الا الله وجه الدلالة من الاية قوله ولم يخشى الا الله وهذا نفي واستثناء ومر معنا ان مجيء اداة الاستثناء بعد النفي يدل على الحصر والقصر. فاذا الاية دالة بظهور ثم فعل السبب الذي اوجب الله جل وعلا فعله او امر بفعله. فترك فعل الاسباب ينافي حقيقة التوكل الشرعية كما ان الاعتماد على السبب وترك تفويض الامر الى الله جل وعلا ينافي حقيقة التوكل الشرعية فالمتوكل في الشرع هو من عمل السبب وفوض الامر الى الله جل وعلا في الانتفاع بالسبب وفي حدوث المسبب من ذلك السبب وفي توفيق الله واعانته فانه لا حول ولا قوة الا به جل وعلا المكتبة الصوتية لمعالي الشيخ صالح بن عبدالعزيز بن محمد بن ابراهيم بن عبداللطيف ال الشيخ. شروحات كتب الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله شرح كتاب التوحيد الدرس الواحد والعشرون. كتاب قول الله باب قول الله تعالى انما ذلكم الشيطان يخوف اولياءه فلا تخافوهم وخافو ان كنتم مؤمنين وقوله انما يعمر مساجد الله من امن بالله واليوم الاخر واقام الصلاة واتى الزكاة ولم يخش الا فعسى اولئك ان يكونوا من المهتدين. وقوله ومن الناس من يقول امنا بالله فاذا اودي في الله جعل فتنة الناس كعذاب الله وعن ابي سعيد رضي الله عنه مرفوعا ان من ضعف اليقين ان ان ترضي الناس بسخط الله وان تحمدهم على الله وان تذمهم على ما لم يؤتك الله ان رزق الله لا يجره حرص حريص ولا يرده كراهية كاره. وعن عائشة الله عنها ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من التمس رضا الله بسخط الناس رظي الله عنه وارظى عنه الناس من التمس رظا الناس بسخط الله سخط الله عليه واسخط عليه الناس. رواه ابن حبان في صحيحه باب قول الله تعالى انما ذلكم الشيطان يخوف اولياءه. فلا تخافوهم وخافوني ان كنتم مؤمنين هذا الباب في بيان عبادة الخوف ومناسبته لكتاب التوحيد ظاهرة وهي ان خوف العبد من الله جل وعلا عبادة من العبادات التي اوجبها الله جل وعلا فالخوف والمحبة والرجاء عبادات قلبية واجبة. وتكميلها تكميل للتوحيد. ونقص والنقص فيها نقص في كمال التوحيد. والخوف من غير الله جل وعلا ينقسم الى ما هو شرك والى ما هو محرم والى ما هو مباح فهذه ثلاثة اقسام القسم الاول الخوف الشركي وهو خوف السر يعني ان يخاف في داخله من هذا المخوف منه وخوفه لاجل ما عند هذا المخوف منه مما يرجوه او يخافه من ان يمسه سرا بشيء او انه يملك له في اخرته ضرا او نفعا فالخوف الشرك متعلق في الدنيا بخوف السر بان يصيب بان يخاف ان يصيبه ذلك الاله شرك بشر وذلك سر. وربما يأتي تفصيله الخوف المتعلق بالاخرة خاف غير الله وتعلق خوفه بغير الله لاجل ذلك لاجل انه يخاف الا ينفعه ذلك الاله في الاخرة. فلاجل رغبه في ان ينفعه ذلك الاله في الاخرة. وان يشفع له وان وان يقربه منه في الاخرة. وان يبعد عنه العذاب في الاخرة. خاف منه فانزل خوفه به الخوف من العبادات العظيمة التي يجب ان يفرد الله جل وعلا بها وسيأتي مزيد تفصيل لذلك والخوف المحرم وهو القسم الثاني ان يخاف من مخلوق امتثال واجب او البعد عن المحرم مما اوجبه الله او حرمه. يخاف من مخلوق في اداء فرض من فرائض الله يخاف من مخلوق في اداء واجب من الواجبات لا يصلي خوفا من مخلوق لا يحضر الجماعة خوفا من ذم المخلوق له او استنقاصه له فهذا محرم. قال بعض العلماء وهو نوع من انواع الشرك يترك الامر والنهي الواجب بشرطه خوفا من ذم الناس او من ترك مدحهم له او من وصفهم له باشياء فهذا خوف رجع على الخائف بترك امر الله. وهذا محرم لان الوسيلة الى المحرم محرمة النوع الثالث الخوف الطبيعي المأذون به وهذا امر طبيعي كخوف من هدوء او خوف من سبأ او خوف من نار خوف من مؤذ ومهلك ونحو ذلك قال باب قول الله تعالى انما ذلكم الشيطان يخوف اولياءه. فلا تخافوهم وخافوني ان كنتم مؤمنين وجه الاستدلال من هذه الاية انه قال فلا تخافوهم وهذا نهي والنهي للتحريم ونهى عن انزال عبادة الخوف بغيره فهذا يدل على انه نهي عن احد افراد الشرك قال وخافوني ان كنتم مؤمنين وامر بالخوف فدل على ان الخوف عبادة من العبادات. وتوحيد الله بهذه العبادة توحيد واشراك غير الله معه في هذه العبادة شرك. ولهذا قال فلا تخافوهم وخافوني ان كنتم مؤمنين منين الخوف من الخلق كما ذكرنا في ترك فريضة الجهاد انما يكون من جراء الشيطان الشيطان هو الذي يخوف المؤمنين من اوليائه ويخوف اهل التوحيد واهل الايمان من اعداء الله جل وعلا لكي يتركوا الفريضة. فلهذا صار ذلك او محرما يعني الخوف من الاعداء الذي يترتب عليه ترك فريضة من فرائض الله من الجهاد وغيره واجب الا يخاف العبد الا ربه جل وعلا وان ينزل خوفه به والا يخاف اولياء الشيطان وقوله جل وعلا هنا انما ذلكم الشيطان يخوف اولياءه معناها على الصحيح من تفسير او على الراجح يخوفكم اولياءه يعني ايه يخوف اهل الايمان اولياء الشيطان. ففاعل يخوف محذوف دل عليه السياق خوفوا الناس الفاعل هو الشيطان يخوف الشيطان الناس اولياءه اولياء الشيطان. يعني يجعل اهل التوحيد في خوف من اعدائهم. لهذا قال السلف في تفسيرها يخوف اولياءه يعني يخوفكم اولياءه وهذا ظاهر من الايات قبلها كقوله الذين قال لهم الناس ان الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم ايمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل. قال الشيخ رحمه الله وقوله انما يعمر مساجد الله من امن بالله واليوم الاخر واقام الصلاة واتى الزكاة ولم على ان الخشية يجب ان تكون في الله. وان الله اثنى على اولئك بانهم جعلوا خشيتهم في الله وحده دون ما سواه والخشية اخص من الخوف قال وقوله ومن الناس من يقول امنا بالله فاذا اوري في الله جعل فتنة الناس كعذاب الله. جعل فتنة الناس كعذاب الله بان منها فترك ما وجب الله ما اوجب الله عليه او اقدم على ما حرم الله عليه خشية من كلام الناس. قال عن ابي سعيد رضي الله عنه مرفوعا ان من ضعف اليقين ان ترضي الناس بسخط الله وان تحمدهم على رزق الله وان تذمهم على من ما لم يعطيك الله ان رزق الله لا يجره حرص حريص ولا يرده كراهية كارهة. وجه الاستدلال من هذا الحديث قوله ان من ضعف اليقين ان ترضي الناس بسخط الله. من ضعف اليقين يعني من اسباب ضعف الايمان والذي يظعف الايمان المحرمات لان الايمان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية. فدل على ان ارضاء الناس بسخط الله معصية وذم ومحرم لان هذا الذي ارضى الناس بسخط الله خافهم او رجاهم فهذا مناسبة ايراد الحديث في الباب قال وعن عائشة رضي الله عنها ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من التمس رضا الله بسخط الناس رضي الله عنه وارضى عنه الناس ومن التمس رضا الناس بسخط الله سخط الله عليه واسخط عليه الناس. رواه ابن حبان في صحيحه. هذا جزاء الذي افرد الله بعبادة الخوف وجزاء الذي لم يكمل التوحيد في عبادة الخوف فالذي التمس رضا الله بسخط الناس الا عظم الله وخافه ولم يجعل فتنة الناس كعذاب الله بل جعل عذاب الله جل وعلا اعظم فخاف الله وخشيه وطمع فيما عنده فلم يلتفت الى الناس ولم يرفع بهم رأسا قال ومن التمس رضا الناس بسخط الله سخط الله عليه واسخط عليه الناس لانه ارتكب ذنب ان خاف ارتكب ذنب ان خاف الناس وجعل خوفه من الناس سببا لعمل المحرم او ترك فريضة من فرائض الله لهذا قال من التمس رضى الناس بسخط الله فكان جزاؤه ان سخط الله عليك واسخط عليه الناس. ونقف عند هذا واسأل الله جل وعلا لي ولكم التوفيق والسداد و ان يثيبكم على طول المقام والجلوس وهي ايام قليلة لكن تكتسبون فيها ان شاء الله ما تقصرون به مدة القراءة في اشهر طويلة فيما لو فرق فرقت هذه الدروس وجعلت في دروس كل اسبوع او كل او كل آآ اسبوع درس او درسين او ثلاثة ربما لم تختم كتاب التوحيد الا بعد زمن طويل فهذه مدة ايام قليلة اربعة او خمسة فثابروا واصبروا وجزاكم الله خيرا ونفعكم بما علمتم وزادكم علما وعملا. والله ولي التوفيق بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه ومن اهتدى بهداه. اللهم انا نسألك علما نافعا وعملا صالحا. اللهم نور قلوبنا بطاعتك والهمنا ذكرك. واجعلنا من الشاكرين لنعمك المتبعين لشرعك يا ارحم الراحمين اما بعد فهذا باب قول الله تعالى وعلى الله فتوكلوا ان كنتم مؤمنين وهذا الباب عقده الامام المصلح المجدد الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في هذا الكتاب العظيم كتاب التوحيد عقد لبيان ان التوكل على الله فريضة من الفرائض وواجب من الواجبات ان افراد الله جل وعلا به توحيد وعنا التوكل على غير الله شرك مخرج من من الملة التوكل على الله شرط في صحة الاسلام وشرط في صحة الايمان التوكل عبادة عظيمة فعقد هذا الباب لبيان هذه العبادة وحقيقة التوكل على الله جل جلاله ان العبد يعلم ان هذا الملكوت انما هو بيد الله جل وعلا يصرفه كيف يشاء فيفوض الامر اليك ويلتجئ بقلبه في تحقيق مطلوبه وفي وفي الهرب من ما يسوغه يلتجئ في ذلك ويعتصم بالله جل جلاله وحده فينزل حاجته بالله ويفوض امره الى الله ثم يعمل السبب الذي امر الله به فحقيقة التوكل في الشرع تجمع تفويض الامر الى الله جل وعلا وفعل الاسباب بل ان نفس الايمان سبب من الاسباب التي يفعلها المتوكلون على الله بل ان نفس التوكل على الله جل وعلا سبب من الاسباب فالتوكل حقيقته في الشرع تجمع عبادة قلبية عظيمة وهي تفويض الامر اليه والالتجاء اليه والعلم بانه لا امر الا امره ولا شيء الا بما قدره واذن به كونه والتوكل كما قال الامام احمد عمل القلب فالتوكل عبادة قلبية محضة ولهذا صار افراد الله جل وعلا بها واجبا وصار صرفها لغير الله جل وعلا شرك والتوكل على غير على غير الله جل وعلا له حالان الحالة الاولى ان يكون شركا اكبر وهو ان يتوكل على احد من الخلق فيما لا يقدر عليه الا الله جل جلاله. يتوكل على المخلوق في مغفرة الذنب. يتوكل على المخلوق في تحصيل الخيرات الاخروية. او يتوكل على المخلوق في تحصيل ولد له. او في تحصيل وظيفة له يتوكل عليه بقلبه وهو لا يقدر على ذلك الشيء. وهذا يكثر عند عباد القبور وعباد الاولياء فانهم يتوجهون الى الموتى بقلوبهم يتوكلون عليهم بمعنى يفوضون امر صلاحهم فيما يريدون في الدنيا والاخرة على اولئك الموتى وعلى تلك الالهة والاوثان التي لا تقدر من ذلك على شيء فهذا عبادة صرفت لغير الله جل وعلا وهو شرك اكبر بالله جل وعلا. مناف لاصل التوحيد النوع الثاني ان يتوكل على المخلوق فيما اقدره الله جل وعلا عليه يتوكل على مخلوق فيما اقدره الله عليه وهذا نوع شرك بل هو شرك خفي وشرك عصى. ولهذا قال طائفة من اهل العلم اذا قال توكلت على الله وعليك فان هذا شرك اصغر. ولهذا قالوا لا يجوز ان يقول توكلت على الله ثم عليك لان المخلوق ليس له نصيب من التوكل فان التوكل انما هو تفويض الامر والالتجاء بالقلب الى من بيده الامر وهو الله جل وعلا. والمخلوق لا يستحق شيئا من ذلك. فاذا التوكل على المخلوق فيما يقدر عليه هذا شرك خفي. ونوع شرك عصى. والتوكل على المخلوق فيما لا يقدر عليه المخلوق وهذا يكثر عند عباد القبور والمتوجهون الى الاولياء والموتى هذا شرك قريب من الملة وحقيقة التوكل الذي ذكرناه لا يصلح الا لله جل وعلا. لانه تفويض الامر الى من بيده الامر. والمخلوق ليس بيده الامر التجاء القلب وطمع القلب ورغب القلب في تحصيل المطلوب انما يكون ذلك ممن يملكه وهو الله جل وعلا. اما المخلوق فلا يقدر على شيء استقلالا وانما هو سبب فاذا كان سببا فانه لا يجوز التوكل عليه لان التوكل عمل القلب. وانما يجعله سببا بان تجعله شفيعا يجعله واسطة ونحو ذلك فهذا لا يعني انه متوكل عليه فيجعل المخلوق سببا في بما اقدره الله عليك ولكن يفوظ امر النفع بهذا السبب الى الله جل وعلا. فيتوكل على الله يأتي للسبب الذي هو الانتفاع من هذا المخلوق بما جعل الله جل وعلا له من الانتفاع او من القدرة ونحو ذلك قال الامام رحمه الله باب قول الله تعالى وعلى الله فتوكلوا ان كنتم مؤمنين. هذه الاية فيها الامر وقلت ولما امر به علمنا انه من العبادة ولما قدم الجار والمجرور في قوله وعلى الله قدمه على ما يتعلق به وهو الفعل توكلوا وهو الفعل توكلوا دل على وجوب افراد الله جل وعلا بالتوكل وان التوكل عبادة يجب ان تحصر وتقصر في الله جل وعلا. هذا وجه الدلالة من الاية ودليل دليل اخر في هذه الاية وهو قوله ان كنتم مؤمنين. جعل الايمان لا يصح الا بالتوكل. قال وعلى الله فتوكلوا يعني افردوا الله بالتوكل وحده ان كنتم مؤمنين فجعل الشرط ان كنتم مؤمنين فافردوا الله بالتوكل. فجزاء الشرط هو افراد الله بالتوكل فصارت دلالة الاية من جهتين. وكذلك قوله جل وعلا في اية سورة يونس كنتم امنتم بالله فعليه فعليه توكلوا ان كنتم مسلمين. قال فعليه توكلوا ابرد التوكل به جل وعلا وامر به فقدم الجار والمجرور بما يفيد الحصر والقصر والاختصاص بالله جل وعلا ثم جعل افراد التوكل به جل وعلا شرط في صحة الاسلام. فقال ان كنتم مسلمين. فهذه الايتان دلتا على ان التوكل عبادة وان افراد الله به جل وعلا واجب. وانه شرط في صحة الاسلام. وشرط في صحة الايمان. وهذا كله يدل على ان انتفاءه مذهب لاصل التوحيد ومناف لاصله اذا توكل على غير الله فيما لا يقدر عليه الا الله جل جلاله قال وقوله انما المؤمنون الذين اذا ذكر الله وجلت قلوبهم واذا تليت عليهم اياته زادتهم ايمانا وعلى يتوكلون وجه الدلالة من الاية انه وصف المؤمنين بهذه الصفات الخمس واخرها قوله وعلى واخرها قوله وعلى ربهم انما المؤمنون الذين اذا ذكر الله وجلت قلوبهم واذا تليت عليهم اياته زادتهم ايمانك وعلى ربهم يتوكلون. وظاهر من دلالة الاية حيث قدم الجار المجرور على انهم افردوا التوكل بالله جل وعلا فوصف المؤمنين بهذه الصفات فدل على ان هذه هي اعظم مقامات اهل الايمان. وان هذه العبادات الخمس هي اعظم المقامات وهذا عظيم التنبه له اذ كل امور الدين والعبادات والفروع العملية التي يعملها العبد انما هي فرع عن تحقيق هذه الخمس التي جاءت في هذه الاية. انما المؤمنون الذين اذا ذكر الله وجلت قلوبهم وهذه الصفة تجمع الكلمات الشرعية وتجمع الدين جميعا لان ذكر الله فيه القرآن وفيه السنة قال وقوله يا ايها النبي حسبك الله. ومن اتبعك من المؤمنين. قوله يا ايها النبي حسبك الله يعني كافيك الله وكافي من اتبعك من المؤمنين لان الحسب هو الكافي والكلمة المشابهة لها حسب تقول هذا بحسب كذا يعني بناء على كذا واما الكافي فهو الحسد بسكون السين. يا ايها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين يعني كافيك الله وكافي من اتبعك من المؤمنين. وجه مناسبة هذه الاية لهذا الباب الله حسب من توكل عليك قال جل وعلا ومن يتوكل على الله فهو حسبه. فالله حسب من توكل عليه. فدل على ان الله جل وعلا امر عباده بالتوكل عليه حتى يكون كافيهم من اعدائهم وحتى يكون لو على كافي المؤمنين من المشركين. قال جل وعلا يا ايها النبي حسبك الله يعني كافيك الله ولهذا اعقبها بالاية الاخرى وهي قوله جل وعلا ومن يتوكل على الله فهو حسبه. وتوكل على الله جل وعلا كما ذكرنا لك يرجع الى فهم توحيد الربوبية والى عظم الايمان بتوحيد الربوبية فان بعض المشركين قد يكون عنده من التوكل على الله شيء الشيء العظيم التوكل على الله من العبادات التي تطلب من المؤمن ومن العبادات الواجبة والعبادات العظيمة. لهذا نقول ان احداث التوكل في القلب يرجع الى التأمل في اثار الربوبية. فكلما كان العبد اكثر تأملا في ملكوت الله وفي السماوات والارض وفي الانفس وفي الافاق كان علمه بان الله هو ذو الملكوت وانه هو المتصرف وان نصره لعبده شيء يسير جدا بالنسبة الى ما يجريه الله جل وعلا في ملكوته فيعظم المؤمن بهذا التدبر الله جل وعلا ويعظم التوكل عليه ويعظم امره ونهيه وينظر ان الله جل جلاله لا يعجزه شيء في الارض ولا في السماء سبحانه وتعالى قال ومن يتوكل على الله فهو حسبه. رتب الحسب وهو الكفاية بالتوكل عليه. وهذا فضيلة التوكل وفضيلة متوكلين عليك. قال وعن ابن عباس قال حسبنا الله ونعم الوكيل. قالها ابراهيم عليه السلام حين القي في النار وقالها صلى الله عليه وسلم حين قالوا له ان الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم ايمانا وقالوا حسبنا ونعم الوكيل. هذا يبين عظم هذه الكلمة وهي قول المؤمن حسبنا الله ونعم الوكيل. فاذا تحقق العبد التوكل على الله وحققه في القلب معناه انه حقق هذا النوع من التوحيد توحيد التوكل في النفس فان العبد اذا اعظم رجاءه في الله وتوكله على الله فانه وان كادته السماوات والارض ومن فيهم ومن فيهن فان الله سيجعل له من امره يسرا وسيجعل له من بينها مخرجا. حسبنا الله يعني كافينا الله نعم الوكيل يعني ونعم الوكيل ربنا هذه كلمة عظيمة قالها ابراهيم عليه السلام في الكرب وقالها النبي عليه والصلاة والسلام واصحابه في الكرب لما قال لهم الناس ان الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم ايمانا وذلك لعظم توكلهم على الرب جل وعلا. نعم