وتأسيسه لي دولة الاسلام الاولى الى ان توفاه الله جل وعلا. ويدخل فيها عدد من اهل العلم ما كان بعد ذلك من سيرة الخلفاء الراشدين وما حصل لهم من انواع الفتوح ما في كتب السيرة معارظا للكتاب والسنة فانه لا بأس من اخذه ومن الاعتماد على ما جاء فيه وهكذا كان اهل العلم. لهذا نرى ان ابن كثير رحمه الله في فاستدلوا على اشتراكهم في المال وعلى تنازل بعظهم عن زوجته لاخيه لو رغب بان هذا اصل من اصول الاشتراكية التي دعا اليها النبي صلى الله عليه وسلم واستدل بعضهم وجود المكتبة الصوتية لمعالي الشيخ صالح بن عبدالعزيز بن محمد بن ابراهيم بن عبداللطيف ال الشيخ بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله حق الحمد والثناء له جل وعلا كله فهو ولي الفضل وهو ولي الاحسان وهو ولي النعمة ومن اعظم نعمه علينا ان بعث محمدا عليه الصلاة والسلام الينا هاديا وبشيرا ونذيرا وما ارسلناك الا رحمة للعالمين لقد كان لكم في رسول الله اسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الاخر وذكر الله كثيرا واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبد الله ورسوله وصفيه وخليله به ازال الله جل وعلا الشرك وجنده وبه اقام الله جل وعلا التوحيد واهله وبه ابصر الناس بعد العمى وهدي الناس بعد الضلالة فما اعظم منته جل وعلا علينا ببعث محمد عليه الصلاة والسلام وما اعظم منة محمد عليه الصلاة والسلام على امته فانهم لو فدوه بانفسهم واولادهم واهليهم واموالهم ما قضوا حقه عليه الصلاة والسلام اليس هو الذي وجدنا على شفا حفرة من النار فانقذنا منها صلى الله على نبينا محمد كفاء ما ارشد وعلم وبين ونشهد انه بلغ الرسالة وادى الامانة ونصح الامة وجاهد في الله حق الجهاد وتركنا بعده على بيضاء نقية ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعده صلى الله عليه وسلم الا هالك وصلى الله وسلم على صحابته الذين نصروه وعزروه وايدوه. وصلى الله وسلم على من تبعهم باحسان الى يوم الدين وعنا معهم برحمة ارحم الراحمين اما بعد فاسأل الله جل وعلا ان يجعلني واياكم ممن اعطاه قلبا خاشعا ودعاء مسموعا اللهم اجعلنا ممن تخشع قلوبهم لك وتلين افئدتهم لذكرك اللهم وهيء لنا من امرنا رشدا فلا حول لنا ولا قوة الا بك نعوذ بك من ارادة العلو في الارض والفساد ونسألك ان تعيذنا من العي وان تعيذنا من خطر الرأي ومن البعد عن الصواب. اللهم فوفقنا فانت ولي التوفيق. ومن يهد الله فهو المهتدي ثم اني اشكر في فاتحة هذه المحاضرة الاخوة الكرام في مكتب الدعوة والارشاد في محافظة الخرج على ان دعوا لهذه المحاضرة ويهتموا بها وليس هذا بغريب فهم حريصون على الخير ويمثلهم فضيلة الاخ الشيخ عبدالرحمن الصغير وكذلك فضيلة الاخ الشيخ امام المسجد وكذلك بقية الاخوة الكرام. فاسأل الله جل وعلا لهم المزيد من فضله. وان يتقبل ما بذلوا وما انتقلوا من اجل نشر بالحق والهدى ثمان هذه المحاضرة موضوعها ضوابط في فهم سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم وهذه المحاضرة ليست موعظة من المواعظ وانما هي محاضرة تأصيلية موضوع سيرة النبي عليه الصلاة والسلام فاذا ربما انتفع منها الجميع وخص بالانتفاع بها من كان له مساس وله صلة بالعلم والسنة والسيرة وبالدعوة والارشاد ولا شك ان سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم بها اهتم العلماء قديما وحديثا وذلك لان بهدي المصطفى صلى الله عليه وسلم تتبين الاشياء قد قال لنا جل وعلا لقد كان لكم في رسول الله اسوة حسنة فالاهتمام بالسيرة لابد منه بان بالسيرة وبالاهتمام بها معرفة احواله عليه الصلاة والسلام من ولادته الى وفاته عليه الصلاة والسلام. وبالسيرة يعلم المسلم ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته من نشر الدين وما كابدوا فيه وانهم بذلوا ما بذلوا وتركوا الامة بعدهم على امر واضح بين ولم ينتشر الاسلام بسهولة بل بذل فيه عليه الصلاة والسلام بتأييد ربه جل وعلا وبذل فيه اصحابه الكرام ما بذلوا وهذا يظهر لك في السيرة ومن اوجه الاهتمام بالسيرة ايضا ان معرفة سيرة المصطفى عليه الصلاة والسلام وان معرفة سيرة الصحابة معه عليه الصلاة والسلام يبعث في قلوب اهل الايمان القوة في الايمان والقوة في اليقين وانهم مهما تكالبت عليهم الامور ومهما قوي الشيطان وجنده فان لهم في رسول الله صلى الله عليه وسلم اسوة حسنة. وان لهم في الصحابة الكرام اسوة حسنة فقد شكى بعض الصحابة للنبي عليه الصلاة والسلام ما يلقى من شدة قريش عليه فقال عليه الصلاة والسلام قد كان من من قبلكم يؤتى بالرجل فينشر بالمنشار نصفين ما بين لحمه وعظمه ما يرده ذلك عن دينه. فوالذي نفسي بيده ليتمن الله هذا الامر حتى يسير الراكب من مكة الى صنعاء او قال من بصرى الى مكة لا يخاف الا الله جل وعلا. وهذا يبين ويبعث المؤمن يبين ان الحق ليس بكثرة الناس وان المؤمن اذا حصل له ما حصل من كيد الشيطان او من كثرة الشهوات او من كثرة المغريات فانه يبعثه ذلك على الاستمساك اكثر واكثر بدين الله جل وعلا لان الصحابة رضوان الله عليهم ما تركوا دينهم ولم اتركوا توحيد الله ولم يتركوا البراءة من الشرك ولم يتركوا ما امنوا به مع عظم ما اصابهم عليهم رضوان الله فكيف بحال اهل هذا الزمان الذين ربما تركوا شيئا من الدين لبعض المغريات فالنظر او في السيرة وقراءة السيرة يبعث في المؤمن قوة اليقين وقوة الاستعداد للثبات على دين الله وكذلك يبعث في قلب المؤمن قوة العزة بالاسلام وانه عزيز بتوحيد الله جل وعلا وعزيز بما قام في قلبه من معرفة الله جل وعلا والعلم به والايمان بمحمد عليه الصلاة والسلام وبما انزل الله جل وعلا على رسوله ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين. وهذا من ضمن فوائد كثيرة يستفيدها كل مؤمن في النظر في سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم. اذا فالاصل ان قراءة السيرة ليس قراءة قصص ولا حكايات وانما هو قراءة عظة واعتبار لان بالسيرة اخذ الفوائد واخذ ما ينفع المؤمن ويبعث فيه انواعا من الخير والهدى والاستمساك بالحق فاستمسك بالذي اوحي اليك انك لعلى صراط مستقيم وانه لذكر لك ولقومك وسوف تسألون تنوعت اهتمامات اهل العلم بالسيرة ذلك لعظم شأنها والسيرة المقصود بها ما اثر عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن اصحابه وعن التابعين وعن من بعدهم من اهل العلم بوصف حال سير النبي عليه الصلاة والسلام وحال طريقته وهيئته منذ ولد عليه الصلاة والسلام الى ان توفاه الله جل وعلا فالسيرة اذا هي حكاية لما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم. من حين ولادته الى ان توفاه الله جل وعلا بها بيان ما حصل له من ولادته وما كان في ولادته من ظهور بعظ المعجزات وظهور بعظ الارهاصات لمبعثه عليه الصلاة والسلام وذكر رظائه عليه الصلاة والسلام وذكر احواله وامه واخواله واشباه ذلك وذكر هديه عليه الصلاة والسلام وسيرته في صغره حتى بعثه الله جل وعلا. وما كان يتصف به قبل المبعث من انواع الاخلاق والشمائل كذلك سيرته عليه الصلاة والسلام حكاية لحاله منذ بعثه الله جل وعلا فبلغ دعوة الله صبر على ذلك وما ناله من الاذى وكيف بلغ والسبل التي اتخذها للبلاغ الى ان هاجر الى المدينة ومن مهاجره الى المدينة اذا فالسيرة طريقة وهيئة. والسيرة ايضا مأخوذة من السير تارة يسير سيرا يعني ما سار عليه النبي عليه الصلاة والسلام وقد جاء في القرآن ذكر السيرة بمعنى الطريقة والهيئة في قول الله جل وعلا سنعيدها سيرتها الاولى فالسيرة اذا يشمل طريقة السير ويشمل الهيئة التي كان عليها السيف. ولذلك تجمع السيرة على سير ويذكر فيها انواع المغازي والفتوح ويذكر فيها انواع ما حصل له عليه الصلاة والسلام وما حصل لصحابته من بعده بيننا السيرة لها معنى لغوي ولها معنى اصطلاحي كما ذكرت لك ودرج العلماء على ان المراد بالسيرة حين تذكر السير ما دون في كتب مخصوصة اسموها كتب السيرة وكتب السير وهذا يجعلنا نفيض في ان الكتابة في سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم وفي مغازيه كانت متقدمة الزمن الاول فذكر العلماء ان ابانا ابن عثمان ابن عفان ابن الخليفة الراشد هو اول من دون سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم. ودون مغازيه وكانت وفاة ابان رحمه الله تعالى سنة خمس ومئة وكان اخذ عن عدد كثير من الصحابة واخذ عنه عدد كثير ايضا من التابعين وممن شهر ايضا اخذ برواية السيرة وتتبعها عروة ابن الزبير ابن العوام. فقد كان اماما بالمغازي وله مغازي الفها وجمعها باسم مغازي عروة. وقد جمع بعضها وطبع. وكذلك ممن اهتم بالسيرة ابن شهاب الزهري الامام المعروف سيد المحدثين في زمانه جمع في السيرة كتابا وفي المغازي كتابا ما ذكره له عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى وكذلك ممن كتب في السيرة من الاولين من التابعين عاصم ابن عمر ابن قتادة وغيره من ثقات اهل العلم في القرن الاول وفاتحة القرن الثاني بهذا نتبين ان كتابة السيرة كانت متقدمة جدا ولهذا قال اهل العلم بعدهم يأخذون مأخذ التابعين بالعناية بالسير والعناية بالمغازي. وقد جمع ما سمع من بعض هؤلاء جمعه العالم المعروف محمد بن اسحاق المدني في كتاب السير والمغازي والذي قيل انه الفه باشارة من ابي جعفر المنصور لما زار ابنه اسحاق بغداد اشار ابو جعفر الى ابنه وقال لابن اسحاق اتعرف هذا؟ قال نعم هذا ابن امير المؤمنين. فقال له صنف له كتابا فيه ذكر الاخبار. من خلق ادم عليه السلام الى يومنا هذا. فكتب ابن اسحاق ذلك وكتاب ابن اسحاق روي عنه انتشر بعده رحمه الله تعالى وهو امام في السير اجتمع لديه ما تفرق في من قبله من التابعين الثقات واذا كان كذلك فان كتاب ابن اسحاق لم يوجد كاملا في زماننا هذا وانما وجد منه ما انتقى من مغازي وسيرة ابن اسحاق من تقاه ابن هشام العالم اللغوي المعروف هذا الانتقاء اجمع العلماء على حسنه وعلى انه تخلص من سيرة ابن اسحاق ما اثني على مؤلفه به وهو لا يروي السيرة عن ابن اسحاق مباشرة وانما يرويها بواسطة رجل عن ابن اسحاق وهذه السيرة هي المعروفة الان بسيرة ابن هشام وهذا تطور في اهل العلم فكتب السير عدد كتب ابن حزم سيرة سماها جوامع السيرة. وكتب ابن سيد الناس ايضا سيرة والعلماء تتابعوا على كتابة سير ومعتمدهم فيما ذكره ابن هشام عن ابن اسحاق او فيما ذكر في غير ذلك من المغازي كذلك من الذين اهتموا بكتابة السير الواقدي العلماء منهم من يأتمنه ويثني عليه في المغازي. ومنهم من يقول هو في المغازي كشأنه في الحديث. لا يقبل حديثه مغازي الواطبي غير موجودة الان يعني فيما ذكر من سيرة النبي عليه الصلاة والسلام واعتمدها عدد من اهل العلم والصواب ان الواقدية ليس تبتم فيما ينقل بل ربما حصل له من الخلط في الروايات والزيادات ما لا يعرف عن اهل العلم. فلا يقبل من حديثه في مغازي ما تفرد به عن العلماء سيما ما كان معارضا لاصل من الفصول او كان مخالفا لما دل عليه كلام اهل العلم في السير وممن كتب ايضا في السير ابن سعد صاحب الطبقات في اول الطبقات بما هو معروف وجماعة كتبوا في ذلك هذه هي التي تسمى كتب السيرة او كتب السير تتابع العلماء فيها الى زماننا هذا هناك كتابة للسير بطريقة اخرى وهي طريقة اهل الحديث فانهم اعتنوا بسيرة النبي صلى الله عليه وسلم وبذكر احواله ومغازيه واشباه ذلك فيما اوردوه في كتب فتجد في صحيح البخاري رحمه الله كتاب المغازي وتجد في مسلم السير وتجد في ابي داوود كذلك وهكذا في بعض اخبار وربما وكذلك اعتنى بها اهل الحديث في مصنفات مفردة. ذكروا فيها اسانيدهم فيما يتعلق بالسير اوائل كتابه البداية والنهاية كتب سيرة طويلة للنبي عليه الصلاة والسلام افردت في اربع مجلدات وقد جمع فيها ما بين ما ذكره اهل السير وما ذكره اهل الحديث وما جاء في الايات لكن فيها ما يصح وفيها ما ينكر. وكما قال الحافظ زين الدين العراقي وليعلم الطالب ان السير تجمع ما صح وما قد انكر تصنف البيهقي كتاب دلائل النبوة وصنف ابو نعيم الاصفهاني او الاصفهاني احمد بن عبدالله العالم المعروف صنف دلائل النبوة وصنف الفرياء بدلائل النبوة. فاهل الحديث اعتنوا بي كتابة السير من جهتين. الجهة الاولى ما ظمنوه في مصنفاتهم. من الصحاح والمسانيد من ذكر السير سواء كانت مبوبة او لم تكن مبوبة وكذلك ما افردوه من التعاليف في هذا في ذكر دلائل النبوة وكما ذكرنا ان كتب السير ليست معتنية بالصحيح وانما يذكر فيها ما نقل في السيرة لهذا قال الزين العراقي فيما ذكرت لك وليعلم الطالب ان السير تجمع ما صح وما قد انكر. ففيها الصحيح وفيها المنكر وهذا امر بين فان سيرة ابن اسحاق مثلا فيها من الصحيح كثير وفيها من المنكر الكثير فهذا من جهة ما اشتهر ذكر مصادر السيرة. واذا كان كذلك فالذي ينبغي تحقيقا لمقام السيرة ان يضبط مصادر السيرة وان اخذ السيرة بضابط مهم في ذلك وهو كيف وهو جواب السؤال كيف نأخذ السيرة بطريقة مأمونة اعظم ما تؤخذ منه سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم القرآن لان في القرآن ذكراه حياته عليه الصلاة والسلام صغيرا الم يجدك يتيما فهوى؟ وفيها ذكر حالته عليه الصلاة والسلام قبل البعثة وفيها ذكر مبعثه عليه الصلاة والسلام وفيها ذكر مجيء الجن اليه يستمعون القرآن وفيها ذكر حالته عليه الصلاة والسلام مع المشركين ودعوته لهم وكذلك ما حصل من الهجرة ثم في القرآن ذكر المغازي جميعا غزوة بدر الكبرى في سورة الانفال وغزوة احد في سورة ال عمران وغزوة الخندق الاحزاب في سورة الاحزاب و فتح مكة وصلح الحديبية في سورة الفتح وهكذا وحنين تبوك في صورة براءة الى غير ذلك. فاذا جمع طالب العلم ما تكلم به المفسرون من الصحابة فمن بعدهم على هذه الايات حصل على مصدر قوي معتمد على معاني القرآن وهذا اجتهد فيه طائفة من اهل العلم لكن لم يجمع فيما اعلم جمعا كاملا حيث تكون السيرة على ما ذكره المفسرون حاول بعض المعاصرين ذلك واجتهد فيه لكن لم يجمع كلام المحققين من المفسرين على تلك الايات. فاذا الذي ينبغي في السيرة ان نعتمد على القرآن فيها. وما ذكره المفسرون في ذكر معاني الايات التي فيها سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم. ثم المصدر الاحاديث الصحيحة خاصة في الصحيحين او ما صح في غيرهما من الاحاديث التي فيها ذكر سيرة النبي صلى الله عليه وسلم فاذا قورنت هذه الاحاديث بما ذكر في كتب السير وجدنا ان بعض ما في كتب السير ليس بصحيح في مثل مثلا تاريخ بعض الغزوات بعض الاحوال وقصة الاسراء والمعراج واشباه ذلك الكثير الاعتماد او المصدر الثاني المعتمد بعد كتاب الله جل وعلا تفسيره ان ننظر في الاحاديث وهذه الاحاديث فيها ما لم يذكر في كتاب الله جل وعلا واعتمد عليها الصحابة رضوان الله عليهم والتابعون فيما فسر من ايات القرآن على نهج السلف في تفسير القرآن بالسنة فاذا الاعتماد على ما في كتب الصحيح وكتب الحديث من مصادر السير هذا اولى وابعد عن الخلق ما لا يصح في السير ولهذا دعا عدد من اهل العلم الى كتابة صحيح السيرة النبوية وقد كتب بعض المعاصرين في ذلك لكنهم رقوا جبلا عاليا عليهم لان هذا الامر يحتاج الى علم في الحديث مثلا واسنادا والى علم بالتفسير والى علم باللغة والى علم بما في كتب السنة والى ما في كتب العقيدة الى اخر ذلك مما فقده بعض من كتب في ذلك من المصادر ايضا التي تعتمد كتب السيرة التي ذكرنا وكتب التاريخ نجد مثلا ان تاريخ ابن جرير يحوي كثيرا من اخبار سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم بالاسانيد لكن هذه نأخذ منها ما لا يتعارض مع ما جاء في القرآن وفي تفسيره ومع ما ثبت في سنة المصطفى صلى الله الله عليه وسلم. فاذا لم نجد الحدث في الكتاب ولا في السنة فان اخذه من كتب السير لا بأس به لانها ارفع درجة بالاتفاق من احاديث بني اسرائيل وقد قال لنا عليه الصلاة والسلام حدثوا عن بني اسرائيل ولا حرج. فاذا لم يكن ولكنها ايظا تحتاج الى بعظ مزيد من التمحيص اذا فهذه هي المصادر العامة للسيرة. واذا تبين ذلك فتلحظ فيما سقنا ان اهل الحديث واهل الاثر والمعتنون بعلوم سلف الامة هم الذين اعتنوا بسيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم فبعض الناس يقول ان المعتنين بالحديث والاثر والمعتدين بطريقة السلف ليس لهم عناية بالسيرة. وهذا ليس بصحيح بل ان الذين اعتنوا بسيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم من حيث الاثبات ومن حيث الانتقاء ومن حيث الفقه والدلالة هم اتباع سلف هذه الامة واذا صار هناك قصور ممن اعتنى بالحديث والاثر فان هذا مما ينبغي علاجه. لان الاهتمام بالسيرة به يحصل للمرء ولطالب العلم انواع من العلوم والفوائد لا يحصلها الا اذا قرأ السيرة. ويقوم في قلبه الاعتزاز بدين الله والفرح بنصرة هذا الدين في اول الامر ويقوم في قلبه عظم المحبة للنبي عليه الصلاة والسلام ولاصحابه بما يزيد المؤمن من الاقتداء بهم والسير على منوالهم نجد ان ائمة هذه الدعوة كالامام المجدد شيخ الاسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله اعتنى بالسيرة ايضا فكتب كتابا في سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم مطبوع موجود وكذلك ابنه الامام الشيخ عبدالله ابن محمد بن عبد الوهاب له كتاب ايضا في سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم. وجعلوا بتضاعيف نقلهم للسيرة ذكر الفوائد وخاصة الفوائد الدعوية. وسيأتينا ذكر تأصيل فيما يتعلق بالفوائد الدعوية من سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم اذا فالعناية بالسيرة اثباتا وفقها واستنباطا كان عليه علماؤنا. فالاهتمام بها من طلاب العلم الجادين فيه ومن سمة المحبين للخير بعامة. والناس ترقيق قلوبهم وبعث الهمة في نفوسهم وبعث العزة في نفوسهم يكون بطرق صحيحة ومن ذلك ذكر قصص السيرة و ذكر ما جرى فيها من حوادث ومن احكام نظر الناس والمؤلفين والدارسين للسيرة متنوع وهذا ما يمكن ان نسميه او ان نعنون له مدارس تناول السيرة النبي عليه الصلاة والسلام فان سيرة المصطفى عليه الصلاة والسلام تنوعت المدارس في تناولها وفي التأليف فيها وفي الباعث على الاهتمام بها الى الى بضع مدارس فاول تلك المدارس المدرسة اللغوية وهذه المدرسة اهتم فيها اصحابها بان يتناولوا السيرة للاهتمام بما في السيرة من لغة صحيحة فان من نقل السيرة من مثل التابعين ومثل ابن اسحاق انهم نقلوها بلغة صحيحة وما اوردوا في السيرة من اشعار كثيرة واخبار وخطب للعرب وحكايات وخطب للصحابة بل واقوال في ذلك هذا كله من جهة اللغة معتمد. ولهذا اعتنى بسيرة ابن اسحاق ابن هشام رحمه الله تعالى. وكان لغويا متمكنا فاعتنى بالاشعار التي اوردها ابن اسحاق فاورد من الاشعار في ملخصه المسمى بسيرة ابن هشام اورد منها ايتفقوا وما لا يؤخذ عليه في ايراده وترك اشياء من ذلك. واتبعها بشرح غريبها وبالعناية بها. كذلك سيرة ابن هشام تناولها العلماء الذين اعتنوا بهذا النوع من الاهتمام بالسيرة الاهتمام اللغوي تناولوها بالشرح وبالتفصيل واصل قصدهما الاعتناء باللغة وقد يضيفون الى ذلك اعتناء جوانب اخرى من مثل الحافظ السهيلي في كتابه الروض الالف الذي جعله شرحا على سيرة ابن هشام فيما اشكل منها وكالحافظ ابي ذر الخشني في تفسير غريب السيرة وكلا الكتابين مطبوعا اما كتابة السهيلي فكبير واما كتاب ابي ذر الخشني مجلدة لطيفة هذا نوع من الاهتمام وهذا تجد منه ان كثيرين ممن اهتموا بالادب واهتموا باللغة يعتنون بالسيرة فينبغي التفريق حين ترى المصنف في السيرة ما تصنيف مصنفه من جهة المدرسة فاذا علمت انه لغوي بحاثة وان عنايته باللغة فانك تبحث فيه ما تحتاجه من ذكر غريب السيرة وما شابه ذلك. فان لهم عناية بهذا تفوق العناية بغيره من علوم الادباء يهتمون بالسيرة ومن المعاصرين من بلاد شتى من الف في السيرة وتجد ان اكثرهم ادباء وذلك لان الاهتمام بالسيرة ديدن الادباء لان فيه رفعة الحصيلة الادبية وقوة البلاغة كثرة الشواهد عند المعتني به فصنف كثيرون في السيرة متجهين الى هذا الاتجاه في تقوية الاسلوب الادبي ونقل السيرة على هيئة اسلوب ادبي رفيع يقوي ملكة الاديب او دارس الادب في هذا الباب. وهذه المدرسة لها تفاصيل وحديث يطول ذكره في ذكر بناتها المآخذ عليها النوع الثاني من المدارس في تناول السيرة مدرسة القوميين فان المعتنين بالعرب والاخذين التعصب للعربية للعرب وللعرق العربي رأوا فوجدوا ان امجاد كما يزعمون امجاد من قبلهم كتبت سيرهم وان مجد العرب لم يبتدأ بالاجماع الا بمحمد عليه الصلاة والسلام فبه رفعت العرب رأسها ورفعت العرب شاوها كما قال جل وعلا وانه لذكر لك ولقومك هذا لان به رفع منار العرب. فتناولوا السيرة وكتبوا فيها من جهة ان كل الامم حذرة كاليونان وفارس والروم الى اخره لهم في ذكر عظمائهم سير صيغة بالصيغة الادبية وكان منها تمجيد هذا العرظ فتناول السيرة عدد من المعاصرين ومن المتقدمين لرفع العرق العربي ولرفع العرب عمن سواهم. وهذه فيها مدارس مختلفة من مثل مدرسة طيب طه حسين من نحى نحوه ممن كتبوا في السيرة فانهم لم يكتبوا في السيرة لنصرة دين محمد عليه الصلاة والسلام وانما كتبوا في بالنظر الى عرقية عربية. بل انه كما ذكر مثل طه حسين في مقدمة كتابه على هامش ذكر ان السيرة هذه التي كتبها فيها اشياء لا يقبلها العقل. ولا يقبلها الفؤاد لكن لا تصلح حياة الناس الا بنوع من الخرافات. ونوع من الاحاديث التي تكون لهم كالاسترواح. وتكون لهم المريح المهيئ لهم لسماع الحق يعني انها قصص وحكايات ليس لها اصل وليس لها اهمية ذكر في مقدمة كتابه ان بعثه على ذلك على هذا التأليف انه وجد لليوناني اليادة ولهم امجاد وللفرص امجاد فيما صنفوا في تاريخ عظمائهم رأى انه لابد من التصنيف في هذا والكتابة فيه فكتب ذلك. اذا فالنظر في تأليف المؤلف ينبغي ان يسبقه تصنيف مدرسته ومن اي مدرسة في السيرة فانه لو قرأ الناس كتابا من كتب اصحاب المدرسة القومية في كتابة السيرة لاصابهم نوع من الخلل في فهم سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم بل ربما لم اؤمن بمعجزاته عليه الصلاة والسلام وباياته وبراهينه على اعتبار انها حكايات وان ليس لها وانه ليس لها رصيد من الصحة والواقع وانما هكذا قيل المدرسة الثالثة من المدارس التي اعتنت بالسيرة مدرسة العلماء والفقهاء هؤلاء من المحدثين والفقهاء اعتنوا كثيرا ايضا بالسيرة فكتبوا السيرة مهتمين بما فيها من احكام وما فيها من بيانا للعقيدة وبيان احكام الفقهية وهذا ظاهر لك فيما اعتنى به ائمة الحديث كالبخاري وغيره والائمة من بعده ائمة المحدثين كالحافظ البيهقي في دلائل النبوة وكذلك من المتأخرين شيخ الاسلام ابن تيمية فانه نظر الى السيرة نظرا فقهيا وفصل كلامه وما فرقه من الكلام على السيرة العلامة شمس الدين ابن القيم في كتابه زاد المعاد في هدي خير العباد. فانه تناول السيرة بذكر التحقيق فيها جمع ما بين كلامه على ما قلنا ما بين ما جاء في القرآن وما جاء في السنة وكلام اهل السير ونظر فيه نظرا تضحيا ونظر فيه نظرا عقديا. وتبعه على هذه الطريقة الامام المجدد شيخ الاسلام محمد بن عبد الوهاب. وتلميذي وابنه عبد الله ابن محمد ابن عبد الوهاب. فانهم كتبوا في السيرة ناظرين الى العلم وجمعوا فيها ما بين مقتضى العلم ومقتضى القصة او مقتضى السيرة ولا شك ان هذه المدرسة هي انفع المدارس واعظمها. كما سيأتي بيانهم ان شاء الله تعالى المدرسة الرابعة المدرسة الدعوية المعاصرة فان المعاصرين من الدعاة على اختلاف انتسابهم في الدعوة اعتنوا بالكتابة في السيرة على مختلف المشارع. وعنوا بكتابتهم في السيرة ان يؤصل جوانب دعوية تهمهم وتهم الفئات التي ينتسبون اليها من طريق السيرة. فان في السيرة ما يمكن ان ليكون دليلا بمجرده على مسائل كثيرة في الدعوة وقد يكون ذلك الاستدلال صوابا وقد يكون خطأ فظهرت في هذا العصر مدرسة كبيرة كتب في في فقه السيرة وكتب في دروس وعبر من السيرة وفي دراسات في السيرة واشباه ذلك في مدارس دعوية مختلفة في الاهتمام بالسيرة من وجهة نظر دعوية كثير من هؤلاء لم يعتنوا بها من جهة ما صح من السيرة وما لم يصح وانما جعلوا السيرة عبرة لما يريدون من الفوائد الدعوية سواء اصح ذلك ام لم يصح وسواء اثبت في العلم والفقه والعقيدة او لم يثبت ذلك. ولهذا تنوعت الكتب في هذا وهذه مدرسة ايضا من مدارس السيرة يمكن تسميتها بالمدرسة الدعوية المعاصرة في تناول السيرة والمدرسة الخامسة من مدارس السيرة مدرسة الروايات والقصة. فان كثيرين من السابقين ومن المعاصرين تناولوا السيرة على انها روايات وعلى انها قصص بل ربما تناولوا الصفحة الواحدة والصفحة صفحتين في السيرة بشيء من التفصيل وشيء من الاستطراد الادبي فاجعلوها عشر صفحات وعشرين صفحة من جهة في الاستطراد فقلبوا السير الى قصص متنوعة لتكون لمن يقرأها عوضا عن الروايات الهابطة وعن القصص الفارغة التي انتشرت في هذا العصر. فقام عدد ممن يحرصون على الاسلام ممن فيهم ديانة وخير على ان يعوضوا الناشئة في مقابلة خضم السيل الجارف في الروايات والقصص والحكايات في انواع شتى وبعضها مترجمة من الشرق وبعضها مترجم من الغرب فقابلوها بنقل السيرة الى قصص وروايات. وهذا لا شك انه افاد كثيرا من الناشئة لكن له سلبيات ولو تناولها بعض طلبة العلم الذين يعلمون حدوده. ما انزل الله على رسوله فكتبوها على شكل قصص وعلى شكل روايات لا بأس لكن تكون معتمدة على ما يقضي به العلم والتحقيق فان فيها نفعا كبيرا للناشئة الشباب وللفتيات وللكبار ايضا هذه جملة من المدارس القديمة والحديثة في تناول السيرة اذا نظرنا للسيرة يعني لما كتب في كتب السير من اخبار النبي صلى الله عليه وسلم والحكايات وما حصل له عليه الصلاة والسلام وجدنا ان السيرة استدل ببعض احداثها وبعض ما ذكر فيها على امور عند اهل العلم من علماء السلف والمحققين منه اهل العلم من بعدهم يرون ان تلك الاستدلالات ليست بصحيحة بل ربما كانت باطلة بل ربما كانت شركية وهذا يقودنا الى تفصيل بهذا النوع وهو الذي يمكن ان تسميه انواع من الاستدلالات الخاطئة باحداث من السيرة وهي جديرة من بعظ طلبة العلم المتفرغين ان يرصد نفسه لجمعها فيجمع انواع الاستدلالات الباطلة على مما جاء في السير على امور لا يقرها العلم الصحيح ولا يقول بها الائمة العلماء فمن ذلك مثلا ما جاء في كتب السير ان المسلمين في غزوة اليمامة كان شعارهم محمداه وهذه ذكرها الطبري وذكرها ابن كثير في البداية والنهاية واشباه ذلك فقال قائلون ان هذا يدل على جواز الاستغاثة بالنبي صلى الله عليه وسلم بعد مماته لان معنى محمداه يعني يا محمداه او هو دعوة له عليه الصلاة والسلام. ولا شك ان الاستدلال على مسألة عقدية بل على مسألة هي لب التوحيد واصله وهو الاستغاثة بالله جل وعلا وحده دون ما سواه الاستدلال بمثل هذا على تجويز الاستغاثة النبي صلى الله عليه وسلم ضرب لنصوص الكتاب والسنة الكثيرة المتواترة لفظا ومعنى ضرب لها بخبر جاء في كتب السيرة. وقد استدل بهذا بعض المخرفين وبعض دعاة البدع والضلالات وهذا لا شك انه ناتج من ظني انه كل ما ذكر في كتب السيرة وكل ما ذكر عن سير الصحابة فانه صحيح في نفسه وهذا غلط فان فيها اشياء نسبت اليهم لا تصح بل هي غلط في التوحيد وغلط في العقيدة وغلط في السنة من مثل هذا المثال الذي ذكرته ولو نظرنا في تاريخ الطبري الذي يورد الاشياء باسنادها لوجدنا ان اسناد هذه الحكاية التي ذكر فيها هذا الخبر مسلسل كذاب ومجهول وضعيف. وهذا كاف في ابطالها من اصله. الذي يعلم دين الرسول صلى الله عليه وسلم يبطلها ولو بدون النظر الى الاسناد فان الصحابة ما كانوا ليستغيثوا باحد دون ربهم جل وعلا يعني ممن لا يقدر على الاغاثة وهم سادة هذه الامة فلم يكونوا يستغيثوا بالنبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته مثال لان هناك انواعا من الاستدلالات العقدية الباطلة ببعض ما يورد في كتب السير وكتب المغازي واحوال الصحابة بعده عليه الصلاة والسلام ايضا من الاخطاء في انواع ما يورد في السير ان الناس انتشرت فيهم احاديث ضعيفة لا يصح نسبتها للنبي صلى الله عليه وسلم بل واحاديث ربما من كرة وباطلة لانها اوردت في السير وقد قدمت لك قول الحافظ العراقي بان السير تجمع ما صح وما قد انكر وليعلم الطالب ان السير تجمع ما صح وما قد انكرت. ففي ما ورد في السير منكرات طيب واشياء من كرة وقد علم اهل العلم كثيرا من هذه الاخبار بان بانها ليست بصحيحة ولا يصح الاعتماد على السير فيها فمن ذلك مثلا كثير من الحكايات في قصة بحيرة الراهب فان اصل القصة صحيح لكن يعني من حيث الاسناد من حيث الرواية لكن ما جاء في كتب السير منها فان فيه تفصيلات لا تثبت وانما تروى هكذا بلاغا بلا اسناد وبعض جملها صحيح فاصل القصة الصحيح وكثير من المحاورات التي فيها ينقلها بعض الدعاة وينقلها بعض الخطباء وينقلها بعض الموجهين على انها صحيحة وهي ليست بصحيحة وعليها اتكأ بعض اعداء الاسلام من المستشرقين وغيرهم في قولهم ان النبي صلى الله عليه وسلم اخذ كثيرا من العلوم عن بحيران الراهب وهي التي اوردها او ذكرها عليه الصلاة والسلام لاصحابه. وهذا باطل قطعه من الامثلة ايضا على ذلك القصة المشهورة بان النبي صلى الله عليه وسلم حينما كان يطوف هم رجل بقتله فكلمه عليه الصلاة والسلام قال له ما قال في اخباره بما في نفسه من نية قتله عليه الصلاة والسلام وهذه قد ضاعفها عدد من اهل العلم. وهذا النوع من الغلط في اخذ الاحاديث التي ترد في السيرة على انها صحيحة هناك عدد من اهل العلم نبهوا عليه ومن المعاصرين منهم العلامة الالباني في كتابه الدفاع عن الحديث النبوي والسيرة وهو كتاب جيد في ذكر كثير من ما يرد في السير مما لا يصح ومناقشة البوطي فيما اورده في كتابه فقه السيرة. كذلك فيما علقه على كتاب فقه السيرة للغزالي المعاصر اورد كثيرا من الاحكام حقق عددا من الاحاديث وغيره من الشباب طلبة العلم كتبوا ايضا كتابات في تحقيق بعض الاحاديث في السيرة المقصود من هذا التنبيه على انه لا يعني ورود الحديث في كتاب من كتب السيرة انه في نفس الامر صحيح وان تداوله العلماء بالقبول فانهم يتداولونه في الاجمال لكن اذا كان المقام مقام استدلال او ومقام احتجاج فانهم لا يريدون ذلك وانما يحدثون به هكذا على ما جرى عليه العلماء الاولون ايضا هناك انواع من الاستنتاجات الفقهية كان مبناها على حوادث من السيرة وحوادث السيرة ليست ادلة في نفسها على مسائل الفقه حتى تثبت تلك الحوادث. اما بدلالة القرآن عليها او ما ثبت في السنة من ذلك واما بما ذكره الصحابة في تفسير القرآن وتفسير السنة لتلك الاحوال بهذا نجد ان كثيرين اخذوا بعض حوادث السيرة فاستفادوا منها احكاما فقهية وفي الواقع هذه الاحكام غلط لان الدليل عليها ليس بقائم ولا يصح ان يكون دليلا اما بضعفه او لنكارته او او لبطلانه واشباه ذلك. وابن القيم رحمه الله تعالى اعتنى كثيرا في كتابه زاد المعاد فيما ذكر من سيرة النبي صلى الله عليه وسلم اعتنى بتحقيق حوادث السيرة سواء ما كان منها في مكة او في المغازي وتبيين الصحيح من الروايات من جهة الفقه والفوائد الفقهية على ذلك. فكتابه اصل في هذا الباب. ايضا من الاغلاط في دراسة السيرة ما غلط به بعض المبتدئين من الدعاة او بعض من لم يعتني بالعلم من المهتمين بالدعوة جعلوا كثيرا من مسائل الدعوة ادلتها من السيرة ولم ينظروا في ما جاء في النصوص او ما قاله اهل العلم في تلك المسائل. مثلا استدل بعضهم بحادثة سعد ابن ابي وقاص حينما رمى بحجر وشج وجه المشرك في مكة قال بعضهم ان هذه دليل على جواز الاغتيالات. واخذوا في مبحث الاغتيال مستندين الى هذا وهذا لا شك انه ليس بمنهج علمي صحيح اذ حوادث السيرة تؤخذ للعلم بها اشتراك النسا في الحرب مع الصحابة ومن جهة التمريظ او جلب الماء او نقل ذلك لان هذا الاصل في القول بجواز الاختلاط. ويعني بجواز الاختلاط المحرم وان المرأة تعمل مع الرجل في اي ميدان وانما يحتج بما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم او صح عن صحابته واقره عليه الصلاة والسلام في حياته عليه الصلاة والسلام من الامثلة مثلا ما ذكره بعضهم من ان اجتماع بعض الشباب في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم ليرى رأيه في غزوة احد ان هذا دليل على مشروعية الاعتصام في المساجد ومشروعية المظاهرات. وهذا لا شك انه خروج عن المنهج العلمي الصحيح وتلمسه للمخرج وليس باقامتي بدليل يقيم الحجة بين العبد وبين ربه جل وعلا. ومن امثلة ذلك ما جاء في بعض كتب السيرة من ذكري الكتمان الذي كان بين الصحابة رضوان الله عليهم في مكة وخلصوا منها الى ان هذا الكتمان والايصال بالتكاتم دليل على ان الدعاة يلجأون الى الدعوة السرية وان هذا اصل في الدعوة السرية وتنظيماتها وهذا اذا عرظ على العلم الصحيح وكلام اهل العلم والمحققين وجد انه ليس بدليل على ذلك اذ الكتمان في مسألة لا يدل على الكتمان في كل شيء. وتفاصيل ذلك معروفة في كلام اهل العلم. في كلام ابن القيم و من تبعه كذلك من المسائل الدعوية التي ذكرت في كالاستفادة من كتب السيرة ما فصلته بعض الفئات من ان النبي صلى الله عليه وسلم دعا في مكة ثلاثة عشر عاما وهذا يدل عندهم على ان الدعوة يجب ان تكون سرية كالعهد المكي بجميع ما في العهد المكي من احكام وان تكون مدتها ثلاثة عشر عاما كما قالته الاحزاب في بعض البلاد الاسلامية فجعلوا الدعوة منقسمة الى عهد مكي والى عهد مدني والعهد المكي ثلاثة عشر عاما ولما انشأ بعضهم هذه الفكرة وانشأ حزبا عليها وانتهت ثلاثة عشر عاما بدون تمكين لهم قالوا هذا التمكين حصل للنبي صلى الله عليه وسلم بعد ثلاثة عشر عاما لانه هو المصطفى صلى الله عليه وسلم فاذا لم يحصل لنا التمكين نكرر ثلاثة عشر عاما فاذا لم يحصل كرروا ثلاثة عشر عاما وهذا من البعد في الاستدلال كما هو ظاهر لكل من له عقل صريح فضلا على ان يكون من ذوي الانتساب الى العلم. كذلك بعظهم اخذ من السيرة تقسيمات الى مراحل وجعل المجتمع الذي يعيش فيه ايا كان ذلك المجتمع كالمجتمع المكي. يعاشر الناس بعزلة شعورية كما فعلته بعض الفئات الغالية ويعاشر الناس بانهم مشركون او انهم متوقف في شأنهم كما تقوله جماعات والتبين واشبه ذلك وهذا ايضا من الاغلاط الكبيرة وجدوا مستمسكا من الاستدلال لكن ليس الشأن في مستمسك من الدليل وانما الشأن في ان يكون الدليل صحيحا ثم ان يكون وجه الاستدلال سليما. واما ما يكون من جهة نوع الاستدلال فهذا يكفر في الشريعة حتى احتج بعض الناس بان الخمر غير محرمة بان الله جل وعلا على ما حرمها في القرآن وانما قال فاجتنبوه لعلكم تفلحون. وهذا ترغيب وليس بتحريم. اذا فلا بد من ارض ما يتحصل عليه الدارس للسيرة اذا لم يكن طالب علم او لم يكن عالما يعرضه على اهل العلم هل ما استنتجه صحيح ام لا؟ هل العلم يوافق هذا الاستنتاج ام لا سواء كان في مسائل العقيدة ام في مسائل السنة والبدعة ام في مسائل الحديث الصحيح والظعيف ام في مسائل الفقه والاحكام ام في مسائل الدعوة اننا لن نقيم الدين ولن نقوم بقوة في الدعوة الا بعد ان نصفي منهجنا في الاخذ فاذا كان المنهج في المرجعية والاخذ والاستدلال واضحا قوينا واجتمعت الامة واجتمع الدعاة واجتمع المهتمون بالاسلام الداعون اليه على نهج سواء وسط واضح لان المصادر وكلام المحققين من اهل العلم واحد في ذلك لا يختلف يعني في اصول هذه الشريعة واصول الادلة في العقائد وفي الاحكام وفي الدروس والعبر والعظات اذا تبين لك ذلك فاظربوا منه ان نجد ان بعض المناوئين للشريعة واعداء الدين من العلمانيين ومن الاشتراكيين واشباح هؤلاء وجدوا في السيرة ما يستدلون به على نحلهم فاهل الاشتراكية استدلوا على اشتراكيتهم باباحة المال للجميع وحتى اباحة النساء للجميع بحادث او قصة معافاة النبي صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين والانصار. حتى ان الرجل كان يرث اخاه لا من النسب ولكن الذي اخاه النبي صلى الله عليه وسلم معه في الدين فورث بعضهم من بعض حتى نزل قول الله جل وعلا واولو الارحام بعضهم اولى ببعض في كتاب الله لا بأس بذلك في ميدان الطب والتمريض او في غير ذلك. وجدوا في بعض الحوادث مدخلا لهذا. وكل اخذ بحادث وتفقه فيه واصبح فقيها وان كان ليس له من تحقيق الاسلام نصيب. اذا السيرة هي قفص واخبار وحكايات فلا يسوغ الاستدلال بما جاء فيها مطلقا حتى يكون ذلك الدليل صحيحا من جهة ثبوته ثم ينظر في وجه الاستدلال. اذا وصلنا الى هذا وهناك فقرات اطويها لضيق الوقت. وفي الحقيقة الموضوع مهم. يحتاج الى مزيد بيان لكن نخلص الى خاتمة المطاف وذلك بذكر موضوع هذه المحاضرة وتلخيص ما سبق معرفة الضوابط التي يجب ان نأخذ بها في تلقي السيرة وفي الاستدلال والفهم فاول هذه الضوابط ان ترتب قوة مصادر السيرة على ثلاث مراتب اما المرتبة الاولى فهي للقرآن العظيم فما دل عليه القرآن فهو مقدم على غيره ثم سنة النبي صلى الله عليه وسلم وهي مبينة وموضحة لما في القرآن. والسنة نعني بها ما ثبت عنه عليه الصلاة سلام سواء كان من احاديث الاحاد ام من الاحاديث المتواترة وسواء صح سنده لذاته او لغيره وسواء حسن سنده لذاته او لغيره فاذا ثبت الحديث فانه يؤخذ به في السيرة ويكون مقدما على غيره. ويلي الاخذ بتفاسير اهل العلم من الصحابة فمن بعدهم باهل القرآن او لبعض احاديث السنة فانهم في الغالب فسروا قرآن بعلمهم بسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم المرتبة الثالثة ما جاء في كتب السير و اذا وجدنا في كتب السير ما لا يتعارض مع الكتاب والسنة فان لنا ان نأخذه وان نقول بما فيه دون تردد لانه لا يخالف الكتاب والسنة سيما اذا اعترض باتفاق العلماء عليك او بجريانهم عليه فانه لا حرج علينا في ذلك. اذ كما قال بعض اهل العلم السير بلا شك درجة واقوى ثبوتا من احاديث بني اسرائيل. والنبي صلى الله عليه وسلم رخص لنا في الحديث عن بني اسرائيل وقال حدثوا عن بني اسرائيل ولا حرج بنو اسرائيل لا نصدقهم ولا نكذبهم. واما ما روي في السير مما لا يصادم نصا من القرآن او من سنة العدنان عليه الصلاة والسلام فانه لا بأس من القول به والاخذ به لان العلماء تتابعوا على قبول ما فيه اذا لم يعارض ما جاء في الكتاب والسنة في الاصول وفي الفروع وفي السير هذا هو الضابط الاول الضابط الثاني في فهم السيرة وقراءة السيرة والنظر فيها ان السيرة يستفاد منها في انواعا من الفوائد الدعوية والايمانية والعلمية فينبغي لمن يقرأ السيرة او يذكر ما فيها ان ينتبه لانزال كل مسألة منزلة فاذا كان ايراد القصة وحكاية الغزوة او ما حدث للنبي عليه الصلاة والسلام ولاصحابه المقصود منه تقوية ما في القلوب من الايمان ومحبة النبي عليه الصلاة والسلام وتقوية العزة في قلوب اهل الايمان في قلوب الناشئة وربطهم بسيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم فانه لا بأس بذلك ويؤخذ على هذا القدر ناظرا الى الظابط الاول الذي ذكرناه ثم اذا وجد في السيرة ما يخالف ما افتى به اهل العلم توامئ التوحيد او في تفسير القرآن او في السنة او ما اشبه ذلك او في الدعوة او في الاحكام الفقهية فانه لا بد له من البيان لان ايراد قصة مع ايراد مشكل فيها من جهة الشرع او ما هو منكر فيها من جهة الشرع والسكوت على ذلك لا يسوء اذ هو نوع من تأخير البيان عن وقت الحاجة اليه وهذا ربما وقع في انواع من الالباس الجهة الثانية من هذا الضابط الاهتمام بالجوانب الفقهية العلمية في السيرة بان ينظر اليها نظر علمي يعني ينظر اليها طلبة العلم لا على انها رواية وقصة وحكاية وهكذا. وبل انما يأخذها مستفيدا مما جاء فيها من جهة الاحكام وخذ مثلا قصة الحديبية وغزوة الحديبية بل فتح الحديبية فان ابن القيم رحمه الله اخذ في ذكر الفوائد من هذا الحدث الفوائد الفقهية في العبادات وفي المعاملات بل وفي امور تتعلق بالدول وتتعلق ولاة الامر وتتعلق بالملوك وتتعلق الاحوال ما تعجب منه وهذا لا شك انه من النظر الفقهي العظيم الذي ينبغي ان يتحلى به طالب العلم الضابط الثالث من ضوابط النظر في السيرة ان سيرة النبي عليه الصلاة والسلام كانت صراعا بين التوحيد وبين الشرك وسيرته عليه الصلاة والسلام لم تكن ديرة قائد حزب ولا ممثل لفئة ولا طالب دولة ولا اشبه ذلك وانما كانت صراعا في مسألة عظيمة بل اعظم المسائل بل اعظم المطالب وهي توحيد الله جل وعلا. ولهذا ترى ان المحققين من اهل العلم انتبهوا لعظم شأن الدعوة للتوحيد كابن تيمية وابن القيم والامام محمد ابن عبد الوهاب و من بعده نظروا الى تلك السيرة وتلك الاحداث ونزلوها على المعركة بين التوحيد وبين الشرك. وهذا اعظم ما يكون من الصواب في الاستدلال لانها واقعة واذا كان في يوم ما عادت الكرة للشرك اهله درست معالم التوحيد فان ظهور اثر السيرة في ذلك وظهور معالم السيرة عند الناظر فيها في الفرقان ما بين اهل الشرك اهل الايمان ظاهر بين. لهذا من رأى كتاب السيرة للشيخ محمد بن عبد الوهاب. كتاب السيرة لعبد الله ابن الشيخ رحمهم الله تعالى الى انه مستفاد من جهة المعركة بين التوحيد وبين الشرك. وهذا استدلال صحيح في مكانه. لانه قائم على الاستدلال بالمطابقة فانها هي حقيقة ما كان ما بين النبي عليه الصلاة والسلام وما بين اصحابه. والناس ممن نظروا سيرة مجمعون على هذا وان المعركة ما بين داع الى الله جل وعلا بل فهي من القسم الثالث. ولهذا اوردها العلماء بل ان قصة الغرانيق يمكن ان تكون في معنى قول الله جل وعلا وما ارسلنا من قبلك من رسول ولا نبي الا اذا تمنى القى الشيطان في امنيته سيد الدعاة الى الله جل وعلا بل سيد المرسلين عليه الصلاة والسلام وبين المشركين كفارا المعاندين لله جل وعلا ولرسله عليهم صلوات الله وسلامه والله جل وعلا قال لنا عن نبيه قل هذه سبيلي ادعو الى الله على بصيرة. انا ومن اتبعني وسبحان الله وما انا من المشركين وبين جل وعلا ان المراد من القصص العبرة فقال جل وعلا لقد كان في قصصهم عبرة لاولي الالباب ما كان حديثا يفترى هذا واضح ومعلوم في صنيع اهل العلم الضابط الرابع في ضوابط النظر في السيرة ان يهاب يعني ان يهاب اهل العلم وطلبة العلم والدعاة من ان يخوضوا في السيرة بلا علم فلا يظن ان الظان ان السيرة قصة تقبل الزيادة والنقصان فربما سمع بعضكم بعض من يميل الى القصص والحكايات سواء من جهة التأليف او من جهة الالقاء وذكر احداثا من السيرة وحلاها بزيادات من عنده. ظانا ان باب السير باب قصص وانه يسوغ فيه الزيادة. وهذا ليس بصواب بل هو باطل في نفسه. اذ السيرة هي سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم فلا تقبلوا الزيادة على الحوادث. اذا كان يريد ان يشرح ما ثبت فهذا شيء جيد من الايضاح ومنه تعليق الناس ومن اخذ العبرة والفائدة. لكن ان يزيد حكايات بخروج وذهاب وبذكر احوال لم ترد في كتب السير ولم تصح فهذا نوع من القول على الله جل وعلا بلا علم بل هو نوع من الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم. فسمعت احاديث في بعض الغزوات جيء فيها باشياء لم ترد اصلا. وسمعت احاديث في بعض حوادث جرت في مكة على صحابة النبي صلى الله عليه وسلم وبيعة العقبة بل وهجرة الصحابة الى الحبشة واشباه ذلك مما لم يرد اصلا و زيادات اقتضاها الطابع القصصي وهذا لا يسوق ان يعذر المرء فيه نفسه لان الامر شديد والكلام على سيرة النبي صلى الله عليه وسلم نوع من الكلام على سنته والكذب فيها كذب على سنة النبي صلى الله عليه وسلم. واعظم ما جاء في ذلك من التحذير قوله عليه الصلاة والسلام في الحديث المتواتر من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار الضابط الاخير من هذه الضوابط في النظر وفي فهم السيرة ان لا يستعجل بالنقد فيما يورده اهل العلم في السير فان السير لها طابع وكثيرون وهموا بعض اهل العلم او تعقبوهم بما ليس مجالا للتعقب واستعجلوا في ذلك فقصص السير ونوع ثبوتها والاجتهاد في تؤول ايرادها هذا كثير. فاذا لم تكن القصة او السيرة او الحكاية سواء عن النبي صلى الله عليه وسلم او عن الصحابة. اذا الم تكن مصادمة لنصوص الكتاب والسنة؟ او لم تكن باطلة من جهة العقيدة والشريعة والسنة فان ايرادها للعلماء فيه مآخذ فلا يأتين ات ويقول فلان يورد من السيرة ما لم يثبت وهذا يورد حديثا ضعيفا في السيرة واشباه ذلك اذ الاصل عندهم ما ذكرته لكم من التوسع في نقل السيرة اذا لم يكن ما ينقل باطلا او منكرا. وهذا اصل عظيم لا بد من الاهتمام به. لان نقد اهل العلم او الاعتراظ عليهم بما ليس له حجة بينة غير مقبول وربما سبب اشياء غير محمودة الموضوع فيه زيادات لكن الوقت قصر وتضايق وفي الختام اسأل الله جل وعلا لي ولكم الانتفاع بسيرة النبي عليه الصلاة سلام وان يعلمنا ما ينفعنا وان ينفعنا بما علمنا وان يزيدنا علما وعملا وهدى واهتداء اسأله جل وعلا ان يصلح لنا ديننا الذي هو عصمة امرنا وان يصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا وان يصلح فلنا اخرتنا التي اليها معادنا وان يجعل الحياة زيادة لنا في كل خير والموت راحة لنا من كل شر. واسأله سبحانه ان يصلح ولاة امورنا وان يدلهم على الرشاد وان يباعد بينهم وبين سبل اهل البغي والفساد. واسأله سبحانه ان يجعل لنا واياهم من المتعاونين على البر والتقوى ومن غير المتعاونين على الاثم والعدوان. واسأله سبحانه لي ولكم كل مسلم الختام الصالح الذي به السعادة الابدية. اللهم فاغفر جما وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وهناك بعض الاسئلة لعل الوقت يسمح ببعضها يقول هناك من العلماء من يذكر بعض سير الصالحين في زهدهم وصلاحهم وصلاتهم الى اخره ما يكون احيانا معارضا لفعله صلى الله عليه وسلم امام موقفنا بمثل هذا جزاكم الله خير الجواب الحمد لله افعال العلماء ليست بحجة على الشريعة وانما الحجة بما دل عليه الكتاب والسنة فعل الصحابة رضوان الله عليهم اذا اجتمعوا على ذلك وما ينقل في السير من اخبار بعض العلماء على اقسام منه ما يمكن تأوله من مثل ان بعضهم كان يقوم الليل كله هذا مخالف للسنة وان بعضهم كان يختم القرآن في كل يوم مرة كما نقل عن الشافعي انه ختم القرآن في شهر رمضان ستين مرة وكما نقل عن عثمان رضي الله عنه بل صح عنه انه ختم القرآن في ركعة من ليالي الشتاء طويلة اوتر بها وقرأ فيها القرآن كله وجاء ايضا ان تلك الركعة كانت في جوف الكعبة. واشباه ذلك وهذه تأولها اهل العلم. وذكروها ان اهل العلم هم قد يفعلون بعض الاشياء لا على وجه المداومة وانما احيانا. ولهذا ذكروا في مسألة ختم القرآن على حديث النبي عليه الصلاة والسلام لم يفقه من قرأ القرآن في اقل من ثلاث ان هذا فيمن كان الغالب عليه انه يقرأ ذلك. اما اذا استغل موسما فاضلا بزمان فاضل كرمضان او مكان فاضل فاراد ان يزداد من الختمات لاجل ذلك فان السلف فعلوا ذلك وهذا جائز وحملوا الحديث على من كان ذلك هو الغالب عليه. وكذلك في مسألة الصلاة وقيام الليل كله اذا كان هذا هو الغالب عليه فانه مخالف للسنة. اما اذا حصل له عارض وقوة قلب هو تضرع واشباه ذلك. وفعل مثل هذه الاشياء مرة واحدة فانه يكون متهولا في ذلك. والسنة قاضية على فعله بعض الحكايات عن اهل العلم او عن الصالحين تكون باطلة بنفسها ويكون النقل غير صحيح مثل ما نقلوا عن احمد حكايات في الزهد موضوعة ومثل ما نقلوا عن الشافعي حكايات بالزهد موضوعة كما نبه عليها العلماء وهناك بعض ما ينقل عن الصالحين باطل شرعا ولا يجوز الاخذ به ولا وعظ الناس به. لانه يعطي صورة سيئة وقدوة سيئة مثل ان فلانا قام يومه وليله على اكل فجلة قال فما وجد الا فتنة نصفها بين يومين من شدة اعتنائه بالعلم وجلس خمسة ايام لا يأكل بعد شرائه سمكة لم يحسن ان يطبخها او ان يطوها لاشتغاله بالعلم او ان فلانا اراد ان يخلص نفسه من الرذائل فمشى بصدره وبطنه حبوا بل زحفا على شوك. ليعلم نفسه شدة عذاب النار واشباه ذلك من الحكايات هذه بعض صلة لا يجوز ان تقال للناس لانها تعطي صورة سيئة وقدوة سيئة بل الناس بحاجة الى سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم بحاجة الى سيرة الصحابة وقد قال عليه الصلاة والسلام اما اني اخشاكم لله واتقاكم لله اما اني اصوم وافطر واقوم الليل وانام واتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني. فالكمال في هديه عليه الصلاة والسلام والمبالغة في الرقائق بما لا يصح شرعا يعطي نتائج سيئة من جهة عدم حسن ظن الناس الاولين او بتكذيبهم او ما اشبه ذلك نعم هذه نقول اذا صادف صوف القمر ووافق سوق القمر قبل اذان الفجر بعشر دقائق تقريبا. واستمر الى طلوع الشمس فهل يصلى في هذا الوقت ام النبي صلى الله عليه وسلم ثبت عنه في الصحيحين انه قال فاذا رأيتم ذلك افزعوا الى الصلاة قال العلماء رتب الفزع الى الصلاة على الرؤيا فافاد قواعد منها ان المعتبر في ذلك بالرؤية اذا رؤي الخسوف والخسوف فانه يفزع الى الصلاة واما اذا لم يرى وانما يقال بقول حساب او نحو ذلك ولم يرى الناس الخسوف فانه لا يجوز ان بالصلاة على قول حاسب في ذلك لانه عليه الصلاة والسلام علقه كما علق شهر رمظان يعني رؤية الهلال بقوله فاذا رأيتم ذلك فافزعوا الى الصلاة. فلا يجوز الاعتماد على غير الرؤية في هذا ثم الفائدة الثانية قوله فافزعوا رتب الفزع على الرؤية فدل على تقديم صلاة الخسوف والكسوف على غيرها لان هذا هو السبب. فاذا اجتمعت مع صلاة الفجر وكانت قبل الفجر بدقائق عشر او اكثر او مع الفجر فانه تقدم صلاة الخسوف والكسوف ولا تطال جدا بل يجعل لها وقت بحيث يمكن ان تصلى الفجر في وقتها قال هذا جرى عمل السلف وعمل علمائنا في هذه البلاد. نعم جزاك الله خير يقول قصة الغرانيط التي وردت في مختصر السيرة النبوية ما صحتها قصة الغرانيق رويت من اوجه مرسلة قال الحافظ ابن حجر يقوي بعضها بعض المرسل يعتضد بالمرسل سيما في مثل ذلك وقصة الغرانيق لا تناقضوا او تضاد اصلا شرعيا ولا نصا من كتاب الله جل وعلا ولا من سنته عليه الصلاة والسلام فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله اياته الاية في سورة الحج. فبين جل وعلا انه ما ارسل من نبي ولا رسول الا اذا تمنى يعني اذا قرأ وتلا كتابه القى الشيطان في امنيته يعني تكلم الشيطان بجنس صوته ليعتقد زيادة في كلامه من جهة الشيطان. وهذا ما جاء في قصة الغرانيق المعروفة في قوله جل وعلا في سورة النجم لما تلا النبي صلى الله عليه وسلم افرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الاخرى جاء في القصة انه قال وانهن الغرانيق العلا وان شفاعتهن لترتجى واشباه ذلك او كما جاء فجاءت زيادة فيها تصحيح عبادة غير الله جل وعلا. فلما سمع المشركون ذلك سجدوا فانزل الله جل وعلا قوله سبحانه وما ارسلنا من قبلك من رسول لا نبي الا اذا تمنى القى الشيطان في امنيته. فاذا هذه القصة تداولها المحققون من اهل العلم الحافظ ابن حجر وذكر لها اوجها مرسلة في شرح البخاري وذكرها امام هذه الدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب في مختصر السيرة وذكر العلماء ولم ينكروها وانما انكرها بعض اهل العلم وانكاره له وجهه لكن ليس ابي قاظ على ما رآه غيره من اهل العلم اذ ليس في القصة ما ينكر من جهة التوحيد ولهذا اوردها ائمة التوحيد تركها او لا خاصة عند من لا يفقه واذا اوردت فلها وجهها هذا السائل يقول افضل طريقة للتدرج في قراءة كتب السيرة يعني ماذا يبدأ طالب العلم من هذه الكتب بالتنفيذ وما هو افضل كتاب فيها؟ الافضل ان يبتدأ بمختصر السيرة شيخ محمد بن عبد الوهاب تصرصيرات بن هشام ثم بعد السيرة النبوية لابن كثير وفيها طول ثم اذا نظر في ذلك وتبين له الصواب نظر في سيرة ابن هشام وما اختصر منها وهناك كتب طويلة في السيرة مثل السيرة الشامية والسيرة الحلبية في عدة مجلدات شروح كتب السير هذه باقة يسأل بعض القرآن عنها وما رأيك في هذه الكتب في السيرة النبوية؟ الرحيق المختوم هذا الحبيب يا محب رجال الرسول صلى الله عليه وسلم الى اخره الى اخره هذه الكتب نافعة رحيق المختوم جيد وكذلك كتاب ابي بكر الجزائري هذا حبيبي يا محب ايضا جيد لكن درج عليهم ما درج على اصحاب السير في بعض المسائل فيستفاد منها كما يستفاد من غيرها وهي اميز من غيرها واكثر فائدة مما الف