المكتبة الصوتية لمعالي الشيخ صالح بن عبدالعزيز بن محمد بن ابراهيم بن عبداللطيف ال الشيخ. شروحات كتب الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله شرح كتاب التوحيد الدرس التاسع والعشرون باب من هزل بشيء فيه ذكر الله او القرآن او الرسول. وقول الله تعالى ولئن سألتهم ليقولن انما كنا نخوض ونلعب قل ابالله واياته ورسوله كنتم تستهزئون. وعن ابن عمر ومحمد ابن كعب وزيد ابن اسلم وقتادة. دخل حديث بعضهم في بعض انه قال رجل في غزوة تبوك ما رأينا مثل قرائن ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء. ارغب بطونا ولا اكذب ولا اجبن عند اللقاء يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم واصحابه القراء فقال له عوف بن مالك كذبت ولكنك منافق لاخبرن رسول الله صلى الله عليه وسلم فذهب عوف الى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليخبره فوجد القرآن قد فجاء ذلك الرجل الى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد ارتحل وركب ناقته. فقال يا رسول الله انما كنا ونتحدث حديث الركب نقطع به عناء الطريق. قال ابن عمر كاني انظر اليه متعلقا بنسعة ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم وان الحجارة تنكب رجليك وهو يقول انما كنا نخوض ونلعب. فيقول له رسول الله صلى الله عليه عليه وسلم ابالله واياته ورسوله كنتم تستهزئون لا تعتذروا قد كفرتم بعد ايمانكم ما يلتفت اليه وما عليه هذا باب من هزل بشيء فيه ذكر الله او القرآن او الرسول التوحيد الخالص في القلب بل اصل التوحيد لا يجامع الاستهزاء بالله جل وعلا وبرسوله وبالقرآن لان الاستهزاء معارضة والتوحيد موافقة ولهذا قال بعض اهل العلم الكفار نوعان معرضون كمن قال الله فيهم بل اكثرهم لا يعلمون الحق فهم معرضون ومعارضون وهم المجادلون او الذين يعارضون بانواع المعارضات لاجل اطفاء نور الله. ومن ذلك الاستهزاء ونحوه فالتوحيد استسلام. وانقياد وقبول وتعظيم. والهزء والاستهزاء بشيء فيه ذكر الله او القرآن والرسول هذا معارضة لانه مناف للتعظيم ولهذا صار كفرا اكبر بالله جل وعلا لا يصدر الاستهزاء بالله او برسوله صلى الله عليه وسلم او بالقرآن من قلب موحد اصلا. بل لا بد ان يكون اما منافقا او كافرا مشركا قال باب من هزل الهزل خلاف الجد وصفته ان يتكلم بكلام فيه الهزل والاستهزاء والعيب اما بالله او بالقرآن او بالرسول. صلى الله عليه وسلم فقول الشيخ رحمه الله هنا باب من هزل بشيء الباء هذه هل هي التي يذكر بعدها وسيلة الهزل او الباء التي يذكر بعدها ما هزل فيه الظاهر هو الثاني الاول ما من هزل بشيء فيه ذكر الله او القرآن والرسول يعني ذكر الله هازلا ذكر القرآن بشيء فيه هزل. ذكر الرسول بشيء بشيء فيه هزل. يعني هزل وهو يذكر هذه الاشياء والثاني من هزل بشيء فيه ذكر الله يعني كان المستهزأ به او المهزول به هو ذكر الله او القرآن او الرسول. ومعلوم ان المعنى هو الثاني لان الشيخ يريد ان المستهزأ به وهو الله او الرسول او القرآن تباعا لنص الاية. فمناسبة هذه الاية مناسبة هذا الباب لكتاب التوحيد ظاهرة وهو ان الهزل ان الهزل والاستهزاء بالله او بالرسول او بالقرآن مناف لاصل التوحيد مخرج من الملة. لكن بضابطه وهو ما ذكرناه. من ان الاستهزاء وهو الاستنقاص واللعب والسخرية يكون بالله جل جلاله. او يكون بالرسول صلى الله عليه وسلم او او يكون بالقرآن وهذا هو الذي جاء فيه النص. قال جل وعلا ولئن سألتهم ليقولن انما كنا نخوض ونلعب. قل بالله واياته ورسوله كنتم تستهزئون لا تعتذروا قد كفرتم بعد ايمانكم فمن استنقص الله جل وعلا او هزل او هزل بذكره لله جل وعلا يعني حينما ذكر الله جل وعلا استهزأ وهزا لا ولم يظهر التعظيم في ذلك فتنقص الله جل وعلا كما يفعله بعض الفسقة والذين يقولون الكلمة لا يلقون لها بالا تهوي ببعضهم في النار سبعين خريفا او هزل بالقرآن او استهزأ بالقرآن او بالسنة يعني بالنبي عليه الصلاة والسلام فانه كافر الكفر الاكبر المخرج من الملة. هذا ظابط هذا الباب. ويخرج عن ذلك ما لو استهزأ بالدين فان الاستهزاء بالدين فيه تفصيل فان المستهزئ او الساب للدين او اللاعن للدين او المستهزئ بالدين قد يريد دين المستهزئ به ولا يريد دين الاسلام اصلا فلا يرجع استهزاؤه الى واحد من الثلاثة فلهذا نقول الكفر يكون اكبر فيمن استهزأ اذا كان باحد الثلاثة التي التي ذكرنا ونصت عليها الاية او كان راجعا الى احد الثلاثة اما اذا كان استهزاء بشيء خارج عن ذلك فانه يكون فيه تفصيل فان هزل بالدين فينظر هل يريد دين الاسلام؟ او يريد تدين فلان؟ مثلا يأتي واحد من المسلمين ويقول يستهزئ مثلا بهيئة احد الناس هو هيئته يكون فيها التزام بالسنة فهل هذا يكون مستهزئا؟ الاستهزاء الذي يخرجه من الملة؟ الجواب لا. لان هذا الاستهزاء راجع الى الى تدين هذا المرء وليس راجعا الى استلاء الدين اصلا في عرف بان هذا سنة عن النبي صلى الله عليه وسلم. فاذا علم انه سنة واقر وبذلك وان النبي فعله ثم استهزأ بمعنى استنقص او هزع بالذي اتبع السنة مع علمه بانها سنة واقراره بصحة كونها سنة فهذا رجع الى الاستهزاء بالرسول كذلك الاستهزاء بكلمات قد يكون مرجعها الى القرآن وقد لا يكون مرجعها الى القرآن. فيكون فيه تفصيل. فاذا اذا سمعت الاستهزاء او قرأته فاذا كان راجعا الى الاستهزاء بالله او بصفاته او باسمائه او بالرسول عليه الصلاة والسلام او بالقرآن فان هذا كفر. فان كان الاستهزاء غير ذلك فتنظر في التفصيل. ان كان راجعا الى احد الثلاثة فهو كفر اكبر وان غير ذلك فانه يكون محرما ولا يكون كفرا اكبر. قال وقول الله تعالى ولئن سألتهم ليقولن انما كنا نخوض ونلعب. قل ابالله واياته ورسوله كنتم تستهزئون لا تعتذروا قد كفرتم بعد ايمانكم هذه الاية نص في ان المستهزئ بالله وبالرسول وبايات الله جل وعلا والمقصود بها الله جل وعلا الشرعية يعني القرآن ان هذا المستهزئ كافر. وانه لا ينفعه اعتذاره بانه كان في هزل ولعب بل هو كافر لان تعظيم الله جل وعلا وتوحيده يوجب عليه الا يستهزء. اذا قوله لا تعتذروا قد كفرتم بعد ايمانكم هو دليل كفر المستهزئ. وهذه الاية نزلت في المنافقين. وبعض اهل العلم قال ليست في المنافقين وهذا غلط وليس في صواب ذلك لان لاسباب منها ان هذه السورة التي منها هذه الاية هي في حال المنافقين. ولان السياق سباقه سباقه ولحاقه يدل على ان الظمائر فيها ترجع الى المنافقين قال جل وعلا قبل هذه الاية في سورة براءة يحذر المنافقون ان تنزل عليهم سورة تنبئهم بما فيها في قلوبهم قل استهزئوا ان الله مخرج ما ما تحذرون ولئن سألتهم ليقولن انما كنا نخوض ونلعب فهذه ظاهرة في ان سباقها في المنافقين فالظمير في قوله ولئن سألتهم يعني من ذكر قبل هذا الاية وهم المنافقون بقوله يحذر المنافقون ثم قال بعدها ولئن سألتهم وكذلك ما بعدها من الايات في المنافقين في قوله جل وعلا المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف ايديهم والادلة على ذلك