الذي وصفته لك قبل قليل فلا شك ان هذا ماذا؟ شرك لكن اجتمع الكل تحت حد معين وهو قوله لا يدخل الجنة هذا وعيد وهو لا يدخل الجنة نأتي الان الى الوقفة الثانية ما معنى هذا الحديث تكرر هذا الحديث او تكرر هذا اللفظ في احاديث عدة عن النبي صلى الله عليه وسلم لا يدخل الجنة قاطع لا يدخل الجنة قتات عندنا هذا الحديث الذي بين ايدينا فما المراد بعدم الدخول؟ هذا الحديث وامثاله من احاديث الوعيد لابد من ان يعلم الانسان في امرين انتبه لما اقول اولا ما معنى الدليل وما معنى الوعيد الذي جاء فيه؟ هذا اولا. وثانيا ضم هذا الحديث الى غيره من الاحاديث والنصوص بحيث يفهم فهما واحدا معها افصل هذا اولا لابد ان تعرف ما مراد النبي صلى الله عليه وسلم بوعيده عندنا هذا الحديث لا يدخل الجنة لا يدخل الجنة وعيد توجه به النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث الى قدر هو معصية والى قدر هو شرك ولا يمكن ان يستوي هذا وهذا الذي ذهب اليه بعض اهل العلم ان هذا الحديث محمول على شأن المستحل الذي يستحل ماذا ادمان الخمر الذي يستحل قطيعة الرحم فلا يدخل الجنة دخولا مطلقا ولا شك ان هذا التوجيه توجيه ضعيف وقد انكره الامام احمد وغيره من اهل العلم. وذلك ان الاستحلال من حيث هو كفر فاصبح قوله مدمن خمر لغوا لا اثر له في الحكم بمعنى لو استحل الخمر ولم يشرب منها قطرة ما حكمه حكمه انه كافر ولا يلزم كل من كان مدمنا للخمر ان يكون ماذا ان يكون مستحلا كذلك من استحل قطيعة الرحم ولم يقطع رحمه فانه يكفر بذلك على كل حال هذا التوجيه ليس بوجيه اما التوجيه الصحيح القول بان المنفي في هذا الحديث في حق القاطع وفي حق مدمن الخمر وفي حق القتات وما الى ذلك المراد بذلك نفي الدخول المطلق لا نفي مطلق الدخول اذا نفي دخول الجنة ان جاء في الاحاديث وعيدا على معاص فالمراد نفي الدخول المطلق وان جاء في وعيد في حق كفار فالمراد ها مطلق الدخول مثلا في قول الله جل وعلا ان الذين كذبوا باياتنا واستكبروا عنها لا تفتح لهم ابواب السماء ولا يدخلون الجنة حتى يلجأ الجمل في سم الخياط. ما المراد بعدم الدخول هنا ها مطلق الدخول. ما الفرق؟ الدخول المطلق يعني الدخول الكامل. يعني من اول وهلة دون ان يسبق هذا بعذاب اما مطلق الدخول يعني عدم الدخول ابدا لا يدخل ابدا ولا يلد ولا يرد او ولا يلج هذه الجنة ابدا هذا في حق الكافر واما العاصي فانه آآ متوعد بعدم الدخول مع اول الداخلين. واذا لم يكن مع اول الداخلين اين سيكون اذا هذا وعيد بدخول النار لانه اذا لم يدخل الجنة سيكون ماذا سيكون في النار ومعتقد اهل السنة ان العصاة دخولهم النار دخول مؤقت لا دخول مؤبد يدخلون النار دخولا الى مدة يشاءها الله ثم يخرجون منها. اذا المنفي هنا ماذا الدخول المطلق لا مطلق الدخول وفي قوله تعالى ولا يدخلون الجنة المنفي مطلق الدخول يعني لا يدخلونها ابدا فان الله عز وجل حرم الجنة الا على نفس مؤمنة حرمها على هؤلاء الكفار. هذا الامر الذي لا بد ان تفهمه اولا. الامر تاني ضم هذا الحديث الى غيره فتفهم النصوص كنص واحد بمعنى فهمنا الان ان المراد من هذا الحديث انه متوعد بدخول النار دخولا مؤقتا وعدم دخول الجنة الدخول المطلق لكن هل هذا ضربة لازب واجب ان يكون هذا في في حق كل واحد يقع في هذا الامر؟ الجواب اننا حتى نحكم على هذا الامر لا بد ان نجمع بين الادلة ونؤلف بينها فلما نظرنا في الكتاب والسنة وجدنا ان هذه النصوص نصوص الوعيد في حق العصاة مطلقات لها ادلة مقيدة فنفهم هذا الحديث على انه حديث مطلق وله تقييد في الشرع. ما هو هذا التقييد؟ التقييد قوله تعالى ان الله لا يغفر ان يشرك به ها ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء. فاصبح هذا الوعيد يمكن ان تجعل بجواره قوله ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء. لان هذا حق وهذا حق والحق لا يمكن ان يتناقض. اليس كذلك؟ اذا لا يدخل الجنة ها الا ان يشاء الله عز وجل من اين فهمنا لا يدخل الجنة من الحديث ومن اين اتينا الا ان يشاء الله من قوله ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء. طيب لو لم يشأ الله العفو عن هذا العاصي واراد تعذيبه. فما المراد بهذا الوعيد هل سيخلد في النار خلودا مؤبدا؟ الجواب ان النفي هنا نفي لماذا للدخول المطلق لا لا لنفي الدخول لا لمطلق الدخول وهذا معروف في مجاري كلام العرب فانهم قد ينفون شيئة لانتفاء شيء مهم فيه انتبه لهذا العرب قد ينفون الشيء لانتفاء ماذا شيء مهم فيه اضرب لك مثلا في شأن الرجل الذي قتل تسعة وتسعين نفسا ثم ختمها بقتل ذاك العابد فاصبحوا مئة لما نزلت ملائكة العذاب ماذا قالت حينما اختصمت مع ملائكة الرحمة؟ قالت ما عمل خيرا قط. والسؤال هل الملائكة تكذب لا لا يمكن ان تخبر بخلاف الواقع لا يمكن ان تكذب. والواقع ان هذا الرجل عمل عملا صالحا. اليست الهجرة الى البلاد التي فيها الصالحون عملا صالحا الجواب نعم. اذا كيف يوجه هذا النفي ما عمل خيرا قط يحمل على ماذا على الغالب يحمل على الغالب لانه قد انتفى شيء مهم من الواجبات ما فعله فصح ماذا النفي على هذه الصيغة ما عمل خيرا قط. والواقع انه ماذا عمل بعض الخير اراد الخير اراد التوبة وسعى اليها فدل هذا على ان هذا اسلوب مستعمل عند العرب وتنزيل كلام ربنا جل وعلا ورسوله صلى الله عليه وسلم في محله هو الفقه يا ايها الاخوة ولاجل هذا او لاجل الاخلال بهذا ضل من ضل من الفرق وهدى الله عز وجل اهل السنة الى حق المحض لما اخذت الخوارج والوعيدية طرفا من النصوص واعرضوا عن طرف ضلوا. وهكذا لما اخذت المرجئة طرفا وظلت عن طرف ضلت. لكن اهل السنة لكن ان اهل السنة والجماعة ولله الحمد والمنة هداهم الله عز وجل للجمع والتأليف بين النصوص فامنوا بها جميعا وقالوا كلها وبذلك حازوا السعادة والتوفيق واصابة الحق ولله الحمد. لعل هذا القدر فيه والله اعلم وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله واصحابه واتباعه باحسان