قال فانه لا يسمع مدى صوت المؤذن جن ولا انس الا شهد له يوم القيامة وفي لفظ ولا شيء تدل به على ان كل من يسمع المؤذن فانه يشهد له يوم القيامة والان مع الدرس الثامن الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين اما بعد قال الامام مالك رحمه الله كتاب الصلاة تقدم معنا في اول الموطأ باب قوت الصلاة والان سيذكر احكاما اخرى من احكام الصلاة والصلاة ركن من اركان هذا الدين وفريضة من فرائضه وقد تواترت النصوص بالامر بها وقد فرضها الله عز وجل على نبيه فوق السماوات مما يدل على اهميتها وهي اول الواجبات العملية التي اوجبها الله على المسلمين. فقد اوجبها الله قبل الهجرة بثلاث سنوات قال المؤلف باب ما جاء في النداء للصلاة والمراد بذلك الاذان وذلك وروى عن يحيى بن سعيد انه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد اراد ان يتخذ خشبتين يضرب بهما سمع الناس للصلاة والمراد بذلك الناقوس الذي يستخدمه بعض اتباع الديانات الاخرى والمعنى من هذا ان يجتمع الناس للصلاة ففيه دلالة على ان كل وسيلة تؤدي الى اجتماع الناس فانها للصلاة فانها من اه الامور المناسبة. الا ان الا ان تكون الا ان تكون تلك الوسيلة قد وجدت داعي لها في عهد النبوة فلم يفعلها النبي صلى الله عليه وسلم قال فوري عبد الله بن زيد الانصاري يعني اري الاذان فوري عبدالله بن زيد الانصاري ثم من بني الحارث بن الخزرج خشبتين في النوم فقال ان هاتين لنحو مما يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقيل يعني قيل له الا تؤذنون للصلاة ومن هنا فاتى عبدالله رسول الله صلى الله عليه وسلم حين استيقظ فذكر له ذلك فامر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالاذان فيه دلالة على مشروعية الاذان. وفيه دلالة على استحباب رفع الصوت بالذكر هذا الخبر لا يصح ان نستدل به على ان الرؤيا المنامية يؤخذ منها احكام شرعية لانه انما تقرر هذا الحكم بعد اقرار النبي صلى الله عليه وسلم وامره بذلك لو لم يقره لم يكن هذا الامر مشروعا. فدل هذا على ان الرؤيا المنامية لا يصح ان نأخذ منها احكاما شرعية ثم روى عن مالك عن ابن ثم روى مالك عن ابن شهاب عن عطاء ابن يزيد عن ابي سعيد رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اذا سمعتم نداء نقول مثل ما يقول المؤذن. في مشروعية رفع الصوت بالاذان والنداء انه قال سمعت مما يدل على انه يسمع وفيه مشروعية النداء للصلاة وقوله فقولوا فيه دليل على مشروعية اجابة المؤذن وقوله هنا النداء هل هو لفظ عام بحيث يكون المرء بحيث يشرع للمرء ان يجيب كل مؤذن او ان ال هنا للعهد وبالتالي لا يجيب الا المؤذن الذي يناديه ويعنى به والاظهر في ان تكون للجنس. ومن ثم فانه يشرع اجابة كل مؤذن على الصحيح قوله فقولوا يعني يجيب المؤذن بمثل كلامه استدل به المالكية والحنفية على وجوب اجابة المؤذن وعند احمد والشافعي انه مستحب وليس بواجب لان النبي صلى الله عليه وسلم سمع مؤذنا يؤذن فلما قال الله اكبر قال على الفطرة فلما قال اشهد ان لا اله الا الله. قال صلى الله عليه وسلم افلح فلم يؤثر عنه انه كرر واجاب المؤذن فدل هذا على ان اجابة المؤذن مستحبة وليست بواجبة وفي قوله النداء ثم في قوله المؤذن اشارة الى ان الاجابة انما تكون للاذان اما الاقامة فانه لا لا يشرع للعبد ان يجيب الفاظها وان يقول فيها مثل ما يقول المؤذن لان المؤذن لا يصح ان ان نكرر معه جميع الفاظه في الاذان والاقامة وفي غيرها فدل هذا على ان المقصود هنا لفظ الاذان خاصة واما ما ورد السنن من حديث عمر انه اذا قال قد قامت الصلاة قال اقامها الله وادامها فهذا لا يثبت واسناده ضعيف وبالتالي لا يصح ان يعول عليه من مسائل هذا انه يستثنى من هذا بعض الالفاظ فيستثنى اذا قال حي على الصلاة حي على الفلاح يستثنى فيقال لا حول ولا قوة الا بالله كما قال الجمهور خلافا لمالك وبعضهم فان الاحاديث فانه قد ورد احاديث عن عدد من الصحابة الاجابة بمثل هذا اللفظ موقوفا ومرفوعا هكذا ايضا اذا قال المؤذن في صلاة الفجر الصلاة خير من النوم فان طائفة من الفقهاء قالوا بانه يقول صدقت وبررت وقال بعضهم بغير ذلك لكن ذلك لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يثبت ومن هنا فالصواب ان المؤذن اذا قال الصلاة خير من النوم انه يشرع لك ان تقول مثل قوله. فتقول الصلاة خير من النوم ثم روى المؤلف عن سمي عن ابي صالح عن ابي هريرة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لو يعلم الناس ما في النداء والصف الاول ثم لم يجدوا الا ان يستهموا عليه لاستهموه. ولو يعلمون ما في التهجير لاستبقوا اليه قوله لو يعلم الناس ما في النداء يعني من الاجر والثواب مما يدل على ان هذا من افضل الاعمال وخيرها. والمراد بالنداء الاذان والصف الاول فان القرب من الامام في الصلاة فيه اجر عظيم وقوله ثم لم يجدوا الا ان يستهموا عليه اي اذا تنازعوا في الاذان او في الصف الاول فانه يشرع لهم ان يستعملوا القرعة وفيه دلالة على مشروعية استعمال القرعة في التمييز بين المتساوين وفيه ان الاذان ينبغي بالناس ان يتنافسوا فيه والا يزهدوا فيه. فان قال قائل ان النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يؤذن قيل لانه مشتغل باكبر من الامامة ومن توجيه الناس. ولذلك امر بلالا ان يؤذن. وقيل بان بلالا كان اندى صوتا فراعى مصلحة الامة ولو كان في ذلك تفويت للمصلحة الخاصة في الاجر وقوله هنا ولو يعلمون ما في التهجير المراد بالتهجير التبكير للصلوات كانه هاجر دنياه ليقبل على صلاته لاستبقوا اليه. فيه مشروعية المبادرة الى افعال الطاعات والاستباق في ذلك. قال ولو يعلمون ما في العتمة اي صلاة العشاء والصبح لاتوهما ولو حبوا. فيه فظل هاتين الصلاتين وفيه عظم اجر الجماعة ولا يصح الاستدلال بهذا على عدم وجوب الجماعة لانه لان قوله لو يعلمون قد فسر بان المراد به اهل النفاق ثم روى المؤلف عن العلاء ابن عبد الرحمن ابن يعقوب عن ابيه واسحاق ابن عبدالله انهما اخبراه انهما سمعا ابا هريرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا ثوب بالصلاة اي اقيمت الصلاة فلا تأتوها وانتم تسعون واتوها وعليكم السكينة فيه الندب الى اتيان الصلوات بتأودة ورفق قال فما ادركتم يعني من صلاة الامام فصلوا معه وعند ما لك انها فرادى مطلقة وعند ابي حنيفة يشرع التثنية لماذا وقع الاختلاف لاختلاف مؤذني النبي صلى الله عليه وسلم فابو محذورة كان يؤذن بطريقة وبلال يؤذن بطريقة اخرى وما فاتكم فاتموا استدل بقوله فاتموا على ان ما يفعله الانسان على ان ما يفعله المسبوق بعد سلام الامام هو اخر صلاته وليس اول صلاته كما قال بذلك الجمهور قال فان احدكم في صلاة ما كان يعمد الى الصلاة يعني ان من يسير الى الصلاة فله اجر المصلين. ومن كان ينتظر الصلاة فهو ممن يحوز اجرا مماثلا لاجر المصلين ثم روى عن عبدالرحمن بن عبدالله بن ابي صعصعة الانصاري عن ابيه ان ابا سعيد قال اني اراك تحب الغنم والبادية فاذا كنت في غنمك او باديتك فاذنت بالصلاة فارفع صوتك بالنداء فانه لا يسمع مدى صوت المؤذن جن ولا انس ولا شيء الا شهد له يوم القيامة. قال ابو سعيد سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا جواز عمل الانسان بالاغنام وفي البوادي وان هذا لا يعد من ترك الهجرة وقد ورد في الحديث انه يوشك ان يكون خير ما للمسلم غنم يتبع بها شعث الجبال قال فاذا كنت في غنمك او باديتك فاذنت بالصلاة فيه مشروعية الاذان في الاسفار وفي مشروعية ان يؤذن الانسان ولو كان وحده قولي فارفع صوتك بالندافه استحباب رفع الصوت واتخاذ الوسائل التي تؤدي الى رفع صوت المؤذن من مكبرات ونحوها ثم روى عن ابي الزناد عن الاعرج عن ابي هريرة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اذا نودي للصلاة يعني بالاذان ادبر الشيطان له ضراط فيه ان ذكر الله يبعد الشياطين عن الانسان ولذلك يستحب للمؤمنين ان يكثروا من ذكر الله عز وجل وفيه ان رفع الصوت بالاذكار تبعد الشياطين ولذلك من اصيب بغاية منهم فانه يستحب ان يؤذن عنده قال اذا نودي للصلاة ادبر الشيطان له ضراط فيه ضعف كيد الشيطان حتى لا يسمع النداء فاذا قضي النداء انتهى المؤذن اقبل الى الناس حتى اذا ثوب اي اقيمت حتى اذا ثوب بالصلاة ادبر الشيطان. لانه يفر من ذكر الله حتى اذا قظيت تثويب اي الاقامة اقبل حتى يخطر بين المرء ونفسه والمراد بذلك فانه يتحرك حتى يكونوا بين المرء وقلبه من اجل ان يشغله عن استحضار الذهن في الصلاة. يقول اذكر كذا اذكر كذا لمن لم يكن يذكر. حتى سيظل الرجل ان يدري كم صلى يعني لا يدري كم صلى وفيه انه ينبغي بالانسان ان يستعيذ من الشيطان في اول صلاته ثم روى المؤلف عن ابي حازم ابن دينار عن سهل ابن سعد انه قال ساعتان يفتح لهما ابواب السماء وقل داع ترد عليه دعوته حضرة النداء للصلاة والصف في سبيل الله فيه ان اوقات الايذاء الاذان من اوقات الاجابة فان قال قائل ان الله قد تكفل باجابة السائلين وهذا على العموم في قوله وقال ربكم ادعوني استجب لكم فكيف تقولون بانه عند الاذان يستجيب والجواب عن هذا من احد وجهين. الوجه الاول ان قوله وقال ربكم ادعوني استجب لكم المراد به الدعوات التي وجدت فيها الشروط شروط اجابة الدعاء وانتفت الموانع واما الدعاء عند الاذان فانه قد يستجاب لصاحبه مع وجود بعض الموانع او انتفاء بعض الشروط والجواب الثاني ان اجابة الدعاء المذكورة في قوله وقال ربكم ادعوني استجب لكم. قد يراد بها ان ينال الانسان ما طلبه او ان ينال خيرا مماثلا لما طلبه لما طلبه او او يدفع عنه شر يماثل الخير الذي طلبه او يدخر له يوم القيامة بخلاف اجابة الدعاء في الخبر فانه يحقق للداعي ما طلبه وفيه فضل الاذان وعظم اجره وفضل الجهاد في سبيل الله سئل مالك عن النداء يوم الجمعة لصلاة الجمعة هل يكون قبل ان يحل الوقت؟ قال مالك لا لابد ان يكون الاذان اه بعد زوال الشمس لان وقت الجمعة عنده بعد زوال الشمس وتقدم معنا صواب التصويب ان الصواب جواز تقديم الجمعة قبل الزوال وانه اه حينئذ فلا بأس من تقديم الاذان على صلاة الجمعة وسئل ما لك عن تثنية الاذان والاقامة اختلف اهل العلم في صفة الاذان فقال مالك والشافعي يشرع الترجيع في الاذان بان يكرر الشهادتان اربع مرات كل شهادة وقال احمد ابو حنيفة لا يشرع الترجيع عند ما لك ان التكبير في اول الاذان مرتان وليس باربع هذا بالنسبة لصفة الاذان اما بالنسبة لصفة الاقامة فعند الجمهور ان الاقامة تكون فرادى الا لفظة التكبير ولفظة الاقامة قد قامت الصلاة فكل اختار طريقا كره الامام ما لك تثنية الاقامة. وكذا الشافعي وذلك لان بلالا لم يكن يثني اقامته. وان كان ابو محذورة يثني الاقامة اجاز احمد تثنية الاقامة واستحب افرادها فاخذ اخذ احمد باذان بلال واقامته واخذ ما لك اقامة باذان ابي محذورة واقامة