المكتبة السمعية للعلامة المفسر الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله. يسر فريق مشروع كبار العلماء ان يقدم قراءة تفسير السعدي ثم في هذا الموضع ليس المراد منها الترتيب الزمني فان زمن موسى عليه السلام متقدم على تلاوة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم هذا الكتاب. وانما المراد الترتيب الاخباري فاخبر ان انه اتى موسى الكتاب وهو التوراة تماما لنعمته وكمالا لاحسانه. على الذي احسن من امة موسى فان الله انعم على المحسنين بنعم لا تحصى من جملتها وتمامها انزال التوراة عليهم. فتمت عليهم نعمة الله ووجب عليهم القيام بشكرها. وتفصيلا لكل شيء يحتاجون الى تفصيله من الحلال والحرام والامر والنهي والعقائد ونحوها وهدى ورحمة ان يهديهم الى الخير ويعرفهم وهم بالشر في الاصول والفروع. ورحمة يحصل به لهم السعادة والرحمة والخير الكثير. لعلهم بسبب انزالنا الكتاب والبينات عليهم لقاء ربهم يؤمنون. فانه اشتمل من الادلة القاطعة على البعث والجزاء بالاعمال. ما يوجب لهم الايمان بلقاء ربهم والاستعداد له وهذا القرآن العظيم والذكر الحكيم كتاب انزلناه مبارك اي فيه الخير الكثير والعلم الغزير وهو الذي تستمد منه سائر العلوم وتستخرج منه البركات. فما من خير الا وقد دعا اليه ورغب فيه. وذكر الحكم والمصالح التي تحث عليه. وما من شر الا وقد نهى عنه وحذر منه وذكر الاسباب المنفرة عن فعله وعواقبها الوخيمة. فاتبعوه فيما يأمر به وينهى. وابنوا اصول دينكم وفروعه عليه. واتقوا الله الله تعالى ان تخالفوا له امرا. لعلكم ان اتبعتموه ترحمون. فاكبر سبب لنيل رحمة الله اتباع هذا الكتاب علما عملنا ان تقولوا انما انزل الكتاب على طائفتين من قبلنا وان كنا دراستهم لغافلين. اي انزلنا اليكم هذا الكتاب المبارك قطعا لحجتكم. وخشية ان تقولوا انما انزل الكتاب على طائفتين من قبلنا اي اليهود والنصارى. وان كنا عن دراستهم لغافلين. اي تقولون لم تنزل علينا كتابا. والكتب التي انزلتها على الطائفتين ليس لنا بها علم ولا معرفة. فانزلنا اليكم كتابا لم ينزل من السماء كتاب اجمع ولا اوضح ولا ابين منه او تقولوا لو انا انزل علينا الكتاب لكنا اهدى منهم. فقد جاءكم بينة من ربكم وهدى ورحمة. فمن اظلم ممن كذب بايات الله او تقولوا لو انا انزل علينا الكتاب لكنا اهدى منهم. اي اما ان تعتذروا بعدم وصول اصل الهداية اليه واما ان تعتذروا بعدم كمالها وتمامها. فحصل لكم بكتابكم اصل الهداية وكمالها. ولهذا قال فقد جاءكم من ربكم وهذا اسم جنس يدخل فيه كل ما يبين الحق. وهدى من الضلالة ورحمة اي سعادة لكم في دينكم ودنياكم فهذا يوجب لكم الانقياد لاحكامه والايمان باخباره. وان من لم يرفع به رأسا وكذب به. فانه اظلم الظالمين. ولهذا قال فمن اظلم ممن كذب بايات الله وصدف عنها اي اعرظ ونأى بجانبه سنجزي الذين يصطفون عن اياتنا سوء العذاب اي العذاب الذي يسوء صاحبه ويشق عليه بما كانوا يصدفون لانفسهم ولغيرهم. جزاء لهم على عملهم السيء. وما ربك بظلام للعبيد وفي هذه الايات دليل على ان علم القرآن اجل العلوم وابركها واوسعها. وانه به تحصل الهداية الى الصراط المستقيم بداية تامة لا يحتاج معها الى تخرص المتكلمين. ولا الى افكار المتفلسفين ولا لغير ذلك من علوم الاولين والاخرين. وان معروف انه لم ينزل جنس الكتاب الا على الطائفتين من اليهود والنصارى. فهم اهل الكتاب عند الاطلاق لا يدخل فيهم سائر الطوائف. لا المجوس سئل غيرهم وفيه ما كان عليه الجاهلية قبل نزول القرآن. من الجهل العظيم وعدم العلم بما عند اهل الكتاب. الذين عندهم مادة العلم وغفلتهم عن دراسة كتبهم