بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين اللهم اغفر لشيخنا وانفعه وانفع به يا رب العالمين قال الامام محمد ابن عبد الوهاب رحمه الله تعالى في كتاب التوحيد باب من الايمان بالله الصبر على اقدار الله ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا ان سيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان نبينا محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله واصحابه وسلم تسليما كثيرا اما بعد فلا يزال الشيخ الامام عليه رحمة الله طوال في تبويب الابواب التي تشتمل على العبوديات التي يقوم عليها ساق الايمان ومن ذلك هذا الباب الذي بين ايدينا وهو الذي يتعلق بالصبر على اقدار الله المؤلمة وذلك ان الصبر له من الاسلام محل جليل حتى ذكر بعض السلف ان الصبر من الاسلام بمنزلة الرأس من الجسد الصبر في اللغة هو الحبس وفي الشرع هو الصدر على المأمور والصبر عن المحظور والصبر اعلى المقدور اذا حقيقته اشي المعنى والاصطلاح الشرعي ترجع الى هذه الامور الثلاثة صبر فعلى المأمور هو صبر عن المحظور وصبر على المقدور و تفصيل ذلك ان الصدر ينقسم الى هذه الاقسام الثلاثة الاول الصبر على طاعة الله سبحانه سواء كانت هذه الطاعة واجبة او مستحبة فانه لا قيام بالطاعة ما لم يكن ثمة صبر والنوع الثاني الصبر عن معصية الله سبحانه فما لم يحبس الانسان نفسه ويحجزها عن مقارفة الاثم الانهماك فيما حرم الله جل وعلا فانه لن ينفك عن الوقوع فيها لا سيما مع قوة الداعي اليها والنوع الثالث الصبر على اقدار الله المؤلمة وهذا هو موضع البحث في هذا الباب وما اورده المؤلف رحمه الله من ادلة انما تختص بهذا النوع وهو الصبر على اقدار الله المؤلمة والصبر من حيث هو باعزائه الثلاثة له في الاسلام شأن واي شأن الصبر خلق كريم انما تستقيم حياة الانسان ودينه وحسن مآله بهذا الصبر قال عمر رضي الله عنه وجدنا خير عيشنا بالصبر و قال بعض السلف لو كان الصبر رجلا لكان رجلا كريما كيف لا يكون ذلك كذلك واهل الصبر هم اهل معية الله عز وجل ان الله مع الصابرين فهنيئا للصابرين الذين خصهم الله جل وعلا بمعيته الخاصة والتي مقتضاها نصره واعانته وتأييده ومن كان الله معه فما الذي فاته و اهل الصبر ايضا هم اهل المعونة جاءتهم اعظم معونة من الله جل وعلا قال سبحانه واستعينوا بالصبر والصلاة الصبر خير ما يعطاه الانسان في هذه الدنيا قال عليه الصلاة والسلام كما ثبت عنه وما اعطي عبد عطاء خيرا ولا اوسع من الصبر والحديث في الصحيحين الصبر هو الذي يقود الانسان الى ان يكون من اهل البشارة والفلاح والفوز وبشر الصابرين الصبر الصبر مهاله الجنة والذين امنوا وعملوا الصالحات لنبوئنهم من الجنة غرفا تجري من تحتها الانهار خالدين فيها نعم اجر العاملين الذين صبروا وعلى ربهم يتوكلون لا جنة الا بالصبر ولذا تقول الملائكة يوم القيامة لاهل الجنة يقولون لاهل الجنة سلام عليكم بما صبرتم سنعمل فنعم عقبى الدار ويكفي الصبر فضلا ان الله سبحانه وتعالى يقول في ذلك اليوم العظيم اني جزيته اليوم بما صدروا انهم هم الفائزون يكفي والله فضلا وشرفا لهذه العبودية هذا الفضل من العظيم سبحانه وتعالى اذا كان الصبر بهذه المثابة فلا شك ولا ريب انه من اهم الامور ومن اعظم العبادات وقد اجمع المسلمون على ان الصبر بانواعه الثلاثة امر واجب و الصبر كما علمت عباده وبالتالي لا يكون عبادة الا اذا كان لاجل وجه الله سبحانه وتعالى تلك الثمرات العظيمة للصبر انما ينالها المخلصون في صبرهم والذين صبروا ابتغاء وجه ربهم هؤلاء هم الذين يفوزون بما سبق واعلم يا عبد الله ان الصبر لا يكون الا بمعونة من الله جل وعلا ولذا من ظن انه يمكن ان يصبر دون ان يصبره الله عز وجل فانه واهم واصبر وما صبرك الا بالله لكن من بذل جهده وحاول واستعان بالله فان الله عز وجل سيجعله ينال هذه الرتبة المنيفة قال صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين ومن يتصبر يصبره الله لا تظنن ان الصبر مرتبة لا يمكن الوصول اليها بل انها امر متيسر لمن يسر الله عز وجل عليه عليك ان تخلص ثم ان تجتهد وتحاول وابشر فان الله عز وجل سيبلغك هذه المرتبة الصبر كما قد علمت ينقسم الى الاقسام الثلاثة التي سمعت و اختلف العلماء في هذه الاقسام ايها افضل الاقرب والله تعالى اعلم ان الصبر على الطاعة والصبر عن المعصية اعظم وافضل من الصبر فعلى الاقدار المؤلمة ذلك ان الصبر على الطاعة وعن المعصية صبر اختياري اما الصبر على اقدار الله المؤلمة فانه صبر اضطراري بمعنى ان الانسان لا ممدوحة عنده الا ان يصبر فهو مضطر الى هذا الصدر فان ان يصبر طاعة لله سبحانه وتعالى فيفوز بالاجر او انه سيتحمل ما يأتيه ولا شيء في يديه ليدفع هذا القدر المؤلم. اذا الصبر على الطاعة وعن المعصية افضل لكن يبقى بعد ذلك اي النوعين افضل من الاخر هل الصبر على الطاعة افضل من الصبر عن المعصية ام الصبر عن المعصية افضل من الصبر على الطاعة قال بعض اهل العلم ان الصبر عن المعصية هو الافضل ذلك ان الداعي الى المعصية اعظم حيث ان الداعي الى المعصية هو الشهوة والهوى وبالتالي فان الانسان يحتاج الى مجاهدة عظيمة حتى يصبر عن المعصية ولذلك قال اهل العلم لا يصبر عن المعاصي الا الصديقون اما ترك الطاعة فانما يدعو اليه الكسل والبطالة ولا شك ان الهوى والشهوة اعظم تأثيرا في النفس من الكسل والبطالة فكان الصبر عن المعصية اعظم من الصبر على الطاعة وقالت طائفة من اهل العلم بل الصبر على الطاعة اعظم من الصبر عن المعصية ذلك ان جنس فعل الطاعة افضل من جنس ترك المعصية فلما كان ذلك كذلك كانت الوسيلة المؤدية الى الاعظم اعظم وبالتالي كان الصبر على الطاعة افضل من الصبر عن المعصية والتحقيق في هذا هو ما حرره ابن القيم رحمه الله في كتابه طريق الهجرتين ما هو التفصيل فالصبر على الطاعة العظيمة اعظم من الصبر عن المعصية الصغيرة كما ان الصبر على المعصية كما ان الصبر عن المعصية الكبيرة اعظم وافضل من الصبر على الطاعة الصغيرة صبر الانسان على اداء الصلاة والجهاد في سبيل الله وصوم رمضان والحج لا شك انه افضل من الصبر عن معصية صغيرة كما ان صدر الانسان عن مواقعة كبيرة من كبائر الاثم والفواحش افضل من صبره على اداء صلاة الضحى او قيام الليل مثلا هذا هو التحقيق في هذه المسألة والله تعالى اعلم احسن الله اليكم قال رحمه الله فقوله تعالى ومن يؤمن بالله يهدي قلبه هذه الآية اول ما استدل به المؤلف رحمه الله وانما يستدين الاستدلال لمعرفة ما قبلها قال جل وعلا ما اصاب من مصيبة الا باذن الله ومن يؤمن بالله يهدي قلبه والله بكل شيء عليم ما اصاب من مصيبة المصيبة كل ما يؤلم سواء تعلق بامر حسي او امر معنوي ففقد الولد و حصول الجذب و نزول المرض او السحر او العين كل ذلك من المصائب قال جل وعلا ما اصاب من مصيبة الا باذن الله اذن الله ها هنا هو الاذن الكوني والاذن ينقسم كما جاء في النصوص يعني باستقراء النصوص ينقسم الى قسمين اذن شرعي واذ من كوني اما الاذن الشرعي هو الذي جاء في نحو قول الله جل وعلا قل ارأيتم ما انزل الله لكم من رزقي فجعلتم منه حراما وحلالا قل االله اذن لكم ام على الله تفترون هذا هو الاذن الشرعي وهو مقتض لمحبة الله سبحانه وتعالى للامر المأذون فيه اما الاذن القدري فهو الذي جاء في هذه الاية وامثالها كقوله تعالى وما هم بضارين به من احد الا باذن الله والاذن والارادة بينهما تقارب كبير بالمعنى والازن الشرعي قريب في المعنى من الارادة الشرعية والاذن الكوني قريب في المعنى من الارادة الكونية وقد سبق ان تكلمنا عن الارادة بقسميها قال الله جل وعلا ما اصاب من مصيبة الا باذن الله ابن الله يعني ارادته الكونية ومشيئته لا يقع شيء في هذا الكون الا اذا شاءه الله سبحانه وتعالى فما شاء كان وما لم يشأ لم يكن والله جل وعلا له الحكمة البالغة فيما يقدره من المصائب اذا كل مصيبة تقع ينبغي على الانسان ان يعلم ان الله جل وعلا قد شاءها ومشيئته لها مسبوقة بكتابته لها في اللوح المحفوظ وعلمه جل وعلا بها لعلمه السابق الذي هو صفة ذاتية منازلة للذات اذا كل المصائب فالله عز وجل هو الذي قدرها وشاءها اذا ليس لك يد في دفعها يا عبد الله انما شأنك وانما واجبك وانما وظيفتك هي فيما يتعلق بك وهي في قوله تعالى ومن يؤمن بالله يهدي قلبه سيأتي معنا في كلام علقمة رحمه الله هو الرجل تصيبه المصيبة ايعلم انها من الله فيرضى ويسلم يعني انه اذا نزلت هذه المصيبة علم الانسان انها من الله وهذه الكلمة فعلم انها من الله تترجم عن الايمان بالقدر اذا ما جاء في هذه الاية من قوله جل وعلا ومن يؤمن بالله هو من العام الذي اريد به بعض افراده يعني لم يرد جميع افراد واجزاء وشعب الايمان انما اريد منه ركن من اركانه وشعبة من شعبه الا وهي الايمان بالقدر من حقق الايمان بالقدر فان الله عز وجل يهدي قلبه ثمرة ذلك ان الله عز وجل يهديه ويثبته ويطمئن قلبه جزاء على هذه الحسنة وبذلك نعلم ان جزاء الحسنة الحسنة بعدها والله جل وعلا كريم شكور جل وعلا يثيب على الحسنة بحسنة اخرى اذا من كان منه الايمان بالقدر والايمان بالقدر يقتضي ايمان العبد بعلم الله عز وجل وكتابته لكل ما يجري في هذا الكون في اللوح المحفوظ ومشيئته لكل شيء من الذوات ومن الافعال ومن الصفات ثم خلقه جل وعلا لكل شيء. الله خالق كل شيء اذا متى ما حقق الانسان الايمان بالقدر يعني الايمان بهذه الامور الاربعة فان الله جل وعلا يرزقه الهداية قال فيعلم انها من الله فيرضى ويسلم. يرزقه الله عز وجل الرضا بالقدر وهذه درجة ارفع من درجة الصبر. وسنتكلم عنها لاحقا ان شاء الله ويرزقه التسليم قال يرضع ويسلم يعني انه يستسلم لله جل وعلا فلا ينازعه في اقداره وهذه حقيقة المسلم الذي استسلم لله سبحانه وتعالى وسلم لله سبحانه وتعالى. اذا وعد الله سبحانه ذاك العبد الطائع الذي امن بالله جل وعلا اولا وحقق الايمان بالقدر ثانيا ان يرزقه الطمأنينة والهداية وذلك متضمن ان يكون راضيا مسلما لاقدار الله سبحانه وتعالى وقال بعض اهل العلم ان معنى قوله يهدي قلبه يدل على ما هو اعم من هذا المعنى الخاص الذي هو الرضا والتسليم يعني انه يدل على حصول الهداية التامة للعبد فكان من ثمرات الرضا والصبر والتسليم ان الله سبحانه وتعالى يوفق العبد بان يكون مهتديا. يعني مستقيما على طاعة الله جل وعلا. اذا من اسباب الهداية ومن اسباب الثبات عليها صدر الانسان ورضاه باقدار الله جل وعلا. والعكس بالعكس من سخط فله من الله السخط ولازم ذلك حصول البلاء والخذلان والعياذ بالله. نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله وفي صحيح مسلم عن ابي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اثنتان في الناس هما بهم كفر والطعن في النسب والنياحة على الميت هذا الحديث الذي خرجه الامام مسلم رحمه الله في صحيحه فيه بيان خصلتين مذمومتين وصفهما النبي صلى الله عليه وسلم بانهما من خصال الكفر والمعنى انهما خصلتان تقومان في النفس وتوجدان منهم حكم هاتين الخصلتين حكم هاتين الخصلتين انهما من الكفر والكفر المراد ها هنا هو الكفر الاصغر للاكبر والادلة ينبغي ان يجمع بينها وان يؤلف بينها لا ان يؤخذ بدليل ويعرض عن غيره من الادلة والجمع بين الادلة يقتضي ان هاتين الخصلتين هما من الكفر الاصغر الى الاكبر والادلة متواردة متكاثرة على انقسام الكفر الى اكبر والى اصغر كما ان الاسلام له شعب فان الكفر له شعب وبالتالي لا يلزم من وجود شعبة او اكثر من شعب الكفر ان يكون الانسان كافرا بالله عز وجل يعني قام به حقيقة الكفر الذي هو الخروج من الاسلام كما انه لا يلزم من وجود شعبة او اكثر من شعب الايمان ان يكون الانسان مؤمنا ما لم يقم به اصل الايمان. بمعنى دلت الادلة على ان من شعب الايمان اماطة الاذى فاهل الطريق هل اذا اماط كافر الاذى عن الطريق اصبح الان مؤمنا لا لم لانه ما قام به اصل الايمان. كذلك الحال في شعب الكفر واجزائه لا يلزم من وجودها في الانسان ان يكون كافرا بالله سبحانه وتعالى الكفر الاكبر ان يكون ممن وقع في شيء من هذه الخصال كهاتين الخصلتين لانه لم يقم به حقيقة الكفر يعني لم يقم به الكفر الاكبر هاتان الخصلتان المذمومتان اللتان حذر النبي صلى الله عليه وسلم من وجودهما في هذه الامة الاولى منهما الطعن في الانساب وقد مر بنا الكلام عن هذا الامر وقلنا ان الطعن بالانساب قد يكون بنفيها وقد يكون بعيبها انتبه قد يكون بنفيها كالذين يطعنون في انساب الناس التي ثبتت لهم واشتهرت عنهم فلان ليس من القبيلة الفلانية والاسرة الفلانية لا تنتمي الى الفخذ الفلاني وكل ذلك من البغي على عباد الله سبحانه وتعالى او ان يكون ذلك بعيبها بان يشتغل الناس بعيب الناس في قبائلها وانسابها القبيلة الفلانية فيها كذا وكذا والعائلة الفلانية موصوفة بكذا وكذا يشتغل الانسان بعيب الناس في انسابها هذا امر قبيح مذموم بل كبيرة من كبائر الذنوب بل خصلة من خصال الكفر عافاني الله واياكم من ذلك اما الخصلة الثانية فهي المناسبة والشاهد من ايراد هذا الحديث في هذا الباب قال النبي صلى الله عليه وسلم والنياحة على الميت النياحة على الميت رفع الصوت بتعداد شمائل الميت وخصاله على جهة التسخط رفع الصوت بتعداد شمائل الميت وخصاله على جهة التسخط كان يقول او تقول وعضداه وكاسيات وكذا وكذا هذا هو النياحة وهو امر قبيح عظيم القبح لانه يشتمل على قلة الادب مع الله سبحانه وتعالى وعدم الرضا والصبر على اقداره المؤلمة وقد مر بنا في درس سابق قول النبي صلى الله عليه وسلم المخرج عند مسلم فالنائحة النائحة التي لم تتب قبل موتها تقام يوم القيامة وعليها اخبر النبي صلى الله عليه وسلم قميص من قطران ودرع من جرب وهذه حال بئيسة تدل على ان هذا الذنب ذنب عظيم وهذا مع الاسف الشديد من خصال الجاهلية التي لا تزال باقية في هذه الامة مع الاسف الشديد فان النياحة كانت من ديدن اهل الجاهلية وكانت من الامور المشتهرة عندهم كانوا ينوحون لا سيما النساء على الموتى ويضيفون الى هذا الدعاء في الويل والثبور وهذا كله من ضعف الايمان او من عدم الايمان. نسأل الله السلامة والعافية لكن انبه ها هنا الى تنبيهين فيما يتعلق بالنياحة على الميت انبه الى تنبيهين الاول انه ليس من النياحة البكاء المجرد بكاء الانسان بدمع عينه اذا تجرد من نياحة ورفع صوت وقول ما لا يحل وتسخطي في القلب اذا عري من ذلك هذا القدر لا بأس به بل قال شيخ الاسلام رحمه الله انه امر حسن والدليل على هذا ان النبي صلى الله عليه وسلم لما مات ابنه ابراهيم قال عليه الصلاة والسلام ان القلب ليحزن وان العين لتدمع ولا نقول الا ما يرضي ربنا وانا على فراقك يا ابراهيم لمحزونون وفي الصحيحين لما كان ابن بنت النبي صلى الله عليه وسلم يجود بنفسه رفع الى النبي صلى الله عليه وسلم وروحه تقعقع كانها في شيء تتردد ترددا عظيما فما كان من النبي صلى الله عليه وسلم الا ان دمعت عينه فقال له سعد بن عبادة رضي الله عنه ما هذا يا رسول الله فقال النبي صلى الله عليه وسلم هذه رحمة يجعلها الله في قلب من شاء من عباده وانما يرحم الله من عباده الرحماء اذا هذا القدر لا بأس به وليس من النياحة في شيء الامر الثاني ان ذكرى كلمات تتعلق بالميت اذا اجتمع فيها امران ان تكون صادقة والا يكون فيها رفع بالصوت وانت خبير بانه بالتأكيد لا يجتمع مع هذا تسخط قدر الله جل وعلا فان مثل هذا لا بأس به ان شاء الله ونص على هذا جمع من المحققين من اهل العلم الامام احمد وغيره بمعنى انه لو قال انسان في حق ميت كلمات صادقة على سبيل الشوق والحزن على هذا الميت لا على سبيل التسخط على القدر فان هذا القدر ليس من النياحة ويدل على هذا ما ثبت عند البخاري من ان فاطمة رضي الله عنها لما توفي النبي صلى الله عليه وسلم قالت رضي الله عنها يا ابتاه اجاب ربا دعاه يا ابتاه من جنة الفردوس مأواه يا ابتاه الى جبريل ننعاه وفي مسند الامام احمد بسند حسن ان ابا بكر رضي الله عنه لما توفي النبي صلى الله عليه وسلم وكان خارج المدينة فلما وصلها دخل على النبي صلى الله عليه وسلم فكشف عن وجهه الشريف ووضع فمه بين عينيه يعني قبله وقال رضي الله عنه ونبياه وخليلاه وصفية اذا هذا القدر ليس داخلا في ماذا في النياحة على الميت والله تعالى اعلم. نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله وله مع ابن مسعود رضي الله عنه مرفوعا ليس منا من ضرب الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية هذا الحديث مخرج في الصحيحين للحديث ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال عليه الصلاة والسلام ليس منا ليس منا بمعنى ليس من المؤمنين الايمان الواجب وهذا اللفظ على التحقيق من الالفاظ التي اذا جاءت في سياق دل هذا على ان المذكور فيه كبيرة من الكبائر وما حقق هذا شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله وغيره من اهل العلم يعني ما جاء في الاحاديث فيه ليس منا من فعل كذا اعلم ان هذا الفعل ماذا بيرة من الكبائر اذا هذا الحديث الذي بين ايدينا به ذكر ثلاث من كبائر الذنوب قال النبي صلى الله عليه وسلم ليس منا من ضرب الخدود والمراد بذلك كما هو واضح يعني في حال نزول المصيبة فان من الناس نسأل الله العافية والسلامة بل اذا نزلت به المصيبة فقد صوابه فصار يضرب نفسه ويخمش جلده وهذا لا شك دليل على ضعف ايمانه بالقدر وقلة وقلة ودليل على قلة تسليمه بامر الله عز وجل فهذا لا شك انه امر منكر ولا يجوز ومثله ايضا الخصلة الثانية وشق الجيوب الجيب فتحة الثوب من فتحة الثوب من اعلى وهي التي يدخل منها الرأس. يعني هذا هو الجيب الذي تلبس الثوب فيدخل رأسك اذا لبست الثوب يدخل رأسك منه هكذا يفعل ضعاف الايمان ضعاف الايمان بالله ضعاف الايمان بالقدر اذا نزلت المصيبة ابتلوا بموت حبيب او سرقة مال او احتراق بيت او نزول اي مصيبة من المصائب نجدهم يشققون ثيابهم من اللوعة والاسى التي اصيبوا بها ولو انهم حققوا الايمان بالقدر والصبر على اقدار الله المؤلمة لما كان منهم ذلك وهذا من الامور التي ينبغي التواصي فيها فان المصيبة من الله عز وجل شأنها شأن النار التي تسحر المعدن فاما ان يظهر التبر والذهب الخالص وان يظهر بالزيف المصيبة اذا نزلت قدرها الله جل وعلا اما ان يرتفع الانسان اذا كان ممن يصبر على اقدار الله واما والعياذ بالله ربما قصف به فنزل الى اسفل سافلين حتى ربما يصدر منه ما يكون سببا لكفره بالله جل وعلا واذا لم يصل الى هذه الدرجة فمنهم من يصل الى درجة قريبة منها ربما طعن بحكمة الله وفي قدره وفي عدله قد تجد من الناس من اذا نزلت به المصيبة يا رب لم فعلت هذا يا رب ماذا فعلت حتى تنزل بي هذه المصيبة انا لله وانا اليه راجعون كيف يجرؤ عبد على ان يخاطب مولاه بهذا الخطاب هذا لا شك انه امر عظيم و ما اكثر ما اكثر ما يقع هذا لا سيما من النساء ذكروا ان امرأة توفي ولدها فكانت بعد ذلك تلبس على رأسها شيئا مثل الغطاء لا تريد ان تنظر الى السماء قولوا عياذا بالله ما وجدت الا ابني نسأل الله السلامة والعافية ومن الناس من يقول مثل هذا او نحوه او قريبا منه اذا هذا كله لا شك انه امر عظيم ومنكر كبير يجب ان يتوب صاحبه الى الله عز وجل منه والمخرج من هذا ان يحقق عبودية الصبر على اقدار الله المؤلمة ومما يعينك يا عبد الله على تحقيق ذلك شهود امور اولا ان تشهد فضل الله عز وجل عليك بهذه المصيبة فانها سبب لتكفير سيئاتك واعظم بهذا فضلا واجرا ربما لو اوتيت كل النعم ثم قارنت ذلك بتكفير السيئة الواحدة لو كنت تعقل ان تكفير هذه السيئة افضل واعظم عندك ان كنت تعقل ولذلك لما توفي العباس رضي الله عنه اصاب ابنه عبدالله الصحابي الجليل ابن عباس اصابه هم عظيم حتى ان الناس ما استطاعت ان قدم اليه فتعزيه حتى وقف عليه اعرابي فانشده ابناتا كان منها قوله خير من العباس اجرك بعده والله خير منك للعباس فاستعاذه ابن عباس قال اعد قال خير من العباس اجرك بعده والله خير منك للعباس سري عنه رضي الله عنه اقبل الناس افواجا يعزونه ثانيا شهود الانسان سبب المعصية