الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اما بعد فهذا هو المجلس الثالث والعشرون من شرح كتاب القياس من لب الاصول لشيخ الاسلام زكريا الانصاري رحمه الله تعالى ورضي عنه ونفعنا بعلومه في الدارين وما زلنا مع آآ الكلام عن قوادح العلة وكنا وصلنا لكلام المصنف رحمه الله تعالى ومنها فساد الاعتبار بان يخالف نصا او اجماعا وهو اعم من فساد الوضع قال وله تقديمه على المنوعات وتأخيره عنها وجوابه كالطعن في سنده والمعارضة ومنع الظهور والتأويل فيقول شيخ الاسلام رحمه الله تعالى ومنها فساد الاعتبار. يعني ومن القوادح فساد الاعتبار والمقصود بفساد الاعتبار يعني ان يبين المعترض ان الحكم الذي دل عليه قياس المستدل مخالفا لدليله من الكتاب او السنة او الاجماع اعتبار ان القياس اذا خالف نصا من كتاب او سنة او خالف اجماعا فان القياس لا يعتبر طيب السؤال الان لماذا لم نعتبر القياس اذا كان مخالفا لدليل من الكتاب والسنة او اذا كان مخالفا للاجماع قالوا لامرين الامر الاول اجماع الصحابة رضي الله تعالى عنهم الصحابة رضي الله عنهم كانوا يقولون بالقياس وكانوا يستدلون ويقرون بالقياس ويستخرجون احكام بعض الحوادث وبعض النوازل عن طريق القياس لكن بشرط عندهم وهو الا يكون الحكم ثابتا من طريق الكتاب او من طريق السنة او من طريق الاجماع ويكون مخالفا لهذا القياس الذي قالوا به فلو كان الحكم الثابت عن طريق القياس مخالفا لكتاب او سنة او اجماع فان الصحابة رضي الله تعالى عنهم لا يعتبرون القياس في هذه الحالة. يبقى هذا هو الامر الاول الامر الثاني وهو حديث معاذ رضي الله عنه وارضاه وهو آآ مختلف في صحته لكن صححه جماعة من المحدثين وفيه ان النبي صلى الله عليه وسلم سأل معاذا رضي الله عنه لما بعث آآ لما بعثه الى اليمن فقال بما تحكم قال احكم بكتاب الله فان لم تجد قال فبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فان لم تجد قال اجتهد رأيي ولا ال. يعني لا اقصر فاذا جعل الاجتهاد الذي هو القياس في مرتبة متأخرة بعد الكتاب والسنة فهذا مما يستدل به على ذلك على ان القياس في مرتبة ثالثة فلا يمكن ان نعتبر القياس وهو مخالف لما جاء في القرآن او لما جاء في السنة وكذلك اذا كان مخالفا للاجماع. طيب لماذا سمي هذا اذا بفساد الاعتبار لماذا قلنا ان القياس اذا كان مخالفا للقرآن او السنة او الاجماع هو قياس فاسد الاعتبار؟ لان اعتبار القياس مع النص الاجماع اعتبار له مع دليل اقوى منه فهنا يكون الاعتبار فاسد هنا يكون الاعتبار فاسد لاجماع الصحابة رضي الله عنهم وكذلك لحديث معاذ رضي الله عنه وارضاه اذا فساد الاعتبار كما يذكر شيخ الاسلام ان يخالف نصا او اجماعا يأتي الان سؤال اخر وهو كيف نجيب عن هذا القادح؟ بمعنى لو استدل المستدل على حكم حادثة ما من خلال القياس يبقى قال الحكم في هذه الحادثة كذا. والدليل على ذلك هو القياس. فجاء معترض واعترض عليه بان القياس فاسد الاعتبار. يعني لا يعتبر. طيب لماذا قلت انه فاسد اعتبار ايها المعترض قال لانه مخالف لنص من القرآن او لنص من السنة او انه مخالف للاجماع. فالمستدل كيف يجيب ذلك؟ الاجابة عن ذلك عن اعتراض هذا المعترض انما يكون بايراد المناقشات التي ترد على الاستدلال بالكتاب او السنة او الاجماع فاذا اردنا ان نفصل ذلك فنقول لان المعترض بيقول قياسك مخالف لنص من الكتاب وهو قول الله عز وجل كذا وكذا فهنا المستدل علشان يجيب على هذا الاعتراض سيولد المناقشات التي ترد على الاستدلال بالكتاب. كما لو انه استدل بالكتاب ابتداء فيقول ان الاية التي زعمت انها تعارض قياسي منسوخة او يقول الاية التي اوردتها ايها المعترض لها قراءة اخرى توافق ما قلته من القياس او يأتي ويقول هذه الاية مؤولة. يعني محمولة على غير ظاهرها. لماذا؟ لانه الدليل الذي يقتضي هذا التأويل او انه يقول هذه الاية مثلا يعني دلت بعموم وقد جاء المخصص وهذا المستدل لا يرى الاستدلال بالعموم الذي دخله التخصيص وهذه مسألة مختلف فيها بين الاصوليين او انه يقول جوابا على اعتراض المعترض يقول هذه الاية التي ذكرتها قد عارضتها اية اخرى فتعارضت الايتان. ولهذا لا يتم لنا الاستدلال بهما فلا يتبقى لنا الا القياس الذي قلت به. وهكذا يعني الى اخر الاعتراضات والمناقشات التي يمكن ان توجه الى الاستدلال بكتاب الله تبارك وتعالى نضرب مثالا على ذلك يأتي المستدل ويقول صوم رمضان مفروض. فيشترط له تبييت النية. قياسا على صوم القضاء يبقى هنا دعوى هذا المستدل اشتراط النية في صوم رمضان. دليله على ذلك هو القياس على صوم القضاء. فاتفق العلماء على النية في صوم القضاء فكذلك بالنسبة لصوم رمضان حال الاداء. يشترط له تبييض النية يبقى هنا مستدل استدل على ذلك بايش؟ بالقياس فيأتي المعترض ويقول قياسك هذا فاسد الاعتبار. واحنا عرفنا يعني ايه فاسد الاعتبار؟ يعني مخالف القرآن او للسنة او للاجماع طيب ما وجه فساد الاعتبار في هذا القياس قال لانه يخالف نصا من القرآن وهو قول الله عز وجل والصائمين والصائمات الى اخر الاية. فهنا اطلق الله عز وجل الصيام فيكون صحيحا. يعني هنا اثنى سبحانه وتعالى على الصائمين واثنى على الصائمات. ولم يذكر سبحانه وتعالى تبيتا للنية يبقى هنا افسد هذا القياس لانه مخالف لنص من القرآن. المستدل سيجيب الان عن هذا الايراد. فيقول انا امنع كون هذه الاية ظاهرة الدلالة على صحة الصوم دون تبييت النية لان الصيام في هذه الاية مطلق ونحن قيدنا هذا المطلق بقول النبي صلى الله عليه وسلم لا صيام لمن لم يبيت النية من الليل يبقى هنا لما اتى له باية وافسد قياسه لانها مخالفة لهذه الاية ناقش ذلك ناقش هذا الايراد على هذا النحو. ان هو بين ان هذه الاية وان كان ظاهرها الاطلاق لكنها مقيدة بقيد وهو ما ورد في حديث النبي عليه الصلاة والسلام طيب نفترض الان ان المعترض قال ان قياسك هذا قد خالف نصا من السنة. هو فاسد الاعتبار لانه خالف نصا من السنة فهنا ايضا سيأتي المستأذن كما قلنا تماما فيما لو قاله هو مخالف للقرآن. كذلك هنا فيما لو قال هو مخالف للسنة. فالمستدل ايورد المناقشات التي ترد على الاستدلال بالسنة. كما لو استدل بالسنة ابتداء يورد عليه نفس المناقشات التي ذكرناها في الاستدلال بالكتاب ويزيد على ذلك امرا اخر وهي المناقشات والاعتراضات على السند بان يقدح في عدالة او في حفظ راوي الحديث او ان يثبت ان راوي الحديث قد خالف ما رواه او ان الرواية قد اختلفت او يسبت ان هذا الحديث الذي ذكره المعترض معارض بحديث اخر فيتساقطان وبالتالي سيسلم له القياس وهكذا الى اخر الاعتراضات والمناقشات التي يمكن ان توجه الى الاستدلال بالسنة فلو اردنا ان نضرب مثالا على ذلك جاء المستدل فنقول جاء المستدل وقال لا يجوز السلم في الحيوان لماذا؟ لانه غير منضبط. قياسا على السلم في المختلطات وهذا درسناه في المعاملات والبيوع. عرفنا ان بيع السلم يشترط له شروط. ومنها ان يكون ان يكون السلم فيما ينضبط بالصفات فيأتي ويقول لا يجوز السلف في الحيوان لانه غير منضبط. قياسا على السلم في المختلط. يعني الاشياء المختلطة. فهذا لا سلم فيها فيأتي المعترض ويقول قياسك هذا فاسد الاعتبار لانه قد خالف حديثا ثابتا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهو انه في السلم فيقول السلم هذا لفظ عام هذا كلام المعترض بعدما اورد كلام النبي صلى الله عليه وسلم اراد هنا ان يبين وجه الدلالة فقال السلم هنا عام في جميع ما يمكن ان يكون فيه. لان آآ كلمة السلام جاءت اه مقرونة بالالف واللام التي تدل على الاستغراق فهذا يفيد العموم والسلام فرد من افراد هذا العموم فيجوز السلام في كل شيء وانت قلت ايها المستدل لا يجوز في الحيوان. فانت بذلك قد عارضت بقياسك ظاهر هذا الحديث فهنا يأتي المستدل ويجيب عن هذا بقوله ان هذا الحديث يحمل على ما سوى الحيوان مما يمكن ضبطه سواء من المكيلات او الموزونات دل على هذا الحمل قول النبي عليه الصلاة والسلام من اسلف في شيء فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم الى اجل معلوم في حينئذ سيجيب عن الاستدلال بذلك وآآ بهذا النحو اللي هو يناقشه كما لو استدل بالسنة ابتداء طيب نفترض الان ان هذا الاعتراض قد توجه الى استدلال هذا المستدل باعتبار انه مخالف للاجماع يعني قال المعترض قياسك هذا ايها المستدل قد خالف اجماعا فهو فاسد الاعتبار لاجل ذلك. يبقى المستدل سيجيب عن هذا بان يورد المناقشات والاعتراضات التي ترد على الاستدلال بالاجماع كما لو كان الاستدلال بالاجماع ابتداء فيورد عليه بان لا يسلم ان هذا مجمع عليه مثلا هذه صورة او يقول الطريق الذي ثبت به هذا الاجماع فيه او يقول هذا الاجماع سكوتي وانا لا اقول بالاجماع السكوت باعتبار انه يعني ليس بحجة عندي او غير زلك من هذه المناقشات او الاعتراضات التي يمكن ان ترد على الاستدلال بالاجماع فمثلا جاء المستدل وقال الرجل لا يجوز له ان يغسل زوجته المتوفاة لان الصلة التي بينه وبينها قد انقطعت فلا يجوز نظره اليها قياسا على الاجنبية. ده واحد مثلا من الحنفية. ويذكر هذا الكلام يقول ان الرجل لو ماتت زوجته لا يجوز له ان يغسلها باعتبار ان الصلة التي بينه وبينها قد انقطعت وهي الزوجية وهي الان صارت اجنبية عنه فلهذا لا يجوز له ان يغسلها ولا ان ينظر اليها. قياسا على المرأة الاجنبية ده هذا كلام المستدل. فالمعترض يقول قياسك هذا فاسد. الاعتبار. لماذا؟ لانه قد خالف الاجماع وهو ان عليا رضي الله عنه هو الان بيولد الاجماع. الذي خالفه هذا المستدل فيقول الاجماع هو ان عليا رضي الله عنه وارضاه قد غسل فاطمة. لما ماتت رضي الله عنها ولم ينكر عليه احد من الصحابة فكان اجماعا على جواز ذلك كيف يجيب المستدل عن هذا؟ يجيب المستدل بانه يمنع صحة سند هذا الاجماع بمعنى انه يقول لم يصح ان عليا رضي الله عنه غسل فاطمة هذا وجه او يقول لو سلمت لو سلمتوه بان عليا وقع منه ذلك فلا اسلم انه قد اشتهر لا اسلم ان الصحابة رضي الله تعالى عنهم كلهم قد سمعوا وعلموا بذلك وسكتوا فلا اسلم بهذا او يقول اسلم بانهم علموا ذلك ولم ينكروا. ولا اقول بحجية الاجماع السكوت لا اقول بحجية الاجماع السكوت فهنا سيجيب عن دعوى مخالفة القياس للاجماع بمثل هذه المناقشات والايرادات والاعتراضات ثم ذكر الشيخ رحمه الله تعالى هنا مسألة اخرى وهي الفرق بين قادح فساد الاعتبار وقادح فساد الوضع فبعض العلماء كشيخ الشرازي رحمه الله تعالى وغيره يجعل فساد الوضع وفساد الاعتبار من باب ترادف الالفاظ. بمعنى انه يجعل احدهما مغنيا عن الاخر هذا الذي ذهب اليه جماعة من الاصوليين وكما ذكرنا منهم الشيرازي رحمه الله تعالى والشيخ رحمه الله تعالى يذكر ان هذا ليس بصحيح وان بينهما فرقا ولهذا جعل الشيخ رحمه الله تعالى لكل واحد منهما مبحثا خاصا به طيب ما وجه الاختلاف بين فساد الاعتبار وفساد الوضع الذي تكلمنا عنه في الدرس الماضي وجه الاختلاف انه اذا كان القياس على هيئة غير صالحة لاخذ الحكم منه. مع انه لم يخالف نصا من كتاب او سنة ولم يخالف اجماعا فان هذا يرد عليه فساد الوضع. نقول هذا فاسد الوضع. باعتبار ان فاسد الوضع وفساد الوضع الا يكون الدليل صالحا لترتيب الحكم عليه فهنا لما يكون القياس غير صالح لاخذ الحكم منه فهذا فساد للوضع وهو هنا لم يخالف نصا من كتاب او سنة ولم يخالف اجماعا فهذا يرد عليه فساد الوضع فقط. طيب نفترض ان القياس كان على هيئة صالحة لاخز الحكم منه. مع كونه مخالف فن لنص من كتاب او سنة او اجماع فهنا سيرد عليه قادح فساد الاعتبار يبقى هنا جاء على هيئة صالحة لاخذ الحكم يبقى لا يمكن ان يرد عليه فساد الوضع. لكن وجدناه مخالف للنص وجدناه مخالفا لنص من كتاب او سنة او مخالفا للاجماع. فهنا سارد عليه قادح فساد الاعتبار فقط طيب نفترض انه كان على هيئة غير صالحة لاخذ الحكم منه مع انه مع ذلك قد خالف نصا من كتابه او سنة او خالف اجماعا. فهنا سيرد عليه القادحان معا وهنا سارد عليه القادحان معا فبينهما فرق على الصحيح كما فصلنا. ولهذا يقول الشيخ رحمه الله وهو اعم من فساد الوضع يعني فساد الاعتبار اعم من فساد الوضع وهذا يعني من وجه وليس العموم هنا في كلام المصنف رحمه الله يعني العموم المطلق. وانما اراد بذلك العموم الوجه وهو اعم منه من وجه واخص منه من وجه اخر كما فصلنا قال وله تقديمه على المنوعات وتأخيره عنها وجوابه كالطعن في سنده والمعارضة ومنع الظهور والتأويل. طيب ايه معنى وله تقديمه على المنوعات؟ يعني فساد الاعتبار يمكن ان يقدمه المعترض اولا ثم يمنع ما ذكره المستدل وله ان يفعل العكس يعني يقدم المنع اولا ثم يبين فساد الاعتراض فهذا جائز وهذا جائز وختم اه كلامه رحمه الله تعالى بالاجوبة التي اه يجيب بها المستدل على المعترض فيما لو اعترض عليه بفساد. الاعتراض هذا فصلناه ثم قال بعد ذلك ومنها منع علية الوصف وتسمى المطالبة والاصح قبوله وجوابه باثباتها نتكلم ان شاء الله سبحانه وتعالى عن آآ هذا القادح الدرس القادم وان نتوقف هنا ونكتفي بذلك وفي الختام نسأل الله سبحانه وتعالى ان يعلمنا ما ينفعنا وان ينفعنا بما علمنا وان يزيدنا علما وان يجعل ما قلناه وما سمعناه زادا الى حسن المصير اليه. وعتادا الى يمن القدوم عليه انه بكل جميل كفيل وهو حسبنا ونعم الوكيل. وصل اللهم وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين