ساق المصنف رحمه الله في هذا الباب حديث عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنه في وصف ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم واصحابه في احرامهم انطلق النبي صلى الله عليه وسلم الى المدينة. والمقصود بالمدينة هنا من ذي الحليفة وهو ميقات اهل المدينة لانه الذي نزل فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وتهيأ لاحرامه. قال انطلق النبي صلى الله عليه وسلم من المدينة بعدما ترجل وادهن اي بعدما تهيأ لاحرامه بالترجل وهو مشط الرأس وتسكينه وتطيبه وتزيينه. والدهن اي واصاب دهنا. والدهن يكون في البدن ويكون في الرأس فقوله وادهن اي اصاب دهنا سواء في بدنه او في رأسه قال ولبس ازاره ورداءه. اي ان النبي صلى الله عليه وسلم احرم في ازار ورداء. والازار هو ما به اسفل البدن والرداء ما يستر به اعلى البدن. وهكذا احرم رسول الله صلى الله عليه وعلى اله وسلم. قال هو واصحابه اي فعل ذلك هو ابتداء واستن به واتبعه في ذلك اصحابه رظي الله تعالى عنهم. فلم ينه عن شيء من الارضية والازن تلبس الا المزعفرة التي تردع على الجلد. اي لم ينقل عنه صلى الله عليه وسلم انه نهى المحرم عن لبس شيء من الازر او شيء من الاردية بل جعل ذلك مأذونا فيه فلم ينه عن رداء ولا عن ازار بل كل رداء يجوز لبسه وهو ما يستر بها على البدن. وكل ازار يجوز لبسه وهو ما يفسر به البدن ولا فرق في ذلك بين ان يكون ابيظ او ان يكون من غيره من الالوان فان ذلك مأذون في وانما يمنع مما يمكن ان يكون شهرة والا فلو لبس ازارا فيه الوان او فيه لون غير البياض وليس مما مما يشتهر ويلفت الانظار فلا حرج فيه قوله ولم ينهش النبي صلى الله فلم ينهى عن شيء من الارضية والازر تلبس الا المزعفرة يعني التي التي وضع فيها شيء من الزعفران لقوله صلى الله عليه وسلم لا تلبسوا شيئا لا تلبسوا من الثياب شيئا مسه ورس ولا زعفران. قال التي تردع على الجلد يعني التي يبدو اثر الزعفران فيه على الجلد بان يلتصق فيه ويظهر عليه. قال فاصبح بذي الحليفة اي ان النبي صلى الله عليه وسلم جاء ذا الحليفة صباحا وسيأتي ان النبي صلى الله عليه وسلم صلى الظهر في المدينة وصلى العصر في ذي الحليفة وهو ميقات اهل المدينة ركب راحلته حتى استوى على البيداء اي ركب دابته التي يتنقل عليها حتى استوى اي ارتفع على البيداء وهو مكان مرتفع منبسط يشرف على الوادي وادي ذي الحليفة حتى اذا ركب حتى اذا استوى على البيداء اهل هو واصحابه. اهل اي لبى هو واصحابه لبى هو صلوات الله وسلامه عليه. فقال لبيك اللهم لبيك. لبيك لا شريك لك لبيك. ان الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك وردد اصحابه ذلك اي لبى اصحابه بهذه التلبية وبغيرها من التلبيات التي سمعها صلى الله عليه وسلم واقرها قالت قال رضي الله تعالى عنه وقلد بدنته قلد بدنته اي جعل القلائد على بدنه. فان النبي صلى الله عليه وسلم ساق الهدي من المدينة. ساق معه من المدينة وميز ذلك بالقلائد ان وضع على الابل قلائد تميزها يعرف انها هدي بان يوضع عليها قلادة معروفة تميزها عن سائر ما يرافق الحجيج من من الابل التي ليست هديا القلائد هي ما يوضع على رقاب الابل لتمييزه عن غيره. يعرف انه مما اهدي الى الى الحرم ومما يتقرب به الى الله تعالى في بناء بسوقه ونحره في الحرم قال رضي الله تعالى عنه في وصف عمل النبي صلى الله عليه وسلم وذلك لخمس بقين من ذي القعدة اي ان النبي صلى الله عليه وسلم خرج لانه مقيم وصلى العصر بذي الحليفة ركعتين. قال واحسبه بات بها حتى اصبح احسبه اي اظنه ايضا ان النبي صلى الله عليه وسلم بات بذي الحليفة حتى اصبح ثم انه صلى الله عليه وسلم ارتحل قبل انقضاء ذي القعدة بخمس بخمس ليال وهذا لحاجته حيث ان السفر من من المدينة الى مكة يستغرق يستغرق وقتا فتقدم النبي صلى الله عليه وسلم الى ذلك حتى يصل الى مكة مبكرا ويكون ذلك عونا له على اداء النسك نشيطا قويا صلوات الله وسلامه عليه. فخرج من المدينة بخمس بقين من ذي القعدة فقدم مكة لاربع ليال خلو من ذي الحجة اي قدم في اليوم الرابع من ذي الحجة وبهذا يكون مدة سفره من المدينة الى مكة تسعة ايام استغرق سفره صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع من من المدينة الى مكة تسعة ايام يقول رضي الله تعالى عنه في وصف ماذا فعل النبي صلى الله عليه وسلم عندما وصل الى مكة في اليوم الرابع من ذي الحجة قال فطاف بالبيت اي طاف بالكعبة وبدأ بها حيث لم يبدأ بشيء قبل الطواف. وهذا معنى ما ذكره ابن عباس تحية البيت الطواف والمقصود بتحية البيت الطواف عندما يقدم الانسان اول قدومه بحج او عمرة فاول ما يبدأ به الطواف ابدأ بعمل قبل ذلك واما اذا قضى المعتمر او الحاج طوافه فانه اذا دخل المسجد بعد ذلك يأخذ حكمه حكم سائر المساجد وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه البخاري ومسلم من حديث ابي قتادة اذا دخل احدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين. فتحية المسجد بغير المعتمر والحاج ان ان يصلي ركعتين لا فرق في ذلك بين المسجد الحرام وغيره من المساجد اما اذا كان قد قدم بحج او عمرة فانه ينبغي له اول ما يبدأ يبدأ بالطواف لانه تحية البيت وهذا ما فعله رسول الله صلوات الله وسلامه عليه. قال فطاف بالبيت اي بالكعبة وسعى بين الصفا والمروة ولم يحل اي ولم يتحلل كما تحلل اصحابه بل بقي على احرامه وذلك ان النبي صلى الله عليه وسلم ساق الهدي معه من المدينة واخبر بان الذي يمنعه من التحلل هو انه ساق الهدي. ولذلك قال ابن عباس ولم يحل من اجل بدنه اي من اجل الهدي الذي ساقه صلى الله عليه وسلم. وقد قال لو لم وقد قال صلوات الله وسلامه عليه لو استقبلت من امري ما استدبرت لما سقت الهدي ولجعلتها عمرة لكنه ساق الهدي صلى الله عليه وسلم فبقي على احرامه فكان قارنا كما دل عليه اه احاديث كثيرة وصفت حجه صلوات الله وسلامه عليه قال ثم نزل باعلى مكة اي بعد ان طاف وسعى خرجا من المسجد ونزل صلوات الله وسلامه عليه باعلى مكة اي في مكان عال في مكة عند الحجون وهو حي معروف في جهة اه القادم من المدينة بعد ذي طوى بعد بئر الزاهر مكان معروف هو اعلى ما يكون من من جهة مكة نزل فيه صلى الله عليه وسلم ولم يقم في الحرم اي لم يقم بجوار المسجد. مسجد الكعبة بل خرج وذاك توسعة للناس رفقا بهم فانه لو بقي لظاق لظاقت مكة على اهلها ولظاق الامر بالناس والنبي صلى الله عليه وسلم جاء ومعه خلق كثير في الحج فخرج صلوات الله وسلامه عليه الى مكان فسيح يرى ارفق به وارفق بالناس. قال رضي الله تعالى عنه في وصف ففعله النبي صلى الله عليه وسلم ثم نزل باعلى مكة عند الحجون وهو مهل بالحج اي يلبي بالحج. يقول لبيك حجا فلم يتحلل صلى الله عليه وسلم. قال ام يقرب الكعبة بعد طوافه بها حتى رجع من عرفة. اي ان النبي صلى الله عليه وسلم لم يتنفل بالطواف ولم ولم يصلي في المسجد الحرام بل صلى في المكان الذي نزل فيه بعد ان فرغ من طوافه وسعيه توسعة للناس ولاجل الا يضيق المكان بالناس ورفقا بهم ايضا ولذلك لم يأتي النبي صلى الله عليه وسلم الى الكعبة في حجة الوداع الا ثلاث مرات لطواف القدوم وفي طواف الافاضة وفي طواف الوداع ولم يأتي للتنفل بالطواف بين ذلك ولم يعتمر كما ولم يندب احدا من اصحابه ان يكرر العمرة كما يفعله كثير من الحجاج الان من تكرار العمرة تلو العمرة في اليوم او في الايام المتتابعة يكرر العمرة لو كان ذلك خيرا لفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا نذهب اليه لكنه صلى الله عليه وسلم كما قال ابن عباس لم يقرب الكعبة بعد طوافه بها حتى رجع من عرفة وامر اصحابه ان يطوفوا بالبيت وبين الصفا والمروة ثم يقصروا من رؤوسهم ان يتحللوا. وذلك في حق من لم يسق الهدي. ثم يحل وذلك لمن لم يكن معه بدنة قلدها. ومن كان معه امرأة فهي له حلال والطيب والثياب اي انه اذا رجع الى حاله قبل احرامه باباحة كل ما يكون للحلال من الطيب والثياب والاستمتاع بالنساء وغير ذلك. هذا الحديث فيه جملة من الفوائد من فوائده استعداد المحرم لاحرامه بالترجل والتطيب والتهيؤ. ومن فوائده ايضا انه يسن ان يحرم بازار ورداء. فان النبي صلى الله عليه وسلم احرم بازار ورداء وان يكون ابيظين لانه اطيب انواع الالبسة كما جاء في حديث ابن عباس البسوا من ثيابكم ان من خيار ثيابكم البياض. فالبسوها وكفنوا فيها موتاكم وفيه من الفوائد ان الحاج ينبغي له ان يتقدم الى مكة بوقت يتسع طوافه وسعيه وتهيئه لاعمال الحج بوقت يستعين به على اداء الحج قوة ونشاط كما فعل النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم. وفيه من الفوائد ان اول ما يبدأ به من اتى الى مكة الطواف ثم السعي وهذا الطواف يسمى طواف القدوم بالنسبة للحاج القارن والمفرد وهو سنة في قول الجمهور. واما السعي الذي يليه فهو سعي والعمرة ان كان قارنا وسعي الحج ان كان مفردا واما ان كان متمتعا فطواف طواف العمرة وسعيه سعي العمرة وهما وهما في قول جماعة من اهل العلم ركنان الطواف متفق لانه ركن في العمرة والسعي ان قيل انه ركن وقيل انه واجب. والمقصود ان طواف المتمتع هو طواف عمرة ليس طواف حج وسعي وسعي عمرة وليس سعي حج ثم بعد ذلك يتحلل ومن فوائد هذا الحديث ان من طاف وسعى فانه ينزل حيث تيسر له حيث كان الارفق به ان ينزل لا يضيق على نفسه بقصد المجيء الى المسجد الحرام او بكثرة الطواف فان ذلك وان كان خيرا لكنه في هذا الموسم يتركه الانسان اتباعا للنبي صلى الله عليه وسلم حيث لم يطف الى ثلاثة اطواف وايضا يوسع يحتسب الاجر في التوسيع على الناس وفيه من الفوائد ان من لم يسق الهدي السنة له ان يتحلل لامر النبي صلى الله عليه وسلم اصحابه وهذا مما استدل به جماعة من العلماء على ان التمتع افضل على ان التمتع افضل الانساك وفيه من الفوائد ان من تحلل بعد عمرته عاد حلالا يحل له كل شيء كان حراما عليه قبل تحلله من الطيب والثيابي والنساء وغير ذلك نعم. روى البخاري باسناده عن انس بن مالك رضي الله تعالى عنه قال قال قال النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة اربعة حنيفة ركعتين ثم مات حتى اصبح به الحليفة فلم ما ركب راحلة واستوت به اثم. وروى البخاري باسناد عن انس بن مالك رضي الله تعالى عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم حذيفة ركعتين قال واحسنوا فات بها حتى الباب الذي روى البخاري في اسناده عن انس رضي الله تعالى عنه قال صلى قال صلى النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة اربعة والعصر به حذيفة ركعتين يصرخون بهما جميعا باب من بات بذي الحليفة حتى اصبح او حتى يصبح نقل ذلك قاله ابن عمر رضي الله تعالى عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم ثم فصل متى متى يسن البيات؟ لذي الحليفة هل هو في الذهاب الى مكة او في الرجوع من مكة الى المدينة الذي دلت عليه السنة ان البيات هو في رجوعه صلوات الله وسلامه عليه. اما في انصرافه وسفري الى مكة فانه لم يبت بل صلى الظهر في ذي الحليفة فصلى الظهر في المدينة وصلى العصر في ذي الحليفة. يقول آآ المصنف رحمه الله فيما ساقه باسناد عن انس قال صلى النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة اربعا يعني الظهر صلى في المدينة اربع ركعات وبذي الحليفة ركعتين اي وصلى العصر في ذي الحليفة ركعتين قصرا لان المسافر يقصر كما قال الله تعالى واذا ضربتم في الارض فليس عليكم جناح ان تقصروا من الصلاة ثم بات حتى اصبح بذي الحليفة ثم بات حتى اصبح بذي الحليفة اي انه صلى صلى الله عليه وعلى اله وسلم ركعتين في ذي الحليفة حتى اصبح بذي الحليفة فلما ركب راحلته واستوت به اهل هذا الحديث يفيد ان النبي صلى الله عليه وسلم بات في ذي الحليفة عند ذهابه الى مكة وكذلك في رجوعه وانما ذكر انه صلى ركعتين لبيان انه صلوات الله وسلامه عليه لما بلغ ذي الحليفة اخذ احكام السفر مع قربها من المدينة فانه صلى فيها ركعتين وبات فيها حتى اصبح صلوات الله وسلامه عليه. ثم ركب صلى الله عليه وسلم راحلته واستوى عليها اهل اي لبها الحج فقال لبيك اللهم لبيك كما سيأتي. وفي الحديث الثاني حديث انس رضي الله تعالى عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم صلى الظهر بالمدينة اربعا الى جهته التي قصد وهي مكة البلد الحرام هذا الحديث فيه جملة من الفوائد من فوائده ان الانسان اذا نوى السفر فانه لا يترخص برخص السفر الا اذا سافر. فان النبي صلى الله عليه وسلم صلى ظهرا بالمدينة اربعا مع نيته السفر. ثم لما سافر ترخص وفيه من الفوائد ان الرخصة تبتدئ رخص السفر تبتدأ بالشروع في السفر واذا ولو لم يقطع مسافة طويلة فان النبي صلى الله عليه وسلم صلى في ذو الحليفة مع قربه من المدينة ركعتين وفيه من الفوائد سنية ان يصلي الانسان في ذي الحليفة لانه واد مبارك كما تقدم بما دل عليه قوله صلى الله عليه وسلم اتاني ات من ربي فقال صلي بهذا الوادي المبارك وقل عمرة في حجة وفيه من الفوائد ان ان ان ان ان المسافر يستقبل بسفره اول النهار لانه انشط له في المسير واعون له في آآ بلوغ غايته وهذا فيما اذا كان ذلك محققا لهذا الغرض. اليوم السفر في كل وقت لا سيما عبر وسائل آآ التنقل الطائر في الطائرات فانهم لا يحددون في ذلك وقت فينظر الانسان الى ما يوافق آآ مصلحته وفين وافق ما كان عليه حال النبي صلى الله عليه وسلم في الخروج فذاك حسن والا فانه يخرج متى تيسر له نعم. باب العلم. روى البخاري باسناده عن عبدالله بن عمر رضي الله تعالى عنه ان تربية رسول الله صلى الله عليه وسلم لبيك اللهم طيب الباب الثاني باب رفع الصوت بالاهلال اي من السنة ان يرفع الانسان صوته بالتلبية فاذا لبى ينبغي له ان يظهر ذلك ورفع الصوت بالتلبية هو ان يسمعه ويسمعه من حوله دون ان يشق على نفسه والمقصود بالاهلال التلبية كما تقدم وساق في حديث انس ان النبي صلى الله عليه وسلم صلى بالمدينة الظهر اربعا والعصر بذي الحليفة قال وسمعتهم انس يخبر يقول سمعتهم يريد النبي صلى الله عليه وسلم واصحابه يصرخون بهما جميعا يصرخون اي يرفعون اصواتهم بالحج والعمرة تسمية باحرامهم بان يقولوا لبيك عمرة وحجا وهذا يسمى في كلام العلماء تسمية النسك اي تعيينه وذكره في اثناء التلبية. فان ذلك من السنن ان يقول في تلبيته لبيك عمرة اذا كان معتمرا او لبيك حجا اذا كان مفردا او لبيك حجا وعمرة اذا كان قارنا وهذا ما هنا في قوله وسمعتهم يصرخون بهما اي بالحج والعمرة في تلبياتهم رظي الله تعالى عنهم