كثيرة. فالصواب في ذلك ان المراد هؤلاء انهم المنافقون. واما اهل فانه لا يصدر منهم استهزاء اصلا ولو استهزأ لعلمنا انه غير على علمنا انه غير معظم لله وان توحيده ذهب اصلا لان الاستهزاء يطرد التعظيم والدليل الذي ذكره في سبب النزول وقصة النزول ظاهرة. فالواجب على المسلمين جميعا وعلى طلبة العلم بخاصة ان يحذروا من الكلام. لان كثيرين يتكلمون بكلام لا يلقون له بالا خاصة في مجالس بعض المنتسبين الى الخير وطلبة العلم ربما استهزأوا او ربما تكلموا بكلام فيه شيء من الهزل وفيه شيء من الضحك وكان في اثناء هذا الكلام فيه ذكر الله او فيه ذكر القرآن او فيه ذكر بعض العلم وهذا مما لا يجوز وقد يدخل احدهم في قول النبي عليه الصلاة والسلام وان الرجل ليتكلم بالكلمة لا يلقي لها بالا يهوي بها في النار سبعين خريفا. نسأل الله جل وعلا السلامة والعافية. فالواجب على العبد ان يعظم الله والا يتلفظ الا بكلام عقله قبل ان يقوله. لان اللسان هو مورد الهلكة. قال معاذ للنبي عليه الصلاة والسلام او ان يا رسول الله مؤاخذون بما نقول؟ قال ثكلتك امك يا معاذ. وهل يكب الناس في النار على مناخرهم او قال على وجوههم الا حصائد السنتهم فالله الله في اللسان في في انه اعظم الجوارح خطرا مما يسهل او يتساهل به اكثر الناس فاحذر ما تقول خاصة فيما يتعلق بالدين او بالعلم او اولياء الله او بالعلما او بصحابة النبي عليه الصلاة والسلام او بالتابعين فان هذا مورده خطير والله المستعان قد عظمت الفتنة والناجي من سلمه الله جل وعلا. نعم باب قول الله تعالى ولئن اذقناه رحمة منا من بعد ضراء مسته ليقولن هذا لي. وما اظن الساعة قائمة ولا ان رجعت الى ربي ان لي عنده للحسنى فلننبئن الذين كفروا بما عملوا ولنذيقنهم من عذاب غليظ. قال هذا بعملي وانا محقوق به. وقال ابن عباس يريد من عندي. وقوله قال انما اوتيته على علم عندي قال قتادة على علم مني بوجوه المكاسب. وقال اخرون على علم من الله اني له اهل. وهذا معنى قول مجاهد اوتيته على شرف وعن ابي هريرة انه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ان ثلاثة من بني اسرائيل ابرص اقرع واعمى فاراد الله ان يبتليهم فبعث اليهم ملكا فاتى الابرص فقال اي شيء احب اليك؟ فقال لو حسن وجلد حسن ويذهب عني الذي قد قذرني الناس به. قال فمسحه فذهب عنه قذره فاعطي لونا حسنا وجلدا حسنا قال فاي المال احب اليك؟ قال الابل او البقر شك اسحاق فاعطي ناقة عشراء وقال بارك الله لك فيها قال فاتى الاقرع فقال اي شيء احب اليك؟ قال شعر حسن ويذهب عني الذي قد قذرني الناس به فمسحه فذهب عنه واعطي شعرا حسنا. فقال اي المال احب اليك؟ قال البقر او الابل. فاعطي بقرة حاملة. قال بارك الله لك فيها فاتى الاعمى فقال اي شيء احب اليك؟ قال ان يرد الله الي بصري فابصر به فابصر به الناس فمسحه الله اليه بصره قال فاي المال احب اليك؟ قال الغنم فاعطي شاة والدا فانتج هذان وولد هذا لهذا واد من الابل ولهذا واد من البقر ولهذا واد من الغنم. قال ثم انه اتى الابرص في صورته وهيئته قال رجل مسكين قد انقطعت بي الحبال في قد انقطعت بي الحبال في سفري فلا بلوغ لي اليوم الا بالله ثم بك فبالذي اعطاك اللون الحسن والجلد الحسن والمال بعيرا اتبلغ به في سفري. فقال الحقوق كثيرة. فقال كان اعرفك الم تكن ابرص يقدرك الناس فقيرا فاعطاك الله عز وجل المال فقال انما ورثت هذا المال كابرا عن كابر قال ان كنت كاذبا فسيرك الله الى ما كنت. واتى الاقرع في صورته