بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على افضل المرسلين خاتم النبيين وعلى اله واصحابه اجمعين من تبعا باحسان الى يوم الدين رب يسر واعن برحمتك يا ارحم الراحمين نبدأ بعون الله تعالى وتوفيقه الدرس الخامس من التعليق على ورقات امام الحرمين باصول الفقه وقد وصلنا الى قوله تنبيه يدخل في خطاب الله تعالى المؤمنون يعني ان خطاب الله تعالى المتوجه الى المكلفين يدخل فيه المؤمنون وسيأتي الكلام على الكفار وفي بعض نسخ هذا الكتاب والنبي صلى الله عليه وسلم يدخل في خطاب الله تعالى للمؤمنين وهي مسألة مختلف فيها بين الاصوليين اذا قال الله تعالى يا ايها الذين امنوا هل يشمل ذلك النبي صلى الله عليه وسلم او لا يشمله والراجح انه يشمله ما لم يقم دليل على خلاف ذلك واما الساهي والصبي والمجنون فهم غير داخلين في الخطاب الساهي هو من قام به السهو والسهو هو الذهول عن المعلوم واما النسيان فهو امحاء المعلوم من الذاكرة اذا كان المعلوم قد انمحى من الذاكرة بحيث لم يعد الانسان يدركه بحافظته فهذا نسيان واذا كان المعلوم موجودا في ذهني ولكنه ذاهل عنه فهذا يسمى بالسهو وعلى كل حال فالسهو والنسيان معا لا تكليف معهما لانه يغيب معهما العلم والعلم شرط في التكليف لان تكليف الانسان بما لا يعلم تكليف له بما لا يطيق والله تعالى لا يكلف نفسا الا وسعها فمن سهى او نسي ثم تذكر بعد ذلك فانه لا اثم عليه ولكنه يطالب بالاعادة اذا تذكر كما قال النبي صلى الله عليه وسلم من نام عن صلاتنا ونسيها فليصلها متى ذكرها وقال صلى الله عليه وسلم ان الله تجاوز لي عن امتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه فعلة عدم تكليف الساهي والناسي هي غياب علمهما والتكليف من غير علم تكليف بما لا يطاق تكليف الانسان بما يغيب عن علمه تكليف بما لا يطاق قالوا اما الساهي والصبي والمجنون فهم غير داخلين في الخطاب الصبي هو غير البالغ وهو غير مكلف اي لا يجب عليه شيء ولا يحرم عليه شيء لان النبي صلى الله عليه وسلم قال رفع القلم عن ثلاث عن الصبي حتى يحتلم وعن النائم حتى يستيقظ وعن المجنون حتى يفيق فذكر الصبي الصبي لا تكليف عليه اي لا يجب عليه شيء ولا يحرم عليه شيء ورجح السادة المالكية انه مكلف بغير الواجب والحرام فالمأمورات في حقه مندوبات جميع والمنهجات في حقه مكروهات جميعا فاذا فعل شيئا من المأمورات ابت له الاجر واذا فعل شيئا من المنهجات لم يأثم لانهن مكروهات في حقه والمكروه لا اثم في تعاطيه واستدلوا على ان الصبي اهل لي لحصول الأجر بحديث المرأة التي رفعت للنبي صلى الله عليه وسلم ضبعي صبي في الحج فقالت يا رسول الله الهذا اجر قالت يا رسول الله الهذا حج؟ قال نعم ولك اجر فاثبت النبي صلى الله عليه وسلم للصبي حصول الاجر فعلم انه اهل لذلك والصبا مانع من التكليف كما قلنا بالواجبات والمحرمات اتفاقا وبغيرها ايضا عند الجمهور وكذا الجنون والجنون في العصر هو غياب العقل من اجل لمم الجن من اجل مس الجن ثم توسعوا في اطلاقه فاطلقوه على كل ذهاب للعقل فكل ذاهب العقل يسمى مجنونا سواء كان ذلك للمم الجن او لغير ذلك والصبا والجنون مانعاني من التكليف اي من الاحكام التكليفية كما بينا لكن لا يمنعان الحكم الوضعي غالبا فلذلك تلزم جنايات الاطفال والمجانين لانها من الاحكام الوضعية التي لا تتعلق لا تعلق لها بعقل ولا بلوغ فالمجنون اذا قتل لزمت الدية في ماله والصبي اذا قتل لزمت الدية بماله ايضا وهذا معنى قوله واما الساهي والصبي والمجنون فهم غير داخلين في الخطاب اي غير داخلين في الخطاب التكليفي بخلاف الوضع اما الساهي فلغياب علمه والتكليف بغير المعلوم تكليف بما لا يطاق واما الصبي والمجنون فدليل عدم تكليفهما حديث رفع القلم عن ثلاث وقد ذكرناه انفا والكفار مخاطبون بفروع الشريعة هذه المسألة يذكرها الاسطوريون في العصر مثالا لقاعدة خلافية عندهم وهي هل التكليف بالمشروط حال عدم الشرط يصح ام لا هل يمكن ان يكلف شخص بمشروط بامر مشروط حالة انعدام الشرط هل هذا يصح ام لا فهي مفروضة في خطاب الكفار بفروع الشريعة فالكفار من شرط عبادتهم اي صلاتهم وصومهم وحجهم ايمانهم والايمان غير موجود فهل يمكن ان يكلفوا بالمشروط الذي هو العبادة حال انعدام الشرط الذي هو الايمان والخلاف في المسألة مشهور وقد رجح خطابهم بفروع الشريعة فقال الكفار مخاطبون بفروع الشريعة وبما لا تصح الا به وهو الاسلام. ايه وهم مخاطبون اجماعا بالاسلام والخلاف انما هو في خطابهم بفروع الشريعة واستدل لخطابهم بفروع الشريعة بقول الله تعالى ما سلككم في سقر قالوا لم نك من المصلين ولم نك نطعم المسكين وكنا نخوض مع الخائضين وكنا نكذب بيوم الدين فعلقوا عذابهم ودخولهم للنار على جملة من الامور بعضها من الفروع كاقامة الصلاة واطعام المساكين وقيل الكفار غير مخاطبون بفروع الشريعة اذ لا تصح منهم لان اعمالهم مردودة عليهم وتكليفهم بها عبث وقيل المرتد مكلف بها دون الكافر الاصلي وقيل هم مكلفون بالنواهي دون المأمورات لان النهي متعلق في الترك والترك يصح بدون نية فيمكن منهم لكن يشكل على هذا التعديل ان بعض المأمورات لا تفتقروا في صحتها الى نية التقرب وذلك كاداء الامانات ورد الودائع وقضاء الديون ونفقة الزوجة ونحو ذلك من المأمورات التي لا تفتقر بصحتها الى نية التقرب ثم قال والامر بالشيء نهي عن ضده والنهي عن الشيء امر بضده قال ان الامر بالشيء نهي عن ضده والنهي عن الشيء امر بضده تلف الاصوليونها الامر بالشيء نهي عن ضده ام لا وجمهور الاصوليين على ان الامر بالشيء نهي عن ضده فاذا نهك الشارع عن شيء يحرم عليك التلبس بضده فانت مثلا مأمور بان تقوم بالصلاة لقول الله تعالى وقوموا لله قانتين فان قمت ثم جلست اثناء قيامك فقد تلبست بالضد فهل انت منهي عن هذا الضد الذي تلبست به لكونك مأمورا بالقيام ام ان الامر بالشيء ليس نهيا عن ضده الجمهور من الاصوليين على ان الامر بالشيء نهي عن ضده والدليل عليه ان القسمة العقلية تقتضي ان ضد المأمور به اما ان يكون مأمورا به او منهيا عنه او مباحا ويستحيل كونه ضد المأمور به مأمورا به لاستحالة الامر بالضدين ولا يصح ايضا كونه مباحا لان ذلك يقتضي جواز فعل ضده فتعين كونه منهيا عنه فالامر بالشيء نهي عن ضده الامر بالشيء نهي عن جميع اضضاده والنهي عن الشيء امر بواحد من اضضاده الامر بالشيء نهي عن جميع اضضاده. اذا قيل لك قف فقد نهيت عن الجلوس ونهيت عن الركوع ونهيت عن السجود ونهيت عن كل هيئة غير القيام فالامر بالشيء نهي عن جميع اضباطه والنهي عن الشيء امر بواحد من اضضاده اذا نهيت عن القيام فانت مأمور بواحد من اضداد القيم لك ان تجلس وان تضجع ان تأتي اي هيئة اخرى غير القيام ثم قال والنهي استدعاء الترك بالقول ممن هو دونه على سبيل الوجوب. النهي استدعاء طلب الترك بالقول صيغته قولية وهي لا تفعل ممن هو دونه اي بشرط الاستعلاء على سبيل الوجوب اي على سبيل الجزم فهو طلب للترك على سبيل الجزم والصواب حذف هذه العبارة نظير ما قلناه من قبل في الامر لان قوله على سبيل الوجوب اي على سبيل الجزم مخرج للنهي غير الجازم وهو الكراهة والواقع ان النهي تارة يكون جازما نحن لا تقتلوا اولادكم وتارة يكون غير جازم بان يكونوا بان يكون نهي كراهة كما في قوله صلى الله عليه وسلم اذا دخل احدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين فالنهي عن الجلوس من دون تحية المسجد هو نهي كراهة وليس نهي تحريم ثم قال ويدل على فساد المنهي عنه. يعني ان النهي يقتضي الفساد اذا نهى الشارع عن شيء دل ذلك على فساده اي ان النهي عن الفعلي يقتضي فساده وعدم الاعتداد به ومحل ذلك اذا كان قد نهي عنه لذاته كبيع الخنزير مثلا فهذا بيع فاسد لان الشارع قد نهى عنه لذاته او لوصفه اللازم كصوم يوم النحر لان من صام يوم النحر فقط صادف النهي الوارد عن صيام يوم النحر ولا يمكن ان تنفك جهة الامر هنا عن جهة النهي بانك اذا صمت يوم النحر قضاء مثلا فانك تشغل بالنهي نفس الزمني تشغل بالامر نفس الزمن الذي نهيت عن صيامه والزمان لا يصح فيهم فكاك الجهة اذا صمت مثلا يوم العيد قضاء ليوم من رمضان فلا يمكن ان نقول انك من جهة القضائي قد فعلت ما امرت به ومن جهة الصيام صيام يوم العيد قد انتهكت ما نهيت عنه وان الجهة منفكة الجهة ليست منفكة هنا لان عين الزمان الذي تشغله انت بالقضاء هو عين الزمان الذي نهيت عن صيامه فالانفكاك في هذا ولذلك هو باطل عند الجمهور اما اذا انفكت الجهة فالجمهور يجيزون ذلك وهي مسألة الصلاة في الدار المغصوبة وهي التي يسمونها الواحد بالشخص له جهتان ومن امثلتها صلاة الرجل وهو يلبس ثوب الحرير فان لبس ثوب الحرير يمكن ان يوجد منفكا عن الصلاة والصلاة يمكن ان توجد منفكة عن لبس الحرير فاذا اجتمع كانت الجهة منفكة اذا صلى الرجل وهو يلبس الحرير فصلاته صحيحة ولكنه عاص من جهة لبسه للحرير فالجهة هنا منفكة بخلاف ما تقدم من صوم يوم العيد فانه لا يتصور فيه انفكاك الجهة لان عين الزمن الذي يشغل الذي يشغله المكلف بما يراه طاعة هو عينه عين الزمن الذي نهي عن صيامه والازمنة لا تصوروا فيها انفكاك لجهة بخلاف غيرها كما مثلنا وكالامكنة فانها يتصور فيها انفكاك الجهة فالصلاة مثلا في معاطن الابل صلاة صحيحة وان كان قد نهي عنها لان جهة النهي مفكة عن جهة الامر اذا النهي عن الفعل يقتضي فساده وعدم الاعتداد به ومحل ذلك اذا نهي عنه لذاته كبيع الخنزير او لوصفه اللازم كصوم يوم النحر اعراضا عن ضيافة الله سبحانه وتعالى لا اذا كان لامر خارج غير ملازم جهة الامر عن النهي حين اذ وذلك كالصلاة في ثوب الحرير وهذا القسم هو الذي يعبرون عنه بقولهم الواحد بالشخص له جهتان ويسمونه مسألة الصلاة في الدار المغصوبة لان هذا المثال هو اشهر مثال فرضت فيه هذه المسألة فالمصلي في مكان اغتصبه عاص من جهة العصر ممتثل من جهة كونه فعل الصلاة والجهة منفكة لان الصلاة توجد بدون غصب والغصب يوجد بدون صلاة فاذا صلى في مكان غصبه فانه فعل مأمورا به على كونه متلبسا بمنهي عنه فتصح صلاته ولكن الجمهور على انه لا اجر له ولا تنافي بين الصحة بمعنى سقوط القضاء وبين عدم حصول الاجر فمن منع الزكاة فاخذت منه قصرا فانها تصح وتجزئه ولكن لا اجر له فقد يصح الشيء بحيث يسقط قضاؤه ولا يكون له اجر كما مثلنا في مسألة الزكاة وقد مثل الشيخ سيدي عبد الله رحمه الله تعالى في المراقي لانفكاك الجهة بجملة من الامثلة لقوله مثل الصلاة في الحرير والذهب او في مكان الغصب والوضوء انقلب ومعطن ومنهج ومقبرة كنيسة وذي حميم مجزرة ونقتصر على هذا القدر ان شاء الله. سبحانك اللهم وبحمدك نشهد ان لا اله الا انت نستغفرك ونتوب اليك