بلال واخذ ابو حنيفة بايقامة ابي محذورة متى نقوم عند الاقامة قال الامام مالك ومتى يجب القيام على الناس حين تقام الصلاة فقال لم يبلغني في النداء والاقامة الا ما ادركت الناس عليه. فاما الاقامة فانها لا تثنى وذلك الذي لم يزل عليه اهل العلم ببلدنا. واما قيام الناس حين تقام الصلاة فاني لم اسمع في ذلك بحد وبالتالي ليس هناك حد مؤقت قد بعض الناس قال يقام في اول الاقامة وبعضهم قال يقام عند قوله قد قامت الصلاة. وبعضهم قال يقام عند تكبيرة الاحرام للصلاة وبعضهم قال عند نهاية الاقامة ولكن ليس في ذلك شيء مؤقت عن النبي صلى الله عليه وسلم قال مالك لم اسمع في ذلك بحد يقام له. الا اني ارى ذلك على قدر طاقة الناس. فان منهم الثقيل والخفيف ولا يستطيعون ان يكونوا كرجل واحد وسئل مالك عن قوم حضور ارادوا ان يجمعوا المكتوبة فارادوا ان يقيموا ولا يؤذنوا ما حكم الاذان؟ فقال ما لك يجزئ. ولا يجب عليهم الاذان. انما يجب الاذان في مساجد الجماعات التي تجمع فيها الصلاة وسئل ما لك عن تسليم المؤذن على الامام ودعائه اياه للصلاة يعني تنبيهه بحيث يأتيه ويقول له الصلاة يا ايها الامام قال ومن اول من سلم عليه؟ يعني من نبه على الصلاة فقال مالك لم يبلغني ان التسليم كان في الزمان الاول وهذا فيه نظر فقد جاء في الخبر ان بلالا جاء الى النبي صلى الله عليه وسلم يؤذنه بالصلاة فامر ابا بكر ان يصلي بالناس ولذلك فلعل هذا كان موجودا من عهد النبوة. قال وسئل ما لك عن مؤذن اذن لقوم ثم انتظر ان يأتيه احد فلم يأته احد. فاقام الصلاة فصلى وحده ثم جاء الناس بعد ان فرغ ايعيدوا الصلاة معهم قال لا يعيد الصلاة ومن جاء بعد انصراف الامام فليصلي لنفسه وحده وذلك انهم جمهور اهل العلم يقولون لا تقام في المسجد جماعة اذا اقيمت الجماعة الاولى لم يصح ان تقام جماعة اخرى في المسجد وهذا هو مذهب مالك وابي حنيفة والشافعي ومن المعنى في هذا الا يمكنوا اهل البدع من اقامة الصلوات في المساجد وحدهم بعد الامام الراتب وذهب الامام احمد الى جواز اقامة الجماعة مرة اخرى في المسجد. لحديث من يتصدق على هذا وقوله اصوب اذا صلى الامام وحده في المسجد ثم جاء جماعة بعد ذلك هل يشرع له ان يصلوا جماعة؟ او يصلوا فرادى؟ اختار ما لك انهم يصلون فرادى قال وسئل مالك عن مؤذن اذن لقوم ثم تنفل فارادوا ان يصلوا باقامة غيره هل من يؤذن هو الذي يقيم قال مالك وابو حنيفة السواء قد تكون قد يكون الاذان عند شخص والاقامة عند اخر. هم سواء قال فانا لم نرها ينادى لها قال لا بأس بذلك اقامته واقامة غيره سواء وذهب الامام احمد والشافعي الى ان الافظل ان من اذن هو الذي يقيم لان هذا هو المأثور في عهد النبوة كما كان يفعل بلال قال مالك لم تزل الصبح ينادى لها قبل الفجر فالفجر يجوز ان يكون الاذان قبل دخول الوقت وخالف في ذلك ابو حنيفة قال فاما غيرها من الصلوات فانا لم نرها ينادى لها الا بعد ان يحل وقتها وجاء المؤذن الى عمر يؤذنه لصلاة الصبح فوجده نائما فقال الصلاة خير من النوم فامره عمر ان يجعلها في نداء الصبح لكن هذا لم يثبت عن عمر والصواب ان الذي امر بهذه اللفظة هو النبي صلى الله عليه وسلم وروى عن عمه عن ابيه قال ما اعرف شيئا مما ادركت عليه الناس الا النداء بالصلاة ثم روى عن نافع عن ابن عمر انه سمع الاقامة وهو بالبقيع المقبرة وهي قريب من المسجد فاسرع المشي الى المسجد من اجل ان يدرك الصلاة اسأل الله جل وعلا ان يوفقنا واياكم لخيري الدنيا والاخرة وان يجعلنا واياكم من الهداة المهتدين هذا والله اعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين