اوليست عقولهم من جملة مواهبه فكيف يحكم على حكمته وتدبيره ببعض مخلوقاته التي هي بالاضافة اليه انقص من كل شيء انت بتحكم عليه بعقلك؟ طب ما هو اللي ادى لك عقلك اعوذ بالله من الشيطان الرجيم. بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين اما بعد فهذه قراءة من كتاب الصيد الخاطر لابن الجوزي عليه رحمة الله وبركاته وهذا هو الفصل الخمسون بعد المئة من الكتاب وفيه خطر موافقة الهوى يقول الشيخ عليه رحمة الله تأملت وقوع المعاصي من العصاة فوجدتهم لا يقصدون العصيان وانما يقصدون موافقة هواهم فوقع العصيان تبعا فنظرت في سبب ذلك الاقدام مع العلم بوقوع المخالفة فإذا به ملاحظتهم لكرم الخالق وفضله الزاخر ولو انهم تأملوا عظمته وهيبته من بسطت كف بمخالفتك فانه ينبغي والله ان يحذر ممن اقل فعله تعميم الخلق بالموت حتى القاء الحيوان البهيم للزبح وتعذيب الاطفال بالمرض وفخر العالم وغنى الجاهل فليعرض المقدم على الذنوب على نفسه الحذر ممن هذه صفته فقد قال الله تعالى ويحذرهم الله نفسه وملاحظة اسباب الخوف ادنى الى الامن من ملاحظة اسباب الرجاء فالخائف آخذ بالحزم والراجي متعلق بحبل طمع وقد يخلف الظن وقد يخلف الظن نسأل الله العافية فصل القناعة بالقليل يقول الشيخ عليه رحمة الله رأيت عموم ارباب الاموال يستخدمون العلماء ويستزلونهم بشيء يسير يعطونهم من زكاة اموالهم فإن كان لأحدهم ختمة قال فلان ما حضر وان مرض قال فلان ما تردد وكل منته عليه شيء نذر يجب تسليمه الى مثله وقد رضي العلماء بالذل في ذلك لموضع الضرورة فرأيت ان هذا جهل من العلماء بما يجب عليهم من صيانة العلم ودواؤه من جهتين احداهما القناعة باليسير كما قيل من رضي بالخل والباقي لم يستعبده احد كان الشيخ بيقول ان مشكلة العلماء حاجتهم الى الاغنياء كما مر معنا في الحلقة السابقة يجب للعالم ان يستغني يستغني بالمال يبقى عنده فلوس يشتغل ويكسب ويحوش ويدبر نفسه يبقى عنده فلوس يستغني بها ويبتعد عن الاغنياء ويتزوج ويتعفف ويبتعد عن النساء ازاي لو ما فيش يقنع باليسير فمن رضي بالخل والبقل لم يستعبده احد اذكر جيدا لما كنا نعمل في بعض دول الخليج ولقيني احد مشايخنا اللي في بلدكم بطاطس يوافي هنرجع بلدكم بكل بطاطس يقول على البطاطس بطاطا عندكم بطاطا ارجع وكل بساطة لا يستذلك احد كل بطاطا كل تراب بقى ولا يستذلك احد القناعة باليسير والثاني صرف بعض الزمان المصروف في خدمة العلم الى كسب الدنيا فانه يكون سببا لاعزاز العلم وذلك افضل من صرف جميع الزمان في طلب العلم مع احتمال هذا الذل ومن تأمل ما تأملته وكانت له انفة قد ركوته واحتفظ بما معه او سعى في مكتسب يكفيه ومن لم يأنف من مثل هذه الاشياء لم يحظ من العلم الا بصورته دون معناه فصل مدار الامر كله على العقل فانه اذا تم العقل لم يعمل صاحبه الا على اقوى دليل وثمرة العقل فهم الخطاب وتلمح المقصود من الامر مهم جدا الضبط ده ان يبقى مش بالمقصود العاقل معارضة الشرع ولا التعديل على المشجع وانما المقصود من العاقل فهم الفهم عن الشر تلمح المقصود ومن فهم المقصود وعمل على الدليل كان كالبان على اساس وثيق واني رأيت كثيرا من الناس لا يعملون على دليل. بل كيف اتفقوا وربما كان دليلهم العادات وهذا اقبح شيء يكون ثم رأيت خلقا كثيرا لا يتبعون الدليل بطريق اثباته. كاليهود والنصارى. فانهم يقلدون الاباء ولا ينظرون فيما جاء فمن الشرائع هل صحيح ام لا وكذلك يثبتون الاله ولا يعرفون ما يجوز عليه مما لا يجوز. فينسبون اليه الولد ويمنعون جواز تغييره ما شرع هؤلاء لم ينظروا حق النظر لا في اثبات الصانع وما يجوز عليه ولا في الدليل على صحة النبوات فتقع اعمالهم ضائعة كالباني على رمل ومن هذا القبيل في المعنى قوم يتعبدون ويتزهدون وينصبون ابدانهم في العلم باحاديث باطلة ولا يسألون عنها من يعلم ومن الناس من يثبت الدليل ولا يفهم المقصود الذي دل عليه الدليل من هذا الجنس قوم سمعوا ذم الدنيا فتزهدوا ومفاهم المقصود فظنوا ان الدنيا تذم لذاتها فقول ان ده له حكمة لكن الحكمة انا لا اعلمها يعلمها الله فان قوما لم يفعلوا ذلك جهلا منهم افتراهم بماذا حكموا بماذا حكموا بفساد هذا التدبير اليس بمقتضى عقولهم وان النفس تجب عداوتها فحملوا على انفسهم فوق ما يطاق. وعذبوها بكل نوع. ومنعوها حظوظها بقوله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم ان لنفسك عليك حقا وفيهم من ادته الحال الى ترك الفرائض ونحول الجسم وضعف القوى وكل ذلك لضعف المقصود والتلمح للمراد كما روي عن داوود الطائي انه كان يترك ماء في دم تحت الارض فيشرب منه وهو شديد الحر وقال لسفيان اذا كنت تأكل اللذيذ الطيب وتشرب الماء البارد المبرد فمتى تحب الموت والقدوم على الله وهذا جهل بالمقصود فان شرب الماء الحار يورث امراضا في البدن ولا يحصل به الري وما امرنا بتعذيب انفسنا على هذه الصورة بل بترك ما تدعو اليه مما نهى الله عنه في الحديث الصحيح ان ابا بكر رضي الله عنه لما حلب له الراعي في طريق الهجرة صب الماء على القدح حتى برد اسفله ثم سقى رسول الله صلى الله عليه وسلم وفرش له في ظل صخرة وكان يستعذب الماء لرسول الله صلى الله عليه وسلم وقال ان كان عندكم ماء بات في شن والا كرعنة ولو فهم داوود رحمه الله ان اصلاح علف الناقة متعين لقطع المسافة لم يفعل هذا داوود الطائي ده راجل صوفي ممن ائمة الصوفية كان مش عايز يشرب مية متلجة ليه؟ عشان نفسك تحبها واحنا مأمورين بمخالفة النفس فكان يسخن الماية ويشربها فابن الجوزي بيرد عليه بيقول له احنا ما امرناش بهذا والنبي كان بيستبرد له الماء ويستعزب له الماء وفي طريق الهجرة سيدنا ابو بكر برد للنبي اللبن تلجهوله صلى الله عليه وسلم ولازم تفهم ان اصلاح علف الناقة متعين لقطع المسافة عشان تقدر تقف تصلي وتقدر تركز في القرآن وتقدر تطلب العلم وتقدر تفهم لازم تدي الجسم حقه في الاكل وفي الراحة الا ترى الى سفيان الثوري فانه كان شديد المعرفة والخوف وكان يأكل لذيذ ويقول ان الدابة اذا لم يحسن اليها لم تعمل ولعل بعض من لم يسمع كلامي هذا يقول هذا ميل على الزهاد فاقول كن مع العلماء انظر الى الطريق الحسن وسفيان ومالك وابي حنيفة واحمد والشافعي وهؤلاء اصول الاسلام برضو احنا عايزين نتوسط بين ابن الجوزي وبين الزهاد داود الطائي كان بيقول ان هو بيشرب الماية السخنة وعاب على سفيان قال لسفيان اللي كنت بتأكل اللذيذ من الطعام وتشرب الميه الباردة امال انت امتى هتحب القدوم على الله وتحب الموت واحنا بنقول لا تستوي النفوس والكلام ده وضحته قبل ذلك ان بعض الناس يكفيه لترقيق قلبه انه يقرا ايتين قرآن انه يقعد في خلوة ويذكر الله شوية يبكي ويرق قلبه وبعض الناس يحتاج عشان يرق قلبه يسمع شريط او يسمع موعظة او يقرا وبعض الناس عشان يرق قلبه يروح يغسل ميت او يحضر جنازة او يزور قبور او يزور مستشفى ومريض وبعض الناس عشان يرق قلبه يحتاج بانه ينزل ينام في القبر ويشم الريحة ويرى الظلم فليس كل الناس مطالبين بهذا او ذاك. انما المطلوب ايه حب الموت وحب القدوم على الله حب لقاء الله والشوق للقاء الله فكيف ما اتفق لك فافعل ازا كانت المية السخنة تجيب قلب ما فيش ميه سخنة وان كانت الماية الباردة هي اللي تجيب قلبك اشرب مية برضو لكن اياك ان تتابع هواك يقول ابن الجوزي عليه رحمة الله لا تقلد دينك من قل علمه وان قوي زهده واحمل امره على انه كان يطيق هذا ولا تقتدي بهم فيما لا تطيقه فليس امرنا الينا والنفس وديعة عندنا فان انكرت ما شرحته لك فانت ملحق بالقوم الذين انكرت عليهم هذا رمز الى المقصود والشرح يطول الفصل الثالث والخمسون بعد المئة يقول الشيخ عليه رحمة الله الواجب على العاقل ان يتبع الدليل ثم لا ينظر فيما لا يجني من مكروه مثاله انه قد ثبت بالدليل القاطع حكمة الخالق عز وجل وملكه وتدبيره. ثبت فاذا رأى الانسان عالما محروما وجاهلا مرزوقا اوجب عليه الدليل المثبت حكمة الخالق التسليم اليه ونسبة العجز عن معرفة الحكمة الى نفسه يعني اما تشوف العالم مستضعف ومهان شوفوا زماننا اهل الدين مستضعف ومطارد ومؤذى وتلاقي اهل الفسق والفجور من المغنيين واللاعبين واللاهين والفجار مكرم وتفتح له الابواب تقول سبحان الله ازاي يا رب على طول يأتي اليك انه ثبتت حكمة الخالق بالدليل القاطع حكمته في ملكه وتدبيره واللي خلق عقلك فبتحكم عليه بمخلوق من مخلوقاته كيف يحكم على حكمته وتدبيره؟ ببعض مخلوقاته التي هي بالاضافة اليه انقص من كل شيء وقد بلغني عن اللعين ابن الرواندي انه كان جالسا على الجسر وفي يده رغيف يأكله. فجازت خيل وقال فقال لمن هذه؟ قيل لفلان الخادم ثم جازت خيل واموال. قال لمن هذه قيل لفلان الخادم فلما مر الخادم رأى شخصا محتقرا فرمى الرغيف الى ناحيته وقال وهذا لفلان ما هذه القسمة هو ممعهش الا رغيف وعمالة عربيات تعدي واموال تعدي واخبرت عن دي مين دي؟ لفلان؟ لما بص لفلان كده لا ما يستاهلش من وجهة نظره قال لك بقى ده يبقى له كل ده وانا رغيف مش عايزه هذه القسمة ولو فكر المعترض لبانت له وجوه اقلها جهله بمن يدعي معرفته وقلة تعظيمه له ده كلام كفر الاعتراض على الله ذلك يوجب عليه اشد مما كان فيه من تضييق العيش ولكنه ميراث ابليس حيث اعتقد سوء التدبير في تفضيل آدم عليه السلام فالعجب من تلميز يتعالم على استاذه ومن مملوك يسير على سيده ومما ينبغي ان يتبع فيه الدليل ولا يلتفت الى ما جنت الحال ان العلم اشرف مكتسب ما هو ده لو عالم وعارف ربنا كويس ما كنش يقدر يقول كده بل يحمد الله ويتلمح الحكمة فان خفيت عليه الحكمة عبد عقله والزم نفسه مقام العبودية وسكت ورضى وقد رأى جماعة من الجهلة قلة حظوظ العلماء من الدنيا فازروا على العلم وقالوا لا فائدة فيه وذلك لجهلهم بمقدار العلم. فان تابع الدليل لا يبالي فيما جنى وانما يبين الاختبار بفقد الغرض ولو لم يكن من الدليل على صدق نبينا صلى الله عليه وسلم الا اعراضه عن الدنيا وتضييق العيش عليه ثم لم يخلف شيئا وحرم اهله الميراث قال نحن معاشر الانبياء لا نورك ما تركناه صدقة لكفاه ذلك دليلا على صدق طلبه لمطلوب اخر ربما رأى الجاهل قوما من العلماء يفعلون خطيئة فيزدري العالم ويزدري على العلم ويدعيه ناقصا وهذا غلط كبير فليتق الله العاقل وليعمل بمقتضى العاقل فيما يأمر به من طاعة الله والعمل بالعلم والعمل بالعلم وليعلم ان الابتلاء في الصبر على فوات المطلوبات وليلزم اتباع الدليل جنى مكروها والله الموفق فصل يقول ابن الجوزي عليه رحمة الله في الفصل الرابع والخمسين بعد المئة من كتاب صيد الخاطر قرأت سورة يوسف عليه السلام فتعجبت من مدحه عليه السلام على صبره وشرح قصته للناس ورفع قدره بترك ما ترك فتأملت خبيئة الامر مدح سيدنا يوسف كل ده ليه خبيئة فاذا هي مخالفته للهوى المكروه فقلت وعجبا لو وافق هواه من كان يكون لما خالف هواه صار امرا عظيما تضرب الامثال بصبره ويفتخر على الخلق باجتهاده كل ذلك كان بصبر ساعة فيا له عزا وفخرا ان تملك نفسك ساعة الصبر عن المحبوب وهو قريب وبالعكس منه حالة ادم في موافقته هواه لقد عادت نقيصة في حقه ابدا لولا التدارك فتاب الله عليه فتلمحوا رحمكم الله عاقبة الصبر ونهاية الهواء فالعاقل من ميز بين الامرين الحلوين والمرين الاتنين حلوين والاتنين مرين ميز بين الامرين الحلوين والمرين فانا من عدل ميزانه ولم تمل به كفة الهوى رأى كل الارباح في الصبر وكل الخسران في موافقة النفس وكفى بهذا موعظة في مخالفة الهوى لاهل النهى والله الموفق جزاكم الله خيرا اقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على النبي محمد. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته الله وبركاته