في يوم نحس مستمر وقال هذا يوم عصيب كذلك قال سبحانه سبع شداد فدل هذا على ان الاخبار عن شدة في الوقت او في الزمان نالت الانسان فيخبر بها اخبارا محضة بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اللهم اغفر لنا ولشيخنا ولوالديه وللمسلمين. قال المؤلف رحمه الله تعالى باب من سب الدهر فقد اذى الله الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين وصلى الله وسلم وبارك على المبعوث رحمة للعالمين نبينا محمد وعلى اله واصحابه اجمعين اما بعد فلا يزال المؤلف رحمه الله يوالي عقد الابواب التي فيها التنبيه والتحذير اما يقدح في كمال التوحيد الواجب ومن ذلك ما يتعلق بسب الدهر الذي يكون قادحا في كمال التوحيد وقد يكون ناقضا لاصل التوحيد قال رحمه الله باب من سب الدهر فقد اذى الله الله جل وعلا قد يؤذيه عباده لكنهم لا يضرونه دل على هذا الكتاب والسنة اما فيما يتعلق بالاذى فمن ذلك قول الله جل وعلا ان الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والاخرة وقال النبي صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين من لكعب بن الاشرف فانه قد اذى الله ورسوله كما ثبت ايضا في الصحيحين قول النبي صلى الله عليه وسلم لا احد اصبروا على اذى سمعه من الله ينسبون له الولد وهو يرزقهم ويعافيهم فالاذى قد يكون من المخلوق في حق الخالق جل وعلا ولكنه ليس كاذى المخلوق للمخلوق فالله اعز شأنا وارفع قدرا وليس كمثله شيء واذا كان ثمة اذى من المخلوق في حق الخالق فان هذا ليس في حقه نقصا فان الله جل وعلا يتنزه عن كل نقص الله اعلم بكيفية هذا الاذى اما الضرر فانه لا ينال الله ولا يلحقه سبحانه وتعالى الضرر اشد وقعا واعظم اثرا من الاذى الاذى يستعمل فيما يخف لن يضروكم الا اذى الضرر لا يقع على الله والعباد لا يضرون الله قال سبحانه انهم لن يضروا الله شيئا كذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه جل وعلا يا عبادي انكم لن تبلغوا ضري فتضروني والحديث في صحيح مسلم اذا العباد قد يؤذون الله ومن ذلك سب الدهر لانه في حقيقته راجع الى من يدبره ويقلبه وهو الله جل وعلا اما الضرر فانه لا يكون في حقه سبحانه وتعالى قال رحمه الله باب او باب من سب الدهر السب معروف هو الشتم والعيب والتنقيص وهو درجات متفاوتة ولكل درجة حكمها والدهر يطلق على الصحيح على امرين اولا على الابد يطلق الدهر على الابد والمعنى الثاني هو عمر الزمان او الوقت الطويل اذا عمر الدنيا يعني من مبدأها الى منتهاها هذا يسمى ماذا الدهر والمدة من هذا الوقت الطويل الذي هو من مبدأ الدنيا الى منتهاها يسمى ايضا دهرا يعني يطلق على الزمان الطويل ويدل على هذا قول الله سبحانه وتعالى هل اتى على الانسان حين من الدهر قال النبي صلى الله عليه وسلم لو احسنت الى احداهن الدهر ثم رأت منك ما تكره ثم رأت منك ما تكره قالت ما رأيت خيرا قط المقصود ان الدهر يطلق على الابد كما يطلق على عمري هذه الدنيا عمر هذا العالم ويطلق ايضا على المدة من الزمان لكن العرب لا يستعملون ذلك الا فيما طال فيه الوقت ما قصر لا يستعمل في حقه انه ماذا دهر فانهم يقولون مثلا نزلنا ها هنا دهرا. والمراد وقتا طويلا هذا هو المقصود بعقد هذا الباب وهو ما يتعلق بالزمن سواء تعلق بعمر الدنيا او تعلق بالمدة المعينة من هذا الزمن فان ذلك كله داخل في معنى الدهر والباب على كل حال يشمل المدة الطويلة والقصيرة. فلو سب الانسان ساعة او يوما فانه داخل في حكم هذا الباب الذي نتحدث عنه وفي الجملة ما يرجع الى هذا الموضوع من حيث الحكم يمكن ان يقسم الى عدة اقسام اولا ان يسب الدهر على انه الفاعل على انه الفاعل المؤثر المدبر يسب الدهر على انه هو الذي يفعل وهو الذي يؤثر وهذا لا شك انه شرك اكبر ثانيا ان يسب الدهر والمراد من يدبره وهو الله جل وعلا يعني يسب انسان الدهر وهو يستحضر ان ما يقع عليه من الشدائد والمحن التي كرهها والتي سب الدهر والزمان لاجلها يستحضر ان هذا السب يريد به من فعل ذلك وهو الله جل وعلا ولا شك ان سب الله جل وعلا كفر باتفاق المسلمين وهذا من المعلوم من الدين بالضرورة ثالثا سبوا الدهر باعتباره ظرفا ووعاء حصل فيه ما يكره الانسان وهذا الذي يقع كثيرا من الناس هو لا يريد من دبره ولا يريد انه ولا يريد انه يتصرف ويدبر بنفسه انما سبه لانه زمان وقع عليه فيه ما يكره فهذا محرم وليس بشرك ويمكن ان نقول تتمة للقسمة ثمة قسم رابع وهو الاخبار المحض بشدة في الزمن بحيث لا يدل الكلام على عيب وتنقيص وسب او على تلوم وقدح في القدر فاذا اخبر الانسان عن شدة في الزمان فقال كان ذلك اليوم علي شديدا فان هذا ليس فيه شيء هذا قدر جائز وهذا قد جاء في كتاب الله في غير ما موضعه. قال سبحانه في ايام نحسات ان هذا القدر جائز لا بأس فيه كما دل على ذلك الادلة التي سبقت اذا الاحكام المتعلقة في هذا الباب تعود الى هذه الاحوال الاربع منها حالان يكون الحكم فيهما الشرك والكفر وحال الحكم فيها التحريم ورابعة يكون الحكم فيها الجواز وهذا الموضوع من الموضوعات التي ينبغي التنبه في شأنها وذلك لكثرة الخطأ وكثرة الغفلة عن مراعاة هذا المقام العظيم الذي يتعلق بتحقيق الادب من المخلوق للخالق سبحانه وتعالى مراعاة الادب مع الله جل وعلا تقتضي ان يتحفظ الانسان في كلامه لانه قد يقول قولا يعود حكمه الى ربنا سبحانه وتعالى يعني يلزم من هذا الكلام ان تعود المسبة او يعود القدح الى ربنا قاله وتعالى ولا شك ان هذا من نقص التوحيد ومن ضعف الايمان بالله سبحانه وتعالى نعم احسن الله اليكم قال المصنف رحمه الله وقول الله تعالى وقالوا ما هي الا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا الا الدهر اية هذه الاية في سورة الجاثية فيها كلام طويل لاهل التفسير وقالوا ما هي الا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا الا الدهر في هذه الاية اخبر الله سبحانه وتعالى عن امرين يعتقدهما طائفة من المشركين الامر الاول هو نفي البعث واعتقاد الا بعث ولا حشر ولا جزاء وهذا معتقد عامة المشركين وهو الذي دل عليه قوله تعالى وقالوا ما هي الا حياتنا الدنيا نموت ونحيا اذا ما ثم شيء وراء ذلك ما هي الا ارحام تدفع وارض تبلع وليس وراء ذلك شيء. ليس وراء ذلك شيء. لا حشر ولا بعث ولا حساب ولا جزاء وهذا كما ذكرت لك معتقد عامة المشركين بل هذا الامر كان اعظم ما تشدد فيه المشركون بعد قضية التوحيد اعظم ما انكره المشركون مما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم بعد التوحيد هو امر البعث قال سبحانه وتعالى عنهم واقسموا بالله جهد ايمانهم لا يبعث الله من يموت وقالوا ائذا ضللنا في الارض ائنا لفي خلق جديد؟ بل هم بلقاء ربهم كافرون اذا كان القوم يتشددون جدا في نفي وانكار البعث فاذا مات الانسان لا شيء وراء ذلك ينتهي ويضمحل ويضل في الارض ولا شيء بعد اذا هذا المعتقد هو المعتقد العام السائد لدى المشركين. وان كانت بعض اشعار العرب وبعض منثور قولهم قد جاء فيه ما يشهد الى ان قلة من المشركين كانت تعتقد بثبوت البعث لكن العامة كما ذكرت لك هم على هذا المعتقد وهو ما جاء في هذه القطعة من الاية اما الامر الثاني فهو قول الله جل وعلا وما يهلكنا الا الدهر هذا البيان من الله سبحانه وتعالى عن حال هذه الطائفة والمشركين فيها اشارة الى معتقد الدهرية من المشركين الدهرية هم القائلون قولي آآ او هم القائلون بقدم العالم و آآ نفي الصانع سبحانه وتعالى. يسمى هؤلاء بالدهرية وهذا كان معتقدا طائفة من المشركين وطوائف من الفلاسفة واضرابهم. يقال عن لا انهم دهرية بعض الناس يقول انهم الدهرية بضم الدال وهو نسبة آآ سماعية عند هؤلاء على غير قياس والاقرب والله اعلم ان القول بالدهر يسمى اهله الدهرية واما الدهرية فواحد فجمع الدهر وهو الذي طعن في السن الكبير في السن الذي مضى عليه دهر طويل فانه يقال في حقه او يوصف بانه دهري مهما يكن من شيء سواء كان اللفظ دهرية او دهرية فان هؤلاء الدهرية كما ذكرت لك هم القائلون بقدم العالم ونفي الصانع وهم طوائف ولهم اقوال شتى من هؤلاء من كان يعتقد ثبوت الخالق سبحانه وتعالى لكنهم يسندون التأثير والتدبير في الاحياء والاماتة وجميع ما يكون في هذا الكون ينسبون ذلك كله الى الكواكب وحركات الافلاك هؤلاء طائفة من الدهرية طائفة اخرى تعتقد بان الله جل وعلا خلق هذا الكون بما فيه لكنه فني بعد ذلك تعالى الله عن قولهم فاصبح هذا الكون يسير نفسه ويدبر نفسه والقول الثالث قول الذين ينفون وجود الله عز وجل بالكلية وهؤلاء قولهم يضارعوا قول ملاحدة هذا الزمان كل اولئك يسمون عند اه اهل العلم الدهرية وهو لفظ مولد على كل حال المقصود ان العرب في الجاهلية وهم الذين تنزلت هذه الاية في حقهم كانوا يعتقدون او كان منهم من يعتقد بعقيدتين من عقائد الدهرية منهم من كان يعتقد بنفي وجود الله عز وجل بالكلية وهؤلاء قلة قليلة منهم وطائفة اخرى كانت تعتقد بيوت الله لكنها تنسب آآ ما يتعلق بالاحياء والاماتة وغير ذلك من التصرف في هذا الكون الى غير الله سبحانه وتعالى الى دهر الى اه حركات الافلاك الى النجوم والكواكب. هذه اه بعض اقوال هؤلاء الذين جاء في حقهم قول وتعالى وما يهلكنا الا الدهر. فهؤلاء لا شك انهم مشركون. وشركهم راجع الى توحيد الربوبية كما انهم اضافوا الى هذا الشرك في توحيد الالوهية. اذا قوله سبحانه وتعالى وما يهلكنا الا الدهر دال على ثبوت هذا المعتقد عند هؤلاء ولا شك ان هذا المعتقد كان له اثر في كثير من اهل الجاهلية. وان لم يكونوا قائلين بالقول الذي قاله هؤلاء الدهرية انما كان له قول في غيرهم. ولذلك اذا تصفحت كثيرا من كلام اهل الجاهلية في اشعارهم وفي خطبهم وفي غير ذلك تجد انهم يجعلون يأمن التأثير للدهر وللايام وللزمان. تجد انهم يقولون عبثت به يد الدهر وفعل به الدهر كذا وكذا وهذا كله من فروع معتقد اولئك الدهرية ها هنا سؤال وهو قد يقول قائل ما علاقة هذه الاية بهذا الباب؟ يعني لماذا اورد المؤلف رحمه الله هذه الاية؟ في هذا الباب مع ان الباب متعلق بماذا بسب الدهر والاية ليس لها تطرق الى هذا المعنى. الاية فيها اثبات التأثير. وهذا الى جانب اقرب منه الى جانب السب. اذا لماذا اورد المؤلف رحمه الله هذه الاية؟ والجواب ان ايراد المؤلف رحمه الله لهذه الاية من فقهه ودقيق نظره وذلك لان هذه الاية مقدمة ممهدة لفهم الحديث الذي سيأتي بعدها يعني سيأتي معنا في الحديث ما يتعلق بسب الدهر والقوم ما سبوا الدهر الا لوجود ماذا اعتقاد التأثير من الدهر فيما يكون. فلاجل هذا سب الدهر. فاذا سبهم سبهم للدهر قد يكون راجعا الى ماذا الى اعتقاد تأثير الدهر وهو ما دل عليه الاية وهو ما دل عليه هذه الاية التي معنا والله تعالى اعلم. نعم احسن الله اليكم. قال المؤلف رحمه الله وفي الصحيح عن ابي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال قال الله تعالى ابن ادم يسب الدهر وانا الدهر اقلب الليل والنهار وفي رواية لا تسبوا الدهر فان الله هو الدهر هذا الحديث نسبه المؤلف رحمه الله الى الصحيح والمراد جنس الصحيح والحديث في الصحيحين بروايات متعددة كما جاء في غير الصحيحين و هذا الحديث كما ترى اورد المؤلف رحمه الله هذا الحديث حديث ابي هريرة ب صيغتين صيغة الحديث القدسي وهذه رواية وصيغة حديث نبوي وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم لا تسبوا الدهر فان الله هو الدهر ولاحظ ان الحديث الاول الحديث القدسي الذي اورده المؤلف رحمه الله فيه اثبات الاذية في حق الله سبحانه وتعالى بسب الدهر يدل على هذا قوله تعالى في الحديث يؤذيني ابن ادم وهذا ما جعله المؤلف رحمه الله في تبويبه نتيجة لسب الدهر قال جل وعلا يؤذيني ابن ادم يسب الدهر وانا الدهر اقلب الليل والنهار معنى هذا الحديث اخبار الله سبحانه وتعالى عن انه يؤذيه ابن ادم ذاك الذي يسب الدهر ويسب الزمان ويسب الوقت لانه ناله فيه ما يكره نزلت عليه محن ونزلت عليه مصاعب وشدائد فلاجل هذا فانه يسب الوقت والزمان الذي نال فيه ما ناله هذا السب للدهر هو في حقيقته ليس راجعا الى الوقت لان الوقت ظرف وعاء عرض ليس منه تصرف وليس منه تأثير انما عاد السب في الحقيقة الى من اوقع هذه الاشياء وقدرها الى الفاعل الحقيقي وهو الله سبحانه وتعالى. فعاد السب اذا الى من صرف الدهر ولا شك ان هذا من المنكر العظيم الذي وقع فيه طوائف من الناس قديما وحديثا. اذا السب في حقيقته راجع الى الله سبحانه وتعالى. لانه هو الذي اوقع هذه الاشياء. التي دفعت هذا الذي سب الدهر الى سب الدهر هذا كمثل رجل حكم عليه قاظ بما يكره فقال لعنة الله على من قضى بهذا القضاء وكان الواقع ان هذا كان قضاء النبي صلى الله عليه وسلم والقاضي الذي حكم ما هو الا مبلغ لقضاء النبي صلى الله عليه وسلم. فكان الامر في حقيقة الحال عود اللعن على من على الذي قضى بهذا وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم وان كان القائل بذلك لا يقصد ذلك ولا يريده. لكن هذه هي الحقيقة اذا كان ذلك كذلك في هذا المثل مع ان القاظي كان كان له نوع تأثير كان له نوع تأثير وهو الابلاغ. فكيف بالزمن والوقت الذي ليس له اي تأثير على الاطلاق اذا عاد هذا السب للزمن في حقيقته الى من تصرف وقدر وامر امرا كونيا بوقوع هذه المصاعب والشدائد. يؤذيني ابن ادم يسب الدهر وانا الدهر اقلب الليل والنهار. اذا انا قول النبي صلى الله عليه وسلم وانا الدهر يعني انا مدبر الدهر ليس هذا من التأويل في شيء هذا كلام وفسر فسره من تكلم به وهو الله سبحانه وتعالى. الله جل وعلا اخبر انه الدهر لان هذا هو اللفظ الذي يريده ويعنيه هؤلاء المشركون. هم سب الدهر لوقوع المحنة فيه. فاراد الله جل وعلا ان بين لهم ان السب عائد اليه لانه هو الذي دبر هذا الدهر وهو الذي قلب هذا الدهر وهو الذي تصرف في هذا الدهر الله جل وعلا من حكمته قد يوقع ما يشاء من المصائب في هذه الدنيا لحكمة يعلمها سبحانه جزاك الله خير سبحانه وتعالى ومن الحكم التي جعل الله سبحانه وتعالى تقدير هذه المحن راجعا اليها هو ان يحصل للعباد تذكر وتفكر وعودة اليه سبحانه وتعالى وتوبة واوبة قال سبحانه وبلوناهم بالحسنات يعني بالنعم والسيئات يعني الشدائد لعلهم يرجعون يرجعون الى الله يرجعون عن غيهم الى سبيل الرشد فلولا اذ جاءهم بأسنا تضرعوا ولكن قست قلوبهم. اذا من حكم ايجاد هذه المصائب في هذه الدنيا حصول التذكر لكن هؤلاء الذين ما كمل ايمانهم ولا عظم تعظيمهم لله سبحانه وتعالى ما لجأوا الى الله ولا رجعوا الى الله انما ذهبوا يسبون الدهر ويطعنون فيه ويعيبونه. فكانت حقيقة الحال عود ذلك الطعن الى من دبر وصرف وهو الله سبحانه وتعالى. وهذا ما لا يشك فيه مسلم ان الله جل وعلا هو المدبر. وان الله عز عز وجل هو الذي يقلب الليل والنهار وهو الذي يحيي ويميت وبيد وهو الذي يحيي ويميت وله اختلاف الليل والنهار. افلا تعقلون اذا كان الواجب ان يراعى مقام الادب مع الله عز وجل وان يبادر الانسان بالتوبة الى الله حتى يرفع الله سبحانه وتعالى هذا البلاء عمن اصابه وهذا كما ذكرت لك شائع واقع في عالم الناس في القديم والحديث الا من رحم الله فان نظرت في احوال العربي في الجاهلية وجدت من هذا الشيء الكثير وان نظرت الى حال الناس في آآ اه في ظلال هذا الدين وفي المنتسبين الى هذا الاسلام وجدت مع الاسف الشديد شيئا من ذلك واقعا في كلام الناس لا سيما في الاوقات الشديدة وعند نزول المصائب كم تجد في كلام الناس الذم والعيب للزمان يقولون هذا زمن غدار هذا زمن اغبر هذا وقت جائر وهذا زمن اسود ربما وجدت منهم من يلعن اليوم الذي تزوج فيه او اليوم الذي لقي فيه فلانا الى غير ذلك مما يكون في كلام الناس واذا فتشت في الاشعار فحدث ولا حرج ايضا تزخر كتب الادب مع الاسف الشديد بطائفة كثيرة مما يرجع الى هذا المعنى ومن ذلك قول المتنبي مثلا قبحا لوجهك يا زمان فانه وجه له في كل قبح برقع وما بعد هذا ايضا من الابيات كلها في في ذم الزمان وفي القدح فيه الى غير ذلك ومن ذلك ايضا قول اخر يا دهر ويحك ما ابقيت لي احدا وانت والد سوء تأكل الولد الى غير ذلك مما يكون في كلام الناس مع الاسف الشديد وعلى كل حال هذا الذي يسب الدهر لا يخلو من امرين اولا ان يكون واقعا في الشرك والكفر او ان يكون واقعا في السب المنكر المحرم اما كونه واقعا في الشرك بالله سبحانه وتعالى فعند اعتقاده ان الزمان والوقت والدهر هو الذي تصرف وهو الذي اثر بمشيئته باستقلال عن مشيئة الله سبحانه. وهذا لا يشك مسلم انه شرك اكبر او ان يكون سب الدهر وهو يستحضر ويريد سب مدبره وهو الله جل وعلا. فهذا ايضا بالاجماع انه كفر بالله سبحانه وتعالى وقد يكون واقعا في منكر وكبيرة من كبائر الذنوب حينما يسب الزمان والوقت وهو لا يريد مدبره وهو الله سبحانه وتعالى. فهذا منكر ومحرم ولا يجوز ناهيك عن كونه اعني هذا السابق في حقيقة حاله وقع في سخف ووقع في حمق وذلك انه سب من لا يستحق السب هذا مجرد عرض مجرد وعاء مجرد ظرف فلاي شيء يسب هذا الوقت فدل هذا على ان سبه لازمه وقوع السب على الله عز وجل المصرف لهذا الزمان بقيت عندنا مسألة يتطرق اليها اهل العلم في هذا المقام وهي مسألة تسمية الله سبحانه وتعالى بالدهر فان طائفة من اهل العلم ذهبوا الى ان من اسماء الله جل وعلا الدهر وهذا ما ذهب اليه نعيم ابن حماد الخزاعي رحمه الله وطائفة من اهل العلم ومن اولئك ايضا ابن حزم الظاهري على الجميع رحمة الله هؤلاء ذهبوا الى ان الله عز وجل يسمى بالدهر الصحيح الذي عليه جماهير اهل العلم ان الله جل وعلا لا يسمى الا بما سمى به نفسه او سماه به رسوله صلى الله عليه وسلم والدهر ليس من هذه الاسماء الاسماء توقيفية والدهر ليس منها لكن هؤلاء يقولون دليلنا على ذلك هذا الحديث الذي بين ايدينا وهو قول الله جل وعلا وانا الدهر وكذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم فان الله هو الدهر اذا هذا دليل صريح على ثبوت هذا الاسم لله جل وعلا هكذا قالوا والجواب عن هذا ان بعض اهل العلم ذهبوا الى ان القراءة الصحيحة للحديث القدسي هي وانا الدهر اقلب الليل والنهار ليس انا الدهر انما وانا الدهر اقلب الليل والنهار. يعني انا خلال هذا الزمن هو الذي ماذا اقلب الليل والنهار فكان الدهر برواية الفتح ظرفا زمان صار ظرف زمان وليس وليس خبرا وهذا ما حكاه الخطابي عن ابي بكر آآ ابن ابي داود الاصبهاني ولكن هذا القول ضعيف ليس بوجيه فاننا اذا قلنا تسليما بصحة ذلك في الحديث القدسي فماذا نحن فاعلون في الرواية الاخرى التي معنا؟ وهي قول النبي صلى الله عليه وسلم فان الله هو الدهر اذا الصحيح ان قراءة الحديث هي وانا الدهر فان الله هو الدهر الذي اه لا شك فيه ان الحديث له هذا التوجيه الذي قد علمته قبل قليل وهو ان قول النبي صلى الله عليه وسلم وانا الدهر يعني وانا مدبر الدهر وانا مقلب الدهر واما زعمهم ان الدهر هو اسم من اسماء الله جل وعلا كما في هذا الحديث فهذا مردود من عدة اوجه. اولا سياق الحديث يأبى ان يكون الدهر اسما لله جل وعلا وذلك ان الحديث فيه ان ابن ادم ماذا يصنع يسب الدهر والواقع ان الناس قديما وحديثا لا يسبون الدهر يعني لا يسبون الله عز وجل باسم ماذا باسم الدهر المشركون ما كانوا يسبون الله عز وجل صراحة وهكذا الناس بعد مجيء الاسلام لا يسبون الله جل وعلا لا يسبونه مطلقا هذا في عمومهم الا من شذ ممن كفر بالله سبحانه وتعالى وارتد فسب الله جل وعلا لكن حتى هؤلاء لا يسب لا يسبونه بماذا بهذا الاسم اليس كذلك؟ ربما يسب احدهم الله جل وعلا فيلعن الرب مثلا تعالى الله عز وجل عن ما يقول الظالمون علوا كبيرا لكن المقصود ان سب هذا الاسم الذي هو اسم لله ويراد به ايقاع السب على الله عز وجل هذا ماذا ما كان ولا يكون لا يقع من الناس فدل هذا على انه ليس المراد ليس المراد ان الناس كانوا يسبون الدهر الذي هو اسم لله لم يكونوا يسبون الله اسمه الدهر. هذا واحد. ثانيا ان الدهر لو كان اسما لله عز وجل لكان المشركون مصيبين في قولهم وما يهلكون الا الدهر لان المعنى حينئذ سيكون ها وما يهلكنا الا الله وهذا عكس المراد الاية باتفاق اهل العلم مسوقة مساق الانكار عليهم. اذا قولهم هذا بالاجماع منكر. قولهم وما يهلكنا الا الدهر منكر وباطل لكننا اذا قلنا ان الدهر اسم لله كان كلاما حقا صحيحا وهذا خلاف اجماع اهل العلم وامر ثالث وهو ان الدهر اذا نظرت اليه وجدته اسما جامدا لا يتضمن حسنا فضلا عن ان يكون من احسن الاسماء والمعاني ومعلوم ان الله سبحانه وتعالى اسماؤه حسن بالغة في الحسن الغاية وهذا اسم ليس منها لا يتضمن مجرد حسن فضلا عن ان يكون متظمنا لاحسن المعاني. اذا هذه اوجه ثلاثة تدل على ان الدهر ليس اسما لله عز وجل ولاحظ هنا ملحظا مهما نسيت ان انبه عليه في ابتداء الكلام عن هذه المسألة وهي ان الذين قالوا ان الدهر اسم لله ومنهم من قد علمت. هؤلاء لا يريدون بالدهر الزمان والوقت انما يريدون بالدهر معنى القديم الازلي. انتبه لهذا. لا احد كما يقول شيخ الاسلام كما في المجلد الثاني من مجموع الفتاوى باجماع المسلمين لا احد يسمي الله عز وجل بالزمان وهذا معلوم بطلانه بصريح العقل كما قال رحمه الله هؤلاء الذين قالوا ان الله اسمه الدهر ارادوا بكلمة الدهر ماذا معنى القديم الازلي. ونحن نوافق على المعنى ان كان يراد به ان الله عز وجل هو الاول الذي ليس قبله شيء وهو الاخر الذي ليس بعده شيء ان كان المراد هذا فنحن نوافق على المعنى لكننا نقول ان هذا الاسم لا يجوز اثبات لله جل وعلا وان كان المعنى المراد ماذا صحيحة. اذا الذين اثبتوا هذا الاسم لم يكونوا يريدون انه الوقت والزمان انما كانوا يريدون به هذا المعنى الذي قد علمت قد يقول قائل ان هذا الحديث قد يوهم ان الوقت والزمان هو الله عز وجل وهذا وهم وتوهم قد يوسوس به الشيطان في نفوس بعض الناس ولكن هذا باطل بالنظر الى الحديث نفسه وذلك انك اذا تأملت وجدت ان المقلب لا يمكن ان يكون هو المقلب لا يمكن ان يكون المفعول به هو الفاعل انت اذا نظرت وجدت النبي صلى الله عليه وسلم يحكي عن ربه جل وعلا انه قال يؤذيني ابن ادم يسب الدهر وانا الدهر ماذا اقلب الليل والنهار والدهر ليس الا الليل والنهار اذا الله جل وعلا يقلب هذا الدهر. فكيف يكون هو الدهر فهمنا يا جماعة؟ يعني لا يمكن ان يكون المقلب المقلب ولا ان يكون المقلب هو المقلب. فالله عز وجل هو الذي يقلب الدهر. وانما معنى قوله جل وعلا وانا الدهر يعني انا مدبر ومقلب الدهر لعل هذا القدر فيه كفاية والله تعالى اعلم وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله واصحابه واتباعه باحسان