بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين. نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين والمسلمين قال امام الدعوة شيخ الاسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى باب قول الله تعالى قال وعلى الله فتوكلوا ان كنتم مؤمنين. الحمد لله الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره نعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله واصحابه. وسلم تسليما كثيرا. اما بعد هذا الباب الذي عقده المؤلف رحمه الله مخصوص كلامي عن التوكل. والتوكل. عبادة قلبيته عظيمة هي من اشرف مقامات اهل الايمان بل هي نصف الدين. الدين عبادة وتوكل واعبده وتوكل عليه. عليه توكلت واليه انيب قل هو الرحمن امنا به وعليه توكلنا اياك نعبد واياك نستعين واهل هذا المقام هم خلصوا المسلمين. وكم من المؤمنين كما جاء معنا في حديث سبعين الفا الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب. قال عليه الصلاة والسلام وعلى ربهم يتوكلون التوكل اهل محبة الله. فاذا عزمت وتوكل على الله ان الله يحب التوكل اعم مقامات الايمان من حيث اهلها. فانه يقوم بهذا المقام المسلمون والكافرون ايضا. واهل السماوات واهل الارض. والانس والجن بل حتى الحيوانات والطيور تتوكل على الله سبحانه وتعالى فالتوكل من جهة اخرى هو اوسع الايمان تعلقا بصفات الله جل وعلا ونبعوت جلاله فالتوكل له تعلق بصفة القدرة والقوة والمشيئة والعلم والرحمة والمحبة وغير ذلك من صفات الله سبحانه ولاجل هذا لم يكن المؤمن الا متوكلا بمعنى ان الايمان شرط ان التوكل شرط في الايمان بل حتى انه شرط في الاسلام. قال موسى يا قومي ان كنتم امنتم بالله عليه توكلوا ان كنتم مسلمين. فمتى ما خلا القلب من التوكل خلى من الايمان والاسلام. ومتى ما ضعف هذا ضعف ذاك وقد بحث الناس كثيرا في موضوع التوكل و تباينت تعريفاتهم له. وآآ اصح ذلك وهو الذي عليه التحقيق ان التوكل هو الاعتماد على الله والتفويض اليه مع رعاية الاسباب الاعتماد على الله والتفويض اليه مع رعاية الاسباب. و لاجل ذلك يقول اهل العلم انه حقيقة مركبة من شيئين من قيام بالاسباب ومن اعتماد وتفويض بالقلب واذا اردنا ان نتعمق اكثر ونكثر اكثر في معنى التوكل فان التوكل في حقيقته هو مجموع ثلاثة امور اولا القيام بتوحيد الربوبية وتوحيد الاسماء والصفات بمعنى اعتقاد ربوبية الله جل وعلا وانفراده جل وعلا بالملك والخلق والتدبير مع اعتقاد ما اتصف به سبحانه وتعالى من صفات الكمال. وكلما كان الانسان اكثر قياما بهذا التوحيد كلما كان اكثر قياما بعبودية التوكل ولاجل هذا نقل ابن القيم رحمه الله عن شيخه ان الفيلسوف والقدرية النفاة والجهلية المعطلة لا يتأتى منهم التوكل. وصدقة رحمه الله فان يتوكل من يعتقد ان الله سبحانه وتعالى لا يعلم الجزئيات اي انه لا يعلم الامور التي تقع وتكون الا بعد وقوعها وكينونتها والا فعلمه السابق انما هو علم كلي لا دين لا ليس علما بالجزئيات وان يتأتى التوكل ممن يعتقد ان هذا المخلوق يوقع ان هذا الكون الذي خلقه الله سبحانه يقع فيه ما لا يشاؤه سبحانه وتعالى واما يتعدى التوكل ممن يعتقد ان الله عز وجل لا يتصف بصفات الكمال اذا اقوم الناس بعبودية التوكل هم اقومهم بتوحيد الربوبية والاسماء والصفات الامر الثاني القيام بالاسباب المأذون بها وهذا موضع يغلط فيه كثير من الناس اذ يظنون ان حقيقة وقل انما تحصل بقطع النظر عن الاسباب بالكلية وهذا غلط خلاف حكمة الله سبحانه وتعالى وسنته الكونية حيث ربط سبحانه وتعالى الاشياء اسباب وهو خلاف شرع الله سبحانه. وقد يكون في سنة النبي عليه الصلاة والسلام. النبي عليه الصلاة والسلام كان يقوم بالاسباب المأذون فيها ولا يقصر في شيء من ذلك ظهر عليه الصلاة والسلام يوم احد وعليه ذرعان. وكان يدخر قوت سنة لاهله واتخذ يوم الخندق السبب المعروف. واتخذ يوم بدر السبب المعروف. وكان اذا خرج في سفر يأخذ الزاد والمزاد. الى غير ذلك من قيامه عليه الصلاة والسلام بالاسباب مع انه سيد المتوكلين. اذا من الخطأ البين اعتقاد ان ثمة تنافرا وتنافيا بين التوكل وبين القيام بالاسباب. بل ان هذا الكلام في نفسه غلط. لان التوكل في ذاته سبب من الاسباب سبب في حصول المرغوب والهروب من المرغوب. فكيف يقول قائل هؤلاء ان التوكل انما يكون بقطع النظر في الاسباب بل ان قطع النظر في الاسباب ممتنع عقلا وشرعا وحسا فلا يمكن لاحد البتة ان يترك الاسباب جملة هذا شيء وان قاله قائل فانه في حقيقة الامر يكذب. ولذا يذكر ابن القيم عن احد هؤلاء الصوفية الذين يزعمون انهم متوكلون ولا يأخذون بالاسباب فكان هذا يخرج في اسفاره ويجوب الصحابي والقفار دون ان يتزود بالطعام وبالشراب ويزعم انه متوكل. لكن العجيب في امره انه كان يأخذ معه خيطا وابرة وآآ اناء للوضوء. ويقول هذا لا يقدح في التوكل لانه انشق الثوب الذي البسه بانت عورته فلا تصح صلاتي فلابد من ان اخذ الابرة والخيط. كما انني استعين هذا الاناء في الوضوء لاجل العبادة تلاحظ يا رعاك الله ان هذا قد ناقض نفسه ولجأ الى الاسباب دون ان يصرح بذلك. هو قائم بالاسباب. بل مجرد خروجه وذهابه ومسيره هو في اخذ بالاسباب. لذا فان الميزان والمحك. الذي تعرض عليه سائر الاحوال هي حال النبي صلى الله عليه وسلم ثم حال اصحابه ونحن اذا نظرنا في احوالهم صلى الله وسلم على نبينا ورضي الله عن اصحابه وجدناهم اخذين بالاسباب غير عاجزين. لكن ينبغي ان ينظر في الاسباب. الى امر المهم وهو ان الناظرة في الاسباب او ان المتوكل ينبغي ان جعت رضي الله عنه في شراء شاة له في نصوص كثيرة وهذا باب معروف في الفقه. ومن هذا الباب قول الله سبحانه وتعالى فان يكفر بها هؤلاء فقد وكلنا بها في الاسباب اتصالا وانقطاعا. بمعنى ان تتصل جوارحه بالاسباب وان ينقطع قلبه عن التعلق بها. ولذا نقل الحافظ رحمه الله في الفتح عن بعضهم تعريف التوكل بانه قطع النظر عن الاسباب بعد تهيئة الاسباب ونقل ابن القيم رحمه الله في المدارج عن الخراز انه قال في تعريف التوكل هو اضطراب بلا سكون وسكون بلا اضطراب. بمعنى انه اضطراب بالجوارح وعمل وحركة دون ان يهدأ. ولكن قلبه ساكن لا يضطرب ولا يلتفت الى هذه الاسباب. فمحل الاسباب لا يتجاوز الجوارح اما القلب فمعتمد ومتوكل على الله سبحانه وتعالى فهذه قضية مهمة ينبغي ان تلاحظ في موضوع التوكل. قال عليه الصلاة والسلام لو انكم تتوكلون على الله حق التوكل لرزقكم كما يرزق الطير تغدوا خناصا وتعود بطانا. فلاحظ انه في التوكل كان هناك هدوء وكان هناك حركة وكان هناك اتخاذ للاسباب فرزق الله سبحانه وتعالى هذه الطير وهكذا يرزق المتوكلين. الامر الثالث وهو لب التوكل واهم مبانيه واعظم اركانه وهو على الله والثقة به وحسن الظن به تفويض الامر اليه بحيث يعتقد ان تدبير الله خير من تدبيره وان تصريف الله لاموره خير من تصريفه لامور نفسه ولاجل هذا عرف الائمة كالامام احمد التوكل بانه عمل القلب هذا لب التوكل والروح. وهو ان يكون عند الانسان اعتماد وتفويض اسلام لله جل وعلا. فيسكن قلبه ويحصن له ثقة بربه تبارك وتعالى ولا شك ان هذا المقام يكثر فيه حال المدعيه فكم من الناس من يدعي انه متوكل؟ وكم من الناس من يظن نفسه انه متوكلا انه متوكل؟ ولكنه وعند الحقيقة يكون مقصرا في هذا الباب. وانما يظهر ذلك عند الشدائد فهي محكات من يدعي التوكل. وفرق بين ان يعلم الانسان حقيقة التوكل وان يقوم به بالفعل. بين ان يتصوره وبين ان يكون هو حاله فرق عظيم بين هذا وهذا. والمخطئون في هذا الباب الغالطون فيه اصناف اولا من اشرك الشرك الاكبر وهؤلاء هم الذين صرفوا هذه العبودية لله لغيره التوكل عبادة بل هو من اشرف العبادات وصرفها لغير الله جل وعلا شرك اكبر وضابط ذلك هو ان يتوكل على الاموات والغائبين والحاضرين فيما لا يقدر عليه الا الله. وهذا حال عباد القبور. والمتعلقين بالاولاء بالاولياء والصالحين فانهم يفوضون اليهم امور معاشهم. وامور ارزاقهم. بل امور دنياهم واخراهم او تجده يكون عظيم التوكل. على شيخه الذي هو اريده حتى انه يفوض اليه ما لا قدرة له عليه. كان يفوض اليه شأن انجاب الولد او شأن مغفرة الذنب. او ما الى ذلك من هذه الامور التي لا يقدر عليها الا الله سبحانه وتعالى. فهذا ولا شك شرك اكبر وصنف ثان هم الواقعون في الشرك الاصغر. وهؤلاء هم من يعتمدون او يحصل لهم اعتماد بقلبهم والتفات بقلبهم لاحد من المخلوقين فيما له عليه قدرة. فاذا كان هناك اعتماد قلبي والتفات قلبي وثقة بالقلب في احد من المخلوقين في شيء هو يقدر عليه كدفع اذى او دحر عدو او ما شاكل ذلك فان هذا شرك اصغر وهذا شرك خفي. وما اكثر الوقوع في هذا الامر. والله هناك صنف اخر من المخطئين في موضوع التوحد. وهم الذين يحصرون توكل في اقل الاشياء. بمعنى ان متعلق التوكل عندهم انما هو في امور المعاش وامور العافية. وما الى ذلك فلا يتصور ولا يفهم اذا ذكر التوكل الا التوكل على الله في جلب الرزق وحصول العافية انجاب الاولاد ومشاكل ذلك ويغفل عن رتبة اشرف واعظم وهي التوكل على الله سبحانه وتعالى في تحقيق عبوديته والتوكل على الله في شأن الدعوة اليه ونصرة اوليائه وجهاد اعدائه فهذا توكل اشرف واعظم وهو حال ام للمؤمنين واكملهم في ذلك انبياء الله ورسله. ولذلك كانوا يقولون وما لنا الا نتوكل على الله وقد هدانا سبلنا. فتوكل على الله انك على حق المبين توكل على الله وادعو اليه لانك على الحق المبين. وهذه قضية من اهمية بمكان وينبغي ان نتنبه لها التوكل على الله عز وجل في حصول الرزق هذا شيء حسن ومطلوب ومأمور به. ولكن ليس هو كل ليس هو كل التوكل. بل التوكل على الله عز وجل بشأن الهداية والعبادة وطلب العلم والتعب والدعوة الى الله عز وجل اشرف واعظم وشتان بين من يتوكل على الله في حصول رغيف وبين من يتوكل على الله في حصول هداية قلبه به وفي ان يسعى في هداية الناس. وفتح القلوب لتكون مهتدية لدين ربها سبحانه وتعالى شتان بين هذا وهذا وعلى كل حال الاخطاء في باب التوكل كما ذكرت لكم كثيرا. منها ايضا من يظن ان التوكل انما هو مع الانصراف عن الاسباب وقطع النظر فيها البتة. وهذا كما اسلفت غلط بل التوكل لابد فيه من عمل الاسباب ولابد فيه من رعاية الاسباب. لان هذا هو مقتضى حكمة الله سبحانه وتعالى. وهو مقتضى شرعه محلها كما اسلفت؟ الجوارح وليس القدر. قال الشيخ رحمه الله باب قول الله تعالى وعلى الله فتوكلوا ان كنتم مؤمنين هذه الاية دليل على وجوب التوكل. ووجوب اخلاصه لله سبحانه وتعالى. ودلالة وجوب الاخلاص فيه من جهتين اولا من تقديم المعمود الذي هو الجار والمجرور فانه يفيد عند اهل اللغة الحصر والقصر. اي على الله توكلوا لا على غيره والوجه الثاني في قوله ان كنتم مؤمنين. فان الشرطية ها هنا تفيد وجوب اخلاص التوكل لله سبحانه وتعالى. وان ذلك شرط اصول الايمان. وعلى الله فتوكلوا ان كنتم مؤمنين وجواب الشرط محذوف للمعرفة به. اي وعلى الله فتوكلوا ان كنتم مؤمنين فتوكلوا عليه هذان وجهان باللام على وجوب التوكل ووجوب باخلاصه لله سبحانه وتعالى. وهذا قد ذكره الله عز وجل عن موسى عليه السلام حينما امر قومه بدخول الارض المقدسة ويشبه هذا الاية اخرى التي في يونس قال موسى يا قومي ان كنتم امنتم بالله فعليه توكلوا ان كنتم مسلمين والذي ينظر في النصوص يجد ان الامر بالتوكل كثير في كتاب الله سبحانه وتعالى ودلالة ذلك ظاهرة في وجوب اخلاص هذه اه عبادة لله جل وعلا. نعم. قال رحمه الله تعالى وقوله انما المؤمنون الذين اذا ذكر الله وجلت قلوبهم. هذه الاية في مطلع سورة قال قلت باستدلال بها هو في بقية السياق حيث اثنى الله عز وجل على اهل الايمان بقيامهم بخمس صفات والشاهد هو في الصفة الثالثة وعلى ربهم يتوكلون ولاحظ هنا ايضا انه قد جاء تقديم المعمول بافادة وعلى ربهم يتوكلون. لا على غيره. وعلى كل حال هذه الاية فيها بحث طويل وفيها كلام طويل فيما يتعلق بصفات المؤمنين وفيما يتعلق ايضا بمباحث الايمان ودخول الاعمال فيه وزيادته ونقصانه يضيق الوقت عن تفصيل القول فيها. نعم. وقوله يا ايها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين. هذه الاية يا ايها الذين امنوا ايها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين. فيها قولان لاهل التفسير. القول الاول حسبك الله وحسبك المؤمنون. وهذا قال به بعض السلف القول الثاني حسبك الله وحسب المؤمنين مم الله عز وجل حسب للنبي عليه الصلاة والسلام وهو حسب للمؤمنين. وهذا هو الذي عليه الاكثرون وهو الصواب دون شك. واما القول الاول خطأ بين وذلك ان الحسبة بسكون السين هو الكفاية والنصرة. والله عز وجل حسب المؤمنين يعني كافيهم وناصرهم جل وعلا. والله سبحانه وتعالى هو الذي انفرد بكونه حسبا فكما ان التوكل لا يكون الا فكذلك لا يكون حسب سواه. ويدل على ذلك قول الله جل وعلا وقالوا حسبنا الله سيؤتينا الله من فضله ورسوله. فلاحظ هنا التفريق بين الحسم والايتاء. فالحسب لله عز وجل. واما فان النبي عليه الصلاة والسلام يؤتي يؤتي المال ويؤتي العلم ويؤتي الخير وما اتاكم الرسول فخذوه. ويؤيد ذلك بل هو اوضح. قوله سبحانه فان حسبك الله هو الذي ايدك بنصره وبالمؤمنين. ففرق بين الحسب والتأييد فالحسب له وحده فان حسبك الله. ثم جعل تأييده بنصره وبالمؤمنين. فالتأييد يكون منين؟ اما الحسب فلا يكون الا له سبحانه وتعالى. المقصود ان اهل الايمان حسبهم الله جل وعلا. ولذلك سيأتي معنا ان شاء الله قوله صلى الله عليه وسلم وقول اصحابه معه وهو قول سائر اهل حسبنا الله ونعم الوكيل. وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل. وهذا الذي تلهج به السنة اهل الاسلام لا يقولون حسبنا الله ورسوله او حسبنا الله والمؤمنون وانما يقولون حسبنا الله الله عز وجل وحده الكافر. قال جل وعلا اليس الله بكاف عبده؟ اذا اذا كان الله سبحانه هو الحسم والكافي فالتوكل يجب ان يكون عليه لا على غيره. وهذا وجه ايراد المؤلف رحمه الله لهذه الاية في هذا الباب. اذا كان هو الحسم اذا كان هو الحسم سبحانه فانه يجب ان يفرد بالتوكل فهو حسب المؤمنين وهو الذي يتوكل عليه جل وعلا نعم. قال رحمه الله تعالى وقوله ومن يتوكل على الله فهو حسبه. هذا فيه بيان ثمرة من ثمرات التوكل. الا وهي ان من توكل على الله عز وجل كان الله حسبه وكافيه وناصره ومؤيده. واي ثمرة اعظم من ذلك فان من كان الله عز وجل حسبه وكافيه لم يضره ولو كادته السماوات والارض اذا كان ملك الملوك سبحانه من بيده مقاليد كل شيء هو الكافي لك فانه لن يضرك شيء منه سبحانه وتعالى هذه ثمرة عظيمة وجزاء جليل للتوكل على الله وتعالى قال رحمه الله تعالى وعن ابن عباس رضي الله عنهما انه قال حسبنا الله ونعم الوكيل قالها ابراهيم عليه السلام حين القي في النار وقالها محمد صلى الله عليه وسلم حين قالوا حين قال له الناس ان الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم ايمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل. رواه البخاري والنسائي هذا الاثر عن ابن عباس رضي الله عنهما يبين عظيم هذه الكلمة. وهي حسبنا الله ونعم الوكيل حسبنا الله ونعم الوكيل كلمة التفويض والاعتماد وشأنها في الشدائد شأن عجيب. ولذلك قالها الخليل ابراهيم عليه السلام حين القي في النار بل جاء في رواية في البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما كان اخر قوله عليه السلام حينما القي حسبنا الله ونعم الوكيل. وكانت الثمرة ان قال الله عز عز وجل يا نار كوني بردا وسلاما على ابراهيم. كفاه الله عز وجل اذى قومه. وقال هذه كلمتا العظيمة ايضا النبي صلى الله عليه وسلم واصحابه حينما قال لهم الناس ان قد جمعوا لكم فاخشوهم. فزادهم هذا القول ايمانا. وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل المشهور في كتب التفسير ان هذا القول انما كان لما بعث ابو سفيان بعثا من بني عبد القيس ووعدهم على ذلك جائزة اذا بلغوا النبي صلى الله عليه وسلم انهم عائدون اليه ليستأصلوا شأفتاه المسلمين فلقوا النبي عليه الصلاة والسلام واصحابه في حمراء الاسد. فلما بلغوهم ذلك قالوا حسبنا الله ونعم الوكيل. فكانت الثمرة فانقلبوا بنعمة من الله وفضلا يمسسهم سوء. اوقع الله لعبة في قلوب الكفار بقلوب آآ ابي سفيان او من بعد وكان اذاك كافرا ورجعوا ولم يصيبوا المسلمين بسوء سلم الله نبيه صلى الله عليه وسلم والمؤمنين منهم. وهكذا اهل الايمان آآ يلهجون بهذا القول لا سيما في عظائم الامور ولا سيما في شدائدها ولعلكم تذكرون حديث ابي هريرة الطويل الثابت صحيح مسلم انما قال صلى الله عليه وسلم لم يتكلم في المهد الا ثلاثة ذلك الرضيع الذي الذي كان يرتفع من ثدي امه. فمرت تلك الجارية التي كانوا يضربونها ويقولون سرقت وزنيتي؟ وهي وكانت مظلومة لا تزيد على ان تقول حسبي الله ونعم الوكيل. بل حتى في اهوال الاخرة يشرع للانسان ان يقول من خوفه منها وثقلها على نفسك حسبنا الله ونعم الوكيل. يدل على ذلك ما عند الترمذي ان النبي صلى الله عليه وسلم قال كيف انعم وصاحب القرن قد انتقل القرن واهنى جبهته ينتظر الاذن لينفخ في الصور. فثقل ذلك على اصحاب عليه الصلاة والسلام فقالوا كيف نقول يا رسول الله؟ فقال قولوا حسبنا الله ونعم الوكيل على الله توكلنا حسبنا الله ونعم الوكيل على الله توكلنا وقول المسلم حسبنا الله يعني الله كافينا. ونعم الوكيل هو فمخصوص نعم محذوف تقديره هو الله ونعم وكيله هو الله. الوكيل من الوكالة والله عز وجل وكيل عبادة ونعم الوكيل. ومعنى الوكيل هنا اي نعم من يعتمد عليه ويفوض الامر اليه. والوكالة في تفصيل ليست كالتوكل الوكالة والتوكيل فيه تفصيل فان الوكالة والتوكيل نوعان النوع الاول اعتماد وتفويض قلبي. حسبنا الله ونعم الوكيل الله عز وجل وكيل عباده يعني هو المفوض اليه المعتمد عليه. وتأتي الوكالة بمعنى انابة الشخص او اقامة الغير مقام النفس في في امر من الامور. فيقول الانسان وكلتك يا فلان في شراء كذا او في جنب كذا فهذا ليس فيه التفات قلبي. بل الغالب ان يكون الموكل ارفع درجة من الموكل ليس بداء لكن في الغالب يكون كما وكل النبي صلى الله عليه وسلم علي رضي الله عنه بذبح ما بقي من الهدي بعد ان ذبح عليه الصلاة والسلام وكل عليما في ذبح الباقر. وكما وكل عروة قوما ليسوا بها بكافرين. فالله عز وجل يوكل والله عز وجل يوكل كلا الامرين ثابتان في حقه سبحانه وتعالى. ولكن تنبه الى الفرق. فالله عز وجل يوكل بالمعنى الاول وهو انه يعتمد عليه وتفوض الامور اليه. نعم الوكيل سبحانه وتعالى. والله عز وجل يوكل بمعنى كما في هذه الاية فقد وكلنا بها قوما ليسوا بها بكافرين. يعني اقمنا هؤلاء المؤمنين في اقامة شرع الله سبحانه وتعالى وفي اه اقامة الخلافة في الارض وفي تنفيذ شرع الله سبحانه وتعالى وما الى ذلك. وتنبه هنا الى ان هذه الوكالة او هذا من الله سبحانه وتعالى ليس عن حاجة منه تبارك وتعالى الى خلقه كما قد يقع من المخلوق يوكل انه محتاج الى التوكيد. اما الله عز وجل فليس بحاجة الى احد بل هذا منه سبحانه وتعالى منه في الخلق. ورحمة منه بالخلق. والا فهو الغني عن جميع خلقه سبحانه وتعالى. اسأل الله العظيم ان يرزقني واياكم حقيقة التوكل والاعتماد والثقة على الله سبحانه وتعالى والا يكلنا الى انفسنا طرفة عين ان ربنا لسميع الدعاء وصلى الله وسلم وبارك عبده ورسوله نبينا محمد