ان من الافساد في الارض ترك تحكيم شرع الله عز وجل وتحكيم غيره هذا من الافساد في الارض وهذا دأب المنافقين فانهم ابعد الناس عن تحكيم شرع الله واقرب الناس فان هذا الحديث في معناه يدل على ما دل عليه قوله تعالى فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في انفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبيه ورسوله. نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. اللهم لشيخنا انفعهم وانفع به يا رب العالمين. قال الامام محمد ابن عبد الوهاب رحمه الله تعالى في كتاب التوحيد في باب قول الله تعالى المتر الى الذين يعلمون انهم امنوا بما انزل اليك الايات وقوله واذا قيل لهم لا تفسدوا في الارض قالوا انما نحن مصلحون ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره نعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان نبينا محمدا عبده ورسوله اللهم صلي على محمد وازواجه وذريته كما صليت على ال إبراهيم وبارك على محمد وازواجه وذريته كما باركت على ال ابراهيم انك حميد مجيد اما بعد فلا يزال حديثنا موصولا باب قول الله تعالى الم تر الى الذين يزعمون و اخذنا شطرا من مباحث هذا الباب ونكمله بعون الله سبحانه في هذا اليوم قال المؤلف رحمه الله وقول الله تعالى واذا قيل لهم لا تفسدوا في الارض قالوا انما نحن مصلحون هذا اخبار من الله سبحانه وتعالى عن المنافقين اذ لا يزال الحديث متعلقا بهم وقد علمت ان الاية السابقة واذا قيل لهم نزلت للمنافقين بالاتفاق وهذه الاية ايضا في المنافقين قال الله جل وعلا ومن الناس من يقول امنا بالله وباليوم الاخر وما هم بمؤمنين يخادعون الله والذين امنوا وما يخدعون الا انفسهم وما يشعرون في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا ولهم عذاب اليم بما كانوا يكذبون واذا قيل لهم لا تفسدوا في الارض قالوا انما نحن مصلحون ووجه ايراد المؤلف رحمه الله هذه الاية في هذا الباب هو ان من الافساد في الارض الى تحكيم غير شرع الله قال الله سبحانه واذا قيل لهم لا تفسدوا في الارض كأن هذا الخطاب وكان هذه نصيحة توجه بها بعض اصحاب هؤلاء المنافقين او اقربائهم المؤمنين رغبة في دعوتهم الى الحق رجاء ايمانهم لا تفسدوا في الارض الافساد هو السعي في فساد افساد يعني ان يسعى الانسان في فساد شيء والغالب او يقع كثيرا ان يكون الافساد واقعا على شيء صالح في الاصل يقال انه افسده يعني سيره فاسدا بعد ان كان صالحا والفساد وكل ما فيه ضرر وقد يكون شيئا حسيا وقد يكون شيئا معنويا ولا شك ان الفساد الحسي ثمرة للفساد المعنوي والفساد ها هنا هو الفساد المعنوي وذلك ان اعظم الفساد دون معصية الله جل وعلا ومحادة امره وعدم الاستجابة لدعوته اي فساد اعظم من هذا الفساد ان يفعل الانسان ضد الحكمة التي لاجلها خلق وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون جاء هذا المخذول بضد ما امر به فكان فعله فسادا والمنافقون لا شك انهم مفسدون افسدوا انفسهم ويسعون في افساد غيرهم فهم مفسدون بكل حال هم مفسدون بكل حال واذا قيل لهم لا تفسدوا في الارض ولاحظ انه لم يعين هذا الشيء الذي افسدوا فيه وذلك لان شروع الفساد التي تكون من الموافقين كثيرة جدا حتى كأنهم حازوها جميعا ولذلك جاءت الاية بهذا الاطلاق واذا قيل لهم لا تفسدوا في الارض واقبح ما يكون الافساد حينما يعود كما قلت قبل قليل على شيء صالح والله جل وعلا جعل هذه الارض صالحة خلقها اول مرة سبحانه وتعالى صالحة مباركة قال جل وعلا والقى فيها وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها اقواتها الله جل وعلا جعلها ارضا صالحة ارضا مباركة فجاء الانسان الذي لم يستجب لله جل وعلا بما يفسدها واول الافساد هو الافساد المعنوي بمعصية الله جل وعلا فيتبعه على ذلك ثمرته وهو الفساد الحسي وذلك ثمرة للفساد المعنوي الم يقل الله سبحانه ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت ايدي الناس مرضيته يذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون اذا الله سبحانه وتعالى قدر بارادته الكونية ان يكون الفساد الحسي في الارض ثمرة للفساد المعنوي كل ما يذوقه ويلمسه الناس ويشكون منه من فساد في الارض ارتفاع درجة حرارة الارض او ما يسمى بالاحتباس الحراري قلة نزول الامطار قلة الغذاء في بعض اماكن الرياح العاصفة الاعاصير البراكين الى غير ذلك من هذه الامور التي يشتكيها الناس من صور الفساد في الارض كلها راجعة الى هذا السبب وهو الفساد المعنوي بعصيان الله جل وعلا والتنكب الطريق الذي دعا اليه انبياؤهم انبياؤه سبحانه وتعالى والله جل وعلا مع ذلك يلطف بعباده ويمهلهم ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما جعل على ظهرها من دابة الله جل وعلا من لطفه ومن رحمته يلطف بعباده ويمهلهم لعلهم يعودون الى رشدهم الشاهد ان هؤلاء الناصحين توجهوا بالنصيحة الى هؤلاء المنافقين لا تفسدوا في الارض ماذا كان الجواب كان الجواب بالنقد قالوا انما نحن مصلحون وهذا من من عجيب الامر في حال هؤلاء المنافقين يا لله العجب بدأ فسادهم لا يخفى على ذي لب واذا بهم يحكون ويخبرون عن انفسهم انهم على الضد تماما بنلاحظ انهم اتوا بالجملة الاسمية التي تفيد معنى الدوام لم يخبروا عن انفسهم بانهم يصلحون كما كان كلام الناصحين لهم لا تفسدوا. كانت الجملة فعلية لكنهم اجابوا بماذا بجملة اسمية يخبرون عن انفسهم باننا مصلحون دائما طولوا في طول حياتنا وفي طول امرنا وارضه نحن مصلحون نلاحظ ايضا ما بلغوا فيه من المكابرة حينما اتوا بهذا الحرف الذي يفيد القصر قالوا انما نحن مصلحون يعني خسروا انفسهم على الاصلاح لا شأن لنا ولا شيء عندنا سوى اننا ماذا مصلح يا لله العجب وهذا ضد حالهم بالضبط هم في حقيقة الامر مفسدون ومع ذلك يدعون انهم ماذا مصلحون سبحان الله العظيم مع ان فسادهم ليس يخفى على احد جاء الرد من كتاب ربنا سبحانه عليهم الا انهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون ولاحظ كيف ان القصر ها هنا جاء اقوى من القصر الذي زعموه لانفسهم الا وهو بتعريف الا انهم هم المفسدون فهذا التعريف يفيد قصرا اقوى من القصر الذي زعموه لانفسهم يعني انهم هم المفسدون في الحقيقة نلاحظ كيف انه اكد هذا القصر بضمير الفصل الا انهم هم المفسدون هم هنا ضمير فصل يفيد معنى التأكيد فكان الجواب او الرد على كلامهم بالنقض ايضا يعني اخبر الله سبحانه وتعالى ان حالهم على ضد ما كانوا يزعمون اذا نستفيد من هذه الاية ان اهل النفاق دأبهم وديدنه وشأنه هو الافساد في الارض و دعواهم الاصلاح الاصلاح ضد الافساد يعني السعي في صلاح الاشياء فهم يزعمون انهم ذائبون على الاصلاح هم يصلحون انفسهم يصلحون غيرهم يصلحون الارض مع ان الواقع هو ان هؤلاء واقعون في ضد ذلك وبهذا ايضا يتأكد لنا ما ذكرناه في درس امس وهو ان اهل النفاق بل ان كل مبطي يمكن ان يدعي لنفسه الاصلاح كما قلنا عن ابليس وعن فرعون وعن المنافقين في قوله السابق ماذا قالوا ها ايش ماذا كانوا يريدون ها فقلنا قولهم هذا يدل على هذه القاعدة التي ذكرتها لك ايوا يزعمون انهم يريدون احسانا وتوفيقه هكذا ينسبون الى انفسهم. نحن لا نريد الا الخير لا نريد الا احسانا وتوفيقا. وهنا يقولون ماذا انما نحن مصلحون اذن القاعدة التي ينبغي ان يتنبه للمسلم لها المسلم هي ان كل مبطل لا يتمكن من ترويج باطله الا باخراجه مزخرفا مموها محسنا وبالتالي يغتر به الاغمار والا فلو خرج به على صورته الحقيقية لو جاء بالباطل كما هو فان النفوس لا تقبل عليه لان الباطل المجرد امر مخالف للفطرة ولذلك نفوس اكثر الناس عند هؤلاء حكم الله عز وجل احسن الاحكام وهذه الاية تعم الحكمين القدر والشرع ومن احسن من الله حكما يعني قدرا وشرعا لا شك ان كل ما يقدره الله سبحانه وتعالى تعرض عنه اذا كيف يصنع هؤلاء تجدهم ماذا يفعلون يزخرفونه ويزينونه ويلونه حتى يخرج في سورة حسنة بهيجة والجاهل لا تجدوا عنده الا انه يغتر بالظواهر لا ينفذ الى الحقائق تجد انه يقف عند حدود هذه الزخارف فيغتر بها وينصاع وينساق الى ما يدعى اليه والغالب ان اهل الباطل يضيفون الى هذا شيئا اخر وهو انهم يخرجون الحق بصورة قبيحة فقل لي بربك كيف ستكون النتيجة حينما يظهر الباطل في صورة حسنة ويقابل هذا ان يظهر الحق في صورة قبيحة ويظهر اهل الحق ايضا في سورة قبيحة هذا هو حال اهل النفاق دائما تجده يسعون في اخراج الحق في صورة كريهة يقدحون في امر الله سبحانه وتعالى من جهة انه معارض للحكمة يقدحون في قدر الله عز وجل من جهة انه معارض للعدل يقدحون في خبر الله عز وجل من جهة انه معارض للعقل وهكذا دواليك في طريقهم في الافساد يخرجون الباطل مشوها في مقابل انهم يخرجون يخرجون الحق مشوها في مقابل انهم يخرجون باطلة مموها مزخرفا. اشاهد هذا في كتاب الله قول الله جل وعلا وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الانس والجن. يوحي بعضهم الى بعض ماذا زخرف القول مرورا اذن الوسيلة التي يسعى بجد واجتهاد شياطين الانس والجن في ترويج الباطل بها هو سخر في القول يخرجون الباطل في صورة حسنة جميلة وفي المقابل يخرجون الحق في صورة سيئة. باطله ومن هذا الباب اعراضهم عن تحكيم شرع الله جل وعلا يقولون نحن في زمن التطور نحن في زمن التطوير نحن في زمن التنوير نحن في زمن التجديد اذا لابد ان نواكب العصر هذا الذي يفعلون مع الاسف الشديد قالوا رقيا فقلنا للحضيض نعم تفضون منه الى سجين مقتصد عصرية عصرت خبثا فحاصلها سم نقيع. ويا اغمار فازدردوا موت وسموه التجديد الحياة فيا ليت الدعاة لها في الرمس قد لحدوا يزعمون انهم اهل التطوير والتجديد وهذا لا يتناسب معه ان آآ يرجع الى الخلف هؤلاء الذين يدعون الى تحكيم الشريعة والوقوف عند حدود الله يزعمونهم او يرسمونهم او يصورونهم بانهم ظلاميون يريدون ارجاعنا الى العصور الوسطى والعصور الحجرية ونحن في هذا الوقت المتقدم في هذا الزمان المتطور هكذا يسمعون في شأن تحكيم شرع الله سبحانه وتعالى تحكيم امر الله سبحانه وامر رسوله عليه الصلاة والسلام. اذا هذا دأبهم قديما ودأبهم ايضا حديثا. اذا هذا هو فيما يبدو والله اعلم سبب ايرادي المؤلف رحمه الله هذه الاية في هذا الباب والله تعالى اعلم احسن الله اليكم قال رسول الله وقوله ولا تفسدوا في الارض بعد اصلاحها هذه الاية قريبة في المعنى من الاية السابقة وفيها النهي عن الافساد في الارض بعد اصلاحها ولا تفسدوا في الارض بعد اصلاحها وعلمنا ان هذا الفساد يشمل الفساد الحسي بي اه الظلم بي اه التعدي على الناس بافساد مصالح الارض وخيراتها و النوع الثاني وهو الاهم وهو الاصل وهو الاساس لما قبله والافساد فيها بمعصية الله سبحانه وتعالى بالكفر بالشرك بالله عز وجل بمعاقرة المنكرات وفعل الفواحش والكبائر. كل ذلك من الافساد في الارض و يذكرهم ربنا سبحانه وتعالى في هذه الاية بان الارض قد اصلحها جل وعلا لماذا يعودون عليها بالفساد وهي صالحة وهذا فيه تأديب لهم كيف يسعون الى شيء سليم وصالح فيفسدون هذا دليل على امعانهم في الشر انما يعمدون الى شيء صالح فيفسدون وهذا مما نهى ربنا سبحانه وتعالى عنه وجه الشاهد من ايراد هذه الاية كما سبق ان من الافساد في الارض الاعراض عن تحكيم شرع الله عز وجل وان ينزل غير شرع الله منزلته وان يسوى بينه وبينه واسوأ منه ان يفضل على شرع الله سبحانه وتعالى كل ذلك ولا شك من الافساد في الارض ويا لله العجب كيف يدعو هؤلاء اه الذين بخسوا انفسهم حظها من الخير كيف يدعون العذب النمير و يدعون الصافية الزلال والخير المحض ويستبدلون به زبالات اذهان واجتهادات باطلة خاسرة يستعيظون بهذه القوانين وهذه الدساتير عن شرع الله سبحانه وتعالى الذي هو الخير كله والذي هو الحق كله الله سبحانه وتعالى هو الذي خلق الخلق اذا هو الذي يعلم ما يصلحهم ولذلك انزل سبحانه وتعالى في كتبه وارسل رسله ببيان ما يحافظ على صلاح هذه الارض لكي تبقى صالحة مباركة كما خلقها الله جل وعلا لكن هؤلاء مع الاسف الشديد اتوا بضد ذلك اذا كان الله عز وجل هو الخالق اذا هو العالم بما يصلح الناس اذا في احكامه ما يصلح حال هذه الارض لا تستقيم احوال الناس الا بالاستقامة على شرع من خلق الناس وخلق هذه الارض التي يعيشون فيها و ما لم يكن الا ان الشواهد الواقعية الحسية التي تدل على ان شرع الله عز وجل هو الذي تصلح به احوال الناس لو لم يكن الا هذا ردا على هؤلاء المنافقين الذين يعرضون عن تحكيم شرع الله عز وجل لو لم يكن الا ذلك لكفى به ردا عليهم ونحن نرى ونقرأ ونشاهد في هذا العصر كيف ان بعض بلاد الكفر اصبحت تتلمس الاستفادة من بعض الانظمة الشرعية في شأن المصرفية الاسلامية مثلا بعد ان ذاقوا ويلات النظام الربوي وكيف عاد عليهم الفساد العريض اصبحوا الان يتلمسون في بعض جهاتهم يتلمسون الاستفادة من الانظمة الاسلامية في شأن الاقتصاد والمال لعلمهم ان هذا هو الذي تصلح به احوال الناس ولا شك ان كل منصف نظر في احكام شرع الله عز وجل لا يملك الا بالاذعان والاقرار بان هذا هو الحق المحض وان احوال الناس لا تستقيم الا به جئت الى احكام الاسرة جئت الى احكام الاقتصاد جئت الى سياسة البلاد ان جئت الى ما يتعلق بالحدود وما اليها الى غير ذلك من احكام الشريعة العامة الشاملة لكل شيء والله لا يجد المنصف من غير المسلمين الا ان يذعن بان هذا هو الحق وانه لا يمكن الا ان يكون شرعا منزلا من الخالق العليم الخبير الحكيم سبحانه وتعالى مرة كنت يحدث احد الكفار في مجلس ضمني به في بعض البلاد كنت احدثه عن شيء من نظام الاسلام وجمال الاسلام وروعة الاسلام وحسن الاسلام وذكرت بعض الامثلة التفصيلية وكان هذا الرجل عاقلا اخرج ورقة وقلم وصار يكتب معي ما اقول يقول اريد ان افكر واتدبر في هذا الشيء الذي تتكلم