والان مع الدرس الرابع والثمانين الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين اما بعد لا زال الكلام في قراءة كتاب موطأ الامام مالك رحمه الله تعالى. وقد ذكرنا بعض الحالات التي يدرع فيها الحد وذلك لان الشريعة لا تتطلع الى اقامة الحدود الا من اجل تحقيق مصالح اعلى منها فليس مقصود الشريعة ايلام من يقام عليه الحد ولا اه تنقيص مكانته ومنزلته. ولذلك يحسن بمن يقيم الحدود ان يقصد الاحسان الى من اقيم عليه الحد وان يريد بذلك ان يطهره وان يرفع درجته عند الله جل وعلا. وليس المقصود اهانة من تقام عليه العقوبات والحدود قال الامام مالك في الرجل يقع على جارية ابنه او ابنته مملوكته انه يدرأ عنه الحد وتقام عليه الجارية يعني يعرف قيمة الجارية وبالتالي يطلب منه ان يدفع قيمة الجارية. وقال في الرجل احلوا للرجل جاريته. يقول احلها لك انه ان اصابها الذي احلت له قومت عليه يوم اصابها. وعرفت قيمتها وبالتالي يدرأ عنه الحد بذلك. فان حملت الحق به الولد ثم روى عن ربيعة ان عمر بن الخطاب قال لرجل خرج بجارية مملوكة لامرأته معه في سفر فاصابها الرجل فغارت امرأته فذكرت ذلك لعمر فسأله عن ذلك فقال هي وهبتها لي. فقال عمر لتأتيني بالبينة او لارمينك بالحجارة. اي احضر لي الشهود لاثبات هذه الهبة او سارجمك. قال فاعترفت امرأته انها ما وهبتها له ثم قال المؤلف باب ما يجب فيه القطع الشريعة جاءت بتحريم الاعتداء على اموال الاخرين. قال الله تعالى يا ايها الذين امنوا لا تأكلوا اموالكم بينكم بالباطل الا يا ان تكون تجارة عن تراض منكم. ويقول النبي صلى الله عليه وسلم ان دمائكم واموالكم واعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا. ومنهنا جاءت الشريعة بتحريم السرقة واثبات العقوبة على السارق. قال تعالى والسارق والسارقة فاقطعوا ايديهما جزاء بما كسب نكالا من الله والله عزيز حكيم. روى المؤلف عن ابن عمر ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قطعا في مجن المجني الترس الذي يلبسه المحارب ليقيه من اه ضربات الاعداء. قال ثمنه ثلاثة دراهم مما يدل على ان من سرق مالا قليلا فانه لا يقام عليه الحد انما يقام الحد على من سرق النصاب. والنصاب عند ثلاثة دراهم والدرهم اه قرابة الثلاثة جرام وبالتالي من سرق قيمة تسعة جرامات فانه يقطع قال ما لك واحمد بان التقدير يكون بالفضة. وقال الشافعي التقدير يكون بالذهب. ثم واما الامام ابو حنيفة فانه يرى ان القطع لا يكون الا لمن سرق عشرة دراهم ثم روى الامام مالك عن عبد الله ابن عبد الرحمن ابن ابي حسين ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا قطع في ثمر معين علق السمر ناتج آآ الشجر المعلق اي الذي يكون على الشجرة. وذلك لانه لم يوظع في حرز يحفظ فيه مثل ذلك المال قال ولا في حريصة جبل اي ما تحرس في الجبل ولم توضع في المكان الذي يحفظ امثالها. قال جاء واه المراح اي رجعت هذه البهائم الى مكانها الذي تحفظ فيه عادة فسرقت فحين اذ يثبت حكم القطع او اواه الجنين اي ان الثمر وضع في المكان المخصص لحفظه. قال فالقطع حينئذ مما بلغ ثمن المجني ثم روى بسنده عن عمرة بنت عبدالرحمن ان سارقا سرق في زمان عثمان بن عفان اترجه فامر بها عثمان ان تقوم اي ان تعرف قيمتها. فقومت بثلاثة دراهم من صرف اثني عشر درهما بدينار. فقطع عثمان يده وذلك لانه سارق للنصاب. ثم روى عن عائشة انها قالت ما طال علي وما نسيت القطع في ربع دينار فصاعدا. ربع الدينار قيمته مقاربة للثلاثة دراهم ثم روى عن عمرة قالت خرجت عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم الى مكة ومعها مولاتان لها ومعها غلام لبني عبدالله ابن ابي بكر الصديق اه وعبدالله اخو عائشة فبعثت مع المولاتين ببرد مرجل. اي عليه اثار ورسوم. قد خيط عليه خرقة خضراء اي وضعت فيه خرقة من اجل ان يوضع فيها شيء من المال. قالت فاخذ الغلام البرد وهو النوع ذلك النوع من الثياب. ففتق عنه اي قطع تلك تلك الخرقة فاستخرجه واستخرج المال والخرقة من الثوب. وجعل مكانه لبدا او فروة وخاط عليه. فلما قدمت المولاتان للمدينة دفعتا ذلك البرد الى اهله. فلما عنه وشقوا ذلك المكان وجدوا فيه اللبد ولم يجدوا المال الذي وضعوه فيه ولم البرد. قال فكلموا المرأتين. اين ذلك المال؟ فكلمتا عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم او كتبتا اليه واتهمتا العبد فسأل العبد عن ذلك فاعترف فامرت به عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم فقطعت يده وقالت عائشة القطع في ربع دينار فصاعدا. اختلف اهل العلم في المماليك اذا سرق الواحد منهم هل يقام عليه الحد؟ او لا يقام على قولين شهورين لكن المراد هنا ان السرقة ان الحد في السرقة والقطع فيها لا يقام الا على من سرق النصاب. قال مالك ابو ما يجب فيه القطع الي ثلاثة دراهم. وان ارتفع الصرف او اتظع لان قيمة الذهب والفظة الف ما بين زمان واخر. فعند ما لك يقول الاولى ان نقومها بالفظة خلافا للشافعي. قال وذلك ان رسول الله صلى الله عليه وسلم الا ما قطع في مجن ثمنه ثلاثة دراهم. وان عثمان بن عفان قطع في ترجة قومت بثلاثة دراهم. وهذا احب ما سمعت الي في ذلك ثم قال باب ما جاء في قطع الابق والسارق الابق العبد الهارب من سيده ثم روى عن نافع ان ان عبدا لعبدالله ابن عمر سرق وهو ابق فارسل به عبد الله ابن عمر الى سعيد ابن العاص وهو امير المدينة ليقطع يده فابا سعيد ان يقطع يده وقال لا تقطع يد الابد اذا سرق. فقال له عبدالله ابن في اي كتاب الله وجدت هذا؟ ثم امر به عبد الله فقطعت يده. ثم روى عن زريق انه اخبره انه وجد عبدا ابقا قد سرق قال فاشكل علي امره ماذا افعل به؟ قال فكتبت فيه الى عمر ابن عبد العزيز اسأله عن ذلك وهو يومئذ قال فاخبرته انني كنت اسمع ان العبد الآبق اذا سرق وهو آبق لم تقطع يده. قال فكتب عمر بن عبدالعزيز نقيض كتابي يقول كتبت الي انك تسمع ان العبد الابق اذا سرق لم تقطع يده. وان الله وتعالى يقول في كتابه والسارق والسارقة فاقطعوا ايديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله والله عزيز حكيم قال فان بلغت سرقته ربع دينار فصاعدا فاقطع يده ثم روى عن القاسم وسالم وعروة انهم كانوا يقولون اذا سرق العبد الآبق ما يجب فيه القطع قطعا وقال ما لك لا اختلاف عندنا ان العبد الابق اذا سرق ما يجب فيه القطع قطع والجمهور على ان المملوك اذا سرق فانه لا يثبت عليه القطع لان العقوبة حينئذ تتعدى الى سيده قال المؤلف باب ترك الشفاعة للسارق اذا بلغ السلطان اي ان السارق اذا وصل امره للجهات الرسمية التي تطبق الحد عليه فلا يجوز لانسان ان يتكلم فيه او ان فعافيه من اجل الا يقام عليه الحد. بل هذا من المعاصي. الشفاعة في الحدود اما اذا كانت الشفاعة لم تبلغ السلطان بعد. وكان الامر عند المسروق منه. فحين اذ يجوز للانسان ان عند المسروق منه واما بالنسبة حد السرقة هل يقام قبل مطالبة المسروق منه او لا فالجمهور يقولون لا يقام حد السرقة الا اذا طالب المسروق منه بماله الذي سرق منه قال الامام مالك قد يقام حد القطع ولو لم يطالب المسروق منه بالمال. روى الامام مالك عن ابن شهاب عن عفوا ان صفوان ابن عبد الله ان صفوان ابن امية قيل له انه من لم يهاجر هلك فقدم صفوان بن امية المدينة فيه مشروعية الهجرة من بلد الشرك الى بلد الاسلام ليكون ذلك اعون للعبد على طاعة الله قال فقدم صفوان بن امية المدينة فنام في المسجد وتوسد رداءه فجاءه سارق فاخذ رداءه فيه ان وجود السراق في بلد وجود سارق في بلد لا يعني فساد الاحوال في ذلك البلد ولا عدم استتباب الامن فيه لان النفوس ظعيفة موجودة في كل زمان. قال فجاءه سارق فاخذ رداءه فاخذ صفوان السارق اي تنبه واستيقظ من نومه امسك بالسارق فجاء صفوان بالسارق الى رسول الله صلى الله عليه وسلم. فامر رسول الله صلى الله عليه وسلم به ان تقطع يد السارق فقال صفوان لم ارد هذا لم ارد قطع يده يا رسول الله يا رسول الله انما كنت اريد مالي وهو الان عليه صدقة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فهلا قبل ان تأتيني به اي هلا كان عفوك افحك عنه قبل ان تحظره الي مما يعني انه اذا وجد السارق عند السلطان فحين اذ لا تقبل الشفاعة ولا يقبل تنازل المسروق منه عن السارق. وفيه دلالة على ان المال المسروق يتم ارجاعه والى السائل المسروق منه. ولا يقر ولا يبقى عند السارق. كما قال الجمهور خلافا لابي حنيفة ثم روى عن ربيع بن ابي عبد الرحمن ان الزبير بن العوام لقي رجلا قد اخذ سارقا وهو يريد ان يذهب به الى السلطان فشفع له الزبير ليرسله. هنا شفاعة قبل وصول الامر الى السلطان. فقال الرجل لا يعني لا اقبل شفاعتك حتى ابلغ به السلطان. فقال الزبير اذا بلغت به السلطان فلعن الله الشافي والمشفع ثم قال المؤلف باب جامع القطع. وروى عن عبدالرحمن ابن القاسم عن القاسم ابن محمد ان رجلا من اهل اليمن اقطع اليد اليد والرجل وذلك انه قد قطعت يده ورجله في سرقات سابقة قال قدم فنزل ذلك الاقطع على ابي بكر الصديق فشكى اليه ان عامل اليمن قد ظلمه. يعني قطعه بدون وهو ليس بسارق قال وكان ذلك الرجل الاقطع يصلي من الليل. فيقول ابو بكر ما ليلك بليل سارق؟ اي هذه ليست افعال ان يقوم طول الليل بصلاة اه التهجد ثم انهم فقدوا عقدا لاسماء بنت عميس زوجة ابي بكر الصديق فجعل الرجل يطوف معهم يبحث عن ذلك العقد اين ذهب ذلك العقد؟ ويقول اللهم عليك بمن بيت اهل هذا البيت صالح يدعو على السارق قال فوجدوا الحلي عند صائغ اي بائع للذهب زعم ان الاقطع جاء به. فاعترف الاقطع او شهد عليه بانه قد سرق. فامر به ابو بكر الصديق فقطعت يده اليسرى لانه اول ما يقطع من سارق اليد اليمنى ثم بعد ذلك تقطع الرجل اليسرى ثم تقطع اليد اليسرى. هكذا قال طائفة وقال اخرون بانه لا يكون القطع الا اول مرة فقال ابو بكر والله لدعاؤه على نفسه اشد عندي علي عليه من سرقته. كون الانسان يدعو على نفسه قد يؤثر عليه تأثيرا عظيما في دنياه وفي اخرته قال الامام ما لك الامر عندنا في الذي يسرق مرارا ثم يستعدى عليه ان يطلب اقامة الحد عليه انه ليس عليه الا ان تقطع يده لجميع من سرق منه اذا لم يكن اقيم عليه الحد. فان كان قد اقيم عليه الحد قبل ذلك ثم سرق ما يجب عليه القطع قطع ايضا. يعني انه اذا تكررت منه السرقة مرات متعددة ولم تقطع يده بعد فانه لا تقطع يده الا مرة واحدة لجميع السرقات السابقة اما اذا سرق وقطعت يده ثم سرق مرة اخرى بعد قطع اليد فحينئذ تقطع اه رجله ثم روى مالك عن ابي الزناد ان عاملا لعمر ابن عبد العزيز اخذ ناسا في حرابة ولم يقتلوا احدا. الحرابة هي قطع السبيل وتخويف الامنين من المسافرين بحيث يسرقون الناس الذين يسافرون ويكون لهم منعة ويكون لهم ظهور بخلاف السارق فانه يسرق بخفية فاراد آآ فاراد عمر ابن عبد العزيز ان يقطع ايديهم او ان يقتل فكتب اه ذلك العامل الى عمر ابن عبد العزيز في ذلك. فكتب اليه عمر ابن عبد العزيز لو اخذت بايسر من ذلك لا تقتلهم ما داموا لم يقتلوا قال ما لك الامر عندنا في الذي يسرق امتعة الناس التي تكون موضوعة بالاسواق محرزة قد احرزها اهلها في اوعيتهم وضموا وبعضها الى بعض انه من سرق شيئا من ذلك من حرزه فبلغ قيمته ما يجب فيه القطع فان عليه القطع وقال مالك في الذي يسرق ما يجب عليه القطع ثم يوجد معه ما سرق قام برد المال الى صاحبه قال لا ينفي ان تقطع يده ثم ذكر المؤلف ما يتعلق اه بالاستدلال على هذا فان الامام ابا حنيفة يرى ان السارق لا يعيد ما سرقه اذا قطعت يده خلافا للجمهور. فاراد الامام ما لك ان يرد عليه. قال الامام ما لك من وجد منه ريح الشراب المسكر فانه يجلد الحد ولو لم يسكر بعد. ولو لم يذهب عقله وقال انما يجلد الحد في المسكر اذا شربه. وان لم يسكر لانه لانه شرب المسكر من اجل لان يحصل له السكر. قال فهكذا السارق الذي اه اخذ مال غيره فانه تقطع يده ولو اعاد المال الى صاحبه بعد ذلك ما دام قد ترافعوا الى السلطان قال مالك في القوم يأتون الى البيت فيسرقون منه جميعا. فيخرجون بالعدل يحملونه جميعا. او الصندوق او ما اشبه ذلك قال اذا خرج اذا اخرجوا ذلك من حرزه وهم يحملونه جميعا وكان نصابه فانهم يقطعون جميعا اذا اشترك جماعة في سرقة فانهم يقطعون جميعا. قال اما اذا خرج كل واحد منهم بمتاع على حدته فحينئذ كل واحد منهم يعتبر فعله سرقة على حدتها. وبالتالي من خرج منهم النصاب قطعت يده قال مالك الامر عندنا اذا كان الدار رجل مغلقة عليه بالابواب ليس معه فيها غيره فانه لا يجب على من سرق منها شيئا القطع حتى يخرج به من الدار كلها لانه لا يتم القطع الا اذا اخذ المال من الحرز ثم اه ذكر ان الرجل اذا سرق المتاع اه من سيده وكان من خدمه فانه حينئذ لا اه قطع عليه هكذا امت المرأة لا قطع عليها اذا سرقت من سيدها او من وذكر بعض التفاصيل المتعلقة باحكام السرقة مما اه نستعرضه في لقاء باذن الله عز وجل اسأل الله جل وعلا ان يوفقنا واياكم للخير وان يجعلنا واياكم الهداة المهتدين هذا والله اعلم وصلى الله على على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين