الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على اشرف المرسلين محمد بن عبد الله وعلى اله وصحبه وسلم تسليما كثيرا اما بعد فكما قدمنا في المحاضرة السابقة ان هناك اشياء كثيرة قدمناها ولذلك سنقرأ الكتاب الا فيما يكون جديدا نستطرق له يقول الشيخ رحمه الله وأدت اليقظة او كادت اليقظة التي قصدها الشيخ التي قامت بالخمسة الذين ذكرهم كالزبيد والبغدادي والشيخ محمد بن عبد الوهاب والشوكاني نعم فهؤلاء الخمسة لما ذكرهم الشيخ ذكر انهم لو كان ثم جهد وانتباه لا وصلنا الى النهضة التي وصلت اليها آآ الديار الاوروبية. يقول الشيخ وئدت اليقظة او كادت وخربت ديارها او كادت. واستأصلت شأفة ابنائها او كادت واقتلعت اسبابها بالسطو او كادت والحمد لله على نعماء الحملة الفرنسية التي كان سفاحها المبين المتحضر ينوي ان ينشئ لبقايا السيف والتدمير من ابناء القاهرة العتيقة المهدمة قاهرة يستمتعون فيها بجمالها وفنونها ومسارحها وملاهيها وقصورها ومتنزهاتها. ويتبخترون في شوارعها خدما فارهين الاحرار ابناء الحرية والاخاء والمساواة. طبعا الشيخ هنا يتهكم بمن مدحه اه الثورة الحملة الفرنسية. ليقول لقد شغلتني قصة وأد اليقظة وقصة الخراب والتدمير وقصة سطو الدنيء شغلتني عن نذالة هذا السفاح الصليبي المبين وما من بشاعة سفحه سفحه الدماء في القاهرة واوامره الى قواده في الاقاليم ان يوغلوا في سفك دماء الترك اي المسلمون المسلمين المصريين وان يتشبهوا به اذ يقتلوا في القاهرة وحدها كل يوم خمسة او ستة. ويأمر ان يطاف برؤوس في شوارع القاهرة ويقول هذي هي الطريقة الوحيدة لاخضاع هؤلاء الناس. وعليكم ان توجهوا عنايتكم لتجريد البلاد قاطبة من السلاح الان محمود شاكر سيقتبس فيما يستقبل من الرسائل التي كان يبعثها اه نابليون بانابرت الى قواده. لاحظ امر واحد انه كان يقتل في اليوم من المصريين خمسة او ستة لعمل الارهاب الامر الثاني يجب على الحملة ان تسعى بين البيوت وداخل البيوت لتجريد الناس من السلاح حتى يكون المقاومة ضعيفة جدا في قصة طويلة فظيعة ليس لها شبيه هي افظع من بلايا جنجيز خان وشغلتني ايضا عن جهاز الاستشراق وهو الجهاز المستكن في احشاء جهاز الاستعمار وجهاز التبشير يربأ لهما ويهديهما الطريق. يربأ يراقب من مكان عال يتطلع يربأ بمعنى يتجسس ولولاه لاستبهمت عليهم المسالك وهام في اودية الضلال كان هذا الجهاز الخبيث المتخفي في عباءة العلم والبحث قد اكتسب خبرة واسعة جدا بديار الاسلام واهلها وسكانها منذ انساحة في قلب دار الاسلام في تركيا وهو يدب مستخفيا في ارجائها ثم في الشام ومصر وجوف افريقيا وممالكها المسلمة طبعا افريقيا كانت من الشمال الى تقريبا نصفها كانت خاضعة للاسلام ومنذ مقامه في دار الاسلام في الهند اكثر من مئة وخمسين سنة في ظل الشركتين الكبيرتين شركة الهند الشرقية البريطانية وشركة الهند الشرقية الفرنسية وغيرهما من شركات دول المسيحية الشمالية. كانت خبرة متغلغلة بجماهير الامة مجتمعة في بطوائفها ثم بطوائفها المختلفة ثم بافراد رجال باعينهم واحدا واحدا معروف الاسم والمكان والحركة كانت خبرة بمواطن الضعف والقوة وبمكامن الهوى والميال الذي يستجيب والارادة المصممة التي تمتنع عن الاستجابة اي كانت خبرة مدروسة منظمة واضحة المعالم في ذهن الاستشراق الان محمود شاكر جلس ينشئ لنا دور الاستشراق سيأتي بعد قليل ان الاستشراق كان قد عرف من خبايا الناس ما ما يحتاجه المستعمل. سنرى بعد قليل كيف هذا ومع تطاول السنين عليهم اكتسب لنفسه اعوانا من اليهود وشذاذ الافاق من اهل دار الاسلام وغير دار الاسلام يستأجرهم لتوسيع رقعة خبرته تارة ولبث افكار مدروسة بين جماهير دار الاسلام خاصتها وعمتها وللتحكم في تصريف اموره وبلوغ غاياته تارة اخرى. ثم للتمكن من اشعال نار الفتنة حتى يقتضي الامر احداث فتنة تفرق شمل الناس وتمزقهم وتشغلهم عن كيد عن الكيد الخفي الذي يراد بهم كل هذا كان يتم في هدوء وصبر وتستر. اذا محمود شاكر يعلق هنا يقول الاستشراق ليست مهنة علمية هي محنة استعمارية. فاذا لابد ان ان يتحلى بماذا؟ بهدوء وصبر وتستر. ومن وراء الغفلة غفلة اهل دار الاسلام عن زور قضيتهم وعن حقيقة هذه الاشباح الغريبة التي تتجول في طرقات والشوارع في كل زي الاستشراق كيف يأتي؟ قال زي التاجر وزي السائح وزي الباحث المنقب وزي العالم الذي لا يشغله شيء غير العلم. وزي المسلم الذي رضي بالله ربا وبالاسلام فالحملة الصليبية الفرنسية التي استجابت لنذير الاستشراق كان الاستشراق مستكنا في احشائها واحشاء قائدها عظيم نابليون. يرشده الاستشراق ويهديه وهي لم تقدم على اختراق دار الاسلام في مصر الا وهي مزودة هذا الذي قصدناه لاحظ الا وهي مزودة بادق التفاصيل عن هذه الارض وسكانها ومداخلها ومخارجها ومشايخها وعلمائها وعمتها وسوقتها ونسائها ورجالها وجيشها وشعبها. جاءت ومعها الدجالون العتاة علماء الحملة الفرنسية. ومستشرقوها ورائها واعوانها من اليهود وشذاذ الافاق وكلهم يد واحدة على احداث انبهار مفاجئ يصدم وعي الشعب خاصته ولا شك عندي ان هؤلاء الخمسة او الستة هم من طلاب العلم في الازهر ومن المحرضين على مقاومة هذا الغاز المنتهك لحرمة دار الاسلام. وان الاستشراق هو الذي كان يقدمهم لهذا الجزار المشمعل عامة صدمة تذهل عن المكر المستور المفضي الى تدمير رح المقاومة. او اضعافها اضعافا يتيح للغزاة تثبيت في الارض والسيطرة عليها سيطرة كاملة. وهذه ينظرها الانسان عندما يدخل الاستعمار الى ارض يجد صعوبة في احوال كثيرة. اما الحملات التي قادها البريطاني والفرنسيين يجد انهم دخلوا كأنهم يعرفون كل شيء فيها فمكنوا من لانفسهم بطريقة يذهل منها الانسان وهذا يفسره محمود شاكر حتى لا تدع للمقاومة طريقا الا طريق الاستسلام العاجز للمصير المظلم. مصير معتم لا يستفيق الشعب الا وهو مرتكس في ظلمائه عاجزا غير قادر على طلب المخرج من ظلماته المدلهمة في قاهرة جديدة زاهرة زاهية الالوان قامت على انقاض قاهرة قديمة مدمرة غابت في قتامي الذكريات كان اول الطريق الى هذا المصير المظلم انشاء الديوان فكرة الدول دائما تنشئ حكومة تزعم ان هذه الحكومة تمثل الشعب. هذي لازم اول فكرة كان اول الطريق الى هذا المصير المظلم انشاء الديوان وليس يعنيني هنا من امره شيء الا خبوءه المدفون الا خبؤه المدفون فيه والخدعة التي ينطوي عليها فيما تصوره الاستشراق وهذا الديوان. لاحظ امر بانشائه نابليون منذ اول يوم دخل فيه القاهرة يعني في العاشر من صفر سيأتي الان محمود شاكر سيشرح. في العاشر من صفر سنة ثلاثة عشر ومائتين والف. يوافق اربعة وعشرين يوليه سنة ثمان وتسعين وسبعمئة وذكر في امر انشاء اسماء مشايخ باعيانهم يتكون منهم الديوان وهذا الذكر المفاجئ وحده دليل على ان الامر كان معدا اعدادا كاملا قبل ان تطأ قدمه ارض مصر وان الاسماء قد اختيرت بعد تدبير محكم ودراسة قام بها الاستشراق واعوانه منذ فكر في شن الحملة على مصر وقاعدة اختياره ان يكونوا من اعيان البلاد الذين امتازوا بمركزهم العلم وكفايتهم وطريقة استقبالهم للفرنسيس ومعنى ذلك انه يريد ان يودع سلطة الحكومة الظاهرة المموهة في يد فئة ذات هيبة عند الناس. وان يكونوا جميعا ممن يمكن ان يستجيبوا بشكل ما استجابة تدين بالولاء لجيشه الغازي ليروض بهم قوى المقاومة ويخدعهم ويفت في عضدها وهذا شيء لا يقدم على مثله بهذه السرعة الا بعد خبرة سابقة باصحاب هذه الاسماء وبمواطن ضعفهم التي التي تقعد بهم عن المقاومة وتسول لهم ان يحسنوا استقبال الفرنسيين الذين لاحظ لاننا سنذكر بعد قليل ان هذه الاسماء بذاتها كان لها حدث قبل حضور الفرنسيين الذين انتهكوا حرمة ديارهم واوطانهم ولا سبيل لمعرفة ذلك كله الا عن طريق جهاز مدرب قد طال عهده باختبار الناس وتقصي احواله من قريب وهذا الجهاز هو جهاز الاستشراق الذي كان يعرف لغة اهل البلاد والذين كان يتجول في الارض المصرية من قبل ويلبس لاهلها كل زي. كما حدثتك انفا. وكل المنشورات التي كان اصدرها هذا الميكا فيلي لتلقى وتذاع على المصريين منذ اول دخوله الى ارض مصر تدل صياغتها على ان صاحبها وصاحب مضمونة له خبرة طويلة الفاظ اهل الاسلام طبعا كيف تعرف الامر؟ تعرفه دائما من صياغته يعني مثلا لو ان انسان كتب رسالة في علم النحو كيف تعرف ان هذا عالم؟ عندما يستخدم الفاظ النحاة في مواطنها متى تعرف انه دعي عندما يكتب في النحو في غير مواطن اهلها. فهنا تعرف الدعي من غيره. فنابليون بونابرت لما كان يكتب لم تكن كلامه ساذجا بل كان عميقا دقيقا يقول وبعقائدهم ومشاعرهم فبين ان صاحبه هو الاستشراق لا غير وهو يظن انه قادر بتمويه ومكرهه ومداهنته انه بهذه الصغائر سخيفة قادر على ان يخدع امة كاملة عن قتال عدوها الغازي فكان رد الامة على هذا الخداع السخيف والتمويه الساذج بالفاظ اهل الاسلام ثم على خديعة الديوان الفاضح واندلاع الثورات في اقاليم الوجه البحري والصعيد واكبر ثورة القاهرة واحيائها في يوم السبت العاشر من جمادى الاولى سنة ثلاثة عشر ومئتين والف اه في الواحد والعشرين من اكتوبر سنة ثمان وتسعين وسبعمائة والف. اي بعد ثلاثة اشهر من تدنيس نابليون ارض دار الاسلام بجحافله وعدده فارتكب في قمعها من القسوة والتدمير وذبح الرجال والنساء ايضا وسفح الدماء الغزيرة ما ارتكب ولكنه نذر واوفى بنذره ان يزيد فيضحي عند مشرق كل شمس بخمسة او ستة تقطع رؤوسهم ويطاف بها في انحاء القاهرة كما اسلفت اي السريع النشط وانه كان يتخيرهم له. لانه كان على معرفة سابقة بهم. وانه كان من الطلبة النابهين انهم كانوا من الطلبة النابهين من ورثة الجبرت الكبير والزبيدي. اي انهم كانوا من طلائع اليقظة التي جاءت الحملة الفرنسية قبل كل شيء لوأدها في مهدها. والا فحدثني. ما كان معنى اختصاص خمسة او ست او ستة بالذبح عند عند مشرق كل شمس وهذا هو وجنوده يعيثون في الارض ويذبحون المئات من صناديد المقاومة مغاوير ثورة القاهرة. ورحم الله الجبرتي المؤرخ فانه او سقط عنه في كتابه ان يقيد لنا اسماء القتلة او اسف. اسماء القتلى وصفاتهم واسماء هذه الذبائح التي كان يضحى بها جزار القاهرة لعل له عذرا وانت تلوم كان الاستشراق كاملا في احشاء نابليون هو الذي يوجهه ويلقنه ويدربه على اساليب المداهنة التي يظن انها تروج على اهل دار الاسلام. وكان رأس الاستشراق في حملة الفرنسية هو فان تور المستشرق الداهية المحنك المتستر الخفي الوطئ كان خليل نابليون ونجيه الذي لا يفارقه في الحل والترحال فهو الذي اوحى اليه ما اوحى. واوهمه ان تدجين المشايخ من رجال الازهر في الديوان التجين الاستئناس من قولهم داج لكل ما يألف البيوت من طائر او بهيمة مستأنسة ضمان كاف لكسب ثقة جماهير دار الاسلام في مصر. حتى تستكين له وتخضع وظل هذا الوحي الجاهل الساذج. كاملا في احشاء الجزار ولم تعظه ثورة القاهرة والاقاليم بعد ثلاثة اشهر من مجيئه. ولا وعظته هزيمته في عكا فانه بعد فراغه بنفسه من مصير محتوم كما اسلفت كتب رسالته الى كليبر كبش الفدائي يقول له فيها. الان انتبه الى الصياغة التي كتبها نابليون وانظر الى تحقيقها فيما سيأتي يجب ان تحذر روح التعصب وتنومها الى ان تتمكن من استئصالها اذ حزت ثقة كبار مشايخ القاهرة فانك تجمع حولك افكار مصر باجمعها. وافكار كل كل زعيم من ماء الشعر لا شيء اقل خطرا من المشايخ الذين يرهبون القتال ولا يعرفون طرقه. ولكنهم مثل القسيسين يوحون بالتعصب دون ان يكونوا هم انفسهم متعصبين لاحظ عبارة عجيبة اولا روح التعصب يجب قتله اللي هي المقاومة ثانيا اذا حزت كبار المشايخ لابد ان تكون لهم صفة اولا انهم موثوق بهم انهم يخافون الحرب لك وين اين المشكلة؟ المشكلة ان هؤلاء وان كانوا لا يحبون الحرب الا انهم يدعون الناس الى الحق فانظر الى العبارة كيف كتبت ومسكين هذا الجزار فان تدجين المشايخ الكبار في الديوان لم يمنع الثورة ان تقام ان تقوم وذلك لان المشايخ الكبار لهم عند عامة المسلمين هيبة العلم وطاعتهم واجبة علينا فيما هو طاعة لله ولرسوله ولكن هيبة العلم ليست بمانعة جماهير الامة من عصيانهم وترك طاعتهم اذ هم خالفوا صريح اوامر الله واوامر رسوله رسوله صلى الله عليه وسلم بقتال الغزاة لدار الاسلام فان قتال الغزاة عند المسلمين واجب وفرض عين على كل قادر على القتال الا في حالة واحدة. الا ان يخافوا ان يستلمهم العدو لقلة عددهم وكثرة عدد العدو اصطلمهم العدو استأصل شأفتهم وابادهم. فجائز عندئذ ان يلقوا اليهم السلم. القى اليه السلم استسلم له وصالح. بيد ان في قتالهم الشهادة وهي احدى الحسنيين الحسنيان النصر او الشهادة. وفي حالة هذا الجزار ان جيشه قلة فاجرة تغزو كثرة مسالمة تفرق عنها حماتها من جيش المماليك فصار واجبا على الكثرة ان تقاتل هذه القلة بكل سلاح ما استطاعت اليه سبيلا. فلذلك لم تستمتع الامة عامتها وخاصتها كيخل مدجنين في الديوان لمهادنة الغاز واستمعت لصغار طلبة العلم في الازهر الذين رفضوا نصيحة المشايخ الكبار بمهادنة الفرنسيين فعلا هي قاعدة عندما يتخلى الكبار عن دورهم يأتي الصغار فيقومون مقام الكبار هذه قاعدة في الحياة رفضوها طاعة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم. وقام ثورة القاهرة والاقاليم موقف المشايخ الكبار له تفسير ليس هذا مكانه الان ولكنهم ضعفوا وجبنوا واخطوا على كل حال وارجح ان هذا الجزار وشيطانه المستشرق فانتور لم تنفعهم عظة ثورة القاهرة وهزيمة عكا. لان غباء الاستشراق وغطرسته وتعاليه لم تمكنهما من فهم هذه الحقيقة التي دلت الثورة الجامحة التي هددت مصير الحملة الفرنسية وهددته تحديدا ظاهرا ادى الى ان يلوذ جزارها بالفرار تاركا مصير حملته وخليفته كليبر للمقادير تقضي فيهما قضاءها. لم يفهم هذان العلجان العلج الرجل الشديد من العجب هذه الحقيقة على صورتها الصحيحة. فسمياها تعصبا. مع انها احدى البدائل المسلمة. لان دفع عدوان الغاز وكراهية حق طبيعي لكل جماعة من البشر يغزوها غاز في عقر دارها بديهة مسلمة بلا ريب واخطأ ايضا في تشبيه مشايخ دار الاسلام بالقسيسين في دار المسيحية الشمالية لان المشايخ لا حرية لهم وراء الكتاب والسنة. والامة كلها مطالبة ان تحاكمهم بما يوجبه الكتاب والسنة اما القسيسون فاليهم وحدهم الحكم المطلق بارائهم. ليس لاحد من رعاياهم ان يسألهم وليس في ايدي رعاياها شيء يحاكمونهم اليه. انما هي الطاعة المصمتة لحكم الرهبان والقسيسين وهذا فرق ظاهر بين رعايا الاسلام ورعايا المسيحية لا يعمى عنها الا مستشرق وجزاء ايقن الجزار وشيطانه فانتور ان تجهين المشايخ الكبار في الديوان قليلة جدواها فيما كان يأملان من طاعة الجماهير وخضوعها ومهادنتها للغزاة ارقتهم خيبة الامل في تدشين المشايخ فلما خرج الى سوريا لتدويخها وطال وطال حصار عكا وايقن باخرة ان دائرة الدائرة ستدور عليهما وعلى جيشهما ايقنا ايضا ان محاولة اختراق دار الاسلام بالسلاح كانت سلة لا تقال عثارها. احنا قدمنا في الدروس الماضية ان الاستشراق حاول جاهدا الا يستخدم السلاح اذا ولكن لا سبيل للتراجع. وكل الدلائل كانت تدل على ان دار الاسلام في مصر بعد تمزق جيش المماليك المصرية وهم حماة مصر قد بدأت تخرج من غمار الجماهير المصرية جيشا جديدا قادرا على الفتك بالحملة القليلة العدد وان كانت مزودة باحسن العدد ومع ذلك لم يسأل لم ييأس الجزار المغرور ان تجري المقادير على وفق اماله وعسى ولعل. فربما كانت الغلبة لهذه القلة المزودة بما ليس في ايدي الجماهير الكثيفة مثله من سلاح متفوق. عسى ولعل وبيت النية على هذا الامل وبحث عن وسيلة اخرى يقدران ان تكون ابلغ اثره واجدى في السيطرة على الجماهير الكثيرة وانتهى حصار عك بالهزيمة الفادحة. وتخلى عن الجزار شيطانه. وهلك فانتور فيمن هلك من قواده وعلمائه ومستشرقيه والالاف من جنده الغزاة وعاد الى مصر كاسف البال ثم رحل عنها بعد قليل الى فرنسا ناجيا بحشاشة نفسه من مصير كان كأنه يراه ماثلا معايا انا ولما يكد يستقر حتى ارسل الى كليبر خليفته على مصر. لاحظ رسالة طويلة متفاوتة مضطربة عجيبة الاضطراب ليسكن روعة ليبر ويسدد خطاه في سياسته في مصر والذي يهمني هنا من هذه الرسالة وقد اقتبست منها انفا ما جاء في خواتيمها وهو قوله لكليبر طبعا يقول الشيخ هذا النص من ترجمة حافظ عوض ستظهر السفن الحربية الفرنسية بلا ريب في هذا الشتاء امام الاسكندرية او البرسل او دمياط. يجب ان تبني برجا في البرسل اجتهد في جمع هذي اخطر عملية اجتهد في جمع خمس مئة وست مئة شخص من المماليك حتى متى لاحت السفن الفرنسية تقبض عليهم في القاهرة او الارياف وتسافرهم الى فرنسا واذا لم تجد عددا كافيا من المماليك فاستعظ عنهم برهائن من العرب ومشايخ البلدان فاذا ما وصل هؤلاء الى فرنسا يحجزون مدة سنة او سنتين. يشاهدون في اثناء عظمة الامة الفرنسية. ويعتادون على تقاليدنا ولغتنا ولما يعودون الى مصر يكون لنا منهم حزب ينضم اليه غيرهم كنت كنت قد طلبت مرارا جوقة تمثيلية وساتم اهتماما خاصا بارسالها لك لانها ضرورة للجيش وللبدء في تغيير تقاليد البلاد فيها وليس النص الفرنسي بين يدي الان ولكني ارى في اولهما الامانة وسلامة الطوية وفي ثانيهما ترك الامانة النية على نزع سم العبارة اكراما لنابليون العظيم. مع ان كل الرجلين في كتابيهما كان كاتبا مدجنا وقبل كل شيء ينبغي ان اقطع سياق الكلام ليقف بك على ضرب شنيع من ضروب فساد حياتنا الادبية وتلوثها بالاهواء الغالبة التي ستخفى ثم تستهين بعقلي وعقلك. واول من وقف على هذه الرسالة احمد حافظ عوض في كتابه فتح مصر الحديث. فقط لاحظ الان شوف شوف الانسان عندما يخدع وهذا الكتاب يعني الرسالة محفوظ بالنص الاصلي في وزارة الحربية الفرنسية وثيقة نمرة اربعة الاف وثلاث مئة واربعة وسبعين. ولامن باهمية هذا الخطاب وعدم وجود اثر له في اللغة العربية رأينا ان نأتي على تعريبه بدقة واتقان. ثم ساق نص الرسالة وكتب احمد حافظ عوض المنشور في سنة خمس وعشرين وتسعمائة والف فجاء الرافعي غفر الله له ذنوبه في ديسمبر سنة تسع وعشرين وتسعمئة والف فذكرها في كتاب تاريخ الحركة القومية اي بعد اربع سنوات فقال اما رسالتي نابليون الى الجنرال كليبر فهي وثيقة على جانب عظيم من الاهمية كتبها بامعان وتفكير وهي رسالة مطولة اشبه بتقرير وافي. لذلك رأينا ان نعربها مع شيء من الشرح والبيان. الان شوفوا الاختلاف والقى ذكر احمد حافظ عوض وكتابه وترجمته مع انه يعرف الكتاب وصاحبه بلا شك عندي انا خاصة واستأنف للرسالة واستأنف للرسالة ترجمة جديدة ولم يسقها متكاملة بل بعثرها وقطعها وجزأها في نحو خمس صفحات من كتابه استنادا الى ما سماه شرحا وبيانا. فلما جاء عند النص الذي نقلته لك انفا قال ما يأتي وتعرض في الرسالة الى مشروعات استعمارية ومسائل ثانوية لم يفته التفكير فيها في تلك الاوقات العصيبة. فاوصاه باعتقال خمسمائة وستمائة من المماليك او من رهائن العرب مشايخ البلدان العمد وارسالهم الى فرنسا في حالة استئناف المواصلات البحرية ليبقوا بها سنة او سنتين. وغايتنابليون من ذلك ان يروا عظمة الامة فرنسية ويقتبس عاداتنا وافكارنا واخلاقنا ولغتنا ويعود الى مصر فينشر هذه المقتبسات بين مواطنيهم. ثم وعد الجنرال كليب بان يرسل له فرقة من الممثلين كان قد اوصى عليها من قبل لتسد حاجة الجيش ولتألف البلاد شيئا جديدا من العادات الغربية. الان لاحظنا الفرق بين النصين نص احمد حافظ عوض نقله كما هو لم يتصرف به الذي فعله الرافعي وهو صاحب كتاب تاريخ الحركة القومية جعل الرسالة مدحا والمفروض ان ينقلها كما هي ويعلق كما يريد نابليون والاختلاف بين بين النصين بين جيد حاسب والاختلاف بين النصين بين جدا ودلالة احدهما غير دلالة الاخر ومعناه غير معناه. فرق بين يعتادون على تقاليدنا ولغتنا ولما يعودون الى مصر يكون لنا منهم حزب بن يضم اليهم اخرين وبين يقتبسون عاداتنا وافكارنا واخلاقنا ويعود الى مصر فينشروا هذه المقتبسات بين مواطنيهم لان الاول ترجمة حافظ دال على انه يريد ان يستفسدهم ويبهرهم ويعدهم ويمنيهم ويكون منهم في مصر حزبا تحت سيطرته يكون نواة لحزب اكبر منه فهذه السياسية سياسة متبعة مؤسسة على مكافلية نابليون. اما الثاني فانه ينزع سم هذه العبارة ويجعل الامر كله امر اقتباس من عادات فرنسا وافكارها واخلاقها ولغتها. ونشر ما يقتبسونه بين المواطنين المصريين. وهذه مجرد امنية ساذجة تكون او لا تكن لاحظ لاحظ الان ما لا تحافظ تبين الحقيقة المرة وترجمة آآ سيد الرافعي صاحب كتاب تاريخ الحركة القومية يجعل الامر كانه في خبث مكن للعدو وان الامر انما هي نقل ثقافة فقط وكذلك القول في قوله في شأن فرقة الممثلين فرق بين انها ضرورية للجيش وللبدء في تغيير تقاليد البلاد وبين اللي سد حاجة الجيش ولتألف البلاد شيئا جديدا من العادات الغربية فالاول دال على غرض مقصود لذاته وتغيير تقاليد البلاد فهذه ايضا سياسة ميكافيلية. اما الثاني فانه ينزع ايضا سم العبارة ويجعل الامر كله مجرد عرض شيء جديد على الناس حتى اذا احسانه الفوه وهذه مجرد امنية ساذجة تكون او لا تكون. هذا كله فضلا عن مقدمة الرافع التي تجعل هذه السياسة الميكافيلية الخبيثة مجرد مسألة ثانوية لا خطر لها يا سبحان الله. فنص ترجمة احمد حافظ عوض اولى بالثقة من نص ترجمة الرافع. وادل على سياسة جزار القاهرة ومدمرها ومفسد اخلاق الشذاذ من ابنائها مدة اقامة جيش وكان صغه اي ميله الى نابليون العظيم. والى فرنسا مصدر النور والتنوين. وكما يقول المثل العامي ما اسخم من ست الا سيدي هذه بين يديك تقاليد حياتنا الادبية الفاسدة فسادا يستعصي على الاصلاح الشامل السريع الامين. وقبيح جدا ان تتغاضى ادبية عن مثل هذا القبح. فضلا عن ان ترضاه فضلا عن ان تتواصى به حتى يكون سنة مألوفة لا يكاد ينكرها قارئ او اديب او استاذ. والف القبيح متلفة للاحساس والعقل جميعا. ولكن هذا ولكن لهذا كله سبب واحد واضح سوف احدثك عنه في الفقرة التالية لما مضى مائة عام على فتح القسطنطينية حصن المسيحية الشمالية الشامخ في يوم الثلاثاء. عشرين جمادى الاخرة سنة سبع وخمسين وثمانمائة. في التاسع والعشرين من مايو سنة ثلاثا وخمسين وثلاث مئة والف غرقت دار الاسلام في غفلة هائلة شاملة احدثها الغرور بالنصر القديم. على المسيحية الشمالية نصر الحديث وفتح القسطنطينية وتدفق جيوش دار الاسلام في قلب اوروبا. وعمي دار الاسلام يومئذ عن اليقظة الهائلة الشاملة الى التي احدثتها الهزائم القديمة والحديثة في ديار المسيحية والتي قامت على الاصرار والمجاهدة والمثابرة واصلاح خلل الحياة المسيحية الشمالية. حتى انفكت عنها اغلال القرون الوصلى بغداد وانبعثت نهضة العصور الحديثة فارتفعت كفة المسيحية الشمالية وانخفضت كفة دار الاسلام. وبدأت المرحلة الرابعة للصراع بين المسيحية الشمالية ودار الاسلام ويومئذ تحددت اهداف المسيحية الشمالية وتحددت وسائلها ولم يغب عن احد منهم قط انهم في سبيل اعداد لانفسهم لحرب صليبية رابعة لا بقعقعة السلاح ولا ما هو الا سلاح العمل والعلم والتفوق واليقظة والفهم والتدبير ثم الصبر والمكر والدهاء واللين والمداهنة وترك الاستثارة. استثارة عالم ضخم مجهول ما في جوفه. ولا قبل لهم بتدفق امواجه الزاخرة والتي كانت تركض الظافرون طلائعها الظاهرة لهم عيانا في قلب اوروبا وبدأ الزحف البطيء المتتابع الخفي الوطئ يخترق دار الاسلام في تركيا والشام ومصر والجزائر لابسا كل زي طبعا نتكلم عن الاستشراق زي التاجر وزي السائح وزي العالم الباحث وزي المسلم الطالب العلمي وعلى الوجوه البشر والطلاقة والبراءة. وفي الالسنة الحلاوة خلابة والمماذقة. وعلى مر الايام والشهور والسنوات توغلوا زرافات ووحدانا في قلب دار الاسلام. يأخذون اهلها من وراء غفلة ويستخرجون كل مخبوء كان عنهم عن احوال الخاصة والعامة. والعلماء والجهلاء والعلماء والسفهاء والملوك والسوق قوى الجيش والرعية ويروزون ان يختبرون القوة والضعف والذكاء والغفلة وتدسسوا حتى الى اخبار النساء في خدورهن ولم يتركوا شيئا الا خبروه وهجموه وفتشوه وصبروا. وذاقوه واستشفوه متعاونين متآزرين تحت رعاية المستشرقين حملت هموم المسيحية الشمالية وارشادهم وتوجيههم اذا اعاد محمود شاكر نفس الصياغة مضت السنون والاستشراق في عمل دائب وتدبير متمادن. وسياحة في دار الاسلام. ولا يكفون عن امداد ملوك المسيحية الشمالية بكل ما علم من احوال دار الاسلام وما رأوه عيانا فيها وما خبروه من الغفلة المطبقة على دار الاسلام. فنشأت بفضلهم طبقة الساسة. الذين صاروا دون ما استطاعوا من عدة لرد غائلة الاسلام ثم قهره في عقر داره وتحقيق الاحلام والاشواق التي كانت تخامر قلب كل اوروبي انظاف الى بكنوز الدنيا المدفونة في دار الاسلام وما وراء دار الاسلام وهذه الطبقة من الساسة هم الذين عرفوا فيما بعد باسم رجال الاستعمار فلما كاد القرن السابع عشر الميلادي ينصرم كانت تركيا لم تفقد بعد هيبتها في قلوب ساسة المسيحية الشمالية. ولم تنسى ساسة فرنسا وخاصة الحرب الصليبية السابعة المعروفة باسم واقعة المنصورة. والتي انتهت بهزيمة الفرنسيين. والتي هلك فيها ثلاثون الفا منهم واسر فيها لويس التاسع ملك فرنسا وطائفة من ظباطه. وجعلوا في دار ابن لقمان. وتولى امر حراستهم الطواشي صبيح وذلك كان في سنة ثمان واربعين وستمائة الموافق خمسين ومائتين والف. في اواخر القرن عشر الميلادي اي بعد اربعة عشر قرن بعد اربعة قرون. كان اول من حرض فرنسا على اختراق دار الاسلام في مصر. هو الفيلسوف الرياضي الالماني ليبرنتز جو توفيت بالحلم والمولود سنة ست واربعين وستمائة والف. المتوفى سنة ست ستة عشر وسبعمائة والف وكان قد التحق بالسلك الدبلوماسي وقضى اربع اعوام في باريس سنة اثنين وسبعين وستمائة والف ستة وسبعين وستمائة والف. في بلاط لويس الرابع عشر. فقدم اليه في سنة اثنين وسبعين وستمائة يعني الامر قديم يعني اختراق مصر قديم تقريرا يقول تقريرا يحظه فيه على اختراق دار الاسلام في مصر. ويقول له فيه انكم تظمنون بذلك بسط سلطان فرنسا وسيادتها في بلاد المشرق اي في الى ما شاء الله. وتكسبون عطف المسيحية وتستحقون وهناك لا تخسرون عطف اوروبا بل تجدونها مجمعة على الاعجاب بكم فاعجب لفيلسوف رياضي الماني لم تشغله رياضته ولا فلسفته عن تحريض فرنسا على غزو مصر لتكسب عطف المسيحية الشمالية وتستحق ثنائها وتضمن بسط سلطانها على دار الاسلام الى ما شاء الله. وذلك قبل حملت نابليون باكثر من مئة سنة كان تقرير اي الفيلسوف الرياضي منبهة لساسة فرنسا على غزو دار الاسلام في مصر وذلك بعد منتصف القرن السابع عشر الميلادي ولم يكن ذلك من لبنتز عفو الخاطر بل كان عن متابعة واعية لملاحظات المستشرقين الذين كانوا دار الاسلام ويمدون مثقف المسيحية الشمالية بما خبروه وصبروه من ذخائر دار الاسلام في مصر وغير مصر لان المستشرقين كانوا هم حملتا هموم المسيحية الشمالية. والمجاهدين المتبتلين في سبيل كما حدثتك انفا في مواضع متفرقة وظل هذا التحريض كاملا في قلب ساسة فرنسا منذ منتصف القرن السابع عشر. وهو ينمو على الايام. وينمو معه اعداده لغزو دار الاسلام في مصر. ومضت مائة عام حتى كان عهد لويس الخامس عشر وكبير وزرائه الدوق دي شوازل الذي طمع ان تحتل فرنسا مصر عن طريق المفاوضات مع تركيا التي بدأت تضمحل قواتها وهيباته التي شجب سلطانها على مصر وكاد ينحل ولكنه لم يفعل شيئا حتى سقطت وزارته في سبعين وسبعمئة والف وجاء عهد لويس السادس عشر سنة اربع وسبعين وسبعمائة والف. وكان الكونت سان بيريست سفير فرنسا في الاستانة منذ سنة ثمان وستين وسبعمائة والف. واقام فيها ستة عشر سنة يرقب ضحلال تركيا. وكان شديدا الاهتمام بدار الاسلام في مصر. فكتب غير مرة الى حكومته يحضها على احتلال مصر. لاحظ خلال مئة سنة الى حد الان عندنا ثلاث اشخاص حثوا على غزو النصر تحقيقا لمطامع ديشوازل فاوفدت الحكومة الفرنسية البارون دي توت المجري الاصل الذي استوطن فرنسا اوفدته الى تركيا. فلما عاد سنة ست وسبعين وسبعمئة والف قدم تقريرا الى الحكومة الفرنسية بان تركيا في سبيل الانحلال لا محالة. ونصح الحكومة بالاقدام على احتلال مصر فاودى فاوفدته الحكومة مرة اخرى الى ثغور الدولة العثمانية وبدأ رحلته سنة سبع وسبعين وسبعمائة والف. فدرس سواحل مصر ومواقعها وقدم تقريرا الى الحكومة بين فيه مزايا احتلال مصر وسهولة تحقيق هذا الاحتلال ثم انتهت ايضا سفارة الكونت سان بيريست وعاد من الاستانة سنة ثلاث وثمانين وسبعمائة والف تقدم الى حكومته تقريرا ثانيا في شأن احتلال مصر. ونصح حكومته بان ذلك يكسب فرنسا مركزا متميزا في العالم وفي هذا الوقت وفي هذا الوقت نفسه كان قنصل فرنسا في الاسكندرية المسيو مور فقدم الى حكومته تقريرا يتضمن رأيه في قرب تفكك السلطنة العثمانية. وينصحها بضرورة احتلال مصر. فجاء تقريره مؤيدا لتقرير ديسان بريست والبارون دي توت. ولكن الحكومة الفرنسية ترددت ولم تأخذ بنصائحهم احتفاظا بسياستها حيال تركيا القائم ظاهرها على الود والصداقة وتحسبا للبوادر التي ظهرت مقدمة للثورة الفرنسية وبدأت الثورة الفرنسية سنة تسع وثمانين وسبعمائة والف. وانتهت باعدام لويس السادسة عشر في يناير سنة ثلاث وتسعين وسبعمائة والف وتتابعت شكاوى التجار الفرنسيين المقيمين بمصر الى حكومة الثوار. يشكون ما اصاب من سوء معاملة المماليك المصرية وما يلقونه من فعينت الحكومة المسيوشار ماجل ما ما جاء لون قنصلا عاما لفرنسا في مصر ثلاثة ثلاث وتسعين وسبعمئة والف وكان ما جلون هذا تاجرا فرنسيا اقام بمصر اكثر من ثلاثين سنة مشتغلا بالتجارة فاخذ يرسل لحكومته التقارير والمذكرات مبينا فيها عن عبث المماليك المصرية بمصالح التجار الفرنسيين في مصر. مصرحا ان هذا العبث لا يمكن ان يزول الا اذا استخدمت الجمهورية الفرنسية القوة في ردعهم. وحرض حكومته الجمهورية على ان تتأهب لاحتلال مصر. وفي سنة سبع وتسعين وثمانمائة وسبعمائة والف احتل ماج لون ها ارتحل ماجلون الى فرنسا واخذ يحض رجال الدولة على احتلال مصر يعني لم يقف الامر فقط بالرسائل بل هو ذهب اليه ويبين لهم المزايا التي تنال حكومة الجمهورية بهذا الاحتلال واقتنع الميسيو تاء تالي ايران وزير الخارجية الفرنسية باراء مجال لون هو ونابليون بونابرت فقدم تقريرا الى حكومة الدير كتوار ونصح الحكومة بانفاذ الحملة فكان ما كان من حملة نابليون على مصر في سنة ثلاثة عشر ومائتين والف في الثامن والتسعين من في آآ سنة ثمان وتسعين وسبعمائة والف فانه كان عملا دائبا طويل الامد. محمود شاكر دايما يركز على الاستشراق الاستشراق الاستشراق عملهم لم يكن فقط الكتابة. دراسة نفوس الناس دراسة احوال الناس طبيعة الناس واحوالهم في جميع ظروفهم اي بعد تحضيظ ماجلون بسنة واحد لم يكن استشراق غائبا طرفة عين عن مقدم هذه التقارير والمذكرات التي رفعت الى الحكومة الفرنسية. بل كان حاضرا حضورا كاملا ببديهة العقد لانه صاحب الفضل الاول في نشأة طبقة الساسة الذين هم رجال استعمار والذين توجهوا كل التوجه لاعداد العدة لاختراق دار الاسلام. والاستشراق هو الذي كان يمدهم بخبرته الواسعة المتمادية باحوال دار الاسلام. ولو عرفوا قبيلا من دبير. ولانه ايضا كان دائم الحضور في دار الاسلام ابدا يلقى خاصة من العلماء. ويخالط العامة من المثقفين ويستخرج خبأ ما في هذه الدار من احوال خاصته وعمته. وعلمائه وجهاله وملوكه وسوقته وجيوشه ورعيته وكل لا دقيق وجليل يوما بعد يوم. في ملاحظة واعية لا تغفل ولا تنام ولو تأملت قليلا تواريخ تقديم هذه التقارير والمذكرات. منذ عهد لابن تيس سنة سبع اثنين وسبعين وستمائة والف ثم ما جاء بعدها مئة عام من طمع الدود ديشوازل في مفاوضات تركيا في امر التنازل عن مصر لفرنسا سنة تسع وستين وسبعمائة او الف وبعده الكونت سان بيريست والكون دي توت وتقاريرهم منذ سنة ست وثلاثين وسبعمائة والف الى سنة ثلاث وثمانين وسبعمائة والف وبعدهما المسي ماجلون من سنة ثلاث وتسعين وسبعمائة والف الى سنة سبع وتسعين وسبعمائة والف. قبل حملة نابليون بعام واحد بل قبل ذلك ايضا حضور طلاب الافرنج وهم المستشرقون الى مصر قراءتهم علم الهندسة على الشيخ الجبرتي الكبير في سنة تسع وخمسين ومائة والف سنة ست واربعين وسبعمائة والف لو تأملت هذه التواريخ لرأيت جميعا واقعة وقوعا تاما في عصر يقظة دار الاسلام ونهضتها الصحيحة التي تولى امرها الخمسة الكبار من رجالنا وهم البغدادي في مصر والجبرتي الكبير في مصر. وابن عبدالوهاب في جزيرة العرب والمرتضى الزبيدي في مصر والشوكاني في اليمن فهذه النهضة وهذه اليقظة لا يعرفها على حقيقتها ولا يعرف مغبتها غير الاستشراق. فيومئذ هب المستشرقون حملة هموم المسيحية شمالية هبوا هبة الفزع وتسارعوا ينقلون كل صغيرة وكبيرة. ووضعوه بينا جليا تحت ابصار ملوك المسيحية الشمالية. وامرائها ورؤسائها وقادتها وساستها وعلمائها ورهبانها. وبصروهم بالعواقب الوخيمة المخوفة من هذه اليقظة الوليدة. وبينوا لهم الخطر الداهم الذي جاء يتهددهم اذا ما تم تمام هذه اليقظة واشتد عودها. واستقامت خطوتها على الطريق اللاحق انه ليس للمسيحية الشمالية خيار سوى العمل السريع المحكم. واهتبال الغفلة المحيطة بهذه اليقظة. الوليدة ومعالجتها في مهده قبل ان يتم تمام ويستفحل امرها. وتصبح قوة قادرة على الصراع والحركة والانتشار فانه ان تم ذلك فهو فما هو الا ان تعود الحرب بين الشمال والجنوب جذعة وعندئذ لا يضمن احد مغبة الصراع المشتعل بين سلاحين متكافئين وثقافتين متكاملتين. لا يضمن احد لاي الفئتين تكون الدولة والغلبة والسيادة فزع الاستشراق. لعلمه ان الفرق بيننا وبينهم كان يومئذ خطوة واحدة تستدرك باليقظة وبالهمة والصبر دهبيلا اكثر وكما ترى عيانا فان الاستشراق هو عين الاستعمار التي بها يبصر ويحدق ويده التي بها يحس ويبطش ورجله التي بها يمشي ويتوغل. وعقله الذي به يفكر ويستبين. ولولاه لظل في عميائه يتخبط وقد حدثتك من قبل ان نذير الاستشراق للمسيحية الشمالية بالخطر المدلهم الذي تهددهم به يقظة دار الاسلام يعني انا ذيرا مروعا حاسما اما انجلترا فاسرع مستشرقوها اسراعا حثيثا الى سواحل جزيرة العرب الشرقية حيث قام محمد بن عبدالوهاب وبالدهاء والمكر والدسائس جاءت في زي الناصر والمعين لتتدسس الى يقظة ابن عبد الوهاب. لتتخذ عنده يدا وبها تسيطر عليها وتحتويها. ومن وراء ستار كانت تقلب تركيا وتقلب جاراتها وتخوفهم تطوق اليقظة تطويقا يحول بينها وبين الانتشار اما فرنسا التي طردتها انجلترا من الهند كلها سنة احدى وستين وسبعمائة والف يقول فابت الى ديارها تلعق جراحها وجعلت تعد العدة وتفكر في اختراق دار الاسلام في مصر لوأد اليقظة المخوفة العواقب التي بعثها البغدادي والزبيدي والجبرتي الكبير في مصر فهي يقظة يخشى ان تؤدي الى يقظة دار الاسلام كلها. بما فيها اليقظة المتفجرة المتحركة الجديدة في جزيرة العرب فاذا تم اندماج اليقظتين فلا يعلم الا الله كيف يكون المصير اظنه بات الان منكشفا لك كل الانكشاف خبء العلاقة بين تواريخ اليقظة والنهضة يومئذ في دار الاسلام وتواريخ التقارير والمذكرات التي كتبها رجال الاستعمار من ساسة المسيحية الشمالية وبات منكشفا لك ايضا كل الانكشاف انه لولا خبرة المستشرقين حملت هموم المسيحية ورهبانها المتبتلين الذين كانوا يجوبون دار الاسلام ويقيمون فيها فيطيلون الاقامة ثم يمدون هؤلاء الساسة بالملاحظات والمخاوف لما اتفقت هذه التواريخ هذا الاتفاق البين الذي عميت عنه اليوم حياتنا الادبية الفاسدة كل الفساد. والسنتها الثرثات المتشقق المتشدقة باوهام الاصالة والمعاصرة والقديم والجديد وثقافة العالمية وبالقضية الهزلية قضية موقفنا من الغرب على سورة التي لا يزال يرددها الدكتور زكي نجيب محمود فيما يكتب مستدلا بحادثة لم تحدث قط بين مشايخ الازهر وعلماء الحملة الفرنسية. هل يقصد فيها الكهرباء وضعوهم سلكا كهربائيا يمشي بهم وتقدمت هذه. ليس لها سند تاريخي صحيح ولا باطل. انما هي كذب مصمت لا ادري من كذبه ففتن به الدكتور زكي وحبب اليه ترداده مرات فيما يكتب والذي لا اشك فيه ان جذور قضيتنا كامنة في نذير الاستشراق للمسيحية الشمالية. والذي ادى الى انتقاض الفتى الصليبي المحترق المبير نابليون بغتة دار الاسلام في مصر لوأد اليقظة والنهضة ومعالجتها في مهدها قبل ان يشتد عودها وتستفحل فيسبح الدماء سفحا لم يفعل مثله جنكيز خان. فيضحي عند مشرق كل شمس بخمسة او ستة. ويطاف برؤوس في شوارع القاهرة ويأمر قواده ان يتشبهوا به ويهدي ويهديهم الاستشراق وان يختاروا من الطلبة النابهين من ورثة الزبيدي والجبرتي الكبير ليستأصل بذلك اليقظة من جذورها ويشتت بالارهاب من افلت من براثنه الملوثة الدامية ولكي يضمن هذا الجزار بعد ذلك الا يشب الصراع المشتعل بين سلاحين متكافئين وثقافتين مكتملتين. وضع هذا الفتى الاهوج وضع هذا الفتى الاهوج المحترق مشروعه الذي بينه لخليفته ان يجمع خمس مئة او ست مئة شخص من المماليك فان لم يجد عددا كافيا ممن المماليك فليستعظ عنهم برهائن من العرب ومشايخ البلدان ويسفرهم الى فرنسا فيحجزون فيها مدة سنة او سنتين. ليشاهدوا في اثنائها عظمة الامة الفرنسية. ويعتاد على لغة وتقاليدنا فاذا عادوا الى مصر كان لنا منهم حزب ينضم اليه غيره. ووعده كليبر ان يرسل اليه جوقة تمثيلية لانها ضرورة للبدء في تغيير تقاليد البلاد واراد بذلك ان يضمن تمزيق الثقافة المتكاملة التي هي ثقافتنا وان يقتلعها من جذورها ويحفر لها قبرا تتألق انوار الفرنسية الساطعة. ويدفن فيها اليقظة والنهظة الى غير رجعة ثم يكتب الى الجنرال زايو نشك المنوفية بسنة ثلاثين يوليو سنة ثمان وتسعين وسبعمائة والف يجب ان تعامل الترك اي المسلمين بمنتهى القسوة واني هنا اقتل كل يوم ثلاثة. امر ان يطاف برؤوس في شوارع القاهرة. فهذه هي الطريقة الوحيدة لاخضاع هؤلاء الناس وعليك ان توجهوا عنايتكم لتجريد البلاد قاطبة من السلاح وكذلك فعل نابليون نفسه في القاهرة بالارهاب. فسارع الناس الى اخفاء الاسلحة. وكانت اسلحة الاهالي والجند الفرنسيين متكافئة واما تفوق الفرنسيين فكان فيما عندهم من المدافع التي استعملوها في هدم الدور والمساجد ودك القاهرة دكا متواصلا فاراد نابليون بتجريد البلاد قاطبة من السلاح ان يضمن بهذا التجريد ان يبطل قدرة السلاح المتكافئ على مقاومة جنده وابادتهم جهرة واغتيالا. وان يصل فيه الدماء الى اخضاع الناس كما قال. هذه هي جذور القضية التي غفل عنها الناس يومئذ ولا تزال حياتنا الادبية الفاسدة اليوم غافلة عنها كل الغفلة. فكتابنا فكتابنا ومؤرخونا اليوم هم كما قال المتنبي في ملوك زمانه ارانب غير انهم ملوك مفتحة عيونهم نيام. والارنب تنام مفتوحة العين. فربما جاءها القانص كذلك فيظنها مستيقظة فان كان على علم بحالها اخذها من قريب اخذا هينا بلا مؤنة ولا تعب ولكن لا استطيع ان اتركك حتى يكون على حتى تكون على بينة واضحة من عمل الاستشراق في دار الاسلام لذلك محمود شاكر دائما يكرر هذا المعنى يقول فانه كان عملا دائبا طويل الامد متعدد وجوه النشاط منذ اخذ يدب دبيبا مستخفيا في نأنئة زحفه الخفي الوطئ على دار الخلافة في تركيا وعلى الشام وعلى مصر وعلى جوف افريقيا وممالكها المسلمة. فعلى تطاول السنين وعمى ازدياد خبرتي يوما بعد يوم بكل صغيرة وكبيرة في دار الاسلام ومع شعوره بالامن وهو يجوب دار الاسلام غير مروع ولسماحة اهل الاسلام عمتهم وخاصتهم مع من دينه يخالف دينه من اليهود والنصارى لانهم اهل كتاب واهل ذمة من اتباع الرسولين الكريمين موسى وعيسى ابن مريم عليهم السلام فيسر ذلك لهم خاصة ان يداهنوا العلماء والعامة وينافقوهم ويوهموهم بالمكر والمحال ان صدورهم بريئة وقلوبهم خالصة لحب الحلم والمعرفة. وايضا لما كانت دار الاسلام غارقة فيه من الغفلة المطبقة التي اورثتهم اياهم الاستنامة الى النصر القديم على المسيحية الشمالية. واغترارهم بالنصر الحادث القريب بفتح القسطنطينية. وتدفق جيوش التركي المظفرين في قلب المسيحية الشمالية كل ذلك زاد الاستشراق امنا واطمئنانا دائما نقول الحزم سوء الظن الحزم سوء الظن لماذا؟ لان مع سوء الظن معناها الحذر واليقظة والتنبه وعدم الغفلة هذي كلها تولد عند الانسان فاذا كثر امنه كثرت غفلته وكثر آآ انخداعه لذلك يقول امنا واطمئنانا واغراه اغراء شديدا باعداد العدة لتحقيق الاهداف والوسائل التي طوى عليها قلبه بفهم وبصيرة واخلاص وعقل وصبر ودهاء ورفق وتستر من يومئذ بدأ الاستشراق تحقيق الزحف الشامل الذي يعد لاختراق قرب ديار الاسلام بلا قعقعة سلاح زحف صامت مصمم خفي الوطء. سوف يضم الوفا مؤلفا من اشتات الناس على اختلاف اجناسه. ما بين تاجر وصانع ومغامر وسائح ومبشر وسياسي وراهب وطالب معرفة. وافاق وصفاق ومتكسب. ونية ان تكون على الزمن من هؤلاء الاشتاج جالية كبيرة تقيم في دار الاسلام تعاشر المسلمين فتطول عشرتهم او تقصر. كان الاستشراق هو الذي يعبأ هذه الجيوش ويحمل افراد ما يحمله هو من هموم المسيحية ويغذيهم بكل ما في قلبه من الاحقاد المتكتمة ولهيب البغضاء الغائرة في العظام ويدربهم على الدهاء المكة وعلى اتخاذ اقنعة البراءة والبشر والمداهنة والنفاق في معاشرة اهل الاسلام ويعينهم بخبرته الواسعة لليقظة والتنمه. ومراقبة كل صغيرة وكبيرة من احوال من يخالطونهم من العامة والخوف والملوك والسوق والرجال والنساء. وتطاولت السنون حتى استطاع الاستشراق ان يكون في قلب دار الاسلام جالية صغيرة متخيرة بفهم ودقة من شعوب المسيحية الشمالية. عمادها الرجال الذين يحترفون التجارة ويعرفون العربية وغيرها من لغات دار الاسلام. ويقيمون في دار الاسلام مددا طويلة. حتى يألف الناس يألفهم الناس ويتقوض الجدار التوجس والتخوف والشك في هذه الاشباح الغريبة التي تتجول في الطرقات والشوارع غير مفزعة ولا مروعة. فلما كان زمن اليقظة والنهضة بدار الاسلام في مصر خاصة في القرن الحادي عشر والثاني عشر الهجري القرن السابع عشر والثامن عشر الميلادي. هب الاستشراق وهبة الفزع الاكبر وكان نذيره الحاسم المروع للمسيحية الشمالية بالخطر المدلهم الذي تهدد هذه اليقظة والنهضة التي انبعثت من مصر خاصة يومئذ كانت الجاليات الصغيرة قد صارت جاليات كبيرة من تجار شعوب المسيحية الشمالية وتفاقم امره حتى افزع الممالك المصرية. وارتابوا في هذه الكثرة التي اخذت تتوافد زرافات ووحدانا باسم التجارة اذا بدأ الاستشراق الزرع ماذا فئة معينة ننتبه ان محمود شاكر قاعد يسحبنا الى معركة ستكون بعد قليل بين الممالك وهؤلاء انت عندك عشر انفار بعد مدة صاروا عشرين. بعد مدة صاروا مئة. مئتين كلهم يحترفون التجارة اذا سيسيطرون على جزء من البلد اما الحبوب واما المال والذهب وكذا ثم يسيطرون على الناس ردة فعل الناس الانتقام هي التي ستجر آآ المعركة القادمة لتأذن للغرب في الدخول. لاحظ يقول وخامرهم الشك في مقاصدهم وفي تحركاتهم فاخذ يفرضون الاتاوات الثقيلة المختلفة على متاجرهم ويسومونهم العنت والمشقة حتى تبور تجارته وحتى يضطرهم الى الرحيل عن مصر. فاوزع الاستشراق الفرنسي خاصة الى التجار ان يجأروا الى حكومتهم بالشكوى من سوء ما يصيبهم من حملت المماليك المصرية وعلى رأس هؤلاء التجار ماج اللون الذي كان تاجرا مقيما في مصر اكثر من ثلاثين سنة. والذي ظل يقدم الى حكومة فرنسا التقارير والمذكرات عن عبث المماليك المصرية بمصالح التجار الفرنسيين وانه لا سبيل الى ازالة هذا العبث الا اذا استخدمت الجمهورية الفرنسية القوة في ردعهم وذلك سنة ثلاث وتسعين وسبعمائة والف. وما بعده. ثم رحل ماجي اللون الى فرنسا سنة سبع وتسعين وسبع مئة والف. ليحض رجال الدولة على احتلال مصر فاستجاب له تالي ايران وزير الخارجية ونابليون بونابرت فكانت الحملة الفرنسية على مصر سنة آآ سبع ثمان وتسعين مئة والف اي بعد تحضيره بسنة واحدة وفي خلال هذه الفترة ما بين ما كان من تحريظ الفيلسوف الالماني لبن تيز الى لويس رابع الرابع عشر الفرنسي على غزو مصر في سنة اثنين وسبعين ستمائة والف وبين صرخة ماجلون في سنة ثلاث وتسعين وسبعمائة والف وسنة سبع وتسعين وسبعمائة والف كان الاستشراق يتولى في مصر عملا خبيثا اخر ويجند فيه جندا من الارمن والاروام والمالطيين وغيرهم. ويحمل ما في قلبه من هموم المسيحية الشمالية ويغذيهم بالاحقاد المتكتمة. وبلهيب وبلهيب بغضائهم الغائرة في العظام. ويدربهم على الدهاء والمكر على اتخاذ اقنعة البراءة والبشر والمداهنة والنفاق في معاشرة اهل دار الاسلام ويعينهم بخبرته الواسعة لليقظة والتنبه والمراقبة ويحشد معهم ايضا طوائف من يهود الشمال ومن اليهود المقيمين في دار الاسلام في مصر ويستزل طوائف من شذاذ الافاق من اهل دار الاسلام وغير دار الاسلام. كنصارى الشام وسفلة المغرب ويستأجرهم لتوسيع خبرته تارة وتارة اخرى لبث افكار درسها المستشرقون او ظنوا انهم درسوها واتقنوها ويحاولوا الاستشراق ان يشيع بين جماهير دار الاسلام في مصر خاصتها وعمتها وللتحكم في تصريف اموره وغاياته ثم للتمكن من اشعال دار نار الفتنة حتى يتقضى الامر. احداث فتنة تفرق شمل الناس وتمزقهم وتشغلهم عن الكيد الخفي الذي يراد بهم. وكل هذا كان يتم في هدوء وصبر وتستر ومن وراء الغفلة. غفلة اهل دار الاسلام عن جذور قضيته وقد ظهر اثر هذا الحشد جليا واضحا في زمان الحملة الفرنسية. وفي البلاء التي حدثت منهم خلال ثورات القاهرة التي اشتعلت على جيش الغزاة الفرنسيين مما كاد يفت في عضد الثوار ويبعثر خطاهم ويشتت شملهم وتستطيع ان تقف على جلية امر هذا البلاء فيما اثبته الجبرتي الصغير في تاريخ الحملة الفرنسية من كتابه. وفي الجزء الاول والثاني من تاريخ الحركة القومية للرافعي لولا ما في كتابي من الغفلة وسوء التأويل للاحداث والالفاظ فاحذره اشد الحذر راح يأتي ان محمود شاكر سيعطي اللقب للرافعي انه مشحون بحملة وطنية وفي خلال هذه الفترة ايضا تكاثر عدد المستشرقين في حملة حملة هموم المسيحية الشمالية. وتوافدوا على مصر في كل زي جاي طالق طلبة العلم والمعرفة وزي السائح المتجول في ربوعها شمالا وجنوبا واخطرهم شأن من لبس منهم زي الاهل الاسلام وجاور في الازهر ولازم حضور دروس المشايخ الكبار وصلى مع اهل الاسلام وصام بصيامهم وخالط جماهير طلبة الازهر مسلما لا يرتاب فيه احد ولا يعرف احدا حقيقته او اصل بلاده التي جاء منها وانما هو مسلم كسائر المسلمين الذين يجاورون في الازهر من كل جنس ولوم. وكثير من هؤلاء من اقام في دار الاسلام اقامة طويلة متمادة دقيقة كالمستشرق الداهية المحنك المتستر الخفي فانتور الذي قضى اربعين سنة يتجول في دار الاسلام والتحق بعدئذ بالحملة الفرنسية فكان شيطان نابليون ومستشاره وخليله ونجي الذي لا يفارقه في الحل والترحال وكان كما قال الجبرتي لبيبا متبحرا يعرف اللغات التركية والعربية والرومية والطليانية والفرنسي. ومع ان الجبرتي الصغير لم يحدثنا عنهم قط في تاريخه قبل الحملة الفرنسية لانه كان غافلا كل الغفلة. الا انه حدثنا عنهم زمن الحملة الفرنسية فقال وكثير من الكتب الاسلامية مترجم بلغاتهم. ورأيت عندهم كتاب الشفاء للقاضي عياض ويعبرون عنه بقولهم شفاء شريف والبردة للبصيري ويحفظون جملة من ابياتها وترجموها بلغتهم. ورأيت بعضهم يحفظ سورا من القرآن ولهم تطلع زائد للعلوم واكثرها الرياظيات ومعرفة اللغات واجتهاد كبير في معرفة اللغة والمنطق ويدأبون في ذلك الليل النهار وعندهم كتب مفردة لانواع اللغات وتصريفها واشتقاقاتها بحيث يسهل عليهم نقل ما يريدون من اي لغة كانت الى لغتهم في اقرب وقت هذا عمله قوم لا يعرفون شيء بل هم من اعتى الناس. وهذا الذي حدثنا عنه الجبرتي بعد الحملة لا يتم لاحد الا بعد ان يكون قد اطال الاقامة في دار الاسلام. وبعد التلقي قط طويل عن المشايخ الكبار والصغار. وبعد اندماج الكامل باهل الاسلام. واغفال الجبرتي الحديث عن احد منهم قبل الحملة دليل مبين على ان ذلك كله قد تم في خفاء وتستر لم يتح لمثل الجبرتي ان يتنبه لهم او ان يعرف من امر وجودهم في مصر شيء ان يحمله على التنبه وفانتور الذي اقام في دار الاسلام في مصر وغيره اربعين سنة لم يعرف الجبرتي عنه شيئا الا بعد مجيئي مرافقا للحملة الفرنسية فلقيه يومئذ مكشوف القنا فوصف لنا بما وصفه كما مر انفا. ولم تكن اقامة المستشرقين في دار الاسلام في مصر لمجرد طلب العلم والمعرفة بل كانوا يتجولون ويراقبون عمل الجاليات التي يحشدونها وتولوا تغذيتها وتربيتها على ما في قلوبهم من حمل هموم المسيحية الشمالية واعانتها بخبرتهم الواسعة على اليقظة والتنبه والمراقب وايضا كانت اقامتهم لمراقبة اليقظة دار الاسلام التي افزعتهم حتى ارسلوا نذيرهم الحاسم المروع. للمسيحية الشمالية. وايضا لتكون خبرتهم بجماهير الامة مجتمعة وبطوافيها المختلفة خبرة متوغلة تفضي الى خبرة بافراد رجال باعياد واحدا واحدا معروفا عندهم باسمه ومكانه وحركته وبمواطن ضعفه وقوته. وبمكامن الهوى الميان الذي يستجيب والارادة المصممة التي تمتنع الاستجابة فهي خبرة مدروسة منظمة واضحة المعالم في ذهن الاستشراق وفي اواخر القرن الثاني عشر الهجري سنة تسعين ومئة والف سنة ست وسبعين وسبعمئة والف لا يدرى كيف اختلت هيبة المشايخ الكبار في قلوب بعض المماليك فاخذوا بالعسف القبيح احد المشايخ هو الشيخ عبدالباقي ابن شيخ عبدالوهاب العفيفي اهانوه وقبضوا عليه ووضعوا الحديد في رقبته ورجليه. واحظروه في صورة من كرة وحبسه الامير المملوك في حاصل ارباب قائم من الفلاحين فركب الشيخ علي الصعيدي العدوي والشيخ الجداوي وجماعة كثيرة من المتعممين وقال الشيخ الصعيدي العدوي للامير ما هذه الافعال وهذا التجاري اي الجرأة فقام الامير على اقدامه وصرخ والله اكسر رأسك فصرخ عليه الصعيدي وسبه وقال له لعنك الله ولعن اليسرجي التاجر الرقيق الذي جاء بك ومن اشتراكي ومن جعلك اميرا. وتوسط بينهم الحاضرون من الامراء يسكنون حدته وحدتهم. واحضروا الشيخ عبدالباقي من السجن فاخذوه اي المشايخ وخرجوا به وهم يسبونه وهو يسمع اذا هذا الحادثة التي تكلمنا عنها قبل قليل التي سوف يستغلها نابليون في بناء الديوان واتفق في ذلك الوقت ايضا ان امرأة ذهبت تشكو الشيخ عبدالرحمن العريشي مفتي الحنفية الى المملوك يوسف بك فاحضره وحبسه عند الخازندار. فركب اليه شيخ السادات وكلمه في امره وطلبه من محبسه. فلما رأى العريشي شيخ السادات رمى عمامته وصرخ وخرج يعدو مسرعا مكشوف الرأس وهو يقول بيتك خراب يا يوسف بك. وكان يوسف جالسا مع شيخ السادات فقام على اقدامه وصار يصرخ على خدمه. امسك اقتلوه وشيخ السادات يقول له اي شيء هذا الفعل اجلس يا مبارك ونزل الشيخ واخذ العريشي في صحبته الى داره وتلافوا القضية وسكتوها. يقول الجبرتي ثم حصل ما حصل في الدعوة المتقدمة وما ترتب عليها من الفتنة. وقفل الازهر وقتل الانفس وقد نقلت هاتين الحادثتين لانهما بدء الانشقاق الذي حدث بين المماليك والمشايخ. ولانهما نبه المشايخ الى عسف المماليك وجورهم. ثم تتابعت الحوادث بعد ذلك وكانت ثورة الجماهير على مظالم المماليك وذهابي من الجمع الى الازهر وشكواهم الى المشايخ ويتركوا المشايخ دروسهم ويغلقون الجامع الازهر ويخرجون على رأس الجماهير ويطالبون المماليك برفع الظلم عن الناس. حتى كانت اخر حادثة وقعت بينهم في سنة تسع ومائتين والف. سنة اربع وتسعين وسبعمائة والف. اي قبل الحملة الفرنسية باربع سنوات حين جاء اهل قرية بشرقية بلبيس يشكون الامير محمد بك الالفي واتباعه الذين ظلموهم وطلبوا منهم ما لا قدرة لهم عليه واستغاثوا بالشيخ الشرقاوي فاغتاظ حين سمع شكواهم فحظر الى الازهر وجمع المشايخ وقفلوا ابواب الجامع وامر الناس باغلاق الاسواق والحوانيت ثم ركبوا في ثاني يوم ومعهم خلق كثير من العامة وذهبوا الى بيت الشيخ السادات فارسل لهم المماليك اميرا يسألهم عن مطالبهم. فقال المشايخ نريد العدل ورفع الظلم والجور وابطال الحوادث والمكوسات التي ابتدعتموها واحدثتموها فقال لهم حتى ابلغ. وانصرف ولم يعد لهم بجواب وانفض المجلس. وركب مشايخ الى الجامع الازهر واجتمع اهل الاطراف من العامة والرعية وباتوا بالمسجد. وفي اليوم الثالث اجتمع الامراء وارسلوا الى المشايخ. فحظر الشيخ السادات والشيخ النقيب نقيب الاشراف عمر مكرم والشيخ الشرقاوي والشيخ البكري وشيخ محمد الامير ومنعوا العامة من السير خلفهم ودار الكلام بينهم طال الحديث وانحط الامر على انهم تابوا ورجعوا بما شرطه العلماء عليهم. وانعقد الصلح بينهم على ان يرفعوا عن الناس المظالم المحدثة وفي الكشوفيات والتفاريت والمكوس. وان يكفوا اتباعهم عن امتداد عن امتداد ايديهم الى اموال الناس. ويسر في الناس سيرة الحسنة وكان القاضي حاضرا بالمجلس فكتب حجة عليهم بذلك. فوقع الامراء عليها فرجع المشايخ وحول كل واحد منهم وامامه وخلفه جملة عظيمة من العامة وهم ينادون حسب ما رسمت سادتنا العلماء بان جميع المظالم والحوادث والمكوس بطالة من مملكة الديار المصرية ويعقب الجبرتي على ذلك بقوله وفرح الناس وظنوا صحته. وفتحت الاسواق وسكن الحال على ذلك نحو شهر. ثم عاد كل ما كان وزيادة اذا الامراء رجعوا في قوله واخفى الجبرتي عنا كل ما كان في سنة عشر ومئتين والف سنة خمس وتسعين وسبعمئة والف. وبدأ بقوله لم يقع فيها من الحوادث التي يعتنى بتقييد سوى ما مثل ما مثل ما تقدم من وللامراء والمظالم وبدأ بسطر واحد في غرة ذي الحجة ثم شرع يذكر الوفيات ثم جمع سنتين احدى عشر واثنى عشر ومئتين والف ستة وتسعين وسبعة وتسعين وسبع مئة والف معا وقال ايضا لم يقع فيهما من الحوادث التي في بطون الطروس سوى ما تقدمت الاشارة اليه وحضر طائفة الفرنسية اثر ذلك في اوائل السنة التالية. كما سيأتي خبر ذلك مفصلا. ثم شرع في ذكر الوفيات ختام الجزء الثاني من تاريخه. وهذا امر غريب جدا كأن مظالم المماليك التي عادت جذعة ونقظهم الحجة التي وقعوها بعد شهر واحد من تحريرها. لم يكن لها وقع عند جماهير ناسي ولا عند المشايخ. هذا امر مستبعد بلا شك وانما شغل الجبرتي عن سرد حوادثها بما نزل بالبلاد من البلاء الماحق بحضور الفرنسيس فاختصر السنوات الثلاث اختصارا ليس له شبيه في كتابه كل هذا كان يقع بمرأة ومسمع من المستشرقين واعوانه وادرك المستشرقون ان هذه الحوادث المتتابعة التي انتهت باعلان الممالك توبتهم ورجوعهم عن مظاليم حتى اضطروا الى توقيع وثيقة يشهدون فيها على انفسهم بالتوبة وتعهدوا فيها برفع المظالم عن الناس انما كانت نتيجة متوقعة نابعة من اليقظة والنهضة الذي اخذت تعم دار الاسلام في مصر وتبينوا ايضا ان مشايخ الازهر قد صاروا طليعة هذه اليقظة وقادتها. وان سلطانهم على العامة والجماهير قد ارهب المماليك وافزعهم ولولا ان الجبرتي قد اخفى عنا موقف المشايخ والجماهير في ثلاث سنوات بعد توبته ثم نقضيهم العهد وعودتهم الى الجور والظلم لربأ لرأينا الصراع واضحا جليا بين المشايخ قادة الجماهير وبين المماليك الذين غرهم ما كانوا يتمتعون به من السلطان على الجماهير وما استمرأ من ايقاع الجور والمظالم. وسكوت الجماهير واستكانتهم لهم زمنا طويلا قبل ذلك. ولعرفنا ايضا اسماء كثير من من المشايخ الذين كانوا طليعة اليقظة وقادتها في هذه المدة. من تاريخ دار الاسلام في مصر ولربما عرفنا ايضا اسماء من انحاز من امراء المماليك يومئذ الى المشايخ والجماهير وانشق عن جمهرة الامراء المماليك الذين اصروا على جورهم ومظالمهم وعنادهم. ورجع عن توبتهم التي شهدوا بها على انفسهم في الوثيقة انهم ورجع عن المظالم ومع ذلك فقد اوقفنا الجبرتي على اسماء ستة من المشايخ الكبار الذين شاركوا في الثورة على المماليك وهم الشيخ العريشي مفتي الحنفية وشيخ السادات وسيدنا نقيب الاشراف عمر مكرم والشيخ عبد الله الشرقاوي شيخ الازهر والشيخ البكري والشيخ محمد الامير وهؤلاء الستة كانوا ضمن التسعة الذين سجل اسمائهم نابليون في امره الذي اصدره بتكوين الديوان في اول ساعة وطئت قدمه فيها القاهرة سنة في الرابع من يوليو سنة ثمان وتسعين وسبعمائة والف وكان تمام التسعة الشيخ مصطفى الصاوي وشيخ سليمان الفيومي وشيخ موسى السرسي فرفض ثلاثة من الستة الاول ان ينضموا الى الديوان وهم السادات وعمر مكرم ومحمد الامير. فاحل محلهم نابليون ثلاثة اخرون وهم الشيخ مصطفى الدمنهوري والشيخ يوسف الشربختي والشيخ محمد الدواخلي كيف استجاب هؤلاء التسعة من المشايخ العلماء الكبار لغازم مسيحي بهذه السرعة العجيبة كيف استجابوا وهم يعلمون صريح اوامر الله واوامر رسوله بقتال الغزاة لدار الاسلام كيف استجابوا وهم كانوا بالامس القريب قد ثاروا على امراء المماليك يطالبونهم باقامة الشرع كيف خافوا وضعفوا واخطأوا الطريق؟ وكان لهم مندوحة في رفض الاستجابة كما فعل ثلاثة من اخوانهم العلماء الكبار. ينبغي ان يكون لهذه السرعة في الاستجابة بلا تردد تفسير يقبله العقل ويمهد لهم عذرا يقبله العقل ايضا على مضض لما اظل الزمان مجيء الحملة الفرنسية وكان معلوما بلا شك للمستشرقين المقيمين في دار الاسلام في مصر نشط الاستشراق واعوانه وجاليته من شذاذ الافاق الذين عبأهم وجندهم. كما اشرت اليه فيما سلف. نشط الاستشراق نشاط سريعا خفي الوطئ خفي الوطء في ميادين مختلفة لبث افكار افكار درسوها واحكموها وارادوا ان يشيعوها بين جماهير دار الاسلام في مصر للتحكم في تصاريف امورهم وغاياتهم وللتمكن من اشعال نيران الفتنة حين تنزل الحملة الفرنسية ارض مصر. ليفرقوا بهذه الفتنة شمل الناس ويمزقوهم ويشغلوهم عن الكيد الميكافيلي الذي يراد بهم كان اكبر نشاط الاستشراق موجها الى المشايخ الكبار الذين ثاروا بالامس القريب على طائفة الامراء من المماليك المصرية مرات حتى خضعوا ووقعوا على وثيقة يشهدون فيها على انفسهم بالتوبة. ويتعهدون فيها برفع المظالم التي اوقعوها على جماهير وبالتزام اوامر الشرع ولكنهم لم يفوا بذلك فنقضوا الوثيقة وعادوا بعد شهر واحد الى جورهم ومظالمهم وزيادتهم كما قال الجبرتي فيما سلف قريبا ولا شك ان نقض هذه الوثيقة قد اورثت قلوب المشايخ الكبار غضبا وكراهية لطائفة الامراء المماليك الذين لا يرعون الله الا ولا عهدا ولا ذمة ولا يقيمون للشرع حرمة ولا للمشايخ هيبة ولا كرامة. كان هذا كله معلوما واضحا عند الاستشراق اوانيهم وحاشيتهم نقف هنا وصلى الله على محمد