بسم الله الرحمن الرحيم حياكم الله في الحلقة الرابعة والثلاثين من هذه الحلقات التي اشرحوا فيها معلقة امرئ القيس وقد اغتدي والطير في وكناتها بمنجرد قيد الاوابد هيكل مكر مفر مقبل مدبر معا كجلمود صخر حطه السيل من علي كميت يذل الابد عن حال متنه كما زلت الصفواء بالمتنزل طرقت من شرح هذه الابيات الثلاثة من وصف امرئ القيس لفرسه يقول بعدها على الزبل جياش كان اهتزامه اذا جاش فيه حميه غلي مرجلي يروى على الدبلي جياش بالكسر على التبعية. مثل كميت ومكر ومفر لانه قال في البيت الاول وقد اغتدي والطير في وكناتها بمنجرد فكسر ما بعدها من الصفات ويروى على جياش بالرفع على القطع فيكون خبرا لمبتدأ محذوف تقديره هو جياش ويروى على الظمر جياش الذبل من قولهم ذبل الفرس يذبل ذبولا اذا ظمر وظمر يظمر ظمورا فالذبل والذمر واحد وهما الذبول والظمور وهو ان يخف لحم الفرس ويدق بطنه من كثرة التدريب والاعمال لا من الهزال وهذا احمد له واجود لانه يعينه على العدو ومنه قول الله تعالى واذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين منك قل لي فج عميق ولذلك كانت العرب تحرصوا على تظمير خيلها وتظميرها ان تعلف حتى تسمن ثم تنظم اقواتها ويتابع تدريبها بان تشد عليها سروجها وتوضع عليها الاغطية حتى تعرق تحتها ويحمل عليها غلمان خفاف يجرونها ولا يعنفون بها يفعلون ذلك مرة بعد مرة حتى يذهب رهلها ويشتد لحمها وتظمر بطونها ومن هنا سمي الموضع الذي تجرى فيه الخيل مضمارا وفيه ايضا يسابق بينها وهو معروف فهذا معنى الذبل والظمر في الروايتين على الذبل جياش وعلى الظمر جياش وروي على العقب جياش والعقب والعقب في معناه وجهان الاول انه مؤخر القدم. يقال لها عقب وعقب. وهي مؤنثة وجمعها اعقاب وعلى هذا يكون المراد بالعقب النكز بعقب القدم الثاني ان يكون ان يكون المراد الجري بعد الجري الجري بعد الجري الاول يقال فرس ذو عقب وعقب اي له استطاعة على الجري بعد الجري وروي على الدأل جياش الدال من قولهم دأل يدأل دألا ودألانا. اذا مشى بنشاط على الدأل جياش جياش فعال من قولهم جاش البحر يجيش جيشا وجيوشا وجيشانا اذا هاج فلم يستطع ركوبه وجاش الوادي اذا زخر بالسيل وجاش الماء اذا جرى وتدفق وجاشت القدر اذا غلت ومنه جاش الفرس اذا ارتفع عند غمزه بعقب الرجل وجياش مبالغة في جائش. فهذا الفرس لظموره وذبول بطنه جياش. اذا ما ازا بالعقب ارتفع ثم جرى مسرعا وهاج هيجان الموج وتدفق تدفق السيل فهو كالريح المرسلة يتابع الجري بعد الجري وعلى في هذا البيت معناها التعليل على رواية على الدبلي جياش وعلى الظمر جياش على العقب جياش اذا فسرنا العقب بالوكز بعقب القدم فيكون المراد ان هذا الفرس جياش سريع العدو لاجل ظموره وذبول بطنه وبسبب غمزة واحدة في جنبه يجيش دون حاجة الى تكرار غمزه او ضربه بالسوط اما على رواية على الدأل وعلى العقب اذا فسرنا العقب بالجري بعد الجري فمعنى على المصاحبة ويكون المراد ان هذا الفرس ما يزال جياشا مع مشيه بنشاط طن وتعاقب الجري عليه من قبل على الزبل جياش كانه اهتزامه اذا جاش فيه حميه غلي مرجل كأن اهتزامه الاهتزام صوت الفرس عند الجري وهو افتعال من قولهم هزم يهزم هزما اي صوت ولذلك سمي صوت القوس عند رمي السهم عنها هزيمة وسمي صوت الرعد هزيمة والجامع بين الاصوات الثلاثة صوت الفرس عند الجري وصوتي وتر القوس عند الرمي وصوت الرعد هو ان فيها تكسرا وتقطعا وتشققا على الزبل جياش كأن اهتزامه اذا جاش فيه حميه حميه من قولهم حمي الفرس يحمى حميا اذا سخن وعرق والمقصود حرارة نشاطه كأن اهتزامه اذا جاش فيه حميه غلي مرجلي. الغلي فعل من قولهم غلت القدر تغلي غليا وغليانا والمرجل الاناء الذي يغلى فيه الماء سواء كان من حديد او من صفر او من نحاس او من حجر او من خزف وجمعه مراجل فصوت هذا الفرس عند جريه كأنه غلي القدر والترتيب الاصلي لهذا التركيب كأن اهتزامه غلي مرجل اذا جاش فيه حميه يقول امرؤ قيس هذا الفرس لانهم مذمر ذابل البطن اذا مسه راكبه بعقبه تدفق في عدوه تدفق الموج. وجرى جريان السيل فاذا سخن وعرق وحمي نشاطه سمعت له هزيما يتردد في صدره كغلي القدور الفرس ايضا مسح اذا ما السابحات على الونا اثرنا الغبار بالكديد المركل مساحة مفعل من صحة السماء تصح سحا اذا انصب الماء منها انصبابا ويقال غيث سح وساح وسحاح وسحساح اي غزير متدفق ومن ذلك ما جاء في استسقائه صلى الله عليه وسلم اللهم اسقنا غيثا مغيثا هنيئا مريئا مريعا غدقا سحا ان ينصب صبابه ومن صفات يمين الله تعالى انها سحاء ان ينصب منها الخير صبابا قال الرسول صلى الله عليه وسلم ان يمين الله ملأى لا يغيظها نفقة سحاء الليل والنهار سبحانه تبارك وتعالى وهو ذو الجلال والاكرام فهذا الفرس مسح اذا جرى انصب في عدوه انصبابا كانصباب المطر فكأنما هو اداة الانصباب في الجري والته وهذا وجه المبالغة في بناء مصح وقد ذكرت ذلك في مكر مفر مسح اذا مس بحاق السابحات من الخيل هي التي تحسن مد ايديها في الجري فهي تبسطها حتى لا تجد مزيدا. كما يفعل السابح في الماء يقال فرس سبوح وسابح ان يسبحوا بيديه في عدوه قال الله تعالى والسابحات سبحا وجاء في الاخبار ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت له فرس اسمها سبحة وهي فرس شقراء اشتراها من رجل من جهينة وسابق عليها يوم خميس. فسبقت الخيل فهش صلى الله عليه وسلم لذلك واعجبه ثم اعطاها الرسول صلى الله عليه وسلم لجعفر بن ابي طالب رضي الله عنه فاستشهد عليها يوم مؤتة وكانت اول فرس عقرت في الاسلام واسمها سبحة من هذا الباب اقف عند هذا الحد وفي الحلقة القادمة ان شاء الله تعالى اكملوا شرح هذا البيت مسح اذا ما السابحات على الونا اثرنا الغبار بالكديد المركل والى ذلك الحين استودعكم الله واسأل الله تعالى لكم التوفيق والسداد