وانها ما كانت لتقع لولا ان ذنبا حصل من الانسان وما اصابكم من مصيبة فبما كسبت ايديكم. ولاحظ هذا العموم في الاية فانه يشمل كل مصيبة سواء كانت جليلة او حقيقة الامر الثالث ان تشاهد فيها قدر الله سبحانه وتعالى وان ما قدره الله عز وجل نافذ شئت ام ابيت لذا ان لم تسلم اختيارا اسلمت او سلمت اضطرارا يعني الامر قد نزل وانتهى وبالتالي لا تزد هما الى همك فانك لن تصنع شيئا اذا اصابك ما اصابك من نفور واصابك ما اصابك من اعتراض على قدر الله عز وجل كل ذلك لن يقدر شيئا الذي حكم هو الله المدبر سبحانه وتعالى والامر الرابع ان تشاهد في هذا الامر حكمة الله عز وجل ورحمته فان الله عز وجل له في تقدير الامور حكمة ورحمة لكن هذا لا يعلمه ويؤمن به الا اهل الايقان قال جل وعلا ومن احسن من الله حكما لقوم يوقنون اذا اهل الايقان عندهم ان قدر الله عز وجل عليهم يعني حكمه شرعا كان او قدرا هو احسن ما يكون واحسن ما يقع اذا انت لا تدري يا عبد الله عقبة هذه المصيبة لعل الله عز وجل ان يخلفك خيرا كثيرا من ورائها لعل عتبك محمود عواقبه وربما صحت الاجساد بالعلل اما الامر الثالث بهذا الحديث فهو الدعاء بدعوى الجاهلية سياق الحديث قرينة تدل على ان المراد بدعوى الجاهلية في هنا انما هي النياحة و ذلك ان النياحة كما اسلفت كانت مما يتميز به اهل الجاهلية لانهم اهل جاهلية يسمى ذلك النبي صلى الله عليه وسلم دعوى الجاهلية لانهم كانوا يلوحون رجالا ونساء على موتاهم وقال بعض اهل العلم ان دعوى الجاهلية تشهد هذا وما هو اعم منه فكل دعوة للجاهلية فانها داخلة في مضمون هذا الحديث ومعناه ومن ذلك ان يكون ثمة اعتزاء بامور ما انزل الله عز وجل بها من سلطان كاعتزاء وتعصب طائفة او بلد او نسب او ما شاكل ذلك والنبي صلى الله عليه وسلم لما اشتجر بعض من الحيين الكريمين الانصار والمهاجرين فقال رجل ها هنا يا للانصار وقال رجل ها هنا يا للمهاجرين النبي صلى الله عليه وسلم اطلع عليهم وقال ابدعوى الجاهلية وانا بين اظهركم اذا كل اعتزاء وتعصب الى فئة او طائفة لا شك انه داخل في ذلك ومن هذا دعوة وتعصب بعض المتنسكة وبعض طلبة العلم وبعض الدعاة من حيث تعصبهم الى حزب من الاحزاب او جماعة من الجماعات حتى انهم يبنون الولاء والبراء على الانتماء الى هذا الحزب او ذاك من ذلك ايضا ما يقع فيه بعض الناس من التعصب الى عالم من العلماء او شيخ من الاشياخ حتى انه يجعله محور الولاء والبراء وميزانا للقرب من الحق او البعد عنه يدور على ما دار عليه هذا العالم او الشيخ وبالتالي فانه يقبل الاخرين او يردهم بحسب قربهم من هذا الشيخ او بعده او بعده عنه ولا شك ان هذا كله تعصب مذموم قبيح يجب على المسلم ان يتوب الى الله عز وجل الرجل الوحيد الذي يجب ان يكون الولاء والبراء عليه اسمه محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم هذا هو نبينا ورسولنا وسيدنا عليه الصلاة والسلام هذا الذي يجب ان يكون هو الميزان الذي يوزن به الناس من كان الى سنته عليه الصلاة والسلام اقرب فهذا الذي ينبغي ان يكون الينا اقرب وكان من ومن كان من سنته ابعد هذا الذي ينبغي ان يكون ان ابعد هنا في الحديث ان شاء الله تتمة في درس غد باذن الله عز وجل والله اعلم وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله واصحابه واتباعه باحسان