والان مع الدرس السادس والتسعين. الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين اوسلين. اما بعد فروى الامام مالك عن ابن شهاب عن عبدالحميد بن عبدالرحمن عن عبد الله عن ابن عباس ان عمر بن الخطاب خرج الى الشام وذلك بعد فتحها. حتى اذا كان بسرغ مكان لكيه امراء الاجناد ابو عبيدة ابن الجراح واصحابه. فاخبروه ان الوباء اي المرض طاعون الذي ينتقل بين الناس سريعا قد وقع بارض الشام. قال ابن عباس فقال عمر بن الخطاب ادع لي الاولين فيه ان الامام يستشير اصحاب الفضل والعلم فيما يرد اليه من المسائل. اراد ان يستشير هل يرجع او يواصل مسيره الى الشام مع ان الوباء قد وقع فيها. قال فدعا الاولين فاستشارهم وطلب رأيهم واخبرهم ان الوباء قد وقع بالشام فاختلفوا على قولين قال بعضهم قد خرجت من المدينة الى الشام لامر لابد ان تتمه ولا نرى ان ترجع ان حتى تكمل الامر الذي قدمت من اجله. وقال بعضهم معك بقية الناس واصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا نرى ان تقدمهم على هذا الوباء. استبق الناس. فقال ارتفعوا عني بما انكم اختلفتم فساطلب غيركم ممن لا يختلف لدي. ثم قال عمر لابن عباس ادع لي الانصار. قال ابن عباس دعوتهم فاستشارهم واخذ رأيهم في هذه المسألة فسلكوا سبيل المهاجرين واختلفوا كاختلافهم بعضهم قال اقدم الى الشام وبعضهم قال ارجع. فقال ارتفعوا عني اي قوموا عني. ثم قال عمر لابن عباس ادعو لي من كان ها هنا من مشيخة قريش من مهاجرة الفتح. يعني من الذين اه من من من كبار قريش الذين لهم رأي واجتهاد وكانوا من مهاجرة الفتح. قال ابن عباس دعوتهم فلم يختلف عليه منهم اثنان. فقالوا نرى ان ترجع بالناس ولا تقدمهم على هذا الوباء فنادى عمر في الناس اني مصبح على ظهر فاصبحوا عليه. اي اني اي اني مسافر في الصبح على ظهر راحلتي راجعا الى المدينة. فقال ابو عبيدة افرارا من قدر الله اي تترك مواصلة مسيرك للشام تفر من قدر الله لان ابا عبيدة كان بالشام فاراد ان حمل عمر مسيرته الى الشام ليرى ما هم عليه. فقال عمر لو غيرك قالها يا ابا عبيدة فلهذه الكلمة لا تحسن منك يا ابا عبيدة فان بذل الاسباب والابتعاد عن اسباب انتقال المرظ من الامور المشروعة التي وردت النصوص بها. فقال لو غيرك قالها يا ابا عبيدة. نعم نفر من من قدر الله الى قدر الله. ثم ظرب له مثالا. فقال ارأيت لو كان لك ابل؟ فهبطت واديا له عدوتان اي له آآ شاطئان او آآ جزئان متقابلان. احداهما مخصبة اي فيها وشجر اي فيها نبات يتمكن الابل من من رعيه والاخرى جدبة ليس فيها نبات ليس ان رأيت الخصبة رعيتها بقدر الله وان رعيت الجذبة رعيتها بقدر الله. فدل هذا على جواز فرار الانسان من اصحاب الامراض المعدية ومواطن الامراض الوبيئة وان هذا ليس فرارا من قدر الله وانما هو من بذل الاسباب. وفيه ان بذل الانسان للاسباب التي كونوا من اه من اسباب ابتعاد الامراض عنه من الامور المرغب فيها شرعا. قال فجاء عبدالرحمن بن عوف وكان غائبا في بعض حاجته فقال ان عندي من هذا علما. الاصل في العلم وعد به علم الشريعة الموروث من كتاب الله عز وجل ومن سنة رسوله صلى الله عليه وسلم. قال عبدالرحمن ابن ابن عوف سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول اذا سمعتم به اي بالطاعون بارظ فلا تقدموا عليه واذا سمعتم به بارض وانتم فيها فلا تخرجوا فرارا منه. يعني انه اذا كان الطاعون في بلد فانه لا يجوز للانسان ان يسافر الى ذلك البلد لان لا يعرض نفسه للاصابة به. واما اذا كان الانسان او خارجا من بلد الطاعون ليس موجودا فيها فانه لا يجوز. فانه لا يجوز له ان يسافر اليها اما اذا كان الانسان في بلد الطاعوت فانه يحره اما اذا كان الانسان في بلد الطاعون فانه يحرم عليه ان يخرج منه لانه اذا خرج فقد يكون ناقلا لذلك المرض فينتشر المرض في بلد اخر فيكون من اسباب هلك الناس وفي هذا قاعدة في هذا قاعدة عظيمة من قواعد الطب نطق بها النبي صلى الله عليه وسلم. قال فحمد الله عمر وذلك انه قد وافق اجتهاده ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم. قال ثم انصرف فيه دلالة على ان انصرافه من هذا الموطن وعدم دخوله للشام وان رجوعه الى المدينة كان بعد سماعه للحديث الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الباب. ثم روى الامام مالك عن ابن المنكدر وسالم ابن ابي النظر مولى عمر ابن عبيد الله عن عامر ابن سعد ابن ابي وقاص عن ابيه انه سمعه يسأل اسامة اتى ابن زيد ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم في الطاعون فيه دلالة على ان المرجع بين اهل الاسلام هو سنة النبي صلى الله عليه وسلم بعد كتابه. ولذلك يكون العلم والسؤال عنه بالسؤال عن الاحاديث الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم فقال اسامة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الطاعون رجز اي عذاب يعذب الله به بعض عباده ارسل على طائفة من بني اسرائيل او على من كان قبلكم. فاذا سمعتم به بارض فلا تدخلوا عليه. واذا وقع بارض وانتم بها فلا تخرجوا فرارا منه. قال ما لك قال ابو النظر لا يخرجكم الا فرار منه. قال ما لك وروى ما لك عن ابن شهاب عن عبدالله بن عامر بن ربيعة ان عمر بن الخطاب خرج الى الشام قال فلما جاء سرغة بلغه ان الوباء قد قد وقع بالشام فاخبره عبدالرحمن بن عوف ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اذا سمعتم به بارض فلا تقدموا عليه. فيه دلالة على ان العالم قد يخفى عليه حديث من احاديث النبي صلى الله عليه وسلم وان معرفة انسان بالسنة لم يعلمها غيره ليس فيه دلالة على ان العالم بتلك السنة يكون اعلم من من غيره ممن لم يعلم بهذه السنة. فعمر اعلم من ابن عوف. لكن عمر خفي عليه هذه السنة وابن عوف اطلع عليها. قال ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اذا سمعتم به بارض فلا تقدموا عليه. واذا وقع بارض وانتم بها فلا تخرجوا. فرارا منه. قال فرجع عمر ابن الخطاب من سرغة. روى ما لك عن ابن شهاب عن سالم ابن عبد الله ان عمر ان انما رجع بالناس من اجل حديث عبدالرحمن بن عوف. وفيه دلالة على ان شأن اهل الاسلام التسليم للنصوص الشرعية وانهم يقدمون النص من الكتاب والسنة على رغبات نفوسهم وعلى اهوائهم وعلى معقولاتهم ثم قال مالك بلغني ان عمر بن الخطاب قال لبيت بركبة ركبة ومكان فسيح بجوار الطائف. لبيت بركبة احب الي من عشرة ابيات بالشام. وماذا لك الا لان الشام بلد وبي. ولان ركبة مكان فسيح والهواوي يتجدد بها. وقيل بان عمر كان معتادا لمواطن للمواطن المماثل لمواطن ركبة. ولذلك فضلها على الشام التي لم يكن معتادا عليها. فقد كان عمر معتادا على المكان الفسيح المنتشر الواسع. ومثل ركبة واما المكان الذي فيه اشجار كثيرة ولا يفسح النظر فيه ولا يمتد فلم يكن معتادا عليه هكذا فسرته انا. اما الامام ما لك فقد فسره بتفسير اخر. فقال يريد لطول الاعمار والبقاء ولشدة الوباء بالشام فهو يرى ان اهل ركبة اشد قوة واقوى ابدان من اهل الشام. ثم قال المؤلف كتاب القدر. المراد بالقدر ما ايقدره الله عز وجل للعباد. والله جل وعلا قد قدر جميع المقادير. وجميع عن الناس موجودة في كتاب القدر لا يخفى منها شيء. وقد قال الله عز وجل ان كل شيء خلقناه بقدر. وهذا يشمل ان الله عز وجل قد علم بالوقائع قبل وقوعها اما من واقعة تقع الا وقد علم الله بها في الازل. ويشمل ايضا ان الله عز وجل قد كتب الوقائع في اللوح المحفوظ فان الله اول ما خلق القلم قال اكتب له اكتب فكتب ما بين الناس الى قيام الساعة. فكل شيء موجود في اللوح المحفوظ. ثم اننا نؤمن من ان الله عز وجل قد شاء واراد وقوع هذه الوقائع ارادة كونية قدرية ولا يتنافى هذا ان يكون العباد ان يكون العباد قد شاؤوا افعالهم فان الله قد شاءها ايضا قال الله جل وعلا وما يشاؤون الا ان يشاء الله. فدل هذا على اثبات مشيئة للعبد لافعاله التي يقدم عليها باختياره ودل هذا ايضا على ان لله مشية تتضمن جميع الوقائع والحوادث. وتضمن ارضاء مشيئة العبد متعلقة بمشيئة الله. وان العبد لا يمكن ان يشاء شيئا الا اذا كان الله قد شاء اهو وقد انكر بعض القدرية وقد انكر بعض القدرية مرتبة المشيئة وقالوا بان بعض تقع بدون مشيئة من الله عز وجل. وهذا يخالف ما دلت عليه النصوص. انما امره اذا اراد ان يقول له كن فيكون. وكذلك نؤمن بان الله عز وجل قد خلق الوقائع كلها خلق جميع ما يحدث. فكل الحوادث خلق لله عز وجل. حتى افعال بني ادم هي خلق لله. هي فعل للعبد وخلق للخالق جل وعلا. قال تعالى والله خلقكم وما تعملون. ثم قال المؤلف باب النهي عن القول بالقدر. المراد بهذا ان العبد ينهى عن الاحتجاج بالقدر فلا يصح ان تقدم على شيء من المعاصي ثم تحتج بالقدر. فاذا اقدم عبد على معصية فلا يصح له ان ان يقول قد قدر الله علي هذا الذنب. فلا مناص لي منه. لانك يا ايها العبد عندك مشية وعندك اختيار وعندك قدرة على المضي في هذا الفعل واكماله كما ان لديك قدرة على عدم الاقدام عليه. والانسان في حياته لا يحتج بالقدر. فلا يصح من انسان ان ان يترك الاكتساب وطلب الرزق بدعوى ان ما قدره الله اليه ان ما قدره الله عليه سيأتي اليه ايه؟ سواء سعى في ذلك او لم يسعى. ومن كان كذلك فان الناس يعدونه مغفلا. ولا يقبلون فعله هذا وهكذا ايضا وهكذا ايضا نجد ان الناس يعيبون على من اراد ان يحصل له ولد وهو لم يتزوج. لماذا؟ لانه لم يفعل الاسباب. ولا يصح له ان يحتج بالقدر. فيقول لو قدر الله لي ولد لا ولو جاءنا انسان وقال ولو جاءنا انسان قد فعل المعصية واحتج بالقدر فقال هذا فامر قد قدره الله علي لك لا ثم ضربه اخر فقال لما تضربني؟ فقال له هذا امر قد قدره الله عز وجل علي وعليك فلم تحتج على نفسك بالقدر في افعال الذنوب والمعاصي ولا تحتج به في بقية حياتك. فالمقصود ان الاحتجاج بالقدر ليس من شأن العقلاء واورد المؤلف حديث ابي الزناد عن لا رجع عن ابي هريرة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال تحاج ادم وموسى فحج ادم فحج ادم موسى اي ان ادم عليه السلام انتصر في حجاجي على موسى عليه السلام. ما هو الحجاج؟ قال موسى لادم انت ادم الذي اغويت ناس واخرجتهم من الجنة. لاخراج من الجنة هذا مصيبة يصاب العبد بها. ولا يصح ان يحتج على غيره في المصائب بالقدر. لان القدر لا مناص منه. وبالتالي لا يمكن ان ولا يمكن ان تحتج على غيرك في المصيبة القدر. فقال له ادم انت موسى الذي اعطاه الله علم كل شيء يعني عندك علم كثير واصطفاه الله على الناس برسالته. قال نعم. قال افتلوم على امر قد قدر علي قبل ان اخلق. فما قدره الله عز وجل من الخروج من الجنة. هذا امر مقدم فهذه مصيبة والمصائب لا يصح ان نحتج فيها بالقدر. وكما انه لا يصح ان نحتج على الذنوب والمعاصي اه القدر فلا يصح لنا ان نعترض على وقوع المصائب. لماذا؟ لان المصائب تقع على الانسان بقدر من الله عز وجل لا مناص للعبد عنها. ثم روى مالك عن زيد ابن ابي انيسة عن عبد الحميد ابن عبد الرحمن ابن زيد ابن انه اخبره عن مسلم ابن يسار الجهني ان عمر سئل عن هذه الاية واذا اخذ ربك من بني ادم من ظهورهم ذريتهم واشهدهم على انفسهم الست بربكم؟ قالوا بلى شهدنا ان تقولوا يوم القيامة انا كنا عن غافلين. وقد ورد في الحديث ان الله جل وعلا يري ادم عليه السلام ذريته كامثال آآ لعلنا نقف عند هذا وسنأتي ان شاء الله جل وعلا الى تفاصيل هذه القصة في يوم من قادم هذا والله اعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله واصحابه واتباعه وسلم تسليما كثيرا الى يوم الدين