بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على افضل المرسلين خاتم النبيين وعلى اله واصحابه اجمعين ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين نبدأ بعون الله تعالى وتوفيقه الدرس الثالث من التعليق على كتاب ورقات امام الحرمين رحمه الله تعالى وقد وصلنا الى قوله واصول الفقه طرقه على سبيل الاجمال وكيفية الاستدلال بها تقدم ان اصول الفقه لفظ مركب اضافي فهو مركب من كلمتين هما اصول وفقه وان ما كان كذلك ينبغي ان يعرف باعتبارين ان يعرف باعتباره مركبا اضافيا فتعرف الاصول لغة واصطلاحا ويعرف الفقه لغة واصطلاحا وقد تقدم ذلك اما الاعتبار الثاني فهو ان يعرف باعتباره اصبح لقبا على فن من الفنون. ما هو معنى اصول الفقه بالمعنى اللقبي اي باعتباره علما على فن من الفنون وهذا هو الذي ذكره هنا بقوله واصول الفقه طرقه على سبيل الاجمال. اي اصول الفقه هي طرقه الاجمالية اي ادلته الاجمالية وكيفية الاستدلال بها اي ان تعرف طريق الاستدلال بها والادلة الاجمالية هي التي لا تعين مسألة جزئية بعينها وذلك كمطلق الامر والنهي وفعل النبي صلى الله عليه وسلم. فهذه ادلة اجمالية لانها لا تعين مسألة جزئية وينبغي ان يعلم ان الادلة الشرعية لها جهتان جهة اجمال وجهة تفصيل فلو مثلنا مثلا بقول الله تعالى اقم الصلاة فان هذا اللفظ ينظر فيه من جهتين احداهما اجمالية وهي كونه امراء بغض النظر عن الفعل الذي قد امر به المكلف فينظر حينئذ في هذا الامر هل هو للوجوب او الندب وهل يقع امتثاله بالمرة او انه يقتضي التكرار وهل هو للفور او التراخي وهل الامر به نهي عن ضده وهذا نظر اجمالي وهو محل نظر الاصول والنظر الثاني هو النظر التفصيلي وهو ان قوله تعالى اقم الصلاة امر له متعلق خاص وهو اقامة هذه الفريضة فالجهة الاولى وهي جهة الاجمالية هي النظر في الدليل من حيث هو دليل اجمالي هذا هو محل نظر الاصول والجهة الثانية وهي النظر في الدليل من جهة متعلقه الخاص هي جهة نور الفقيه والتغاير بين الجهتين تغاير اعتباري لا تغاير بالذات لان الاجمالية لا وجود له الا ضمن افراده التي لها متعلق خاص دليل الاجمالي لا يوجد الا ضمن افراده التي لها متعلق خاص فمثلا تمثل بقول الله تعالى اقم الصلاة للدليل لاجماله من جهة انها اه فعل امر يدل على الطلب على سبيل الوجوب هذه جهة اجمالية لكن اذا لكن لا يمكن ان تمثل او ان تجد مثالا فيه الدليل الاجمالي وليس فيه وليس له متعلق خاص فهما لا يتغايران بالذات وانما تغايرهما بالاعتبار اي من جهة الناحية التي يقع فيها منور فجهة نظري الاصول ليست هي جهة نظر الفقيه ثم قال وابواب اصول الفقه اقسام الكلام والامر والنهي والعام والخاص والمجمل والمبجل والظاهر والمؤول والافعال والناسخ والمنسوخ والاجماع والاخبار القياس والحور والاباحة وترتيب الادلة وصفة المفتي والمستفتي واحكام المجتهدين سرد هنا الابواب التي سيتحدث عنها في هذا العلم وذلك بحسب ترتيبه هو لها وذكره لها وان كان بينما ذكر بعض التداخل فمثلا الأفعال التي افردها بالذكر هي داخلة بالاخبار التي هي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ففعله داخل في خبره صلى الله عليه وسلم والمنهجية التي استقر عليها تقسيم المتأخرين من الاصوليين لهذا الفن انهم يقسمونه الى مقدمة وسبعة كتب يذكرون في المقدمة المباحث الضرورية المتعلقة بالاحكام وتقسيمها الى تكليفية ووضعية وبعض المسائل العقلية واللغوية مما يخلصون الى الكتاب الاول الذي عقدوه للقرآن الكريم ومباحث الالفاظ فجعلوا الكتاب الاول للقرآن الكريم وادخلوا معه مباحث الالفاظ لان القرآن الكريم محفوظ فالنظر فيه من جهة صحته ووروده ليس فيه بحث طويل فكملوه بمباحث الالفاظ وهي مباحث تتعلق بالدلالة يحتاج اليها في القرآن والسنة معا والكتاب الثاني في السنة والكتاب الثالث في الاجماع والكتاب الرابع في القياس والكتاب الخامس في الاستدلال وهو حصر جملة من الادلة من غير الادلة الاربعة المتفق عليها فيذكر فيها ما نوقش في استدلاله كقول الصحابي وكالاستصحاب والاستحسان وعمل اهل المدينة وسد الذرائع ونحو ذلك والكتاب السادس في التعادل والتراجيح اي في النظر عند تعارض الادلة الشرعية ما الذي يفعله المكلف حينئذ ما الذي يفعله المجتهد حينئذ ما الذي يفعله المجتهد والناظر في علم اصول الفقه اذا تعارضت عنده الادلة الشرعية والكتاب السابع بالاجتهاد والتقليد هذه هي المنهجية التي استقر عليها عمل المتأخرين من الاصوليين على اختلافهم في بعض الترتيبات من تقديم وتأخير ثم قال الكلام اقسامه وهذا في الحقيقة مبحث يذكر في علم النحو رسم الصميم علم اصول الفقه قال فاما اقسام الكلام فاقل ما يتركب منه الكلام اسمان او اسم وفعل او فعل وحرف او اسم وحرف الكلام هو اللفظ المفيد. قال واقل ما يتركب منه اسمعني كما اذا قلت زيد قائم هذا كلام مركب من اثنين من كلمتين او اسم وفعل كما يقول تقام زيد مثلا ثم قال او اسم وفعل ثم قال او فعل وحرف ذكر ان الكلام قد يتألف من فعل وحرف كما اذا قلت مثلا لم يقم ونحو ذلك ولكن هذا بالحقيقة معترض لان من ضرورة وجود الفعل وجود اذ كل فعل له فاعل فلا يتصور وجود فعل لا اسم معه لأن كل فعل له فاعل والفاعل اسم او اسم وحرف كيازيد وهذا ايضا معترض بان يا زيد على تقديري ادعو زيد فهناك فعل مقدر ولا يمكن ان يتألف الكلام من حرف واسم ولا من حرف وفعل ولذلك الصواب لو اقتصر على قوله فاقل ما يتركب منه الكلام اسمان او اسم وفعل لو اقتصر على هذا القدر لسلم من الاعتراض لان ما ذكره بعد ذلك معترض قال ابن ما لك رحمه الله تعالى في قصيدته الكبرى المسماة بالكافية الشافية وهو اي الكلام قال وهو من اسمين كزيد ذاهب واسم وفعل نحو فاز التائب اي انما يتألف الكلام من اسمين كما اذا قلت زيدون ذاهبون وسمين وفعلا او يتألف من اسم وفعل نحو فاز التائب ولا يتألف من سم وحرف ولام فعل وحرف ثم قال والكلام ينقسم الى امر ونهي وخبر واستخبار وينقسم ايضا الى تمني وعرض وقسم قسمت الكلام هنا باعتبار مدلوله الى جملة من الاقسام منها الامر وهو طلب الفعل. اقم الصلاة ومنها النهي هو طلب الترك لا تفعل ومنها الخبر وهو ما يحتمل الصدق والكذب مركب المحتمل للصدق والكذب ومنها الاستخبار وهو الاستفهام قال وينقسم ايضا الى تمن والتمني هو طلب ما لا طمع فيه او ما فيه عسر والى عرض والعرض هو الطلب برفق وما الطلب بازعاج والحاح فيسمى تحضيضا وقسم القسم معروف وهو الحلف وهذا التقسيم ليس محررا في الحقيقة فالذي استقر عليه رأي المحققين من البلاغيين والاصوليين ان الكلام باعتبار مدلوله ينقسم الى قسمين فقط وهما خبر وانشاء فان كان محتمل الصدق والكذب فهو خبر وان كان لا يحتمل الصدق ولا الكذب فهو ان شاء والانشاء ايقاع معنى بلفظ يقارنه في الوجود وهو ينقسم الى قسمين الى انشاء طلبي كالامر والنهي والدعاء تفهمي والرجاء تمني بالعرض والتحضيض فهذه كلها من اقسام لانشاء الطلب وانشاءه غير الطلبي وما كان غير محتمل بالصدق ولا الكذب وليس دالا على طلب ليس فيه طلب وذلك كصيغ التعجب وكصيغ انشاء العقود كقولك بعتك هذا اذا قصدت بهذا اللفظ انشاء البيع لا الاخبار فهذا انشاء غير طلبي فالتحرير ان الكلام ينقسم الى خبر وانشاء فقط قال السيوطي رحمه الله تعالى في الفيته في البلاغة محتمل للصدق والكذب الخبر وغيره الانشاء ولا ثالث قرن ثم قال ومن وجه اخر الى حقيقة ومجاز يعني ان الكلام ينقسم من وجه اخر الى حقيقة ومجاز فعرف الحقيقة بقوله فالحقيقة ما بقي في الاستعمال على موضوعه اي اللفظ الباقي على موضوعه الاول فيما استعمل ما استعمل فيه اولا وقيل ما استعمل فيما اصطلح عليه من المخاطبة. ما استعمله فيما اصطلح عليه الناس من المخاطب والمجاز ما تجوز به عن موضوعه اشتقاقه من الجواز المجاوزة يعني انه جاوز معناه الاصلي الى معنى اخر جاوز معناه الذي وضع له في الاصل الى معنى اخر والمجاز هو الكلمة المستعملة في غير ما وضعت له لعلاقة كما اذا استعملت الاسد في الرجل الجريء فانك حينئذ تستعمل الاسد في غير ما وضع له. ولكن لعلاقة بينهما هي الجراءة وكما اذا قلت زرت بحرا تعني رجلا كريما فانك استعملت كلمة البحر في غير ما وضعت له اصلا وذلك لعلاقة بينهما وهذه العلاقة ان كانت مشابهة سمي استعارة واذا كان مجازا مرسلا فالمجاز قسماني تعارة ومجاز مرسل لان العلاقة التي يبنى عليها التجوز في الكلام ان كانت مشابهة كان استعارة وان كانت غير مشابهة من العلائق الاخرى كالكلية والجزئية والسببية والمسببية والمحلية والمآل ونحو ذلك فهذه هذا يسمى المجازر المرسل ثم قسم الحقيقة فقال والحقيقة اما لغوية واما شرعية واما عرفية الحقيقة تنقسم الى ثلاثة اقسام لانها اما حقيقة لغوية وهي استعمال للري فيما وضع له اولا وذلك كالاسد للحيوان المفترس وكالرجل للذكر من الناس مثلا فهذا استعمال استعمال حقيقي وهذه حقيقة لغوية واما شرعية الحقيقة الشرعية هي الاسماء الشرعية التي جاء بها الشارع وهذه كلها منقولة من لغة العرب فمنها ما قصر على بعض مدلوله اللغوي ومنها ما استعمل استعمالا اعم من المدلول اللغوي الاصلي وهي كثيرة كالصلاة والصوم والزكاة والحج ونحو ذلك وكما ذكرنا منها ما قصره الشارع على بعض مدلوله اللغوي وذلك كالصيام فانه في اصل كلام العرب مطلق الامساك وقد قصر على بعض مدلوله على امساك خاص وهو الامساك عن شهوتي الفرج والبطن بوقت مخصوص بنية مخصوصة وكالحج فانه في كلام العرب يطلق على القصد وقصره الشارع على بعض القصد وهو قصد بيت الله الحرام في وقت مخصوص بنية مخصوصة وكالعمرة فهي في كلام العرب الزيارة وقصرها الشارع على زيارة مخصوصة على زيارة مكان مخصوص بنية مخصوصة ومنها ما هو عكس ذلك اي ما استعمله الشارع استعمالا اعم من مدلوله اللغوي وذلك كالصلاة فان الصلاة في كلام العرب الدعاء واستعملها الشارع استعمالا اعم من الدعاء بان الصلاة الشرعية تشتمل على الدعاء وتشتمل على غير الدعاء قال واما عرفية يعني انا الحقيقة قد تكون عرفية وهذا هو القسم الثالث والعرفية هي الحقيقة التي هي اصطلح عليه في عرف التخاطب مما هو مخالف للوضع اللغوي الاول وهي قسمان عرفية عامة وهي التي لم يتعين واضعها. كاطلاق الدابة على ذوات الاربع فهذا اطلاق عرفي لان المعنى اللغوي وهو الدابة الوضع اللغوي الاصلي يدخل فيها الانسان ويدخل فيها كل شيء يوصف بالدبيب سواء كان من ذوات الاربع او من غيرها الا ان الاستعمال العرفي خصصها بذوات الاربع فهي حقيقة عرفية عامة لعدم تعين وضعها لان الناس جميعا يتكلمون بها الحقيقة العرفية الخاصة هي التي تعين واضعها وذلك كاصطلاحات اهل الفنون كالفاعل عند اهل النحو والمرسل عند اهل الحديث والمجمل عند اهل الاصول فهذه حقائق عرفية خاصة لانها لا يستعملها كل الناس وانما يستعملها واضعوها وهم اهل كل فن من الفنون على حدة ثم قال والمجاز اما ان يكون بزيادة او نقصان او استعارة قسم البجازة هنا الى مجاز الزيادة ونقصان ومجاز نقل ومجاز استعارة والتحرير ان يقال ان المجاز اللغوي المقابل للحقيقة الذي عرفناه من قبل ينقسم الى مجاز مرسل واستعارة لانه لابد في التجوز من علاقة وهذه العلاقة ان كانت مشابهة فهو حينئذ استعاره والا فهو مجاز مرسل والمجاز المرسل ما كانت علاقته غير المشابهة كالجزئية في قولهم في تسميتهم الجاسوس عينا فالجاسوس سمي باسم جزءه وهو العين لانها اهم شيء فيه فهذا مجاز علاقته الجزئية او الكلية نحو قول الله تعالى يجعلون اصابعهم في اذانهم. والانسان انما يضع انملته لا اصبعه كاملا فعبر عن الجزء للكل وكالالة في قوله واجعل لي لسان صدق اي ثناء حسنا لان الثناء الحسن الته اللسان الى غير ذلك مما يذكر في علم البلاغة وفي مبسوطات علم الاصول ولا تسع المقام لسرد تلك العلاقات التي تنيف على عشرين واما ما عبر عنه المؤلف بمزاج بمجاز الزيادة والنقصان فهو في الحقيقة ليس من المجاز اللغوي المقابل للحقيقة وان كان انا اه بعض البلاغيين قد اطلق عليه اسم المجاز وهو ما تغير اعرابه لزيادة او نقص وهم ان اطلقوا عليه وان اطلقوا عليه اسم المجاز فليس داخلا في حد المجاز اللغوي المقابل للحقيقة قال السيوطي رحمه الله تعالى في الفيته في البلاغة قد يطلق المجاز فيما قدر اعرابه بزيد او حذف عرى ليس كمثله يريد المثل القرية يعني الاهل قد يطلق المجاز يعني ان هذا النوع قد يطلق عليه المجاز وهو في الحقيقة ليس من المجاز اللغوي المقابل للحقيقة قال والمجاز اما ان يكون بزيادة او نقصان او نقل او استعارة فمثل لمجاز الزيادة بقوله تعالى ليس كمثله فالكاف هنا آآ صلة لان اثباتها يقتضيه اثبات المهنية لله تعالى ومثلية الله تعالى مستحيلة في المعنى ليس مثله شيء ومنهم من قال ان المثل قد يطلق على الذات. فيقال مثلك لا يفعل كذا اي انت لا تفعله. وعليه ليس كمثله معناه ليس كهو شيء ومثل الجهاز النقصي بقوله تعالى واسأل القرية اسأل اهل القرية لان القرية في كلام العرب هي الابنية والابنية لا يتأتى سؤالها وقد ذكرنا ان هذا القسم هو مجاز الحذف والزيادة ما تغير اعرابه لزيادة او نقص آآ قد يطلقون عليه مجازا ولكنه ليس من المجاز اللغوي المقابل للحقيقة ثم قالوا المجاز من نقلي المجاز في النقل في الحقيقة هو نوع من المجاز المرسل لان النقل علاقة من علاقات المجاز المرسل ومثل له بالغائط فيما يخرج من الانسان الغائط في كلام العربي هو المكان المنخفض المطمئن من الارض وكانت الاعراب تقصده تسترا عند قضاء حاجتها. عند قضاء حاجة الانسان فاستعملوا الغائطة في الخارج نفسه وهذا مجاز مرسل علاقته المحلية فيه تعبير بالمحل وهو الغائط اي المكان عن الحال وهو الخارج النجس من الانسان فهذا ضرب من المجاز المرسلة علاقته المحلية. وقد ذكرنا ان هذه العلاقات تنيب على عشرين علاقات المجاز المرسل والمجاز بالاستعارة كقوله تعالى جدارا يريد ان ينقض فهذا فيه استعارة لانه مبني لان العلاقة فيه مبنية على التشبيه تاء اه شبه ميلانه و كونه اائلا الى السقوط بالذي له ارادة بحركة ما له ارادة مع ان الجدار ليست له ارادة فهذا من مجاز الاستعارة كما هو معلوم ونقتصر على هذا القدر ان شاء الله