فقال له مثل ما قال لهذا. ورد عليه مثل ما رد هذا فقال ان كنت كاذبا فسيرك الله الى ما كنت. قال واتى الاعمى في صورته. فقال رجل مسكين وابن سبيل قد انقطعت بي الحبال في سفري فلا بلاغ لي اليوم الا بالله ثم به. اسألك بالذي رد عليك بصرك شاة وانما اوتيها بجهده وجهاده وعمله وذهابه ومجيئه بل هو فضل الله يؤتيه من يشاء. والله ذو الفضل العظيم فعل العبد سبب وهذا السبب قد يتخلف وقد يكون مؤثرا. وكان مؤثرا باذن الله جل وعلا. فرجع الامر الى انه فظل بها في سفري فقال قد كنت اعمى فرد الله الي بصري. فخذ ما شئت ودع ما شئت. فوالله لا اجهدك اليوم بشيء اخذته لله فقال فوالله لا اجهدك اليوم بشيء اخذته لله. فقال امسك ما لك فانما ابتليتم فقد رضي الله عنك وسخط على صاحبيك اخرجه الله اكبر الله اكبر الله المستعان. هذا الباب كالابواب التي قبله في بيان وجوب تعظيم الله جل وعلا في الالفاظ وان النعم تنسب اليه وان يشكر عليها فتعزى اليه ويقول العبد هذا انعم الله علي بك والكذب في هذه المسائل او ان يتكلم المرء بكلام ليس موافقا للحقيقة او هو مخالف لما يعلمه من ان الله جل وعلا قد انعم عليه بذلك هذا قد يوديه الى المهالك وقد يسلب الله جل وعلا عنه النعمة سبب لفظه فالواجب على العبد ان يتحرز في الفاظه. خاصة فيما يتصل بالله جل وعلا او باسمائه وصفاته او بافعاله وانعامه او بعدله وحكمته. هذا يجب على العبد ان يكون متحرزا في ذلك. والتحرز في من كمال التوحيد لانه لا يفطر التحرز الا عن قلب معظم لله. مجل لله مخبت لله يعلم ان الله جل جلاله مطلع عليه وانه سبحانه هو ولي الفضل وهو ولي الانعام وهو الذي يستحق ان جل فوق كل جليل وان يحب فوق كل محبوب وان يعظم فوق كل معظم. فالله جل جلاله يجب توقيره وتعظيم في الالفاظ ومن ذلك ما عقد له الشيخ هذا الباب حيث قال باب ما جاء في قول الله تعالى ولئن اذقناه منا من بعد ضراء مسته ليقولن هذا لي قال مجاهد في تفسيرها هذا بعملي وانا محقوق به. يعني نسب النعمة الى نفسه او نسب استحقاق اليه وانه يستحق ذلك وان الله جل وعلا لم يتفضل عليه بهذا الشيء. او انه تفضل عليه لانه مستحق لهذا الانعام. مستحق للمال. مستحق للجاه. مستحق رفعة القدر عند الناس فصار اليه ذلك الشيء من المال والرفعة والسمعة الطيبة لان لانه مستحق لذلك الشيء بفعله وبجهده ونحو ذلك مما قد يطرأ على قلوب ضعفاء الايمان وضعفاء التوحيد. والواجب ان يعلم العبد انه فقير غير يستحب لشيء على الله جل وعلا وان الله هو الرب المستحق على العبد ان يشكره وان يذكره وان ينسب النعم اما العبد فليس مستحقا في الدنيا بحق واجب على الله جل وعلا الا ما اوجبه الله جل وعلا على فهذا الذي قال هذا بعملي وانا محقوق به يعني بعد ان اتته رحمة من بعد الضراء قال هذا بعملي وانا وهذا يدخل فيه كثير مما يحصل في الفاظ الناس كقول الطبيب مثلا هذا الذي حصل من شفاء المريض هذا بسبب عملي او نجاحي وتولي لهذا الامر هذا بسبب جهدي وبسبب تعبي ونحو ذلك مما يجعل ان فعل الله جل وعلا به ذلك بسبب استحقاقه او ان ينسى الله جل وعلا وينسب الاشياء الى نفسه. ولهذا قال وقال ابن عباس يريد من عندي يعني هذا لي يقول من عندي انا الذي اتيت بهذا المال او بهذه النعمة وهذا من عندي ولم يتفضل علي به. اذا فدخل في هذا الوصف الذي جاء في الاية نوعان من الناس. من ينسب الشيء الى نفسه ولا ينسبه الى الله جل وعلا اصلا والثاني ان ينسبه الى نفسه من جهة الاستحقاق. وانه يرى نفسه مستحقا لذلك الشيء على الله جل وعلا على كما يحصل من بعض المغرورين انه اذا اطاع الله واتقاه وحصلت له نعمة فيقول حصلت لهذه النعمة من جراء استحقاق لها فانا العابد لله جل وعلا ولا يستحضر ان الله جل وعلا يرحم عباده ولو حاسبه على عمله لم تقم عباداته وعمله بنعمة من النعم التي ازداها الله جل وعلا له. فالواجب اذا على العبد ان ينسب النعم جميعا لله وان يشعر بانه لا يستحق شيئا على الله. وانما الله هو المستحق للعبودية هو المستحق للشكر هو يستحق للاجلال والعبد فقير مذنب مهما بلغ. وانظر الى ابي بكر الصديق رضي الله عنه كيف علمه النبي عليه الصلاة والسلام ان يقول في اخر صلاته اللهم اني ظلمت نفسي ظلما كثيرا ولا يغفر الذنوب الا انت فاغفر لي هذا ابو بكر علمه عليه الصلاة والسلام ان يقول اللهم اني ظلمت نفسي ظلما كثيرا. فكيف بحال المساكين امثالنا او امثال اكثر هذه الامة كيف يظنون في انفسهم انهم يستحقون على الله شيء. فاذا تمام التوحيد ان يجل الله ان يجل الله العبد وان يعظم العبد ربه تبارك وتعالى والا يعتقد انه مستحق للنعم او والله يؤتيه من يشاء. قال وقوله قال انما اوتيته على علم عندي. قال قتادة على علم مني بوجوه المكاسب. هذا في قصة في قارون قال جل وعلا ان قارون كان من قوم موسى فبغى عليهم واتيناه من الكنوز ما ان مفاتحه لتنوء بالعصبة اولي القوة الى ان قال قال انما اوتيته على علم عندي قال قتادة على علم مني بوجوه المكاسب. وهذا يحصل من كثير ممن اغناهم الله جل وعلا وصاروا في تجارة عظيمة ينسب الشيء الى نفسه فيقول انا خبير انا افهم انا عندي علم بوجوه المكاسب ونحو ذلك وينسى ان الله جل وعلا هو الذي تفضل ولو منع الله السبب الذي فعله من التأثير لا لم يصر شيئا. فالله جل وعلا هو الذي تفظل عليه وهو الذي وفقه وهو الذي هداه للفكرة وهو الذي جعل السبب مؤثرا فالله هو المنعم ابتداء وهو المنعم ختاما. فالواجب اذا ان يتخلص العبد من رؤية نفسه وان يعلم انه لا حول ولا قوة الا بالله. فانها كنز من كنوز الجنة. فهذا الباب معقود لما ذكرنا من تخليص القلب واللسان من الفاظ واعتقادات باطلة يظن المرء فيها انه مستحق اشياء على الله جل وعلا. والتوحيد هو ان يكون العبد ذليلا خاضعا بين يدي الله يعلم انه لا يستحق شيئا على الله جل وعلا وانما هو فضل الله يؤتيه من يشاء. قال وقال اخرون على علم من الله اني له اهل وهذا يشمل احد الدرجتين اللتين ذكرتهما. قال وهذا معنى قول مجاهد اوتيته على شرف ثم ساق حديث ابي هريرة الطويل والدلالة منه ظاهرة وان الله جل وعلا عافى هؤلاء ولكن انه لما عافاهم نسب اثنان منهم النعمة الى انفسهم وثالث نسبها الى الله فجزى الله الاخير خير ادام عليه النعمة وعاقب زينك الرجلين وهذا فضل الله ينعم ثم يثبت النعمة فيمن شاء ويصرفها عمن يشاء. ومن اسباب ثبات النعمة ان يعظم العبد ربه وان يعلم ان الفضل بيد الله وان النعمة هي نعمة الله ثم في ختام هذه الابواب الوصية بان تكون حذرا في اللسان. حذرا في ما تتكلم به ان تعلم ان كل خير انما هو من الله. وان لا حول ولا قوة الا بالله. ولو سلبك الله العناية منه جل وعلا طرفة عين لا كنت هالكا ومن الخاسرين. فان العبد احوج ما يكون الى الاعتراف والعلم اسماء الله وبصفاته وباثار ذلك في ملكوته وبربوبيته جل وعلا على خلقه وبعبادته حق عبادته. اسأل الله لي ولكم النور في القلوب والصواب في الاقوال والاعمال والاعتقادات. وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد