وقد عظم رجاؤه في ربه سبحانه وتعالى قال لو خيرت بين ان يحاسبني ابي او يحاسبني ربي لاخترت ربي ربي خيرا لي من ابي ربي خير لي من ابي وصدق بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله. نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اللهم اغفر لشيخنا وانفعه وانفع به يا رب العالمين قال الامام محمد ابن عبد الوهاب رحمه الله تعالى في كتاب التوحيد باب قول الله تعالى افأمنوا مكر الله فلا يأمنوا مكر الله الا قوي الخاسرين ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. واشهد ان نبينا محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله واصحابه وسلم تسليما كثيرا اما بعد فاسأل الله جل في علاه ان يجعل اعمالنا كلها صالحة وان يجعلها لوجهه خالصة وان لا يجعل لاحد فيها شيئا هذا الباب الذي بوب عليه المؤلف رحمه الله لقوله تعالى افمنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله الا القوم الخاسرون بوب المؤلف رحمه الله هذا الباب لعلاج مرضين قد يعرضان من القلوب المرض الاول الامن من مكر الله وهذا ما قدم المؤلف رحمه الله الدليل عليه في هذه الاية التي سمعت اما المرض الثاني فهو القنوط من رحمة الله ودليله سيأتي ان شاء الله في الاية التي تأتي بعد هذه الاية ومعلوم ان كلا هذين المرضين ينتجان عن عدم او ضعف للخوف والرجاء فان الامن من مكر الله ثمرة لعدم او ضعف الخوف من الله والقنوط من رحمة الله ثمرة لعدم او ضعف الرجاء في الله الخوف من الله مضى الحديث فيه وبقي الكلام عن الرجاء الرجاء هو ملاحظة سعتي الرحيم سبحانه و الطمع في فضله جل وعلا وحسن الظن به هذا هو الرجاء ملاحظة العبد سعة رحمة الرحيم جل في علاه والطمع فيما عنده وحسن الظن به هذا هو الذي يعبر عنه بالرجاء قد جاء في الادلة ذكر ثلاثة الفاظ تدل على هذا المعنى اللفظ الاول الرجاء ويرجون رحمته ويخافون عذابه في ادلة كثيرة واللفظ الثاني هو الطمع ونطمع ان يدخلنا ربنا مع القوم الصالحين والثالث الرغبة انا الى الله راغبون ويدعوننا رغبا ورهبا هذه ثلاثة الفاظ متقاربة تدل على معنى الرجاء في الجملة اما عن الاسباب التي تدعو القلب الى ان يرجو الله جل وعلا ذلك سببان الاول حسن التعبد لله جل وعلا باسمائه التي تدل على معاني الرحمة والكرم والمحبة والامر كما قال النووي رحمه الله اكثر اسماء الله تعالى تدعو القلب الى محبة الله فالله جل وعلا من الرحمن الرحيم الرؤوف الكريم البر الودود جل في علاه تأمل العبد وتعبده بهذه الاسماء يكسب القلب الرجاء في ربنا جل وعلا و في صحيح مسلم يقول النبي صلى الله عليه وسلم لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولا اتى بقوم يذنبون فيستغفرون فيغفر لهم اذا مغفرة الله عز وجل ورحمته شيء عظيم لا يحيط به فكر وبشر المؤمنين بان لهم من الله فضلا كبيرا قال ابن مسعود رضي الله عنه ما اعطي احد عطاء خيرا من حسن ظنه بربه كيف لا والنبي صلى الله عليه وسلم يقول كما في الصحيحين انا عند ظن عبدي بي وزاد احمد وابن حبان فليظن بي ما شاء ضمن بربك يا عبد الله ما تعتقد انه اهل له وستجد ربك جل وعلا مجيبا لما ترجو وما احسن ما قال سفيان الثوري رحمه الله اذا هذا سبب اول يدعو القلب الى رجاء العظيم الرحيم سبحانه وتعالى اما السبب الثاني فانه مطالعة نصوص وادلة الرحمة والمغفرة التي كثر ورودها في الكتاب والسنة قال جل وعلا قل يا عبادي الذين اسرفوا على انفسهم لا تقنطوا من رحمة الله ان الله يغفر الذنوب جميعا انه هو الغفور الرحيم باجتماع هذين السببين وحسن تأمل الانسان فيهما انه يصل بتوفيق الله جل وعلا الى تحقيق هذه العبودية يبقى ان ننظر في متعلق الرجاء ما الذي يرجوه الانسان الرجاء متعلق بامرين الاول رجاء قبول الحسنة و رجاء قبول حسنة والاثابة عليها يرجو الانسان ان الله تبارك وتعالى يقبل حسناته ويثيبه عليها وهذا ما دلت عليه ادلة كثيرة ومنها ادلة تحث العباد على ان يلاحظوا ذلك الامر المتر الى قول النبي صلى الله عليه وسلم في هذه العبادة العظيمة التي نحن فيها والشيء بالشيء يذكر قال النبي صلى الله عليه وسلم من صام رمضان ايمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه من قام رمضان ايمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه. من قام ليلة القدر ايمانا واحتسابا. غفر له ما تقدم فما من ذنبه الاحتساب ها هنا هو الذي نتحدث عنه وهو رجاء قبول حسنة والاثابة والاثابة عليها اما ثانيا انه رجاء مغفرة السيئة والعفو عنها و ذلك من ادلته قول الله جل وعلا والذي اطمع ان يغفر لي خطيئتي يوم الدين فالمسلم الصادق في ايمانه يطمع ان يمن جل وعلا عليه بان يتجاوز عن سيئاته ويعفو عن زلاته اذا هذا هو الرجاء الشرعي ولكن تنبهي يرعاك الله الى ان الرجاء الشرعي لا يكون كذلك الا باجتماع امرين لن يكون الراجي راجيا الا اذا حققهما اما الاول فان يكون رجاؤه مشهوبا بخوف وهذه مسألة تكلمنا عنها سابقا وقلنا ان الرجاء والخوف من المختلفات التي تجتمع في القلب بل لا بد من اجتماعها في القلب لابد ان يجمع الانسان الرجاء الى الخوف حتى يكون سيره الى الله جل وعلا سيرا صحيحا. واما فان هذا السير سيكون معتلا وسيميل الانسان الى جانب من جانبي العطب والخلل. اما القنوت واما الامن من مكر الله اذا لابد من اجتماع الامرين. ويدعوننا رغبا ورهبة. ولو تأملت في الادلة لوجدتها تدل على هذا الامر حتى في ادلة الرجاء الخاصة وحتى في ادلة الخوف الخاصة تأمل معي مثلا قول الله جل وعلا عن إبراهيم عليه السلام لاحظ كيف كان الجزم في ابتدائي الاشياء او الافعال التي ذكرها واضافها الى ربه جل وعلا الذي خلقني فهو يهديني والذي والذي هو يميتني الذي خلقني فهو يهديك والذي هو يطعمني ويسقيني. واذا مرضت فهو يشفين. لاحظ كيف كان الجزم في هذه الافعال لكن لما كان المقام الاتي متعلقا بالرجاء لاحظ كيف انه كان رجاء مشهوبا بخوف. قال والذي اطمع ان يغفر لي خطيئتي يوم الدين في مقابل هذا تأمل في قول الله سبحانه وتعالى في نصفي المؤمن الصادق قال من خشي الرحمن بالغيب لاحظ كيف انه علق الخشية بسم الله ها الرحمن وهذا يدلك على ان المطلوب ان يكون خوفا ممزوجا برجاء فانت تخاف من رحمانا عظيم الرحمة سبحانه وتعالى. اذا المطلوب ان يجمع الانسان بين الخوف والرجاء في كل احواله في المسرة وفي حال الشدة في حال الصحة وفي حال المرض في حال الذنب وفي حال الطاعة في كل احواله ينبغي ان يكون جامعا بين الخوف والرجاء وهذا هو حال المتقين من عباد الله سبحانه وتعالى هذا الامر الاول الذي ينضبط به الرجاء فيكون رجاءا شرعيا اما الامر الثاني فهو ان يكون الرجاء مقترنا بالعمل وهذا موضع يغلط فيه كثير من الناس فهم يغلطون او يخلطون بين الرجاء والارجاء الرجاء الشرعي الذي يكون عبودية حقيقية يقوم بها المؤمن هو الرجاء الذي يقترن به العمل الصالح وما عدا ذلك فانه اماني لا تغني عن الانسان شيئا في مقام الرجاء ولذلك تأمل في قول الله سبحانه وتعالى ان الذين امنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله اولئك يرجون رحمة الله يعني اولئك الذين يستحقون ان يكونوا راجين وليس غيره من الذي حقا يمكن ان يوصف بانه راج لله عز وجل الذي قام بالاعمال الصالحة الذين امنوا والذين هاجروا والذين جاهدوا في سبيل الله اولئك واولئك فقط هم الذين يرجون رحمة الله جل وعلا قال سبحانه فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه احدا. هذا هو الرجاء الشرعي وما سواه كما قلنا فانه اماني واوهام اذا هذا هو مقام الرجاء واذا جمع الانسان بين المقامين وكان مستويين في قلبه وكانت المحبة غالبة عليهما بذلك يكون قلبه قلبا حيا قائما بالمصالح التي امرها الله سبحانه وتعالى بها نأتي الان الى الاية التي اوردها المؤلف رحمه الله ونتكلم عن المرض الاول الذي يعتل به القلب وهو مرض الامن من مكر الله جل وعلا قال سبحانه افأمنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله الا القوم الخاسرون والمعنى افى هم حالهم انهم مصرون على معصية الله جل وعلا ثم انهم يأمنون مكر الله جل وعلا فلا يأمن مكر الله الا الخاسرون الذين خسروا انفسهم وفاتهم حظهم من رحمة الله جل وعلا ابتداء السياق قول الله جل وعلا افأمن اهل القرى ان يأتيهم بأسنا بياتا وهم نائمون اوامن اهل القرى ان ياتيهم بأسنا ضحى وهم يلعبون افأمنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله الا القوم الخاسرون الامن من مكر الله جل وعلا دليل على انعدام او ضعف الخوف من الله سبحانه وتعالى ولذلك اهل الايمان الصادق عندهم خوف من مكر الله جل وعلا وهذا الخوف سببه احد امرين اما في استرسال واما عشب وكلاهما من البلاء الاول استرسال في المعصية فيغفل الانسان عن ربه جل وعلا فيأمن من مكر الله سبحانه والجانب الاخر جانب العجب ان يعجب الانسان بعبادته وقيامه بالطاعة فيغتر فيوكل الى نفسه والعياذ بالله فيكون امنا من مكر الله ومن وكله الله سبحانه الى نفسه فقد مكر به عياذا بالله و المؤمنون المتقون يأمنون او يخافون من هذا المقام خوفا عظيما وذلك الخوف نرجع الى احوال وصور فهم اولا يخافون اعظم الخوف من ان يكون ذنبهم بمعصيته لله جل وعلا سببا في ان ينسوا الله جل وعلا فينساهم والله جل وعلا توعد من نسيه ان ينساه ومن نسله الله جل وعلا قطعت وقتي قطع توفيقه عنه وخذله والعياذ بالله ووكله الى نفسه ومن كان كذلك تابت له الخسارة وكانت حاله الى بوار ثانيا يخاف المؤمن المتقي ان يكون بسبب ذنبه ومعصيته ادى مكر به من جهة انه يبتلى فلا يصبر فيفتن والعياذ بالله او وهو الثالث ان تأتيه النذر وان تأتيه العبر فلا يتعظ ولا يكون قلبه حيا متيقظا بالتالي فانه يخذل والعياذ بالله بعد ان يستدرج قال تعالى ولقد ارسلنا الى امم من قبلك فاخذناهم بالبأساء والضراء لانهم يتضرعون. جاءتهم العبر. جاءتهم النذر. لعل وعسى ان يحصل منهم تضرع الى الله جل وعلا لعلهم يتضرعون فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم ابواب كل شيء حتى اذا فرحوا بما اوتوا اخذناهم بغتة فاذا هم مبلسون لقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين من قامت عليه الحجة وبلغته النذارة والبشارة وجاءته العبر فلم يتعظ فانه يخشى ان يمكر الله عز وجل به اذا هذا المكر من الله جل وعلا بعبده مسبب عن المعصية والسيئة واعظم من ذلك ان يكون مسببا عن الكفر بالله سبحانه وتعالى والمكر تعريفه هو الايقاع بالخصم بكيفية خفية الايقاع بالخصم بكيفية خفية واعلم يرعاك الله ان ان المكر منقسم الى قسمين مكر ممدوح ومكر مذموم اما المكر الممدوح فانه المكر لمن يستحق واما المكر المذموم فهو المكر بمن لا يستحق انتبه لهذا المكر ينقسم الى قسمين مكر ممدوح ومكر مذموم ان كان ايقاع المكر بمن يستحق كان مكرا ممدوحا وان كان ايقاع المكر بمن لا يستحق كان مكرا مذموما الله جل وعلا يتصف من القسمين بالممدوح وينزه عن المذموم المكر المذموم الذي يكون فيه ايقاع بالخصم بكيفية خفية ان كان بمن لا يستحق كان كان متضمنا كذبا او ظلما او كان متظمنا كليهما الله جل وعلا ينزه عن ذلك الله سبحانه لكماله ينزه عن كل نقص وعيب جل وعلا اما المكر بمن يستحق فهذا المكر مكر يلاحظ فيه انه مدح لما لان هذا المكر اجتمع فيه ثلاثة امور اولا اجتمع فيه الدلالة على عدل الله جل وعلا والعدل ممدوح ام مذموم ممدوح لان مكر الله جل وعلا لمن يستحق المكر عقوبة وايقاع العقوبة في محلها مدح اولى ايقاع العقوبة في محلها مدح اذا هذا نكر ممدوح من الله جل وعلا ثانيا هذا المكر الممدوح الذي كان بمن يستحق دليل على قدرة الله حيث انه جل وعلا يفعل ما يشاء سبحانه وتعالى ولا راد لامره فالله على كل شيء قدير وهذا مدحه في حق الله جل وعلا والامر الثالث ان في هذا المكر دليلا على حكمة الله سبحانه وتعالى الله له الحكمة البالغة بحيث انه قابل مكر الماكرين بمثله بل بما هو اعظم منه وهذه حكمة ولذلك الله جل وعلا اخبر عن نفسه بانه خير الماكرين ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين. قل الله اسرع مكرا قال جل وعلا وقد مكر الذين من قبلهم فلله المكر جميعا يعلم ما تكسب كل نفس وسيعلم الكفار لمن عقبى الدار. لاحظ هذه الاية العظيمة التي فيها تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين يقول الله جل وعلا وقد مكر الذين من قبلهم يعني الذين قبل كفار قريش كفار قريش ارادوا المكر بالنبي صلى الله عليه وسلم؟ الم يقل الله جل وعلا واذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك او يقتلوك او يخرجوك اذا كانوا يمكرون بالنبي صلى الله عليه وسلم. قال الله جل وعلا وقد مكر الذين من قبلهم فلله المكر جميعا ما اعظم هذه الاية كيف انها تعطي المؤمنين طمأنينة وسكينة ورجاء في الله جل وعلا وجه ذلك ان الله تعالى اخبرنا ان له المكر جميعا وبالتالي فان مكر غيره كالعدم المكر الذي يقع هو مكر الله سبحانه وتعالى اما مكر هؤلاء فانه لا يقع ولا ينفع والله جل وعلا يجعله مدمحلا لما؟ جاء الجواب قال سبحانه وتعالى يعلم ما تكسب كل نفس. وبالتالي فانه سيستدرجهم ويوقعهم من حيث لا يشعر ولذلك تأمل في قول الله سبحانه وتعالى قد مكر الذين من قبلهم فاتى الله بنيانهم من القواعد فخر عليهم السقف من فوقهم واتاهم العذاب من حيث لا يشعرون هذا من حكمة الله سبحانه وتعالى. اذا مكر الله جل وعلا صفته مدح وصفة كمال لانه واقع بمن يستحق هذا المكر واقع من الله جل وعلا بمن يستحق. ولذا اهل السنة والجماعة لتون هذه الصفة كما وردت. بمعنى تضاف هذه الصفة الى الله جل وعلا ها مطلقة او مقيدة؟ تضاف لله جل وعلا مقيدة. مقيدة بماذا بما ورد الذي ورد ان الله عز وجل يمكر بمن يستحق في الذين يمكرون بدين الله وباوليائه سبحانه وتعالى وهذا احسن المكر وهذا صفة كمال لله جل وعلا اما اطلاق ان المكر صفة لله سبحانه وتعالى هكذا دون تقييد لا شك انه مخالف للنصوص. وفيه ايهام نسبة ما لا يجوز فهذه الصفة صفة مقيدة تضاف لله عز وجل كما وردت ولا يشتق منها اسم لله سبحانه وتعالى وهذا الموضع موضع اه اختلاف بين اهل السنة والجماعة ومخالفيه حيث ان اهل البدع ابوا اظافة هذه الصفة الى الله سبحانه وتعالى كما اخبر وشأنها شأن بقية الصفات التي من هذا الجنس يعني الصفات المنقسمة التي يضاف الى الله عز وجل منها الممدوح لا المذموم. ومن ذلك كما معنى المكر من ذلك الكيد من ذلك الاستهزاء ومن ذلك الخداع و آآ ما الى هذه الصفات هذه الصفات تضاف الى الله عز وجل كما وردت. اما المخالفون فانه لا يثبتون لله جل وعلا وانما تقرأ في بعض الكتب التي الفت على هذا النهج تجد انهم اذا جاؤوا الى هذه الصفات تقولون هذه من باب المشاكلة يعني انها لا تضاف حقيقة الى الله جل وعلا ولا شك ان هذا باطل و موضوع المشاكلة كما مر معنا في دروس ماظية هذا مبحث من مباحث علم البديع من علوم البلاوة وهو ان يسمى الشيء بلفظ غيره من وقوعه في محله حقيقة او تقديرا فالله جل وعلا لا يمكر عند هؤلاء لكن آآ جعل هذا من باب المجاز وكان هذا على سبيل المشاكلة المقصود ان هذا لا شك انه آآ مسلك مخالف لمسلك اهل السنة والجماعة هو الصواب اثبات هذه صفة لله جل وعلا كما وردت اذا الله جل وعلا يمكر بمن يستحق سبحانه وتعالى ومن ذلك مكره بالكفار الذين يعاندون الحق ويعادلون دين الله ويمكرون برسوله ويمكرون باوليائه الله عز وجل يمكر به فيوقع به ويوصل اليهم العقوبة من حيث لا يشعر واتاهم العذاب من حيث لا يشعرون وهذا القدر لابد ان يكون في قلب كل انسان فانه يخشى ان يمكر الله عز وجل به لا من جهة ان الله سبحانه وتعالى لا يحب عباده المؤمنين ولا يكرمهم ولا يتفضل عليهم كلا انما ذلك مما يخشى ان يكون عقوبة على الذنوب والمعاصي فالذنوب والمعاصي لها اثار ويخشى ان يكون من اثارها ان يمكر الله سبحانه وتعالى بمن اه يسترسلوا في هذه المعاصي ولا يبادر بالتوبة الى الله عز وجل على ما وصفنا قبل قليل ربما يقع الانسان في المعصية و ينظر في نفسه فلا يرى عقوبة معجلة فيدعوه هذا الى الاقترار ويدعوه هذا الى الاسترسال يظن ان تأخر العقوبة ربما كان من عدم تأثير السيئة وانها عديمة الاثر وغفل هذا المسكين عن ان الذنب مؤثر ولابد لكن لحكمة الله جل وعلا قد تتقدم العقوبة وقد تتأخر العقوبة فمن المكر للعاصي انه يسترسل في المعصية اتكالا على عدم رؤية العقوبة وهذا من اهم ما ينبغي على المسلم ان يتنبه له وما اكثر الغفلة عنه اود ان انبه ها هنا الى مسألة مهمة وهي ان بعض الناس اذا وصل الى هذا المقام فانه قد يتكلم عن مكر الله سبحانه وتعالى الذي يضاف اليه قد يتكلم عنه بي كلام قد لا يكون فيه مراعاة بمقام الادب مع الله عز وجل ولا يقدر المتكلم الله جل وعلا حق قدره بعض الناس اذا وصل الى هذا الموضع حذر من مكر الله عز وجل بالعبد وان الله عز وجل قد يوقع بالانسان بلا سبب وقد يستدل على هذا فيقول الله جل وعلا يقول واعلموا ان الله يحول بين المرء وقلبه ربما يستدل بقول النبي صلى الله عليه وسلم آآ ان العبد ليعمل بعمل اهل الجنة حتى ما يكون بينها بينه وبينها الا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل اهل النار فيدخلها ولذلك تجد الذي يخطئ في فهم هذه الادلة ويقع في قلبه هذا الظن يعامل ربه معاملة من يريد ان يوقع بعباده ولا يريد ان يهديهم ويبين لهم وهذا لا شك انه من ضعف الايمان بالله ومن ضعف تعظيم الله اعلم يا عبد الله ان الله جل وعلا هو البر الرحيم الكريم الشكور اياك ان تظن ان ربك جل وعلا اذا اقبلت اليه اعرض عنك اياك ان تظن انك ان عملت الحسنة جازاك عليها بان وجهك الى السيئة اياك ان تظن ان الله عز وجل يجازيك على ايمانك وحسناتك بان ينقلك من المسجد الى الكنيسة او من الاسلام الى الردة اياك ان تظن هذا في ربك الله جل وعلا اخضر و هو جل وعلا الذي لا يخلف وعده اخبرنا ان من اقبل الى الله عز وجل اقبل الله اليه والذين اهتدوا زادهم هبى فاما من اعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى هذا هو الكريم وهذا هو الرحيم وهذا هو الشكور جل وعلا يشكر حسنة عباده فيثيبه عليها بحسنة بعده ماذا عن هذه الادلة التي سمعناها واعلموا ان الله يحول بين المرء وقلبه اعلم يا عبد الله ان هذا انما هو بسبب من الانسان فيكون ذلك عقوبة من الله جل وعلا وليس ان الانسان يقبل على الله بالعمل الصالح فيجازيه الله على ذلك بان يحول بينه وبين الهداية. حاشا وكلا هذا لا يجوز ان يقال في حق الله. بعض الناس ربما اذا تكلم في هذا الامر والمسألة لها خلفية عقدية ترجع الى عدم تعليل هؤلاء افعال الله جل وعلا بالحكمة البالغة عند طائفة من اهل البدع الله سبحانه وتعالى يجوز ان يفعل كل شيء. ولذلك يجيزون ان الله جل وعلا ينعم في اعلى الجنان الد اعدائه ويعذب في اسفل سافلين احب اوليائه اليه ولا فرق بين هذا وهذا سوى انه اراد هذا ولم يرد هذا اما اهل السنة والجماعة فانهم يقولون ان الله قادر على كل شيء. الله على هذا قدير ولكنه لا يفعله لانه لا يليق بموجب اسمائه وصفاته لا يليق بكماله سبحانه وتعالى فهو لا يفعله لانه يتنافى وحكمته. اما ازاغته سبحانه وتعالى والحيلولة بين الانسان والايمان فبسبب من الانسان. ولذلك تأمل معي قول الله جل وعلا فلما زاغوا ها ازاغ الله قلوبهم واما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى هذا هو الذي ايش سنيسره للاسرة ثم انصرفوا جاءتك العقوبة الان هذا هو المكر قال جل وعلا صرف الله قلوبهم ليس انهم اقبلوا الى الى الطاعة والخير والايمان وعبادة الله فصرف الله قلوبهم. حاشى وكلا انما انهم انصرفوا عن طاعة الله عز وجل فالله سبحانه مكر بهم فاوقع هذا الانصراف في قلوبهم فخذلوا والعياذ بالله اما حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي سقته قبل قليل فاحاديث النبي صلى الله عليه وسلم يفصل بعضها بعضا ويبين بعضها بعضا. والواجب الجمع والتأليف بينها. وليس ان تأخذ طرفا وتترك اخر. النبي صلى الله عليه وسلم هذا في حديث اخر ففي الصحيحين من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ان الرجل ليعمل بعمل اهل جنة فيما يبدو للناس وهو من اهل النار اذا ضع خطا عند كلمة ماذا فيما يبدو للناس اذا ذاك الذي يعمل بعمل اهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها الا ذراع هذا عمله مغشوش في قلبه خبيئة سوء عنده رياء كان يعمل العمل الصالح ماذا فيما يبدو للناس. اذا كان يظهر شيئا ويخفي ويخفي شيئا اخر. فمثل هذا حري ان ينكر به والعياذ بالله. اما الصادق في طاعة الله عز وجل فلا فلا يكون ذلك ابدا منه سبحانه وتعالى لانه اخبر بهذا وهو سبحانه وتعالى لا يخلف الميعاد. فاما من راق واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى لعلنا نكتفي بهذا القدر ولنا موعد ان شاء الله غدا لنكمل هذا الباب والله تعالى اعلم وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله واصحابه واتباعه باحسان