سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهكذا الشعر فانه من مظان الحكمة كما قدمت بحديثه صلى الله عليه وسلم ان من الشعر لحكمة وشعر العرب ايها الاخوة من المظان الخمر والخمرة يصدق على كل ما يسكر العقل ويغطيه ويذهب به ان كنت فتى الفتى هو الشاب اليافع القوي ويطلق ايضا في اللغة على الخادم قال موسى لفتاه يعني بخادمه لكن المقصود هنا هو الشاب القوي كيف يسعى في جنون من عقل يحذر ولده من التورط في شرب المسكرات ويقول له اجتنب هذا الفعل الذي تورط فيه كثير من الشباب انه بحاجة الى ان يبذل ما يستطيع استعدادا للرحيل الى الله تبارك وتعالى واذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول خيركم من اه طال عمره وحسن عمله فشركم من طال عمره كيف يسعى في جنون من عقل نعم واتق الله فتقوى الله ما جاورت قلب امرئ الا وصل. ليس من يقطع طرقا بطلا انما من يتق الله البطل بعد ان حذره من جملة من المخاطر التي واهجر الخمرة ان كنت فتى هذه الفتوة الحقيقية الفتوة الحقيقية ان تجاهد نفسك تصونها مما يشينها عند الله سبحانه وتعالى وعند الناس هذا معنى قوله واهجر الخمرة ان كنت فتى بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين. وصلى الله وسلم على رسوله الامين وعلى اله وصحبه اجمعين اللهم اصلح لنا نياتنا وذرياتنا واحسن ختامنا يا ارحم الراحمين اما بعد ايها الاخوة يقول النبي صلى الله عليه وسلم بما رواه البخاري في الصحيح من حديث ابي بن كعب رضي الله عنه قولوا صلى الله عليه وسلم ان من الشعر لحكمة وفي بعض الروايات ان من الشعر حكما وقوله صلى الله عليه وسلم حكم هو بمعنى الحكمة فان لفظ الحكم يأتي بمعنى الحكمة كما في قوله تعالى واتيناه الحكم صبيا. اي الحكمة صبيا في هذا الحديث يشير النبي صلى الله عليه وسلم الى معنى يتعلق بمعاني الحكمة التي هي كما تعلمون نعمة من نعم الله سبحانه وتعالى على الانسان ان يرزقه الله سبحانه وتعالى الحكمة كما قال عز وجل في كتابه يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤتى الحكمة فقد اوتي خيرا كثيرا الحكمة من اعظم ما ينعم الله سبحانه وتعالى به على الانسان وهذه الحكمة هي بمعنى كل شيء يمنعك من الوقوع في الخطأ والزلل فانه يسمى حكمة فهو اسم جامع لكل ما يمنع الانسان من الوقوع في الخطأ والزلل واول ما يدخل في ذلك كتاب الله تبارك وتعالى فانه ينبوع الحكمة ومعينها ولهذا قال تعالى ذلك مما اوحى اليك ربك من الحكمة والقرآن الكريم هو ينبوع الحكمة ويدخل في ذلك ايضا سنة النبي صلى الله عليه وسلم فانها من الحكمة كما قال الله تبارك وتعالى في كتابه واذكرن ما يتلى في بيوتكن من ايات الله والحكمة والحكمة اذا اطلقت فيما يقابل القرآن الكريم فهي كما يقول الامام الشافعي رحمه الله التي يحصل الانسان فيها دروبا من الحكمة التي اخذت من تجارب الحياة واخذت من كلام العقلاء ومما قاله الشعراء في الحكمة اداب والاخلاق هذه اللامية لامية ابن الوردي واللامية كما تعلمون هي نسبة الى حرف اللام لان القافية جرت على هذا الحرف او حرف الروي في القافية على حرف اللام وكثير من قصائد الشعراء التي اشتهرت باللامية وتضمنت كثيرا من صور الحكمة ومنها في الجاهلية لمية امرئ القيس التي هي احدى معلقاته او احدى المعلقات المشهورة نبكي من ذكرى حبيب ومنزل بسقط اللوا بين الدخول فحومل ومنها لامية لبيد بن ربيعة رضي الله عنه التي قال في اولها ان تقوى ربنا خير نفل وباذن الله ريثي وعجل ومنها ايضا لمية كعب بن زهير رضي الله عنه التي قال في اولها بانت سعاد فقلبي اليوم متبول. متيم اثرها لم يفدى مقبول ومنها ايضا لمية العرب للشنفرة التي قال في اولها اقيموا بني امي صدور مضيكم فاني الى قوم سواكم لم يلوا ومنها ايضا لبية العجم للطغراء هذه اللامية التي قوبلت بها لامية العرب للشنفرة اصالة الرأي صانتني عن الخطل وحلية الفضل زانتني لدى العطل ومنها ايضا لامية الروم لابن الحكيم الحلبي رحمه الله التي قال في اولها حتى ما انظموا من دمعي ومن غزلي ادلة وحبيب القلب معتزلي ومنها هذه اللامية لمية ابن الورد التي تسمى بنصيحة الاخوان هذه اللامية التي ذكر فيها جملة من الحكم والاداب الشرعية التي خاطب بها ولده ابا بكر ناصحا له ومحذرا له من كثير من الاخطار التي تتهدد او تهدد الشاب في طريقه الى الله سبحانه وتعالى وهي عبارة عن سبعة وسبعين بيتا على بحر الرمل فاعلات فاعلات فاعل فاعلات فاعلات فاعل وهذه القصيدة من اهميتها كان الاطفال يحفظونها المدارس في بعض بلاد المسلمين فكان الصبيان يحفظون هذه القصيدة من اجل ان يتحلوا بما فيها من الاخلاق والاداب الشرعية والقيم وقد نظمها الفقيه الاديب عمر ابن الورد عمر ابن مظفر ابن الورد الشافعي رحمه الله كان اديبا وفقيها وشعره له حلاوة هو عليه طلاوة كما يقول العلماء فنظم هذه القصيدة التي بين ايديكم والتي تحوي كثيرا من الحكمة والاداب الشرعية ونبدأ فيها على بركة الله بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وصلى الله وسلم وبارك على رسوله ومصطفاه وبعد قال ابن الوردي رحمه الله اعتزل ذكرى الاغاني والغزل وقل الفصل وجانب من هزل. ودع الذكر لايام الصماء فلايام ودع الذكر لاي مصبا. فلاي مصبا نجم افل ان اهل عيشة قضيتها ذهبت لذاتها والاثم حل يقول ابن الوردي رحمه الله تعالى في اول هذه القصيدة اعتزل ذكرى الاغاني والغزل وفي بعض النسخ اعتزل لذكرى الغواني والغزل وقل الفصل وجانب من هزل اعتزل من الاعتزال وهو الترك والاعراض عن الشيء ذكرى الغواني الغواني جمع غانية والغانية هي المرأة الجميلة وسميت بذلك لانها استغنت بجمالها الطبيعي عن الزينة والمحسنات والغزل هو الكلام الرقيق الكلام الرقيق حسا ومعنى فيسمى غزلا في لغة العرب واما على الرواية الثانية الاغاني فالاغاني جمع اغنية بالتشديد على الاصح وهي اللحن والغناء المعروف وكل الفصل الفصل هو الابانة والقطع وجانب من هزل من الهزل وهو اللعب والمزاح فابن الورد رحمه الله يبدأ هذه النصائح بهذه النصيحة وهذا التحذير من فتنة النساء فيوجه ولده وابنه الى عدم تعلق والاهتمام بقضايا النساء كما يقع فيه بعض الشباب الذين يتعلقون بهذه الامور وهذه المعاني التي تفسد اخلاقهم وتفسد اديانهم بعد ذلك وهو يدعوه الى ان يحذر من هذه الفتنة وبدأ بالتحذير من هذه الفتنة لانها اشد الفتن التي تصيب الانسان ولهذا بدأ الله تبارك وتعالى بها لقوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين فبدأ بهذه الفتنة التي اخبر النبي صلى الله عليه وسلم عنها بانها اعظم الفتن قال صلى الله عليه وسلم ما تركت فتنة بعدي اضر على الرجال من النساء قال بعض السلف الصالح ما ايس الشيطان من احد الا جاءه من قبل النساء فبدأ بهذه النصيحة التي يدعو فيها ابنه وابا بكر الى العفة والطهارة وان يكون بعيدا عن هذه الشهوات المحرمة التي تفسد دين الانسان وتفسد اخلاقه اعتزل ذكرى الغواني والغزل وقل الفصل وجانب من هزل حذره من هذا الشر ولكن في نفس الوقت دعاه الى ان يشغل نفسه بالخير لم يكتفي بتحذيره من الشر ولكن كمله بالنصيحة الثانية وهي ان يشتغل بالخير لماذا؟ لان النفس اذا لم تشغلها بالخير فانها ستشغلك بالباطل لا يكفي ان تعتزل الشر ثم تقف فلا تصنع شيئا من الخير تربية الانسان لنفسه ان يعزلها وان يبعدها عن الشر ولكن ان يشغلها بطاعة الله تبارك وتعالى وصور الخير لان النفس اذا تركت فارغة فانها ستنشغل بالشر وتحن اليه وهذه كما يسميها المتقدمون بالتحلية بعد التخلية التحلية بعد التخلية يعني تخلي نفسك من الشر وتطهرها منه صوره ثم بعد ذلك تحليها بهذا الخير وتسمى عند المتأخرين بنظرية ملء الفراغ ملء الفراغ بمعنى ان الاناء اذا لم يمتلئ بالماء فانه سيمتلئ بالهواء وهذه من امور التربوية التي ينبغي الالتفات اليها وهي ان الانسان لا يكتفي باعتزال الشر ولكنه يشغل نفسه بالخير لان النفس اذا ما شغلتها بالخير فانها ستحن الى الشر وتعود اليه وهذه هي صفة المسلم ايها الاخوة صفة المسلم هي هذه الجدية في الحياة ان يكون انسانا جادا يقول الفصل ويتجنب من هزل هذا هو الاصل في شخصية المسلم ان يكون جادا ساعيا للخير ومشغولا بالامور الجادة في هذه الحياة لان هذا هو الذي يقتضيه قصر هذه الحياة وتقتضيه الغاية التي خلق الانسان من اجلها في هذه الدنيا افحسبتم انما خلقناكم عبثا وانكم الينا لا ترجعون فتعالى الله الملك الحق فهذا الذي يقتضيه قصر الزمن الذي يعيشه الانسان وتقتضيه جلالة وشرف الرسالة التي خلق من اجلها الانسان ولا يعني ذلك الا يميل الانسان الى اللهو المباح والى شيء من المزاح احيانا فان هذا بسنة النبي صلى الله عليه وسلم انه كان يمزح ولا يقول الا حق فيمزح احيانا عليه الصلاة والسلام ولكن مزاحه كان في اطار الخلق الكريم والادب مزح امرأة عجوزا وقال لا يدخل الجنة عجوز فحزنت لهذا وهو يقصد ان المرأة لا تدخل الجنة وهي عجوز ولكنها تعود شابة النبي صلى الله عليه وسلم كان يمازح اصحابه ولكن هذا كما يقال كالملح في الطعام المبالغة والزيادة فيه تضر صاحبها فهذا معنى قوله رحمه الله تعالى اعتزل ذكر الغواني والغزل وقل الفصل وجاذب من هزل ودع الذكرى لايام الصبا فلايام الصبا نجم افل يا مصيبة يعني ايام الطفولة نجم افل من الافول وهو السقوط والغياب والذهاب ومنه قوله تعالى فلما افل قال لا احب الافلين يعني فلما غاب وسقط هذا الكوكب قال لا احب الساقطين والغائبين وابن الوردي رحمه الله ينصح ولده بترك التذكر والتعلق والحديث عن ايام الطفولة والصبى لانها ايام قد ذهبت والحديث عن الماضي هو تضييع للحاضر وحق الانسان ان يشغل حاضره بالاعمال الجادة والاعمال الصالحة ويكفي الانسان ما ضاع من ايام عمره فهو يدعوه الى هذا الى هذا الادب وهو الحرص على استثمار الحاضر بطاعة الله تبارك وتعالى والا ينشغل الانسان عن ذلك بالحديث عن الماضي والحديث عن الطفولة هذا امر يميل اليه الانسان بغريزته وجبلته لان ايام الطفولة في الغالب هي ايام سرور وايام فرح عاشها الانسان بين اهله واولاده واصحابه قرير العين بعيدا عن المسئوليات والواجبات فالانسان يميل بطبعه الى تلك الايام لحسنها وجمالها وكلما كبرت سن الانسان ازداد فيه هذا الميل وهذا الحنين الى الى الماضي ولهذا يسمى الشيخ الكبير بالكنتي كانوا يسموه بالكنتي لانه دائما يقول كنت وكنت وكنت وفعلت ويتحدث عن الماضي دائما والحديث عن الماضي اذا كان بدافع اخذ العبرة او بدافع التحدث بنعمة الله تبارك وتعالى فهو امر حسن ولكن الاولى بالانسان الا يضيع اوقاته بذكريات الماضي واحاديث الماضي بدون هذه المعاني والفوائد التي اشرت اليها لان استثمار الحاضر فيما ينفع الانسان عند الله تبارك وتعالى اولى من الاشتغال بهذه الامور السابقة والاحاديث التي ربما لا تقدم ولا تؤخر شيئا وخاصة اذا كبرت سن الانسان وساعمل الانسان احوج ما يكون في ايامه الاخيرة الى الاجتهاد في طاعة الله تبارك وتعالى والاستعداد الرحلة القادمة التي لا لا فرارا منها وهي الرحلة الى الله سبحانه وتعالى والدار الاخرة ثم يقول ان احلى عيشة قضيتها او قضيتها ذهبت لذاتها والاثم حل ان احلى عيشة في بعض النسخ ان اهنى عيشة من الهناء بمعنى السعادة والعيشة هي الحياة قالوا فلان عائش وفلانة عائشة من هذا المعنى من الحياة من العيش بمعنى الحياة قضيتها ذهبت لذاتها. اللذات هي الشهوات والاثم حل الاثم هو الذنب والمعصية والاثام هو العذاب ومن يفعل ذلك يلقى اثاما يعني عذابا ويأتي الاثم في القرآن بمعنى المفسدة وضدها المنفعة كما قال تعالى فيهما اثم كبير ومنافع للناس بالاثم هنا بمعنى المفسدة وليس بمعنى الذنب لانه قابله بالمنفعة فيهما اثم كبير ومنافع للناس ابن الوردي رحمه الله يقول لابنه ان الايام الجميلة واللذائذ التي عشناها قد ذهبت ومضت وبقيت تبعاتها وبقيت تبعاتها وهذه طبيعة الحياة الدنيا هي لذة ساعة ولكنها حسرة عمر لذة الحياة المحرمة هي من هذا الباب هي لذة ساعة ولكنها حسرة لباقي العمر يتحسر فيها الانسان على هذا العمل الذي وقع فيه ويشكو من تأنيب الضمير ان كان له ضمير حي لهذه الزلات ولهذه الاعمال التي وقعت ولهذا الانسان العاقل لا يغتر بهذه الحياة الدنيا وقد وصفها الله سبحانه وتعالى بانها متاع الغرور تغر الانسان باولها ويركن اليها الانسان ثم يكتشفوا بعد ذلك انها لا تستحق هذا العناء ولا تستحق هذا التعلق ولا تستحق هذه التضحية بالدين والخلق من اجلها وهو تحذير من شهوات هذه الحياة الدنيا ومن شهوات هذه الدنيا المحرمة ولهذا قال فيها الشاعر دفنا اللذاذة ممن نال صفوتها من الحرام ويبقى الاثم والعار ويبقى الاثم والعار تبقى عواقب سوء في مغبتها لا خير في لذة من بعدها النار الانسان العاقل يتدبر هذه الامور ولا يغتر بهذه الشهوات فانها لذائذ عابرة ولكن تبقى اثارها كم من انسان اعطى لنفسه رغبتها وميلها من الحرام بساعة ولكنه ندم بقية عمره على هذا الانحراف وعلى هذه المعصية نعم واترك الغادة لا تحفل بها تمشى في عز رفيع وتجل وافتكر في منتهى حسن الذي انت تهواه تجد امرا جلل واهجر الخمرة ان كنت فتى كيف يسعى في جنون من عقل؟ طيب يقول رحمه الله تعالى واترك الغادة لا تحفل بها تمسي في عز وترفع وتجل في بعض النسخ في عز ضفيع وتجل واترك الغادة الغادة والغداء هي الفتاة الناعمة واللينة لا تحفل بها من الاحتفال والاحتفال يطلق في لغة العرب على معنيين يطلق على الاهتمام الزائد بالشيء احتفل به اهتم به اهتماما زائدا ويطرق الاحتفال على الاجتماع كما يقال اجتمعوا في احتفال كبير يعني في اجتماع كبير تنسي في عز وترفع وتجل كذلك ينصحه بان لا يتعلق بالفتيات والنساء وانه ان صنع ذلك وعف عن هذه الامور وتسامى عنها فان الله سبحانه وتعالى سيجزيه بهذا الجزاء وهو العزة والرفعة والشرف والجلالة وهذه من اعظم ثواب الطاعة من اعظم ثواب الطاعة ومجاهدة النفس ان الله سبحانه وتعالى يعطيك عزة المؤمن ويعطيك جلالة الطائع لله تبارك وتعالى واملأ قلبك نورا وعزة وشرفا بعكس المعصية معصية لها ذلة باصحابها تكاد تراها في وجوه هؤلاء العصاة وفي حياتهم وكلماتهم الطاعة من ثوابها العزة والشرف وهو يدعوه الى ان يعرض عن التعلق بهذه المعاني والتحذير منها واذا الحت هذه الغرائز على الانسان الشرع قد فتح باب العلاج لهذه الامور وهو الزواج الشرعي كما قال الله سبحانه وتعالى فانكحوا ما طاب لكم من النساء وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فانه اغض للبصر واحصن للفرج الشاب المؤمن لا يتعلق بهذه المعاني الا على وجه احله الله سبحانه وتعالى وهو الزواج الشرعي وما عدا ذلك فهو يجاهد نفسه ويتسامى ويتمسك باهداب العفة والطهارة والفضيلة ويورثه الله سبحانه وتعالى شرف الطاعة والعفة كما اشار اليه المؤلف رحمه الله تعالى النسخة التي عندي هناك بعض التقديم والتأخير لبعض هذه الابيات وآآ بنسخة وروايتي بعد هذا البيت والها عن الة لهو اضربت وعن الامراض مرتج الكفن فنأخذ الابيات كما اه قرأها القارئ وافتكر او قبلها بيت وافتكر في منتهى حسن الذي انت تهوى تجد امرا جللا وافتكر يعني تفكر وتذكر وان كان الزبيدي رحمه الله يرى ان ان كلمة افتكر ليست عربية اه صحيح انما يقال تفكر وتذكر ولا يقال افتكر تجد امرا جلل اصله من الناحية اللغوية تجد امرا جللا بالنصب ولكن للورد اوردها على لغة ربيعة الذين يقفون على المنصوب المنون بالالف بالسكون تجد امرا جلل والاصل جللا والجلل في لغة العرب لفظ مشترك يطلق على الشيء العظيم ويطلق على الشيء الحقير ايضا الصغير قل رأيت امرا جللا وتقصد به امرا عظيما ويمكن ان تقول امرا جللا وتقصد به شيئا هينا وحقيرا ثم قال تلك المرأة لما مات آآ زوجها وولدها في غزوة من الغزوات فلما رأت النبي صلى الله عليه وسلم قالت كل امر او كل شيء دونك جلل دونك جلل. يعني كل مصيبة في غيرك فهي مصيبة صغيرة وهينة فلفظ جلل هو من الالفاظ المشتركة في لغة العرب التي تطلق على هذا وتطلق على هذا وكل منهما يصح ان يفسر به هذا البيت الناظم رحمه الله يقول تأمل وتذكر في هذا الشخص الذي تعلقت به هذا التعلق تأمل فيه فانك تجد امرا جللا يعني امرا عظيما في القبح او تجد امرا جللا يعني امرا هينا وحقيرا لا يستحق منك هذا التعلق فهو يدعو الى تأمل العقلي بهذا الشيء الذي يتعلق به بعض الناس في هذه المرأة التي يتعلق بها بعض الناس تجد امرا جلل يعني امرا قيرا او امرا عظيما في القبح لا يستحق هذا التعلق منك لا يستحق هذه التضحية بالدين والاخلاق من اجلها وهذا كما قال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه اذا تعلقت نفس احدكم بامرأة فليذكر مناتنها يعني فليتذكر جوانب العيب والنقص فيها ان هذا التعلق النفسي يضعف بهذا التأمل في المساوئ والعيوب وهذا هو الذي قال فيه المتنبي لو فكر العاشق في منتهى حسن الذي يسبيه لم يسبه يعني لو فكر الانسان العاشر في اه عيوب هذا المعشوق لما تعلق به هذا الدين ولما صار مجنونا كما قيل له قيل لبعضهم ووصف بهذا الوصف وصف المجنون ولهذا لما تكلم بعض العلماء عن العشق قال العشق وهو عدم بالنظر في عيوب المعشوق ومن نظر في عيوب المعشوق سلا سلا يعني لم يقع اسيرا لهذا العشق العشق هو العمى عن عيوب المعشوق او المحبوب فابن الوردي رحمه الله ينصح ولده بهذه النصيحة انه اذا تعلقت نفسك بشيء من هذه الشهوات المحرمة او بشيء من النساء ونحو ذلك فتذكر وتأمل في عيوب هذا الشيء وجوانب النقص فيه وهذا المعشوق مهما كان حسنا وجميلا فمنتهاوي للشيخوخة والكبر انتهاه الى الضعف والى المرض ولو اعطي العاشق صورة من صور المتأخرة التي سيؤول اليها هذا المعشوق لربما لم يتعلق قلبه بهذا الشخص فهذه دعوة الى التأمل العقلي في هذه الاشياء حتى لا يقع الانسان اسيرا له وافتكر في منتهى حسن الذي انت تهواه تجد امرا جلل نعم واهجر الخمرة ان كنت فتى ثم قال واهجر الخمرة ان كنت فتى كيف يسعى في جنون من عقل الخمر والخمرة هي كل مسكر بمفهوم الشرع كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح قال كل مسكر خمر وكل خمر حرام هذا تعريف شرعي للخمر وانه يشمل كل ما يسكر العقل ويغطيه وهذا الحديث من الاحاديث التي سميت بسلسلة الذهب لانه يرويها الشافعي عن مالك عن نافع عن ابن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم للورد يعطينا صور من الانحرافات التي كانت موجودة في تلك المجتمعات وهي موجودة حتى في مجتمعات متأخرة فيحذر ابنه من هذه المعصية ثم يبدي تعجبه ويقول كيف يسعى في جنون من عقل يتعجب كيف ان الانسان العاقل الذي اكرمه الله سبحانه وتعالى بنعمة العقل التي يميز بها الانسان بين الخير والشر وبين الحسن والقبيح يأتي في شرب هذا المشروب ليغطي على هذه النعمة ويزيلها ويصير مثل المجنون لهذا بعض بعض الناس في الجاهلية لم يشربوا الخمر لا ديانة ولكن مروءة رأوا حال شارب الخمر وما يؤول اليه امره فتنزهوا عن هذا الفعل من باب المروءة وليس من باب التدين تهدده وتؤثر في اخلاقه ودينه دعاه الى الاخلاق الفاضلة اداب الشرعية التي اولها ورأسها تقوى الله سبحانه وتعالى واتق الله والتقوى كلمة وجيزة في الفاظها لكنها واسعة في معناها فالتقوى هي حالة في القلب حال قلبية وحالة نفسية كما قال صلى الله عليه وسلم الا ان التقوى ها هنا واشار الى صدري. فهي حقيقتها حالة في القلب يترتب عليها او ينشأ عنها انضباط في السلوك والعمل ما هذا الانضباط هو كما قال اهل العلم فعل الاوامر واجتناب النواهي فتقوى الله سبحانه وتعالى في حقيقته اذا شعور ومراقبة لله سبحانه وتعالى وخشية للمولى عز وجل ينشأ عنها انضباط في سلوك الانسان في كلماته في تصرفاته هذه هي التقوى وابن الورد يقول اتق الله فتقوى الله ما جاورت قلب امرئ الا وصف يعني هذه التقوى لا تحل في قلب الانسان وفي قلب الشخص الا وصل الى مرضاة الله سبحانه وتعالى ولهذا جعلها الله وصيته للاولين والاخرين ولقد وصينا الذين اوتوا الكتاب من قبلكم واياكم ان اتقوا الله وجعلها وصيته للناس ويكفي التقوى شرفا انها هي المعيار الذي يتفاضل به الناس عند الله تبارك وتعالى يوم القيامة ان اكرمكم عند الله اتقاكم ويكفي التقوى شرفا انها سبب توزع التوسعة في الارزاق وسبب لرفع الهموم والمصائب كما قال الله تبارك وتعالى ومن يتق الله يجعل له من امره يسرا ومن يتق الله نعم ويرزقه من حيث لا يحتسب ويرزقه من حيث لا يحتسب فتقوى الله سبحانه وتعالى هي سبب لزوال هذه الهموم والمصائب وتفريج الكربات كما هو سبب لتوسعة الارزاق ايضا ولهذا نصحه بهذه الصفة ثم قال له ليس من يقطع طرقا بطلا هي طرقا بالضم في الاصل جمع طريق الطريق هو السبيل وزنا ومعنى ولكن سكن المتحرك لضرورة الوزن ليس من يقطع طرقا بطلا انما من يتق الله بطل بطله الشجاع ويقول له ليس الشجاع الذي يقطع الطريق على الناس ويسلب اموالهم ويؤذيهم انما البطل حقيقة هو من يتق الله سبحانه وتعالى لان الانتصار على الغير سهل هذا لكن الصعب ان تنتصر على النفس على شهواتها ورغباتها وغرائزها الانسان دائما يداهن نفسه ويقبل منها ما لا يقبل من الاخرين وهكذا المفاهيم عندما تختل عند الشباب يأتي هذا الاختلال في السلوك كثير من الشباب يعتبر البطولة في بايذاء الناس يعتبر الرجولة في التدخين مثلا ما يصير رجال الا لما يدخن المفاهيم هذي لما تختل عند الشباب تختل سلوكياته فهو يشير له بان مفهوم البطولة وهو المفهوم الذي يتعلق به الشباب في سن ابي بكر هذا المفهوم ليس هو الايذاء للناس والتعالي على الناس وسلب حقوق الناس وانما هو تقوى الله سبحانه وتعالى كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ليس الشديد بالصرعة انما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب ليست شديد القوي الذي يصرع الناس قول الشديد والقوي هو الشخص الذي يملك نفسه عند الغضب. يسيطر على نفسه وهذا هو مقصود الشرع مقصود الشرع هو انه يعلمك كيف تسيطر على هذه النفس وتسيرها على منهج الله تبارك وتعالى لا على اهوائها وغرائزها لان ترك النفس لتسير في اهوائها وغرائزها لتضر بالانسان في الدنيا قبل الاخرة