المكتبة الصوتية لمعالي الشيخ صالح بن عبدالعزيز بن محمد بن ابراهيم بن عبداللطيف ال الشيخ. شروحات كتب الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله شرح كتاب التوحيد. الدرس التاسع والثلاثون. باب قول الله تعالى الم تر الى الذين يزعمون انهم امنوا بما انزل اليك وما انزل من قبلك يريدون ان يتحاكموا الى الطاغوت وقد امروا ان يكفروا به. ويريد الشيطان ان ظلهم ضلالا بعيدا. واذا قيل لهم تعالوا الى ما انزل الله والى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا. فكيف اذا اصابتهم مصيبة بما قدمت ايديهم ثم جاءوك يحلفون بالله ان اردنا الا احسانا وتوفيقا. وقوله واذا قيل لهم لا تفسدوا في الارض قالوا انما نحن مصلحون. وقوله ولا تفسدوا في الارض بعد اصلاحها وادعوه خوفا وطمعا. ان رحمة الله قريب من المحسنين وقوله افحكم الجاهلية يبغون؟ ومن احسن من الله حكما لقوم يوقنون؟ وعن عبد الله ابن عمرو رضي الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يؤمن احدكم حتى يكون هواه تبعا لما حتى يكون هواه تبعا لما جئت به. قال النووي حديث صحيح رويناه في كتاب الحجة باسناد صحيح. وقال الشعبي كان بين رجل من المنافقين ورجل من اليهود خصومة. فقال اليهودي نتحاكم الى محمد صلى الله عليه وسلم. لانه لانه عرف انه لا يأخذ الرشوة وقال المنافق نتحاكم الى اليهود لعلمه انهم يأخذون الرشوة فاتفقا على ان يأتي كاهنا في سهينة فيتحاكما اليه فنزلت الم تر الى الذين يزعمون الاية؟ وقيل نزلت في رجلين اختصما فقال احدهما نترافع الى صلى الله عليه وسلم وقال الاخر الى كعب بن الاشرف ثم ترافعا الى عمر فذكر له احدهما القصة فقال للذي لم ارضى برسول الله صلى الله عليه وسلم اكذلك؟ قال نعم فضربه بالسيف فقتله هذا الباب من الابواب العظيمة المهمة في هذا الكتاب وذلك لان افراد الله جل وعلا بالوحدانية في ربوبيته وفي الهيته يتضمن ويقتضي ويستلزم جميعا ان يفرد في الحكم فكما انه جل وعلا لا حكم الا حكم لا حكما الا حكمه في ملكوته فكذلك يجب ان يكون لا حكم الا حكمه فيما يتخاصم فيه الناس. وفي الفصل بين الناس. الله جل وعلا هو الحكم واليه الحكم سبحانه وتعالى قال جل وعلا فالحكم لله العلي الكبير وقال جل وعلا ان الحكم الا لله. فتوحيد الله جل وعلا في الطاعة وتحقيق شهادة لا اله الا الله وان محمدا رسول الله لا يكون الا بان يكون العباد محكمين لما انزل الله جل وعلا على رسوله. وترك تحكيم ما انزل الله على رسوله صلى الله عليه عليه وسلم بالحكم بحكم الجاهلية بحكم القوانين او بحكم تواليف البادية او بكل حكم مخالف لحكم الله جل وعلا هذا من الكفر الاكبر بالله جل جلاله ومما يناقض كلمة التوحيد اشهد ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله لهذا عقد الشيخ رحمه الله هذا الباب ليبين ان الحكم بما انزل الله فرض وان ترك الحكم بما انزل الله وتحكيم غير ما انزل الله في شؤون المتخاصمين وتنزيل ذلك منزلة القرآن ان ذلك شرك اكبر لله جل وعلا وكفر مخرج من ملة الاسلام. قال فالامام الشيخ محمد بن ابراهيم رحمه الله في اول رسالته تحكيم القوانين ان من الكفر الاكبر المستدين. تنزيل القانون اللعين منزلة ما نزل به الروح الامين على قلب سيد المرسلين ليكون حكما بين العالمين مناقضة ومحادة لما نزل من رب العالمين او نحو ما قال رحمه الله تعالى. فلا شك ان افراد الله بالطاعة مراد الله بالحكم وتحقيق شهادة لا اله الا الله محمد رسول الله يقتضي الا يحكم الا بشرعه لهذا الحكم بالقوانين الوضعية او الحكم بسواليف البادية هذا كله من الكفر الاكبر بالله جل وعلا وتحكيم القوانين كفر لله جل وعلا لقوله تعالى هنا في هذه الاية الم ترى الى الذين يزعمون هناك انهم امنوا بما انزل اليك وما انزل من قبلك يريدون ان يتحاكموا الى الطاغوت. فاذا مناسبة هذا الباب لكتاب توحيد ظاهرة وهي ان التحاكم الى غير شرع الله هذا قدح في اصل التوحيد. وان الحكم بشرع الله واجب وان تحكيم القوانين او في البادية او امور الجاهلية هذا مناف شهادة ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله ان من مقتضيات شهادة ان محمدا رسول الله ان يطاع فيما امر وان يصدق فيما اخبر وان ان يجتنب ما عنه نهى وزجر والا يعبد الله الا بما شرع. فالحكم بين المتخاصمين هذا لا بد ان فيه الى حكم من خلق المتخاصمين ومن خلق الارض والسماوات. فالحكم الكوني القدري لله جل وعلا كذلك الحكم الشرعي لله جل وعلا فيجب ان يكون العباد ليس بينهم الا تحكيم امر الله جل وعلا اذ ذلك هو حقيقة التوحيد في طاعة الله جل وعلا في مسائل التخاصم بين الخلق قال رحمه الله باب قول الله تعالى الم تر الى الذين يزعمون انهم امنوا بما انزل اليك وما انزل من قبلك. قوله يزعمون يدل على انهم كذبة. فلا يجتمع الايمان مع ارادة الحكم. والتحاكم الى الطاغوت. قال يريدون ان يتحاكموا الى الطاغوت وقوله يريدون هذا ضابط مهم. وشرط في نفي اصل الايمان عم من حاكم الى الطاغوت فان من تحاكم الى الطاغوت قد يكون بارادته وهي الطواعية والاختيار والرغبة في ذلك وعدم الكراهة. وقد يكون بغير ارادته. بان يكون مجبرا على ذلك وليس ليس له في ذلك اختيار وهو كاره لذلك. فالاول هو الذي ينتفي عنه الايمان لا يجتمع الايمان بالله وبما انزل الى النبي صلى الله عليه وسلم وما انزل من قبله مع ارادة التحاكم الى الطاغوت. فالارادة الحر لان الله جل وعلا جعلها في ذلك مساق الشرط فقال يريدون ان يتحاكموا الى الطاغوت. وان يتحاكموا هذا مصدر يعني يريدون حاكما الى الطاغوت والطاغوت اسم لكل ما تجاوز به العبد حده من متبوع او معبود او مطاع. قال جل وقد امروا ان يكفروا به. يعني ان يكفروا بالطاغوت ان يكفروا بكل تحاكم الى غير شرع الله جل وعلا. فالامر بالكفر بالتحاكم الى الطاغوت هذا امر واجب من افراد التوحيد ومن افراد تعظيم الله جل وعلا في ربوبيته من تحاكم الى الطاغوت بارادته فهذا انتفى عنه الايمان اصل كما دلت عليه الاية. قال وقد رمروا ان يكفروا به الشيطان ان يضلهم ضلالا بعيدا. دل ذلك على ان هذا من وحي الشيطان ومن تسويله. قال وقوله واذا قيل لهم لا تفسدوا في الارض قالوا انما نحن مصلحون. الافساد في الارض تحكيم غير شرع الله وبالاشراك بالله فالارض اصلاحها بالشريعة وبالتوحيد. وافسادها بالشرك بانواعه الذي منه الشرك الطاعة ولهذا ساق الشيخ هذه الاية تحت هذا الباب لاجل ان يبين لك ان صلاح الارض بالتوحيد الذي منه افراد الله جل وعلا بالطاعة والا يحاكم الا الى شرعه. وان افساد الارض بالشرك الذي منه ان يجعل حكم غير الله جل وعلا جائزا في التحاكم اليه. قال وقوله ولا تفسدوا في الارض بعد لاصلاحها والاية التي قبلها واذا قيل لهم لا تفسدوا في الارض قالوا انما نحن مصلحون ظاهرة في ان من خصال المنافقين انه هم يسعون في الشرك وفي وسائله وافراده ويقولون انما نحن مصلحون. وفي الحقيقة انهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون لانهم اذا ارادوا الشرك ورغبوا فيه وحاكموا وتحاكموا الى غير شرع الله فان ذلك هو الفساد والسعي فيه سعي للانسان. قال وقوله افحكم الجاهلية يبغون؟ ومن احسن من الله حكما لقوم يوقنون الجاهلية يحكم بعضهم على بعض يعني البشر يسن شريعة فيجعلها حاكمة والله جل وعلا هو الذي خلق العباد وهو اعلم بما يصلحهم وما فيه العدل في الفصل بين تخاصماتهم الفصل في اقضيتهم وخصوماتهم. فمن حاكم الى الى شرائع الجاهلية فقد حكم البشر. ومعنى ذلك انه اتخذه مطاعم من دون الله او جعله شريكا لله جل وعلا في عبادة الطاعة والواجب ان العبد يجعل حكمه وتحاكمه الى الله جل وعلا دون ما سواه. والله جل وعلا حكمه هو احسن الاحكام فغير الله ابتغي حكما وقال هنا ومن احسن من الله حكما لقوم يوقنون. فدل على ان حكم غيره انما هو كما قال زبالة اذهان ونحافة افكار لا تساوي شيئا عند من عقل تصرف الله جل وعلا في ملكه وملكوته وعليت ثم حكم الا حكم الرب جل وعلا هذه المسألة وهي مسألة التحاكم الى غير شرع الله من المسائل التي يقع فيها خلق كثير خاصة عند الشباب وذلك في هذه البلاد وفي غيرها وهي من اسباب تفرق المسلمين. لان نظر الناس فيها لم يكن واحدا والواجب ان يتحرى طالب العلم ما دلت عليه الادلة. وما بين العلماء من معاني تلك الادلة وما فقهوه من اصول الشرع والتوحيد وما بينوه في تلك المسائل ومن اوجه الخلق في ذلك انهم جعلوا المسألة في مسألة الحكم والتحاكم واحدة. يعني جعلوها صورة واحدة وهي متعددة الصور فمن صورها ان يكون هناك تشريع لتقنين مستقل يضاهى به حكم الله جل وعلا. يعني قانون مستقل يشرع هذا التقنين من حيث وضعه كفر والواضع له يعني المشرع الثاني لذلك وجاعل هذا التشريع منسوبا اليه وهو الذي حكم بهذه الاحكام هذا المشرع كافر وكفره ظاهر لانه جعل نفسه طاغوتا فدعا الناس الى عبادته وهو راض عبادة الطاعة وهناك من يحكم بهذا التقنين. هذي حالة ثانية فالمشرع حالة ومن يحكم بذلك تشريع حاله ومن يتحاكم اليه حالة ومن يجعله في بلده من جهة الدول هذه حالة رابعة فصارت عندنا الاحوال اربع المشرع ومن اطاعه في جعل الحلال حراما والحرام حلالا ومناقضة شرع الله هذا كافر ومن اطاعه في فقد اتخذه ربا من دون الله والحاكم بذلك الحاكم بذلك التشريع فيه تفصيل فان حكم مرة او مرتين او اكثر من ذلك ولم يكن ذلك ديدنا له وهو يعلم انه عاصي يعني من جهة القاضي الذي حكم يعلم انه عاص وحكم بغير شرع الله فهذا له حكم امثاله من اهل الذنوب. ولا يكفر حتى يستحل ولهذا تجد ان بعض اهل العلم يقول الحكم بغير شرع الله لا يكفر فيه الا اذا استحل وهذا صحيح ولكن لا تنزل هذه الحالة على حالة التقنين والتشريع فالحاكم كما قال ابن عباس كفر دون كفر ليس الذي يذهبون اليه هو كفر دون كفر. يعني من حكم في مسألة او في مسألتين بهواه بغير شرع الله وهو يعلم انه عاص ولم يستحل هذا كفر دون كفر اما الحاكم الذي لا يحكم بشرع الله بتاتا ويحكم دائما ويلزم الناس بغير شرع الله فهذا من اهل العلم من قال يكفر مطلقا ككفر الذي سن القانون لان الله جل وعلا قال يريدون ان يتحاكموا الى الطاغوت. فجعل الذي يحكم بغير شرع الله مطلقا جعله طاغوتا. وقال وقد امروا ان يكفروا به ومن اهل العلم من قال حتى هذا النوع لا يكفر حتى يستحل. لانه قد يعمل ويحكم وهو في نفسه عاصي فله حكم امثاله من المدمنين على المعصية الذين لم يتوبوا منها. والقول الاول من ان الذي يحكم دائما بغير شرع الله ويلزم الناس بغير شرع الله انه كافر هو الصحيح عندي وهو وقول الجد الشيخ محمد بن ابراهيم رحمه الله في رسالة التحكيم القوانين. لانه لا يصدر في الواقع من قلب قد كفر بالطاغوت. بل لا يفطر الا ممن عظم القانون وعظم الحكم بالقانون. الحالة الثالثة حال المتحاكم الحالة الاولى ذكرنا حال المشرع حال الثاني حال المتحاكم حال الحاكم الحالة الثالثة حال المتحاكم يعني الذي ذهب هو وخصمه يتحاكمون الى قانون. فهذا فيه تفصيل ايضا. وهو ان كان يريد التحاكم له ورغبة في ذلك ويرى ان الحكم بذلك سائغ وهو يريد ان يتحاكم الى الطاغوت ولا يكره ذلك فهذا كافر ايضا لانه داخل في هذه الاية ولا يجتمع ذلك كما قال العلماء ارادة الحكم ارادة التحاكم الى الطاغوت مع الايمان بالله بل هذا ينفي هذا والله جل وعلا قال الم تر الى الذين يزعمون الحالة الثانية انه لا يريد التحاكم ولكنه حاكم اما باجباره على ذلك كما يحصل في البلاد الاخرى انه يجبر ان يحظر مع خصمه الى قانوني الى قاض يحكم بالقانون او انه علم ان الحق له في الشرع فرفع الامر الى القاضي في القانون لعلمه انه يوافق حكم الشرع فهذا الذي رفع امره في الدعوة على خصمه الى قاظ قانوني. لعلم ان الشرع يعطيه حقه وان القانون وافق الشرع في ذلك فهذا الاصح ايضا عند انه جائز وبعض اهل العلم يقول يتركه ولو كان الحق له. والله جل وعلا وسط المنافقين بقوله وان يكن لهم الحق يأتوا اليه مذعنين. الذي يرى ان الحق ثبت له في الشرع وما اجاب لنفسه ان يترافع الى غير الشرع الا لانه يأتيه ما جعله الله جل وعلا له مشروعا فهذا لا يدخل في ارادة التحاكم الى الطاغوت فهو ولكنه حاكم الى الشرع فعلم ان الشرع يحكم له فجعل الحكم الذي عند القانون له وسيلة لايصال الحق الذي ثبت له شرعا اليه هذه ثلاثة احوال. الحال الرابع حال الدولة التي تحكم بغير الشرع تحكم بالقانون. الدول التي تحكم بالقانون ايضا بحسب كلام الشيخ محمد بن ابراهيم وتفصيل الكلام في هذه المسألة في فتاويه قال او مقتضى كلامه وحاصله ان الكفر القانون فرض وان تحكيم القانون في الدول ان كان خفيا نادرا فالارض ارض اسلام يعني الدولة دولة اسلام فيكون له حكم امثاله من الشركيات التي تكون في الارض قال وان كان ظاهرا فاشيا فالدار دار كفر. يعني الدولة دار دولة كفر فيصبح الحكم على الدولة راجع الى هذا التفصيل. ان كان تحكيم القانون قليلا وخفيا فهذا لها حكم امثالها من الدول الظالمة او التي لها ذنوب وعصيان وظهور او وجود بعظ الشركيات في دولتها وان كان ظاهرا فاسيا الظهور يضاده الخفاء والفشور يضاده القلة قال فالدار دار كفر. وهذا التفصيل هو الصحيح. لاننا نعلم انه في دول الاسلام صار هناك تشريعات غير موافقة لشرع الله جل وعلا والعلماء في الازمنة الاولى ما حكموا على الدار بانها دار كفر وعلى ولا على تلك الدول بانها دول كفرية. ذلك لان الشرك له اثر على الدار. اذا قلنا الدار يعني الدولة متى كان ظاهرا فاشيا؟ الدولة دولة كفر ومتى كان قليلا خفيا فالدولة او كان قليلا ظاهرا وينكر فالارض ارض اسلام والدار دار اسلام وبالتالي الدولة دولة اسلام. فهذا التفصيل يتضح به هذا المقام وبه جمع بين كلام العلماء ولا تجد