فيه واثناء كلامي توقف ونظر الي وقال كل هذا الخير عندكم وتقصرونه على انفسكم اعجب وادهش بي هذا اه التنظيم البديع الدقيق في ديننا كيف تحفظونه او تقصرونه على انفسكم دون ان تشيعون ودون ان تدعون ودون ان تبلغون ذلك. كل هذا الخير عندكم لا يؤمن احدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به المقصود انه يجب ان يحب ما امر به من كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم اوامر الكتاب والسنة وتقصدونه على انفسكم فالمقصود ان هذا الذي قاله هو لسان حال او مقالي كثير من هؤلاء الذين هم خارج الدائرة الاسلامية ان لم اه يغلب عليهم هواهم والا فان الحق ابلج واضح كالشمس المشرقة هذا الدين يهون آآ الحق فيه كظهور الشمس في رابعة النهار لا يمكن للانسان ان يتجاهل ذلك او ان يخبر بخلاف ظهور هذا الحق فيه الا اذا غلب على هواه مع الاسف الشديد والله المستعان. نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله قوله ما حكم الجاهلية يبغون الاية هذه الاية اخبر الله سبحانه وتعالى فيها باستفهام انكاري يخاطب فيها بهذا الاستفهام الانكاري هؤلاء المنافقين واطرابهم افحكم الجاهلية يبغون ومن احسن من الله حكما لقوم يوقنون الجاهلية هي كل ما خالف الاسلام لان مبنى ذلك على الجهل اما الاسلام والحق والدين الذي انزله الله سبحانه وتعالى فانه قد انزله الله جل وعلا بعلم كما اخبر سبحانه وتعالى انزله بعلمه اذا دين الله عز وجل مبني على العلم فكل ما عارضه وكل ما خالفه حقيقته جهل محض ولذلك اخبر سبحانه وتعالى ان حكم غيره هو حكم الجاهلية وهذا حق لا ريب فيه كل ما كان خلاف شرع الله سبحانه وتعالى فانه حكم جاهلي والعاقل لا شك انه لا يطلب الجهل لا يطلب الظلام لا يريد الظلم انما يطلب العلم ويطلب النور ويطلب الحق اذا كان يريده فليس امامه الا ان يستجيب لحكم الله سبحانه وتعالى افحكم الجاهلية يبغون؟ يعني يريدون ثم بين سبحانه وتعالى ان حكمه هو احسن الاحكام ومن احسن من الله حكما لكن هذا لا يدركه ولا يقر به الا الذين يوقنون الذين بلغوا الدرجة العظيمة من الايمان من احكامه القدرية لا شك انه احسن ما يمكن ان يقع والله عز وجل قدره لعلمه ان الحكمة فيه تقدير الله وفعله وخلقه مقرون بالحكمة والله جل وعلا يفعل بارادته ومشيئته المقترنة بالحكمة ولذلك اهل الايقان يعلمون ذلك فعندهم كل شيء قدره وحكم به سبحانه قدرا وكونا فانه احسن ما يمكن ان يقع لو اصاب الانسان حادث فانه يحمد الله عز وجل عليه لانه في ظنه وعقيدته انه احسن ما يمكن ان يقع عليه في هذه اللحظة هكذا عقيدة كل مسلم بلغ درجة الايقاظ كذلك الشأن في الاحكام الشرعية عند اهل الايقان والايمان الصادق حكم الله الشرعي احسن الاحكام اذن الله جل وعلا لا حكم احسن من حكمه كما قال سبحانه وتعالى اليس الله باحكم الحاكمين؟ نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله عن عبد الله بن عامر رضي الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يؤمن احدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به قال النووي رحمه الله حديث صحيح بينه في كتاب الحجة باسناد صحيح هذا الحديث فيه بحث وكلام طويل من جهة ثبوته عن النبي صلى الله عليه وسلم وقد صححه كما سمعت النووي رحمه الله فانه قال انه حديث صحيح رويناه في كتاب الحجة بإسناد صحيح والحافظ ابن حجر رحمه الله في فتح الباري اورد هذا الحديث لكن من طريق ابي هريرة لا من طريق عبد الله ابن عمر وقال رجاله ثقات ونقل تصحيح النووي ولم يتعقبه و في مقابل هؤلاء طائفة من اهل العلم ضعفوا هذا الحديث ولم يثبتوا اسناده الى النبي صلى الله عليه وسلم وابن عساكر قال في هذا الحديث انه غريب ومن احسن من رأيته تكلم عن اه اسناده من جهة الثبوت وعدمه ابن رجب رحمه الله في جامع اه العلوم والحكم فانه تعقب النووي في تصحيحه وقال ان تصحيحه بعيد وذلك ان الاسناد فيه نعيم ابن حماد الخزاعي وهو على جلالة قدره في العلم والسنة الا انه ضعيف الرواية وكذلك اضطرب في هذا الاسناد يعني في روايته لهذا الحديث مع وجود ايضا انقطاع بالاسناد ولذلك اه ضعفه وضعفه غير واحد من اهل العلم على كل حال ان ثبت هذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم او لم يثبت فالمعنى صحيح ولا يستشكل يجب على المسلم الذي يريد ان يكون مؤمنا الايمان الواجب وقد علمت ان هذا النفي لا يؤمن احدكم او لا يؤمن من فعل كذا اخذنا في دروس سابقة انه يدل على ان فاعل ما ذكر قد نقص ايمانه الواجب فهو لا يؤمن الايمان الواجب. وليس المقصود انه لا يؤمن اصلا. يعني هو فاقد لاصل الايمان انما هذا قدح في في قدر ارفع واعلى من اصل الايمان وهو الايمان الواجب وقلنا ان الذي اختاره جماعة من المحققين ومنه شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله ان ورود هذا اللفظ دليل على ان موضوعه يعني ما جاء فيه هذا اه الذم في قوله لا يؤمن دليل على ان هذا المذكور من الكبائر فهو من العلامات التي يعرف بها ان تعرف به الكبيرة تعرف بها الكبيرة من الصغيرة المقصود ان الواجب على كل مسلم ان يحب امر الله وامر رسوله صلى الله عليه وسلم ويقبل على ذلك ويسلم تسليما ولا يستشكل ايضا قوله في الحديث لا يؤمن احدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به فكلمة الهوى ها هنا لا تشكل لان الاصل في كلمة الهوى لغة هو الميل هوية كذا فهو يهوى يعني ما لا وان كان الغالب في الاستعمال ان يكون مذموما الغالب انه اذا ذكر الهوى ان يكون في معنى مذموم ولذلك ما جاء الهوى في كتاب الله عز وجل قط الا مذموما لكن قد يرد في بعض الاحاديث والاثار الهوى بهذا المعنى وهو بمعنى المحبة او بمعنى الميل ومن ذلك هذا الحديث الذي بين ايدينا. ومن ذلك ايضا قول عائشة رضي الله عنها كما في صحيح البخاري لما نزل قول الله جل وعلا ترجي من تشاء منهن وتؤوي اليك من تشاء قالت رضي الله عنها تخاطب النبي صلى الله عليه وسلم ما ارى ربك الا يسارع في هواك ما ارى ربك الا يسارع في هواك. ومعنى كلامها انها ترى ان الله سبحانه وتعالى يكرم نبيه صلى الله عليه وسلم لانه يعلم انه مبطل. وانه يفوته هذا الحظ من الدنيا ولذلك لما اعرض عن تحكيم رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء بالخسران ونزل فيه هذه الاية العظيمة لم ترى الى الذين يزعمون اذا هو كاذب ليس بمؤمن ان يمن عليه ويمنحه ويعطيه ما يحب صلى الله عليه وسلم فتلاحظ ان عائشة رضي الله عنها استعملت ها هنا ماذا هذه الكلمة وقطعا انها لا تريد المعنى المذموم لان النبي صلى الله عليه وسلم لا شك انه يجل عن نسبة المعنى المذموم اليه انما المراد ماذا يراد الميل يراد المحبة وقل مثل هذا في قول عمر رضي الله عنه في شأن سارة بدر لما اختار النبي صلى الله عليه وسلم وماله الى قول ابي بكر فيهم وهو انه لا يقتلهم بخلاف قول عمر قال رضي الله عنه فهوي النبي صلى الله عليه وسلم ما قال ابو بكر ولم يهوى ما قلت ما معنى هذا يعني انه مال واحب او رغب في قول ابي بكر ولم يرغب ولم يحب ما قلته. اذا الهوى ها هنا ليس هو المعنى المذموم الذي جاء ذمه في كتاب الله عز وجل ومنه قوله تعالى فان لم يستجيبوا لك اعلم ان ما يتبعون اهواءهم ومن اضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله اذا الواجب على كل مسلم ان يحب امر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وان يحب حكم الله ورسوله صلى الله عليه وسلم بخلاف حال المنافقين الذين اذا دعوا الى الله ورسوله ليحكم بينهم فانهم يعرضون يصدون صدودا لا يحبون حكم الله ورسوله صلى الله عليه وسلم. فهذا من القدر الواجب الذي لا يسامح فيه الانسان لا بد ان يحب امر الله ولابد ان يحب حكم الله عز وجل. حتى ولو كان يشعر ان فيه عليه مشقة ربما تكون بعض احكام الله عز وجل فيها شيء من المشقة لكنها مشقة محتملة كأن يتوضأ الانسان مثلا في جو بارد تجد انه في ان فيه بعض المشقة عليه فلا يمتنع وجود الشعور بهذه المشقة مع محبة هذا الذي امر الله عز وجل لا سيما اذا استشعر المسلم ان له في هذه المشقة التي يجدها مزيدا من الاجر من الله سبحانه وتعالى. نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله وقال الشعبي رحمه الله تعالى كان بين رجل من المنافقين ورجل من اليهود خصومة فقال اليهودي نتحاكم الى محمد صلى الله عليه وسلم عرف انه لا يأخذ الرشوة فقال المنافق يتحاكم الى اليهود لعلمه انهم يأكلون الرشوة للطبقة ان يأتي كان للفيديوين فيتحاكمان اليه. فنزلت الم ترى الى الذين يزعمون الاية. نعم اورد المؤلف في هذا الموضع في اخر الباب هذا الاثر في سبب نزول الاية التي صدر بها الباب ولا ادري سبب هذا التأخير تأخير ايراد سبب النزول للاية التي قدمها المقصود ان المؤلف رحمه الله اورد هذا السبب وسببا بعده ايضا وان كان المذكور في كتب التفسير اكثر من ذلك يعني لو نظرت في كتب التفسير لوجدت اربعة او خمسة من اسباب نزول هذه الاية ومنها ما ذكر المؤلف رحمه الله هذا الاثر اه اثر مرسل لان الذي يرويه لنا هو الشعبي وهو تابعيه عامر ابن شراحيل الشعبي الحميري التابعي الجليل الذي لقي جما غفيرا من اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فانه ذكر عن نفسه انه لقي اكثر من خمسمائة من اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. ومع ذلك فانه ما لقي النبي صلى الله عليه وسلم فالاثر مرسل. وعلى كل حال صح السبب او لم يصح. فالعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب في هذا الاثر فوائد اولا ان تعلم ان المنافق اسوأ حالا من اليهودي الم تر الى ان اليهودية رغبة في تحكيم النبي صلى الله عليه وسلم. واما المنافق فلم يرغب تلاحظ ان اليهودي علم ان النبي صلى الله عليه وسلم لا يأخذ الرشوة والرشوة من مثلث الكلام لك ان تقول رشوة ورشوة ورشوة والاشهر بالكسر وفي مقابل ذلك المنافق اعرض ولم يرد ذلك حتى انهم يتحاكموا الى الى كاهلة قبيلة جهينة وهذه فائدة ثانية وهي ان الكهان عند العرب كانوا اه يرجعون اليهم لغرضين الاول لمعرفة او لما يزعمون انهم يريدون معرفة الغيب لان الكاهن كما قد علمنا هو الذي يخبر او يزعم الاخبار الامور المستقبلة والامر الثاني ايضا من وظائفهم التي يمارسونها انهم كانوا يحكمون بين الناس يتحاكمون اليهم ويذعنون