بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على اله ورسوله. نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اللهم اغفر لشيخنا وانفعه وانفع به يا رب العالمين. قال الامام محمد بن ابي الوهاب رحمه الله تعالى في كتاب التوحيد في باب قول الله تعالى افأمنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله الا القوم الخاسرون. وقوله ومن يقنط من رحمة ربه الا الضالون ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان نبينا محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله واصحابه وسلم تسليما كثيرا اما بعد بين المؤلف رحمه الله وقد اورد الدليل الذي يعالج احد خللين القلوب حيث اورد الدليل على النهي والذم للامن من مكر الله سبحانه وتعالى في ايراده قول الله جل وعلا افأمنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله الا القوم الخاسرون وقد علمنا ان الامن من مكر الله هو عدم الخوف من استدراج الله سبحانه وتعالى وابتلائه دون ان يشعر الانسان هذا هو الامن من مكر الله و الخلل الثاني والقنوط من رحمة الله وهذا الذي اورد عليه المؤلف رحمه الله قوله تعالى ومن يقنط من رحمة ربه ان الضالون وذلك ان الواجب على المسلم كما تكرر معنا غير مرة ان يجمع بين الخوف والرجاء في قلبه باعتدال بحيث لا يطغى احدهما على الاخر حتى يستقيم سيره الى الله جل وعلا الواجب ان يرجى الله سبحانه وتعالى رجاء مشهوبا بخوف وان يخاف خوفا مشوبا برجاء والله جل وعلا هو المرجو مع شديد انتقامه وهو المخوف مع سعة رحمته ولذا فانه لم يؤمن الصالحين ولم يقنط المسرفين الداء الثاني هو القنوت من رحمة الله جل وعلا وهو الذي جاء ذمه والتنفير منه في قوله تعالى ومن يقنط من رحمة ربه ان الضالون هذه الاية فيها قصة وهي حلول ضيفي ابراهيم عليه السلام عليه وهم الملائكة الكرام حينما نبأنا الله عز وجل عن خبر ضيف ابراهيم وانهم بشروه بغلام عليم وهو اسحاق عليه السلام هنا قال ابراهيم عليه السلام ابشرتموني على ان مسني الكبر فبم تبشرون لاحظ انه جاء الاستفهام مرتين وهذا الاستفهام ليس لاستبعاد او انكار ان يكون الله عز وجل برحمته قد قدر الانعام على ابراهيم بهذا الولد على كبره فانه يعلم من قدرة الله عز وجل ورحمته ما هو اعظم من ذلك لكن هذا الاستفهام كان مسروقا مساق التعجب تعجب انه مع كبر سنه وسن زوجه فان الله سبحانه قدر ان يكون له الولد فها هنا الملائكة عليهم السلام قالوا قد بشرناك بالحق فلا تكن من القانطين نبهوا الى ان الواجب ان لا يقنط الانسان من رحمة الله جل وعلا فاجاب ابراهيم عليه السلام ببيان انه لم ولا يقنط من رحمة الله جل وعلا فقال ومن يقنط من رحمة ربه الا الضالون فهذا دليل على ان القنوط من رحمة الله جل وعلا ليس من شأن اهل الايمان والتقوى انما هو من شأن من زل وضل وانحرف عن الطريق المستقيم ذلك ان القنوط من رحمة الله جل وعلا فيه ارتكاب ما نهى الله عنه فان الله جل وعلا قد قال قل يا عبادي الذين اسرفوا على انفسهم لا تقنطوا من رحمة الله ايضا القنوط من رحمة الله جل وعلا يتضمن الجهل بالله وسوء الظن به الجهل بالله وسوء الظن به جاء هنا من جهتين الاولى من جهة اعتقادي ضعف قدرة الله عز وجل عن تحقيق المرجو او دفع المرهوب والا لو اعتقد الانسان ان الله على كل شيء قدير وان قدرته كاملة جل وعلا فلا يعجزه شيء اذا لاي شيء يقنط ولاي شيء ييأس والامر الثاني انه وقع في اعتقادي تحجير رحمة الله عز وجل وان رحمة الله سبحانه اضعف من ان يحقق الله عز وجل بها مرجوة او يدفع ما يخاف او يدفع ما يخاف منه فلأجل هذا كان القنوط من رحمته كانت كان القنوط من رحمة الله جل وعلا شأن الضالين ما شأن المؤمنين الواجب ان يعظم في قلب المسلم الرجاء في الله والطمع فيما عنده وحسن الظن به جل وعلا كيف لا يكون ذلك وقد علم العبد ان ربه هو الرحمن الرحيم الذي وسعت رحمته كل شيء هو الذي قال ورحمتي وسعت كل شيء كيف يقنط المؤمن من رحمة ربه وهو الذي من اسمائه اللطيف والبر والكريم والشكور والودود جل وعلا كيف يقنط من رحمة ربه من علم انه جل في علاه خلق مئة رحمة وجعل منها تسعة وتسعين يوم القيامة كيف يقنط من رحمة ربه من علم ان رحمته جل وعلا غلبت غضبه كيف يقنط من رحمة ربه من قال انا عند ظن عبدي بي فليظن بي ما شاء كيف يقنط من رحمة ربه من قال قل يا عبادي الذين اسرفوا على انفسهم لا تقنطوا من رحمة الله ان الله يغفر الذنوب جميعا كيف يقنط من رحمة ربه من وعد بان يكفر الزلات وان يعظم الاجور ويرفع الدرجات كيف يقنط من رحمة ربه من يعبد هذا الكريم العظيم الذي قال وبشر المؤمنين بان لهم من الله فضلا كبيرا هذا ابن مسعود رضي الله عنه يقول ليغفرن الله يوم قال رضي الله عنه ليغفرن الله يوم القيامة مغفرة ما خطرت على قلب بشر اذا كيف يقطع الانسان طمعه ورجاءه بهذا الاله الرحيم الكريم سبحانه وتعالى اذا على المسلم ان يتقي الله وان يتأدب مع الله وان يقدر الله عز وجل حق قدره وان يحذر من سوء الظن بالله جل وعلا لكن حذاري من الاغترار ومن الاسترسال قال ابن القيم رحمه الله اجمع العارفون على ان الرجاء الشرعي لا يكون الا مع العمل اذا رجاء بلا عمل هو غروره واماني واما من كان جادا وصادقا في رجاء الله جل وعلا فهو من شمر عن ساعد الجد في طاعة المولى سبحانه والبعد عن معاصيه ان الذين امنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله اولئك يرجون رحمة الله ومن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه احدا نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله عن ابن عباس رضي الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن الكبائر قال الشرك وبالله واليأس من روح الله والامن من مكر الله هذا الحديث خرجه البزار الطبراني وغيرهما و فيه بحث من جهة ثبوته من جهة ان في اسناده رجلا هو شبيب ابن بشر حديث من طريق شبيب ابن بشر عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم شبيب هذا مختلف فيه وثقله ابن معين و قال ابو حاتم انه لين الحديث وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله في التقريب صدوق يخطئ وعلى كل حال الحديث قال فيه الهيثمي رجاله موثقون وحسنه الزين العراقي في كتابه المغني وكذلك الشارح الحفيد الشيخ سليمان رحمه الله اما الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسيره فانه نظر في اسناده وقال فيه نظر والاقرب انه موقوف على ابن عباس رضي الله عنهما وعلى كل حال اذا ثبت رفعه الى النبي صلى الله عليه وسلم او كان موقوفا فهو في كل حال له حكم الرفع الى النبي صلى الله عليه وسلم هذا الحديث فيه ذكر ثلاث كبائر الشرك الذي هو اكبر الكبائر على الاطلاق وكيف لا يكون ذلك كذلك والشرك بالله سبحانه تنقص من عظمة الربوبية وهضم لحق الالوهية وسوء ظن برب العالمين جل وعلا ولذلك كان اعظم ذنب واكبر جريمة على وجه الارض على الاطلاق اما الكبيرة الثانية والثالثة فهي ما نحن فيه الامن من مكر الله واليأس من روح الله روح الله الروح بفتح الراء هو التفريج والتنفيس من الله سبحانه وتعالى ويكون من الانسان يأس واليأس قطع الرجاء وانعدامه ينعدم الرجاء في هذا الانسان من فرج الله سبحانه وتعالى مع انه قريب فرج الله جل وعلا قريب لكن الانسان يعجل وهو في معنى القنوط من رحمة الله. اليأس من رح الله بمعنى القنوط من رحمة الله على ما سنفصله ان شاء الله قريبة و ليس من جديد في هذا الحديث الا ذكر الكبائر وموضوع الكبائر اظن اننا اخذنا طرفا منه في دروس سابقة ولكن لا مانع من التذكير باهم معالمه عندنا في موضوع الكبائر لابد من ملاحظة اربعة امور الاول هل الذنوب تنقسم الى كبائر وصغائر الجواب نعم دل على هذا الكتاب والسنة والاجماع ويكفي في الدلالة على هذا قوله تعالى ان تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم السيئات فالسيئات ها هنا يتعين ان تكون هي الصغائر لانه ذكر الكبائر قبلها الشاهد ان الذنوب تنقسم الى كبير والى صغير والامر الثاني هو هل الضابط للكبيرة هو الحد او العد يعني هل تنضبط الكبائر بالحد فهي محدودة او بالعد فهي معدودة نلاحظ اننا نتحدث عن الكبائر وذلك لانه اذا استبان لنا ما الكبيرة استبان لنا بالتالي ما الصغيرة؟ لان الصغيرة هي ما كان دون دون الكبيرة قال بعض اهل العلم ان الكبائر منضبطة بالعبد واختلفوا قيل الكبائر الثلاث وقيل اربعة وقيل سبع وقيل هي سبعون. وقيل هي سبعمائة. وقيل غير ذلك وهذا مسلك ضعيف الصواب ان الكبيرة منضبطة بالحد وما جاء في بعض الادلة من ذكر اشياء كما بين ايدينا في هذا الحديث انها ثلاثة وفي غيرها غير ذلك هذا محمول عند اهل العلم على ان اجوبة النبي صلى الله عليه وسلم كانت مناسبة لمقتضى الحال اجاب النبي صلى الله عليه وسلم في ضوء المناسب للحال الذي كان يجيب او يتحدث فيه النبي صلى الله عليه وسلم المسألة الثالثة وهي ما ضابط او ما حد الكبيرة اختلف العلماء رحمهم الله وها هنا اختلافا طويلا جدا والاقرب والله تعالى اعلم ان يقال ان الكبيرة كل ذنب توعد الله عز وجل عليه بوعيد خاص كل ذنب توعد الله عز وجل عليه بوعيد خاص ومرادنا بقولنا وعيد خصم هو ان يتوعد الله عز وجل على ذنب ما بنار او عذاب او لعنة او دخول او حرمان من جنة او الوصف بان الفاعل ليس منا وما شكل ذلك هذه آآ نماذج للوعيد الخاص اما ما لم يرد فيه وعيد خاص فانه يكون من الصغائر لا من الكبائر وهذا الضابط هو اقرب ما يمكن ان يقال وهو الذي اختاره وقال معناه جمع من المحققين من اهل العلم كابن عباس رضي الله عنهما والامام احمد وشيخ الاسلام ابن تيمية وغير من اهل العلم رضي الله عنهم ورحمهم اذا هذا اقرب ما يمكن ان يقال في انه ضابط الكبيرة المسألة الرابعة هل يقترن بالصغيرة ما يسيرها كبيرة الجواب نعم نص على هذا اهل العلم الذنب الصغير قد يقترن به ما يرفعه ويعظمه حتى يلحقه بالكبائر وذلك بان يقترن بالصغيرة لا مبالاة بها ان يقترفها الانسان دون ان يبالي ودون ان يكترث فيكون متساهلا ابان فعله لها او وهو الثاني المجاهرة بها والمجاهرة بها امر عظيم بل قد تكون المجاهرة من حيث هي ذنبا اعظم من الذنب نفسه والامر الثالث الاصرار عليها. الاصرار على السيئة. يصيرها الى ان تكون كبيرة وقد اخرج اللاكائيون رحمه الله وغيره باسناد قال عنه ابن مفلح صحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما انه قال لا لا صغيرة مع الاصرار لا صغيرة مع الاصرار الاصرار على الذنب بمعنى المداومة و عدم الترك الترك الذي يصحبه توبة الى الله سبحانه وتعالى منه انما يدمن المعصية ويداوم على المعصية هذا هو الاصرار وهذا يسير الصغيرة كبيرة بالتالي على المسلم حتى ينجو من هذه الورطة ان يحذر اشد الحذر من ان يكون مصرا على صغيرة وانما ان زلت قدمه عليه ان يبادر الى التوبة الى الله سبحانه وتعالى مما استراحته يده اذا هذه نبذة عن الكبائر والمقصود ان النبي صلى الله عليه وسلم او ابن عباس عن الخلاف في الحكم على الحديث جاء في آآ هذا الحديث او الاثر التنصيص على ان الامن من مكر الله والقنوط او اليأس من روح الله ان هذا من الكبائر وكفى بهذا تحذيرا وتنفيرا من هذين الذنبين العظيمين. نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله وعن ابن مسعود رضي الله عنه انه قال اكبر الكبائر الاشراك بالله والامن من مكر الله من رحمة الله واليأس من رح الله. رواه عبدالرزاق هذا اثر ابن مسعود رضي الله عنه اخرجه عبد الرزاق وابن جرير في تفسيره وقال فيه الحافظ ابن كثير في تفسيره انه صحيح الى ابن مسعود بلا شك وفيه التنصيص على ان من الكبائر هذه الامور الاربعة الشرك والامن من مكر الله والقنوط من رحمة الله واليأس من رح الله و الجديد في هذا الاثر هو انه جاء فيه ذكر لفظين متقاربين القنوط واليأس فما وجه التفريق او ما وجه ايراد هاتين الكلمتين في هذا الاثر لاهل العلم ها هنا اجتهادات في التفريق بين القنوط واليأس من اهل العلم من ذهب مثل ابن الاثير في كتابه النهاية وكذلك اه العسكري في فروقه وغيرهما من اهل العلم ذهبوا الى ان بين اللفظين عموما وخصوصا فان القنوط اشد اليأس القنوط اشد اليأس وبالتالي فبينهما عموم وخصوص فكل قنوط ها يأس وليس كل يأس قنوطك وبعض اهل العلم رأى ان بين اللفظين تباين العلاقة بينهما التباين فالقنوط هو استبعاد حصول المرجو القنوط استبعاد حصول المرجو واما اليأس فاستبعاد زوال المكروه اليأس استبعاد زوال المكروه وعلى كل حال مهما يكن من شيء فلا شك ان اللفظين آآ متقاربان وقد يوضع الشيء محله وقد يوضع الشيء محل الشيء اذا كان قريبا منه كما قال اهل العلم المقصود يا ايها الاخوة ان القنوط من رحمة الله واليأس من رح الله ذنب ينبغي بل يجب على كل مسلم ان يتناءى وان يتباعد عنه وليعلم ان هذا القنوط من رحمة الله قد يكون متعلقا بامر الاخرة وقد يكون متعلقا بامر الدنيا اما فيما يتعلق بامر الاخرة فان سبب هذا القنوط راجع الى احد امرين الاول الاسترسال في المعاصي والغرق في بحارها او في بحارها المظلمة وبالتالي فينتاب من كانت هذه حالة نسأل الله السلامة والعافية شعور باليأس الشديد وانه لا امل له ولا سبيل للنجاة له وهذا موضع ينشط فيه ابليس فيسول لهذا الانسان بان نيل رحمة الله عز وجل شيء بعيد عنه مع ما هو متلطخ به ومع ما عليه قلبه من ادمان للمعاصي واقتراف المحرمات اذا ليستمر في هذه المعاصي وليأخذ حظه من الاستمتاع ان صح ان هذا استمتاع والا فالحق انه وبال عليه ثم بعد ذلك ينتظره المآل الوخيم عند الله سبحانه وتعالى اذا الاسترسال في المعاصي قد يكون سببا للوقوع في الامن للوقوع في القنوط من رحمة الله جل وعلا عن دعاة التوحيد او قال لدعاة التوحيد العظماء الذين هما او اللذان هما موسى وهارون عليهم السلام. انني معكما اسمع وارى هذه معية خاصة اقتضي نصرا من الله عز وجل وتأييدا وتوفيقا الامر الثاني المبالغة في الخوف وطغيانه على الرجاء بمعنى ان يكون عند الانسان خوف لكنه مبالغ فيه في مقابل ان رجاءه في الله سبحانه وتعالى ضعيف او منعدم وبالتالي فانه يقع في القنوت من رحمة الله عز وجل ولابد وبالتالي علاج هذه المشكلة هو بان يداوي الانسان نفسه باضباد ما وقع فيه فاذا كان الغالب عليه الخوف من الله عز وجل حتى وصل الى حد القنوط فينبغي عليه ان يروح عن نفسه بالنظر الى سعة رحمة ارحم الراحمين جل وعلا وبالتالي يستقيم سيره اذا كان انقطاع طمعه في مغفرة الله عز وجل بسبب ما وقع فيه من المعاصي فلينظر الى الادلة العظيمة التي تدل على ان الله غفور رحيم. وان ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم والله جل وعلا لا يتعاظمه ذنب ولا يمكن ان يعتقد فيه جل وعلا ان الذنب لعظمه فهو اكبر من قدرة الله عز وجل على مغفرته هو ظن لا يجوز ان يكون من مسلم اذا معالجة الادواء انما تكون باتخاذ الاسباب التي هي ضد لها وكل انسان ينبغي ان يكون طبيب ان يكون طبيب نفسه اما الشق الاخر من القلوب فهو ما يتعلق بامر الدنيا وكم من الناس من هو واقع في ذلك مع الاسف الشديد تجد انه يبتلى اليأس في شأن معاشه بسبب انه حاول مرة واثنتين وربما ثلاث مرات او اربع فوجد الابواب في وجهه مغلقة تجد انه ينكسر واذ محل تفاؤله ويصاب بهذا القنوط ويجلس في هم وغم ويقول لا سبيل لطلوع الفجر ولا سبيل لانقياب هذه الحال البائسة الى فجر مشرق مبشر بالخير وهذا لا شك انه ايضا من سوء الظن بالله سبحانه وتعالى يا رب نازلة يضيق بها الفتى ذرعا وعند الله منها المخرج ضاقت فلما استحكمت حلقاتها فرجت وكان يظنها لا تفرج اذا على الانسان ان يعظم رجاؤه في الله سبحانه وتعالى ويعظم تعظيمه له جل وعلا وانه لا يعجزه شيء وانه الذي على كل شيء قدير وانه لا يتعاظمه شيء وانه الذي اذا شاء شيئا فانما يقول له كن فيكون لكن على الانسان ان يلح بالسؤال والله جل وعلا يحب من عبده هذا الالحاح بالسؤال وليعلم ان خيرة الله سبحانه وتعالى له خير من خيرته لنفسه ايضا من هذه الجوانب التي لا بد من التعريج عليها التي هي من ضمن صور اليأس والقنوط ما يصاب به بعض الناس حينما ينظر الى تكالب الاعداء على امة الاسلام وما هو واقع على المسلمين. من ويلات ومصائب فانه قد يتسلسل قد يتسلل الى نفوس البعض شيء من اليأس والقنوط واستبعاد انتصار هذه الامة ورجوعها الى عزها ومجدها التليد وهذا ايضا لا شك انه قنوط ممقوت يجب ان نستبعد تماما من النفوس المؤمنة الشريعة ربة اتباعها على التفاؤل وعلى الامل وعلى الرجاء وهذا ما نطقت به ادلة كثيرة في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم. الله عز وجل قد وعد والله لا يخلف الميعاد فقال وان الله موهن كيد الكافرين ان الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون اذا ما ينبغي ابدا ان يتسلل اليأس الى القلوب المؤمنة او الشك في وعد الله عز وجل انما ذلك ينبغي ان يكون دافعا الى مزيد من النشاط والجد في اصلاح الخلل الذي وقع في هذه النفوس المؤمنة والذي لاجله ولاجله فقط تأخر النصر وتأخر التقدم لهذه الامة. والا فلو رجعت هذه الامة الى سابق تمسكها بدينها لرجعت الى سابق عزها دون شك. ولاصبحت متبوعة لا تابعة ولا لاصبحت اعز الامم وارفعها قدرا واعزها شأنه لكنها ابتليت بما ابتليت به بسبب هذا البعد عن الاستقامة على طاعة الله والاستجابة لامره وامر رسوله عليه الصلاة والسلام ومع ذلك فالله عز وجل فضله اوسع ورحمته اكبر ولا ينبغي للانسان الا ان يصبر ويجد ويجتهد كذلك الدعاة الى الله طلبة العلم لا ينبغي عليه لا ينبغي عليهم البتة ان يصيبهم اليأس والقنوط والتشاؤم في مستقبل الدعوة ومستقبل اقبال الناس على الخير بل ينبغي ان يكونوا دائما متفائلين ودائما مؤمنين للخير وان الخير قادم وان الفضل من الله عز وجل مقبل وبالتالي فانه يدعوهم الى ان يجدوا ويجتهدوا في دعوة الناس والصبر على ما يلاقون في سبيل دعوتهم. وليبشروا ان لهم حظا من معية الله عز وجل الخاصة التي تقتضي النصر منه جل وعلا والتأييد. قال جل وعلا وبالتالي فمن كان الله عز وجل معه فانه لا يخذل فلا ينبغي ابدا ايضا ان يصاب الدعاة والمصلحون بيأس من الخير ومن اقبال الناس هذا كله من تسويل الشيطان ومن وسوسته في صدور الناس الواجب ان يدفع ذلك بضده والله تعالى اعلم وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله واصحابه واتباعه باحسان