ينطقون هل يسمعونكم اذ تدعون او ينفعونكم او من قال له قومه وانت ربك لا يسمع؟ المسألة مسلم بها بين والموحدين ان الله يتكلم. المشركون من قريش ومن اليهود ومن النصارى والمسلمون هذه المحنة صورتها ايها الاخوة ان خليفة المسلمين المأمون العبد كان مولعا بالفلسفة والمنطق. ذلك لان اخوالهم من الفرس اثروا علي. وزينوا له هذه العلوم التي تفسد دين الناس بشهادة اليهود والنصارى والمسلمين. علماء اليهود وعلماء النصارى وعلماء المسلمين كلهم اتفقوا على ان المنطق والفلسفة مفسدة للاديان وقد الف شيخ الاسلام الهروي رحمه الله كتاب سماه ذم الكلام واهله. المأمون لما كان مولعا بالفلسفة والمنطق ترجم كثيرا من الكتب الهند. وبقايا المجوس. وكتب المنطقة اليوناني الى العربية. وبنى دارا سماه بيت الحكمة علماء المعتزلة الذين كانوا في الاصل على هذا المنوال. وعلى رأسهم المشهور بابن ابي دؤاد ويسميه بعض العلماء باحمد البدعة في احمد السنة احمد ابن ابي دعاة قاضي القضاة. لما تولى المأمون الخلافة قتل اخاه الامين انتصر لاخواله وجعل لهم الصولة والجولة. وكانوا كان جلهم اما رافضة واما معتزلة والرافضة في هذا العصر انقلبوا الى اعتزال واصبحوا في الاعتقاد على اعتقاد المعتزلة. ولهذا تعلمون ان شيخ الاسلام لما الف كتابه العظيم في الرد على الحل سماه منهاج السنة النبوية في الرد على الرافضة والقدرية. لانهم في باب الاعتقاد في باب الاسماء والصفات في باب المنهج في طلب العلم اصبحوا شيئا واحدا. فزين له قاضي القضاة عقيدة قديمة موجودة عند المعتزلة اخذوها عن الجهم ابن صفوان وهي القول بان صفات الله واظهر شيء في هذا احدثوه القول بان كلام الله مخلوق. والقرآن من كلام الله اذا هو مخلوق. ربما ان بعض طلبة العلم المبتدئين لا ينتبهون الى خطورة هذه القضية. فاقول تذكيرا للمنتهين وتنبيها للمبتدئين ان هذه المسألة خطيرة جدا. لان القول بها ان الله لا يتكلم. يعني ان الله لا يأمر ولا ينهى. يعني ان الله لا كيف يرسل من لا يتكلم؟ فبأي شيء يرسله اذا كان لا يتكلم ومن الذي يأمر وينهى اذا كان الله لا يأمر ولا ينهى. ومن الذي يخبر عما يكون في الجنة وعما سيكون يوم القيامة وعما كان اذا كان الله لا يتكلم. ومن الذي يفصل بين العباد يوم القيامة فيقول للمحق انت محق والمبطل انت مبطل اذا كان الله لا يتكلم فقضية ومسألة القول بخلق القرآن مسألة خطيرة عظيمة فيها ابطال رسالة ابطال النبوات ابطال الشرائع ابطال الالهيات. ولذلك كان من قول الخليل عليه السلام لقومه ان قال لهم فاسألوهم ان كلهم يقولون الله يتكلم وكلام الله صفة من صفاته تبارك وتعالى فبدأ المأمون يزين له اهل الباطل القول القرآن حتى اعتقده. فلما اعتقده اراد ان يحمل الناس على هذا القول لانه خفي عن الناس. الناس يقولون القرآن كلام الله. ومعلوم ان الصفة اذا اضيفت الى الموصوف فهي تابعة له. والامر كما قال ابو طالب المشتدان لما دخل على الامام احمد فقال للامام احمد ان في نفسي شيئا من القرآن. فقال له الامام احمد انت مخلوق؟ قال نعم. قال فكلامك الا يكون مخلوقا؟ قال بلى. قال الله مخلوق؟ قال قال فكلامه لا يكون مخلوق. علمك مخلوق لانك مخلوق. علم الله لو قلت مخلوق معناه انه لم يكن يعلم ثم صار يعلم. والامر خطير لما تقول ان الله لا يتكلم شبهته عياذا بالله اما بالاخرس العاجز عن الكلام او بما ليس قابلا للكلام من الناقصات كالجمادات او بالممتنعات فكل هذه مرارات عقدية لازمة لمن قال بان كلام الله مفقود