الى حكمه فهذا من فوائد هذا الاثر وخذ فائدة ثالثة وهي مهمة وهي ان الدنيا قد تجر الى الكفر لاحظ كيف ان هذا الانسان لاجل رغبته في تحصيل حطام دنيوي ما رغب ان يحتكم الى النبي صلى الله عليه وسلم فالدنيا امرها خطير ربما لو استرسل الانسان معها واذن معها ولم يذم نفسه بي اه الاستجابة والاحتكام لامر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ربما هذا الهوى يهوي به والعياذ بالله في اودية سحيقة من الضلال والخسران نسأل الله السلامة والعافية. نعم قال رحمه الله وقيل نزلت فيه رجلين اختصما فقال احدهما نترافع الى النبي صلى الله عليه وسلم فقال الاخر الى كعب اشرف ثمة رخاء الى عمرة رضي الله عنه فذكر له احدهما القصة فقال والذي لم يرضى برسول الله صلى الله عليه وسلم كذلك؟ قال نعم. فضربه بالسيف فقتله هذا سبب اخر في سببه في نزول نزول هذه الاية التي معنا و هذا السبب سبب مشهور بكتب العلماء والروايات فيه عدة ولا يخلو شيء منها مما قال وان كان بعض اهل العلم ومنهم الشارح الحفيد الشيخ سليمان رحمه الله اه ذكر ان شهرة القصة تغني عن اسنادها المقصود ان هذا الاثر انصح فيه ايضا ما يدل على ان الاحتكام الى غير شرع الله عز وجل هو شأن المنافقين كما دلت عليه الاية وان من الايمان الواجب ومن التوحيد اللازم ان يحتكم الى امر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم هذان رجلان اختصما قال احدهما نحتكم الى رسول الله صلى الله عليه وسلم والاخر قال نحتكم الى كعب بن الاشرف وهو اليهودي المعروف الذي هو من اشراف بني النظير من يهود المدينة يبدو ان الاخذ والاعطاء بينهما توصل الى ان يحتكم الى عمر رضي الله عنه فلما مثلا بين يديه اه كان ان حدثاه بما حصل منهما فقال للذي ابى ان يحتكم الى النبي صلى الله عليه وسلم هو كذلك اراد ان يتحقق من فلما اكد له انه قد فعل ما كان منه الا ان سل سيفه وضرب به عنقه وذلك يدلك على ان هذا الرجل اما ان يكون منافقا اظهر نفاقه والاصل في المنافق الذي يستر نفاقه انه يحكم عليه بالظاهر لا يتحدث الناس ان محمدا صلى الله عليه وسلم يقتل اصحابه فان اظهر كفره فانه يعامل بما يقتضيه هذا الاظهار وان كان مسلما فانه يكون قد ارتد بالاعراض والصدود تحكيمي النبي صلى الله عليه وسلم ففعله يدل على انه كان مستكبرا عن حكم النبي صلى الله عليه وسلم و بقيت مسألة ربما تستشكل وهي ان المعلومة المتكررة في الشريعة ان اقامة الحدود من شأن الامام ولكننا نلحظ ها هنا ان صحت القصة ان عمر رضي الله عنه هو الذي تولى قتل هذا الرجل وتباينت وجهات نظري اهل العلم في توجيه هذه القصة والذي يلوح لي والله تعالى اعلم ان عمر رضي الله عنه كان وزيرا للنبي صلى الله عليه وسلم وكان من اقرب الناس اليه بل لا يفوقه في القرب من النبي صلى الله عليه وسلم الا ابو بكر ما هو اعلم الناس او من اعلم الناس بما يرضاه النبي صلى الله عليه وسلم او لا يرضاه وكأنه رضي الله عنه قد علم ان النبي صلى الله عليه وسلم يرضى منه هذا الفعلة فنزل علمه برضاه منزلة رضاه بالفعل نزل علمه برضاه منزلة رضاه بالفعل وكان منه ذلك رضي الله عنه ان صحت القصة وفي القصة كلام من جهة ثبوتها لعل في هذا القدر كفاية واسأل الله عز وجل لي ولكم العلم النافع والعمل الصالح والاخلاص في القول والعمل ان ربنا لسيع الدعاء وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله واصحابه واتباعه باحسان