بن مالك عن ابيه عن كعب الاحبار انه قال اذا احببتم ان تعلموا ما للعبد عند ربه يعني مكانة العبد عند الله عز عز وجل فانظروا ماذا يتبعه من حسن الثناء والان مع الدرس الثامن والتسعين الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين اما بعد وارحب بكم في هذا اللقاء الجديد من لقاءاتنا في قراءة كتاب الموطأ للامام ما لك بن انس امام دار الهجرة رحمه الله تعالى نقرأ فيه من كتاب حسن الخلق قال الامام مالك حدثني ابن شهاب روى مالك عن ابن شهاب عن علي ابن حسين ابن علي ابن ابي طالب ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من حسن اسلام المرء تركه ما لا يعنيه هذا اللفظ لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم باسناد صحيح انما رواه مالك باسناد مرسل وقد وصله الامام احمد عن علي بن الحسين عن ابيه رضي الله عنه وقوله تركه ما لا يعنيه يعني ان من حسن اسلام المرء ومن افضل درجات آآ درجات المؤمن في ايمانه ان يترك الامور التي لا يعنى بها. فلا يطلب منه عمل فيها وذلك ان العبد اذا اشتغل بما لا يعنيه ادى به ذلك الى ان يترك ما يتعلق به من الاعمال وما يعنيه منها وفيه دلالة على ان الناس يتفاوتون في درجة اسلامهم. وانهم ليسوا على درجة واحدة في ذلك قال مالك بلغني عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم انها قالت استأذن رجل على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عائشة وانا معه في البيت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بئس ابن العشيرة اي ان عنده من الخصال والصفات ما اه يذم من اجلها قال ثم اذن له فدخل عليه قالت عائشة فلم انشب ان سمعت ضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم معه فيه جواز الضحك وخصوصا اذا كان ذلك من اجل تألف الناس. قالت فلما خرج الرجل قلت يا رسول الله الله قلت فيه ما قلت يعني من قوله ابن العشيرة ثم لم تنشب ان ضحكت معه اي لم يمض وقت كثير حتى اصبحت تتضاحك معه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان من شر الناس من اتقاه الناس اي تخلقوا معه بخلق حسن من اجل ان يجتنبوا اخلاقه السيئة وافعاله الشريرة وفي هذا ان الانسان ينبغي به ان يداري اهل الشر لان لا يصل شرهم اليه. ثم روى مالك عن عمه ابي سهيل ابن وقد جاء في الحديث ان النبي صلى الله عليه وسلم مر عليه بجنازة فاثنوا عليها خيرا. فقال صلى الله عليه وسلم ام وجبت فسئل عن ذلك فقال هذه اثنيتم عليها خيرا فقلت وجبت وجبت منزلتها الطيبة عند الله عز وجل. وقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الثناء الحسن الذي يجده العبد في دنياه. فقال صلى الله عليه وسلم تلك عاجل بشرى المؤمن. لكن ينبغي ان نحذر من ان يقصد الانسان باعماله الصالحة حصوله على الثناء من الناس في الدنيا. فان هذا هو الرياء الذي نهت النصوص عنه. وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم انه الشرك الخفي ثم قال المؤلف رحمه الله عن يحيى بن سعيد انه قال بلغني ان المرء ليدرك بحسن خلقه درجة القائم بالليل الظامئ بالهواجر يعني ان صاحب الخلق الحسن يعطيه الله جل وعلا الاجر الكثير حتى يماثل اصحاب الاعمال الكثيرة المتتابعة من الصيام بالنهار والقيام بالليل وقد ورد مثل هذا المعنى باسانيد مختلفة متعددة يقوي بعضها بعضا. ثم روى عن يحيى بن سعيد قال سعيد ابن المسيب يقول الا اخبركم بخير من كثير من الصلاة والصدقة؟ قالوا بلى قال اصلاح ذات البين اي ان الاصلاح بين المتخاصمين عمل عظيم نافع فيه اجر كبير قد يكون اكثر اجرا وثواب ابى من صلاة النافلة ومن صدقة التطوع. وذلك ان اصلاح ذات البين وابعاد الخصومات من الناس يحصل به تألف القلوب واجتماع الناس فهو خير متعدي. فحصل الانسان به على اجر كثير. وقد الله عز وجل لا خير في كثير من نجواهم الا من امر بصدقة او معروف او اصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك كابتغاء مرضات الله فسوف نؤتيه اجرا عظيما وقد قال تعالى والصلح خير. ثم قال واياكم والبغضة. فانها هي الحالقة. اي ان البغضاء وان التعادي بين الناس عدم التآلف فيما بينهم هي الحالقة اي تحلق الاجر والثواب كما ورد ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم باسانيد فيها بعض كلام لاهل العلم قال مالك بلغني ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بعثت لاتمم حسن الاخلاق العرب كان عندهم اخلاق يسيرون عليها في حياتهم اخلاق طيبة وافعال حسنة من الكرم والرجولة جاعه ونحو ذلك ونصرة المظلوم وايواء من جاء طالبا للايواء. لكن عندهم بعض الاخلاق المذمومة المرذولة من مثل استنقاص الضعفاء ومن مثل آآ التعادي بين الناس واكل بعضهم لما لبعضهم الاخر فبعث النبي صلى الله عليه وسلم من اجل ان ينمي الاخلاق الطيبة وان يزيدها في الامة ومن اجل ان ينفي الاخلاق والسيئة التي كانت عندهم. ويجعل محلها اخلاقا فاضلة وكذلك من اوجه اتمام حسن الخلق ان النبي صلى الله عليه وسلم جعل حسن الخلق من اجل طاعة الله عز وجل. ومن اجل الحصول على مرضاته وليس على جهة المجازات والمقابلة. قال الامام مالك باب ما جاء في الحياء الحياء خلق فاضل. ينبعث من النفس فيردها عن الاخلاق السيئة. والافعال الدنيئة. ويجعلها على احسن الاخلاق والمناهج وهو على نوعين حياء من من المخلوقين فيستحي من الناس ان يروه على فعل رديء واخلاق سيئة واعظم منه الحياء من الله جل وعلا بحيث يستحي ان يراه الله على فعل مشين ثم روى مالك عن سلمة بن صفوان بن سلمة الزرقي عن زيد بن طلحة بن ركاعة بن ركانة ان النبي صلى الله عليه عليه وسلم قال لكل دين خلق وخلق الاسلام الحياء. زيد ابن طلحة التابعي فالخبر مرسل وهذا فيه فضيلة خلق الحياء قال ما لك عن ابن شهاب عن سالم عن ابن عمر ان رسول الله صلى الله عليه وسلم مر على رجل وهو يعظ اخاه في الحياء اي يأمره بان يترك الحياء. ويقول له بان الحياء جعلك تترك امورا نافعة لك في دنياك وفي اخرتك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم دعه اي اتركه ولا تأمره بترك الحياء فان الحياء من الايمان فان الحياء من الايمان. الايمان اعتقادات بالقلب واقوال باللسان وافعال بالجوارح والجنان. ولذلك فالحياء يشتمل على خصال كثيرة ولذلك فان الايمان يشتمل على خصال كثيرة اذ الايمان يشمل الاقوال والاعتقادات والافعال وليس خاصا بما في القلوب فقط. ولذلك دخل الحياء في مسمى الايمان والحياء والحياء منبعه ما في القلب ما في القلب من صفة ولكنه تظهر اثاره على بالافعال ولذلك دخل في مسمى الايمان والايمان له مسمى واجب وله زيادة وليس على وليس على درجة واحدة بل هو على درجات متفاوتة. ولذلك فان من نزع الحياء منه لا يعد قد نزع الايمان بالكلية منه وانما يقال نقص الايمان عنده بحسب ما فقد من الحياء. وقد جاء في الحديث ان النبي صلى الله عليه وسلم قال الحياء بضع وستون شعبة اعلاها قول لا اله الا الله وادناها الاذى عن الطريق والحياء شعبة من الايمان ثم قال المؤلف باب ما جاء في الغضب اي الاحاديث والاثار الواردة في الغضب ذما له ترغيبا في تركه ثم روى مالك عن ابن شهاب عن حميد ابن عبد الرحمن ابن عوف ان رجلا اتى الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله علمني كلمات اعيش بهن ولا تكثر علي فاني انسى. فيه التوجه الى اهل العلم والفضل من اجل اخذ الوصايا النافعة التي ينتفع الانسان منها في حياته واخرته. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا اغضب. وهذا الاسناد اسناد مرسل لكنه قد ثبت هذا المعنى عن النبي صلى الله عليه وسلم باسانيد متصلة صحيحة وقوله لا تغضب فيه اشكال. وذلك لان الغضب صفة ترد الى النفوس تعجز النفوس عن ردها فلا يتمالك الانسان نفسه في مسألة الغضب بحيث لا يتمكن من ترك الغضب او رده فبل الغضب يرد الى النفوس من غير ان تستأذنها. ولذلك فان المعنى في قوله لا تغضب يشتمل على اربعة معان. المعنى الاول ان يراد به ان يراد بقوله لا تغضب اجتنب. الاسباب التي تؤدي بك الى الغضب فكل امر يؤدي بك الى ان تغضب فاجتنبه ولا تقربه. والمعنى الثاني في قوله لا تغضب اي عود نفسك على الحلم والصبر والصفح عن زلات الاخرين بحيث يكون ذلك خلقا مداوما من معك فلا يرد الغضب اليك. والمعنى الثالث من قوله لا تغضب اي لا يجعل لا اي لا تترك الغضب آآ يجعلك تتصرف بتصرفات لا تعرف مآلاتها ولا عواقبها. بل اذا غضبت فامسك نفسك ولا تتصرف بالتصرفات التي قد تندم عليها. والمعنى الرابع في قوله لا تغضب اي اذا غضبت فتصرف وافعل الافعال التي تجعلك لا تتأثر بالغضب. من ذلك مثلا ان تتوضأ. من ذلك مثلا ان تستعيذ بالله من الشيطان الرجيم. من ذلك انك اذا كنت في الموطن الذي يستدعيك الى الغضب فاخرج منه وابحث عن مكان اخر. من ذلك اذا كنت جالسا اذا كنت قائما فاجلس. واذا كنت جالسا فاضطجع ونحو ذلك من الافعال والعلاجات التي تقي الانسان باذن الله عز وجل من اثار الغضب ثم روى مالك عن ابن شهاب عن سعيد ابن المسيب عن ابي هريرة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ليس الشديد بالصرعة انما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب. المراد بالصرعة الرجل الذي يتمكن منه صرع الاخرين والتغلب عليهم. فليس القوي الشديد هو الذي يغلب الناس وينتصر عليهم في المصارعة انما الشديد والقوي هو الذي يتمكن من ملك نفسه عند الغضب. بحيث لا تتصرف نفسه عند الغضب بتصرفات سيئة تعود عليه بالعاقبة السيئة. وفي هذا الحديث بيان ان الشريعة قد جاء بالامر بتغيير بعظ الصفات بتغيير بعظ المعاني لبعظ الاصطلاحات فان القوي والشديد هذه عبارات تستعملها العرب في معنى خاص فاراد الشارع ان ينقل العرب في مفاهيمهم وفي معاني مصطلحاتهم الى معنى جديد تصفو به حياتهم. وهذا قد ورد في نصوص اراد النبي صلى الله عليه وسلم ان يغير مفاهيم الناس فيها. من مثل ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم يقول ابن ادم مالي مالي وهل لك يا ابن وهل لك يا ابن وهل لك يا ابن ادم من مالك الا ما اكلت فافنيت او لبست فابليت او تصدقت فامضيت قال المؤلف باب ما جاء في المهاجرة الاصل في العلاقة بين اهل الاسلام انهم يتصافون ويتوادون وانه يرعى بعضهم بعضهم الاخر باخلاق فاضلة حتى يكونوا اخوة متحابين متعاونين على البر والتقوى. هذا هو اصل العلاقة بين اهل الاسلام ومن هنا جاءت الشريعة بتحريم ان يتدابر الناس وان يتقاطعوا وجاءت الشريعة هجران المسلم لاخيه. كما روى المؤلف عن ابن شهاب عن عطاء ابن يزيد الليثي عن ابي ايوب الانصاري ان رسول الله اي صلى الله عليه وسلم قال لا يحل لمسلم ان يهاجر اخاه فوق ثلاث ليال يلتقيان فيعرظ هذا ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام. في هذا الحديث تحريم الهجرة والمقاطعة فوق ثلاثة ايام وفيه وفي هذا الحديث ترغيب ان يسعى المتقاطعان الى الصلح بينهما ورفع هذه الهجرة هذا هو الاصل في باب الهجرة ان في باب المهاجرة والمقاطعة انها على التحريم والمنع الا انه يستثنى من ذلك ما لو اه كان هناك مصلحة للمهجور فيهجر من اجل ان يرتدع عن بعض اعماله كما هجر النبي صلى الله عليه وسلم واصحابه الثلاثة الذين خلفوا عن غزوة تبوك خلفوا في غزوة تبوك. وكذلك قد يهجر المرء من اجل انك تخشى من ان يعاديك وان ينقل اليك بعض الافعال والصفات التي تؤثر عليك في دينك. وهكذا قد يهجر الانسان من اجل ان نجتنب اغترار الاخرين به. وفي الحديث ان مهاجرة ومقاطعة الانسان لغيره اليوم واليومين جائز لانه قيد آآ التحريم بكونه فوق ثلاث ليال. وقوله لا يحل اي لا يجوز بل يحرم وقوله هنا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام فيه ان القوة والخيرية ليست بانفة الانسان مع من التواصل مع غيره. ثم روى مالك عن ابن شهاب عن انس ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا تباغظوا اي لا يبغظ بعظكم بعظكم الاخر. بحيث يود له السوء ويود مهاجرته ومقاطعته ولا تحاسدوا اي لا تتمنوا زوال النعم التي تكون عند غيركم. ولا تدابروا اي لا لا تقاطعوا وبحيث بحيث يولي بعضكم دبره لبعضكم الاخر. وكونوا عباد الله اخوانا اي تستشعرون الاخوة الايمانية بينكم. وهذا يشمل اهل المعاصي والذنوب. قال ولا لمسلم ان يهجر اخاه فوق ثلاث ليال. اسأل الله جل وعلا ان يوفقنا واياكم للخير وان يجعلنا واياكم من الهداة المهتدين هذا والله اعلم. وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله واصحابه واتباعه وسلم تسليما كثيرا الى يوم الدين