بسم الله الرحمن الرحيم حياكم الله في الحلقة الثانية والعشرين من هذه الحلقات التي اشرح فيها معلقة امرئ القيس كنت في الحلقة السابقة قد بدأت شرح الابيات التي وصف فيها امرؤ القيس بيضة الخدر والتي قال في اولها مهفهفة بيضاء غير مفاوضة ترائبها مصقولة كالسجنجل جاء بعد هذا البيت في بعض نسخ جمهرة اشعار العرب زيادة بيتين اثبتهما بعض الرواة في المعلقة وقال الاصمعي لم اسمع بهما وهما قوله فباتت تمج المسك في في ضجيعها بطيب لثات غير كره المقبل فباتت تمج المسك في في ضجيعها بطيب لثات غير كره المقبل وبات وسادي نحرها وذراعها وقد سلبت عن كل درع ومجول فباتت تمج المسك في في ضجيعها. باتت بات فعل الليلي من قولهم بات يفعل كذا يبيت ويبات بيتا وبياتا ومبيتا وبيتوتة اذا استمر في فعله ليلا تمج من قولهم مج الشراب من فيه يمجه مجا ومج به اذا رماه ولفظه واخرجه والمسك طيب معروف ذكرته عند قوله اذا قامتا تضوع المسك منهما ويريد بالمسك هنا ريقها والريق هو ماء الفم الذي تسميه العرب الرباب في في وجيعها في الاولى حرف جر وفي الثانية الفم الفوه والفوهة والفاه والفيه كلها بمعنى الفم والجمع افواه وحين تضاف فو الى غير ياء المتكلم ترفع بالواو وتنصب بالالف وتجر بالياء فيقال هذا فو محمد وفو ورأيت فا محمد وفاة ونظرت الى في محمد وفيه في الباب الذي تسميه النحاة باب الاسماء الستة او باب الاسماء الخمسة فقوله في في ضجيعها اي في فم ضجيعها فباتت تمج المسك في في ضجيعها وجيعها الظجيع هو المضاجع ويقال للانثى مضاجع وضجيعة من قولهم ضاجع الرجل امرأته اذا نام معها في فراش واحد فهو وجيعها وهي وجيعته فباتت تمج المسك في في ضجيعها بطيب لثات غير كره المقبل بطيب نثات طيب من قولهم طاب الشيء يطيب طابا وطيبا وطيبة وتطيابا اذا لذ وزكى لثات جمع لثة واللثة مركز الاسنان ومغرزها وجمعها لثات ولثين ولثا غير كره المقبل المقبل قد تكون أسماء لمكان التقبيل وهو الفم وقد تكون التقبيل نفسه وكره من قولهم كره الشيء يكرهه كرها وكرها وكراهة وكراهية فهو كريه ومكروه اذا استقبحه فابغضه واباه يقول باتت هذه العذراء التي هي بيضة الخدر ترمي بريقها العطر الذي كانه المسك في فم ضجيعها من فم اللذيذ اللثات طيبها زاكيها غير مكروه المقبل وبات وسادي نحرها وذراعها وقد سلبت عن كل درع ومجول وبات وسادي الوساد والوسادة المخدة وكل ما يوضع تحت الرأس وان كان ترابا او حجارة والجمع وسائد ووسد تقول العرب في وسادة اسادة بالهمز هروبا من ثقل الواو المكسورة. في اول الاسم ومثل ذلك قولهم في وشاح اشاح وفي وعاء وعاء وبات وسادي نحرها وذراعها النحر اعلى الصدر جمعه نحور والذراع ما بين المرفق والرسق ومن اهل اللغة من قال الذراع من طرف المرفق الى اطراف الاصابع والذراع يذكر ويؤنث وجمعه اذرع وذرعان وقد سلبت عن كل درع ومجولي طلبت تلبا فعل من قولهم سلب الانسان ثيابه يسلبه سلبا اذا اخذ ثيابه واختلعها بخفة واختطاف من كل درع ومجول الدرع والدراعة والمدرع والمدرعة. قميص المرأة وجمع درع ادراع والمجول ثوب يثنى ويخاط من احد شقيه ويجعل له جيب تجول فيه المرأة وقيل الدرع قميص المرأة ويكون سابغا وسيعا كدرع الحديد تدرع به المرأة فتصون نفسها والمجول قميص الصبية الصغيرة لانها تجول فيه لصغر سنها ولو امام الرجال الاغراب وهذا هو الاظهر يقول فباتت تمج المسك في في ضجيعها بطيب لثات غير كره المقبل. وبات وسادي. نحرها وذراعها وقد سلبت عن كل درع ومجول الحق ان هذين البيتين نابيان عن بناء القصيدة وهذا يفسر انفراد بعض نسخ جمهرة اشعار العرب بذكرهما ونعود الان الى الابيات المجمع عليها بين الرواة في وصفي بيضة الخدر يقول امرؤ القيس مهفهفة بيضاء غير مفاوضة ترائبها مصقولة كالسجنجل تصد وتبدي عن اسيل وتتقي بناظرة من وحش وجرة مطفلي تصد اي تعرض عني وتصرف وجهها من قولهم صد عنه يصد ويصد قدا وصدودا اذا اعرض عنه وصدف وروي تصدى وتبدي عن اسيل مكانة تصد وتبدي تصدى اصلها تتصدى ثم حذفت احدى التائين استغناء باختها ومعناها تتعرض لنظري. ومن ذلك قول الله تعالى اما من استغنى فانت له تصدى اي تتصدى ومعناها تتعرض له وتقبل عليه يقول انها تتصدى لنظره فتبدي عن اسيل تصد وتبدي عن اسيل. وفي الرواية الاخرى تصدى وتبدي عن اسيل عن اسيل اي تبدي عن خد اسيل والخد الاسيل هو اللين الاملس اللطيف المستوي. دقيق الانف وروي وتبدي عن شتيت والشتيت هو الثغر الذي بين الثنيتين فيه فرق وتباعد مستملح يزيده جمالا وقبولا من قولهم شت جمعهم يشت شتا وشتاتا. فهو شتيت اذا تفرق وتسمي العرب شتت الاسنان ايضا فلجا فتقول هو افلج الاسنان ومفلج الاسنان. اذا كان بين ثنيتيه تباعد مستملح تصد وتبدي عن اسيل وتتقي بناظرة تتقي تفتعل من قولهم وقد شيء يقيه وقيا ووقاية وواقية اذا صانه وستره عن الاذى وحفظه منه وتوقى واتقى اذا صان نفسه من الاذى ومن هذا الباب قولهم التقوى والتقية بناظرة اي بعين ناظرة والنظر حس العين يقال نظر الشيء ينظره نظرا ومنظرا ومنظرة ونظر اليه اذا رآه بناظرة من وحش وجرة مطفلي. وحش الوحش كل ما لا يستأنس من جواب البر كالظباء والمها والغزلان وغيرها وواحد وحش وحشي وجمعه وحوش ووجرة اسم موضع ومطفي المطفي ذات الطفل من الانسان والوحش. وهي قريبة عهد بالنتاج والجمع مطافيل ومطاف من قولهم اطفلت المرأة والظبية اذا كان معها ولد طفل يقول تصدوا عني بوجهها فتبدي خدا اسيلا طويلا منبسطا املس ناعما ليس بالكز القبيح ثم تعود فتحول بيني وبينها بنظرة كأنها نظرة ظبية مطفئ. من ظباء وجرة وانما خص المطفئ لانها كثيرة الالتفات الى طفلها واذا نظرت اليه نظرت بسعة عينيها كاملة نظرة حنان ورقة وشفقة فهي لا تكاد تعرض حتى تعاود النظر اليه بهذه النظرة التي تصبح حاجزا بينها وبينه وفي هذا الماحة الى اثر نظرتها عليه وكانها كلما نظرت اليه كسر نظره فاصبحت تلك النظرة وقاء تتقي به منه وربما كان المراد انها لخوفها وارتباكها تعاود صرف وجهها والنظر في كل اتجاه خوفا من معشرها واحراسها فهي تقي نفسها بتلك النظرات المترددة المترقبة وهو يستمتع بما يراه من خد اسيل ونظرات خائفة مشفقة متكررة واسعة كنظرة المهات الى طفلها رعاية له ومراقبة لحاله وحذرا عليه تصد وتبدي عن اسيل وتتقي بناظرة من وحش وجرة مطفلي اكتفي بهذا القدر واقف عند هذا الحد والى ان التقيكم في الحلقة القادمة ان شاء الله استودعكم الله واسأل الله تعالى لكم التوفيق والسداد