المكتبة الصوتية لمعالي الشيخ صالح بن عبدالعزيز بن محمد بن ابراهيم بن عبداللطيف ال الشيخ. شروحات كتب الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله شرح كتاب التوحيد الدرس التاسع والاربعون. باب قول الله تعالى ولا نزقناه رحمة منا من بعد ضراء مسته ليقولن هذا لي وما اظن الساعة قائمة ولان رجعت الى ربي ان لي عنده للحسنى فلننبئن الذين كفروا بما عملوا ولنذيقن انهم من عذاب غليظ. قال مجاهد هذا بعملي وانا محقوق به. وقال ابن عباس يريد من عندي. وقوله قال انما اوتيته على علم عندي. قال قتادة على علم مني بوجوه المكاسب. وقال اخرون على علم من الله اني له اهل وهذا معنى قول مجاهد اوتيته على شرف. وعن ابي هريرة انه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ان ثلاثة من بني اسرائيل ابرص واقرع واعمى فاراد الله ان يبتليهم فبعث اليهم ملكا بعث الابرص فقال اي شيء احب فقال لون حسن وجلد حسن ويذهب عني الذي قد قذرني الناس به. قال فمسحه فذهب عنه قدره فاعطي لونا قسما وجلدا حسنا. قال فاي المال احب اليك؟ قال الابل او البقر شك اسحاق. فاعطي ناقة عشراء وقال بارك الله لك فيها قال فاتى الاقرع فقال اي شيء احب اليك؟ قال شعرا حسن ويذهب عني الذي قد قذرني الناس به فمسحه ذهب عنه واعطي شعرا حسنا فقال اي المال احب اليك؟ قال البقر او الابل فاعطي بقرة حاملة. قال بارك الله لك فيها فاتى الاعمى فقال اي شيء احب اليك؟ قال ان يرد الله الي بصري فابصر به فابصر به الناس فمسحه فرد الله اليه بصره قال فاي المال احب اليك؟ قال الغنم فاعطي شاة والدة فانتج هذان وولد هذا فكان لهذا اواد من الابل ولهذا واد من البقر ولهذا واد من الغنم. قال ثم انه اتى الابرص في صورته وهيئته. فقال رجل قد انقطعت لي الحبال قد انقطعت لي الحبال في سفري فلا بلوغ لي اليوم الا بالله ثم به. اسألك بالذي اعطاك الحسن والجلد الحسن والمال بعيرا اتبلغ به في سفري. فقال الحقوق كثيرة. فقال كأني اعرفه الم تكن ابرص يقدرك الناس فقيرا فاعطاك الله عز وجل المال فقال انما ورثت هذا المال كابرا عن كابر. قال ان كنت كاذبا ترك الله الى ما كنت وعسى ان اقرأ في صورته فقال له مثل ما قال لهذا ورد عليه مثل ما رد عليه هذا فقال ان كنت فسيرك الله الى ما كنت. قال واتى الاعمى في صورته. فقال رجل مسكين وابن سبيل قد انقطعت بي الحبال في سفري فلا فلا بلاغ لي اليوم الا بالله ثم به. اسألك بالذي رد عليك بصرك شاة اتبلغ بها في سفرك؟ فقال قد كنت اعمى فرد الله الي بصري فخذ ما شئت ودع ما شئت فوالله لا اذهبك اليوم بشيء اخذته لله. فقال له اخذته فوالله لا اجهدك اليوم بشيء اخذته لله. فقال امسك ما لك فانما ابتليتم فقد رضي الله عنك وسخط على صاحبيك اخرجه الله اكبر. الله اكبر هذا الباب كالابواب التي قبله في بيان وجوب تعظيم الله جل وعلا الالفاظ وان النعم تنسب اليه وان يشكر عليها فتعدى اليه ويقول العبد هذا انعم الله علي به. والكذب في هذه المسائل او ان يتكلم المرء بكلام ليس موافقا للحقيقة او هو مخالف لما يعلمه من ان الله جل وعلا قد انعم عليه بذلك هذا قد يهديه الى المهالك وقد يسلب الله جل وعلا عنه النعمة بسبب لفظه. فالواجب على العبد ان يتحرج في الفاظه. خاصة فيما يتصل بالله جل وعلا او باسمائه وصفاته او بافعاله وانعامه او بعدله وحكمته هذا يجب على العبد ان يكون متحررا في ذلك والتحرز في ذلك من كمال التوحيد. لانه لا يصدر التحرز الا عن قلب معظم لله مجل لله نخبة لله يعلم ان الله جل جلاله مطلع عليه وانه سبحانه هو ولي الفضل وهو ولي الانعام وهو الذي يستحق ان يجلى فوق كل جميل وان يحب فوق كل محبوب وان يعظم فوق كل معظم. الله جل جلاله يجب توقيره وتعظيمه من الفاظه. ومن ذلك ما عقد له الشيخ هذا الباب حيث قال باب ما جاء في قول الله العالم ولا من علقناه رحمة منا من بعد ضران مسته ليقولن هذا لي. قال مجاهد في تفسيرها هذا لان لي وانا محبوب به. يعني نسب النعمة الى نفسه او نسب استحقاق النعمة اليه. وانه يستحق ذلك وان الله جل وعلا لم يتفضل عليه بهذا الشيء. او انه تفضل عليه لانه مستحق لهذا مستحق للمال مستحق للجاه مستحق لرفعة القدر عند الناس فصار اليه ذلك الشيء من المال والرفعة والسمعة الطيبة لان لانه مستحق لذلك الشيء بفعله وبجهده ونحو ذلك مما قد يقرأه على قلوب ضعفاء الايمان وضعفاء التوحيد والواجب ان يعلم العبد انه فقير غير مستحق لكي على الله جل وعلا وان الله هو الرب المستحب على العبد ان يشكره وان يذكره وان ينسب النعم اليه. اما العبد فليس مستحقا في الدنيا بحق واجب على الله جل وعلا الا ما اوجبه الله جل وعلا على نفسه. فهذا الذي قال هذا بعملي وانا يعني بعد ان اتته رحمة من بعد الضراء قال هذا بعملي وانا محفوظ به وهذا يدخل فيه كثير مما يحصل في الفاظ الناس كقول الطبيب مثلا فهذا الذي حصل من شفاء المريظ هذا بسبب عمله او نجاحه وتولي لهذا الامر امر هذا بسبب جهده وبسبب تعبي ونحو ذلك مما يجعل ان فعل الله جل وعلا به ذلك بسبب استحقاقه او ان ينسى الله جل وعلا وينسب الاشياء الى نفسه. ولهذا قال وقال ابن عباس يريد من عندي يعني اذاني يقول من عندي انا الذي اتيت بهذا المال او بهذه النعمة وهذا من عندي ولم يتفضل علي به. اذا فدخل في هذا الوصف الذي جاء في الاية نوعان من الماء من ينسب الشيء الى نفسه ولا ينسبه الى الله جل وعلا اصلا. والثاني ان ينسبه الى من جهة الاستحقاق وانه يرى نهبه مستحقا لذلك الشيء على الله جل وعلا. كما يحصل من بعض المغرورين لانه اذا اطاع الله واتقاه وحصلت له نعمة فيقول حصلت لهذه النعمة من جراء استحقاق لها فانا العابد لله جل وعلا ولا يستحضر ان الله جل وعلا يرحم عباده ولو حاسبه على عمله لم تقم عباداته وعمله بنعمة من النعم التي ابداها الله جل وعلا له. فالواجب اذا على العبد ان ينسب النعم جميعا لله وان يشعر بانه لا يستحق شيئا على الله وانما الله هو المستحق للعبودية هو المستحق للشكر هو المستحق للاجلال والعبد فقير مذنب مهما وانظر الى ابي بكر الصديق رضي الله عنه كيف علمه النبي عليه الصلاة والسلام ان يقول في اخر صلاته اللهم اني نفسي ظلما كثيرا ولا يغفر الذنوب الا انت فاغفر لي. هذا ابو بكر علمه عليه الصلاة والسلام ان يقول اللهم اني ظلمت نفسي ظلما كثيرا. فكيف بحال المساكين امثالنا او امثال اكثر هذه الامة؟ كيف يظنون في انفسهم انهم يستحقون على الله شيئا. فاذا تمام التوحيد ان يذل الله ان يذل الله العبد وعن العبد ربه تبارك وتعالى والا يعتقد انه مستحب للنعم او انما اوتيها بجهده وجهاده وعمله وذهابه ومجيئه بل هو فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم. فعل العبد سبب وهذا السبب قد يتخلف وقد تكون مؤثرا وكان مؤثرا باذن الله جل وعلا. رجع الامر الى انه فضل الله يؤتيه من يشاء. قال وقوله قال ان ما اوتيته على علم عندي قال فتابه على علم مني بوجوه المكاتب. هذا في قصة قارون قال جل وعلا ان قارون كان من قوم موسى طغى عليهم واتيناه من الكنوز ما ان مفاتحه لثني بالعصبة اولي القوة. الى ان قال قال انما اوتيته على علم قال قتادة على علم مني بوجوه المكاتب. وهذا يحصل من كثير ممن اغناهم الله جل وعلا وصاروا في تجارة عظيمة شيء الى نفسه فيقول انا خبيث انا افهم انا عندي علم بوجوه المكاسب ونحو ذلك وينسى ان الله جل وعلا هو الذي تفضل ولو منع الله السبب الذي فعله من التأثير لا لم يصدر شيئا. فالله جل وعلا هو الذي تفضل عليك وهو الذي وفقه وهو الذي هداه للفكرة وهو الذي جعل السبب مؤثرا فالله هو المنعم ابتداء وهو المنعم ختاما. فالواجب اذا ان يتخلق العبد من رؤية نفسه وان يعلم انه لا حول ولا قوة الا بالله فانها كنز من كنوز الجنة. فهذا باب معقود لما ذكرنا من تخليص القلب واللسان من الفاظ واعتقادات باطلة يظن المرء فيها انه مستح اشياء على الله جل وعلا والتوحيد هو ان يكون العبد ذليلا خاضعا بين يدي الله يعلم انه لا يستحق شيئا على الله جل وعلا وانما هو فضل الله يؤتيه من يشاء. قال وقال اخرون على علم من الله اني له اهل وهذا يشمل احد الدرجتين اللتين تركهما قال وهذا معنى قولي مجاهد اوتيته على شرف. ثم ساق حديث ابي هريرة الطويل والدلالة منه ظاهرة وان الله جل وعلا عافى هؤلاء ولكنه لم عافاهم نسب نال منهم النعمة الى انفسهم وثالث نسبها الى الله جزى الله الاخير خيرا ادام عليه النعمة وعاقب دينك الرجلين وهذا فضل الله ينعم ثم يثبت النعمة في من شاق ويصرفها عمن يشاء. ومن اسباب ثبات النعمة ان يعظم العبد ربه وان ان الفضل بيد الله وان النعمة هي نعمة الله. ثم في ختام هذه الابواب الوصية بان تكون حذرا في اللسان في ما تتكلم به وان تعلم ان كل خير انما هو من الله. وان لا حول ولا قوة الا بالله. ولو طلبك الله العناية منه جل وعلا طرفة عين لا كنت هالكا ومن الخاسرين. فان العبد احوج ما يكون الى اعتراض والعلم باسماء الله وبصفاته وباثار ذلك في ملكوته وبربوبيته جل وعلا على خلقه وبعبادته حق سعادتك اسأل الله لي ولكم النور في القلوب والصواب في الاقوال والاعمال والاعتقادات