المكتبة السمعية للعلامة المفسر الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله. يسر فريق مشروع كبار العلماء ان يقدم قراءة تفسير السعدي. يقول تعالى فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله بنجاتهم ونجاة اتباعهم وسعادتهم واهلاك اعدائهم وخذلانهم في الدنيا وعقابهم في الاخرة. فهذا لابد من وقوعه. لانه وعد الصادق قولا على السنة اصدق خلقه وهم الرسل وهذا اعلى ما يكون من الاخبار. خصوصا وهو مطابق للحكمة الالهية والسنن الربانية وللعقول الصحيحة. والله تعالى لا يعجزه شيء. فانه عزيز ذو انتقام. اي اذا اراد ان ينتقم من احد فانه لا يفوته ولا يعجزه. وذلك في يوم القيامة وبرزوا لله الواحد القهار. تبدل غير السماوات وهذا التبديل تبديل صفات لا تبديل ذات. فان الارض يوم القيامة تسوى وتمد كمد الاديم. ويلقى ما على ظهرها فمن جبل ومعلم فتصير قاعا صفصفا لا ترى فيه عوجا ولا امتى وتكون السماء كالمهل من شدة اهوال ذلك اليوم ثم يطويها الله تعالى بيمينه وبرزوا اي الخلائق من قبورهم الى يوم بعثهم ونشورهم في محل لا يخفى منهم على الله شيء اي المتفرد بعظمته واسمائه وصفاته وافعاله عظيمة وقهره لكل العوالم. فكلها تحت تصرفه وتدبيره. فلا يتحرك منها متحرك ولا يسكن ساكن الا باذنه وترى المجرمين يومئذ مقرنين في الاصفار وترى المجرمين اي الذين وصفهم الاجرام وكثرة الذنوب في ذلك اليوم اي يسلسل كل اهل عمل من المجرمين بالسلاسل من نار فيقادون الى العذاب في اذل صورة واشنعها وابشعها. سرابي سرابيلهم اي ثيابهم من قطران وذلك لشدة اشتعال النار فيهم وحرارتها ونتن ريحها وتغشى وجوههم التي هي اشرف ما في النار اي تحيط بها وتصلاها من كل جانب. وغير الوجوه من باب اولى واحرى. وليس هذا ظلما من الله لهم وانما هو جزاء لما قدموا وكسبوا. ولهذا قال تعالى ليجزي الله كل نفس ما كسبت ان الله سريع الحساب. ليجزي الله كل نفس ما كسبت من خير وشر. بالعدل والقسط. الذي فجور فيه بوجه من الوجوه. ان الله سريع الحساب. كقوله تعالى اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون ويحتمل ان معناه سريع المحاسبة فيحاسب الخلق في ساعة واحدة كما يرزقهم ويدبرهم بانواع التدابير في لحظة واحدة لا يشغله شأن عن شأن وليس ذلك بعسير عليه. فلما بين البيان المبين في هذا القرآن قال في مدحه هذا بلاغ للناس وليندروا به وليعلموا انما هو اله هذا بلاغ للناس اي يتبلغون ويتزودون الى الوصول الى اعلى المقامات وافضل الكرامات. لما اشتمل عليه من الاصول والفروع وجميع العلوم التي يحتاجها العباد ولينذروا به لما فيه من الترهيب من اعمال الشر. وما اعد الله لاهلها من العقاب. وليعلموا ان ما هو اله واحد. حيث صرف فيه من الادلة والبراهين على الوهيته ووحدانيته. ما صار ذلك حق اليقين اي العقول الكاملة ما ينفعهم فيفعلونه وما يضرهم فيتركونه. وبذلك صاروا اولي الالباب اذ بالقرآن ازدادت معارفهم واراؤهم وتنورت افكارهم لما اخذوه غضا طريا فانه لا يدعو الا الى اعلى الاخلاق والاعمال وافضلها. ولا يستدل على ذلك الا باقوى الادلة وابينها. وهذه القاعدة اذا تدرب بها العبد الذكي لم يزل في صعود ورقي على الدوام في كل خصلة حميدة والحمد لله رب العالمين