والان مع الدرس الثالث والثمانين الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين اما بعد فنكمل ما ابتدأنا به من قراءة كتاب الحدود في كتاب الموطأ للامام ما لك رحمه الله تعالى روى رحمه الله عن ابي واقد الليثي ان عمر بن الخطاب اتاه رجل وهو بالشام فذكر له انه وجد مع امرأته رجلا فبعث عمر بن الخطاب ابا واقد الليثي الى امرأته يسألها عن ذلك فاتها عندها نسوة حولها فذكر لها الذي قال زوجها لعمر ابن الخطاب واخبرها انها لا تؤخذ بقوله تعالى يلقنها اشباه ذلك لتنزع اي من اجل ان لا تقر وان لا تعترف بذلك فابت المرأة وتمت على الاعتراف فامر بها عمر فرجمت. فيه اثبات هاد الزنا عند اعتراف المرأة ثم روى عن سعيد بن المسيب انه سمع انه قال لما صدر عمر بن الخطاب من منى اناخ بالابطح مكان قريب من منى يتخذه الحجاج مكانا لراحتهم قبل سفرهم الى قال ثم كوم كومة بطحاء البطحاء التراب الذي يكون في الوادي ويكون فيه شيء من الحصباء لكنه يكون نظيفا لا تعلق اثاره باليد ثم طرح عليها رداءه واستلقى اي اي ارتاح على ذلك على تلك الكومة من البطحاء ثم مد يديه الى السماء فقال اللهم كبرت سني وضعفت قوتي وانتشرت رعيتي. فاقبضني اليك غير مظيع ولا مفرط وفي هذا جواز ان يدعو الانسان على نفسه بالموت اذا خشي من فتنة او استثقل ان او خشي على نفسه من اه ترك طاعة الله عز وجل قال ثم قدم المدينة فخطب الناس فقال ايها الناس قد سنت لكم السنن اي بينت لكم معالم دينكم فرضت لكم الفرائض وتركتم على الواضحة اي السبيل البينة. الا ان تظلوا بالناس يمينا وشمالا بما لا وظرب باحدى يديه على الاخرى ثم قال اياكم ان تهلكوا عن اية الرجم فيه دلالة على ثبوت عقوبة الرجم وفيه دلالة على ان هذا الدين واضح المعالم وليس فيه شيء من الاشياء الخفية التي تخفى على الناس. قال اياكم ان تهلكوا عن اية الرجم ان يقول قائل لا نجد حدين في كتاب الله يعني حد الرجم وحد الجلد فان بعض الناس انكر وحد الجلد وظن حد الرجم وظن ان الواجب هو الجلد فقط قال اياكم ان تهلكوا نعن اية الرجم. ان يقول قائل لا نجد حدين في كتاب الله. فقد رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم لما ورجمنا فيه ان الافعال النبوية حجة وانه يؤخذ منها دين الله عز وجل. ثم قال عمر والذي نفسي بيده لولا ان يقول الناس زاد عمر بن الخطاب في كتاب الله لكتبتها. الشيخ والشيخة فارجموها البتة انا قد قرأناها فيه اثبات عقوبة الرجم على الزاني المحصن وفيه اثبات النسخ للايات القرآنية بحيث ينسخ تنسخ تلاوتها ويبقى حكمها. قال سعيد فمن سلخ ذو الحجة حتى قتل عمر. وقال ما لك قوله الشيخ والشيخة يعني الثيب والسيبة ثم قال مالك بلغني ان عثمان بن عفان اوتي بامرأة قد ولدت في ستة اشهر فامر بها ان ترجم يعني انها ولدت قبل بعد مضي ستة اشهر من زواجها فقال له علي ابن ابي طالب ليس ذلك عليها ان الله تعالى قال في كتابه وحمله وفصاله ثلاثون شهرا. وقال والوالدات يرظعن اولادهن حولين كاملين لمن اراد ان تم الرضاعة فقوله حولين كاملين يعني ان الرضاعة قد تكون اربعة وعشرين شهرا. وفي الاية الاخرى قال حمل وفصاله يعني رظاعة يكون ثلاثين شهرا. فاذا خصمت الاربعة والعشرون من الثلاثين بقي ستة باشهر مما يدل ان الحمل قد يكون ستة اشهر. قال فلا رجم عليها. قال فبعث عثمان في اثرها فوجدها قد رجمت ثم قال مالك سالت ابن شهاب عن الذي يعمل عمل قوم لوط فقال ابن شهاب عليه الرجم احصن او لم يحصن واللواط يا نفسها من تلك الريبة. قال الامام مالك والمغتصبة اي المرأة التي استكرهت على الزنا لا تنكح اي لا يسمح لا تسمح لزوجها بان يطأها حتى تستبرأ نفسها ثلاث حيض لتتأكد من خلو رحمها قيمة وزنب عظيم وقد تواترت النصوص بالتحذير منه بل قد عذبت امة من الامم بسبب اقدامها على هذه الجريمة الله بلدانهم ثم خسف بهم تلك البلدان جعل عاليها سافلها واما بالنسبة لعقوبة هذه الجريمة فقال مالك يتحتم فيها الرجم وقال ابو حنيفة ليس فيها عقوبة مقدرة بل فيها تعزير وقال احمد والشافعي بانه يحد صاحبها حد الزنا. فيفرق بين المحصن وغير المحصن قال المؤلف باب ما جاء في من اعترف على نفسه بالزنا. ثم روى عن زيد بن اسلم ان رجلا اعترف على نفسه بالزنا على عهد رسول صلى الله عليه وسلم فدعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم بسوط فاوتي بسوط مكسور فقال فوق هذا ليس بجديد والصوت الجديد يؤثر ويؤلم بخلاف الصوت القديم. قال فاوتي بصوت جديد لم يقطع ثمرته. فقال النبي صلى الله عليه وسلم دون هذا. فاوتي بسوط قد ركب به ولان. فامر امر به رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلد ثم قال ايها الناس قد ان لكم ان تنتهوا عن حدود الله من اصاب من هذه قاذورات شيئا فليستتر بستر الله فانه من يبدلنا صفحته نقم عليه كتاب الله. ثم روى عن نافع ان صفية بنت ابي عبيد اخبرته ان ابا بكر الصديق اوتي برجل قد وقع على جارية بكر فاحبلها اي حملت من ثم اعترف على نفسه بالزنا ولم يكن احصن فامر به ابو بكر فجلد الحد ثم نفي الى فدك قال مالك الذي يعترف على نفسه بالزنا ثم يرجع عن ذلك ويقول لم افعل وانما كان ذلك مني على وجه كذا وكذا لشيء يذكره يعني لسبب ولعلة يذكرها. قال يقبل منه ولا يقام عليه الحد. وذلك ان الحد الذي هو لله لا يؤخذ لله باحد وجهين اما ببينة عادلة يثبت على صاحبها يعني بشهود يشهدون على الانسان بهذه الجريمة في هذه الحال اذا رجع وقال انا لما افعل ذلك لم يقبل منه واما الطريق الثاني فباعتراف يقيم عليه يعني يستمر عليه ولا يعود عنه حتى يقام عليه الحد. فان اقام يعني استمر على اعترافه اقيم عليه الحد. قال ما لك الذي ادركت عليه اهل اهل العلم ببلدنا انه لا نفي على العبيد اذا ازنوا يعني المماليك قال باب باب باب جامع جامع ما جاء في حد الزنا. ثم روى عن ابي هريرة وزيد ابن خالد ان رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن الامة اذا زنت ولم تحصن ولم تحصن فقال ان زنت فاجردوها ثم ان زنت فاجلدوها ثم ان زنت فاجلدوا ثم بيعوها ولو بظفير. قال ابن شهاب لا ادري ابعد الثالثة او الرابعة. فيه ان السيد قد يقيم الحد على مملوء لكن ليس لغير السيد ان يقيم آآ الحد. وقوله ولو بظفير الظفير الحبل. ثم روى عن ان عبدا كان يقوم على رقيق الخمس يعني يرعى شؤونهن وانه استكره جارية من ذلك الرقيق. فوقع بها اي زنى فجلده عمر بن الخطاب ونفاه ولم يجلد الوليدة لانه استكرهها. فيه ان المكره لا يقام اليه حد الزنا. ثم روى عن يحيى بن سعيد ان سليمان بن يسار اخبره ان عبد الله بن عياش بن ابي ربيعة المخزون قال امرني عمر ابن الخطاب في فتية من قريش فجلدنا ولائد الامارة خمسين خمسين في الزنا. فيه دلالة على ان المماليك لا يجلدون في حد الزنا مئة وانما يجلدون نصف الحد خمسين خمسين قال باب ما جاء في المغتصبة وهي المرأة التي يفعل بها بغير رضا منها. قال ما لك الامر عندنا في المرأة توجد املا ولا زوج لها فتقول استكرهت او تزوجت ان ذلك لا يقبل منها وانها يقام عليها الحد هذا هو مذهب مالك وقد خالفه الجماهير فقالوا بان بان الحبل والحمل ليس طريقا من طرق اثبات بالزنا. قال الامام مالك الا ان يكون لها على ما ادعت من النكاح بينة. اي شهود يشهدون بانها قد تزوجت او شهود على انها استكرهت او جاءت تدم ان كانت بكرا او استغاثت حتى اوتيت وهي على ذلك يعني رفعت الصوت طلبا للغوث لينقذوها ممن يريد ان يغتصبها. او ما اشبه هذا من الامر الذي تبلغ به فيه فظيحة نفسها. قال ما لك فان لم تأتي فيه بشيء من هذا اقيم عليها الحد ولم يقبل منها ما ادعت من ذلك قال مالك والمغتصبة لا تنكح يعني لا تتزوج ولا يطأها زوجها حتى تستبرأ نفسها بثلاث حيظ ليتبين خلو رحمها. وانها لم تحمل من ذلك اه الاكراه. والامام مالك يرى انها تستبرئ بثلاث وغيره يرى انها لا تستبرئ الا بحيضة واحدة. فان ارتابت من حيضتها فلا تنكح حتى تستبرأ وقال الجمهور بانه يكفي ان تستبرئ بحيضة واحدة لانها متى حاضت حيضة واحدة تبين انها لم تحمل من ذلك الوطئ الممنوع شرعا. فان ارتابت من حيضتها اي تشككت فانها حينئذ لا تنكح حتى تستبرئ وتتأكد من خلو رحمك قال المؤلف باب الحد في القذف والنفي والتعريض. القذف المراد به رمي الاخرين آآ الزنا او اتهامهم في انسابهم بانهم لا يثبت نسبهم لابائهم او امهاتهم. والنفي بهين في النسب. واما التعريض فان يتكلم انسان بكلام غير صريح في القذف. لكن الناس يفهمون منه معنى القذف والاتهام بالزنا. ثم روى عن ابي الزناد قال جلد عمر بن عبدالعزيز عبدا في فرية هذا كان رأي عمر ابن عبد العزيز ان القذف يجلد فيه المملوك ثمانين. واما الجمهور فيقولون الحر يجلد والمملوك يجلد اربعين. قال ابو الزناد فسألت عبد الله بن عامر بن ربيعة عن ذلك. فقال ادركت عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان والخلفاء هلم جرا فما رأيت احدا جلد عبدا اي مملوكا في فرية اكثر من اربعين. ثم روى عن بريق بن حكيم الايلي ان رجلا يقال له مصباح استعان ابنا له اي طلب من ابنه ان يعينه. فكأنه استبطأه اي ان الابن تأخر في القيام بامر والده. فلما جاءه لما جاء الابن للوالد قال له الوالد قال الوالد لابنه يا زان فرماه وقذفه بهذه الفرية. قال زريب فاستعداني عليه اي ان الابن طلب من زريب ان ان اه يقوم معه من اجل هذه الكلمة التي تكلم بها الوالد. قال فلما اردت ان اجلده اي ان يجلد الوالد. قال ابنه لئن جلدته لابوءن على نفسي بالزنا. اي ان الابن اراد ان ينفع عن ابيه حد القذف فقال هذه الكلمة فلما قال ذلك قال زريق اشكل علي امره فكتبت فيه الى عمر ابن عبد العزيز وهو الوالي اذا اذكر له ذلك فكتب الي عمر اجز عفوه. مما يدل على ان حد القذف حق للمقذوف. يجوز له له ان يعفو عنه قال الزريق وكتبت الى عمر بن عبد العزيز ايضا ارأيت رجلا افتري عليه او على ابويه وقد هلك او احدهما كتب الي عمر ان عفا فاجز عفوه في نفسه. وان افترى على ابويه وقد هلكا او احدهما فخذ له كتاب الله الا ان يريد سترا قال مالك وذلك ان يكون الرجل المفترى عليه يخاف ان كشف ذلك منه ان يقوم عليه بينة. فاذا كان على ما وصفت فعفا جاز عفوه. ثم روى عن عروة انه قال في رجل قذف قوما جماعة انه ليس عليه الا حد واحد يعني اذا اتهم مجموعة بانهم بهذه التهمة فليس عليه الا حد واحد هكذا قال قال مالك وان تفرقوا فليس عليه الا حد واحد. ثم روى عن عمرة بنت عبدالرحمن ان رجل فان استب اي كل منهما سب الاخر في زمان عمر ابن الخطاب. فقال احدهما للاخر والله ما ابي ولا امي بزانية. فهو لم يقم بوصف الاخر بالزنا. وانما نفى عن نفسه وصف الزنا ونفى عن ابويه فيفهم من هذا بطريق التعريض انه يرمي المقابل له بان قد زنيا. قال فقال احدهما للاخر والله ما ابي بزان ولا امي بزانية. فاستشار في ذلك عمر بن الخطاب فقال قائل مدح اباه وامه يعني ان القائل مدح اباه نفسه وقال اخرون قد كان لابيه وامه مدح غير هذا يمكن ان يمدح ابويه بغير هذا اللفظ نرى ان تجده الحد لانه يفهم من هذا اللفظ اتهام المقابل له بان والديه قد زنيا. ففي هذا اثبات قال فجلده عمر حد ثمانين مما يدل على ان التعريض طريق من طرق اقامة حد القذف. قال ما لك لا حد عند الا في نفي يعني نفي للنسب او قذف اي اتهام الاخرين بالزنا او تعريظ اي كلام يفهم منه ذلك ان لم يكن صريحا يرى ان قائله انما اراد بذلك نفيا او قذف. فعلى من قال ذلك الحد يعني حد قذف تاما اي ثمانين جلدة. قال والامر عندنا انه اذا نفى رجل رجلا من ابيه فان عليه قد وان كانت ام الذي نفي مملوكة فان عليه الحد قال باب ما لا حد فيه اي من السب والقدح ونحو ذلك قال مالك احسن ما سمع في الامة يقع بها الرجل وله فيها شرك يعني انه يملكها اذا كان هناك مملوكة يملكها اثنان. فقام احدهما وطئها فانه لا يقام عليه الحد وانه يثبت به النسب وانه تقوم عليه الجارية ويطلب منه ان يدفع قيمتها ليعطى شركاؤه حصصهم من الثمن وتكون الجارية لذلك الواطئ قال مالك وعلى هذا الامر عندنا. اسأل الله جل وعلا ان يوفقنا واياكم للخير وان يجعلنا واياكم الهداة المهتدين. هذا والله اعلم. وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين