رسول الله صلى الله عليه وسلم زملوني فانزل الله يا ايها المدثر. واما اخر ما نزل من القرآن يعني اخر ما نزل من سوره فهو سورة اه النصر. اذا جاء نصر الله والفتح بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على افضل المرسلين خاتم النبيين. وعلى اله واصحابه اجمعين ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين. سبحانك لا علم لنا الا ما علمتنا انك انت العليم الحكيم ربي يسر واعن برحمتك يا ارحم الراحمين. نبدأ بعون الله تعالى وتوفيقه التعليق على هذا الكتاب الذي هو كتاب التسهيل للامام ابن جزير رحمه الله تعالى وهو الامام محمد بن احمد بن جزير الكلبي الاندلسي رحمه الله تعالى امام وعالم من علماء الاسلام. وله تصانيف نافعة. وكتب مفيدة منها كتاب القوانين الفقهية في الفقه المالكي وهو كتاب جميل الطلب الطبعة حسن الطلعة رتبه ترتيبا لم يسبق اليه. وله ايضا كذلك تآليف حسان منها كتاب تقريب الوصول الى علم الاصول. وهو كتاب مهذب ايضا مرتب كذلك على عادته في التهذيب والترتيب وحسن الصنعة. وله هذا المؤلف الذي بين ايدينا وهو ايضا كتاب كذلك في التفسير جامع وهو من احسن التفاسير المختصرة. النافعة. وله فيه تهذيب وترتيب جيد وفوائد ممتعة. ولنبدأ بقراءة ما تيسر من المقدمة التي وضعها الشيخ رحمه الله تعالى قال رحمه الله تعالى قال عبيد الله تعالى وخديم القرآن العظيم محمد المدعو ابا القاسم ابن احمد ابن محمد ابن جزيل عفا الله عنه وغفر له بمنه وفضله كان رحمه الله تعالى يتمنى الشهادة وقد كتبها الله له. فقد مات رحمه الله تعالى في معركة مع النصارى الاندلس. قال الحمد لله العزيز الوهاب مالك الملك ورب الارباب هو الذي انزل على عبده الكتاب هدى وذكرى لاولي الالباب واودعه من العلوم النافعة والبراهين القاطعة والانوار الساطعة غاية الحكمة وفصل الخطاب. وخصه من الخصائص واللطائف الخفية والدلائل الجلية والاسرار الربانية العجاب. بكل عجب عجاب العجاب اي البالغ الغاية كونه عجيبا. فان وزن علي مما يكثر لقصد المبالغة كالجراء في الشديد الجرأة والرقاق في شديد الرقة نحو ذلك. وجعله من الطبقة العليا من البيان حتى اعجز الانس والجان. واعترف زعماء ماء ارباب اللسان بما تضمنه من الفصاحة والبراعة والبلاغة والاعراب والاغراب ويسر حفظه في الصدور وضمن حفظه من التبديل والتغيير. كما قال تعالى انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون. فلم يتغير ولا يتغير على طول الدهور وتوالي الاحقاب وجعله قولا فصلا وحكما عدلا واية بادية ومعجزة باقية. يشاهدها من شهد الوحي ومن غاب وتقوم بها الحجة للمؤمن الاواب. والحجة على الكافر المرتاب. وهدى الخلق بما شرع فيه من الاحكام وبجل من الحلال والحرام. وعلم من شرائع الاسلام. وصرف من النواهي باوامر والمواعظ الزواجر والبشارة بالثواب. والنذارة بالعقاب وجعل اهل القرآن اهل الله وخاصته. واصطفاهم من عباده واورثهم الجنة وحسن المآب فسبحان المولى الكريم الذي خصنا بكتابه وشرفنا بخطابه. فيا لها نعمة سابغة حجة بالغة اوزعنا الله القيام بواجب شكرها وتوفية حقها ومعرفة قدرها توفيقي الا بالله وهو ربي لا اله الا هو عليه توكلت واليه متاب وصلوات الله وسلامه وتحياته وبركاته واكرامه على من دلنا على الله. وبلغنا رسالة وجاءنا بالقرآن العظيم وبالايات والذكر الحكيم. وجاهد في الله حق الجهاد. وبذل جهد جهده في الحرص على نجاة العباد. وعلم ونصح وبين واوضح. حتى قامت الحجة المحجة لاحت المحجة اي ظهرت والمحجة الطريق. وتبين الرشد من الغي. وظهر طريق الحق والصواب وانقشعت ظلمات الشك والارتياب. ذلك سيدنا ومولانا محمد النبي امي القرشي الهاشمي المختار من لباب اللباب. والمصطفى من اطهر الانساب واشرف الاحساب الذي ايده الله بالمعجزات الظاهرة والايات الباهرة والجنود القاهرة والسيوف في العظام الباترة اي القاطعة. قالوا سيف باجر اي قاطع. وجمع له بين شرف الدنيا والاخرة وجعله قائد الغر المحجلين. وهم امة النبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث ابي هريرة ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ان امتي يدعون يوم القيامة غرا محجلين من اذان الوضوء. والوجوه الناضرة اي الحسنة وجوه يومئذ ناضرة الى ربها ناضرة. فهو اول من يشفع يوم الحساب واول من يدخل الجنة ويقرع الباب وصلى الله عليه وعلى اله الطيبين واصحابه الاكرمين خير اهل واكرم اصحاب صلاة زاكية لا يحصر مقدارها العد والحساب. ولا يبلغ الى ادنى وصفها السنة البلغاء ولا اقلام الكتاب اما بعد فان علم القرآن العظيم هو ارفع العلوم قدرا. واجلها خطرا واعومها اجرا واشرفها ذكرى. وان الله انعم علي بان شغلني بخدمة القرآن. بخدمة القرآن وتعليمه وشغفني جعلني مشغوفا اي محبا بتفهم معانيه وتحصيل فاطلعت على ما صنفه العلماء في تفسير القرآن من التصانيف المختلفة الاوصاف. المتباينة الاصناف فمنهم من اثر الاختصار ومنهم من طول حتى كثر الاسفار. الاسفار هنا جمع السفر وهو الكتاب مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحملها السفارة الاسفار جمع سفر وهو الكتاب. ومنهم من تكلم في بعض فنون العلم دون بعض. ومنهم من اعتمد على لا نقل اقوال الناس ومنهم من عول على النظر والتحقيق والتدقيق. وكل واحد سلك طريقا نحاه وذهب مذهبا ارتضاه. وكلا وعد الله الحسنى فرغبت في سلوك طريقهم والانخراط في سلك فريقهم. وصنفت هذا الكتاب في تفسير القرآن العظيم. وسائر ما يتعلق وبه من العلوم وسلكت به مسلكا نافعا. اذ جعلته وجيزا جامعا. قصدت به اربع بسيط تتضمن اربع فوائد. الفائدة الاولى جمع كثير من العلم في كتاب صغير الحجم تسهيلا على الطالبين وتقريبا على الراغبين. فلقد احتوى هذا الكتاب على ما تضمنته الدواوين الطويلة من العلم ولكن بعد تلخيصها وتمحيصها وتنقيح فصولها وحذف حشوها وفضولها. ولقد اودعته من كل فن من فنون من فنون علوم القرآن اللباب. من فنون علوم القرآن اللباب المرغوب فيه دون القشر المرغوب عنه. من غير افراط ولا تفريط. ثماني عزمت على ايجاد هذه العبارة وافراط الاختصار وترك التطويل والتكرار. اذا هذه هي الفائدة قلت له لا وهي جمع كثير من من العلم في كتاب مختصر يعني انه لخص المباحث التي بسطها كثير من المتقدمين على موضع الفائدة منها. وهذه الفوائد ذكرها مهم. لان آآ الكتب كثيرة وكل مؤلف ينبغي ان يبين السبب الذي دعاه الى التأليف. فمن يريد الآن تفسير القرآن يقال له الم يفسر القرآن مئات التفاسير. ما الجديد الذي ستأتي به؟ فهو سيبين السبب الذي دعاه الى التفسير. الفائدة الثانية ذكر نكت عجيبة وفوائد غريبة قلما توجد في كتاب لانها من بنات صدري ونتائج فكري او مما اخذته عن شيوخي او مما التقطته من مستوردات النوادر الواقعة في غرائب الدفاتر. اي انه غفر بفوائد من لطائف التفسير لم يجدها في كتب المفسرين ترين فهذا من الاسباب التي دعته ايضا الى التأليف. الفائدة الثالثة ايضاح المشكلات اما للعقد المقفلات واما بحسن العبارة. ورفع الاحتمالات وبيان المجملات. الفائدة تحقيق اقوال المفسرين والتفرقة بين السقيم منها والصحيح. وتمييز الراجح من المرجوح. وذلك اقوال الناس على مراتب فمنها الصحيح الذي يعول عليه. ومنها الباطل الذي لا يلتفت اليه. ومنها ما الصحة والفساد. ثم ان هذا الاحتمال قد يكون متساويا او متفاوتا. والتفاوت قد يكون قليلا او كثيرا ورحمه الله تعالى معروف بحسن التقسيم في قسم الاشياء تقسيما عجيبا يسهل عليك آآ ادراك الامور وضبطها. فقسم اقوال الناس هنا الى مراتب. الصحيح الذي يعول عليه الباطل الذي لا يلتفت اليه وطبعا بينهما وسائط. هذه الوسائط تشترك في انها محتملة للصحة والفساد ثمان هذا الاحتمال قد يكون متساويا بان يكون هذا المعنى يحتمل وجهين من غير ترجيح احدهما وقد يكون اه احدهما راجحا على الاخر. قال قد يكون متساويا او متفاوتا والتفاوت قد يكون قليلا وقد يكون كثيرا واني جعلت لهذه الاقسام عبارات مختلفة يعرف بها مرتبة كل قول فادناها ما اصرح بانه خطأ او باطل. ثم ما اقول فيه انه ضعيف او بعيد. ثم ما اقول ان غيره هو ارجح منه او اقوى او اظهر او اشهر ثم ما اقدم غيره عليه اشعارا بترجيح المتقدم. او ما اقول فيه قيل كذا قصدا للخروج عن عهدته. واما اذا صرحت باسم باسم قائل القول فاني افعل ذلك لاحد امرين اما للخروج من عهدته واما لنصرته اذا كان قائله ممن يقتدى به على اني لا انسب الاقوال الى اصحابها الا قليلا. وذلك لقلة صحة اسنادها اليهم. او الاختلاف الناقلين في نسبتها اليهم. ومعلوم ان علم التفسير آآ اهله عنايتهم قليلة ولذلك قال الامام احمد رحمه الله تعالى ثلاثة لا اصل لها اي اهلها الا يعتنون بالاسانيد؟ وهي التفسير والسير والملاحم. فهذه العلوم اهلها لا يهتمون باسانيدها. فيروون المرسلات والمنقطعات. ولذلك تجد في من كتب التفسير كثيرا من نسبة الاقوال الى الصحابة ولو ذهبت تبحث لم تجد سندا بكثير من ذلك مع ذلك لم يدع اهل العلم قديما وحديثا مثل هذه الاقوال بل ذكروها واثبتوها. ولانها في الغالب لا ينبني عليها حكم شرعي حتى تحتاج الى ان تعامل معاملة الاحاديث في ميزانها في ان توزن بميزان اهل من شروط الصحة والضعف والحسن. واما اذا ذكرت شيئا دون حكاية قوله عن احد فذلك اشارة الى ان اتقلده وارتضيه سواء كان من تلقاء نفسي او مما اختاره من كلام غيري. اذا ذكرت شيئا دون قوله عن احد فذلك اشارة الى اني اتقلده وارتضيه. من المقرر في علم جدل ان من تكلم بكلام خبري اي فيه اثبات او نفي فلا يخلو من حالي. اما ان يكون ناقلا بهذا الكلام عن غيره. او ان يكون متكلما به من تلقاء نفسه. فان كان ناقلا له عن غيره كلف بصحة النقل. فقط. فاذا اثبت النقل برئ. وانتقلت حينئذ اه ذلك الى من نقل عنه. وان كان اه قاله من تلقاء نفسه هو المسؤول عنه حينئذ صحة وضعفا. وعليه ان يستدل له. واذا كان القول في غاية السقوط بطلاني لم اذكره تنزيها للكتاب وربما ذكرته تحذيرا منه وهذا الذي ارتكبته من الترجيح والتصحيح مبني على قواعد العلمية وعلى ما تقتضيه اللغة العربية وسنذكر بعد هذا بابا في موجبات الترجيح بين الاقوال ان شاء الله. وسميت هذا الكتاب كتاب التسهيل لعلوم التنزيل. وقدمت في اوله مقدمتين احداهما في ابواب نافعة وقواعد جامعة. والاخرى فيما كثر دوره في اللغات الواقعة في القرآن يعني انه ذكر مقدمتين الاولى منهما في علوم القرآن على سبيل العموم. والثانية في غريب القرآن اي الكلمات العربية التي قد تستغرقها على السامع اول الامر من القرآن الكريم. لان الناس فلم ينزل القرآن بلغتهم فقد يفوت عليهم بعض اللغة آآ فيحتاجون الى امين وانا ارغب الى الله العظيم الكريم ان يجعل تصنيف هذا الكتاب عملا مبرورا وسعيا مشكورا ووسيلة توصلني الى جنات النعيم وتنقذني من عذاب الجحيم ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم. المقدمة الاولى فيها اثنا عشر سنقرأها مع تعليق يسير ان شاء الله لان المقصود الاعظم من هذا الكتاب هو التفسير وهذه مقدمات بين يدي التفسير تتعلق ببعض مسائل علوم القرآن وببعض غريب القرآن الباب الاول في نزول القرآن وجمعه في المصحف ونقطه وتحزيبه وتعشيره وذكر اسمائه. نزل القرآن على رسول الله صلى الله عليه وسلم من اول ما بعثه الله لمكة وهو ابن اربعين سنة. الى ان هاجر الى المدينة ثم نزل عليه بالمدينة الى ان توفاه الله تعالى فكانت مدة نزوله عليه عشرين سنة وقيل كانت ثلاثا وعشرين سنة. وهذا هو الصحيح لانه ثبت في الصحيح في البخاري ومسلم ان النبي صلى الله عليه وسلم عاش ثلاثا وستين سنة فهذا هو عمر النبي صلى الله عليه وسلم وابي بكر وعمر وعلي. كلهم عاش ثلاثا وستين سنة. قال العراق رحمه الله تعالى في الفيته في الحديث ووضعوا التاريخ لما كذب ذووه حتى بان لما حسب فاستكمل النبي والصديق وكذا علي وكذا الفاروق ثلاثة الاعوام والستين. فهؤلاء كلهم عاش ثلاثا وستين سنة. والنبي صلى الله عليه وسلم اوحي اليه اه عند الاربعين. واختلف العلماء هل كان على رأس اربعين او كان في وسط السنة الاخيرة منها او وسط الحادية والاربعين. لان كورة عندهم ان القرآن نزل في شهر رمضان. وهذا هو ظاهر القرآن الكريم. شهر رمضان الذي لانزل فيه القرآن ظاهر انه النزول على النبي صلى الله عليه وسلم ومنهم من فسره بانه نزول الى السماء الدنيا كما هو معلوم خلاف ذلك من الشكر. واذا قلنا ان القرآن نزل على النبي صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يكمل اربعين سنة في رمضان النبي صلى الله عليه وسلم ولد باجماع اهل العلم في شهر ربيع الاول. هذا مجمع عليه. وهاجر في شهر ربيع الاول ربياني الأول وهذا كله مجمع عليه لا خلاف بين اهل العلم. اذا فالنبي صلى الله عليه وسلم استكمل اربعين سنة في شهر ربيع الاول فاذا كان القرآن بدؤه نزل في شهر رمضان فاما ان نقول انه نزل في منتصف السنة المكملة لاربعين او في منتصف السنة الاولى من الخمسين بعده اربعين. قال وقيل كانت ثلاثا وعشرين سنة على حسب الاختلاف في سنه وما توفيه هل كان ابن ستين سنة او ابن ثلاثين وستين ولكن هذا القول الاخير هو الصحيح كما بينا وكان ربما تنزل عليه سورة كاملة وربما تنزل عليه ايات متفرقات فيضم بعضها الى بعض حتى تكمل السورة. واول اول ما نزل من القرآن صدر سورة العلق. ثم المدثر والمزمل. وقيل اول ما نزل المدثر ولكن الصحيح هو ان اول ما نزل هو سورة العلق. كما سيأتي في صحيح البخاري ان شاء الله وقيل فاتحة الكتاب. والاول هو الصحيح. اي الاول وهو ان اول ما نزل من القرآن هو سورة العلق هو الصح. واما اخر ما نزل من القرآن فمن ايات الاحكام آآ من سورة المائدة قول الله تعالى اليوم اكملت لكم لكم دينكم نزل هذا في يوم عرفة في حجة الوداع وقد عاش النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك ثلاثة اشهر وما من عموم القرآن فهو قول الله تعالى واتقوا يوما ترجعون فيه الى الله فهذه اخر اية نزلت وهي ليست من ايات الاحكام كما ما هو معلوم. قال والاول هو الصحيح لما ورد في الحديث الصحيح عن عائشة رضي الله تعالى عنها في حديثها الطويل في ابتداء الوحي قالت فيه الملك وهو بغار حراء قال اقرأ قال ما انا بقارئ قال فاخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد ثم ارسلني فقال اقرأ فقلت ما قلت ما انا بقارئ قال فاخذني فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد ثم ارسلني فقال اقرأ. قلت ما انا بقارئ قال فاخذني فغطني الثالثة حتى وبلغ مني الجهد ثم ارسلني فقال اقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الانسان من علق اقرأ وربك الاكرم الذي علم بالقلم علم الانسان ما لم يعلم. فرجع بها رسول الله صلى الله عليه وسلم يرجف ترجف بوادر يرجف فؤاده. فقال زملوني ايعطوني ما اتجمل به البسه زملوا حتى ذهب عنه ما يجد من الرعب. والحديث سيأتي بطوله في كتاب البخاري ان شاء الله. وفي رواية من طريق جابر بن عبدالله فقال وقيل اية الربا وقيل الاية التي قبلها الجمهور على ما صدرنا من انها قول الله تعالى واتقوا يوما ترجعون فيه الى وكان القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مفترقا في الصحف وفي صدور الرجال فلما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم قعد علي ابن ابي طالب في بيته فجمعه على ترتيب نزوله ولو وجد مصحفه لكان فيه علم كبير ولكنه لم يوجد فلما قتل جماعة من الصحابة يوم اليمامة في قتال مسيلمة الكذاب. اشار عمر بن الخطاب على على ابي بكر الصديق بجمع القرآن مخافة ان يذهب بموت قراء اذا جمعه في صحف غير مرتب السور. وبقيت تلك الصحف عند ابي بكر الصديق ثم عند عمر بعده. ثم عند بنته حفصة ام المؤمنين وانتشرت في خلال ذلك صحف كتبت في في الافاق عن الصحابة وكان بينها اختلاف اشار حذيفة بن اليمان على عثمان بن عفان على عثمان بن عفان بجمع الناس على مصحف واحد خيفة من اختلافهم انتدب لذلك عثمان وامر زيد ابن ثابت بجمعه وجعل معه ثلاثة من قريش عبدالله بن الزبير بن العوام وعبدالرحمن بن الحارث بن هشام وسعيد بن العاص يومية وقال لهم اذا اختلفت في شيء فاجعلوه بلغة قريش. وجعلوا المصحف الذي كان عند حفصة اماما في هذا الجمع الاخير. وكان عثمان رضي الله تعالى عنه يتعهدهم ويشاركهم في ذلك فلما كمل المصحف نسخ عثمان منه نسخا ووجهها الى الانصار وامر بما سواها المصاحف ان تحرق او تخرق يروى بالحاء المهملة والخاء المنقوتة. الصديق رضي الله تعالى عنه له قد امر بذلك زيد بن ثابت رضي الله تعالى عنه وكان من كتاب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم فجمع المصحف. ثم انتشرت منه نسخ وقع فيها بعض الاختلاف كما قال الشيخ. فاراد عثمان رضي الله تعالى عنه باشارة بعض الصحابة منهم حذيفة وايرو ان يحمل الناس على مصحف واحد. وقد خالفه في ذلك بعض الصحابة منهم عبدالله بن مسعود رضي الله تعالى عنه. ولكن الامة اجمعين على تصويب رأي عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه. وعلى ان مصحف عثمان عثمانه والامام. وان كل ما ليس في مصحف عثمان فليس من القرآن. جمع عثمان رضي الله تعالى عنه القرآن في مصحف واحد. وارسل نسخا منه الى الى الانصار. فبعث مصحفا الى اهل الكوفة ومصحفا الى اهل البصرة ومصحفا الى اهل مكة. ومصحفا الى اهل الشام ونشأت عن ذلك القراءات فكان لاهل الكوفة قراؤهم ولاهل البصرة قراؤهم ولاهل مكة قراؤهم ولاهل الشام قارئهم طبعا يهدي مكة قارئهم ايضا وهو عبد الله ابن كثير ولاهل الشام قارئهم وهو ابن ولاهل المدينة ايضا كذلك قرعون. قال فترتيب السور على ما هو الان عليه هو من فعل عثمان وزيد ابن ثابت والذين كتبوا معه المصحف وهم الفتية من قريش. عبدالله بن الزبير بن العوام بن خويلد بن ابن عبد العزى وعبدالرحمن ابن الحارث ابن هشام ابن المغيرة ابن عبد الله ابن عمر ابن مخزوم. وسعيد العصر ابن امية ابن عبد الشمس ابن عبد مناف. هؤلاء فتية من قريش. وقد آآ فعل عثمان ذلك عن قصد وذلك لان القرآن نزل بلغة قريش. والنبي صلى الله عليه وسلم هو من بيوتات الشرف في قريش. وقال اذا اختلفت في شيء فاكتبوه بلغة قريش. ولكن امر عليهم زيد ابن ثابت وهو ليس من قريش. هو رجل من الانصار ولكنه كان من كتاب الوحي لا الله صلى الله عليه وسلم ومن احفظ الناس للقرآن الكريم. وقد حفظ القرآن جميعا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم واما نقض القرآن وشكله فاول من فعل ذلك الحجاج بن يوسف. بامر عبدالملك بن مروان. وزاد الحجاج تحزيبه لتقسيمه الى احزاب وقيل اول من ناقضه يحيى ابن عمر وقيل ابو الاسود الدؤلي واضع علم النحو واما وضع الاعشار فيه فقيل ان الحجاج فعل ذلك وقيل بل امر به المأمون العباسي واما اسماؤه فهي اربعة قرآن والفرقان والكتاب والذكر وسائر ما يسمى به صفات لا اسماء كوصفه بالعظيم الكريم المبين والعزيز والمجيد وغير ذلك. فاما القرآن فاصله مصدر قرأ. ثم اطلق على المقروء. القرآن قالوا في الاصل مصدر قرأ. قد قرأ قراءة وقرآنا. ومنه قول حسان بن ثابت رضي الله ضحوا بايش مط عنوان السجود له يقطع الليل تسبيحا وقرآنا. ايوه قراءة في القرآن مصدر واما الفرقان فمصدر ايضا معناه التفرقة بين الحق والباطل. واما مصدر في ما اطلق على المكتوب. واما الذكر فسمي القرآن به لما فيه من ذكر الله او من التذكير والمواعظ ويجوز في السورة من القرآن الهمز وترك الهمز لغة قريش يعني ان السورة يقال فيها السورة ويقال فيها السورة. واصلها من المرتبة الرفيعة وتطلق على القوة نعم. واما الاية فاصلها العلامة ثم سميت الجملة من القرآن اية لانها علامة على صدق النبي صلى الله عليه وسلم. باب والثاني في السور المكية والمدنية يعلم ان السور المكية هي التي نزلت بمكة ويعد منها كل ما نزل قبل الهجرة وان نزل غير مكة. القرآن ينقسم الى مكي ومدني. وبينهما غروق سواء كانت في مضمون آآ القرآن او في لفظه. فالقرآن المدني قرآن المكي يغلب عليه قصر الايات وجزالة اللغة لانه يتحدى فصحاء العرب ليأتوا بمثله وموضعه يغلب عليه التوحيد وليس فيه ذكر للاحكام في الغالب. وتكثر فيه آآ علامات مثل الزجري لانه يخاطب قوما منكرين وتكثر فيه الاقسام والضحى والشمس ونحو ذلك بخلاف القرآن المدني فهو في غالبه يخاطب مسلمين او اهل كتاب وتكثر فيه ايات الاحكام ويغلب عليه طول الايات. وآآ يقل تقل فيه ادوات الزجر مثلا لا توجد فيه كلمة كلا هذه الكلمة لا توجد في القرآن المدني. انما توجد في القرآن المكي فقط. وكذلك الاقسام ايضا انه لا يخاطب منكرين الاصلان العرب تقسم لاقناع المنكرين. واما غير المنكر فانك لا تحتاج الى ان تقسم له اختلف العلماء في المعيار الذي يميز به المكي من المدني. والصحيح هو ما اعتمده الشيخ وهو ان المكي ما نزل قبل هجرة النبي صلى الله عليه وسلم وان المدني هو ما نزل بعد الهجرة. ولو كان مثلا نزل بغير المدينة فمثلا قول الله تعالى اليوم اكملت لكم دينكم هذه الايات نزلت بعرفة. وهي مدنية لأن هاد العبرة هنا ليس بالمكان عبرته هو بانها نزلت بعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم فكل ما نزل بعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم فهو مدني نزل من مكة او لم ينزل بمكة وكل ما نزل قبل الهجرة فهو مكي سواء نزل بمكة او لم ينزل بمكة قال كما ان المدينة والقدر ولم يكن اي البينة والزلزلة وآآ ارأيت اي الماعون والاخلاص والمعوذتان. وقسم مكي باتفاق وهو سائر الصور. بقية الصور مكية وارتفع والقرآن معظمه مكة. وقد وقعت ايات بدنية في سور مكية كما وقعت مكية في سور مدنية. وذلك قليل مختلف في اكثرهم. واعلم ان السور المكية نزل اكثرها في اثبات العقائد والرد على المشركين وفي قصص الانبياء. سور المكية معظم وظوعها يتعلق باثبات العقائد بالتوحيد. لان انه يخاطب امة وثنية تعبد الاوثان وتنكر البعث وهم قريش. وكثرت فيه في قصصه القرآن لان القصص فيه تثبيت للنبي صلى الله عليه وسلم والنبي صلى الله عليه وسلم انما كان يلقى الاذى في مكة لم يلقى الاذى بالمدينة فكان يلقى الاذى في مكة. فكان القصص مثبتا لفؤاد النبي صلى الله عليه وسلم كما قال الله تعالى وكلا نقص عليك من انباء الرسل ما نثبت به فؤادك. فانباء الرسل كانت تثبيتا لفؤاد النبي صلى الله عليه وسلم كان يلقاه من الاذى من المشركين في مكة. وان الصور المدنية نزل اكثرها في الاحكام الشرعية. وفي الرد على اليهود والنصارى وذكر المنافقين والفتوى في مسائل وذكر غزوات النبي صلى الله عليه وسلم القرآن المدني يخاطب المسلمين بان النبي صلى الله عليه وسلم كان يميز بين ظهرانه وكان قائد دولتهم ويخاطب اهل الكتاب كتابي لان الحوار مع اهل الكتاب انما تجدد للنبي صلى الله عليه وسلم في المدينة حين قدم للمدينة فوجد فيها احياء من اليهود وهم بنو وقريضة وبنو النضير وبينه كان كعب. ووفد عليه نصارى نجران وغيرهم. فلم يكن النبي صلى الله عليه وسلم في مكة يخاطب واهل الكتاب واينما كان يخاطب المشركين الوزنيين عبدة الاصنام من مشركي العرب. وكذلك هدد النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة خطاب نوع من الناس خاص وهم المنافقون. فالنفاق لم يكن في مكة. اهل مكة كانوا كفارا صرحاء ومن اسلم منهم فهو مسلم صادق. ولم يكن في مكة نفاق. فلما جاء النبي صلى الله عليه وسلم المدينة كان في اول الامر هنالك بعض المشركين فلما اظهره الله تعالى على المشركين في غزوة بدر لم يبقى بالمدينة من يظهر كفره اما مسلم صريح او منافق يتظاهر بالاسلام ويخفي الكفر خوفا من النبي صلى الله عليه وسلم بعد ان اظهره الله على المشركين في غزوة بدر التي كانت نصرا عظيما ورفعة للاسلام ولقدر النبي صلى الله عليه وسلم ومهابته في عيون الناس. قال وحيث ما ورد يا ايها الذين امنوا فهو مدني وما يا ايها الناس فقد وقع في المكي والمدني. الباب الثالث في المعاني والعلوم التي تضمنها القرآن. ولن تكلم في ذلك عن الجملة والتفصيل. اما على الجملة فاعلم ان المقصود بالقرآن دعوة الخلق الى عبادة الله والى الدخول في دين الله. ثم ان هذا يقتضي امرين لابد منهما واليهما ترجع معاني القرآن كله. احدهما بيان العبادة التي دعي الخلق اليها والاخر ذكر بواعث تبعثهم على الدخول فيها وتقودهم اليها. فاما العبادة فتنقسم الى نوعين هما اصول العقائد واحكام الاعمال. واما البواعث عليها فامران وهما الترغيب والترهيب. واما على التفصيل فاعلم ان معاني القرآن سبعة وهي علم الربوبية والنبوة والمعاد والاحكام والوعد والوعيد والقصص. فاما علم الربوبية فمنه اثبات وجود جل جلاله والاستدلال عليه بمخلوقاته فكل ما جاء في القرآن من التنبيه على المخلوقات والاعتبار في خلقة الارض والسماوات والحيوان والنبات والرياح والامطار والشمس والقمر والليل والنهار. ولذلك من الموجودات فهو دليل على خالقه. ومنه اثبات وحدانية والرد على المشركين والتعريف بصفات الله من الحياة والعلم والقدرة والسمع والبصر وغير ذلك من اسمائه وصفاته وتنزيهه عما لا بها. واما النبوة اثبات نبوة الانبياء على العموم. ونبوة محمد صلى الله عليه وسلم على الخصوص واثبات الكتب التي انزلها الله عليهم بوجود الملائكة الذين كان منهم وسائط بين الله وبينهم. والرد على من كفر بشيء من ذلك نبه هنا على اهمية الايمان بالملائكة فالملائكة هم من علم الغيب كما هو معلوم لاننا لا لا نراهم. ولكن الفرق بينهم وبين بقية العوادم جني مثلا الذين لم يجعل الايمان بوجودهم ركنا من اركان الايمان ان الملائكة رسل يأتون الى الناس بالهداية ليسوا مهر الجن ولا مثل بقية العوالم. فالايمان بهم جزء من الايمان بالانبياء لان الانبياء تأتيهم الرسالات وعن الملائكة. قال وينخرط في سلك هذا ما ورد في القرآن من تأنيس النبي صلى الله عليه وسلم وكرامته والثناء عليه وعلى سائر الانبياء عليهم آآ صلى الله عليه وعليهم اجمعين. واما المعاد فاثبات الحشر واقامة البراهين عليه والرد على من خالف فيه. وذكر ما في الدار الاخرة من الجنة والنار والحساب والميزان وصحائف الاعمال وكثرة الاهوال لذلك واما الاحكام فهي الاوامر والنواهي وتنقسم خمسة انواع. وهي الواجب والمندوب والحرام والمكروه والمباح ما هو معلوم. ومنها ما يتعلق بالابدان كالصلاة والصيام وما يتعلق بالاموال كالزكاة وما يتعلق بالقلوب كالاخلاص والخوف والرجاء وغير ذلك واما الوعد فمنه وعد بخير الدنيا من النصر والظهور وغير ذلك ومنه بخير الاخرة. وهو الاكثر كوصى في الجنة ونعيمها. واما الوعيد فمنه تخويف بالعقاب في الدنيا ومنه تخويف بالعقاب في الاخرة وهو الاكثر. كاوصاف جهنم وعذابها اعاذنا الله واياكم منها. واوصاها في القيامة واهوالها. وتأمل القرآن تجد الوعد مقرونا بالوعيد فقد ذكر احدهما على اثر ذكر الاخر ليجمع بين الترغيب والترهيب وليتبين احدهما بالاخر كما ما قيل فبضدها تتبين الاشياء جزاك الله خير هذا شطر من بيت لابي الطيب المتنبي. ونذمهم برواية ونديمهم وبهم عرفنا بضد جهة التميز والاشياء. واما القصص فهو ذكر اخبار الانبياء المتقدمين وغيرهم كقصة اصحاب فان كان ما الحكمة في تكرار قصد قصاص الانبياء في القرآن؟ فالجواب من ثلاثة اوجه. الاول انه ربما ما ذكر في سورة من اخبار الانبياء ما لم يذكر في سورة اخرى. ففي كل واحدة منهما فائدة زائدة على الاخرى. الوجه الثاني انه ذكرت اخبار الانبياء في على طريقة الاطناب وفي مواضع على طريق الايجاز لتظهر فصاحة ركوعاني في الطريقتين. والوجه الثالث ان اخبار الانبياء قصد بذكرها مقاصد كثيرة فتعدد ذكرها بتعدد تلك المقاصد. فمن المقاصد بها اثبات نبوة الانبياء المتقدمين بذكر ما جرى على ايديهم من المعجزات وذكر اهلاك من كذبهم بانواع الهلاك. ومنها اثبات نبوة محمد صلى الله عليه وسلم لاخباره بتلك الاخبار من غير تعلم من والى ذلك الاشارة بقوله تعالى ما كنت تعلمها انت ولا قومك من قبل هذا. ومنها اثبات الوحدانية الا ترى انه لما ذكر اهلاك الامم الكافرة قال فما اغنت عنهم الهتهم التي كانوا يدعون من دون الله من شيء ومنها الاعتبار في قدرة الله تعالى وشدة عقابه لمن كفر به. ومنها تسلية النبي صلى الله عليه وسلم عن تكذيب قومه له بالتأسي بمن تقدم من الانبياء كقوله ولقد كذبت رسل من قبلك. ومنها تأنيسه صلى الله عليه وسلم وعده بنصره كما نصر الانبياء الذين من قبله. ومنها تخويف الكفار بان يعاقبوا كما عوقب الكفار الذين من قبلهم. الى غير ذلك مما احتوت عليه اخبار الانبياء من العجائب والمواعظ واحتجاج الانبياء وردهم على الكفار وغير ذلك مما كانت اخبار الانبياء تفيد فوائد كثيرة ذكرت في مواضع كثيرة ولكل مقام مقال. الباب الرابع في فنون العلوم التي تتعلق قرآن اعلم ان الكلام على القرآن يستدعي الكلام في اثني عشر فنا من العلو. وهي التفسير والقراءات والاحكام والنسخ والحديث والقصص والتصوف واصول الدين واصول الفقه واللغة والنحو والبيع. فاما التفسير فهو المقصود لنفسه وسائر هذه الفنون ادوات تعين عليه او تتعلق به او تتفرع منه. ومعنى التفسير شرح القرآن وبيان معناه. والافصاح بما يقتضيه بنصه او اشارته او هذه عبارات اصولية بنصه او اشارته او فحواه لان اه اللغو الدال يدل تارة بمنطوقه وتارة باشارته تارة بفحواه اي بمفهومه. واعلم ان التفسير منه متفق عليه ومختلف فيه ثم الى مختلف فيه على ثلاثة انواع. احدها اختلاف اختلاف في العبارة مع اتفاق في المعنى فهذا عده كثير من المؤلفين في التفسير خلافا وليس في الحقيقة بخلاف الاتفاق معناه. وجعلناه نحن قولا واحدا وعبرنا عنه باحد عبارات المتقدمين وبما يقرب منها وبما يجمع معانيها. وبما يجمع معانيها النوع الثاني اختلاف في التمثيل لكثرة الامثلة الداخلة تحت معنى واحد. وليس مثال منها على خصوصه هو المراد. وانما المراد المعنى العام تلج تلك الامثلة تحت عمومه فهذا عده ايضا كثير من المؤجرين خلافا وليس في الحقيقة بخلاف لان كل قول منها مثال للمراد وليس بكل المراد. ولم نعده نحن خلافا بل عبرنا عنه بعبارة عامة تدخل تدخل تلك الاقوال تحتها. وربما ذكرنا بعض تلك الاقوال على وجه التمثيل مع التنبيه على العموم المقصود. النوع الثالث هو اختلاف في المعنى فهذا هو الذي عددنا خلافا ورجحنا فيه بين اقوال الناس حسب ما ذكرناه في خطبة الكتاب. فان قيل ما الفرق بين التفسير والتأويل؟ فالجواب في ذلك ثلاثة في ذلك ان في ذلك ثلاثة اقوى. الاول انهما بمعنى واحد. ثانيا التفسير للفظ والتأويل في المعنى الثالث وهو صواب ان التفسير هو الشرح وان التويل هو حمل الكلام على معنى غير المعنى الذي يقتضيه ظاهر اللفظ لموجب اقتضاء يحمل على وذلك ليخرج عن ظاهره. وما القراءات فانها في القرآن بمنزلة الرواية في الحديث فلابد من ضبطها كما يضبط الحديث بروايته النصوص الشرعية من الكتاب والسنة ينظر فيها من جهتين. من جهة دلالتها ومن جهة روايتها. واول ما ينظر فيه هو الرواية. يعني اذا اردت ان تستدل باية واردت ان تستدل بحديث اول ما يطلب منك هو اثبات رواية اي ان تثبت ان الله تعالى تكلم بهذا بان يكون قرآنا يتلى مكتوبا في المصحف او ان تثبت ان النبي صلى الله عليه وسلم تكلم بهذا. فان اثبت ذلك سير الى المنزلة الثانية وهي استدلاء وهي وجه الدلالة هل هذا الذي استدللت به؟ يستدل به هل هو دليل على هذه المسألة او ليس بدليل فاما جهة الرواية في القرآن الكريم فهي محسومة لان القرآن بحمد الله محفوظ من الاختلاف ولم تختلف الامة وفي واما في الحديث النبوي فهي موضوع علم مصطلح الحديث لان هذا الفن عموما يبحث فيه عن مسائل الرواية في الحديث. اي اثبات كون هذا دليلا شرعيا لكون النبي صلى الله عليه وسلم وتكلم فيه. والعلم الذي يعنى بالرواية في القرآن هو علم القراءات. والعلم الذي يعنى بالرواية في الحديث هو علم مصطلح الحديث قال فالمشهورة هي القراءات السبع وما جرى مجراها كقراءة يعقوب وابن محيصن على كل حال القراءات المتواترة عشرة. يجمع عليهم الهاء السبعة وهم على الترتيب الامام نافع رحمه الله تعالى. ثم الامام ابن كثير كذلك رحمهم الله تعالى جميعا. ثم بعد ذلك ابو عمرو ابن العلاء اسمه زبان. ثم عبدالله بن عامر الدمشقي. ثم عاصم بن ابي النجوم كوفي ثم حمزة الزيات الكوفي ايضا ثم علي بن حمزة الكسائي الكوفي ايضا ثلاثة تكمل هؤلاء السبعة ومذهب جماهير اهل العلم انها متواترة ولم يزل يقرأ بها في جميع الامصار. وهي قراءة الامام يعقوب الحضرمي البصري الامام ابو جعفر يزيد بن القعقاع المدني. والامام خلف العاشر الكوفي. فهؤلاء جاءهم القراء العشرة الذين يقرأوا بقراءتهم. اثنان من اهل المدينة وهما نافع وابو جعفر وواحد من اهل مكة وهو عبدالله ابن كثير وواحد من اهل الشام وهو عبد الله ابن عامر واثنان من اهل اه البصرة وهم ابو عمرو ابن علاء ويعقوب الحضرمي واربعة من اهل الكوفة وهم عاصم بن ابي نجود حمزة الزيات والامام علي بن حمزة الكسائي وخلف هؤلاء هم اصحاب القراءات العشرة وما وراء العشرة من الشاذ. ما وراء هذه العشرة اي قراءة ليست داخلة في هذه العشرة فهي من الشام. والشاذ لا تجوز القراءة. لا تجوز القراءة لانه ليس قرآنا لسه قرآن. في قراءة الحسن مثلا قال الحسن البصري له قراءة. ولكن هذه ليست من القراءات المتواترة. فهي ليست قراءة لا يجوز القراءة بها والاعمش وغيرهم ممن لهم قراءات آآ مما وراء العشر فهؤلاء قراءتهم شاذة وانما اختلف العلماء في الاحتجاج بها. اي هل يجوز الاحتجاج بها في الفقه ام لا؟ وهي مسألة اصولية لا نريد بسطها الان لاننا لسنا بصدد ذلك. قال وانما بينا هذا الكتاب على قراءتنا في اهل المدني لوجهين احدهما انها القراءة المستعملة في بلادنا بالاندلس وسائر المغرب. وهذا من قديم الزمان الى الان. جميع اهل المغرب بالمفهوم الواسع هو اصلا هو من الاندلس. التي هي الان اسبانيا وبعض آآ دولة البرتقال اهل الاندلس واهل ما يسمى الان بالمغرب العربي المغرب والجزائر وموريتانيا وتونس وليبيا هؤلاء فجميعا يقرأون بقراءة نافع الى الان بروايتيه ورش وقالوا فهم يقولون نحن اه فقهنا على فقه اهل المدينة وقراءتنا على قراءة اهل المدينة ايضا. هم على فقه الامام مالك وهو فقه اهل المدينة وقراءتهم ايضا على قراءة الامام نافع وهو ايضا كذلك من اهل المدينة يرحمك الله وهذا يدل على ان هذه القراءة قديمة. لان ابن الجزير رحمه الله تعالى في القرن الثامن يتحدث انهم كانوا يقرأون بقراءة اه نافع. قالوا انما بينا هذا الكتاب على قراءة نافع المدني لوجهين. احدهما انها القراءة المستعملة في بلادنا بالاندلس دائري المغرب اي جميع اقطار المغرب. والاخر الاقتداء بالمدينة شرفها الله تعالى لانها حكرات اهل المدينة. وقال مالك بن انس قراءة نافع سنة. الامام مالك رحمه الله تعالى اخذ عن نافع نفسه اخذ عن الامام كان يقرأ بقراءة نافع فهو شيخه الذي اخذ عنه القرآن الكريم وذكرنا من سائر القراءات ما فيه فائدة في المعنى والاعراب لكن على كل حال ينبغي ان ينبه الى ان هذه القراءات صحيحة كلها وهي كلها قرآن يتلى. ولا يقال فيها هذا خطأ وهذا صواب. بل هذا كله صواب قد وقع ذلك على عهد النبي صلى الله عليه وسلم. فاختلف بعض الصحابة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم في القراءة فصوبهم النبي صلى الله عليه وسلم جميعا. فهذا كله صواب. هذه القراءات العشر متواترة جميعا. والخلاف بينها ليس خلافا بين الخطأ والصواب فكلها صواب. قال اه وذكرنا من سائر القراءات ما فيه فائدة في المعنى والاعراب او غير ذلك دون ما لا فائدة فيه زائدة. واستغنينا عن استيفاء القراءات لكونها مذكورة في الكتب المؤلفة فيها. وقد صنفنا فيها كتبا نفع الله بها وايضا فانا لما عزمنا في هذا الكتاب على الاختصار حذفنا منه ما لا تدعوا اليه ضرورة وقد ذكرنا في هذه بابا في قواعد اصول القراءة