على احسن وجه وذلك كالامثال المضروبة التي يذكرها الله في كتابه التي قال فيها فالقرآن من كل مثل فان الامثال المضروبة هي الاقيسة العقلية سواء كانت قياس شمول او قياس تمثيل المكتبة الصوتية للعلامة الشيخ عبد الرحمن ابن ناصر السعدي رحمه الله المقدمة الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب اليه ونعوذ بالله من شرور انفسنا وسيئات اعمالنا. من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. واشهد ان محمدا عبده ورسوله. اما بعد فانه لما كانت كتب الامام كبير شيخ الاسلام والمسلمين تقي الدين احمد بن عبدالحليم بن عبدالسلام ابن تيمية قدس الله روحه جمعت فاوعدت جمعت جميع الفنون النافعة والعلوم الصحيحة جمعت علوم الاصول والفروع وعلوم النقل والعقل وعلوم الاخلاق والاداب الظاهرة والباطنة. وجمعت بين المقاصد والوسائل وبين المسائل والدلائل وبين الاحكام وبيان حكمها واسرارها. وبين تقرير مذاهب الحق والرد على جميع المبطلين. وامتازت على جميع الكتب مصنفة بغزارة علمها وكثرته وقوته وجودته وتحقيقه. بحيث يجزم من له اطلاع عليها وعلى غيرها انه لا يوجد لها نظير نساويها او يقاربها. وقد من الله تعالى بنشرها في هذه الاوقات. ونفع الله بها النفع العظيم. وصار كل مصلح منها يستمد وعليها لا يعتمد ومن اعظم ما فاقت بها غيرها واهمه وتفردت على سواها ان مؤلفها رحمه الله يعتني غاية الاعتناء بالتنبيه على قواعد الكلية والاصول الجامعة والضوابط المحيطة في كل فن من الفنون التي تكلم بها. ومعلوم ان الاصول والقواعد للعلوم بمنزلة للبنيان والاصول للاشجار لا ثبات لها الا بها. والاصول تبنى عليها الفروع والفروع تثبت وتتقوى بالاصول. وبالقواعد والاصول يثبت العلم ويقوى وينمى نماء مطردا. وبها تعرف مآخذ الاصول وبها يحصل الفرقان بين المسائل التي تشتبه كثيرا كما انها تجمع النظائر والاشباه التي من جمال العلم جمعها. ولها من الفوائد الكثيرة غير ما ذكرنا. وقد يسر الله الوقوف على كتبه الموجودة فتتبعت ما وجدته في كتب هذا الامام من الاصول والقواعد والضوابط النافعة. واثبتها في هذا المجموع ونقلتها بعبارات مؤلفها الا شيئا يسيرا منها اوجب تغيير بعض الالفاظ. اذا كانت القاعدة والاصل متفرقا في كلامه غير متصل بعضه ببعض فجمعته من متفرقات كلامه في موضع واحد. ونضطر فيه الى التغيير اليسير الذي يوضح المعنى ولا يغيره. ولشيخ الاسلام كتاب يقال له قواعد الاستقامة طالما بحثنا عنه لتحصيله من مظانه فلم يتيسر لكثرة فوائده. واني ارجو ان يكون ما جمعته في هذا المجموع من كلامه في الاصول والقواعد مغنيا عن ذلك الكتاب ومتضمنا زيادات كثيرة لا توجد فيه ولا في غيره. وسميته طريق الوصول الى العلم المأمول بمعرفة القواعد المنوعة والضوابط والاصول اذ هو اسم يطابق مسماه وفيه من العلوم الجمة والفوائد المهمة ما يعرفه اهل العلم الراغبون رحمه الله من امام رحم الله به المسلمين. وكان قدوة للمحققين والمصلحين. وهي قواعد واصول منوعة في اصول الدين. وفي اصول الفقه والتفسير والحديث وفي اصول الاحكام وفي اصول الاخلاق والمناظرات. والرد على اهل الباطل. ويوجد في يسير منها نوع تكرار اذا كان الاصل مهما جدا وكان فيه زيادة فائدة. واسأل الله تعالى ان يجعل العمل خالصا لوجهه. وان يعم نفعه ويعظم وقعه انه واد كريم رؤوف رحيم. وقد فصلت بين كل اصل واخر. فجعلت كل اصل في اول السطر ووضعت له رقما مسلسلا. قد الحقتها بعد ما اكملتها بقواعد واصول اخر من كتب شمس الدين ابن القيم. فبلغ الجميع ما يزيد على الالف ما بين اصل وقاعدة وضابط وكلام من جامع واحد اصول من العقيدة المسماة بالتدميرية لشيخ الاسلام. واحد فلابد للعبد ان يثبت لله ما يجب اثباته له من صفات الكمال وينفي عنهما يجب نفيه مما يضاد هذه الحال. ولابد له في احكامه ان يثبت خلقه وامره. فيؤمن بخلقه في المتضمن كمال قدرته وعموم مشيئته. ويثبت امره المتضمن بيان ما يحبه ويرضاه من القول والعمل. ويؤمن بشرعه وقدره ايمانا خاليا من الزلل. وهذا يتضمن التوحيد في عبادته وحده لا شريك له. وهو التوحيد في القصد والارادة والعمل. والاول يتضمن التوحيد في العلم والقول اثنان والله سبحانه بعث رسله باثبات مفصل ونفي مجمل فاثبتوا لله الصفات على وجه التفصيل ونفوا عنه ما لا يصلح له من التشبيه والتمثيل. ثلاثة القول في الصفات كالقول في الذات. فان الله ليس كمثله شيء لا في ذاته ولا في اسمائه ولا في صفاته ولا في افعاله. فاذا كان له ذات حقيقية لا تماثل الذوات فالذات متصفة بصفات حقيقية لا تماثل سائر الصفات. اربعة القول في بعض الصفات كالقول في بعض. خمسة فالسلف والائمة واتباعهم امنوا بما اخبر الله به عن نفسه وعن اليوم الاخر مع علمهم بالمباينة التي بينما في الدنيا والاخرة. وان مباينة الله لخلقه اعظم ستة الله تعالى لا تضرب له الامثال التي فيها مماثلة لخلقه. فان الله لا مثل له بل له المثل الاعلى. فلا يجوز ان يشرك هو والمخلوق وقعت في قياس تمثيل ولا في قياس تمول تستوي افراده. ولكن يستعمل في حقه المثل الاعلى. وهو انه كل ما اتصف به المخلوق من كمال فالخالق اولى به. وكل ما ينزه عنه المخلوق من نقص فالخالق اولى بالتنزيه عنه. سبعة وينبغي ان يعلم ان النفي ليس فيه كمال ولا مدح الا اذا تضمن اثباتا. وكل ما نفى الله عن نفسه من النقائص ومشاركة احد له في خصائصه فان انها تدل على اثبات ضدها من انواع الكمالات. تمانية ما اخبر به الرسول عن ربه فانه يجب الايمان به. سواء عرفنا معناه او لم نعرفه لانه الصادق المصدوق. فما جاء في الكتاب والسنة وجب على كل مؤمن الايمان به. وان لم يفهم معناه وكذلك ما ثبت باتفاق سلف للامة وائمتها مع ان هذا الباب يوجد عامته منصوصا عليه في الكتاب والسنة. متفق عليه بين سلف الامة. وما تنازع فيه نفيا واثباتا فليس على احد بل ولا له ان يوافق على اثبات لفظه او نفيه حتى يعرف مراده فان اراد حقا قبل وان هذا باطلا رد. وان اشتمل كلامه على حق وباطل لم يقبل مطلقا. ولم يرى الجميع معناه. بل يوقف اللفظ ويفسر المعنى. تسعة سئل الامام مالك رحمه الله وغيره من السلف عن قوله الرحمن على العرش استوى كيف الاستواء؟ وقال الاستواء معلوم والكيف مجهول والايمان به واجب. والسؤال عنه بدعة. فبين ان الاستواء معلوم. وان كيفية ذلك مجهول. وهذا يقال في كل ما وصف الله به نفسه والله تعالى لا يعلم عباده الحقائق التي اخبر عنها من صفاته وصفات اليوم الاخر. ولا يعلمون حقائق ما اراد بخلقه وامره فيجب الايمان بان الله خالق كل شيء وربه ومليكه. وانه على كل شيء قدير. وانه ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن. ولا حول لا قوة الا بالله. وقد علم ما سيكون قبل ان يكون. وقدر المقادير وكتبها حيث شاء احد عشر. ويجب الايمان بان الله امر عبادته وحده لا شريك له كما خلق الجن والانس لعبادته. وبذلك ارسل رسله وانزل كتبه وعبادته تتضمن كمال الذل والحب له وذلك يتضمن كمال طاعته. اثنى عشر فما اخبرت به الرسل من تفاصيل اليوم الاخر. وامرت به من تفاصيل الشرائع لا يعلمه الناس بعقولهم كما ان ما اخبرت به الرسل من تفصيل اسماء الله وصفاته لا يعلمه الناس بعقولهم. وان كانوا يعلمون بعقولهم جمل ذلك ثلاثة عشر المؤمن مأمور بان يفعل المأمور ويترك المحظور ويصبر على المقدور اربعة عشر وجماع ذلك انه لابد له في الامر من اصلين ولابد له في القدر من اصلين. ففي الامر عليه الاجتهاد في امتثال الامر علما وعملا. فلا يزال يجتهد في العلم بما امر الله به والعمل بذلك. ثم عليه ان يستغفر ويتوب من تفريطه في الامر وتعديه للحدود. واما في القدر فعليه ان يستعين بالله في فعل ما امر به ويتوكل عليه ويدعوه ويرغب اليه ويستعين به ويكون مفتقرا اليه في طلب الخير وترك الشر. وعليه ان يصبر على المقدور ويعلم ان ما اصابه لم يكن ليخطئه وما اخطأه لم يكن ليصيبه. واذا اذاه الناس علم انه مقدر عليه خمسة عشر على العباد ان ينظروا الى القدر في المصائب وان يستغفروا من المعايب ستة عشر. وقد جمع الله بين هذين الاصلين العبادة والتوكل في غير موضع كقوله اياك نعبد واياك نستعين. فاعبده وتوكل عليه. فما لم يكن بالله لا يكون فانه لا حول ولا قوة الا بالله. وما لم يكن لله لا ينفع ولا يدوم. ولا بد في عبادته من اصلين. اخلاص الدين لله وموافقة امره الذي بعث به رسله نام ومن كتاب الايمان لشيخ الاسلام سبعة عشر ونحن نذكر ما يستفاد من كلام الله وكلام محمد صلى الله عليه وسلم. فيصل المؤمن الى ذلك من نفس كلام الله وكلام رسوله. فان هذا هو المقصود فلا نذكر اختلاف الناس ابتداء بل نذكر من ذلك في ضمن بيان ما يستفاد من كلام الله وكلام رسوله ما يبين ان رد موارد النزاع الى الله ورسوله خير واحسن تأويلا. خير في الحال واحسن عاقبة في الدنيا والاخرة. ثمانية عشر اسم الايمان تارة يذكر مفردا غير مقرون فيدخل فيه الاسلام والاعمال الصالحة وتارة يقرن بالاسلام او بالعمل الصالح او بالذين اوتوا العلم فيكون الايمان اسما لما القلب وما قرن معه اسما للشرائع الظاهرة ثم ان نفي الايمان عند عدمها دل على انها واجبة. لانه لا تنسى الا لنفي بعض واجباته. وان ذكر فضل ايمان صاحبها ولم ينسى ايمانه دل على انها مستحبة. تسعة عشر انما يخشى الله من عباده العلماء والخشية ابدا متضمنة للرجاء. ولولا ذلك لكانت قنوطا. كما ان الرجاء يستلزم الخوف. ولولا ذلك لكان امنا. فاهل الخوف لله والرجاء له هم اهل العلم الذين مدحهم الله عشرون لما ذكر قولهم في العقل انه العلم قال فلابد مع ذلك انه وعلم يعمل بموجبه. فلا يسمى عاقلا الا من عرف الخير فطلبه. والشر فتركه. واحد وعشرون. ومن اتى الكبائر مثل الزنا والسرقة وشرب الخمر وغير ذلك. فلابد ان يذهب ما في قلبه من تلك الخشية والخشوع والنور. وان بقي اصل التصديق في قلبه هذا من الايمان الذي ينزع عنه عند فعل الكبيرة اثنان وعشرون. والمقصود هنا انه ينبغي للمسلم ان يقدر قدر كلام الله رسوله بل ليس لاحد ان يحمل كلام كل احد من الناس الا على ما عرف انه اراده. لا على ما يحتمله ذلك اللفظ من كلام كل لاحد فان كثيرا من الناس يتأول النصوص المخالفة لقوله. يسلك مسلك من يجعل التأويل كانه ذكر ما يحتمله اللفظ. وقصده بذلك دفع ذلك المحتج بذلك عليه. وهذا خطأ بل جميع ما قاله الله ورسوله يجب الايمان به. فليس لنا ان نؤمن ببعض الكتاب نذكر ببعض وليس الاعتناء في مراده في احد النصين دون الاخر باولى من العكس. فاذا كان النص الذي وافقه يعتقد انه اتبع فيه مراد الله ورسوله. كذلك النص الاخر الذي تأوله. فيكون اصل مقصوده معرفة ما اراد الله ورسوله بكلامه. وهذا هو المقصود بكل ما يجوز من تفسير وتأويل ثلاثة وعشرون وكل مسألة يقطع فيها بالاجماع وبانتفاء المنازع من المؤمنين فانها مما بين الله فيه الهدى ومخالف مثل هذا الاجماع يكفر كما يكفر مخالف النص البين. واما اذا كان يظن جماع ولا يقطع به فها هنا ايضا قد لا يقطع بانها مما تبين فيه الهدى من جهة الرسول ومخالف مثل هذا الاجماع قبله لا يكفر وهذا هو فصل الخطاب فيما يكفر به من مخالفة الاجماع وما لا يكفر. والاجماع هل هو قطعي الدلالة او ظني الدلالة اربعة وعشرون ومن لم يكن في قلبه بغض ما يبغضه الله ورسوله من المنكر الذي حرمه من الكفر والفسوق والعصيان لم كن في قلبه الايمان الذي اوجبه الله عليه. فان من لم يكن مبغضا لشيء من المحرمات اصلا لم يكن معه ايمان اصلا. خمسة عشرون الايمان اذا اطلق في كلام الله ورسوله يتناول فعل الواجبات وترك المحرمات. ومن نفى الله ورسوله عنه الايمان فلابد ان يكون ترك واجبا او فعل محرما فلا يدخل في الاسم الذي يستحق اهله الوعد دون الوعيد بل يكون من اهل الوعيد وعشرون وكل مقصود اما ان يقصد لنفسه واما ان يقصد لغيره كان منتهى مقصوده ومراده عبادة الله وحده لا له وهو الهه الذي يعبده لا يعبد سواه وهو احب اليه من كل من سواه فان ارادته تنتهي الى ارادته وجه الله على مباحاته التي يقصد بها الاستعانة على الطاعة. وان كان اصل مقصوده عبادة غير الله لم تكن الطيبات مباحة له. فان الله انما اباحها للمؤمنين من عباده. بل الكفار واهل الجرائم والذنوب واهل الشهوات يحاسبون يوم القيامة على نعم الله التي تنعموا بها فلم يشكروه ولم يعبدوه بها. ويقال لهم اذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا واستمتعتم بها. واما اذا فعل المؤمن ما له قاصدا للعدول عن الحرام الى الحلال لحاجته اليه فانه يثاب عليه. واما ما لا يحتاج اليه الانسان من قول وعمل بل يفعله عبثا فهذا عليه لا له. لحديث كل كلام ابن ادم عليه لا له الا امرا بمعروف او نهيا عن منكر او ذكرا لله ومن كان يؤمن بالله واليوم الاخر فليقل خيرا او ليصمت. فامر المؤمنين باحد امرين. اما قول الخير او الصمات. ولهذا كان قول خيرا من السكوت عنه. السكوت عن الشر خيرا من قوله. اذ ليس من شرط ما عليه ان يكون مستحقا لعذاب جهنم وغضب الله. بل نقصد قدرته ودرجته عليه. سبعة وعشرون. ولفظ الصالح والشهيد يذكر مفردا. فيتناول النبيين والصديقين والشهداء. ويذكر مع فيفسر بحسبه ثمانية وعشرون. ولفظ الفسوق والعصيان والكفر. فاذا اطلقت المعصية والفسوق تناول الكفر فيما دونه. واذا ايدك او قرنت مع غيرها كانت على حسب ذلك. فالشفاعة الحسنة الاعانة على الخير الذي يحبه الله ورسوله من نفع ما يستحق النفع ودفع الضر عمن يستحق دفع الضر عنه. والشفاعة السيئة الاعانة على ما يكرهه الله ورسوله. كالشفاعة التي فيها ظلم الانسان او منع الاحسان لمن يستحقه. ثلاثون الاله هو المستحق للعبادة. فكل ما يعبد به فهو من تمام تأله العباد له. فمن استكبر عن بعض عبادته سامعا مطيعا في ذلك لغيره لم يحقق قول لا اله الا الله في هذا المقام. واحد وثلاثون. وهؤلاء الذين اتخذوا احبارهم ورهبانهم اربابا من دون الله. حيث اطاعوهم في تحليل ما حرم الله وتحريم ما احل الله على وجهين. احدهما ان يعلموا انهم بدلوا دين الله فيتبعونهم على التبديل. فيعتقدون تحريم ما احل الله وتحليل ما حرم الله. اتباعا لرؤسائهم مع علمهم انه هم خالفوا دين الرسل فهذا كفر. وقد جعله الله ورسوله شركا. وان لم يكونوا يصلون لهم ويسجدون لهم. فكان من اتبع غيره في خلاف الدين واعتقد ما قاله ذلك دون ما قاله الرسول. واعتقد ما قاله ذلك دون ما قاله الله ورسوله مشركا مثل هؤلاء. الثاني ان يكون هنا اعتقادهم وايمانهم بتحليل الحلال وتحريم الحرام ثابتة. لكنهم اطاعوهم في معصية الله كما يفعل المسلم ما يفعله من المعاصي التي يعتقد انها معاصي فهؤلاء لهم حكم امثالهم من اهل الذنوب. اثنان وثلاثون. ثم ذلك المحرم للحلال والمحلل للحرام ان كان مجتهدا قصده اتباع الرسول لكن خفي عليه الحق في نفس الامر فقد اتقى الله ما استطاع فهذا لا يؤاخذه الله بخطئه بل يثيبه على اجتهاده الذي اطاع به ربه. ولكن من علم ان هذا خطأ فيما جاء به الرسول ثم اتبعه على خطأه عن قول الرسول فهذا له نصيب من هذا الشرك الذي ذمه الله. لا سيما ان اتبع في ذلك هواه ونصره باللسان واليد مع علمه انه مخالف للرسول فهذا شرك يستحق صاحبه العقوبة عليه. ولهذا اتفق العلماء على انه اذا عرف الحق لا يجوز تقليد احد في خلافه وانما تنازعوا في جواز التقليد للقادر على الاستدلال كان عاجزا عن اظهار الحق الذي يعلمه فهذا يكون فمن عرف ان دين الاسلام حق وهو بين النصارى. فاذا فعل ما يقدر عليه من الحق لا يؤاخذ بما عجز عنه. ثلاثة وثلاثون واما ان كان المتبع للمجتهد عاجزا عن معرفة الحق على التفصيل. فقد فعل ما يقدر عليه مثله من الاجتهاد في التقليد فهذا لا يؤاخذ ان اخطأ كما في القبلة. واما ان قلد شخصا دون نظيره بمجرد هواه ونصره بيده ولسانه من غير علم ان معه الحق هذا من اهل الجاهلية. وان كان متبوعه مصيبا لم يكن عمله صالحا. وان كان متبوعه مخطئا كان اثما. اربعة وثلاثون الظلم المطلق يتناول الكفر ولا يختص بالكفر بل يتناول ايضا ما دونه. وكل بحسبه كلفظ الذنب والخطيئة والمعصية. فان هذا يتنازل حاولوا الكفر والفسوق والعصيان. خمسة وثلاثون اذا اطلق الصلاح تناول الخير كله. واذا اطلق الفساد تناول الشر كله. وكذلك المصلح والمفسد ستة وثلاثون. ليس في لفظ الايمان في دلالته على الاعمال المأمور بها دون لفظ الصلاة والصيام والزكاة والحج في دلالاته على الصلاة الشرعية والصيام الشرعي والزكاة الشرعية والحج الشرعي سواء قيل ان الشارع نقله او زاد الحكم دون الاسم او زاد الاسم وتصرف فيه تصرف اهل العرف او خاطب بالاسم مقيدا لا مطلقا. سبعة وثلاثون اهل البدع لا يعتمرون على الكتاب والسنة واثار السلف من الصحابة والتابعين. وانما يعتمدون على العقل واللغة. وتجدهم لا يعتمدون على كتب التفسير المأثورة والحديث واثار السلف. وانما يعتمدون على كتب الادب وكتب الكلام التي وضعتها رؤوسهم. وهذه طريقة الملاحدة ايضا. انما يأخذون ما في كتب الفلسفة وكتب الادب واللغة. واما كتب القرآن والحديث والاثار فلا يلتفتون اليها. هؤلاء يعرضون عن نصوص الانبياء اذ هي عندهم لا تفيد العلم واولئك يتأولون القرآن برأيهم وفهمهم بلا اثار عن النبي صلى الله عليه وسلم واصحابه. قال احمد اكثر ما يخطئ الناس من جهة التأويل والقياس. ثمانية وثلاثون. اذا تدبرت حجج اهل الباطل رأيتها دعاوى لا يقوم عليك دليل تسعة وثلاثون. اذا امر بعبادة الله مطلقا دخل في عبادته كل ما امر الله به. وكذلك الطاعة والتقوى البر والهدى. واذا قرن كل منها بغيره فسر بما يناسب المقام. ومن ذلك تعبير السلف عن الايمان انه قول وعمل او قول وعمل ونية واتباع سنة. مع شمول كل تعبير منها. اربعون لفظ الايمان اذا اطلق في الكتاب والسنة يراد به ما يراد بلفظ البر وبلفظ التقوى وبلفظ الدين. فكل ما يحبه الله ورسوله يدخل في اسم الايمان. واحد واربعون. لا يجعل احد بمجرد ذلك ذنب يذنبه ولا ببدعة ابتدعها ولو دعا الناس اليها كافرا في الباطن الا اذا كان منافقا. فاما من كان في قلبه الايمان بالرسول وما جاء به قد غلط فيما تأوله من البدع فهذا ليس بكافر اصلا. اثنان واربعون. وكذلك سائر الثنتين والسبعين من كان منهم منافقا فهو كافر بالباطل. ومن لم يكن منافقا بل مؤمنا بالله ورسوله في الباطن لم يكن كافرا بالباطن. وان الطائف التأويل كائنا ما كان خطأه. وقد يكون في بعضهم شعبة من النفاق. ولا يكون فيه النفاق الذي يكون صاحبه في الدرك الاسفل من ومن قال ان الثنتين والسبعين فرقة. كل واحد منهم يكفر كفرا ينقل عن الملة فقد خالف الكتاب والسنة واجماع الصحابة رضوان الله عليهم بل واجماع الائمة الاربعة وغير الاربعة فليس فيهم من كفر كل واحدة من الثنتين والسبعين فرقة وانما يكفر وبعضهم بعضا ببعض المقالات. ثلاثة واربعون اذا كان الايمان المطلق يتناول جميع ما امر الله به ورسوله فاذا وبعض ذلك فنصوص الرسول واصحابه تدل على ذهاب بعضه وبقاء بعضه. ولهذا كان السلف يقولون انه يتفاضل ويزيد وينطق الناس فيه متفاوتون بحسب قيامهم به وبلوازمه ومكملاته. اربعة واربعون. وزيادة الايمان من وجوه احدها ومحبوبه ومطلوبه. وبذلك يحصل له الفرح والسرور واللذة والنعمة والسكون والطمأنينة. وهذا لا يحصل الا باعانة الله لا يقدر على تحصيل ذلك له الا الله. فهو دائما مفتقر الى حقيقة اياك نعبد واياك نستعين. فهو مفتقر اليك الاجمال والتفصيل فيما امروا به. الثاني الاجمال والتفصيل فيما وقع منهم الثالث ان العلم والتصديق يكون بعضه اقوى من بعض واثبت وابعد من الشك والريب. الرابع ان التصديق المستلزم لعمل القلب اكمل من التصديق الذي لا يستلزم عمله. الخامس والسادس سادس ان اعمال القلوب والجوارح تتفاوت تفاوتا عظيما. ويتفاضل الناس بها. السابع ذكر الانسان ما امر به بقلبه واستحضاره لذلك بحيث لا يكون غافلا عنه اكمل ممن صدق به وغفل عنه. الثامن قد يكون عند بعض المؤمنين كثير من تفصيلات التي ينكرونها لجهلهم انها مما جاء به الرسول. فيكون ذلك نقصا عمن ليس كذلك. خمسة واربعون فمن علم ما جاء به الرسول وعمل به اكمل ممن اخطأ ذلك. ومن علم الصواب بعد الخطأ وعمل به فهو اكمل ممن لم يكن كذلك. ستة واربعون المؤمن المطلق الممدوح الذي ايمانه يمنعه من دخول النار هو الذي ادى الواجبات وترك المحرمات. واما من اطلق عليه عليه اسم الايمان ودخل في الامر والنهي وفي ذم الشارع له على بعض الافعال او التروك فهذا الذي معه اصل الايمان ولكنه يتجرأ على بعض بعض المحرمات ويترك بعض الواجبات. فهذا ايمانه يمنعه من الخلود في النار. سبعة واربعون. ومما ينبغي ان يعلم ان الالفاظ الموجودة في القرآن والحديث اذا عرف تفسيرها وما اريد بها من جهة النبي صلى الله عليه وسلم لم يحتج في ذلك الى الاستدلال باقوال اهل اللغة ولا غيرهم. ولهذا قال الفقهاء الاسماء ثلاثة انواع. واحد نوع يعرف حده بالشرع كالصلاة والزكاة. اثنان ونوع يعرف حده باللغة كالشمس والقمر ثلاثة ونوع يعرف حده بالعرف كلفظ القبض والمعروف في قوله وعاشروهن بالمعروف ثمانية واربعون. والتحقيق ان النبي صلى الله عليه وسلم حين اقتصر على الشهادتين وبقية الخمس مع انه يوجد واجبات كثيرة غيرها انه ذكر الدين الذي هو استسلام العبد لربه مطلقا. الذي يجب لله عبادة محضة على الاعيان. فيجب على من كان قادرا عليه يعبد الله بها مخلصا له الدين. وهذه هي الخمس وما عدا ذلك فانه يجب باسباب لمصالح فلا يعم وجوبها جميع الناس. تسعة واربعون قد يكون من الايمان ما يؤمر به بعض الناس ويذم على تركه ولا يذم عليه بعض الناس ممن لا يقدر عليه ويفضل الله بهذا الايمان ان لم يكن المفضول ترك واجبا. وكذلك في الاعمال الظاهرة قد يعطى الانسان مثل اجر العامل اذا كان يؤمن بها ويريدها جهده ولكن بدنه عاجز. خمسون. فضل الله يؤتيه من يشاء. بالاسباب التي تفضل الله بها عليهم وخصهم بها. وهكذا سائر من يفضله الله فانه يفضله بالاسباب التي يستحق بها التفضيل بالجزاء. كما يخص احد الشخصين بقوة ينال بها العلم وبقوة ينال بها اليقين والصبر والتوكل والاخلاص. وغير ذلك مما يفضل الله به. واحد وخمسون. اخبر الله في غير موضع انه يغفر من يشاء ويعذب من يشاء. وقد بين في مواضع اسباب المغفرة واسباب العذاب. وكذلك يرزق من يشاء بغير حساب. وقد عرف انه يخص من يشاء باسباب الرزق اثنان وخمسون. الانسان قد يكون فيه شعبة ايمان ونفاق وكفر واسلام وخير وشر. واسباب الثواب باب العقاب بحسب ما قام به من اصول الايمان ولوازمه وفروعه وما ضيعه منها. ثلاثة وخمسون. فالمسلمون سنيهم وبدعيهم هم متفقون على وجوب الايمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر. وعلى وجوب الصلاة والزكاة والصوم والحج. ومتفق على ان من اطاع الله ورسوله فانه يدخل الجنة ولا يعذب. وعلى ان من لم يؤمن بان محمدا رسول الله فهو كافر. وامثال هذه الامور التي هي اصول الدين وقواعد الايمان التي اتفق عليها المنتسبون للاسلام والايمان. فتنازعهم بعد هذا في بعض احكام الوعيد وبعض معاني بعض الاسماء امر خفيف بالنسبة الى ما اتفق عليه. مع ان المخالفين للحق البين من الكتاب والسنة هم عند جمهور الامة معروفون بالبدعة مشهود عليهم بالضلالة ليس لهم في الامة لسان صدق ولا قبول عام كالخوارج والروافض والقدرية ونحوها وانما يتنازع اهل العلم والسنة في امور دقيقة تخفى على اكثر الناس. ولكن يجب رد ما تنازعوا فيه الى الله ورسوله الله اعلم. ثلاثة ومن رسالة العبودية. اربعة وخمسون واصل ضلال من ضله وتقديم قياسه على النص المنزل من عند الله اختياره الهوى على اتباع امر الله خمسة وخمسون. فالمخالف لما بعث الله به رسله من عباده وطاعته وطاعة رسله لا يكون متبعا للدين الذي شرعه الله بل يكون متبعا لهواه بغير هدى من الله. ستة وخمسون. والعبادة والطاعة والاستقامة ولزوم الصراط المستقيم ونحو ذلك من الاسماء مقصودها واحد ولها اصلان. احدهما الا يعبد الا الله. والثاني ان يعبد بما امر لا بغير ذلك من الاهواء والبدع. سبعة وخمسون. كمال المخلوق في تحقيقه عبوديته لله. وكلما ازداد العبد تحقيقا العبودية ازداد كماله وعلت درجته. ثمانية وخمسون. والناس يتفاضلون تفاضلا عظيما. وهو تفاضلهم في حقيقة الايمان. وهم ينقسمون فيه الى خاص عام. ولهذا كانت ربوبية الرب لهم فيها عموم وخصوص وضروب. تسعة وخمسون. من كان متعلقا برياح كاسة او صورة ونحو ذلك من اهواء نفسه ان حصل له رضي وان لم يحصل له سخط فهذا عبد ما يهواه من ذلك. وهو رقيق له الرق والعبودية في الحقيقة هو رق القلب وعبوديته. فما استرق القلب واستعبده فهو عبده. ستون العبد لابد له من رزق وهو الى ذلك. فاذا طلب رزقه من الله صار عبدالله فقيرا اليه. واذا طلبه من مخلوق صار عبدا لذلك المخلوق فقيرا اليه واحد وستون كلما قوي طمع العبد في فضل الله ورحمته رجاؤه لقضاء الله ورجاؤه لقضاء حاجته ودفع ضرورته عبوديته لله وحريته ممن سواه وبالعكس اثنان وستون. اعراض القلب عن الطلب من الله والرجاء له يوجب انصراف عن العبودية لله لا سيما من كان يرجو المخلوق ولا يرجو الخالق بحيث يكون قلبه معتمدا اما على رئاسته وجنوده واتباعه ومماليكه واما على اهله واصدقائه واما على امواله وذخائره واما على ساداته وكبرائه كمالكه وملكه وشيخه ومقداره وغيرهم ممن هو قد مات او يموت. قال تعالى وتوكل على الحي الذي لا يموت. ثلاثة وستون عبودية القلب واسره هي التي يترتب عليها الثواب والعقاب. اربعة وستون. والقلب اذا ذاق طعم عبادة الله والاخلاص له. لم يكن شيء قط عنده احلى من ذلك ولا اطيب ولا الذ. الانسان لا يترك محبوبا الا بمحبوب اخر. يكون احب اليه منه او خوفا من مكروه. فالحب الفاسد انما ينصرف القلب عنه بالحب الصالح او بالخوف من الضرر. خمسة وستون والقلب خلق يحب الحق ويريده ويطلبه. فلما عرضت له ارادة الشر طلب دفع ذلك فانه يفسد القلب كما يفسد الزرع بما ينبت فيه من دغل. ستة وستون ومطالب النفوس واغراضها نوعان. منها ما هو محتاج اليه كما يحتاج الى طعامه وشرابه ومسكنه ومنكحه ونحو ذلك. فهذا يطلبه من الله ويرغب اليه فيكون المال عنده يستعمله في حوائجه بمنزلة حماره الذي يركبه. وبساطه الذي يجلس عليه. بل بمنزلة الكنيف الذي يقضي حاجته فيه من غير ان يستعبده فيكون هلوعا. اذا مسه الشر جزوعا واذا مسه الخير منوعا. ومنها ما لا يحتاج اليه في العبد. فهذا لا ينبغي له ان يعلق قلبه بها. اذا تعلق قلبه بها كان مستعبدا لها. ربما صار معتمدا على غير الله فيها سيبقى معه حقيقة العبادة ولا حقيقة التوكل عليه. بل فيه شعبة من العبادة لغير الله. وشعبة من التوكل على غير الله. سبعة ستون وحقيقة الجهاد الاجتهاد في حصول ما يحبه الله من الايمان والعمل الصالح. ومن دفع ما يبغضه الله من الكفر والفسوق والعصيان ثمانية وستون وكلما قويت المحبة في القلب طلب فعل المحبوبات. فاذا كانت المحبة تامة استلزمت ارادة جازمة في حصول المحبوبات فاذا كان العبد قادرا عليها حصلها. وان كان عاجزا عنها ففعل ما يقدر عليه من ذلك كان له كاجر تسعة وستون اذا ترك العبد ما يقدر عليه من الجهاد كان دليلا على ضعف محبة الله ورسوله في قلبه سبعون كلما ازداد القلب حبا لله زاد له عبودية وحرية عما سواه. وكلما ازداد له عبودية ازداد له حبا وحرية عما سواه. واحد وسبعون القلب لا يصلح ولا يفلح ولا يسر ولا يلتذ ولا يطيب ولا يسكن ولا يطمئن الا بعبادة ربه وحبه والانابة اليه ولو حصل له كل ما يلتذ به من المخلوقات لم يطمئن ولم يسكن اذ فيه فقر ذاتي الى ربه من حيث هو معبود من حيث هو المطلوب المحبوب المعبود. ومن حيث هو المستعان به المتوكل عليه فهو الهه لا اله غيره. وهو ربه لا رب سواه. ولا عبوديته الا بهذين. اثنان وسبعون. والله سبحانه هو رب العالمين. وكل ما سواه فهو مربوب مفطور فقير محتاج معبد مقهور وهو الواحد القهار الخالق البارئ المصور. وهو وان كان خلق ما خلقه باسباب فهو خالق السبب والمقدر له. وهذا مفتقر اليه كافتقار هذا وليس في المخلوقات سبب مستقل بفعل ولا دفع ضرر. بل كل ما هو سبب فهو محتاج الى سبب اخر يعاونه الى ما يدفع عنه الضرر الذي يعارضه ويمانعه وهو سبحانه وحده الغني عما سواه ليس له شريك يعاونه ولا ضد ناوئه ويعارضه ثلاثة وسبعون. اتباع الشريعة والقيام بالجهاد من اعظم الفروق بين اهل محبة الله واوليائه الذين يحبهم ويحبونه وبين من يدعي محبة الله ناظرا الى عموم ربوبيته او متبعا لبعض البدع المخالفة لشريعته. اربعة وسبعون. اذا كان العبد مخلصا لله اجتباه ربه فاحيا قلبه واجتذبه اليه فينصرف عنه ما يضاد ذلك من السوء والفحشاء بخلاف القلب الذي لم اخلص لله فان فيه طلبا وارادة وحبا مطلقا. فيهوى ما يسمح له ويتشبث بما يهواه كالغصن. اي نسيم مر بعطفه اربعة ومن رسالة الواسطة خمسة وسبعون. حاصل جواب الشيخ في اثبات الواسطة بين الله وبين عباده انها على قسمين من تمام الدين والايمان اثباتها وهي ان الرسول صلى الله عليه وسلم وغيره من الرسل وسائط بين الله وبين عباده في تبليغ دينه وشرعه وواسطة شركية وهي التقرب الى احد من الخلق. ليقربه الى الله وليجلب له المنافع التي لا يقدر عليها الا الله او يدفع عنه المضار. فهذا النوع من الشرك الاكبر الذي لا يغفره الله. فالخلق مضطرون الى وساطة الرسل في تبليغ الدين وليس بهم حاجة الى وساطة احد في طلب الحوائج من الله. فليس بين العبد وبين الله حجاب ولا واسطة. ستة وسبعون. على العبد ان يعرف في الاسباب ثلاثة امور. احدها ان يعلم ان السبب المعين لا يستقل بالمطلوب. بل لابد معه من اسباب اخر. ومع هذا فلها موانع فان لم يكمل الله الاسباب ويدفع الموانع لم يحصل المقصود. وهو سبحانه ما شاء كان وان لم يشأ الناس. وما شاء الناس فيكون الا ان يشاء الله. الثاني انه لا يجوز ان يعتقد ان الشيء سبب الا بعلم. فمن اثبت شيئا سببا بلا علم او يخالف الشرع كان مبطلا. مثل ان يظن ان النذر سبب في دفع البلاء او حصول النعماء. الثالث ان الاعمال البدنية لا يجوز ان يتخذ منها سببا الا ان تكون مشروعة. فان العبادات مبناها على التوقيف. خمسة. ومن رسالة الحسبة سبعة وسبعون. اذا كانت حاجة الناس الى تندفع الا بالتسعير العادل سعر عليهم تسعير عدل لا وكس ولا شفط. ثمانية وسبعون. ومن امتنع من معاوضة تجب عليه الزم بها بقيمة المثل. تسعة وسبعون. العقوبة لا تكون الا على ذنب ثابت. واما المنع والاحتراز فيكون مع التهمة ثمانون العقوبة على ترك الواجبات او فعل المحرمات نوعان. مقدرة في الشرع لا يزاد فيها ولا ينقص. وراجعة الى اجتهاد الواجب بحسب ما يحصل به المقصود تكون بالضرب وبالحبس وبالتوبيخ وبالمال. كل احد بحسب ذنبه وبحسب حاله. واحد نون اذا امكن ان تكون العقوبة من جنس المعصية كان ذلك هو المشروع بحسب الامكان. اثنان وثمانون. رسالة الله لرسله اما بار واما انشاء فالاخبار عن نفسه وعن خلقه. مثل التوحيد والقصص الذي يندرج فيه الوعد والوعيد. والانشاء الامر والنهي والاباحة وهذا كما ذكر الله في سورة قل هو الله احد التي تعدل ثلث القرآن لتضمنها ثلث التوحيد. اذ هو قصص وتوحيد وامر وقوله في صفة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث وبيان لكمال رسالته فان الله امر على لسان نبيه بكل معروف ونهى عن كل منكر واحل كل طيب وحرم كل خبير وكذلك وصف الامة بما وصف به نبيها. فهذه الامة خير امة اخرجت للناس. هم انفعهم لهم واعظمهم اليهم احسانا. لانهم هم كملوا امر الناس بالمعروف ونهيهم عن المنكر من جهة الصفة والقدر. حيث امروا بكل معروف ونهوا عن كل منكر لكل احد. واقاموا ذلك بالجهاد في سبيل الله باموالهم وانفسهم. وهذا كمال النفع للخلق. وسائر الامم لم يأمروا كل احد بكل معروف. ولا نهوا كل احد عن كل منكر ولا جاهدوا على ذلك بل منهم من لم يجاهد والذين جاهدوا من بني اسرائيل فعامة جهادهم كان لدفع عدوهم عن ارضهم كما يقاتل الصائل الظالم لا لدعوة المجاهدين وامرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر. ثلاثة وثمانون. ولهذا كان اجماع هذه حجة. لان الله اخبر انهم يأمرون بكل معروف وينهون عن كل منكر. فلو اتفقوا على اباحة محرم او اسقاط واجب او تحريم حلال او اخبار عن الله او عن خلقه بباطل لكانوا متصفين بالامر بمنكر والنهي عن معروف من الكلم الطيب والعمل الصالح اربعة وثمانون كل ما امر الله به فهو صلاح. وقد اثنى الله على الصلاح والمصلحين. والذين امنوا وعملوا الصالحات. وثم المفسدين في غير موضع حيث كانت مفسدة الامر والنهي اعظم من مصلحته لم تكن مما امر الله به. وان كان قد ترك واجبا وفعل محرما. اذ المؤمن عليه ان يتقي الله وفي عباده وليس عليه هداهم. خمسة وثمانون من اصول اهل السنة لزوم الجماعة وترك قتال الائمة وترك القتال في الفتنة ستة وثمانون اذا تعارضت المصالح والمفاسد والحسنات والسيئات يجب ترجيح الراجح منها. فيما اذا ازدحمت المصالح والمفاسد وتعارضت المصالح والمفاسد. ويجب احتمال ادنى المفسدتين لدفع اكبرهما. وذلك بميزان الشريعة. فمتى قدر الانسان على اتباع النصوص لم يعدل عنها والا اجتهد برأيه لمعرفة الاشباه والنظائر. وقل ان تعوز النصوص من يكون خبيرا بها وبدلالتها على احكام سبعة وثمانون ونفس الهوى وهو الحب والبغض الذي في النفس لا يلام عليه فان ذلك لا يملك وانما يلام على اتباعه بغير هدى من الله ثمانية وثمانون. الواجب على العبد ان ينظر في نفس حبه وبغضه ومقدار حبه وبغضه. هل هو موافق لامر الله ورسوله وهو هدى الله الذي انزل على رسوله بحيث يكون مأمورا بذلك الحب والبغض. لا يكون متقدما فيه بين يدي الله ورسوله انه قال لا تقدموا بين يدي الله ورسوله. ومن احب او ابغض قبل ان يأمره الله ورسوله. ففيه نوع من التقدم بين يدي الله ورسوله ومجرد الحب والبغض هوى. لكن المحرم اتباع حبه وبغضه بغير هدى من الله تسعة وثمانون. لابد من العلم بالمعروف والمنكر والتمييز بينهما. ولابد من العلم بحال المأمور والمنهي. ومن الصلاح ان يأتي بالمعروف والنهي بالصراط المستقيم. وهو اقرب الطرق الى حصول المقصود ولابد في ذلك من الرفق ولابد ايضا ان يكون حليما صبورا على الاذى فانه لابد ان يحصل له اذى فان لم ويصبر كانما يفسد اكثر مما يصلح فلابد من هذه الثلاثة العلم والرفق والصبر. العلم قبل الامر والنهي والرفق معه الصبر بعده وان كان كل من الثلاثة مستصحبا في هذه الاحوال. تسعون. ومن المعلوم بما ارانا الله في الافاق وفي انفسنا من اياته. وبما فشهد به في كتابه ان المعاصي سبب المصائب. فسيئات المصائب والجزاء من جنس سيئات الاعمال. وان الطاعة سبب النعمة فاحسان سبب لاحسان الله واحد وتسعون. اسباب الضلال والغيب البدع في الدين. والفجور في الدنيا وهي مشتركة تعم جميع بني ادم بما فيهم من الظلم والجهل اثنان وتسعون. امور الناس تستقيم في الدنيا مع العدل الذي فيه اشتراك في انواع الاثم اكثر من تستقيم مع الظلم في الحقوق. وان لم تشترك في اثم. ولهذا قيل ان الله يقيم الدولة العادلة وان كانت كافرة. ولا يقيم الظالمة وان كانت مسلمة. ثلاثة وتسعون الباغي يصرع في الدنيا وان كان مغفورا له مرحوما في الاخرة. اربعة وتسعون يؤمر مؤمنون ان يقابلوا السيئات بضدها من الحسنات كما يقابل الطيب المرض بضده فيؤمر المؤمن بان يصلح نفسه وذلك بشيئين بفعل الحسنات وترك السيئات مع وجود ما ينفي الحسنات ويقتضي السيئات وهذه اربعة انواع ويؤمر ايضا باصلاح غيره بهذه انواع الاربعة بحسب قدرته وامكانه كما قال تعالى والعصر ان الانسان لفي خسر الذين امنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر. خمسة وتسعون ولا يمكن العبد ان يصبر اذا لم يكن له ما يطمئن به ويتنعم به ويقتدي به وهو اليقين. ستة وتسعون القضايا التي يتفق عليها بنو ادم لا تكون الا حقا. كاتفاقهم على مدح الصدق والعدل وذم الكذب والظلم. ستة ومن رسالة المظالم المشتركة سبعة وتسعون المشتركون في الاموال والحقوق زيادتها لهم ونقصها عليهم بقدر املاكهم وحقوقهم. وعليهم والتزام العدل فيما يؤخذ منهم بغير حق. كما عليهم التزام العدل فيما يؤخذ منهم بحق. فان الكلفا التي تؤخذ بغير حق الشركاء بسبب نفوسهم واموالهم هي بمنزلة غيرها بالنسبة اليهم. وانما يختلف حالها بالنسبة الى الاخذ. ثمانية وتسعون وليس لبعضهم ان يمتنع عن اداء قسطه امتناعا يؤخذ به قسطه من سائر الشركاء. فيتضاعف الظلم عليهم. ومن تغيب منهم او امتنع فاخذ قسطه من شريكه فله الرجوع عليه فالذي يؤدي عن غيره دينا واجبا. تسعة وتسعون. ومن له ولاية على ماله لغيره ادى ما ينوبه مما لابد منه. سواء كان بحق او بغير حق. بل يجب عليهم اذا خافوا ان لم يؤدوه ان يؤخذ اكثر من مائة. واذا كان الاعطاء لدفع ضرر هو اعظم منه. فمذهب مالك واحمد المشهور عنه وغيرهما ان كل من ادى عن غيره واجبة فله ان يرجع به عليه اذا لم يكن متبرعا بذلك وان اداه بغير اذنه. احدى ومائة. ومعلوم ان الناس تحت امر الله ورسوله فليس لاحد ان يضر نفسه وماله ضررا نهاه الله عنه. ومن دفع ذلك الضرر عنه بما هو اخف منه فقد احسن اليه. ومن دفع ذلك الضرر عنه بما هو اخف منه فقد احسن اليه. وفي فطر الناس جميعهم ان من لم يقابل الاحسان بالاحسان فهو معتد وما عده الناس ظلما فهو ظلم. سبعة ومن رسالة معارج الوصول اثنان ومائة. الرسول صلى الله عليه وسلم بين الدين اصوله وفروعه باطنه وظاهره علمه وعمله وهذا الاصل هو اصل اصول العلم والايمان. وكل من كان اعظم اعتصاما بهذا الاصل كان اولى بالحق علما وعملا ومن كان ابعد عن الحق علما وعملا كان بعده عن هذا الاصل بحسب حاله فمستقل ومستكثر من الباطل. ثلاثة ومائة. وقد دل الناس وهداهم الى الادلة العقلية والبراهين اليقينية. التي بها يعلمون المطالب الالهية. وبها يعلمون اثبات ربوبية الله وحدانيته وصفاته وصدق رسوله وغير ذلك مما يحتاج اليه والى معرفته بالادلة العقلية وما يمكن بيانه بالادلة العقلية ان كان لا يحتاج اليها فان كثيرا من الامور يعرف بالخبر الصادق. ومع هذا فالرسول بين الادلة العقلية الدالة عليها فجمع بين الطريقين السمعي والعقلي ودلالة الكتاب والسنة ليس بمجرد الخبر بل دل الخلق وهدياهم الى الايات والبراهين الادلة المبينة لاصول الدين. اربعة ومائة تكرير القصص في عدة مواضع من القرآن يبين في كل موضع منها من الاعتذار والاستدلال نوعا غير النوع الاخر. كما يسمي الله نفسه ورسوله وكتابه باسماء متعددة. كل اسم يدل على معنى لم يدل عليه الاسم الاخر وليس في هذا تكرار بل فيه تنويع الايات. خمسة ومئة. والصلاح منحصر في نوعين. لعلم النافع والعمل الصالح وقد بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم بافضل ذلك. وهو الهدى ودين الحق. ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدا العلم النافع هو الايمان والعمل الصالح هو الاسلام. العلم النافع من علم الله والعمل الصالح هو العمل بامر الله. هذا تصديق الرسول في ما اخبر هذا طاعته فيما امر وضد الاول ان يقول على الله ما لا يعلم. وضد الثاني ان يشرك بالله ما لم ينزل به سلطانا والاول اشرف فكل مؤمن مسلم وليس كل مسلم مؤمنا. ستة ومئة. ولابد من العلم بما اخبر به الرسول. والنظر في الادلة ان دل بها الرسول وهي ايات الله ولابد مع ذلك من ارادة عبادة الله وحده بما امر. ومن طلب علما بلا ارادة او ارادة بلا علم فهو ضال، ومن طلب هذا بدون اتباع الرسول فيهما فهو ضال. سبعة ومائة. والعلم والمعرفة مدارهما على ان يعرف ما جاء ابيه الرسول ويعرف ان ما اخبر به حق اما لعلمنا انه لا يقول الا حقا. وهذا تصديق عام واما لعلمنا ان ذلك خبر حق بما اظهر الله من ايات صدقه فانه انزل الكتاب والميزان. وارى الناس اياته في الافاق وفي انفسهم حتى يتبينوا لهم انه الحق وان القرآن حق. ثمانية ومائة. الكتاب والسنة وفيان بجميع امور الدين. واما الاجماع فهو في فيه حق لتجتمع الامة على ضلالة كذلك القياس حق فانه بعث رسوله بالعدل وانزل الميزان مع الكتاب والميزان يتضمن عدل وما به يعرف العدل تسعة ومئة ودين الانبياء كلهم الاسلام كما اخبر به في غير موضع. وهو الاستسلام لله وحده. وذلك انما سيكون بطاعته فيما امر به في ذلك الوقت. فطاعة كل نبي هي من دين الاسلام اذ ذاك. عشرة ومئة. واليهود والنصارى خرجوا وعن دين الاسلام فانهم تركوا طاعة الله وتصديق رسوله واعتادوا عن ذلك بمبدل او منسوخ. وهكذا كل مبتدع دينا خالف به سنة الرسول لا يتبع الا دينا مبدلا او منسوخا. الشرك كله من المبدل لم يشرع الله الشرك قط. وكذلك ما كان اهل الجاهلية يحرمونه مما ذكره الله في القرآن كالسائبة والوصيلة والحام وغير ذلك من الدين المبدل احد عشر ومئة. من صدق محمدا صلى الله عليه وسلم. فقد صدق كل نبي. ومن اطاعه فقد اطاع كل نبي. ومن كذبه فقد كذب كل نبي من عصاه فقد عصى كل نبي اثنى عشر ومئة. وكثير من مجتهدي السلف والخلف قد قالوا وفعلوا ما هو بدعة. ولم يعلموا انه بدعة اما لاحاديث ضعيفة ظنوها صحيحة. واما لايات فهموا منها ما لم يرد منها. واما لرأي رأوه. وفي المسألة نصوص لم واذا اتقى الرجل ربه ما استطاع دخل في قوله تعالى ربنا لا تؤاخذنا ان نسينا او اخطأنا. ثمانية ومن رسالة زيارة القبور ثلاث عشرة ومئة يكفي المؤمن ان يعلم ان ما امر الله به فهو لمصلحة نهضة او غالبا. وما نهى الله عنه فهو مفسدة محضة او غالبة. ولا امرهم الا بما يصلحهم ولا نهاهم الا عما يضرهم. اربعة عشر ومئة. فقد بين الله في كتابه حقوقه التي لا تصلح الا له كوحدانيته وعبادته وحده لا شريك له. وحقوق رسله وحقوق المؤمنين بعضهم لبعض تسعة ومن رسالة رفع الملام خمسة عشر ومئة يجب على المسلمين بعد موالاة الله ورسوله موالاة المؤمنين عموما كما نطق به القرآن خصوصا العلماء الذين هم ورثة الانبياء. الذين جعلهم الله بمنزلة النجوم يهتدى بهم في ظلمات البر والبحر. فقد اجمع المسلمون على هدايتهم ودرايتهم ستة عشر ومئة. وليعلم انه ليس احد من الائمة المقبولين عند الامة قبولا عاما. يتعمد مخالفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في شيء من سنته دقيق ولا جليل فانهم متفقون اتفاقا يقينيا على وجوب اتباع الرسول وعلى ان كل احد من الناس يؤخذ من قوله ويترك الا رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولكن اذا وجد لواحد منهم قول قد جاء حديث صحيح بخلافه فلابد له من عذر في تركه وجميع الاعذار ثلاثة اصناف. احدها عدم اعتقاده ان الرسول صلى الله عليه وسلم قاله الثاني عدم اعتقاده ارادة تلك المسألة بذلك القول. الثالث اعتقاده ان ذلك الحكم منسوخ. ثم فصل هذه الاصناف الى عشرة انواع ثم قال فهذه الاسباب العشرة ظاهرة. وفي كثير من الاحاديث يجوز ان يكون للعالم حجة في ترك العمل في الحديث. لم نطلع نحن عليه منها فان مدارك العلم واسعة. ولم نطلع نحن على جميع ما في بواطن العلماء. والعالم قد يبدي حجته وقد لا يبديها. واذا ابداها فقد تبلغنا وقد لا تبلغ. واذا بلغتنا فقد ندرك موضع احتجاجه وقد لا ندركه. سواء كانت الحجة صوابا في نفس الامر ام لا. لكن نحن وان جوزنا هذا فلا يجوز لنا ان نعدل عن قول ظهرت حجته بحديث صحيح وافقه طائفة من اهل العلم الى قول اخر قاله يجوز ان يكون معه ما يدفع به هذه الحجة. وان كان اعلم اذ تطرق الخطأ الى اراء العلماء اكثر من تطرقه الى الادلة الشرعية فان الادلة الشرعية حجة الله على جميع عباده بخلاف رأي العالم. والدليل الشرعي يمتنع ان يكون خطأ. اذا لم يعارضه دليل جيل اخر ورأي العالم ليس كذلك. ولو كان العمل بهذا التجويز جائزا لما بقي شيء من الادلة التي يجوز فيها مثل هذا. لكن الغرض وانه في نفسه قد يكون معذورا في تركه. ونحن معذورون في تركنا لهذا الترك. سبعة عشر ومئة. واذا كان الترك يكون لبعض هذه الاسباب فاذا جاء حديث صحيح فيه تحليل او تحريم او حكم فلا يجوز ان يعتقد ان التارك له من العلماء الذين وصفنا اسباب يعاقب لكونه حلل الحرام او حرم الحلال او حكم بغير ما انزل الله. وكذلك ان كان في الحديث وعيد على فعل من لعنة او غضب او عذاب ونحو ذلك. فلا يجوز ان يقال ان ذلك العالم الذي اباح هذا او فعله داخل في هذا الوعيد. وهذا مما لا نعلم بين الامة فيه خلافا الا شيئا يحكى عن بعض معتزلة بغداد مثل المريسي واضرابه انهم زعموا ان المخطئ من المجتهدين يعاقب على خطأه. وهذا لان لحوق الوعيد لمن فعل المحرم مشروط بعلمه بالتحريم او بتمكنه من العلم بالتحريم. ثمانية عشر ومئة، وهذا الشرط في لحوق الوعيد لا يحتاج ان يذكر في كل خطاب لاستقرار العلم به في القلوب. كما ان الوعد على العمل مشروط باخلاصه في العمل لله وبعدم حبوط العمل في الردة ثم ان هذا الشرط لا يذكر في كل حديث فيه وعد ثم حيث قدر قيام الموجب للوعيد ان الحكم يتخلف عنه لمانع. وموانع لحوق الوعيد متعددة. منها التوبة ومنها الاستغفار. ومنها الحسنات الماحية. ومنها بلاء الدنيا غيره كذلك في حديث ابي رزين. وكذلك حديث ابي هريرة في صحيح مسلم. اذا قال العبد الحمد لله رب العالمين. قال الله حمده عبدي الى اخر الحديث. فهذا يقوله سبحانه لكل مصل قرأ الفاتحة. مما لا يحصي عدده الا الله. وكل واحد منهم ومصائبها ومنها شفاعة شفيع مطاع ومنها رحمة ارحم الراحمين. فاذا عدمت هذه الاسباب كلها ولن تعدم الا في حق من فهنالك يلحق الوعيد به عشرة من رسالة تنوع العبادات. تسعة عشر ومئة. العبادات التي فعلها النبي صلى الله عليه وسلم على انواع يشرع فعلها على جميع تلك الانواع من غير كراهة لشيء منها عشرون ومئة. وينبغي ان يفعل هذا تارة وهذا اخرى واحد وعشرون ومئة وقد يستحب بعضها لسبب شرعي. اثنتان وعشرون ومئة. المفضول قد يصير فاضلا لمصلحة راجحة تقترن به او زوال مفسدة. احد عشر من التسعينية. ثلاثة وعشرون ومئة. على الناس ان يجعلوا كلام الله ورسوله هو الاصل الامام المقتدى به سواء فهموا معناه او لم يفهموه. فيؤمنون بلفظ النصوص وان لم يعرفوا حقيقة معناها. واما ما سوى كلام الله ورسوله فلا يجعل اصلا بحال اربعة وعشرون ومئة ليس لاحد ان يلزم الناس او يوجب عليهم الا ما اوجبه الله ورسوله ولا يحذر عليهم الا ما حظره الله ورسوله ومن فعل ذلك فقد شرع من الدين ما لم يأذن به الله خمسة وعشرون ومئة. الاعتقاد الذي يجب على المؤمنين خاصتهم وعامتهم ويعاقب تاركوه هو ما بينه النبي صلى الله عليه وسلم فاخبر به وامر بالايمان به دون ما قاله غيره. ستة وعشرون ومئة لا ريب ان من لقي الله بالايمان بجميع ما جاء به الرسول مجملا مقرا بما بلغه من تفصيل الجملة غير جاحد بشيء من تفاصيلها ان يكون بذلك من المؤمنين. اذ الايمان بكل فرد من تفصيل ما اخبر به الرسول وامر به غير مقدور للعباد. اذ لا يوجد احد الا وقد قد خفي عليه بعض ما قاله الرسول. ولهذا يسع الانسان في مقالات كثيرة لا يقر فيها باحد النقيضين لا ينفيها ولا يثبتها. اذ لم يبلغه ان الرسول نفاها او اثبتها. سبعة وعشرون ومئة. ومن اعظم اسباب بدع المتكلمين من الجهمية وغيرهم. قصورهم في مناظرة الكفار والمشركين فانهم يناظرونهم ويحاجونهم بغير الحق والعدل لينصروا الاسلام. زعموا بذلك فيتسلط عليهم اولئك لما فيهم من الجهل والظلم ويحاجونهم بممانعات ومعارضات. فيحتاجون حينئذ الى جحد طائفة من الحق الذي جاء به الرسول والظلم والعدوان لاخوانهم المسلمين بما استظهر عليهم اولئك المشركون. فصار قولهم مشتملا على ايمان وكفر وهدى وضلال وجمع بين النقيضين وصاروا مخالفين للكفار والمؤمنين. ثمانية وعشرون ومئة. من اظهر العلوم الفطرية الضرورية التي علمها بنو ادم وجوب قيام الاوصاف بالموصوف. وامتناع قيامها بغيره. تسعة وعشرون ومئة. الذي يجب على الانسان اعتقاده في الله ان القرآن الذي انزله على رسوله كلام الله وانه منزل غير مخلوق منذ بدا واليه يعود. ثلاثون ومئة وهو كلام الله حروفه ومعانيه واحد وثلاثون ومئة. ولم يقل احد من السلف ان القرآن قديم. وانه لا يتعلق بمشيئته وقدرته. بل هو الله يتعلق بمشيئته وقدرته. اثنى عشر من السبعينية. اثنتان وثلاثون ومئة. قد بينا ان المؤمن الذي لا ريب في ايمانه قد قد يخطئ في بعض الامور العلمية الاعتقادية فيغفر له كما يغفر له ما يخطئ فيه من الامور العملية. وان حكم الوعيد على الكفر لا يثبت في حق الشخص المعين حتى تقوم عليه حجة الله التي بعث بها رسله. وان الامكنة والازمنة التي تفطر فيها النبوة لا يكون حكم من خفيت عليه اثار النبوة حتى انكر ما جاء به خطأ. كما يكون حكمه في الامكنة والازمنة التي ظهرت فيها اثار النبوة. ثلاثة وثلاثون ومئة وفتنة الدجال لا تختص بالموجودين في زمانه. بل حقيقة فتنة الباطل المخالف للشريعة المقرون بالخوارق. فمن اقر بما يخالف الشريعة لخارق فقد اصابه نوع من هذه الفتنة. وهذا كثير في كل زمان ومكان. لكن هذا المعين فتنته اعظم الفتن. فاذا عصم الله عبده منها سواء ادركه او لم يدركه كان معصوما مما دون هذه الفتنة اربعة وثلاثون ومئة. واما المؤمنون ولاة الامور من العلماء والامراء. ومن يدخل في ذلك من المشايخ والملوك فلهم حقوق بحسب ما يقومون به من الدين. فيطاعون في طاعة الله ويجب لهم من النصيحة والمعاونة على البر والتقوى وغير ذلك مما هو من حقوقهم. ولعموم المؤمنين ايضا من المناصحة والموالاة وغيرهم من الحقوق ما دل عليه الكتاب والسنة. خمسة وثلاثون ومئة. وكل من جعل غير الرسول بمنزلة الرسول في خصائص الرسالة فهو مضاف لمن جعل معه رسولا اخر كمسيلمة ونحوه. وان افترقا في بعض الوجوه ثلاثة عشر من شرحه على الاصفهانية. ستة وثلاثون مئة وقد علم بالعقل ان المثلين يجوز على احدهما ما يجوز على الاخر ويجب له ما يجب له ويمتنع عليه ما يمتنع عليه. فلو كان مخلوق مماثلا للخالق للزم اشتراكهما فيما يجب ويجوز ويمتنع. والخالق يجب وجوده وقدمه. والمخلوق يستحيل وجوب وجوب جوده وقدمه بل يجب حدوثه وامكانه. سبعة وثلاثون ومئة. الله سمى نفسه بالرحمن الرحيم. ووصف نفسه بالرحمة والمحبة وليست ومحبته كرحمة المخلوق ومحبته. ومعلوم ان صفاتنا بالنسبة الينا كصفات الله بالنسبة اليه. فكما لا مثل لذاته لا مثل مثل بصفاته. ثمانية وثلاثون ومئة. وجوب تصديق كل مسلم بما اخبر الله به ورسوله من صفاته ليس موقوفا على ان يقوم دليل عقلي على تلك الصفة بعينها فانه مما يعلم بالاضطرار من دين الاسلام ان الرسول اذا اخبرنا بشيء من الله وجب علينا التصديق بها. واذا لم نعلم ثبوته بعقولنا ولم يقر بما جاء به الرسول حتى يعلمه بعقله فقد اشبه الذين الله عنهم لن نؤمن حتى نؤتى مثل ما اوتي رسل الله. ومن سلك هذا السبيل فهو في الحقيقة ليس مؤمنا بالرسول ولا متلقيا عنه الاخبار بشأن الربوبية ولا فرق عنده بين ان يخبر الرسول بشيء من ذلك او لم يخبر به فانما اخبر به اذا لم يعلمه بعقله لا يصدق بها. بل يتأوله او يفوضه. وما لم يخبر به ان علمه بعقله امن به. والا فلا فرق عند من سلك هذا السبيل بين وجود الرشيد واخباره وبين عدم الرسول وعدم اخباره. وكان ما يذكره من القرآن والحديث والاجماع في هذا الباب عديم الاثر عنده. وقد صرح به ائمة هذا الطريق تسعة وثلاثون ومئة. من عرف حقائق اقوال الناس وطرقهم التي دعتهم الى تلك الاقوال حصل له العلم والرحمة علم الحق ورحم الخلق وكان من الذين انعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين. وهذه خاصة اهل السنة للرسول صلى الله عليه وسلم فانهم يتبعون الحق ويرحمون من خالفهم باجتهاده. حيث عذره الله ورسوله واهل البدع يبتدعون بدعة باطلة ويكفرون بمن خالفهم فيها. اربعون ومئة. الفاضل اذا تأمل غاية ما يذكره المتكلمون والفلاسفة من الطرق العقلية وجد الصواب منها يعود الى بعض ما ذكر في القرآن من الطرق العقلية وفي طرق القرآن من تمام البيان والتحقيق امور عظيمة لا يقاربها كان ولا تحقيق واحد واربعون ومئة. الصفة اذا قامت بمحل عاد حكمها الى ذلك المحل. فكان هو الموصوف بها. ولا يعود الى غيره واشتق لذلك المحل من تلك الصفة اسم اذا كانت تلك الصفة مما يشتق لمحلها منها اسم ولا يشتق الاسم لمحل لم به تلك الصفة. اثنان واربعون ومئة. التمييز بين الصادق والكاذب له طرق كثيرة فيما هو دون دعوى النبوة. فكيف بدعوى النبوة ومعلوم ان من ادعى النبوة اما ان يكون من اكمل الناس وافضلهم. واما ان يكون من انقص الناس وارذلهم. ثلاثة واربعون ومئة الكذاب يظهر في نفس ما يأمر به وما يخبر عنه وما يفعله ما يبين به كذبه من وجوه كثيرة. والصادق يظهر في نفس ما يأمر به وما يخبر عنه ويفعله ما يظهر به من صدقه من وجوه كثيرة. اربعة واربعون ومائة. فمن عرف الرسول وصدقه ووفاءه ومطابقة قوله لعمله علم علما يقينيا انه ليس بشاعر ولا كاهن ولا كاذب. خمسة واربعون ومئة والنبوة مشتملة على علوم واعمال لابد ان يتصف الرسول بها. وهي اشرف العلوم واشرف الاعمال. فكيف يشتبه الصادق فيها بالكاذب؟ والعالم لا يخلو من النبوة والرسالة ومحمد صلى الله عليه وسلم قد جمع الله فيه اكمل الصفات وافضلها التي يوصف بها الانبياء في نفسه واخلاقه وفي دينه وشريعته وما جاء به وفي اياته وبراهينه المتنوعة التي هي اكثر واقوى واوضح من جميع البراهين اليقينية التي على صدقه وصحة ما جاء به. ستة واربعون ومئة. ومن تأمل ما جاء به علم ان هذا لا يصدر الا عن اعلم الخلق واصدقهم وان مثل هذا يمتنع صدوره عن كاذب متعمد للكذب. مفتر على الله بالكذب الصريح او مخطئ جاهل ضال يظن ان الله سله ولم يرسله لان فيما اخبر به وما امر به من الاحكام والاتقان وكشف الحقائق وهدي الخلائق وبيان ما يعلمه العقل جملة ويعجز عن معرفته تفصيلا. ما يبين انه من العلم والخبرة والمعرفة في الغاية التي باين فيها اعلم الخلق واكملهم. سبعة اربعون ومئة وفيه من الرحمة والمصلحة والهدى والخير. ودلالة الحق على ما ينفعهم ومنع ما يضرهم. ما يبين ان ذلك صدر عن راحم يقصد غاية الخير والمنفعة للخلق. ومن تم علمه وتم حسن قصده امتنع ان يكون كاذبا على الله. يدعي هذه الدعوة العظيمة وكذلك الانبياء صلوات الله عليهم ثمانية واربعون ومئة. اذا استقرأ الانسان ما علمه مما يجده في نوع الانسان من ان كل من عصى عظم ظلمه للخلق وضرره لهم. كانت عاقبته عاقبة سوء واتبع اللعنة والذم. ومن عظم نفعه للخلق واحسانه اليهم ومن عظم نفعه للخلق واحسانه اليهم كانت عاقبته عاقبة خير. استدل بما علم على ما لم يعلم تسعة واربعون ومئة كذلك سنته في الانبياء الصادقين واتباعهم من المؤمنين. وفي الكذابين والمكذبين بالحق. ان هؤلاء ينصرهم ويبقي لهم صدق في الاخرين. واولئك ينتقم منهم. ويجعل عليهم اللعنة خمسون ومئة. اذا علم ان محمدا رسول الله. وان الله مصدقه في قوله اني رسول الله اليكم. فالرسول هو المخبر عن المرسل بما امره ان يخبر به. علم بذلك انه صادق فيما يخبر به عن الله. واحد وخمسون ومئة. فتكذيبه في الامور المعينة كتكذيبه في اصل الرسالة. والطرق التي بها تعلم صدقه في المطلق يعلم بها صدقه في المعين والله اعلم اربعة عشر من رد الشيخ على تأسيس الرازي اثنان وخمسون ومئة. الم يكن في اثار الانبياء والمرسلين ما يستغنى به في اعظم المطالب واشرف المعارف. عما يروى عن معلم مبدلة الصبيين الذين انتقلوا عن الحنفية الثابتة بالعقل والدين. ثلاثة وخمسون ومئة. وقد علم جميع الذين خبروا كلام ارسطو وذويه في العلم الالهي انهم من اقل الناس نصيبا في معرفة العلم الالهي. واكثر اضطرابا وضلالا. وهو مع قلته كثير الضلال عظيم المشقة. وهو يعرفه وكل من له نظر صحيح في العلوم الالهية فكيف يستدل بكلام هؤلاء في العلم الالهي وحالهم هذه الحال؟ اربعة وخمسون ومئة الله خالق عباده على الفطرة التي فطرهم عليها وبعث اليهم رسله. وانزل عليهم كتبه. فصلاح العباد وقوامهم بالفطرة المكملة الشرعة المنزلة وهؤلاء الفلاسفة بدلوا وغيروا فطرة الله وشرعته خلقه وامره وافسدوا اعتقادات الناس واراداتهم وادراكهم حركاتهم قولهم وعملهم وامروهم ان يتركوا الفطرة الربانية والعلوم النبوية ويمحو من قلوبهم ذلك ويستبدلوا به العلوم الفلسفية مخالفة للعقل والنقل. واطال في رد هذا الاصل الخبيث. خمسة عشر من كتاب العقل والنقل. خمسة وخمسون ومئة. وفساد المعارض لما جاء به الرسول قد يعلم جملة وتفصيلا. اما الجملة فانه من امن بالله ورسوله ايمانا تاما. وعلم مراد الرسول قطعا تيقن ثبوت ما اخبر وعلم ان ما عارض ذلك من الحجج فهي حجج داحضة. قال سبحانه والذين يحاجون في الله من بعد ما استجيب له حجتهم داحضة عند ربهم حجتهم داحضة عند ربهم غضب ولهم عذاب شديد. واما التفصيل فبعلم فساد تلك حجة المعارضة ستة وخمسون ومئة. الرسول بلغ البلاغ المبين وبين مراده. فكل ما في القرآن والحديث من لفظ يقال فيه انه يحتاج فيه الى التأويل الاصطلاحي الخاص الذي هو صرف اللفظ عن ظاهره. فلابد ان يكون الرسول قد بين مراده بذلك اللفظ بخطاب اخر لا يجوز عليه في ان يتكلم بالكلام الذي مفهومه ومدلوله باطل. ويسكت عن بيان المراد الحق. ولا يجوز ان يريد من الخلق ان يفهموا من كلامه ما لم يبين بينه لهم ويدلهم عليه بامكان معرفة ذلك بعقولهم فان هذا قدح في الرسول الذي بلغ البلاغ المبين. الذي هدى الله به العباد واخرجه من الظلمات الى النور. وفرق الله به بين الحق والباطل وبين الهدى والضلال وبين الرشاد والغي. وبين اولياء الله واعدائه وبين انما يستحقه الرب من الاسماء والصفات وما ينزه عنه من ذلك. حتى اوضح الله به السبيل وانار به الدليل. وهدى به الذين امنوا بما اختلفوا فيه من الحق باذنه. والله يهدي من يشاء الى صراط مستقيم. سبعة وخمسون ومئة. والرسول اعلم الخلق بالحق واقدر الناس على بيان الحق وانصح الخلق للخلق. وهذا يوجب ان يكون بيانه للحق اكمل من بيان كل احد. ثمانية خمسون ومئة اصول الدين اما ان تكون مسائل يجب اعتقادها ويجب ان تذكر قولا او تعمل عملا كمسائل التوحيد والصفات والقدر والنبوة والمعاد او دلائل هذه المسائل. اما القسم الاول فكل ما يحتاج الناس الى معرفته واعتقاده والتصديق به من هذه المسائل فقد ما ارسلنا من قبلك من رسول ولا نبي الا اذا تمنى الشيطان في امنيته. فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله واياته والله عليم حكيم. ليجعل ما يلقي الشيطان فتنة للذين بينه الله ورسوله بيانا شافيا قاطعا للعذر. اذ هذا من اعظم ما بلغه الرسول البلاغ المبين. وبينه للناس. وهو من اعظم ما اقام الله به الحجة على عباده فيه بالرسل الذين بينوه وبلغوه. وكتاب الله الذي نقل الصحابة ثم التابعون عن الرسول لفظه ومعانيه. والحكمة التي هي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. مشتملة في ذلك على غاية المراد وتمام الواجب والمستحب. والحمد لله الذي بعث فينا رسولا من انفسنا يتلو علينا اياته ويزكينا ويعلمنا الكتاب والحكمة. الذي اكمل لنا الدين واتم علينا النعمة. ورضي لنا الاسلام دينا. الذي نزل الكتاب تفصيلا لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين. واما القسم الثاني وهو دلائل هذه المسائل. فان الله بين من الادلة العقلية التي يحتاج اليها في العلم ما لا يقدر احد من هؤلاء اهل الكلام والفلاسفة وغيرهم قدره. ونهاية ما يذكرونه جاء القرآن بخلاصات ويدخل في ذلك ما يسمونه براهين. وهو القياس الشمولي المؤلف من المقدمات اليقينية. تسعة وخمسون ومئة. وفي القرآن والحكمة النبوية هوية عامة اصول الدين من المسائل والدلائل. ستون ومئة. ذم السلف والائمة للكلام واهله متناول لمن استدل بالادلة فاسدة او استدل على المقالات الباطلة. فاما من قال الحق الذي اذن الله فيه حكما ودليلا فهو من اهل العلم والايمان. والله يقول قولوا الحق ويهدي السبيل. واما مخاطبة اهل الاصطلاح باصطلاحهم ولغتهم فليس بمكروه اذا احتيج الى ذلك. وكانت المعاني صحيحة انما كرهه الائمة اذا لم يحتج اليه. واحد وستون ومئة. فاذا عرفت المعاني الصحيحة الثابتة بالكتاب والسنة. وعبر عنها لمن يفهم بهذه الالفاظ ليتبين ما وافق الحق من معاني هؤلاء وما خالفت هذا عظيم المنفعة. وهو من الحكم بالكتاب بين الناس فيما اختلفوا فيه ونهى الكتاب والسنة عن امور. منها القول على الله بغير علم. وقول غير الحق والجدل بغير علم. والجدل في اياته والتفرق والاختلاف اثنان وستون ومئة. يجب على كل احد ان يؤمن بما جاء به الرسول ايمانا مجملا عاما. ولا ريب ان معرفة ما جاء به على التفصيل فرض الكفاية فان ذلك داخل في تبليغ ما بعث الله به رسوله. وداخل في تدبير القرآن وعلم الكتاب والحكمة وحفظ الذكر والدعاء الى الخير والامر بالمعروف والنهي عن المنكر. والدعاء الى سبيل الرب بالحكمة والموعظة الحسنة. والمجادلة بالتي هي احسن ونحو ذلك مما اوجبه الله على المؤمنين فهو واجب على الكفاية منهم. واما ما وجب على اعيانهم فهذا يتنوع بتنوع قدرهم وحاجاتهم ومعرفتهم وما امر به اعيانهم. ولا يجب على العاجز عن سماع بعض العلم او عن فهم دقيقه. مما يجب على القادر ذلك. ويجب على من سمع النصوص وفهمها من علم التفصيل ما لا يجب على من لم يسمعها. ويجب على المفتي والمحدث والمجادل ما لا يجب على من ليس ذلك ثلاثة وستون ومئة وما اوجب الله به اليقين وجب فيه ما اوجبه الله كقوله اعلموا ان الله شديد وقوله سبحانه وكذلك يجب الايمان بما اوجب الله الايمان به. وقد تقرر في الشريعة ان الوجوب معلق باستطاعة العبد. اربع وستون ومئة. وليس عليه ان يترك ما يقدر عليه من اعتقاد قول غالب على ظنه لعجزه عن تمام اليقين. بل ذلك هو الذي يقدر عليه. لا سيما اذا كان مطابقا للحق. فالاعتقاد المطابق الحق ينفع صاحبه ويثاب عليه ويسقط به الفرض اذا لم يقدر على اكثر منه خمسة وستون ومئة. وقد اخبر تعالى في غير موضع من كتابه بالضلال والعذاب لمن ترك اتباع ما انزله. وان كان له نظر جدل واجتهاد في عقليات وامور غير ذلك. وجعل ذلك من نعوس الكفار والمنافقين ستة وستون ومئة. فمن كان خطأه لتفريطه فيما يجب عليه من اتباع القرآن والايمان مثلا. او لتعديهم حدود الله بسلوك السبيل التي نهى عنها او لاتباع هواه بغير هدى من الله فهو الظالم لنفسه وهو من اهل الوعيد بخلاف المجتهد في طاعة الله ورسوله باطنا وظاهرا. الذي يطلب الحق باجتهاده فهذا مغفور له خطأه. سبعة وستون ومئة. اذا تعارض دليلان سواء فان كانا سمعيين او عقليين او احدهما سمعيا والاخر عقليا فالواجب ان يقال لا يخلو اما ان يكونا قطعيين او يكونا ظنيين واما ان يكون احدهما قطعيا والاخر ظنيا. فاما القطعيان فلا يجوز تعارضهما. سواء كانا عقلي او سمعيين او احدهما عقليا والاخر سمعيا. وهذا متفق عليه بين العقلاء. لان الدليل القطعي هو الذي يجب ثبوت مدلوله ولا يمكن ان تكون دلالته باطلة. وحينئذ فلو تعارض دليلان قطعيان واحدهما يناقض مدلول الاخر للزم الجمع بين النقيضين وهو محال. بل كل ما يعتقد تعاربه من الدلائل التي يعتقد انها قطعية فلابد ان يكون الدليلان او احدهما غير قول او الا يكون مدلولاهما متناقضين. فاما مع تناقض المدلولين المعلومين فيمتنع تعارض الدليلين. وان كان احد الدليلين المتعارضين قطعيا دون الاخر فانه يجب تقديمه باتفاق العقلاء. سواء كان هو السمعي او العقلي. فان الظن لا تدفع اليقين. واما ان كانا ظنيين فانه يصار الى طلب ترجيح احدهما. فايهما ترجح كان هو المقدم سواء كان سمعيا او عقليا. ثمانية وستون ومئة وبهذا التفصيل المحقق المتفق عليه بين العقلاء يتبين ان اثبات التعارض بين الدليل العقلي والسمعي والجزم بتقديم العقلي معلوم الفساد بالضرورة. وهو خلاف ما اتفق عليه العقلاء. تسعة وستون ومئة. عدم علمه بالحقائق لا ينفي ثبوتها في انفسها. فما اخبر به الصادق المصدق صلى الله عليه وسلم هو ثابت في نفس الامر. سواء علمنا صدقه او لم نعلم. ومن ارسله الله الى الناس فهو رسوله. سواء علم الناس انه رسول او لم يعلموا. وما اخبر به فهو حق. وان لم صدقه الناس وما امر به عن الله فهو امر به. وان لم يطعه الناس. فثبوت الرسالة في نفسها وثبوت صدق الرسول وثبوت ما اخبر به في نفس الامر ليس موقوفا على وجودنا. فضلا عن ان يكون موقوفا على عقولنا او على الادلة التي نعلمها بعقولنا هذا كما ان وجود الرب وما يستحقه من الاسماء والصفات ثابت في نفس الامر سواء علمناه او لم نعلمه فتبين بذلك ان العقل ليس اصلا لثبوت الشرع ولا معطيا له صفة لم تكن له. ولا مفيدا له صفة كمال. اذ العلم مطابق للمعلوم المستغني يعني العلم فالعلم تابع له ليس مؤثرا فيه. فان العلم نوعان احدهما العملي وهو ما كان شرطا في حصول المعلوم. كتصور احد لما يريد ان يفعله. المعلوم هنا متوقف على العلم به محتاج اليه. والثاني الخبري النظري. وهو ما كان المعلوم غير مفتقر في وجوده الى العلم كعلمنا بوحدانية الله واسمائه وصفاته وصدق رسله وملائكته وكتبه ورسله وغير ذلك فان هذه المعلومات ثابتة سواء علمناها او لم نعلمها. فهي مستغنية عن علمنا بها. والشرع مع العقل هو من هذا الباب. فان الشرع منزلة من عند الله ثابت في نفسه. سواء علمناه بعقولنا ام او لم نعلمه. وهو مستغن في نفسه عن علمنا وعقلنا. ولكن نحن محتاجون اليه والى ان نعلمه بعقولنا فان العقل اذا علم ما هو عليه الشرع في نفسه صار عالما به وبما تضمنه من الامور التي يحتاج اليها في دنياه واخرته. وانتفع بعلمه به واعطاه ذلك صفة لم تكن له قبل ذلك. ولو لم يعلمه لكان جار هيلا ناقصة. سبعون ومئة. كل من اثبت ما اثبته الرسول ونفى ما نفاه كان اولى بالمعقول الصحيح. كما كان اولى بالمنقول الصحيح كل من خالف صحيح المنقول فقد خالف ايضا صريح المعقول. وكان اولى بمن قال الله فيهم وقالوا لو كنا نسمع او نعقل ما كنا في اصحاب السعير. واحد وسبعون ومئة. قد علم قطعا ان الرسول لم يدع بطرق اهل البدع والفلسفة والكلام. انما دعاهم بالبراهين الصحيحة والايات البينة وادلة الهدى والحق. اثنان وسبعون ومئة اذا علم الرجل ان محمدا رسول الله بالعقل والنقل والبراهين اليقينية. ثم وجد في عقله ما ينازعه في خبره كان عقله يوجب عليه ان يسلم موارد النزاع الى من هو اعلم به منه. والا يقدم رأيه على قوله. ويعلم ان عقله قاصر بالنسبة اليه. وانه اعلم بالله واسمائه وصفاته واليوم الاخر منه. وان التفاوت الذي بينهما في العلم بذلك اعظم من التفاوت الذي بين العامة للعلم بالطب فاذا كان عقله يوجب عليه ان ينقاد لطبيب يهودي فيما اخبره به من مقدرات من الاغذية والاشربة والاضمنة والمسهلات واستعمالها على وجه مخصوص مع ما في ذلك من الكلفة والالم لظنه انه اعلم منه وانه اذا صدقه اقرب لحصول الشفاء مع علمه ان الطبيب يخطئ كثيرا. وان كثيرا من الناس لا يشفى بما يصفه الطبيب. بل يكون استعماله لما يصفه سببا لهلاكه. ومع هذا يقبل قوله ويقلده. ان كان ظنه واجتهاده يخالف وصفه. فكيف حال الخلق مع الرسل عليهم الصلاة والسلام الرسل صادقون مصدقون. لا يجوز ان يكون خبرهم على خلاف ما اخبروا به قط. ومن عارضهم ففيه من الجهل والضلال ما لا يحصيه الا الجلال فكيف يجوز ان يعارض من لم يخطئ قط بمن لم يصب في معارضته قط. ثلاثة وسبعون ومئة ما علم بصريح العقل لا تصوروا ان يعارضه الشرع البتة بل المنقول الصحيح لا يعارضه معقول صريح قط. وقد تأملت ذلك في عامة ما تنازع الناس فيه فوجدت ما خالف النصوص الصحيحة الصريحة شبهات فاسدة يعلم بالعقل بطلانها بل يعلم بالعقل ثبوت نقيضها الموافق للشرع تأملته في مسائل الاصول الكبار كمسائل التوحيد والصفات ومسائل القدر والنبوات والمعادن وغير ذلك. ووجدت ان ما يعلم صريح العقل لم يخالفه سمع قط بل السمع الذي يقال انه يخالفه اما حديث موضوع او دلالة ضعيفة فلا يصلح ان يكون كن دليلا لو تجرد عن معارضة العقل الصريح. فكيف اذا خالفه صريح المعقول؟ ونحن نعلم ان الرسل لا يخبرون بمحالات العقول. بل في محاراة العقول فلا يخبرون بما يعلم العقل انتفاءه بل يخبرون بما يعجز العقل عن معرفته. الكلام على هذا الاصل على وجه التفصيل مذكور في موضعه فان ادلة النفاة للصفات والقدر ونحو ذلك. اذا تدبرها العاقل الفاضل واعطاها حقها من النظر العقلي. علمت بالعقل فسادها وثبوت نقيضها. اربعة وسبعون ومئة ولا يعلم عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث صحيح اجمع المسلمون على نقيض فضلا عن ان يكون نقيضه معلوما بالعقل الصريح البين لعامة العقلاء. فانما يعلم بالعقل الصريح البين اظهر مما لا يعلم الا بالاجماع ونحوه من الادلة السمعية. فاذا لم يوجد في الاحاديث الصحيحة ما يعلم نقيضه بالادلة الخفية كالاجماع ونحوه فالا يكون فيها ما يعلم نقيضه بالعقل الصريح الظاهر اولى واحرى. ولكن عامة موارد التعارض هي من الامور الخفية المشتبهة التي يحار فيها كثير من العقلاء كمسائل اسماء الله وصفاته وافعاله وما بعد الموت من الثواب والعقاب والجنة والنار والعرش والكرسي وعامة ذلك من انباء الغيب التي تقصر عقول اكثر العقلاء عن تحقيق معرفتها بمجرد رأيهم. ولهذا كان عامة الخائضين فيها بمجرد رأيهم اما متنازعين مختلفين واما حيارى متهوكين. وغالبهم يرى ان امامه احذق منه في ذلك. ولهذا تجدهم عند التحقيق مقلدين لائمتهم فيما يقولون من العقليات المعلومة بصريح العقل. فتجد اتباع ارسطو يتبعونه فيما ذكره من المنطقيات من الطبيعيات والالهيات مع ان كثيرا منهم قد يرى بعقده نقيض ما قاله ارسطو. اتجدوه لحسن ظنه به يتوقف في مخالفته وينسب النقص في الفهم الى نفسه مع انه يعلم اهل العقل المتصفون بصريح العقل ان في المنطق من الخطأ البين ما لا ريب فيه كما ذكر وفي غير هذا الموضع واما كلام ارسطو واتباعه في الالهيات فما فيه من الخطأ الكثير والتقصير العظيم ظاهر لجمهور عقلاء بني ادم بل في كلامهم من التناقض ما لا يكاد يستقصى. وكذلك رؤوس المقالات البدعية جمعت بين مخالفة النقل والعقل المعلومين خمسة وسبعون ومئة ومما يدل على فساد معقولات الفلاسفة واهل الكلام الباطل بقطع النظر عما يدل على فسادها عقلا ونقلا التناقض والاضطراب بين اهلها وعدم الاستقرار والاتفاق على رأي واحد. بل ربما قال الواحد من ائمتهم ورؤسائهم القول قال انه مقطوع به ثم في كتاب اخر يقول انه مقطوع بخلافه. فعقول هذه حالها لا يصلح ان تكون معتبرة في الامور الجزئية فضلا عن تقديمها على نصوص الانبياء والمرسلين في الامور العظيمة من اصول الدين. ستة وسبعون ومئة وكثير من اذكياء اهل الباطل ورؤسائهم تراجعوا عن باطلهم واعترفوا بالضلال والحيرة فمنهم من وفق بعد ذلك لسلوك طرق اهل العلم والايمان فصار اماما في الهدى بعدما كان اماما في الضلال ومنهم من لم يتيسر له ذلك فاعترف ببطلان ما كان عليه اولا. وبقي على دين العجائز واهل الفطر الصحيحة وكثير منهم في طغيانهم يعمهون وفي غيهم يترددون. وذلك ان الهدى هو ما بعث الله به رسوله. فمن اعرض عنه لم يكن مهتديا كيف بمن عارضه بما يناقضه وقدم مناقضه عليه سبعة وسبعون ومئة. والمقصود هنا انه لو سوغ للناظرين ان يعرضوا عن كتاب الله ويعارضوه بارائهم ومعقولاتهم لم يكن هناك امر مضبوط يحصل لهم به علم ولا هدى. فان الذين سلكوا هذا السبيل لهم يخبر عن نفسه بما يوجب حيرته وشكه. والمسلمون يشهدون عليه بذلك. فثبت بشهادته واقراره على نفسه وشهادة المسلمين حين هم شهداء الله في الارض انه لم يظفر من اعرض عن الكتاب وعارضه بما يناقضه بيقين يطمئن اليه. ولا معرفة يسكن بها قلبه. والذين ادعوا في بعض المسائل ان لهم معقولا صريحا. يناقض الكتاب قابلهم اخرون من ذوي المعقولات. فقالوا ان قول هؤلاء معلوم بطلانه بصريح المعقول. فصار ما يدعى معارضة للكتاب والسنة من المعقول ليس فيه ما يجزم بانه معقول صحيح. اما بشهادة سادة اصحابه عليه وشهادة الامة واما بظهور تناقضهم ظهورا لا ارتياب فيه. واما لمعارضة اخرين من اهل هذه المعقولات له بل من تدبر ما يعارضون به الشرع من العقليات وجد ذلك مما يعلم بالعقل الصريح بطلانه. والناس اذا تنازعوا في المعقول لم يكن قول طائفة لها مذهب حجة على الاخرى. بل يرجع في ذلك الى الفطر السليمة التي لم تتغير باعتقاد يغير فطرتها اه ولا هوى فامتنع حينئذ ان يعتمد على ما يعارض الكتاب من الاقوال التي يسمونها معقولات. وان كان ذلك قد قالته طائفة كبيرة غيرة لمخالفة طائفة كبيرة لها. ولم يبق الا ان يقال ان كل انسان له عقل فيعتمد على عقل نفسه وما وجده معارضا وللرسول من رأيه خالفه وقدم رأيه على نصوص الانبياء صلوات الله وسلامه عليهم ومعلوم ان هذا اكثر ضلالا واضطرابا اذا كان فحول النظر واساطين الفلسفة الذين بلغوا في الذكاء والنظر الى الغاية. وهم ليلهم ونهارهم يكدحون في معرفة هذه العقليات. ثم يصل الى معقول صريح يناقض الكتاب. بل اما الى حيرة وارتياب واما الى اختلاف بين الاحزاب. فكيف غير هؤلاء ممن لم يبلغ مبلغهم في الذهن والذكاء. ومعرفة ما سلكوه في العقليات. فهذا وامثاله مما يبين ان من اعرض عن الكتاب وعارضه بما يناقضه لم يعارضه الا بما هو جهل بسيط او جهل مركب. فالاول كسراب بقيعة يحسبه الظمأ ووجد الله عنده فوفاه حسابه. والله سريع الحساب والثاني كظلمات في بحر يغشاه موج من فوقه ظلمات بعضها فوق بعض اذا اخرج يده لم يكد يراها. ومن لم يجعل الله له نور فما له من واصحاب القرآن والايمان في نور على نور. ثم ذكر الايات المتعلقة بذلك ثمانية وسبعون ومئة ناقضون في العقليات من هؤلاء. قد يكون كلا الاعتقادين باطلا. وقد يكون الحق فيه تفصيل يبين ان مع هؤلاء حقا وباطلا ومع هؤلاء حقا وباطلا. الحق الذي مع كل منهما هو الذي جاء به الكتاب الذي يحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه. تسعة وسبعون سبعون ومئة. الايات والبراهين دالة على صدق الرسل. وانهم لا يقولون على الله الا الحق. وانهم معصومون فيما يبلغون عن الله من من الخبر والطلب لا يجوز ان يستقر في خبرهم عن الله شيء من الخطأ. كما اتفق على ذلك جميع المقرين بالرسل من المسلمين واليهود النصارى وغيرهم فوجب ان جميع ما يخبر به الرسول عن الله صدق وحق لا يجوز ان يكون في ذلك شيء مناقض بدليل عقلي ولا سمعي. فمتى علم المؤمن بالرسول انه اخبر بشيء من ذلك جزم جزما قاطعا انه حق. وانه لا يجوز ان يكون في الباطن بخلاف ما اخبر به. وانه يمتنع ان يعارضه دليل قطعي ولا عقلي ولا سمعي. وان كل ما ظن انه عارضه من ذلك فان كما هو حجج ضاحضة وشبه من جنس شبه السفسطائية. واذا كان العقل العالم بصدق الرسول قد شهد له بذلك وانه يمتنع ان عارض خبره دليل صحيح كان هذا العقل شاهدا بان كلما خالف خبر الرسول فهو باطل. فيكون هذا العقل والسمع جميعا شهد يا ببطلان العقل المخالف للسمع. ثمانون ومئة. والكلام هنا انما هو لمن علم ان الرسول صادق. وان ما جاء به ثابت. وان اخباره لنا شيء يفيد تصديقنا بثبوت ما اخبر به. فمن كان هذا معلوما له امتنع ان يجعل العقل مقدما على خبر الرسول صلى الله عليه وسلم واما من افصح بحقيقة قوله وقال ان كلام الله ورسوله في التوحيد وامور الغيب لا يستفاد منه علم بالحقيقة فهذا لكلامه في مقام آخر واحد وثمانون ومئة. ففي الجملة لا يكون الرجل مؤمنا حتى يؤمن بالرسول ايمانا جازما. ليس مشروطا بعدم عارض. فمتى قال اؤمن بخبره الا ان يظهر له معارض يدفع خبره لم يكن مؤمنا به. اثنان وثمانون ومئة. العلوم ثلاثة اقوال منها ما لا يعلم الا بالعقل ومنها ما لا يعلم الا بالسمع ومنها ما يعلم بالسمع والعقل. ثلاثة وثمانون ومئة وطرق العلم ثلاثة الحس والعقل والمركب منهما كالخبر. فمن الامور ما لا يمكن علمه الا بالخبر كما يعلمه كل شخص دار الصادقين كالخبر المتواتر. وما يعلم بخبر الانبياء صلوات الله وسلامه عليهم اجمعين. وهذا التقسيم يجب الاقرار به. وقد قامت الادلة اليقينية على نبوات الانبياء. وانهم قد يعلمون بالخبر ما لا يعلم الا بالخبر. كذلك يعلمون غيرهم بخبرهم. ونفس النبوة تتضمن الخبر فان النبوة مشتقة من الانباء وهو الاخبار بالمغيب. فالنبي يخبر بالغيب ويمتنع ان يقوم دليل صحيح على ان كل ما اخبر به الانبياء يمكن معرفته بدون الخبر. فلا يمكن ان يجزم بان كل ما اخبرت به الانبياء يمكن غيرهم ان يعرفوا بدون خبرهم. ولهذا كان اكمل الامم علما المقرون بالطرق الحسية والعقلية والخبرية. فمن كذب بطريق منها فاته من العلوم بحسب ما كذب به من تلك الطرق. اربعة وثمانون ومئة. وجماع هذا ان يعلم ان المنقول عن الرسول صلى الله عليه وسلم شيئان الفاظه وافعاله ومعاني الفاظه ومقاصده بافعاله. وكلاهما منه ما هو متواتر عند العامة والخاصة. ومنه ما يختص بعلمه بعض الناس وان كان عند غيره مجهولا او مظنونا ومكذوبا به. واهل العلم باقواله كاهل العلم بالحديث والتفسير المنقول والمغازي والفقه يتواتر عندهم من ذلك ما لا يتواتر عند غيرهم ممن لم يشركهم في علمهم. كذلك اهل العلم بمعاني القرآن والحديث والفقه في ذلك يتواتر عندهم من ذلك ما لا يتواتر عند غيرهم من معاني الاقوال والافعال المأخوذة عن الرسول. خمسة وثمانون ومئة. المعارضون لكلام الله ورسوله من المشهورين بالاسلام. ينتهي امرهم الى التأويل او التفويض. ستة وثمانون ومئة المقبول هو ما دل على مراد المتكلم ان لم يكن التأويل كذلك كان من باب التحريف والالحاد لا من باب التفسير وبيان المراد. واما التفويض فمن المعلوم ان الله امرنا ان نتدبر القرآن وحضنا على عقله وفهمه ومعرفته سبعة وثمانون ومئة. وحقيقة قول طائفتين ان المخاطب لنا لم يبين الحق ولا اوضحه مع امره لنا ان نعتقده بل دل ظاهره على الكفر والباطل واراد منا الا لنفهم منه شيئا او نفهم منه ما لا دليل عليه فيه. وهذا مما يعلم بالاضطرار تنزيه الله ورسوله عنه. وانه من جنس اقوال اهل الريفي والالحاد. وبهذا احتج عليهم زنادقة الفلاسفة والزموهم بطرد هذا في المعادي وغيره. فلو امنوا بالكتاب كله حق الايمان لبطلت عارضتهم فدحضت حجتهم ثمانية وثمانون ومئة. ما هو مطلق كلي في اذهان الناس؟ لا يوجد الا معينا مشخصا مخصوصا خصوصا متميزا في الاعيان وانما سمي كليا لكونه في الذهن كليا. واما في الخارج فلا يكون في الخارج ما هو كلي اصلا. وهذا الاصل ينفع في عامة العلوم. فلهذا يتعدد ذكره في كلامنا بحسب الحاجة اليه. فيحتاج ان يفهم في كل موضع يحتاج اليه في وبسبب الغلط فيه ظل طوائف من الناس حتى في وجود الرب تسعة وثمانون ومئة. كل من تكلم بالفاظ لم ترد في الكتاب والسنة نفيا او اثباتا فان كان في مقام دعوة الناس الى قوله والزامهم به امكن ان يقال لهم لا يجب على احد ان يجيب داعيا الا الى ما دعا اليه رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولو كان ذلك المعنى حقا. تسعون ومئة. وان كان المناظر معارضا شرع بما يذكره من هذه الالفاظ استفسر عن مراده بذلك. ان اراد معنى صحيحا قبل وان اراد باطلا رد. وان اشتمل على حق وباطل قبل ما فيه من الحق ورد الباطل. واحد وتسعون ومئة. ويقال لمن يتقيد بالشريعة اطلاق هذه الالفاظ نفيا واثباتا بدعة. وفي كل من الاثبات والنفي تلبيس. وانما العصمة في اطلاق الفاظ الشارع في الكتاب والسنة. اثنتان وتسعون ومئة. نعلم ان كل حق يحتاج الناس اليه في اصول دينهم لابد ان يكون مما بينه الرسول. اذ كانت فروع الدين لا تقوم الا باصوله. فكيف يجوز ان يترك الرسول اصول الدين التي لا يتم الايمان الا بها لا يبينها للناس. ومن هنا يعرف ضلال من ابتدع طريقا او اعتقادا زعم ان الايمان لا يتم الا به. مع العلم بان الرسول لم يذكره. فهذا الاصل مما احتج به علماء السنة على من دعاهم الى قول وغيرهم ثلاثة وتسعون ومئة والانسان في نظره مع نفسه ومناظرته غيره اذا اعتصم بالكتاب والسنة هداه الله الى صراط المستقيم. اربعة وتسعون ومئة. واما اذا كان الانسان في مقام الدعوة لغيره والبيان له في مقام النظر ايضا. فعليه ان يعتصم ايضا بالكتاب والسنة ويدعو الى ذلك. وله ان يتكلم مع ذلك ويبين الحق الذي جاء به الرسول بالاقيسة العقلية والامثال المضروبة فهذه طريقة الكتاب والسنة وسلف الامة فان الله ضرب الامثال في كتابه وبين بالبراهين العقلية توحيده وصدق رسله وامر المعادي وغيره في ذلك من اصول الدين. واجاب عن معارضة المشركين كما قال تعالى ولا يأتونك بمثل الا جئناك بالحق واحسن تفسيرا. وكذلك كان الرسول صلى الله عليه وسلم في مخاطباته خمسة وتسعون ومئة. واذا كان المتكلم في مقام الاجابة لمن عارضه بالعقل وادعى ان العقل يعارض النصوص فانه قد يحتاج الى حل شبهته وبيان بطلانها بابطال الواضحات والاستفصال عن المجتمع من الالفاظ واستفسار صاحبها ماذا يريد بها. فان اراد بها حقا قبل او باطلا رد. وان اراد حقا وباطلا قبل الحق ورده الباطل ستة وتسعون ومئة. والاصل في هذا الباب ان الالفاظ نوعان نوع مذكور في كتاب الله وسنة رسوله. وكلام اهل الاجماع فهذا يجب اعتبار معناه وتعليق الحكم به. وان كان مدحا استحق صاحبه المدح. وان كان ذما استحق الذم. وان اثبت شيئا وجب اثباته وان نفى شيئا وجب نفيه لان كلام الله حق وكلام رسوله حق وكلام اهل الاجماع حق. وذلك كما ذكر الله في كتابه من اسمائه صفاته وافعاله او ذكره ورسوله. ومن دخل في اسم مذموم في الشرع كان مذموما. كاسم الكافر والمنافق الملحد ونحو ذلك. ومن دخل في من محمود في الشرع كان محمودا كاسم المؤمن والتقي والصديق ونحو ذلك. واما الالفاظ التي ليس لها اصل في الشرع فتلك لا يجوز تعليق المدح الذم والاثبات والنفي على معناها الا ان يبين انه يوافق الشرع. والالفاظ التي تعارض بها النصوص هي من هذا الضرب كلفظ الجسم والحي والجهة والجوهر والعرض ونحوها. سبعة وتسعون لا كفر بمخالفة العقليات مهما كانت. وانما يكون الكفر بتكذيب الرسول فيما اخبر به او الامتناع عن متابعته مع العلم بصدقه. وفي الجملة فالكفر متعلق بما جاء به الرسول. ثمانية وتسعون ومئة فلا ايمان مع تكذيب الرسول ومعاداته ولا كفر مع تصديقه وطاعته. تسعة وتسعون ومئة. واهل البدع يبتدعون بدعا تخالف الكتاب والسنة ويكفرون من خالفهم مئتان ومن اراد ان يناظر مناظرة شرعية بالعقل الصريح فلا يلتزم لفظا بدعية ولا يخالف دليل شرعيا ولا عقليا فانه يسلك طريق اهل السنة والحديث والائمة الذين لا يوافقون على اطلاق النفي والاثبات في الالفاظ التي لا توجد يوجد في الكتاب والسنة بل يستفصلون ويستفسرون كما تقدم واحد ومائة. اهل البدع من الجهمية ونحوهم في تحريفهم لنصوص الصفات ارتكبوا اعظم عظائم ردهم لنصوص الانبياء ردهم لما يوافق ذلك من عقول العقلاء وجعل ما خالف ذلك من اقوالهم المجملة الباطلة هي اصول الدين وتكفيرهم او تفسيقهم او تخطيئتهم لمن خالف هذه الاقوال المبتدعة المخالفة للعقل والنقل. واما اهل العلم الايمان فهم على نقيض هذه الحال يجعلون كلام الله ورسوله هو الاصل الذي يعتمد عليه. اليه يرد ما تنازع الناس فيه. فما وافقه كان حقا وما خالفه كان باطلا. ومن كان قصده متابعته من المؤمنين. واخطأ بعد اجتهاده الذي استفرغ فيه وسعه غفر الله له خطأه. سواء ان كان خطأه في المسائل العلمية الخبرية او المسائل العملية. اثنان ومئتان. القرمطة في السمعيات والصفصفة في العقليات هما اجمع الكذب والبهتان. ثلاثة ومئتان. اذا خاطبنا الرسول صلى الله عليه وسلم فعلينا ان نتأدب بادب الله لنا. حيث قال لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا. فلا نقول يا محمد يا احمد بل نقول يا رسول الله يا نبي الله واذا كنا في مقام الاخبار عنه قلنا اشهد ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله فرق بين مقام المخاطبة ومقام الاخبار فرق ثابت بالشرع والعقل. وبه يظهر الفرق بينما يدعى الله به من الاسماء الحسنى. وبينما يخبر عنه عز وجل بما هو حق ثابت لاثبات ما يستحقه من صفات الكمال. ونفي ما ينزه عنه من العيوب والنقائص. اربعة ومئتان ولفظ التسلسل يراد به التسلسل في العلل والفاعلين والمؤثرات. بان يكون للفاعل فاعل. وللفاعل فاعل الى ما لا نهاية له. وهذا متفق على امتناعه عند العقلاء. والثاني التسلسل في الاثار بان يكون الحادث الثاني موقوفا على حادث قبله. وذلك الحادث موقوف حادث قبله وهلم جرة. فهذا في جوازه قولان مشهوران للعقلاء وائمة السنة والحديث مع كثير من النظار اهل الكلام فلاسفة يجوزون ذلك. وعلى هذا دلالات الكتاب والسنة الكثيرة والعقل الصحيح. واما التسلسل في الشروط ففيه قولان مشهوران والصواب المنع كالتسلسل في العلل. خمسة ومئتان. وينبني على القول بجواز التسلسل في الاثار الذي هو الصواب المقطوع به. ان الله الله لم يزل متكلما فعالا بما يريد ولا يزال كذلك ستة ومئتان. قد ثبت بالسمع اتصاف الباري بالافعال الاختيارية القائمة بها كالاستواء على العرش والقبض والبزق والنزول والخلق والرزق. المتعلقة بنفسه والمتعدية الى الخلق. والفعل المتعدي واللازم لابد ان يقوم بالفاعل ويمتنع عقلا وشرعا ان يقوم بغيره في الحالين. وهذه الافعال الاختيارية تبع لقدرته ومشيئته. فما شاء فقاله وتكلم به وما شاء فعله في الحال والماضي والمستقبل هذا اصل متفق عليه بين السلف وعليه دل الكتاب والسنة سبعة ومئة من القضايا الكلية الضرورية ان كل محدث لابد له من محدث. وكل مفعول ومصنوع لابد له من فاعل وصانع. وكل ممكن لابد له من واجب والاية والدلالة يجب ان يكون ثبوتها مستلزما لثبوت المدلول الذي هو اية له وعلامة عليه الى ان تندرج تحت قضية كلية. واذا كان كذلك فجميع المخلوقات مستلزمة للخالق بعينه. وكل منها يدل بنفسه على انه محدثا بنفسه والعلم بافراد ذلك لا يحتاج الى العلم بالقضية الكلية. وهو ان كل محدث فلابد له من محدث. ثمانية ومئتان. فالفعل الزم القدرة والاحكام يستلزم العقل والتخصيص يستلزم الارادة وحسن العاقبة يستلزم الحكمة. ولهذا كانت المخلوقات ايات عليه وسلم سماها الله ايات تسعة ومئتان الاقرار بالصانع ضروري فطري. فانه لا شيء احوج الى شيء من المخلوق للخالق. فهم يحتاجون اليه من جهة ربوبيته. اذ كان هو الذي خلقهم وهو الذي يأتيهم بالمنافع ويدفع عنهم المضار. وكل ما يحصل من احد فانه ما هو بخلقه وتقديره وتسبيه وتيسيره. وهذه الحاجة التي توجب رجوعهم اليه حال اضطرارهم. كما يخاطبهم بذلك في كتابه محتاجون اليه من جهة الوهيته. فانه لا صلاح لهم الا ان يكون هو معبودهم الذي يحبونه ويعظمونه. ولا يجعلون له اندادا يحبونهم كحب الله. بل يكون ما يحبون كانبيائه وصالحي عباده. انما يحبونهم لاجله. ومعلوم ان السؤال والحب والذل والخوف الرجاء والتعظيم والاعتراف بالحاجة والافتقار ونحو ذلك مشروط بالشعور بالمسؤول المحبوب المرجو المخوف المعظم الذي تعترف النفوس بالحاجة اليه والافتقار الذي تواضع كل شيء لعظمته. واستسلم كل شيء لقدرته. وذل كل شيء لعزته. فاذا كانت هذه الامور مما تحتاج النفوس اليها ولابد لها منها بل هي ضرورية فيها. كان شرطها ولازمها هو الاعتراف بالصانع والاقرار به اولى ان يكون ضروري في النفوس واصل الايمان قول القلب وعمله. اي علمه بالخالق وعبوديته للخالق. والقلب مفطور على هذا وهذا. عشرة ومئتان الطريقة الشرعية تتضمن الخبر بالحق والتعريف بالطريق الموصلة اليه النافعة للخلق. واما الكلام على كل ما يخطر ببال كل احد من الشبهات السفسطائية فهذا لا يمكن ان يبينه خطاب على وجه التفصيل. والعلوم الفطرية الضرورية حاصلة مع صحة الفطرة وسلامها وقد يعرض للفطرة ما يفسدها ويمرضها فيرى الحق باطلا كما في البدن. والقرآن فيه شفاء لما في الصدور من الامراض. والنبي صلى الله عليه فيه وسلم علم ان وسواس التسلسل في الفاعل يقع في النفوس. وانه معلوم الفساد بالضرورة. فامر عند وروده بالاستعاذة بالله منه والانتهاء كما في حديث ابي هريرة المعروف لا يزال الناس يتسائلون حتى يقولوا هذا الله خلق الخلق فمن خلق الله. فمن وجد شيئا من ذلك قل امنت بالله وليستعذ بالله ولينتهي. وهذا مجامع البراهين التي يرجع اليها غاية النظار. فامر بالاستعاذة وامر بالانتهاء. ثم ما ارشده الى الايمان الذي فيه حفظ الاصل الديني ودفع المعارض. فعالجه بالانتهاء الذي فيه دفع التسلسل في الفاعل. وبالاستعاذة التي فيها اللجوء الى الله بدفع الشيطان الموسوس بهذه الوساوس الباطلة ثم ليقل امنت بالله وهذا من باب دفع الضد بضد نافع فان قوله امنت بالله يدفع عن قلبه الوسواس الفاسد احد عشر ومائتان. ومما ينبغي ان يعلم ان كثيرا من العلوم تكون ضرورية فطرية. فاذا طالب المستدل ان تدل عليها خفيت ووقع فيها الشك. اما لما في ذلك من تطويل المقدمات. واما لما في ذلك من خفائها. واما لما في ذلك من كلا الامرين والمستدل قد يعجز عن نظم دليل على ذلك. اما لعجزه عن تصوره واما لعجزه عن التعبير عنه. واما لعجزه عن دفع الشبهات المعارضة اما في المستدل واما في السامع اثنى عشر ومئتان. كلما كانت حاجة الناس الى معرفة الشيء وذكره اشد واكثر كانت به وذكرهم له اعظم واكثر. وكانت طرق معرفته اظهر واكثر. وكانت الاسماء المعرفة له اكثر وكانت على معانيه ادل ولما كانت حاجة النفوس الى معرفة ربها اعظم الحاجات. كانت طرق معرفتهم له اعظم من طرق معرفة ما سواه. وكان ذكرهم اعظم من ذكرهم لاسماء ما سواه. وله سبحانه في كل لغة اسماه. وله في اللغة العربية اسماء كثيرة. والصواب الذي عليه جمهور العلماء انها لا تنحصر في تسعة وتسعين كما في احاديث اخر. ثلاثة عشر ومئتان. اذا عرضنا على العقل الصريح ذاتا لا علم لها ولا قدرة ولا حياة ولا تتكلم ولا تسمع ولا تبصر. ولا تقبل الاتصاف بهذه الصفات. وذات موصوفة بالحياة والعلم والقدرة السلام والمشيئة. كان صريح العقل قاضيا بان المتصفة بهذه الصفات التي هي صفات الكمال بل القابلة للاتصاف بها اكمل من ذات لا تتصف بهذه ولا تقبل الاتصاف بها. ومعلوم بصريح العقل ان الخالق المبدع لجميع الذوات وكمالاتها احق بكل كمال واحق بالكمال الذي باين به جميع الموجودات. وهذا الطريق ونحوه مما سلكه اهل الاثبات للصفات. فيقال واذا عرضنا على العصر العقل الصريح ذات لا فعل لها ولا حركة. ولا تقدر ان تصعد ولا تنزل. ولا تأتي ولا تجيء ولا تقرب ولا تقبض ولا تطوي ولا شيئا بفعل يقوم بها وذات تقدر على هذه الافعال وتحدث الاشياء بفعل لها. كانت هذه الذات اكمل فان تلك كالجمادات او كالحي الزمني المجدع والحي اكمل من الجمادات والحي القادر على العمل اكمل من العاجز عنه. هذا اخر ما يسر الله نقله من كتاب العقل والنقل ستة عشر ومن كتاب منهاج السنة اربعة عشر ومئتان. هجران اهل البدعة وترك عيادتهم وتشييع جنازتهم من باب العقوبات الشرعية وهو يختلف باختلاف الاحوال من قلة البدعة وكثرتها وظهور السنة وخفائها. وان المشروع هو التأليف تارة وجران اخرى كما كان صلى الله عليه وسلم يفعله. لان المقصود دعوة الخلق باقرب طريق الى طاعة الله. فيستعمل الرغبة حيث تكون اصلح والرهبة حيث تكون اصلح وهو صلى الله عليه وسلم امره شامل عام لكل مؤمن شهده او غاب عنه في حياته وبعد مماته. واذا امر اناسا معينين بامور وحكم في اعيان معينة باحكام لم يكن حكمه وامره مختصا بتلك المعينات بل كان ثابتا في نظائفه وامثالها الى يوم القيامة خمسة عشر ومئتان. والقول كل ما كان افسد في الشرع كان افسد في العقل. فان الحق لا يتناقض. والرسل انما اخبرت بحق والله فطر عباده على معرفة الحق. والرسل بعثت بتكميل الفطرة لا بتغيير الفطرة. قال الله تعالى سنريد اياتنا في الافاق وفي انفسهم حتى يتبين لهم انه الحق فاخبر انه سيريهم الايات الافقية والنفسية المبينة. لان القرآن الذي اخبر به عباده حقا فتتطابق الدلالة البرهانية قرآنية والبرهانية العيانية. ويتصادق موجب الشرع المنقول والنظر المعقول. ستة عشر ومئتان. والنص والعقل دل على ان كل ما سوى الله مخلوق حادث كائن بعد ان لم يكن ولكن لا يلزم من حدوث كل فرد فرد. مع كون الحوادث متعاقبة حدوث النوع فلا يلزم من ذلك ان يكون الفاعل المتكلم معطلا عن الفعل والكلام. ثم حدث ذلك بالسبب كما لم يلزم ذلك في ان كل فرد فرد في المستقبلات المنقضية فان وليس النوع فانية. سبعة عشر ومئتان. اهل السنة يقولون ينبغي ان من الاصلح للولاية اذا امكن اما وجوبا او استحبابا. ومن عدل عن الاصلح مع القدرة لهوى فهو ظالم. ومن كان عاجزا عن توليته الاصلح مع محبته لذلك فهو معذور. ويقولون من تولى فانه يستعان به على طاعة الله بحسب الامكان. ولا يعان الا على طاعة الله ولا يستعان به على معصية الله. ولا يعان على معصية الله. ثماني عشرة ومئتين من طرق المناظرة ان يقع التفضيل بين طائفتين ومحاسن احداهما اكثر واعظم. ومساوئها اقل واصغر. فاذا ذكر ما فيها من ذلك عرض بان مساوئ فتلك اعظم كقوله يسألونك عن الشهر الحرام. وان كان كل الطائفتين ممدوحا لا يستحق الذم. بل هناك شبه كن في الموضعين وادلة في الموضعين وادلة احد الصنفين اقوى واظهر وشبهته اضعف واخفى فيكون اولى بثبوت الحق ممن كونوا ادلته اضعف وشبهته اقوى. وهذا حال النصارى واليهود مع المسلمين. وهو حال اهل البدع مع اهل السنة. تسعة عشر ومائتان والله سبحانه بعث الرسل بما يقتضي الكمال من اثبات اسمائه وصفاته على وجه التفصيل والنفي على طريق الاجمال للنقص فالرب تعالى موصوف بصفات الكمال التي لا غاية فوقها. منزه عن النقص بكل وجه. ممتنع ان يكون له مثل في شيء من صفات كمال فاما صفات النقص فهو منزه عنها مطلقا. واما صفات الكمال فلا يماثله بل ولا يقاربه فيها شيء من الاشياء يجمعه نوعان نفي النقص ونفي مماثلة غيره له في صفات الكمال. كما يدل على ذلك النصوص والعقل عشرون ومئتان واسماؤه سبحانه تتضمن صفاته ليست اعلاما محضة. وهو مستحق للكمال المطلق. لانه واجب الوجود بنفسه. يمتنع العدم عليه ويمتنع ان يكون مفتقرا الى غيره بوجه من الوجوه. اذ لو افتقر الى غيره بوجه من الوجوه فكان مفتقرا الى ذلك الغير. والحاجة اما لحصولك مال له واما الى دفع ما ينقص كماله. ومن احتاج في شيء من كماله الى غيره لم يكن كماله موجودا بنفسه بل بذلك الغير هو بدون ذلك الكمال ناقص. والناقص لا يكون واجبا بنفسه. بل ممكنا مفتقرا الى غيره. واحد وعشرون ومئتان. فاي شيء اعتبرته من العالم وجدته مفتقرا الى شيء اخر من العالم فيدل كذلك مع كونه ممكنا مفتقرا ليس بواجب بنفسه الى ان انه مفتقر الى فاعل ذلك الاخر. حتى ينتهي الامر الى الرب الخالق لكل شيء. ويمتنع ان يكون للعالم فاعلان. مفعول كل منهما مستغن عن مفعول الاخر. كما قال تعالى ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من اله اه ويمتنع ان يكونا مستقلين بانه جمع بين النقيضين. ويمتنع ان يكونا متعاونين متشاركين. كما يوجد ذلك في المخلوقين باستلزام ذلك العجز والحاجة الى الاخر اثنان وعشرون ومئتان. وهو تعالى مستحق للكمال الذي لا غاية فوقه. كل غاية تفرض كما فلن اما ان تكون واجبة له او ممكنة او ممتنعة. والقسمان الاخيران باطلان. فوجب الاول فهو منزه عن النقص وعن مساواة شيء من الاشياء له في صفات الكمال. بل هذه المساواة هي من النقص ايضا. وذلك لان المتماثلين يجوز على احدهما ما يجوز على الاخر ويجب له ما يجب لها ويمتنع عليه ما يمتنع عليه. فلو قدر انه ماثل شيئا في شيء من الاشياء فلزم اشتراكهما فيما يجب ويجوز ويمتنع على ذلك الشيء. وكل ما سواه ممكن قابل للعدم بل معدوم مفتقر الى فاعل. وهو مصنوع مربوب محدث. فلو ماثله ولزم اشتراكهما في هذه الامور. فقد بين ان كماله من لوازم ذاته لا يمكن ان يكون مفتقرا فيه الى غيره. فضلا عن ان يكون ممكنا او نوعا او محدثا ثلاثة وعشرون ومئتان. واما المخالفون للرسل من المشركين والصابئة ومن اتبعهم من الجهمية والفلاسفة والمعتز ونحوهم. فطريقتهم نفي مفصل واثبات مجمل. ينفون صفات الكمال ويثبتون ما لا يوجد الا في الخيال. فيقولون ليس بكذا ولا فبكذا الى اخر ما يقولون اربعة وعشرون ومئتان. والله سبحانه ضرب الامثال في كتابه لما في ذلك من البيان. والانسان لا يرى نفسه واعماله الا اذا مثلت له نفسه بان يراها في مرآه وتمثل له اعماله باعمال غيره. ولهذا ضرب الملكان المثل لداود وضرب امثال مما يظهر به الحال وهو القياس العقلي الذي يهدي به الله من يشاء من عباده. خمسة وعشرون ومئتان. العبد كماله في حاجته الى ربه وعبوديته وفقره وفقته كلما كانت عبوديته اكمل كان افضل وصدور ما يحوجهه الى التوبة مما يزيده عبودية فقرا وتواضعا. ستة وعشرون ومئتان. ومن اراد ان يمدح او يذم فعليه ان يبين دخول الممدوح والمذموم في الاسماء التي علق الله ورسوله عليها المدح والذم. فاما اذا كان الاسم ليس له اصل في الشرع. ودخول الداخل فيه مما ينازع فيه المدخل. بطلت كل من المقدمات مئتين سبعة وعشرون ومئتان. فعل الحسنات له اثار محمودة في النفس وفي الخارج. وكذلك السيئات. والله تعالى جعل الحسنات سببا هذا والسيئات سببا لهذا. كما جعل اكل السم سببا للمرض والموت. واسباب الشر لها اسباب تدفع بمقتضاها. فالتوبة والاعمال الصالحة وان الظالمين لفي شقاق وليعلم الذين اوتوا العلم انه الحق من ربك فيؤمن به فتخبت له قلوبهم لهادي الذين امنوا الى صراط جعل الله القلوب ثلاثة اقسام. قاسية وذات مرض ومؤمنة ومخبتة. وذلك ان تمحى بها السيئات والمصائب في الدنيا تكفر بها السيئات. ثمانية وعشرون ومئتان. ومن العلوم علوم لو علمها كثير من الناس لضرهم ذلك ونعوذ بالله من علم لا ينفع وليس اطلاع كثير من الناس بل اكثرهم على حكمة الله في كل شيء نافعا لهم. بل قد يكون ضارا قال تعالى لا تسألوا عن اشياء ان تبدلكم تسؤكم تسعة وعشرون ومئتان والاحتجاج بالقدر بحجة داحضة باطلة باتفاق كل ذي عقل ودين من جميع العاملين. والمحتج به لا يقبل من غيره هذه الحجة. اذا احتج به في ظلم ظلمه اياه وترك ما يجب عليه من حقوقه. بل يطلب منه ما له عليه. ويعاقبه على عدوانه عليه. وانما هو من جنس شبه السفسطائية التي تعرض في العلوم ولا يحتج به احد الا مع عدم علمه بالحجة بما فعله. اذا كان معه علم بان ما فعله هو المصلحة وهو مأمور وهو الذي ينبغي فعله لم يحتج بالقدر. وكذلك اذا كان معه علم بان الذي لم يفعله ليس عليه ان يفعله او ليس بمصلحة او ليس هو ومأمورا به لم يحتج بالقدر بل اذا كان متبعا لهواه بغير علم احتج بالقدر ثلاثون ومئتان. فالرسل صلوات الله عليهم بعثوا وبتحصيل المصالح وتكميلها وتعطيل المفاسد وتقليلها. فاتباع الرسل اكمل الناس في ذلك. والمكذبون للرسل انعكس الامر في حقهم فصاروا يتبعون المفاسد ويعطلون المصالح فهم شر الناس. واحد وثلاثون ومئتان. تكليف ما لا يطاق على وجهين. الاول ما لا فيطاق للعجز عنه كتكليف الزمة المشي وتكليف الانسان الطيران وتكليف ذلك ونحو ذلك. فهذا غير واقع في الشريعة. والثاني فيما لا يطاق للاشتغال بضده كاشتغال الكافر بالكفر. وهذا واقع ولا ينبغي ان يعبر عنه انه لا يطاق. اثنان وثلاثون ومئتان اهل السنة يقولون ان العبد له قدرة وارادة وفعل وهو فاعل حقيقة. والله خالق ذلك كله. كما هو خالق كل شيء. كما دل على هذين الاصلين نصوص الكتاب والسنة وهو الواقع. وفعل العبد حادث ممكن. فيدخل في عموم خلق الله للحوادث. واتفق اهل السنة ان الله خص المؤمنين بنعمة دون الكافرين بان هداهم للايمان. ولو كانت نعمته على المؤمنين مثل نعمته على الكافرين لم يكن المؤمن مؤمنا كما قال تعالى ولكن الله حبب اليكم الايمان وزينه في قلوبهم وكره اليكم الكفر والفسوق والعصيان. اولئك هم الراشدون الله خالق الملائكة والانبياء. وخالق الشياطين والحيات والعقارب وغيرها من الفواسق. فهذا محمود معظم هذا فاسق يقتل في الحل والحرم. هو سبحانه خالق في هذا طبيعة كريمة تقتضي الخير والاحسان. وفي هذا طبيعة خبيثة تو الشر والعدوان اربعة وثلاثون ومئتان. الارادة في كتاب الله نوعان. واحد ارادة تتعلق بالامر اثنان وارادة قادة تتعلق بالخلق. فالارادة المتعلقة بالامر ان يريد من العبد فعل ما امره. واما ارادة الخلق فان يريد ما يفعله هو. فارادة الامر هي المتضمنة للمحبة والرضا. وهي الارادة الدينية والارادة المتعلقة بالخلق هي المشيئة. وهي الارادة الكونية القدرية. الكفر السوق والعصيان ليس مرادا للرب بالاعتبار الاول والطاعة موافقة لتلك الارادة او موافقة للامر المستلزم لتلك الارادة فاما موافقة مجرد النوع الثاني فلا يكون به مطيعا. خمسة وثلاثون ومئتان. وكما على العبد ان يؤمن بقدر الله وقضائه فعليه ان يوافي الله في حبه وبغضه. فقضاء الشرور من جهة خلقة الرب لها محبوبة مرضية. لان الله خلقها لما له في ذلك من الحكمة. والعبد وهي ضارة له موجبة له العذاب. فنحن ننكرها ونكرهها وننأى عنها. واذا ارسل الله الكافرين على المسلمين. فعلينا ان نرضى بقضاء الله في ارسالهم وعلينا ان نجتهد في دفعهم وقتالهم. واحد الامرين لا ينافي الاخر ستة وثلاثون ومئتان. اهل السنة متفقون على ان الانبياء معصومون في تبليغ الرسالة. ولا يجوز ان يستقر في شيء من الشريعة خطأ باتفاق المسلمين. فكل ما يبلغونه عن الله من الامر والنهي فهم مطاعون فيه باتفاق المسلمين. وما اخبروا به وجب تصديقهم فيه باجماع المسلمين. وما امروهم به ونهوهم عنه فهم مطاعون فيه عند جميع فرق الامة. والجمهور الذين يجوزون عليهم الصغائر. ومن يجوز الكبائر يقول انهم لا يقرون عليها فليحصل لهم بالتوبة منها من المنزلة اعظم مما كان قبل ذلك. سبعة وثلاثون. والقياس نوعان مذموم اما لفوات شرطه وهو عدم المساواة في مناطق الحكم واما لوجود مانعه وهو النص الذي يجب تقديمه عليه. وصحيح محمود وهو الذي يستوي فيه الاصل في مناطق الحكم ولم يعارضه ما هو ارجح منه. ثمانية وثلاثون ومئتان. الصديق قد يراد به الكامل في الصدق. وقد يراد به في التصديق. فكمال ذلك علم ما اخبر به النبي صلى الله عليه وسلم جملة وتفصيلا. وتصديق ذلك تصديقا كاملا في العلم والقصد والقول والعمل واكمل الناس في هذا الوصف ابو بكر الصديق رضي الله تعالى عنه تسعة وثلاثون ومئتان. فمن تكلم في هذا الباب اي الصحابة او القدح فيهم بجهل او بخلاف ما يعلم كان مستوجبا للوعيد. ولو تكلم بحق لقصد الهوى لا لوجه الله او ليعاد به حقا اخر لكان ايضا مستوجبا للذم والعقاب. ومن علم ما يدل عليه القرآن والسنة من الثناء على القوم ورضا الله عنهم استحقاقهم الجنة وانهم خير هذه الامة التي اخرجت للناس لم يعارض هذا المتيقن المعلوم بامور مشتبهة منها ما لا يعلم صحته ومنها ما يتبين كذبه ومنها ما لا يعلم كيف وقع ومنها ما يعلم عذر القوم فيه ومنها ما يعلم توبتهم منه ومنها ما يعلم ان له من الحسنات ما يغمره. فمن سلك سبيل اهل السنة استقام قوله. وكان من اهل الحق والاستقامة والاعتدال. والا حصل في جهل ونقد وتنام كحال هؤلاء الرافضة الضلال اربعون ومئتان. والرجل الصالح المشهود له بالجنة قد يكون له سيئات يتوب منها او حسناته او تكفر عنه بالمصائب او غير ذلك. فان العبد اذا اذنب كان لدفع عقوبة النار عنه عشرة اسباب. ثلاثة منه ثلاثة من الناس وباقيها من الله التوبة والاستغفار والحسنات الماحية ودعاء المؤمنين واهداؤهم له العمل الصالح شفاعة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم والمصائب المكفرة في الدنيا وفي البرزخ وفي عرصات القيامة ومغفرة الله له بفضل رحمته واحد واربعون ومئتان ومما ينبغي ان يعلم ان الامة يقع فيها امور بالتأويل في دمائها واموالها واعراضها كالقتال واللعن تكفير وجماهير العلماء يقولون ان اهل العدل والبغاة اذا اقتتلوا بالتأويل لم يضمن هؤلاء ما اتلفوا لهؤلاء ولا هؤلاء ما اتلفوا لهؤلاء كما قال الزهري وقد وقعت الفتنة اصحاب محمد متوافرون. فاجمعوا ان كل دم او مال اصيب بتأويل القرآن فانه هدر. انزلوهم الجاهلية في الدماء والاموال. فكيف بالاعراض كاللعن والتكفير والتفسير؟ اثنان واربعون ومئتان. ومما ينبغي ان يعلم ان اسباب الفتنة الفتن تكون مشتركة. فيرد على القلوب من الواردات ما يمنع القلوب عن معرفة الحق وقصده. ولهذا تكون بمنزلة الجاهلية. والجاهلية ليس فيها معنى خليفة الحق وقصده والاسلام جاء بالعلم النافع والعمل الصالح بمعرفة الحق وقصده. ثلاثة واربعون ومئتان. ويترتب على هذا الاصل ان العظيم في العلم والدين من الصحابة والتابعين ومن بعدهم الى يوم القيامة قد يحصل منه نوع من الاجتهاد مقرونا بالظن ونوع من الهوى الخفي فيحصل بسبب ذلك ما لا ينبغي اتباعه فيه. وان كان من اولياء المتقين ويصير فتنة لطائفتين. طائفة عظيمة فتريد تصويب ذلك الفعل واتباعه عليه وطائفة تذمه فتجعل ذلك قادحا في ولايته وتقواه بل في بره وكونه من اهل الجنة بل في ايمانه حتى اخرجه من الايمان وكل هذين الطرفين فاسد. ومن سلك طريق الاعتدال عظم من يستحق التعظيم واحبه ووالاه واعطى الحق له يعظم الحق ويرحم الخلق. ويعلم ان الرجل الواحد تكون له حسنات وسيئات. فيحمد ويذم ويثاب ويعاقب. ويحب من وجه ابغض من وجه هذا هو مذهب اهل السنة والجماعة خلافا لاهل البدع من الخوارج والمعتزلة ونحوهم. اربعة واربعون ومئتان. الناس وتكلموا في تصويب المجتهدين وتخطئتهم وتأثيمهم وعدم تأثيمهم. ونحن نذكر اصولا جامعة نافعة. الاصل الاول هل يمكن كل احد ان يعرف باجتهاده الحق في كل مسألة فيها نزاع. واذا لم يمكنه فاجتهد فاستفرغ وسعه فلم يصل الى الحق. بل قال ما اعتقده انه هو الحق في نفس الامر هل يستحق ان يعاقب ام لا؟ هذا اصل هذه المسائل. ثم ذكر اقوال اهل البدع فيه. ثم قال ليس كل من اجتهد واستدل لا يتمكن من معرفة الحق ولا يستحق الوعيد الا من ترك مأمورا او فعل محظورا. وهذا قول الفقهاء والائمة. وان الناس يتفاوتون في معرفة الحق بحسب الاسباب التي يعرف بها الحق. ولا يعذب الله الا من عصاه بفعل محظور او ترك مأمور من غير فرق بين المسائل للاصولية والفروعية وكل ما ذكر من الفروق فانه غير صحيح. ولم يدل عليه كتاب ولا سنة. بل دلالتهما على عدم الفرق. ثم ذكر الادلة على ذلك خمسة واربعون ومئتان. فالمجتهد المستدل من امام محاكم وعالم وناظر ومناظر ومفت وغير ذلك فاجتهد واستدل واتقى الله ما استطاع. كان هذا هو الذي كلفه الله اياه. وهو مطيع لله مستحق للثواب اذا اتقاه ما استطاع. ولا الله البتة خلافا للجهمية المجبرة. وهو مصيب بمعنى انه مطيع لله. لكن قد يعلم الحق في نفس الامر وقد لا يعلمه خلافا القدرية ستة واربعون ومئتان. وهل تلزم الشرائع من لم يعلمها ام لا تلزم احدا الا بعد العلم بها. او يفرق بين الشرائع الناسخة والمبتدأة فيه ثلاثة اقوال. والصواب منها ان الحكم لا يثبت الا مع التمكن من العلم. وانه لا يقضى ما لا يعلم وجوبه. فالواجب مشروط بالقدرة والعقوبة لا تكون الا على ذنب بعد قيام الحجة. سبعة واربعون ومئتان. فاذا تشاجر مسلمان في قضية ومضت ولا تعلق للناس بها ولا يعرفون حقيقتها. كان كلامهم فيها كلاما بلا علم ولا عدل يتضمن اذاهم بغير حق لو عرفوا انهما مذنبان او مخطئان لكان ذكر ذلك من غير مصلحة راجحة من باب الغيبة المذمومة. ثمانية واربعون ومئتان دين الاسلام وسط بين الاطراف المتجاذبة. فهم وسط في التوحيد بين اليهود التي تصف الرب بالنقائص. ويشبهون الخالق بالمخلوق وبين النصارى التي تصف المخلوق بصفات الخالق التي يختص بها ويشبهون المخلوق بالخالق. فالمسلمون وحدوا الله ووصفوه بصفات الكمال نزهوه عن جميع النقص ونزهوه ان يماثله شيء من المخلوقات في شيء من الصفات. فهو موصوف بصفات الكمال لا بصفات النقص وليس كمثله شيء في ذاته ولا في صفاته ولا في افعاله. تسعة واربعون ومئتان وكذلك في النبوات. فاليهود تقتل الانبياء وتستكبر وعن اتباعهم وتكذبهم وتتهمهم بالكبائر. والنصارى يجعلون من ليس بنبي ولا رسول نبيا ورسولا. خمسون ومئتان. واما الشراب فاليهود منعوا الخالق ان يبعث رسولا بغير شريعة الرسول الاول. والنصارى جوزوا لاحبارهم ان يغيروا من الشرائع ما بعث الله به رسله واحد وخمسون ومئتان. وكذلك في العبادات النصارى يعبدونه ببدع ما انزل الله بها من سلطان. واليهود معرضون عن العبادات. والمسلمون ما عبدوا الله بما شرع ولم يعبدوه بالبدع. هذا هو دين الاسلام الذي بعث الله به جميع النبيين. وهو ان يستسلم العبد لله لا لغيره وهو حنيفية دين ابراهيم. اثنان وخمسون ومئتان. وكذلك في امر الحلال والحرام في الطعام واللباس. وما يدخل في ذلك من النجاسات سارة لا تحرم ما حرم الله ورسوله ويستحلون الخبائث المحرمة ولا يتطهرون. واليهود حرمت عليهم طيبات احلت لهم. ثلاثة خمسون ومئتان وكذلك اهل السنة في الاسلام متوسطون في جميع الامور. فهم في علي وسط بين الخوارج والروافض. وفي عثمان بين المروة والزيدية في سائر الصحابة بين الغلاة فيهم والطاعنين عليهم وهم في الوعيد وسط بين الخوارج والمعتزلة وبين المرجئة وهم في وسط بين القدرية من المعتزلة ونحوهم. وبين القدرية المجبرة من الجهمية ونحوهم. وهم في الصفات وسط بين الممثلة والمعطلة اربعة وخمسون ومئتان والذين رفع الله قدرهم في الامة هو بما احيوه من سنته ونصرته. وهكذا سائر طوائف الامة بل سائر طوائف خلق كل خير معهم فيما جاءت به الرسل عن الله. وما كان معهم من خطأ او ذنب فليس من جهة الرسل. خمس وخمسون ومئتان. واداء واجبي له مقصودان. احدهما براءة الذمة بحيث يندفع عنه الذم والعقاب المستحق بالترك. فهذا لا تجب معه اعادة الصلاة التي ترك الخشوع فيها فان الاعادة يبقى مقصودها حصول ثواب مجرد وهو شأن التطوعات. لكن حصول الحسنات الماحية للسيئات يكون الا مع القبول الذي عليه الثواب. فبقدر ما يكتب له من الثواب يكفر عنه به من السيئات الماضية. وما لا ثواب فيه لا يكفر وان برأت به الذمة. ستة وخمسون ومئتان ولا يلزم اذا كان القول كفرا ان يكفر كل من قاله مع الجهل والتأويل. فان ثبوت الكفر انت حقي الشخص المعين كثبوت الوعيد في الاخرة في حقه. وذلك له شروط وموانع. سبعة وخمسون ومئتان. والنبي صلى الله عليه وسلم لم لم يخرج الثنتين والسبعين فرقة من الاسلام بل جعلهم من امته ولم يقل انهم يخلدون في النار. ثمانية وخمسون ومئتان. ومع مرور الخوارج وبدعهم وضررهم العظيم. واتفاق الصحابة على وجوب قتالهم. ومع هذا فقد صرح علي رضي الله عنه بانهم مؤمنون ليسوا كفارا ولا منافقين. وكان الصحابة يصلون خلفهم. فمن كفر الثنتين والسبعين فرقة كلهم. وقد خالف الكتاب والسنة واجماع الصحابة التابعين لهم باحسان. تسعة وخمسون ومئتان. والعقوبة في الدنيا تكون لدفع ضرره عن المسلمين. وان كان في الاخرة خيرا مما لم يعاقب وايضا فصاحب البدعة يبقى صاحب هوى يعمل لهواه. لا ديانة ويصد عن الحق الذي لا يتابع هواه. فهذا يعاقبه الله على هواه ومثل هذا يستحق العقوبة في الدنيا والاخرة ستون ومئتان فمن عيوب اهل البدع تكفير بعضهم بعضا. ومن ممادح اهل العلم انهم يخططون ولا يكفرون. وسبب ذلك ان احدهم قد يظن ما ليس بكفر كفرا وقد يكون كفرا. لانه تبين له انه تكذيب للرسول للخالق والاخر لم يتبين له ذلك فلا يلزم اذا كان هذا العالم بحاله يكفر اذا قاله اي يكفر من لم يعلم بحاله. واحد وستون ومئتان. والواجب على كل مسلم يشهد ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله. ان يكون اصل قصده توحيد الله بعباده وحده لا شريك له وطاعة رسوله. يدور على ذلك ويتبعه اين وجده. ويعلم ان افضل الخلق بعد الانبياء هم الصحابة. فلا ينتصر لشخص انتصارا مطلقا عاما الا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولا لطائفة انتصارا مطلقا عاما الا للصحابة رضي الله عنهم فان الهدى يدور مع الرسول حيث دار. ويدور مع اصحابه دون اصحاب غيره حيث داروا. فاذا اجتمعوا لم يجتمعوا على خطأ قط اثنتان وستون ومئتان. والناس لهم في طلب العلم والدين طريقان مبتدعان وطريق شرعي. فالطريق الشرعي هو النظر فيما جاء به الرسول والاستدلال بادلته والعمل بموجبها. فلابد من علم ما جاء به وعمل به. ولا يكفي احدهما. وهذا الطريق متضمن للادلة العقلية والبراهين اليقينية. فان الرسول بين بالبراهين العقلية ما يتوقف السمع عليه. وهذا هو الصراط المستقيم الذي الله عباده ان يسألوه هدايته. واما الطريقان المبتدعان فاحدهما طريق اهل الكلام البدعي والرأي البدعي. فان هذا فيه باطل كثير وكثير من اهله يفرطون فيما امر الله به ورسوله من الاعمال. فيبقى هؤلاء في فساد علم وفساد عمل وهؤلاء منحرفون الى اليوم يهودية الباطلة. والثاني طريق اهل الرياضة والتصوف والعبادات البدعية. وهؤلاء منحرفون الى النصرانية الباطلة. ثلاثة وستون والعلم والجهاد والصلاة افضل الاعمال باجماع الامة والتحقيق ان كلا من الثلاثة لابد له من الاخرين. وقد يكون هذا افضل في حال وهذا افضل في حال كما كان النبي صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه يفعلون هذا وهذا كل في موضعه بحسب الحاجة والمصدر اربعة وستون ومئتان المتصرف لغيره كولي اليتيم وناظر الوقف والوكيل والمضارب والشريك وامثال ذلك يتعين عليه الاجتهاد في الاصلح بخلاف المخير في الكفارات والديات ونحوها. فانه تبع لارادته. اذ هذا التخيير لقصد السهولة عليه خمسة وستون ومئتان الجاهل في كلامه على الاشخاص والطوائف والمقالات بمنزلة الذباب الذي لا يقع الا على العقر ولا على الصحيح والعاقل يزن الامور جميعا هذا وهذا. ستة وستون ومئتان. والاعمال ثوابها ليس مجرد صورها الظاهرة بل حقائقها التي في القلوب. الناس يتفاضلون في ذلك تفاضلا عظيما. سبعة وستون ومئتان. الصحابة رضوان الله عليهم لم يختلفوا في شيء من قواعد الاسلام لا في الصفات ولا في القدر ولا في مسائل الاحكام ولا في مسائل الامامة. لم يختلفوا في ذلك بالاختصام بالاقوال. فضلا عن الاقتتال بل كانوا مثبتين لصفات الله التي اخبر بها عن نفسه نافين عنها تمثيلها بصفات المخلوقين. مثبتين للقدر كما اخبر الله به ورسوله مثبتين للامر والنهي والوعد والوعيد. مثبتين لحكمة الله في خلقه وامره. مثبتين لقدرة العبد واستطاعته ولفعله مع اثباتهم للقدر الى غير ذلك من اصول الاسلام وقواعده. ثمانية وستون ومئتان. الامور نوعان كلية عامة وجزئية خاصة. فاما الجزئيات الخاصة نحو ميراث هذا الميت وعدل هذا الشاهد ونحوها. فهذا مما لا يمكن لا نبيا ولا اماما ولا احد احدا من الخلق ان ينص على كل فرد فرد منه. وانما الغاية الممكنة ذكر الامور الكلية العامة. فينص على قواعد كلية ثم ينظر في في دخول الاعيان تحت تلك الكليات او دخول نوع خاص تحت اعم منه. وان اكتفى بالكليات. فقد نص صلى الله عليه وسلم على كل ايات من كتاب الله ومن الحكمة يدخل فيها من الجزئيات ما لا حصر له. وقد اعطي جوامع الكلم واختصر له الكلام اختصارا. تسعة وستون ومئتان قوله تعالى فمن اظلم ممن كذب على الله وكذب بالصدق اذ اذا تدبرت هذا علمت ان كل واحد من الكذب على الله والتكذيب بالصدق مذموم. وان المدح لا يستحقه الا من كان ات بالصدق مصدقا للصدق. علمت ان هذا مما هدى الله به عباده الى صراطه المستقيم. واذا تأملت هذا تبين لك ان كثيرا من الشر او اكثره يقع من احد هذين فتجد احدى الطائفتين والرجلين من الناس لا يكذب فيما يخبر به من العلم لكن لا يقبل ما تأتي به الطائفة الاخرى وربما جمع بين الكذب على الله والتكذيب بالصدق. سبعون ومئتان. الخلفاء الاربعة الراشدون لهم في تبليغ كل الدين ونشر اصوله واخذ الناس عنه ذلك ما ليس لغيرهم. واذا كان يروى عن صغار الصحابة من الاحاديث المفردة اكثر مما يروى عن بعض الخلفاء فالخلفاء لهم عموم التبليغ وقوته التي لم يشاركهم فيها غيرهم. ثم لما قاموا بتبليغ ذلك شاركهم فيه غيرهم فصار متواترا كجمع ابي بكر وعمر القرآن في المصحف. ثم جمع عثمان لها في المصاحف التي ارسلها الى الامصار. فكان الاهتمام بجمع القرآن وتبليغه اهم مما سواه. وكذلك تبليغ شرائع الاسلام الى اهل الامصار ومقاتلتهم على ذلك. واستنابتهم في ذلك الامراء والعلماء. وتصديقهم لهم فيما بلغوه عن الرسول. فبلغ ما اقاموه من اهل العلم حتى صار الدين منقولا نقلا عاما. متواترا طاهرا معلوما. قامت به الحجة ووضحت به المحجة وتبين به ان هؤلاء كانوا خلفاءه المهديين الراشدين الذين خلفوه في امته علما وعملا. وهو صلى الله عليه كما قال الله في حقه وكذلك خلفاؤه الراشدون الذين قال فيهم عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي فانهم خالفوه في ذلك فانتفى عنهم هدى الضلال وبالرشد الغي. وهذا هو الكمال في العلم والعمل. واحد وسبعون ومئتان. ثم قال فصل في الطرق التي يعلم بها الكذب المنقول منها ما يروى خلاف ما علم بالتواتر والاستفاضة. ثم ذكر امثلة لها. ومنها ما ينفرد الواحد والاثنان بما يعلم وانه لو كان واقعا لتوفرت الهمم والدواعي على نقله وله امثلة. ومنها ان يروى خلاف المعلوم المقطوع به في الشرع. اثنان وسبعون ومئتان واستبسطة ثلاثة انواع. احدها النفي والجحد والتكذيب للمعلوم لوجوده او للعلم به. الثاني الشك والريب وفيما لا يشك فيه ولا يرتاب. الثالث من يجعل الحقائق تبعا للعقائد. ثلاثة وسبعون ومئتان. كثير من طلبة العلم ليس به الا تحصيل رئاسة او مال. ولكل امرئ ما نوى. واما اهل العلم والدين الذين هم اهله فهو مقصود عندهم لمنفعته لهم وحاجتهم اليه في الدنيا والاخرة. ولهذا تجد اهل الانتفاع به يزكون به نفوسهم. ويقصدون فيه اتباع الحق لاتباع الهوى. ويسلكون فيه سبيل العدل والانصاف ويحبونه ويلتذون به ويحبون كثرته وكثرة اهله وتنبعث هممهم على العمل به وبموجبه وبمقتضاه بخلاف من لم يذق حلاوته وليس مقصوده الا مالا او رئاسة فان ذلك لو حصل له بطريق اخر لسلكه وربما رجحه اذا كان اسهل عليه. هذا اخر ما اردنا نقله من القواعد والاصول في المنهاج سبعة عشر. ومن رسالة نقض المنطق اربعة وسبعون ذكر الله يعطي الايمان وهو اصل الايمان. الله سبحانه هو رب كل شيء ومليكه. وهو معلم كل علم وواهبه. فكما ان له اصل لكل شيء موجود. فذكره والعلم به اصل لكل علم. وذكره في القلب والقرآن يعطي العلم المفصل. فيزيد الايمان كما قال وغيره من الصحابة تعلمنا الايمان ثم تعلمنا القرآن. فازددنا ايمانا. خمسة وسبعون ومئتان. والعبد مفتقر الى ما نسأله من العلم والهدى طالب سائل. فبذكر الله والافتقار اليه يهديه الله ويذله. ستة وسبعون ومئتان. ومما يوضح ذلك ان الطالب للعلم بالنظر والاستدلال والتفكر والتدبر. لا يحصل له ذلك ان لم ينظر في دليل يفيده العلم بالمدلول عليه. ومتى كان العلم مستفد بالنظر فلابد ان يكون عند الناظر من العلم المذكور الثابت في قلبه ما لا يحتاج حصوله الى نظر فيكون ذلك المعلوم اصلا وسببا التفكر الذي يطلب به معلوما اخر. ولهذا كان الذكر متعلقا بالله لانه سبحانه هو الحي المعلوم. وكان التفكر في مخلوقاته لان التفكير والتقدير يكون في الامثال المضروبة والمقاييس. وذلك يكون في الامور المتشابهة وهي المخلوقات. واما الخالق فليس له شبيه ولا نظير فالتفكر الذي مبناه على القياس ممتنع في حقه وانما هو معلوم بالفطرة فيذكره العبد وبالذكر وبما اخبر به عن نفسه يحصل للعبد من العلم به امور عظيمة لا تنال بمجرد التفكير والتقدير. اعني من العلم به نفسه فانه الذي لا تفكير فيه. فاما العلم ما اخبر به ونحو ذلك فيدخل فيها التفكير والتقدير كما جاء به الكتاب والسنة. سبعة وسبعون ومئتان لا تجد من يلزم ان ينظر في علوم المنطق ويناظر به الا فاسد النظر والمناظرة. كثير العجز عن تحقيق علمه وبيانه. ثمانية وسبعون ومئتان والحذاق من اهله لا يلتزمون قوانينه في كل علومهم. بل يعرضون عنها اما لطولها واما لعدم فائدتها. واما فسادها واما لعدم تميزها. وما فيها من الاجمال والاشتباه. وما زال علماء المسلمين يذمونه ويذمون اهله وينهون عنه وعن اهله تسعة وسبعون ومئتان. ومن المعلوم ان الامور الدقيقة سواء كانت حقا او باطلا ايمانا او كفرا. لا تعلم الا بذكاء واهله يستجهلون من لم يشركهم في علمهم وان كان ايمانه احسن من ايمانهم. اذا كان فيه قصور في الذكاء والبيان وهم كما قال تعالى مروا بهم يتغامزون واذا انقلبوا الى اهلهم انقلبوا فكهين وما ارسل عليهم حافظين يوم الذين امنوا من الكفار يضحكون على ارائك انظروا هل ثوب الكفار ما كانوا يفعلون. ولهذا هذا لما تفطن كثير منهم لما فيه من الجهل والضلال صاروا يقولون. النفوس القدسية تفيض عليها المعارف بدون الطريق القياسية. وهم متفقون على ان من النفوس من يستغني عن وزن علومها بالموازين الصناعية في المنطق. لكن قد يقولون هو حكيم بالطبع ثمانون ومئتان وعلوم الانبياء اذا اعترفوا انها حق. فانهم يعترفون انه لا يمكن ان توزن بميزان صناعتهم. فقد اعترفوا ان من من الحق ما لا يوزن بميزان منطقهم. وان قالوا لا ندري احق هي ام باطل. اعترفوا بان اعظم المطالب واجلها لا يوزن بميزان ثاني منطقهم ومن المعلوم ان موازين الاموال لا يقصد ان يوزن بها الحطب والرصاص دون الذهب والفضة. وامر النبوات وما جاء الرسل اعظم في العلوم من الذهب في الاموال. فهو ميزان جاهل جائر بحسب اعتراف اهله يجور في وزنه واكثر الحقائق النافعة يعترفون انه لا سبيل الى وزنه بها. فهي يوزن بها المتاع الخسيس دون الحقائق النافعة. والامر النفيس الذي ليس للنفوس عنه عوض وليس سعادتها الا فيه. فهم لم يزنوا بالقسطاس المستقيم. ولم يستدلوا بالايات البينات التي هي العلوم الحقيقية. والحكمة يقينية التي فاز بالسعادة عالمها وخاب بالشقاوة جاهلها. واحد وثمانون ومئتان. واهل المنطق متفقون على ان انه لا يفيد الا امورا كلية مقدرة في الذهن. لا يفيد العلم بشيء منها موجود محقق في الخارج الا بتوسط شيء اخر غيره والامور الكلية الذهنية ليست هي الحقائق الخارجية ولا هي ايضا علما بالحقائق الخارجية. اذ لكل موجود حقيقة تتميز بها عن غيره هو بها هو وتلك ليست كلية. فالعلم بالامر المشترك لا يكون علما بها فلا يكون في القياس المنطقي علم بحقيقة لشيء من الاشياء وهو المطلوب. ويطعنون في قياس التمثيل وهو في التحقيق ابلغ في افادة العلم واليقين من قياس الشمول. وان كان علم قياس الشمول اكثر فذاك اكبر. فقياس التمثيل في القياس العقلي كالبصر في العلم الحسي. وقياس الشمول كالسمع في العلم الحسي. ولا ريب ان بصر اعظم واكمل والسمع اوسع واشمل اثنان وثمانون ومئتان. وايضا فلا تجد احدا من اهل الارض حقق علما من العلوم صار اماما فيه مستعينا بصناعة علم المنطق. لا من العلوم الدينية ولا غيرها. ثلاثة وثمانون ومئتان. وخصوصا العلوم الموروثة عن الانبياء صرفا. فهي اجل واعظم من ان يكون لاهلها التفات الى المنطق. كحال الصحابة والتابعين وائمة الهدى. اربعة وثمانون ومائتان وادخال المنطق في العلوم الصحيحة يطول العبارة ويبعد الاشارة ويجعل القريب من العلم بعيدا واليسير منه عسيرا فلا يفيد الا كثرة الكلام والتشقيق مع قلة العلم والتحقيق. فعلم انه من اعظم حشو الكلام وابعد الاشياء عن طريق ذوي الاحلام خمسة وثمانون ومئتان. وقد ذكر الله في القرآن كثيرا من الايات التي يذكر فيها اقوال اعداء الرسل وافعالهم. وما اتوه من قوة والادراكات والحركات. وانهم لم تنفعهم لما عارضوا بها ما جاءت به الرسل. فما اغنت اسماعهم وابصارهم ولا افئدتهم من شيء. لما جاء امر ربك وما زادهم غير تتبيب. ستة وثمانون ومئتان. والامور الموجودة المحققة تعلم بالحس الباطن والظاهر اتعلم بالقياس التمثيلي وتعلم بالقياس الذي ليس فيه قضية كلية ولا شمول ولا عموم. بل تكون الحدود الثلاثة فيها اصغر والاوسط والاكبر اعيانا جزئية. والمقدمتان والنتيجة قضايا جزئية وعلم هذه الامور المعينة بهذه الطرق اصح واوضح واكمل ثمانية عشر من رسالة شرح حديث النزول. سبعة وثمانون ومئتان. قال بعضهم اذا قال لك السائل كيف ينزل او كيف استوى او كيف يعلم او كيف يتكلم ويقدر ويخلق فقل له كيف هو في نفسه؟ فاذا قال انا لا اعلم كيفية ذاته فقل له انا لا اعلم كيفية صفاته. فان العلم بكيفية الصفة يتبع العلم بكيفية الموصوف. ثمانية وثمانون ومئتان. لا نعرف ما غاب عنه الا بمعرفة ما شهدناه. فنحن نعرف اشياء بحسب الظاهر او الباطن. فتلك معرفة معينة مخصوصة. ثم انا بمعقولنا نعتبر الغائب بالشاهد فيبقى في اذهاننا قضايا كلية عامة. ثم اذا خطبنا بوصف ما غاب عنا لم نفهم ما قيل لنا الا بمعرفة مشهود لنا فلولا انا نشهد من انفسنا جوعا وعطشا وشبعا وريا وحبا وبغضا ولذة والما وسخطا ورضا. لم نعرف حقيقة ما لا نخاطب به اذا وصف لنا ذلك واخبرنا به عن غيرنا. وكذلك لو لم نعلم في الشاهد حياة وقدرة وعلما وكلاما. لم نفهم ما سنخاطب به اذا وصف الغائب عنا بذلك. وكذلك لو لم نشهد موجودا لم نعرف وجود الغائب عنا. فلابد فيما شهدناه وغاب عنا من مشترك لنفهم الغائب تسعة وثمانون ومئتان. ثم ان الله اخبرنا بما وعدنا في الدار الاخرة من النعيم. واخبرنا بما يؤتي يأكل ويشرب وينكح ويفرش وغير ذلك. فلولا معرفتنا بما يشبه ذلك في الدنيا لم نفهم ما وعدنا به. ونحن نعلم مع ذلك ان تلك الحقائق ليست مثل هذه. قال ابن عباس رضي الله عنهما ليس في الدنيا مما في الجنة الا الاسماء. تسعون ومئتان فمعنى الاستواء معلوم وهو التأويل والتفسير الذي يعرفه الراسخون في العلم. والكيفية هي التأويل المجهول لبني ادم وغيرهم الذي لا يعلمه الا الله وكذلك ما وعدنا به في الجنة. تعلم العباد تفسير ما اخبر الله به. واما كيفيته فقد قال تعالى فلا تعلم نفس ما اخفي لهم من قرة اعين. فاذا كان هذا في المخلوقات فالخالق والمخلوق واعظم فان مباينة الله لخلقه وعظمته وكبريائه وفضله اعظم واكثر مما بين مخلوق ومخلوق واحد وتسعون ومئتان فمن نفى النزول او الاستواء او الرضا والغضب او العلم والقدرة او اسم العليم او القدير او اسم الموجود فرارا بزعمه من تشبيه وتركيب وتجسيم فانه يلزمه فيما اثبته نظير ما الزمه لغيره فيما نفاه هو واثبته المثبت اثنان وتسعون ومئتان واما النزول الذي لا يكون من جنس نزول اجسام العباد. فهذا لا يمتنع ان يكون في وقت واحد لخلق كثيرين. ويكون قدره ولبعض الناس اكثر او اقل. بل لا يمتنع ان يقرب الى خلق من عباده دون بعض. فيقرب الى هذا الذي دعاه دون هذا الذي لم يدعه. وجميع ما وصف الرب به نفسه من القرب فليس فيه ما هو عام لجميع المخلوقات كما في المعية. فان المعية وصف نفسه فيها بعموم وخصوص واما قربه ما يقرب منه فهو خاص لمن يقرب منه. كالداعي والعابد وكقربه عشية عرفة ودنوه الى السماء الدنيا لاجل الحجاج. وان كانت تلك العشية قد تكون وسط النهار في بعض البلاد. وتكون ليلا في بعض البلاد. فان تلك البلاد لم يدنوا اليها ولا الى سمائها الدنيا وانما دنا الى السماء الدنيا التي على الحجاج. وكذلك نزوله بالليل. وهذا كما ان حسابه لعباده كحسابهم كلهم في ساعة واحدة. وكل منهم يخلو به كما يخلو العبد بالقمر ليلة البدر. فيقرره بذنوبه وذلك المحاسب لا يرى انه محاسب يقول الله له كما يقول لهذا كما يحاسبهم كذلك. فيقول لكل واحد ما يقول من القول في ساعة واحدة. وكذلك سمعه لكلامهم اسمع كلامهم كله مع اختلاف لغاتهم وتفنن حاجاتهم. يسمع دعاءهم سمع اجابة. ويسمع كل ما يقولون سمع علم واحاطة لا يشغله سمع عن سمع ولا تغلطه المسائل ولا يتبرم بالحاح الملحين. فانه سبحانه هو الذي خلق هذا كله. وهو الذي يوصل الغذاء الى كل جزء من البدن على مقداره وصفته المناسبة له. وكذلك من الزرع وكرسيه وسع السماوات والارض. ولا يؤود حفظهما فاذا كان لا يؤوده خلقه ورزقه على هذه التفاصيل. فكيف يؤده العلم بذلك او سمع كلامهم؟ او رؤية افعالهم بهم واجابة دعائهم سبحانه وتعالى علوا كبيرا. وما قدروا الله حق قدره. وذكر نصوصا وبهذا المعنى فمن كانت هذه عظمته كيف يحشره مخلوق من المخلوقات؟ سماء او غير سماء حتى يقال انه اذا نزل الى سماء الدنيا صار العرش فوقه ويصير شيء من المخلوقات يحصره ويحيط به سبحانه وهو قادر ان ينزل سبحانه وهو على عرشه فقوله انه ينزل مع بقاء عظمته وعلوه على العرش ابلغ في القدرة والعظمة وهو الذي فيه موافقة الشرع والعقل. ثلاثة وتسعون ومئتان. وفي الحديث المتفق عليه انكم لا تدعون اصم ولا غائبا. انما تدعون سميعا قريبا اقرب الى احدكم من عنق في راحلته. وذلك لان الله قريب من قلب الداعي فهو اقرب اليه من عنق راحلته. وقربه من قلب الداعي له معنى متفق عليه عند اهله اهل الاثبات الذين يقولون ان الله فوق العرش ومعنى اخر فيه نزاع. المعنى المتفق عليه عندهم يكون بتقريبه قلب الداعي كما يقرب اليه قلب الساجد. فالساجد يقرب اليه قلبه فيدنو قلبه من ربه. وان كان بدنه على الارض. ومتى قرب احد الاثنين اثنين من الاخر صار الاخر اليه قريبا بالضرورة. وان قدر انه لم يصدر من الاخر تحرك بذاته. كما ان من قرب من مكة قربت مكة منه وقد وصف الله انه يقرب اليه من يقربه من الملائكة والبشر فقال لن يستنكف المسيح ان يكون عبدا لله ولا الملائكة المقربون. واما قرب الرب قربا نقوم به بفعله القائم بنفسه فهذا تنفيه الكلابية. ومن يمنع قيام الامور الاختيارية بذاته. واما السلف وائمة الحديث والسنة فلا يمنعون ذلك فنزوله كل ليلة الى السماء الدنيا وعشية عرفة هو من هذا الباب. وقال تعالى واذا سألك عبادي وقال سبحانه في الحديث القدسي ومن تقرب الي شبرا تقربت اليه ذراعا. الحديث وهذا بزيادة تقريبه للعبد اليه. جزاء على تقربه باختياره. فكلما تقرب العبد باختياره قدر شبر زاده الرب قربا اليه حتى يكون المتقرب. فكذلك قرب الرب من قلب العابد وهو ما يحصل في قلب العبد من معرفة صفة الرب والايمان به وله المثل الاعلى. فهذا ايضا لا نزاع فيه. اربعة وتسعون ومئتان. اذا عرفت تنزيه الرب عن صفات النقص فلا يوصف بالسفول ولا علو شيء عليه بوجه من الوجوه. بل هو العلي الاعلى. الذي لا يكون الا اعلى. وهو الظاهر ليس فوقه شيء انه ليس كمثله شيء فيما يوصف به من الافعال اللازمة والمتعدية. لا النزول ولا الاستواء ولا غير ذلك. فيجب مع ذلك اثبات ما اثبت لنفسه في كتابه وعلى لسان رسوله. والادلة العقلية توافق ذلك لا تناقضه. ولكن السمع والعقل يناقضان البدع المخالفة للكتاب والسنة والسلف من الصحابة والتابعين يقرون افعاله كالاستواء والنزول وغيرهما على ما هي عليه. خمسة وتسعون ومئتان. فالاصل ان علوه على المخلوقات وصف لازم له. كما ان عظمته وكبريائه كذلك. فاما الاستواء فهو فعل يفعله تعالى بمشيئته وقدرته ولهذا قال فيه ثم استوى على العرش. ولهذا كان الاستواء من الصفات السمعية والعلو من الصفات السمعية العقلية. تسعة عشر من سورة الاخلاص ستة وتسعون ومئتان. ذكر نصوصا كثيرة من القرآن في الامر بالرجوع الى القرآن في كل شيء. ثم قال هذه النصوص وغيرها تبين ان الله ارسل الرسل وانزل الكتب لبيان الحق من الباطل. وبيان ما اختلف فيه الناس. وان الواجب على الناس اتباع ما انزل اليهم من ربهم ورد ما يتنازعون فيه الى الكتاب والسنة. وان من لم يتبع ذلك كان منافقا. وان من اتبع الهدى الذي جاءت به الرسل فلا يضل ولا يشقى. ومن اعرض عن ذلك حشر ضالا شقيا معذبا. وان الذين فارقوا دينهم قد برئ الله الله ورسوله منهم سبعة وتسعون ومئتان. ولا يجوز ان يكون في القرآن ما يخالف صريح العقل او الحس الا وفي القرآن بيان معناه فان القرآن جعله الله شفاء لما في الصدور. وبيانا للناس. فلا يجوز ان يكون بخلاف ذلك. لكن قد تخفى اثار الرسالة في بعض الامكنة والازمنة حتى لا يعرفون ما جاء به الرسول. اما الا يعرفوا اللفظ واما ان يعرفوا اللفظ ولا يعرفوا معناه. فحينئذ يصيرون في جاهلية بسبب عدم نور النبوة ومن ها هنا يقع الشرك وتفريق الدين شيعة كالفتن التي تحدث بالسيف. فالفتن القولية والفعلية من الجاهلية بسبب خفاء النور عنهم. فاذا انقطع عن الناس نور النبوة وقعوا في ظلمة البدع. وحدثت البدع والفجور. ووقع الشر بينهم ثمانية وتسعون ومئتان يحتاج المسلمون الى شيئين معرفة ما اراد الله ورسوله بالفاظ الكتاب والسنة بان يعرفوا لغة القرآن التي بها نزل وما قاله الصحابة والتابعون لهم باحسان وسائر ائمة المسلمين في معاني تلك الالفاظ. وهذا اصل العلم والايمان والسعادة والنجاة. ثم معرفة ما قاله الناس في هذا الباب لينظر المعاني الموافقة للرسول فتقبل. والمخالفة فترد. فيجعل الله ورسوله ومعانيهما هي الاصل. وما سواها يرد اليها. تسعة وتسعون ومئتان. التأويل هو بيان العاقبة ووجود العاقبة عاقبة فقد تبين ان تأويل الخبر هو وجود المخبر به وتأويل الامر هو فعل المأمور به. فالاية التي مضى تأويلها قبل نزولها من الخبر يقع في ذكره الله كما ذكر ما ذكره من قول المشركين للرسول وتكذيبهم له. وهي وان مضى تأويلها فهي عبرة ومعناها ثابت في نظيرها. واذا تبين ذلك فالمتشابه من الامر لابد من معرفة تأويله. لانه لابد من فعل المأمور وترك المحظور. وذلك لا يمكن الا بعد العلم لكن ليس في القرآن ما يقتضي ان في الامر متشابها. فان قوله واخر متشابهات قد يراد به من الخبر مثلما ما اخبر به في الجنة من اللحم واللبن والحرير ونحو ذلك. كأن بين هذا وبين ما في الدنيا تشابها في اللفظ والمعنى. ومع ذلك فحقيقة هذا مخالفة لحقيقة هذا. وتلك الحقيقة لا نعلمها نحن في الدنيا ثلاثمائة. ومن اعظم الاختلاف. الاختلاف في المسائل العلمية الخبرية المتعلقة بالايمان بالله واليوم الاخر. فلابد ان يكون الكتاب حاكما بين الناس فيما اختلفوا فيه من ذلك. ويمتنع ان يكون حاكما ان لم يكن كن معرفة معناها ممكنا. وقد نصب الله عليه دليلا. والا فالحاكم الذي لا يتبين ما في نفسه لا يحكم بشيء. واحد وثلاثمائة اهل البدع الذين ذمهم الله نوعان احدهما عالم بالحق يتعمد خلافه والثاني جاهل متبع لغيره. فالأولون يبتدعون ما يخالف كتاب الله ويقولون هو من عند الله. اما احاديث مفتريات واما تفسير وتأويل للنصوص باطل. ويعضضون ذلك بما يدعون من الرأي والعقل وقصدهم بذلك الرئاسة والمأكل. وهؤلاء اذا عرضوا بنصوص الكتب الالهية وقيل لهم هذه تخالفكم. حرفوا عن مواضعه بالتأويلات الفاسدة. واما النوع الثاني فهم الاميون الجهال الذين لا يعلمون الكتاب الا اماني وان هم الا يظنون اثنان وثلاثمائة. فهو تعالى احد لم يكن من جنس شيء من المخلوقات. وانه صمد كامل الصفات. مقصود في كل الحاجات وليس هو من مادة بل هو صمد لم يلد ولم يولد. واذا نفي عنه ان يكون مولودا من مادة الوالد. فلان ينفى عنه ان يكون مولودا من سائر المواد اولى واحرى. فان المولود من نظير مادته اكمل من مادة ما خلق من مادة اخرى. كما خلق ادم من الطين. فالمادة التي خلق منها اولاده افضل من المادة التي خلق منها هو ولهذا كان خلقه اعجب. فاذا نزه الرب عن المادة العليا فهو وعن المادة السفلى اعظم تنزيها. كما انه اذا كان منزها عن ان يكون احد كفوا له. فلأن يكون منزها عن ان يكون احد افضل منه من باب اولى واحرى. وهذا مما يبين ان هذه السورة اشتملت على جميع انواع التنزيه والتحميد على النفي والاثبات. ولهذا كانت ثلث القرآن. فالصمدية تثبت الكمال المنافي للنقص. والاحدية تثبت الانفراد بذلك. ثلاثة وثلاثمائة. يعتبر متابع الرسول في قصده في اموره العادية اذا علمنا انه فعلها لقصد القربة صارت مستحبة والا فلا. عشرون. ومن الرد على الفصوص اربع وثلاثمئة. حقيقة الدين والايمان واليقين امران. احدهما كون الله في قلب العبد بالمعرفة والمحبة فهذا ففرد على كل احد. ولابد لكل مؤمن منه فان ادى واجبه فيه فهو مقتصد. وان ترك بعض واجبه فهو ظالم لنفسه. وان تركه كله له فهو كافر بربه. والثاني موافقة ربه فيما يحبه ويكرهه ويرضاه ويسخطه. فهذا على الاطلاق انما هو للسابقين المقربين الذين تقربوا الى الله بالنوافل التي يحبها ولم يفرضها. بعد الفرائض التي يحبها ويفرضها ويعذب تاركها لهذا كان هؤلاء لما اتوا بمحبوب الحق من الاقوال والاعمال الظاهرة والباطنة المنتظمة للمعارف والاحوال. احبهم الله فعلوا محبوب فاحبهم فان الجزاء من جنس العمل مناسب له مناسبة المعلول لعلته. ولا يتوهم ان المراد بذلك ان يأتي العبد بعين كل حرف بركة يحبها الله فان هذا ممتنع. وانما المقصود ان يأتي منها ما يقدر عليه من الاعمال الباطنة والظاهرة. والباطنة يمكنه ان اتي منها باكثر مما يأتي به من الظاهرة. كما وردت بذلك النصوص. خمسة وثلاثمائة. عموم خلقه وربوبيته وعموم احسانه وحكمته اصلان عظيمان في الكتاب والسنة. والنصوص الدالة عليهما شيء كثير. وجميع الكائنات ايات له شاهدة مظهرة لما ما هو مستحق من الاسماء الحسنى والصفات العليا. وعن مقتضى اسمائه وصفاته وخلقه الكائنات. وكما علينا ان نشهد ربوبيته وتدبيره العام المحيط وحكمته ورحمته. فعلينا ان نشهد الهيته العامة فان الذي في السماء اله وفي الارض اله. فانه الذي في السماء اله وفي الارض اله. اله في السماء واله في الارض. ونشهد ان كل معبود سواه من لدن عرشه الى قرار ارضه. فانه باطل الا وجهه الكريم كما نشهد انها كلها مفتقرة اليه في مبدأها نشهد انها مفتقرة اليه في منتهاها. والا كانت باطلة والكائنات ليس لها من نفسها شيء بل هي عدم نحض ونفي صرف. وما بها من وجود فمنه وبه. ثم انه اليه مصيرها ومرجعها. وهو والهها لا يصلح ان يعبد الا هو كما لم يخلقها الا هو لما هو مستحق في نفسه ومتفرد به من نعوت الالهية التي لا شريك له فيها ولا سمي له. وليس كمثله شيء. وهو الظاهر الذي ليس فوقه شيء. وهو الباطن الذي ليس دونه شيء. وهو معنى اينما كنا ونعلم ان معيته مع عباده على انواع وهم فيها درجات. وكذلك ربوبيته لهم وعبوديتهم التي هم بها متعبدون له. وكذلك الوهيتهم اياه. والوهيته له وعبادتهم التي هم بها عابدون. وكذلك قربه منهم وقربهم منه ستة وثلاثمائة الحق له معنيان احدهما الموجود الثابت والثاني المقصود النافع كقوله صلى الله عليه وسلم الوتر حق. سبعة وثلاثمئة. والباطل نوعان ايضا. احدهما المعدوم. واذا كان معدوما كان اعتقاد وجوده والخبث عن وجوده باطلا. لان الاعتقاد والخبر تابع للمعتقد المخبر عنه. يصح بصحته ويبطل ببطلانه. فاذا كان المعتقد المخبر عنه باطلا. كان الاعتقاد والخبر كذلك وهو الكذب. والثاني ما ليس بنافع ولا مفيد. وما لا منفعة فيه فالامر به باطل وقصد وعمله باطل. اذ العمل به والقصد اليه والامر به باطل. ثمانية وثلاثمائة. فنفى عن نفسه تعالى في سورة الاخلاص الفصول والفروع والنظراء وهي جماع ما ينسب اليه المخلوق من الآدميين والبهائم والملائكة والجن. بل والنبات وغير ذلك فانهم ما من شيء من المخلوقات الا ولابد ان يكون له شيء يناسبه. اما اصل واما فرع واما نظير او اثنان من ذلك او الثلاثة واحد وعشرون ومن رسالة العقود وقتال الكفار تسعة وثلاثمائة. واصل هذا ان كل ما نهى الله عنه وحرمه في بعض الاحوال واباحه في حال اخرى فان الحرام لا يكون صحيحا نافذا كالحلال. ولا يترتب عليه الحكم كما يترتب على الحلال. ويحصل به المقصود كما يحصل بالحلال وهذا معنى قولهم النهي يقتضي الفساد عشرة وثلاثمئة. لما ذكر النصوص من الكتاب والسنة في للكفار قال فهذا الاصل الذي ذكرناه وهو ان القتال لاجل الحرب لا لاجل الكفر. هو الذي دل عليه الكتاب والسنة وهو مقتضى الاعتبار انه لو كان الكفر هو الموجب للقتل بل هو المبيح له لم يحرم قتل النساء. كما لو وجب او ابيح قتل المرأة بزنا او قود او ردة فلا يجوز مع قيام الموجب للقتل او المبيح له ان يحرم ذلك بما فيه من تفويت المال. بل تفويت النفس الحرة اعظم وهي تقتل لهذه الامور والامة المملوكة تقتل للقصاص وللردة. اثنان وعشرون. ومن كتاب النبوات احد عشر وثلاثمائة. والايات الخارقة جنسان جنس من نوع العلم وجنس من نوع القدرة فما اختص به النبي صلى الله عليه وسلم من العلم خارج عن قدرة الانس والجن وما اختص به من المقدورات خارج عن قدرة الانس والجن. وقدرة الجن في هذا الباب كقدرة الانس. لان الجن هم من جملة من دعاهم الانبياء الى الايمان ارسلت اليهم الرسل. ومعلوم انه اذا دعا الجن الى الايمان فلابد ان يأتي باية خارجة عن مقدورهم اثنا عشر وثلاثمائة. والتحقيق ان من كان مؤمنا بالانبياء لم يستدل على الصلاح بمجرد الخوارق التي قد تكون للكفار والفساق. وانما يستدل بمتابعة الرجل للنبي. فيميز بين اولياء الله واعدائه بالفروق التي بينها الله ورسوله ثلاث عشرة وثلاثمائة. واما من لم يكن مقرا بالانبياء فهذا لا يعرف الولي من غيره. اذ الولي لا يكون وليا الا اذا امن بالرسل. لكن قد تدل الخوارق على ان هؤلاء على الحق دون هؤلاء لكونهم من اتباع الانبياء. كما قد يتنازع المسلمون والكفار فيؤيد الله المؤمنين بخوارق تدل على وصحة دينهم كما كانت النار على ابي مسلم بردا وسلاما ونحوه اربعة عشرة وثلاثمائة. وحقيقة الامر ان ما يدل على النبوة هو اية على النبوة وبرهان عليها فلابد ان يكون مختصا بها لا يكون مشتركا بين الانبياء وغيرهم فان الدليل هو مستلزم لمدلوله لا يجب ان يكون اعم وجودا منه. بل اما ان يكون مساويا له في العموم والخصوص. او يكون اخص منه خمسة عشر وثلاثمائة. ويجب الا فيعارضها من ليس بنبي. فكل ما عارضها صادرا ممن ليس من جنس الانبياء. فليس من اياتهم ستة عشر وثلاثمائة. والرسول بين الحق الذي جاء به من الخبر والامر. فبين البراهين على صدق الخبر وعلى صحة الامر ونفعه. قال الامام احمد الاصول اربعة دال ودليل ومبين ومستدل. فالدال هو الله والدليل هو القرآن. والمبين الرسول والمستدل اولو العلم الذين اجمع على هدايتهم ودرايتهم سبع عشرة وثلاثمائة من الفروق بين ايات الانبياء وغيرهم ان النبي صادق فيما يخبر به عن الكتب كتب لا يكذب قط ومن خالفهم من السحرة والكهان لابد ان يكذبوا. ومنها ان الانبياء لا يأمرون الا بالعدل وطلب الاخرة الله وحده ولا يفعلون الا البر والتقوى ومخالفوهم بضد ذلك. ومنها ان السحر والكهانة ونحوهما امور معتادة معروفة لاصحابها ليست خارقة لعادتهم. وايات الانبياء لا تكون الا لهم ولمن اتبعهم. ومنها ان غير النبوة ينال بالتعلم والسعي. والنبوة فضل والله لمن اختاره من خلقه ومنها ان ما يأتي به غير الانبياء من الخوارق لا يخرج عن كونه مقدورا للانس والجن. وما يأتي به الرسل بخلاف ذلك بل قد تكون لا يقدر عليها مخلوق الا الملائكة ولا غيرهم. ومنها ان كل نبي لابد ان يتقدمه انبياء لا يخبر ولا يأمر الا بجنس ما اخبرت به الرسل وامرت به. وكذلك السحرة والكهان ونحوهم لهم نظراء يعتبرون بهم. ومنها ان النبي لا يأمر الا بمصالح العباد في المعاش والمعاد. فيأمر بالمعروف وينهى عن المنكر. فيأمر بالتوحيد والاخلاص والصدق وينهى عن الشرك والكذب والظلم العقول والفطر توافقه كما توافقه الانبياء قبله. فيصدقه صريح المعقول وصحيح المنقول الخارج عما جاء به والله اعلم. ثمانية عشر وثلاثمائة. اصول الدين الذي بعث الله به محمدا صلى الله عليه وسلم. قد بينها الله في القرآن احسن بيان. وبين دلائل الربوبية والوحدانية ودلائل اسماء الرب وصفاته. وبين دلائل نبوة انبيائه. وبين المعاد بين امكانه وقدرته عليه في غير موضع كان وقوعه بالادلة السمعية والعقلية فكان في بيان الله وصول الدين الحق وهو دين الله وهي اصول ثابتة صحيحة معلومة فتضمن كان بيان العلم النافع والعمل الصالح الهدى ودين الحق. واهل البدع ليس فيما ابتدعوه لا هدى ولا دين حق. وكل ما خالفوا فيه الشرع فقد خالفوا فيه العقل. فان الذي بعث الله به محمدا صلى الله عليه وسلم وغيره من الانبياء. هو حق وصدق. وتدل عليه الادلة العقلية فهو ثابت بالسمع والعقل. والذين خالفوا الرسل ليس معهم سمع ولا عقل. كما اخبر الله عنهم وقالوا لو كنا لا نسمع او نعقل ما كنا فيه اصحاب السعير. وقال سبحانه لا تعمى الابصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور. فالشرع هو الحق والعدل والقسط والصدق وما بعد الحق الا الضلال. تسعة عشرة وثلاثمائة. وقد دل القرآن على انه لا يؤيد الكذاب. بل لابد ان يظهر كذبه هو ينتقم منه عشرون وثلاثمائة. والاستدلال بالحكمة ان يعرف اولا حكمته. ثم من حكمته انه لا يسوي بين الصادق بما يظهر به صدقه وبان ينصره ويعزه ويجعل له لسان صدق في العالمين. والكاذب عليه يبين كذبه ويخذله ويذله ويجعل عاقبه عاقبة سوء. ويجعل له لسان الذم واللعنة في العالمين. كما قد وقع هذا وهذا هو الواقع ثلاثة وعشرون. ومن رسالة الفرقان بين الحق والباطل واحد وعشرون وثلاثمائة. فمن الفرقان ما نعت الله به رسوله صلى الله عليه وسلم في قوله ورحمتي وسعت كل شيء فساكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم باياتنا يؤمنون. الذين يتبعون الرسول النبي الامي الذي يجد دونه مكتوبا عندهم في التوراة والانجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث فالذين امنوا به ونصروه واتبعوا النور الذي انزل معه اولئك هم المفلحون ففرق بين المعروف والمنكر امر بهذا ونهى عن هذا وبين الطيب والخبيث احل هذا وحرم هذا من الفرقان انه فرق بين اهل الحق المهتدين المؤمنين المصلحين اهل الحسنات. وبين اهل الباطل الكفار والضالين المفسدين اهل السيئات ثم ذكر الايات في ذلك فهو سبحانه بين الفرق بين اشخاص اهل الطاعة لله والرسول. والمعصية لله والرسول. كما بين الفرق بين ما امر به وما نهى عنه واعظم من ذلك انه بين الفرق بين الخالق والمخلوق. وان المخلوق لا يجوز ان يسوي بين الخالق والمخلوق في شيء فيجعل المخلوق ندا للخالق. قال تعالى ومن الناس من يتخذ من دون الله اندا هذا قال سبحانه هل تعلم له سميا؟ وقال ولم يكن له كفوا احد. وقال سبحانه وضرب الامثال في القرآن على من لم يفرق بل عدل بربه وسوى بينه وبين خلقه فهو سبحانه الخالق العليم الحق الحي الذي لا يموت. ومن سواه لا يخلق شيئا. وذكر الايات في هذا المعنى الجليل اثنتان وعشرون ثلاثمائة. فمن عدل بالله شيئا من خصائصه فهو مشرك بخلاف من لا يعدل به ولكنه يذنب مع اعترافه بان الله ربه وحده له خوفا من عقوبة الذنب. فهذا يفرق بينه وبين من لا يعترف بتحريم ذلك. وهو سبحانه كما يفرق بين الامور المختلفة انه يجمع ويسوي بين الامور المتماثلة فيحكم في الشيء خلقا وامرا بحكم مثله لا يفرق بين متماثلين ولا يسوي بين شيئين غيره في متماثلين بل ان كانا مختلفين متضادين لم يسوي بينهما ثلاثة وعشرون وثلاثمائة. وقد بين تعالى ان السنة لا تتبدل ولا تتحول في غير موضع. والسنة هي العادة التي تتضمن ان يفعل بالثاني مثلما فعل بنظيره الاول. ولهذا امر تعالى بالاعتبار والاعتبار ان يقرن الشيء بمثله في علم ان حكمه حكم مثله. وقال لقد كان في قصصهم عبرة لاولي الامر الباب. افاد ان من عمل مثل اعمالهم جزي مثل جزائهم. ليحذر ان يعمل مثل اعمال الكفار. وليرغب في ان يعمل مثله اعمال المؤمنين اتباع الانبياء. اربعة وعشرون وثلاثمائة. ومما ينبغي ان يعلم ان القرآن والحديث اذا عرف تفسيره من جهة النبي صلى الله عليه وسلم لم يحتج في ذلك الى الاستدلال باقوال اهل اللغة. ولهذا قال الفقهاء الاسماء ثلاثة انواع. نوع يعرف حده شرعك كالصلاة والزكاة ونوع يعرف حده باللغة كالشمس والقمر ونوع يعرف حده بالعرف كلفظ القبض ولفظ المعروف في قوله وكان من اعظم ما انعم الله به عليهم اعتصامهم بالكتاب والسنة. فكان من الاصول المتفق عليها بين الصحابة والتابعين لهم باحسان انه لا يقبل من احد قط ان يعارض القرآن لا برأيه ولا ذوقه ولا قوله ولا قياسه ولا وجده فانه ثبت عندهم بالبراهين القطعيات والايات البينات. ان الرسول جاء بالهدى ودين الحق وان القرآن اهدي للتي هي اقوم. خمسة وعشرون وثلاثمائة. فعلى كل مؤمن الا يتكلم في شيء من الدين الا تبعا لما جاء به الرسول يتقدم بين يديه بل ينظر ما قال فيكون قوله تبعا لقوله وعمله تبعا لامره. فهكذا كان الصحابة ومن سلك سبيلهم من التابعين لهم باحسان وائمة المسلمين. ولهذا لم يكن فيهم من يعارض النصوص بمعقوله ولا يؤسس دينا غير ما جاء به الرسول. واذا اراد معرفة شيء ان من الدين والكلام فيه نظر فيما قاله الله والرسول. فمنه يتعلم ومنه يتكلم. وفيه ينظر ويتفكر وبه يستدل. فهذا اهل السنة وهذا هو الفرقان بين اهل الايمان والسنة واهل النفاق والبدعة. فانهم يخالفون هذا الاصل كل المخالفة. ستة وعشرون وثلاثمائة. فلما طال الزمان خفي على كثير من الناس ما كان ظاهرا لهم. فدق على كثير من الناس ما كان جليا لهم. فكثر من المتأخرين حين مخالفة الكتاب والسنة ما لم يكن مثل هذا في السلف. وان كانوا مع هذا مجتهدين معذورين يغفر الله لهم خطاياهم ويثيبهم على اجتهادهم وقد يكون لهم من الحسنات ما يكون للعامل منهم اجر خمسين رجلا يعملون في ذلك الزمان لانهم يجدون من يعينهم على ذلك هؤلاء المتأخرون لم يجدوا من يعينهم على ذلك. لكن تضعيف الاجر في امور لم يضعف للصحابة لا يلزم ان يكونوا افضل من الصحابة. ولا يكون فاضلهم كفاضل الصحابة فان الذي سبق اليه الصحابة من الايمان والجهاد ومعاداة اهل الارض في موالاة الرسول وطاعته فيما يخبر به ويوجبه قبل ان تنتشر دعوته وتظهر كلمته وتكثر اعوانه وانصاره وتنتشر دلائل نبوته. بل مع قلة المؤمنين الكافرين والمنافقين. وانفاق المؤمنين اموالهم في سبيل الله ابتغاء وجهه في مثل تلك الحال. امر ما بقي يحصل مثله لاحد. سبعة وعشرون وثلاثمائة. جمهور مسائل الفقه التي يحتاج الناس اليها ويفتون بها ثابتة بالنص او الاجماع. وانما يقع الظن والنزاع في قليل مما يحتاج اليه. وهذا موجود في سائر العلوم. ثمانية وعشرون وثلاثمائة. العلم ما جاء به الدليل والنافع منه ما جاء به الرسول وقد يكون علم من غير الرسول لكن في امور دنيوية مثل الطب والحساب والفلاحة والتجارة. واما الامور الالهية فهذه العلوم في فيها ما اخذ عن الرسول. فالرسول اعلم الخلق بها وارغبهم في تعريف الخلق بها. واقدرهم على بيانها وتعريفها. فهو فوق كل احد في العلم والقدرة والارادة. وهذه الثلاثة بها يتم المقصود. وغير الرسول لا يقاربه في شيء من ذلك. وبيان الرسول على وجهين تارة يبين ادلة العقلية الدالة عليها والقرآن مملوء من ذلك. وتارة يخبر بها خبرا مجردا. تسعة وعشرون وثلاثمائة مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة. والكلمة الطيبة هي عقيدة جازمة. وقضية فاصل اصول الايمان ثابت في قلب المؤمن كثبات اصل الشجرة الطيبة وفرعها في السماء. اليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه. فالمؤمن عنده يقين وطمأنينة والايمان في قلبه ثابت مستقر. وهو في نفسه ثابت على الايمان لا يتحول عنه ثلاثون وثلاثة مائة. والله تعالى قد ذكر قوله. في ثلاثة مواضع من كتابه سورة الانعام اية احدى وتسعين وسورة الحج اية اربعة وسبعين وسورة الزمر اية سبعة وستين ليثبت عظمته في في نفسه وما يستحقه من الصفات. وليثبت وحدانيته وانه لا يستحق العبادة الا هو. وليثبت ما انزله على رسله. فعلى المؤمن ان يقدر حق قدره كما يتقيه حق تقاته. ويجاهد في الله حق جهاده. واحد وثلاثون وثلاثمائة. ومن اصر على فعل البدع وتحسينها فانه ينبغي ان يعزر تعزيرا يردعه وامثاله عن مثل ذلك. ومن نسب الى رسول الله صلى الله عليه وسلم الباطل خطأ فانه يعرف ان لم ينتهي عوقب ولم يحل لاحد ان يتكلم في الدين بلا علم ولا يعين من تكلم في الدين بلا علم او ادخل في الدين ما ليس منه اربعة وعشرون ومن رسالة الارادة والامر اثنتان وثلاثون وثلاثمائة والناس في الشرع والقدر على اربعة انواع فشر الخلق من بالقدر لنفسه ولا يراه حجة لغيره. يستند اليه في الذنوب والمعايب ولا يطمئن اليه في المصائب. ثلاثة وثلاثون وثلاثمائة وبازائ هؤلاء خير الخلق الذين يستغفرون من المعايب ويصبرون على المصائب. والثالث من لا ينظر الى القدر لا في المعايب ولا في المصائب التي هي افعال العباد بل يضيفون ذلك الى العبد. واذا اساءوا استغفروا وهذا حزن. لكن اذا اصابتهم مصيبة بفعل العبد لم انظروا الى القدر الذي مضى بها عليهم ولا يقولون لمن قصر في حقهم دعوه لو قضي شيء لكان. لا سيما وقد تكون المصيبة بسبب ذنوبك فلا ينظرون اليها. قال تعالى اولما اصابتكم مصيبة قد اصبتم مثلي اليها ورابعهم من يحتج بالقدر لكل احد. وهذا مذهب غلاة الجبرية. وقد بين فساده شرعا وعقلا. خمسة وعشرون. ومن الرسالة الواسطية اربع وثلاثون وثلاثمائة. اعتقاد الفرقة الناجية المنصورة الى قيام الساعة الايمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر والقدر خيره وشره. ومن الايمان بالله الايمان بما وصف به نفسه في كتابه وبما وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم من غير تحريف ولا تعطيل. ومن غير تكييف ولا تمثيل. بل يؤمنون بان الله ليس كمثله شيء. وهو السميع السميع البصير فلا ينفون عنه ما وصف به نفسه ولا يحرفون الكلم عن مواضعه ولا يلحدون في اسماء الله واياته ولا يمثلون صفاته بصفات خلقه وقد جمع فيما وصف وسمى به نفسه بين النفي والاثبات. فلا عدول لاهل السنة والجماعة عما جاءت به المرسلون فانه الصراط المستقيم. فقد دخل في هذا الاصل الكبير. جميع ما في الكتاب والسنة من تفاصيل اسمائه وصفاته وافعاله. وما له عنا وذكر طائفة منها ودخل في ذلك الايمان باستوائه على عرشه ونزوله الى السماء الدنيا ورؤية المؤمنين له كما تواترت بذلك النصوص وبانه قريب مجيب. وما ذكر في الكتاب والسنة من قربه ومعيته لا ينافي ما ذكر من علوه وفوقيته فانه ليس كمثله شيء في جميع نعوته. ومن الايمان به وبكتبه ورسله. الايمان بان القرآن كلام الله منزل غير مخلوق. منه بدن جاء واليه يعود وان الله تكلم به حقيقة. ومن الايمان باليوم الاخر الايمان بكل ما اخبر به النبي صلى الله عليه وسلم مما يكون بعد الموت من احوال البرزخ والقيامة والجنة والنار وتفاصيل ذلك. خمسة وثلاثون وثلاثمائة. والايمان بالقدر على درجتين كل درجة تتضمن شيئين الدرجة الاولى. الايمان بان الله علم ما الخلق عاملون بعلمه القديم. الذي هو موصوف به ازلا وابدا. وعلم جميع احوالهم من الطاعات والمعاصي والارزاق والاجال. ثم كتب في اللوح المحفوظ مقادير الخلائق. ستة وثلاثون وثلاثمائة والدرجة الثانية مشيئة الله النافذة وقدرته الشاملة. وهو الايمان بان ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن. والعباد هم الفاعلون لطاعتهم ومعاصيهم والله خالقهم وخالق قدرتهم وارادتهم ولم يجبرهم على ما لا يريدون. سبعة ثلاثون وثلاثمائة. ومن اصول الفرقة الناجية ان الدين والايمان قول وعمل. قول القلب واللسان وعمل القلب واللسان والجوارح. يزيد وبالطاعة وينقص بالمعصية. وهم مع ذلك لا يكفرون اهل القبلة بمطلق المعاصي والكبائر. ويقولون انه مؤمن ناقص الايمان او مؤمن بايمانه فاسق بكبيرته. فلا يعطى الاسم المطلق ولا يسلب مطلق الاسم. ومن اصول اهل السنة والجماعة سلامة قلوبهم السنتهم لاصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. ويقبلون ما جاء به الكتاب والسنة من فضائلهم ومناقبهم ومراتبهم. ويحبون اهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم. ويتولونهم وازواج رسول الله صلى الله عليه وسلم امهات المؤمنين. ويتبرأون من بطريقة الروافض الذين يبغضون الصحابة ويسبونهم وطريقة النواصب الذين يؤذون اهل البيت بقول او عمل ويمسكون عما شجر بين الصحابة وان لهم من الفضائل والسوابق ما يوجب مغفرة ما صدر منهم ان صدر. ثمانية وثلاثون وثلاثمائة. ويصدقون بك كرامات الاولياء وما يجري الله على ايديهم من خوارق العادات. ويتبعون اثار النبي صلى الله عليه وسلم ظاهرا وباطنا. ويدعون الى كل خلق جميل وينهون عن كل خلق رذيل. وهم في ذلك كله متبعون للكتاب والسنة. فنسأل الله ان يجعلنا منهم والا تزيغ قلوبنا بعد اذ هدانا، ويهب لنا من لدنه رحمة انه هو الوهاب. ستة وعشرون. ومن الرسالة الحموية تسعة ثلاثون وثلاثمائة. لما ذكر نصوص الصفات قال وجماع الامر في ذلك ان الاقسام الممكنة في ايات الصفات واحاديثها ستة اقسام قسمان يقولون تجري على ظاهرها وهم السلف الصالح الذين يقولون انها تثبت على وجه يليق بعظمة الله وكبريائه والمشبهة الذين يشبهون صفاته بصفات المخلوقين. واما القسمان اللذان ينفيان ظاهرها فهم الجهمية ومن تفرع عنهم. فقسم منهم يأولها بمعان اخر. وقسم منهم يقولون الله اعلم بما اراد منها. واما القسمان الواقفان فقسم يقولون يجوز ان يكون المراد ظاهرها اللائق بالله. ويجوز الا يكون المراد صفة لله. وهذه طريقة كثير من الفقهاء وغيرهم. وقصة يمسكون عن هذا كله ولا يزيدون على تلاوة القرآن وقراءة الحديث. معرضين بقلوبهم والسنتهم عن هذه التقديرات. فهذه الاقسام الستة لا يمكن ان يخرج الرجل عنها. والصواب في ايات الصفات واحاديثها. القطع بالطريقة السلفية والله اعلم. سبعة وعشرون ومن رسالة الاكليل وفتواه في تعذر اكل الحرام والاحتجاج بالقدر وسنة الجمعة اربعون وثلاثمائة. قال تعالى وما انها اما ان تكون يابسة جامدة لا تلين للحق اعترافا واذعانا او لا تكون يابسة جامدة. فالاول هو القاسي وهو الجامد اليابس بمنزلة الحجر لا ينطبع ولا يكتب فيه الايمان ولا يرتسم فيه العلم. لان ذلك يستدعي محلا لينا قابلا. والثاني لا يخلو اما ان يكون ثابتا تنفيه لا يزول عنه لقوته مع لينه او يكون لينه مع ضعف وانحلال. فالثاني هو الذي فيه مرض والاول هو القوي اللين. واحد اربعون وثلاثمئة ليس كل ما اعتقد فقيه معين انه حرام كان حراما. انما الحرام ما ثبت تحريمه بالكتاب والسنة والاجماع او قياس مرجح لذلك وما تنازع فيه الناس لم يكن لاحدهم ان يحمل الناس على احد هذه الاقوال. اثنان واربعون وثلاثمائة. اذا عامل المسلم معاملة يعتقد هو جوازها وقبض المال جاز لغيره من المسلمين ان يعامله في مثل ذلك المال. وان لم يعتقد تواز تلك المعاملة ثلاثة واربعون وثلاثمائة. الحرام نوعان. الاول حرام لوصفه كالميتة والدم ولحم الخنزير. فهذا اذا اختلط وبالماء والمائع وغيره من الاطعمة. فغير طعمه او ريحه او لونه حرمه. وان لم يغيره ففيه نزاع. والثاني الحرام لكسبه كالمأخوذ غصبا او بعقد فاسد فهذا اذا اختلط بالحلال لم يحرمه، بل ان امكن قسمه قسم ويأخذ كل قدر حقه. اربعة واربعون وثلاثمائة المال اذا تعذر معرفة مالكه صرف في مصالح المسلمين عند جماهير العلماء. خمسة واربعون وثلاثمائة بيقولوا في الشريعة كالمعدوم والمعجوز عنه. فان الله قال لا يكلف الله نفسا الا وسعها. اذا ثبتت هذه الاصول فيقال ما في الوجود من الاموال المغصوبة والمقبوضة بعقود لا تباح بالقبض ان عرفه المسلم اجتنبه. فمن علمت انه سرق مالا او خانه في امانته او غصبه فاخذه من المغصوب فهذا بغير حق. لم يجز لي ان اخذه منه لا بطريق الهبة ولا بطريق المعاوضة ولا وفاء عن اجرة ولا ثمن مبيع ولا وفاء عن قرض. فان هذا عين مال ذلك المظلوم. واما ان كان المال قبضه بتأويل سائغ في مذهب بعض الائمة جاز لي ان استوفيه من ثمن المبيع والاجرة والقرض وغير ذلك من الديون. فالمجهول كالمعدوم والاصل فيما بيد المسلم ان يكون ملكا ان ادعى انه ملكه. وان يكون وليا عليه كناظر الوقف وولي اليتيم وولي بيت المال. او يكون وكيلا فيه اتصرف فيه المسلم او الذمي بطريق الملك او الولاية جاز تصرفه. اذا لم اعلم حال ذلك المال الذي بيده بنيت الامر على الاصل والتابعة ان كان فيه تبعة عليه. ستة واربعون وثلاثمائة. والقاعدة الكلية في شرعنا ان الدعاء ان كان واجبا او مستحبا فهو حسن يثاب عليه الداعي. وان كان محرما كالعدوان في الدعاء فانه محرم ومعصية. وان كان مكروها فهو ينقص مرتبة صاحبه وان كان مباحا مستوفيا الطرفين فلا له ولا عليه فهذا هذا. سبعة واربعون وثلاثمائة. وباب تفضيل بعض الاعمال على بعض ان لم يعرف فيه التفضيل. وان ذلك يتنوع بتنوع الاحوال في كثير من الاعمال. والا وقع فيه اضطراب كثير. والواجب ان يعطي ياكل ذي حق حقه ويوسع ما وسعه الله ورسوله ويؤلف ما الف الله بينه ورسوله ويراعي في ذلك ما يحبه الله ويرضاه من المصالح الشرعية والمقاصد الشرعية. ويعلم ان خير الكلام كلام الله. وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم. وان الله بعثه رحمة للعالمين مين ؟ بسعادة الدنيا والاخرة في كل امر من الامور. وان يكون مع الانسان ما يحفظ به هذا الاجمال. والا فكثير من الناس يعتقد ان هذا مجملا ويدعه عند التفصيل اما جهلا واما ظلما واما ظنا واما اتباعا للهوى. فنسأل الله ان يهدينا الصراط المستقيم ثمانية وعشرون ومن تفسير المعوذتين ورسالته في القياس ثمانية واربعون وثلاثمائة. الذي يوسوس في صدور الناس نفسه وشياطين الجن وشياطين الانس. والوسواس الخناس يتناول وسوسة الجنة ووسوسة الانس. والا اي معنى للاستعاذة من وسوسة اني فقط مع ان وسوسة نفسه وشياطين الانس هي مما تضره. وقد تكون اضر عليه من وسوسة الجن. تسعة واربعون وثلاثمائة والشيطان تارة يحدث وسواس الشر وتارة ينسي الخير. وكان ذلك مما يشغله به من حديث النفس خمسون وثلاثمائة. والنسيان للحق من الشيطان والخطأ من الشيطان. واحد وخمسون وثلاثمائة. القياس نوعان صحيح وفاسد. فالصحيح ان تكون العلة التي بها الحكم في الاصل موجودة في الفرع من غير معارض في الفرع يمنع حكمها. ومثل هذا القياس لا تأتي الشريعة بخلافه قط. وكذلك القياس بالغاء الفارق وهو الا يكون بين الصورتين فرق مؤثر في الشرع. فمثل هذا القياس لا تأتي الشريعة بخلافه. وحيث جاءت الشريعة باختصار بعض الانواع بحكم يفارق به نظائره فلابد ان يختص ذلك النوع بوصف يوجب اختصاصه بالحكم ويمنع مساواته لغيره. لكن الوصف فالذي اختص به قد يظهر لبعض الناس وقد لا يظهر وليس من شرط القياس الصحيح المعتدل ان يعلم صحته كل احد. فمن رأى من الشريعة شيئا مخالفا للقياس فانما هو مخالف للقياس الذي انعقد في نفسه ليس مخالفا للقياس الصحيح السابت في نفس الامر. وحيث علمنا ان النص جاء بخلاف قياس علمنا اطعنا انه قياس فاسد. بمعنى ان سورة النص امتازت عن تلك الصورة التي يظن انها مثلها بوصف او تخصيص الشارع لها بذلك الحكم فليس في الشريعة ما يخالف قياسا صحيحا. لكن فيها ما يخالف القياس الفاسد. وان كان من الناس من لا يعلم فساده ثم ذكر على هذا الاصل امثلة كثيرة. اثنان وخمسون وثلاثمائة. العمل الذي يقصد به المال ثلاثة انواع. احدها ان يكون العمل مقصودا معلوما مقدورا على تسليمه. فهذه الاجارة اللازمة. والثاني ان يكون العمل مقصودا لكنه مجهول او غرر. فهذه الجعالة وهي عقد جائز لا لازم. والثالث ما لا يقصد به العمل. بل المقصود المال وهو المضاربة. وهذه من جنس المشاركات. هذا بنفع بدنه وهذا بنفع ماله وما قسم الله من الربح بينهما على الاشاعة فهذا كمال العدل فيها. ولو شرط لاحدهما شيء خاص خرجت من العدل الظلم ثلاثة وخمسون وثلاثمائة وما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم من المعاملات كبيع الغرر والثمرة قبل بدو صلاحها وبيعها السنين وحبل الحبلة وبيع المزابنة والمحاقلة ونحو ذلك فهي داخلة اما في الربا او الميسر. اربعة وخمسون وثلاثمائة. واما اما المضاربة والموسيقات والمزارعة فليس فيها شيء من الميسر بل هي من اقوم العدل. خمسة وخمسون وثلاثمائة. الحكم اذا ثبت بعلة زال بزوالها ستة وخمسون وثلاثمائة اذا تعارضت المصلحة والمفسدة قدم ارجحها. سبعة وخمسون وثلاثمائة. القبض في الاعيان والمنافع القبض في الدين تارة يكون موجب العقد قبضه عقبه بحسب الامكان وتارة يكون موجب العقد تأخير التسليم لمصلحة من المصالح ثمانية وخمسون وثلاثمائة. وقد ذكر الله في اخر البقرة احكام الاموال وهي ثلاثة اصناف عدل وفضل وظلم. فالعدل البيع والظلم الربا والفضل الصدقة. فمدح المتصدقين وذكر ثوابهم وذم المرابين. وبين عقابهم واباح البيع والتداين الى اجل مسمى تسعة وخمسون وثلاثمائة. ومن الاصول الكلية ان المعجوز عنه في الشرع ساقط الوجوب. وان المضطر اليه بلا معصية غير محظور. فلم يوجب الله ما يعجز عنه العبد ولم يحرم ما يضطر اليه العبد. ستون وثلاثمائة. ومن ادى عن غيره دينا واجبا بنية الرجوع رجعة. لا سيما كما اذا كان له فيه حق واحد وستون وثلاثمائة من غير مال غيره بحيث يفوته مقصوده فله ان يضمنه اياه بمثله اثنان وثلاثمائة وجميع المتلفات تضمن بالجنس بحسب الامكان مع مراعاة القيمة حتى الحيوان. ثلاثة وستون وثلاثمائة. معرفة الحكم معاني التي تضمنتها الشريعة من اشرف العلوم فمنه الجلي الذي يعرفه اكثر الناس ومنه الدقيق الذي لا يعرفه الا خواصهم. اربعة وستون وثلاثمائة. التطوعات لا تلزم بالشروع فيها الا الحج والعمرة. خمسة وستون وثلاثمائة. والاصل الذي دل عليه الكتاب والسنة ان من فعل محظورا ناسيا لم يكن قد فعل منهيا عنه فلا يبطل ذلك بشيء من العبادات. ومن ترك مأمورا فعليه اعادة ما امكن اعادته. ستة وستون وثلاثمائة اذا تصرف الرجل في حق الغير بغير اذنه فظاهر مذهب احمد ان المتصرف اذا كان معذورا لعدم تمكنه من الاستئذان وحاجته الى التصرف وقف على الاجازة بلا نزاع. وان امكنه الاستئذان او لم يكن له به حاجة الى التصرف فيه ففيه نزاع. المشهورة عدم النفوذ والشيخ يميل الى الصحة ويقف على الاجازة. تسعة وعشرون. ومن رسالة فتواه في السماع والغناء سبعة وستون وثلاثمائة الذوق والحال والوجد محكوم عليه من جهة الشرع. وما وافق الشرع منها قبل وما خالفه رد. ثمانية وستون وثلاثمائة. اذا وقع النزاع في حكم فعل من الافعال او حال او ذوق هل هو صحيح او فاسد او حق او باطل؟ وجب الرجوع فيه الى الحجة المقبولة عند الله من كتاب الله وسنة رسوله فهذا هو الاساس. ومن لم يبني على هذا الاصل فعلمه وسلوكه ليس عليه شيء. تسعة وستون وثلاثمائة اذا على الناظر او السالك حكم شيء. هل هو الاباحة او التحريم؟ فلينظر الى مفسدته وثمرته وغايته. فاذا كان مشتملا على مفسدة ظاهرة ان راجحة فانه يستحيل على الشارع الامر به او اباحته بل يقطع ان الشرع يحرمه. لا سيما اذا كان طريقا مفضيا الى ما يبغضه الله ورسوله سبعون وثلاثمائة وفصل الخطاب في هذا الباب ينبغي ان ينظر في ماهية الشيء. ثم يطلق عليه التحريم او الكراهة او غير ذلك. والغناء يطلق على اشياء منه غناء الحجيج فانهم ينشدون اشعارا يصفون فيها الكعبة وزمزم والمقام وغير ذلك. فسماع تلك الاشعار مباح وفي معنى هذا الغزاة انهم ينشدون اشعارا يحرضون على الغزو بها وانشاد المتبارزين. وقد قال صلى الله عليه وسلم لحاديه رويدا رفقا بالقوارير واحد وسبعون وثلاثمائة وتكلموا في الغناء المجرد عن الات اللهو هل هو حرام او مكروه او مباح؟ وذكر اصحاب احمد لهم ثلاثة اقوال ثلاثون. ومن كتاب الاختيارات اثنان وسبعون وثلاثمائة. الطهارة تكون من الاعيان النجسة كقوله وثيابك فطهر وتارة تكون في الافعال الخبيثة كقوله سبحانه وتعالى انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس اهل البيت ويطهركم تطهيرا وتارة من الاحداث المانعة كقوله وان كنتم جنبا فاطهروا. ثلاثة وسبعون وثلاثمائة وتجوز طهارة الحدث والخبث بكل ما يسمى ماء. وتزال النجاسة بكل ما يزيلها ويذهب اثرها من ماء او غيره. الاصل ان الماء طهور حتى يتغير احد اوصافه بالنجاسة اربعة وسبعون وثلاثمائة يجب بذل المنافع المحضة للمحتاج كسكنى داره والانتفاع بانائه بلا اجرة لذلك خمسة وسبعون وثلاثمائة. جميع ما يدعى من السنة انه ناسخ للقرآن فهو غلط. ستة وسبعون وثلاثمائة الناس اذا اعتادوا القيام وان لم يقم لاحدهم افضى الى مفسدة. فالقيام دفعا لها خير من تركه. وينبغي للانسان ان يسعى في سنة رسول الله صلى صلى الله عليه وسلم واصحابه وعادتهم واتباع هديهم. واذا اعتاد الناس قيام بعضهم لبعض فقيامهم لكاب الله اولى. سبعة وسبعون ثلاثمائة الاستدامة اقوى من الابتداء. ثمانية وسبعون وثلاثمائة. قد يعرض للعمل المفضول ما يجعله افضل من غيره. تسعة وسبعون وثلاثمائة. الدعاء سبب لجلب المنافع ودفع المضار مع انه عبادة يثاب عليها الداعي. واذا ارتاضت نفس العبد على الطاعة وانشرحت بها وتنعمت بها وبادرت اليها طواعية ومحبة كان افضل مما يجاهد نفسه على الطاعات ويكرهها عليها ثمانون وثلاثمائة والجن ليسوا كالانس في الحد والحقيقة. فلا يكون ما امروا به مساويا لما على الانس في الحد والحقيقة. لكنهم يشاركونهم في جنس التكليف بالامر والنهي والتحليل والتحريم بلا نزاع بين العلماء. واحد وثمانون وثلاثمائة ويجب تقديم ما قدمه الله ورسوله ولو مع الواقف بخلافه فلا يلتفت الى شرط يخالف شرط الله ورسوله. اثنان وثمانون وثلاثمائة ما اطلقه الشارع يعمل بمقتضى سماه ووجوده ولم يجز تقديره وتحديده بمدة. فلهذا كان الماء قسمين طهورا او نجسا. ولا حد لاقل الحيض او اكثره ما لم مستحاضة ولا لاقل سنه واكثره ولا لاقل السفر ولا حد للدرهم والدينار قل غشه او كثر في الزكاة والسرقة وغيرها ولا تاجيل في الدية الا ان رأى الامام ذلك. والخلع فسخ مطلقا. والكفارة في كل ايمان المسلمين. وفروع هذه القاعدة كثيرة ثلاثة وثمانون وثلاثمائة ما لا يسن له الجماعة والاجتماع اذا فعل احيانا لعارض فلا بأس ما لم يتخذ عادة. اربعة وثمانون وثلاثمائة واعمال القلوب من التوكل والخوف والرجاء والصبر ونحوها واجبة بالاتفاق. خمسة وثمانون وثلاثمائة. وينبغي المؤمن ان يكون خوفه ورجائه واحدا فايهما غلب هلك صاحبه. ستة وثمانون وثلاثمائة ولا يشهد بالجنة الا لمن شهد له الرسول صلى الله عليه وسلم واتفقت الامة على الثناء عليه سبعة وثمانون وثلاثمائة وتواطؤ الرؤيا كتواطؤ الشهادات. ثمانية وثمانون وثلاثمائة. الصحيح ان الميت ينتفع بجميع العبادات البدنية من الصلاة والصيام والقراءة. كما ينتفع بالعبادات المالية من الصدقة والعتق ونحوهما باتفاق الائمة. وكما لو دعا له واستغفر له. الصدقة عن الميت افضل من عمل ختمة وجمع الناس. تسعة وثمانون وثلاثمائة ومذهب اهل السنة ان العذاب او النعيم لروح الميت وبدنه. وان الروح تبقى بعد مفارقة البدن منعمة او معذبة ايضا تتصل بالبدن احيانا فيحصل له معها النعيم او العذاب ولاهل السنة قول اخر ان ذلك على البدن وحده. تسعون وثلاثمائة ولا يحل الاحتيال لاسقاط الزكاة ولا غيرها من حقوق الله تعالى. واحد وتسعون وثلاثمائة واعطاء السؤال فرض كفاية ان صدقوا ومن سأل غيره الدعاء لنفع ذلك الغير او نفعهما اثيب. وان قصد نفع نفسه فقط نهي عنه. كسؤال المال وان كان لا يأثم. اثنان اثنان وتسعون وثلاثمائة. الصحيح في العبادة ما ابرأ الذمة. لا ما ليس فيه ثواب. فقد يعمل العمل الصالح ثم يفسده او يفسد لمبطل مع ذلك على ما فعله منه ونواه. ثلاثة وتسعون وثلاثمائة. والغني الشاكر والفقير الصابر افضلهما اتقاهما لله تعالى فان استويا في التقوى استويا في الفضل. اربعة وتسعون وثلاثمائة. الكلام الحرام يجب الصمت عنه وفضول الكلام ينبغي الصمت عنه خمسة وتسعون وثلاثمائة يلزم الانسان طاعة والديه وان كانا فاسقين في غير معصية. ستة وتسعون وثلاثمائة ولا يشرع وتقبيل المقام ومسحه اجماعا. فسائر المقامات اولى. سبعة وتسعون وثلاثمئة. وكل ما عده الناس بيعا او هبة من متعاقب او متراخ من قول او فعل انعقد به البيع والهبة. ثمانية وتسعون وثلاثمائة. ويحرم بيع ما قصد به الحرام ان علم ذلك او ظنه او تضمن ترك واجب. تسعة وتسعون وثلاثمائة. الشهادة على العقود المحرمة على وجه الاعانة عليها حرام. وانما الشهادة في العقود المختلف فيها التي يصوغ فيها الخلاف فتجوز لمن اعتقد حلها. اربعمئة العين والمنفعة التي لا قيمة لها في العادة لا يصح وان يرد عليها عقد بيع او ايجارة اتفاقا. واحد واربعمئة. والمضارة مبناها على القصد والارادة او على فعل ضرر. وهو غير تاج اليه. فمتى قصد الاضرار ولو بالمباح او فعل الاضرار من غير استحقاق فهو مضار. واما اذا فعل الضرر المستحق الحاجة اليه والانتفاع به لا لقصد الاضرار فليس بمضار. اثنان واربعمئة لا تتقى شبهة بترك واجب. ثلاثة واربع تستحق اجرة المثل في سائر العقود الفاسدة وتخليص الاموال من الهلاك. اربعة واربعمئة من تصرف بلا اذن ولا ملك ثم بين انه كان مالكا او وكيلا صح تصرفه. خمسة واربعمئة من تصرف لغيره بولاية او وكالة ففاتت المصلحة مع اجتهاده وعدم تفريطه فلا ضمان عليه. ستة واربعمئة. اقرار الامناء على ما اؤتمنوا عليه صحيح ثابت. سبعة واربعمئة. يصح تعليق العقود كلها كما يصح تعليق الفسوخ. ثمانية واربعمئة. الربح الحاصل من مال لم يأذن مالكه في التجارة فيه بين العامل وصاحب بالمال على قدر النفعين بحسب معرفة اهل الخبرة وهو اصح الاقوال. تسعة واربعمئة. يجوز التصرف فيما في يده بالوقف وغيره حتى تقوم حجة شرعية انه ليس ملكا له. لكن لا يحكم بالوقف حتى يثبت الملك عشرة واربعمئة. هل تفويت المعدوم الذي انعقد بسبب وجوده كاعدام الموجود يفهم من كلامه استواء الامرين احد عشر واربعمائة. ويتبع العرف في الكلف السلطانية وغيرها ما لم يكن شرط فيتبع اثنى عشرة واربعمائة اذا شرط المؤجر على المستأجر شروطا فيها غرض صحيح صحت ولزمت ثلاث عشرة ومئة الحاق الزيادات والشروط المقصودة في العقود اللازمة بعد لزومها لا تلحق في مذهب احمد. ومن التزمها على وجه لا تلزمه خوف من ظلم الاخر له لم تلزم اربعة عشر واربعمائة اجور المثل ليست شيئا محدودا. وانما هي ما تساوى الشيء في نفوس اهل الرغبة في وقت التقويم خمسة عشر واربعمائة كتمان العيوب تغرير والغار ضامن فان ترك الواجب كفعل المحرم ستة عشر واربع ومئة يجوز اللعب بما قد يكون فيه مصلحة بلا مضرة. وكل ما افضى الى المحرم كثيرا حرمه الشارع اذا لم يكن فيه مصلحة راجحة كان يكون سببا للشر والفساد. وما الهى وشغل عما امر الله به فهو منهي عنه. وان لم يحرم جنسه كالبيع والتجارة واما سائر ما يتلهى به الباطلون من انواع اللهو وضروب اللعب مما لا يستعان به في حق شرعي فكله حرام. ويرخص للصغار ما لا يرخص للكبار سبع عشرة واربعمائة ما اخذ من الاموال والنفوس او اتلف منهما في حال الجاهلية اقر قراره ولم يضمن ثمانية عشر واربعمائة المال المشترك المختلط زيادته ونقصه بين الشركاء على قدر املاكهم. واذا تعذر معرفة قدر ما لكل منهما او منهم فالاصل المساواة تسع عشرة واربعمئة. اسباب الضمان الائتلاف بغير حق. والتلف بيد الامين بتعد او تفريط متعدية فيضمن الشيء بمثله اذا امكن ولو غير مكيل او موزون والا فبقيمته. عشرون واربعمائة وقدر المتلف اذا فلم يمكن تحديده عمل فيه بالاجتهاد كما يفعل في قدر قيمته بالاجتهاد في معرفة مقدار ثمنه. واحد وعشرون واربعمائة. ومن لم قم بوظيفته غيره من له الولاية لمن يقوم بهذا الى ان يتوب الاول ويلتزم بالواجب. ويجب ان يولى في الوظائف وائمة المساجد الاحق بها شرعا. وان يعمل ما قدر عليه من عمل الواجب وليس للناس ان يولوا عليهم الفاسق. وان نفث حكمه وصحت الصلاة خلفه اثنان وعشرون واربعمائة ويجوز تغيير شرط الواقف الى ما هو اصلح منه. وان اختلف ذلك باختلاف الزمان ولا يلزم الوفاء بشرط الواقع الا اذا كان مستحبا. ثلاثة وعشرون واربعمائة ويجب عمارة الوقف بحسب البطون. الجمع بين عمارة الوقف وارباب الوظائف حسب بالامكان اولى بل قد تجب اربعة وعشرون واربعمئة التحقيق ان لفظ الواقف والموصي والنادر والحالف وكل عاقد يحمل على مذهبه وعادته في خطابه ولغته التي يتكلم بها. وافق لغة العرب او لغة الشارع او لا. والعادة المستمرة والعرف في الوقف يدل على شرط الواقف اكثر مما يدل على لفظ الاستفاضة. خمسة وعشرون واربعمائة. وان نزل تنزيلا شرعيا لم يجد تصرفه بلا موجب شرعي. وكل متصرف بولاية اذا قيل له افعل ما تشاء فانما هو لمصلحة شرعية حتى لو صرح الواقف بفعل ما يهواه او يراه مطلقا. فهو شرط باطل لمخالفته الشرع. ستة وعشرون واربعمائة. ويد الواقف ثابتة على المتصل بالوقف ما لم تأتي حجة تدفع موجبها. سبعة وعشرون واربعمئة. وعلى الناظر فعل المصلحة. ومع الاشتباه ان كان عالما عادلا انصاغ له الاجتهاد ومن قسم شيئا يلزمه ان يتحرى فيه العدل ويتبع ما هو ارضى لله ولرسوله. سواء استفاد القسمة بولاية او عقد ثمانية وعشرون واربعمائة. ومن نزل في مدرسة ونحوها استحق بحصته من المغل. ومن جعله كالولد فقد اخطأ. التسعة وعشرون واربعمائة وان انتفت الشروط في الطبقة الاولى او بعضها لم تحرم الثانية مع وجود الشروط فيهم اجماعا. ثلاثون واربع واذا جهل شرط الواقف صرف الى المستحقين بالتسوية. واحد وثلاثون واربعمائة يجوز ابدال الوقف بخير منه للمصلحة اثنان وثلاثون واربعمائة. اذا قام المستوفي بما عليه من العمل استحق ما فرض له ثلاثة وثلاثون واربعمائة. اذا اختلف النقد المستحق من نقد البلد ما قيمته قيمة المشروط الملغى؟ اربعة وثلاثون واربعمائة عمدة التصرف على غلبة الظن بخلافه في الاحكام فان طرقها مضبوطة. خمسة وثلاثون واربعمائة من كان له حق في مال من يتهمه باتلافه او تفويته عليه فله ان يضم اليه يدا تمنعه. ستة وثلاثون واربعمائة. الاعراض عن الاهل والاولاد ليس مما يحبه الله ورسوله ولا هو دين سبعة وثلاثون واربعمائة ان كانت العبادات فرض كفاية كالجهاد والعلم قدمت على النكاح ان لم يخش العنت. ثمانية ثلاثون واربعمائة يجوز نقل الملك عن الشيء مع استثناء المنفعة ان كان العقد معاوضة وان كان عقد تبرع جاز استثناء المعلوم من المنفعة والمجهول تسعة وثلاثمائة واربعمائة. واذا دخل النقص على الزوج لعيب بالمرأة او فوات صفة او شرط صحيح او باطل فانه ينقص من المسمى بنسبة ما نقص. وهذا النقص من نهر المثل. اربعون واربعمائة. والذي ينبغي في اصناف سائر المال عبدي والشاة والبقرة والثياب ونحوها. اذا اصدقها شيئا من ذلك ان يرجع فيه الى مسمى ذلك اللفظ في عرفها. وان كان بعض ذلك غالبا اخذ به كالبيع او كان من عادتها اقتناؤه او لبسه فهو كالملفوظ به. واحد واربعون واربعمئة كل من اهدي او وهب له شيء كن بسبب يثبت بثبوته ويزول بزواله ويحرم بحرمته ويحل بحله. اثنان واربعون واربعمئة ويتوجه صحة السلف في العقول دي كلها ثلاثة واربعون واربعمائة. اذا تعارض الاصل والظاهر رجح ارجحهما. ومن الترجيحات كثرة القرائن وقوتها. اربعة واربعمائة بيع الكفار ما يعملونه كنيسة او تمثالا. او يعينهم على شيء من شعائر دينهم محرم. وهو من التشبه بهم بهم منهي عنه اجماعا. خمسة واربعون واربعمئة. وتكره المواسم الخاصة كالرغائب وليلة النصف من شعبان ونحو ذلك. ست واربعون واربعمائة وتجب معاشرة الزوجة بالمعروف. وكذلك النفقة والكسوة والتسلم والخدمة ونحوها. سبعة واربعون اربعمائة. الاكراه يختلف باختلاف المكره عليه. ثمانية واربعون واربعمائة. اذا اختلف اثنان وتنازعا شيئا بلا بينة قدم قول من يشهد له العرف تسعة واربعون واربعمائة. والقيافة في الاموال معتبرة كما تعتبر في الانساب. خمسون واربعمائة اذا ادعت المرأة فيخالف الظاهر في النفقات والعدد وغيرها فلابد من بينة. واحد وخمسون واربعمائة العقوبات الشرعية انما شرعت رحمة من الله بعباده فهي صادرة عن رحمة الخالق وارادة الاحسان اليهم. ولهذا ينبغي لمن يعاقب الناس على ذنوبهم ان يقصد بذلك الاحسان اليهم الترحم لهم كما يقصد الوالد تأديب ولده. وكما يقصد الطبيب معالجة المريض اثنان وخمسون واربعمائة ويجري القصاص في اللطم والضربة ونحو ذلك ثلاثة وخمسون واربعمائة وغلظ المعصية وعقابها بقدر فضيلة الزمان والمكان والكبيرة الواحدة لا احبط جميع الحسنات. لكن قد تحبط ما يقابلها. اربعة وخمسون واربعمئة. والتعزير يكون على فعل المحرمات وترك الواجبات خمسة وخمسون واربعمائة والجهاد منه ما يكون باليد ومنه ما يكون بالقلب والحجة والدعوة واللسان والرأي والتدبير والصناعة. فيجب بغاية ما يمكنه. ويجب على القعدة لعذر ان يخلفوا الغزاة في اهليهم ومالهم. ستة وخمسون واربعمائة. قد يكون ثواب بعض محبات او واجبات الكفاية اعظم من ثواب واجب. سبعة وخمسون واربعمئة. والواجب ان يعتبر في امور الجهاد برأي اهل الدين الصحيح الذين لهم خبرة بما عليه اهل الدنيا دون اهل الدنيا الذين يغلب عليهم النظر في ظاهر الدين. ثمانية وخمسون واربعمائة المضطر اضطروا الى طعام الغير اذا كان فقيرا فلا يلزمه عوض. اذ اطعام الجائع وكسوة العاري فرض كفاية. ويصيران فرض عين على المعين اذا لم يقم به غيره وان كان غنيا لزمه العوض اذ الواجب معاوضته تسعة وخمسون واربعمئة ما وجب بالشرع اذا نذره العبد او وعاهد الله عليه او بايع عليه الرسول او الامام او تحالف عليه جماعة فان هذه العقود والمواثيق تقتضي له وجوبا ثانيا غير الثابت بمجرد الامر الاول فيكون واجبا من وجهين. وكان تركه موجبا لترك الواجب بالشرع والواجب بالنذر. هذا هو التحقيق ستون واربعمائة والصواب على اصلنا ان العبادات والكفارات وسائر الواجبات يجوز تقديمها اذا وجد سبب الوجوب ولا قدموا على سببه واحد وستون واربعمائة ويلزم الوفاء بالعهد اثنان وستون واربعمائة. قد اوجب النبي صلى الله عليه وسلم تأمير الوادي في الاجتماع القليل العارض في السفر فهو تنبيه على انواع الاجتماع. ثلاثة وستون واربعمائة. واذا فعل الوادي ما يمكنه لم يلزمه وما يعجز عنه وما يستفيد المتولي بالولاية لا حد له شرعا. بل يتلقى من الالفاظ والاحوال والعرف. واجمع العلماء على تحريم الحكم والفتيا بالهوى وبقول او وجه من غير نظر في الترجيح. ويجب العمل بموجب اعتقاده فيما له وعليه اجماعا. والولاية لها ركنان القوة والامانة فالقوة في الحكم ترجع الى العلم بالعدل بتنفيذ الحكم والامانة ترجع الى خشية الله اربعة وستون واربعمئة شروط القضاء تعتبر حسب الامكان. ويجب تولية الامثل فالامثل. خمسة وستون واربعمائة واكثر من تميز في العلم من المتوسطين اذا نظر وتأمل ادلة الفريقين بقصد حسن ونظر تام ترجح عنده احدهما لكن قد لا يثق بنظره بل يحتمل ان عنده ما لا يعرف جوابه الواجب على مثل هذا موافقته للقول الذي ترجح عنده بلا دعوة للاجتهاد. فالمجتهد في اعيان المفتين. والائمة اذا اترجح عنده احدهما قلده. والدليل الخاص الذي يرجح به قول على قول اولى بالاتباع من دليل عام. على ان احدهما اعلم ابين وعلم الناس بترجيح قول على قول ايسر من علم احدهم بان احدهما اعلم وادين. لان الحق واحد ولابد ويجب وان ينصب على الحكم دليلا. وليس للحاكم وغيره ان يبتدأ الناس بقهرهم على ترك ما يسوغ. والزامهم برأيه اتفاقا. ولو جاز هذا لجاز لغيره مثله وافضى الى التفرق والاختلاف. سبعة وستون واربعمائة وفي لزوم التمذهب بمذهب وامتناع الانتقال الى غيره وجهان في مذهب احمد وغيره في القول بلزومه طاعة غير النبي صلى الله عليه وسلم في كل امره ونهيه وهو خلاف الاجماع وجوازه في فيه ما فيه. ومن اوجب تقليد امام بعينه استتيب. فان تاب والا قتل. وان قال ينبغي كان جاهلا ضالا. ومن كان متبعا لامام فخالفه في بعض المسائل لقوة الدليل او لكون احدهما اعلم واتقى فقد احسن وفي موضع اخر قال يجب عليه ثمانية وستون واربعمائة وليس للانسان في مسائل النزاع ان يعتقد احد القولين فيما له. والقول الاخر فيما عليه باتفاق المسلمين. تسعة وستون واربعمائة ومن كان له عند انسان حق ومنعه اياه جاز له الاخذ من ما له بغير اذنه اذا كان سبب الحق ظاهرا لا يحتاج الى اثبات. وان كان الحق خفيا يحتاج الى اثبات لم يجز. سبعون واربعمئة. والعدل في كل زمان ومكان وطائفة بحسب فيكون الشاهد في كل قوم من كان ذا عدل فيهم. وان كان لو كان في غيرهم لكان عدله على وجه اخر. وبهذا يمكن الحكم بيننا ناس واحد وسبعون واربعمائة. ويتوجه ان تقبل شهادة المعروفين بالصدق. وان لم يكونوا ملتزمين للحدود عند الضرورة الحبس وحوادث البدو واهل القرية الذين لا يوجد فيهم عدل. اثنان وسبعون واربعمائة. وينبغي ان نقول في الشهود ما نقول في المحدثين وهو انه من الشهود من تقبل شهادته في نوع دون نوع او شخص دون شخص. كما ان المحدثين كذلك ثلاثة وسبعون واربعمائة اذا ادعى احدهما صحة التصرف والاخير بطلانه فالقول قول مدعي الصحة لان الاصل السلامة اربعة وسبعون واربعمئة رجوع وعن الدعوة مقبول والرجوع عن الاقرار غير مقبول. هذا اخر ما نقلنا من الاصول والقواعد من الاختيارات. ومن الفتاوى المصرية خمسة وسبعون واربعمائة. النية المجردة عن العمل يثاب عليها. والعمل المجرد مع النية لا يثاب عليه. ومن نوى الخير وعمل منه مقدوره وعجز عن اكماله كان له اجر عامل. ستة وسبعون واربعمائة. اعمال القلوب المجردة افضل من اعمال الجوارح المجردة. سبعة تسعون واربعمائة جرت عادة الشارع ان يقدر المقدرات باوعيتها. ثمانية وسبعون واربعمائة. ان الله حرم الخبائث لما قام به ما من وصف الخبث كما انه اباح الطيبات لما فيها من وصف الطيب تسعة وسبعون واربعمائة. ترك الاستفصال في مقام الاحتمال نزلوا منزلة العموم في المقال ثمانون واربعمائة. المفهوم لا عموم له. واحد وثمانون واربعمائة. الاستحالة تقلب الطيب خبيث والخبيث طيبا على الصحيح. اثنان وثمانون واربعمائة. قد امر الله في كتابه بغض البصر وهو نوعان غض البصر عن العورة وغضب عن محل الشهوة والثاني اشد من الاول. ثلاثة وثمانون واربعمائة من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه. اربعة وثمانون واربعمائة. ومن اراد السلامة من فتن التعلق بالعشق والنظر المحرم فليستعن بالله وليداوم على الصلوات الخمس والدعاء والتضرع وقت وتكون صلاته بحضور قلب وخشوع. وليكثر الدعاء بقوله يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك. يا مصرف القلوب قلبي الى طاعتك وطاعة رسولك. فليبعد عن مواضع الفتن وليتعوض عنها بالحلال الطيب. خمسة وثمانون واربعمئة. الذي الهمم والدواعي على نقله هو الامور الوجودية. واما الامور العدمية فلا. الا اذا احتيج اليها ستة وثمانون واربعمئة ما لا يشرع قد يستحب لمصلحة راجحة كتعليم ونحوه. سبعة وثمانون واربعمئة. الاكراه على الافعال المحرمة يبيحها اكثر العلماء وذهب طائفة الى انه لا يباح الا الاقوال دون الافعال. وعلى المكره على شيء من ذلك ان يكره ذلك بقلبه ويحرص على بحسب الامكان ومن علم الله منه الصدق اعانه الله. وقد يعافى ببركة صدقه من الامر بذلك. ثمانية وثمانون واربعمائة ومن كان له ورد مشروع من صلاة الضحى او قيام الليل او غير ذلك فانه يصليه حيث كان. ولا ينبغي له ان يدع ورده المشروع لاجل لكونه بين الناس اذا علم الله من قلبه انه يفعله سرا لله مع اجتهاده في سلامته من الرياء ومفسدات الاخلاص. تسعة ثمانون واربعمئة. الطعن على من يظهر الاعمال المشروعة من اوصاف المنافقين. وفيه فتح الباب لاهل الشر والفساد. تسعون واربعمائة من شأن اهل العرف اذا كان الاسم عاما لنوعين فانهم يفردون احد نوعيه باسم ويبقى الاسم العام مختصا بالاخر كما في ذوي الارحام والجنائز ونحوها من الاسماء. واحد وتسعون واربعمئة. العمل الواحد قد يكون فعله مستحبا تارة وتركه تارة باعتبار يترجح من مصلحة فعله وتركه بحسب الادلة الشرعية. والمسلم قد يترك المستحب اذا كان في فعله فساد راجح على مصلحته. اثم اثنان وتسعون واربعمائة والمطلوب من القرآن هو فهم معانيه. والعمل به فان لم تكن هذه همة حافظه لم يكن من اهل العلم والدين من ثلاثة وتسعون واربعمائة ما احتاج اليه العموم لم يحظر عليهم. اربعة وتسعون واربعمائة. اذا كان القلب مشغولا بالله عاقلا للحق مفكرا في العلم فقد وضع موضعه. وحينئذ يكون له وجهان. وجه مقبل على الحق. وهذه الصفة وجود وثبوت ووجه معرض عن الباطل. ومن هذا الوجه يقال له زكي وسليم وطاهر. لان هذه الاسماء تدل على عدم الشر والخبث والدغل وهذه صفة عدم ونفي. وعكسه اذا انصرف الى الباطل فله وجهان. وجه الوجود انه منصرف الى الباطل مشغول به. ووجه العدم انه معرض اسمعني الحق غير قابل له ثمان الباطل نوعان. احدهما تشغل عن الحق ولا تعانده. مثل الافكار والهموم التي من علائق الدنيا وشهواتها النفس والثاني تعاند الحق وتصد عنه مثل الاراء الباطلة والاهواء المردية من الكفر والنفاق والبدع وشبه ذلك. خمسة تسعون واربعمئة السنة في اسباب الخير والشر ان يفعل العبد عند اسباب الخير الظاهرة من الاعمال الصالحة ما يجلب الله به له الخير وعند اسباب الشر الظاهرة من العبادات ما يدفع الله به عنه الشر. ستة وتسعون واربعمائة. كل ما امر الله به راجع الى العدل. وما نهى عنه راجع الى الظلم سبعة وتسعون واربعمائة. الذي يعين على حضور القلب في الصلاة شيئان. قوة المقتضى وضعف الشاغل. اما الاول اجتهاد العبد في ان يعقل ما يقوله ويفعله. ويتدبر القرآن والذكر والدعاء. ويستحضر انه مناج لله كأنه يراه. ثم كلما ذاق العبد حلاوة الصلاة. كان انجذابه اليها اوكد. وهذا يكون بحسب قوة الايمان. والاسباب المقوية للايمان كثيرة. ثمانية وتسعون واربعمائة. واما زوال المعارض فهو الاجتهاد في دفع ما يشغل القلب من تفكر الانسان فيما لا يعنيه. وتدبر الجواذب التي تجذب القلب المقصود الصلاة وهذا في كل عبد بحسبه. تسعة وتسعون واربعمائة. والوسواس يعرض لكل من توجه الى الله بذكر او غيره لابد له من ذلك. فينبغي للعبد ان يثبت ويصبر ويلازم ما هو فيه من الذكر والصلاة ولا يضجر. فانه بملازمة ذلك ينصرف عنه الشيطان خمسمائة التحريم يدور على المضار وجودا وعدما. واحد وخمسمائة. جميع الاقوال والعقود مشروطة بوجود التمييز والعقل فمن لا تمييز له ولا عقل ليس لكلامه اعتبار في الشرع اصلا. اثنان وخمسمائة الاموال المجهول اهلها تصرف لاولى الناس بها ان لم ينكر ان ردها الى مستحقها فتصرف في مصالح المسلمين. ثلاثة وخمسمائة الاصل المستقر في الشريعة ان اليمين مشروعة في جنبة اقوى تداعيين سواء ترجح ذلك بالبراءة الاصلية او اليد الحسية او العادة العملية. اربعة وخمسمائة. جميع الدين داخل في الشهادتين اذ مضمونها الا نعبد الا الله وان نطيع رسوله. والدين كله داخل في هذا في عبادة الله بطاعة الله وطاعة رسوله. وكل ما يجب او يستحب داخل في طاعة الله ورسوله. خمسة وخمسمئة والاشراك في الحب والعبادة والدعاء غير الاشراك في الاعتقاد والاقرار. ستة وخمسمائة والسبب في ان فرج الله ياتي عند انقطاع الرجاء عن الخلق وتحقيق توحيد الربوبية وتوحيد الالهية ومن كمال نعمة الله عليه الى عباده المؤمنين ان يمنع حصول مطالبهم بالشرك حتى يصرف قلوبهم الى التوحيد. سبعة وخمسمئة. واما هديه صلى الله عليه وسلم في الاكل فانه يأكل ما تيسر اذا اشتهاه ولا يرد موجودا ولا يتكلف مفقودا. وكذلك في اللباس. ثمانية وخمسمئة ومخالفة الناس ان كان فيها تعاون على البر والتقوى فهي مأمور بها وان كان فيها تعاون على الاثم والعدوان فهي منهي عنها. تسعة خمسمائة. ومن كان قادرا على السبب ولا يشغله عن ما هو انفع له في دينه فهو مأمور به مع التوكل على الله. وهذا خير له من ان يأخذ من الناس ولو جاءه بغير سؤال وسبب. مثل هذا عبادة وهو مأمور ان يعبد الله ويتوكل عليه. عشرة وخمسمئة لن يقوم الدين الا في الكتاب والميزان والحديد. كتاب يهدي وحديد ينصره كما قال تعالى لقد ارسلنا رسلنا بالبينات. فالكتاب به يقوم العلم والدين والميزان به تقوم الحقوق في العقود المالية والقبوض. والحديد به تقوم الحدود على الكافرين والمنافقين. احد عشر وخمسمائة اوجب الله في المعاملات خاصة وفي الدين عامة النصيحة والبيان وحرم الخلابة والغش والكتمان اثنى عشر وخمسمائة فان الله ورسوله سد الذرائع الى المحارم بان حرمها. والذريعة ما كان وسيلة وطريقا الى الشيء. ثلاثة عشر وخمسمائة. تصرفات العباد في الاقوال والافعال واحد عبادات يصلح بها دينهم. اثنان عبادات يحتاجون اليها في دنياهم. فاستقراء اصول الشريعة ان العبادات التي اوجبها الله او اباحها لا يثبت الامر بها الا من الشرع. واما العادات فهي ما اعتاده الناس في دنياهم مما يحتاجون اليه. والاصل فيه عدم الحظر يحذر منه الا ما حظره الله ورسوله اربعة عشر وخمسمائة. حرم الله اكل الاموال بالباطل. وهذا يعم كل ما يؤكل بالباطل في المعاوضات والتبرعات وما يؤخذ بغير رضا المستحق والاستحقاق. خمسة عشر وخمسمائة. الاصل في العقود والشروط الصحة الا ما احل حراما او حرم حلالا او كان غررا او ربا او ظلما. ستة عشر وخمسمائة. الشرط المتقدم بمنزلة الشرط المقارن سبعة عشر وخمسمائة. جميع الايمان تكفر من غير استثناء. ثمانية عشر وخمسمائة الاموال التي لها اصل في كتاب الله التي يتولى قسمها ولاة الامر ثلاثة. الاول مال المظانم وهذا لمن شهد الوقعة الا الخمس. فان مصرفه ما ذكره الله بقوله واعلموا ان ما غنمتم من شيء كأن لله خمسه وللرسول وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وبني السبيل. والمغانم ما اخذ من الكفار بقتال فهذه المغانم وخمسها. والثاني الفين وهو الذي ذكره الله في سورة الحشر. وما افاء الله على رسوله منهم؟ وهو ما للمسلمين بغير ايجاف خيل ولا ركاب. لان الله افاءه على المسلمين. فانه خلق الخلق لعبادته واحل لهم الطيبات ليأكلوا ويعملوا صالحا. والكفار عبدوا غيره وصاروا غير مستحقين للمال. فاباح للمؤمنين الذين عبدوه ان يسترقوا انفسهم وان الاموال منهم فاذا اعادها الله للمؤمنين فقد فائت. اي رجعت الى مستحقيها. وهذا الفيئ يدخل فيه الجزية والعشور وانصافها. وما تصالح عليه الكفار من المال وما تركوه خوفا من المسلمين. وذكر الله مصارف الفيء في قوله تعالى ما افاء الله على من اهل القرى الى قوله ربنا انك رؤوف رحيم. فهؤلاء المهاجرون والانصار ومن جاء بعدهم الى يوم القيامة. ومن الفيء الخراج ويصرف للمجاهدين ولجميع المصالح الاسلامية ممن يحتاجون او يحتاج اليهم وما فضل منه قسم بين المسلمين. واما المال الثالث فهو الصدقات التي هي زكاة اموال المسلمين. زكاة الحرث. وهي العشر وانصاف العشور المأخوذة من الحبوب والثمار. وزكاة الماشية وهي الابل والبقر والغنم. وزكاة التجارة وزكاة النقدين. فهذا المال مصرفه ما ذكره الله بقوله انما الصدقات للفقراء الى اخرها تسعة عشر وخمسمائة العطاء انما هو بحسب مصلحة دين الله. فكل ما كان لله اطوع ولدين الله انفع. كان العطاء فيه في اولى وعطاء محتاج اليه في دين الله وقمع اعدائه واظهاره واعلائه اعظم من اعطاء لا يكون كذلك عشرون وخمسمائة والاموال التي بايدي الظلمة التي لا يمكن ردها الى اهلها. ودار الامر بين اقرارها بايدي الظلمة او صرفها في المصالح. كان الثاني هو اللازم وكان النهي عنه زيادة ظلم. فكما يجب ازالة الظلم يجب تقليله اذا وقع عند العاجز عن ازالته بالكلية. واحد وعشرون وخمسمائة شبهات ينبغي صرفها في الابعد عن المنفعة. فالاقرب ما دخل الجوف من الطعام والشراب ونحوه. ثم ما والي الظاهر من اللباس ثم ما ستر مع خصال من البناء ثم ما عرض من الركوب ونحوه فهكذا ترتيب الانتفاع بالرزق. وكذلك اصحابنا يفعلون. اثنان وعشرون وخمسمائة من خلص سمع لغيره من مهلكة اذا نوى التبرع فاجره على الله. والا فله اجرة مثل عمله. لانه وان لم يؤذن فيه لفظا فقد اذن فيه شرعا وعرفا. ثلاثة وعشرون وخمسمائة يجب العمل بالمقتضى او بالدليل السالم عن المعارض المقاوم. اربعة وعشرون وخمسمائة. الانسان اذا اذا كان سائلا بلسانه او مستشرفا في قلبه الى ما يعطاه فلا ينبغي له ان يقبله الا حيث تباح له المسألة والاستشراف. واما اذا اتاه ومن غير مسألة ولا اشراف فله اخذه ان كان الذي اعطاه حقه. وان كان اعطاه ما لا يستحقه عليه. فان قبله وكان من غير اشراف له وعليه فقد احسن. واما الغني فينبغي له ان يكافئ بالمال من ازداه اليه. ومن كتاب اقتضاء الصراط المستقيم خمسة وعشرون وخمسمئة اليهود مقصرون عن الحق والنصارى غالون فيه. فاما وسم اليهود بالغضب والنصارى بالضلال فله اسباب متعددة ليس هذا موضع جماع ذلك ان كفر اليهود اصله من جهة عدم العمل بعلمهم. فهم يعلمون الحق ولا يتبعونه قولا واحدا. او لا قولا ولا عملا. وكفر النصارى من جهة عملهم بلا علم. فهم يجتهدون في اصناف العبادات بلا شريعة من الله. ويقولون على الله ما لا يعلمون. وكان السلف كسفيان ابن عيينة وغيره يقولون من فسد من علمائنا ففيه شبه من اليهود. ومن فسد من عبادنا ففيه شبه من النصارى. ستة وعشرون خمسمائة يجب على كل مسلم الا يتشبه باهل الكتاب والمشركين والملحدين. والتشبه الظاهر يدعو الى الموافقة في الباطن. سبعة وعشرون عشرون وخمسمائة جميع اعمال الكافر واموره لابد فيها من خلل يمنعه ان تتم له منفعة. ولو فرض صلاح شيء من اموره على التمام لاستحق وبذلك ثواب الاخرة. ولكن كل اموره اما فاسدة واما ناقصة. فالحمد لله على نعمة الاسلام التي هي اعظم النعم. وام كل خير كما يحب ربنا ويرضى. فنفس مخالفة الكفار امر مقصود للشارع في الجملة. ثمانية وعشرون وخمسمائة. وكما امر الشارع بمخاطب خالفت الكفار فقد امر بمخالفة الشياطين في عدة اشياء. تسعة وعشرون وخمسمائة. اعتياد اللغة يؤثر في العقل والخلق والدين قويا باينا بحسب تلك اللغة ثلاثون وخمسمائة علينا ان نعرف المنكر معرفة تميز بينه وبين المباح والمكروه والمستحب والواجب حتى نتمكن بهذه المعرفة من اتقائه واجتنابه. كما نعرف سائر المحرمات. اذ الفرض علينا تركها. ومن لم يعرف المنكر لا جملة ولا تفصيلا لم يتمكن من قصد اجتنابه والمعرفة الجملية كافية بخلاف الواجبات. فان الفرض لما كان فعلها والفعل لا يتأتى الا مفصلا قال وجبت معرفتها على سبيل التفصيل. واحد وثلاثون وخمسمائة لو اقام العلماء كتاب الله وفقهوا ما فيه من البينات التي هي حجج الله وما فيه من الهدى الذي هو العلم النافع والعمل الصالح. واقاموا حكمة الله التي بعث بها رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم. وهي سنته لوجدوا فيها من انواع العلوم النافعة ما يحيط بعلم الناس. ولم يزو حينئذ بين المحق والمبطل من جميع الخلق بوصف الشهادة التي جعلها الله ولهذه الامة حيث يقول وكذلك جعلناكم امة وسطا لتكونوا شهداء على الناس. ولاستغنوا بذلك عما ابتدعه من الحجج الفاسدة التي يزعم الكلاميون انهم ينصرون بها اصل الدين. ومن الرأي الفاسد الذي يزعم القياسيون انهم يتمون به فروع مع الدين وما كان من الحجج صحيحا ومن الرأي سديدا. فذلك له اصل في كتاب الله وسنة رسوله. فهمه من فهمه وحرمه من حرمه. اثنان ثلاثون وخمسمائة ولا ريب ان من فعل البدع متأولا مجتهدا او مقلدا كان له اجر على حسن قصده وعلى عمله من حيث ما فيه من المشروع وكان ما فيه من المبتدع مغفورا له اذا كان في اجتهاده او تقليده من المعذورين لكن هذا القدر لا يمنع كراهتها والتحذير منها اعتياض عنها بالمشروع ثلاثة وثلاثون وخمسمئة وفي البدع مفاسد كثيرة واسمها اكبر من نفعها. اربعة وثلاثون وخمسمائة طريقة الانبياء صلوات الله وسلامه عليهم انهم يأمرون الخلق بما في صلاحهم وينهونهم عما فيه فسادهم ولا يشغلونهم بالكلام في اسباب الكائنات كما تفعل المتفلسفة فان ذلك كثير التعب قليل الفائدة او موجب للضرر. ومثل النبي صلى الله عليه وسلم مثل طبيب ابن دخل على مريض فرأى مرضه فعلمه فقال له اشرب كذا واجتنب كذا ففعل ذلك فحصل غرضه من الشفاء والمتفلسف يطول معه الكلام في سبب ذلك المرض وصفته وذمه وذم ما اوجبه. ولو قال له مريض فما الذي يشفيني منه لم يكن له بذلك علم تام ومن الرد على البكري خمسمائة خمسة وثلاثون وخمسمائة. الاحاديث المنقولة في زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم كلها ضعيفة بل موضوعة وليس في السنن منها حديث واحد فضلا عن الصحيحين ولا احتج بها احد من الائمة. ستة وثلاثون وخمسمائة التي تفعل عند زيارة القبور مراتب. ابعدها عن الشرع ان تسأل الميت حاجة او تستغيث به. وهو من جنس عبادة الاصنام. الثاني ان يظن ان الدعاء عند قبره مستجاب. او افضل من الدعاء في المساجد فيقصد زيارته لذلك او للصلاة عنده او لاجل طلب حوائجه منه فهذا ايضا من المنكرات باتفاق الائمة. الثالث ان يسأل صاحب القبر ان يدعو الله له. وهذا بدعة باتفاق المسلمين. سبعة وثلاثون وخمسمائة. اما كون النبي صلى الله عليه وسلم يشعر بالسلام عليه فهذا حق. وهو يقتضي ان حاله بعد موته اكمل من حاله قبل مولده وهذا لا ريب فيه ثمانية وثلاثون وخمسمائة. فليحذر العبد مسالك اهل الظلم والجهل الذين يسلكون مسالك العلماء تسمع من احدهم جعجعة ولا ترى طحنا. فترى احدهم انه في اعلى الدرجات. وانما هو يعلم ظاهرا من الحياة الدنيا. ولم يحم حول العلم الموروث عن سيد ولد ادم وقد تعدى على الاعراض والاموال بكثرة القيل والقال تسعة وثلاثون وخمسمائة. والمأمور به امران باطن وهو اخلاص الدين لله. وعمل ظاهر وهو ما شرعه الله لنا من واجب ومستحب. وخلق كثير يعبدون غير الله وخلق كثير يبتدعون عبادة لم يأذن بها الله. كثير من الناس عملهم ليس خالصا لله ولا موافقا لشريعة الله مبتدعة ضلال. يشرعون اذا لم يأذن به الله اربعون وخمسمائة والعلم شيئان اما نقل مصدق واما بحث محقق وما سوى ذلك فهذيان مزوق اربعة وثلاثون. ومن الرد على الاخنائي واحد واربعون وخمسمائة. فمسجد الرسول نفسه يشرع اتيانه. سواء كان القبر هناك او لم يكن وكل ما يشرع في غيره من العبادات فانه مشروع فيه. وسواء تعلق بالرسول كالصلاة والسلام عليه. وسؤال الله له الوسيلة والثناء عليه والمحبة والتعظيم والتوقير وغير ذلك من حقوقه صلى الله عليه وسلم او لم يتعلق بالرسول كالصلاة والاعتكاف مع انه لابد في ذلك من ذكر الرسول بالشهادة له. والسلام عليه. وكذلك الصلاة عليه. وهذه العبادات وغيرها وحقوقه وغير حقوقه هي مشروعة في جميع المساجد وان لم يكن هناك قبره بل في جميع البقاع الا ما استثناه الشرع. اثنان واربعون وخمسمائة من قامت عليه الحجة من اهل البدع استحق العقوبة والا كانت اعماله البدعية المنهي عنها باطلة لا ثواب فيها. وكانت منقصة له خافضة له مسقطة ودرجته فان هذا حكم اهل الضلال وجزاؤهم. والله حكم عدل لا يظلم مثقال ذرة وهو عليم حكيم. ثلاثة واربعون وخمسون ولما كانت حاجة الناس الى الرسول والايمان به وطاعته ومحبته وموالاته وتعظيمه وتعزيره وتوقيره عامة في كل زمان ومكان كان كان ما يؤمر به من حقوقه عاما لا يختص بغيره. فمن خص قبره بشيء من الحقوق كان جاهلا بقدر الرسول صلى الله عليه وسلم. وقدر ما امر الله به من حقوقه وكل من اشتغل بما امر الله به من طاعته شغله ذلك عما نهى عنه من البدع المتعلقة بقبره وقبر غيره ومن اشتغل بالبدع المنهي عنها ترك ما امر به الرسول من حقه فطاعته هي مناط السعادة والنجاة. اربعة واربعون وخمسمائة. فقد امرنا الله بالايمان بالانبياء وما جاءوا به وفرض علينا طاعة الرسول الذي بعث الينا ومحبته وتعزيره وتوقيره والتسليم لحكمه. وامرنا ايضا ان لا نعبد الا الله وحده ولا نشرك به شيئا. ولا يتخذ بعضنا بعضا اربابا. وفرق بين حقه الذي يختص به. الذي لا يشركه فيه لا ملك ولا نبي وبين الحق الذي اوجبه علينا لملائكته وانبيائه عموما. ولمحمد خاتم الرسل وخير مرسل. الذي جاءه بالوحي خصوصا فان الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس. فاصطفى من الملائكة جبريل ومن البشر محمد. واخبر ان هذا القرآن نزل به هذا رسول الى هذا الرسول مبلغا عن الله خمسة واربعون وخمسمئة. وسائر الانبياء علينا ان نؤمن بهم مجملا. واما محمد صلى الله عليه وسلم فعلينا ان نطيعه في كل ما اوجبه وامر به وان نصدقه في كل ما اخبر به. وغيره من الانبياء عليهم السلام. علينا ان نؤمن بان كل ما اخبروا به عن الله فهو حق. وان طاعتهم فرض على من ارسلوا اليهم. ومحمد امرنا بما امرتنا به الرسل من الدين العام. مثل عبادة الله وحده لا شريك له والايمان بالملائكة والنبيين وجمل الشرائع. مثلما ذكره في سورة الانعام وسبحانه بل وعامت السور المكية فان ذلك مما اتفق عليه الرسل ولكن بعض الامور التي يقع في مثلها النسخ وخص الله محمدا بافضل الشرائع والمناهج ستة واربعون وخمسمائة انبياء وسائط بين الله وبين عباده في تبليغ امره ونهيه ووعده ووعيده. وما اخبر به عن نفسه وملائكته وغير ذلك مما كان ويكون محمد فهو الذي ارسل الينا والى جميع الخلق. وقد ختم الله به الانبياء واتاه من الفضائل ما فضله به على غيره. وجعله سيد ولد ادم وخصائصه وفضائله كثيرة وعظيمة لا يسعها هذا الموضع. وهو مع هذا قد نهانا عن الشرك بهم والغلو فيهم وميز بين حقه وحقهم سبعة واربعون وخمسمائة والملائكة والانبياء والصالحون يستحقون المحبة والموالاة والتكريم والثناء مع انه يحرم الغلو فيهم والشرك خمسة وثلاثون. ومن الرد على اهل المنطق ثمانية واربعون وخمسمائة. ان الامم جميعهم من اهل العلم والمقالات واهل العمل والصناعة يعرفون الامور التي يحتاجون الى معرفتها. ويحققون ما يعانونه من العلوم والاعمال من غير تكلم بحد منطقي. ولا نجد احدا من ائمة في العلوم كلها يتكلم بهذه الحدود. مع انهم يتصورون مفردات علمهم. فعلم استغناء التصور عن هذه الحدود. تسعة واربعون وخمسمائة فائدة الحدود التمييز بين المحدود وبين غيره. ولا يفيد تصور المحدود وحده. ولكنه ينبه تنبيها. خمسون وخمسمئة. المخاطبون بالاسماء الشرعية قد يعلمون معناها على سبيل الاجمال. لكن لا يعلمون مسماها على وجه التحديد الا من جهة الرسول صلى الله عليه وسلم. وهي التي يقال له الاسماء الشرعية واحد وخمسون وخمسمائة. سائر الصفات المشتركة قد لا يمكن الاحاطة بها. ولا ريب انه كلما كان الانسان بها اعلم كان بالموصوف اعلم وانه ما من تصور الا وفوقه تصور اكمل منه. ونحن لا سبيل الى ان نعلم شيئا من كل وجه. ولا نعلم لوازم كل مربوب لوازم لوازمه الى اخرها. فانه ما من مخلوق الا وهو مستلزم للخالق. والخالق مستلزم لصفاته التي منها علمه. وعلمه محيط بكل شيء فلو علمنا لوازم الشيء للزم ان نعلم كل شيء. وهذا ممتنع من البشر. فان الله تعالى هو الذي يعلم الاشياء كما هي عليه من غير احتمال واما نحن فما من شيء نعلمه الا ويخفى علينا من لوازمه واموره ما لا نعلمه. اثنان وخمسون وخمسمائة منع المنطقيين الاحتجاج بالمتواترات والمجربات والحدثيات باطل من وجوه كثيرة. ثلاثة وخمسون وخمسمائة. حجة الله برسله قامت التمكن من العلم فليس من شرط حجة الله علم المدعوين بها. ولهذا لم يكن اعراض الكفار عن استماع القرآن وتدبره مانعا من قيام حجة الله عليه وكذلك اعراضهم عن المنقول عن الانبياء وقراءة الاثار المأثورة عنهم لا يمنع الحجة اذ المكنة حاصلة. اربعة وخمسون وخمسمائة عدم العلم ليس علما بالعدم وعدم الوجدان لا يستلزم عدم الوجود. خمسة وخمسون وخمسمئة. شرك الفلاسفة اشنع من شرك المشركين لان شرك الفلاسفة بالتوحيدين توحيد الربوبية والالهية. ستة وخمسون وخمسمائة. وكذلك كفرهم بما يقولون بالشفاعة وتفسير سيرها بالفيض اخبث من كفر المشركين بقولهم يقربوننا الى الله زلفى. سبعة وخمسون وخمسمئة لا يلزم للعلم من المقدمات الا ما يحتاج اليه واحدة او اثنتين او اكثر بحسب المقام والعبارة لا كما زعمه الفلاسفة انه يحتاج الى مقدمتين فقط لا اقل قل ولا اكثر. ثمانية وخمسون وخمسمائة. واعلم ان بيان ما في كلامهم من الباطل والنقص لا يستلزم كونهم اشقياء في الاخرة الا اذا بعث الله الله اليهم رسولا فلم يتبعوه. بل يعرفوا به ان من جاءته الرسل بالحق فعدل عن طريقهم الى طريق هؤلاء. كان من الاشقياء في الاخرة. والقوم لولا لكانوا اعقل من غيرهم. لكن الانبياء جاءوا بالحق وبقاياه من الامم وان كفروا ببعضه. حتى مشركي العرب كان عندهم بقايا من دين ابراهيم ابراهيم فكانوا بها خيرا من الفلاسفة المشركين. الذين يوافقون ارسطو وامثالهم على اصولهم. تسعة وخمسون وخمسمائة. النظر الى العلوم الدقيقة يفتق الذهن ويدربه ويقويه على العلم فيصير مثل كثرة الرمي بالنشاب وركوب الخيل. يعين على قوة الرمي والركوب وان لم يكن ذلك وقت قتال. وهذا مقصد حسن. وخصوصا العلوم الصادقة كالعلم الرياضي. والرياضة ثلاثة انواع. واحد رياضة الابدان بالحركة والمشي. اثنان رياضة النفوس بالاخلاق الحسنة المعتدلة والاداب المحمودة. ثلاثة ورياضة الاذهان بمعرفة دقيق العلم والبحث عن في الامور الغامضة ستون وخمسمائة لا يعرف بين الصحابة والتابعين والائمة العارفين خلاف ان الفلك مستدير كروي. واحد وستون وخمسمائة والله تعالى امرنا الا نكذب ولا نكذب بحق. وانما مدح سبحانه وتعالى من يصدق فيتكلم بعلم ويصدق ما يقال له من الحق اثنان وستون وخمسمائة ما اخبرت به الرسل من الغيب فهي امور موجودة ثابتة اكمل واعظم مما نشهده نحن في هذه الدار. وتلك امور سوسة تشاهد وتحسن ولكن بعد الموت وفي الدار الاخرة ويمكن ان يشهدها في هذه الدار من يختصه الله بذلك ليست عقلية قائمة بالعقل كما يقوله الفلاسفة ولهذا كان الفرق بينها وبين الحسيات التي نشهدها ان تلك غيب وهذه شهادة وكون الشيء غائبا وشاهدا امر اضافي بالنسبة الينا فاذا غاب عنا كان غيبا واذا شهدناه كان شهادة. وليس هو فرقا يعود الى ان ذاته تعقل ولا تشهد ولا تحس. بل كل ما يعقل ولا لا يمكن ان يحسوا بحال فانما يكون في الذهن والملائكة يمكن ان يشهدوا ويروا. والرب تعالى يمكن رؤيته بالابصار والمؤمنون يرونه في وفي الجنة كما تواترت بذلك النصوص. ثلاثة وستون وخمسمائة والميعاد يقرره الرب بالبراهين العقلية اما بذكر نظيره كاخبار باحياء من احياهم في هذه الدار. وتارة يستدل على امكان ذلك بخلق السماوات والارض. فان خلقها اعظم من اعادة الانسان. وتارة يستدل على كذلك بخلق النبات ونحو ذلك. اربعة وستون وخمسمائة. تبصرة وذكرى لكل عبد منيب. التبصرة بعد العمى وهو الجهل. التذكرة بعد النسيان وهو ضد العلم وذلك ان العلم يحصل بالعلم بالدليل لمن لم يكن عالما به قط. ولمن يذكره بعد النسيان اذا كان قد علمه ثم نسي خمسة وستون وخمسمائة. النظر نوعان نظر في المسائل المطلوبة التي يراد الحكم عليها ونظر في الدلائل المثبتة لها. المبرهنة على حقيقة الحكم عليها ولهذا كان التصديق مسبوقا بالتصور والقول مسبوقا بالعلم فليس لاحد ان يتكلم بما لا يعلم. كذلك لا يصدق ولا يكذب لما لا يتصوره. التصور التام مستلزم للتصديق. التصور الناقص يحتاج معه الى دليل يثبت الحكم. ستة ستون وخمسمائة والقرآن والحديث مملوء من تبيين الحقائق بالمقاييس العقلية والامثال المضروبة. ويبين طرق التسوية بين المتماثلين فرق بين المختلفين وينكر على من يخرج على ذلك. سبعة وستون وخمسمائة استدلال الملاحدة على الحادهم بقوله ولن تجد سنة الله تحويلا على ان العالم لا يتغير بل لا تزال الشمس تطلع وتغرب لانها عادة الله. فيقال لهم انخراط العادات امر معلوم بالحس والمشاهدة بالجملة وقد اخبر في غير موضع انه سبحانه لم يخلق العالم عبثا وباطلا. بل لاجل الجزاء. فكان هذا من سنته الجميلة وجزاؤه الناس باعمالهم في الدار الاخرة. كما اخبر به من نصر اوليائه وعقوبة اعدائه. فبعثوا الناس للجزاء هو من هذه السنة. وهو لم يخبر فكل عادة لا تنتقض. بل اخبر عن السنة التي هي عواقب افعال العباد باثابته اولياءه. ونصرهم على الاعداء. فهذه هي التي اخبر انه لن وجد لها تبديل ولا تحويل كما قال. فهل ينظرون الا سنة الاولين فلن تجد لسنة الله تبديلا. ولن تجد لسنة الله تحويلا وذلك لان العادة تتبع ارادة الفاعل. وارادة الفاعل الحكيم هي ارادة حكيمة فتسوي بين المتماثلات. ولن يوجد هذه السنة تبديل ولا تحويل. وهو اكرام اهل ولايته وطاعته. ونصر رسله والذين امنوا على المكذبين. فهذه السنة تقتضيها حكمته سبحانه فلا انتقاد لها بخلاف ما اقتضت حكمته تغييره. فذاك تغييره من الحكمة ايضا. ومن سنته التي لا يوجد لها تبديل ولا تحويل. لكن في هذا هذه الايات رد على من يجعله يفعل بمجرد ارادة ترجح احد المتماثلين بلا مرجح فان هؤلاء ليس عندهم له سنة لا تبدل ولا حكمة تقصد. وهذا خلاف النصوص والعقول. فان السنة تقتضي تماثل الاحاد. وان حكم الشيء حكم نظيره فيقتضي التسوية بين تماثلات وهذا خلاف قولهم ثمانية وستون وخمسمائة. من المعلوم بالضرورة ان تواتر خروج محمد صلى الله عليه وسلم ومجيئه في هذا القرآن اعظم عند اهل الارض من تواتر وجود الفلاسفة كلهم. فضلا عما يخبرون به من القضايا التجريبية والحدثية التي استدلوا بها الى ان اجتمع باهل يثرب وكانوا جيران اليهود قد سمعوا اخباره منهم وعرفوه. فلما دعاهم علموا انه النبي المنتظر الذي تخبره هم به اليهود وكانوا قد سمعوا من اخباره ما عرفوا به مكانته. فان امره كان قد انتشر وظهر في بضع عشرة سنة فامنوا به وتابعوه على التبعيات والفلكيات. وكذلك ما تواتر من سائر معجزاته. وما تواتر من اخبار موسى والمسيح صلوات الله عليهما. هذا معلوم عند الناس اعظم من تواتر وجود اولئك فضلا عن تواتر ما يخبرون به. ولهذا صار ظهور الانبياء مما تؤرخ به الحوادث في العالم لظهور امرهم عند الخاصة عامة فان التاريخ يكون بالحادث المشهور الذي يشترك الناس فيه ليعرفوا به كم مضى قبله وبعده تسعة وستون وخمسمائة. ما جاءت به الرسل صلوات الله عليهم لا يعرفه هؤلاء الفلاسفة وليسوا قريبين منه. فالكفار اليهود والنصارى اعلم منهم بالامور الالهية. لا فرق بين النقلية ولا العقلية الصحيحة التي جاءت بها الرسل. فهذه العقليات الدينية الشرعية الالهية هي التي لم يشموا رائحتها. ولا في علومهم ما يدل عليها. واما ما اختصت الرسل بمعرفته واخبرت به من الغيب. فذاك امر اعظم من ان يذكر في ترجيحه على الفلسفة. سبعون وخمسون مئة. فاذا كان اشرف العلوم لا سبيل للفلاسفة الى معرفتها بطريقهم. كما قرر وتقرر واعترفوا به لزم امران. احدهما انه لا لا حجة لهم على ما يكذبون به مما ليس في قياسهم دليل عليه. الثاني ان ما علموه خسيس بالنسبة الى ما جهلوه. فكيف اذا علم انه يفيد النجاة ولا السعادة. والرسول اخبر عن امور معينة مثل نوح وخطابه لقومه واحواله المعينة. ومثل ابراهيم واحواله المعينة ومثل موسى وعيسى واحوالهما المعينة وليس شيء من ذلك يمكن معرفته بقياسهم. لا البرهاني ولا غيره فان اكيستهم لا تفيد الا امورا كلها وهذه امور خاصة كذلك اخبر عما كان وسيكون بعده من الحوادث المعينة. حتى اخبر عن التكر بما ثبت في الصحيحين من غير وجه انه قال لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا الترك صغار الاعين ذلف الانوف حمر الخدود. ينتعلون الشعر كأن وجوههم المجان مطرقة فهل يتصور ان قياسهم وبرهانهم يدل على ادمي معين او امة معينة؟ فضلا عن ان يوصف بهذه الصفات قبل ظهورهم بنحو سبعمئة سنة كذلك اخباره بخروج النار التي خرجت سنة خمس وخمسين وستمائة وسائر ما اخبر به من الامور الماضية والمستقبلة والامور حاضرة مما يعلمون انه يمتنع ان يعرف ذلك بالقياس البرهاني وغيره. فان ذاك انما يدل على امر مطلق كلي لا على شيء معين واحد وسبعون وخمسمائة وليس مع الفلاسفة ما ينفي وجود ما يمكن ان يختص به بعض الناس بالباطن كالملائكة والجن. بل ولا معهم ما في تمثل الارواح اجساما حتى ترى بالحس الظاهر وما اشبه ذلك. فليس معهم في نفي هذه الامور الثابتة باخبار الانبياء وببراهين اخر فالجهل المحض. فقد كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه. ولما ياتهم تأويله. مع ان عامة اساطين الفلسفة يقرون بذلك. وكذلك ائمة الاطباء اثنان وسبعون وخمسمائة. وطريقهم لا يفرق بين الحق والباطل بخلاف طريق الانبياء. ستة وثلاثون. ومن جواب اهل للعلم والايمان ثلاثة وسبعون وخمسمائة. السلف متفقون على ان القرآن هو المهيمن المؤتمن الشاهد على ما بين يديه من الكتب. وهو اعلى منها درجة فانه قرر ما فيها من الخير عن الله وعن اليوم الاخر. وزاد ذلك بيانا وتفصيلا. وبين الادلة والبراهين على ذلك. وقرر قوة الانبياء كلهم ورسالة المرسلين. وقرر الشرائع الكلية التي بعثت بها الرسل كلهم. وجادل المكذبين بالكتب والرسل بانواع والبراهين وبين عقوبات الله لهم ونصره لاهل الكتب المتبعين لها. وبينما حرف منها وبدل وما فعله اهل الكتاب في الكتب المتقدمة وبين ايضا ما كتموه مما امر الله ببيانه. وكما جاءت به النبوات باحسن الشرائع والمناهج التي نزل بها القرآن. فصارت له الهيمنة على ما قبل له من الكتب من وجوه متعددة. فهو شاهد بصدقها وشاهد بكذب ما حرف منها. وهو حاكم باقرار ما اقره الله ونسخ ما نسخه فهو شاهد في الخبريات حاكم في الامريات. وكذلك معنى الشهادة. والحكم يتضمن اثبات ما اثبته الله من صدق ومحكم. وابطال ما ابطل من كذب ومنسوخ. ثم انه معجز في نفسه لا يقدر الخلائق ان يأتوا بمثله. ففيه دعوة الرسول وهداية الرسول وبرهانه على صدقه ونبوته وفيه ما جاء به الرسول وفيه ايضا من ضرب الامثال وبيان الايات على تفصيل ما جاء به الرسول. ما لو جمع اليه علوم جميع العلماء لم يكن للحق ووحي شيطاني وهي الواردات والاذواق المنافية لما جاء به الرسول اثنان وستمائة استمتاع الانس بالجن والجن بالانس طاعة كل منهم للاخر. وخدمته فيما يحب. واستخدام الانس للجن مثل استخدام الانس للجن. منهم من الا بعض ما جاء به القرآن. ومن تأمل ما تكلم به الاولون والاخرون من اصناف العلماء. في اصناف العلوم والفنون لم يجد عندهم الا بعض ما جاء به القرآن ولهذا لم تحتج الامة مع رسولها وكتابها الى نبي اخر ولا كتاب اخر. فضلا عن ان تحتاج الى شيء لا يستقل بنفسك غيره سواء كان من علوم النقل او علوم العقل ولله الحمد. اربعة وسبعون وخمسمائة. كلام الله يتفاضل وصفاته تتفاضل وعلى هذا تدل النصوص الكثيرة خمسة وسبعون وخمسمائة انما كانت قل هو الله احد تعدل ثلث القرآن. لان معاني القرآن ثلاثة توحيد وقصص واحكام. وهذه السورة صفة الرحمن فيها التوحيد وحده. ستة وسبعون وخمسمائة. ومما ينبغي ان يعلم ان فضل القراءة والذكر والدعاء والصلاة وغير ذلك. يختلف باختلاف حال الرجل. فالقراءة بتدبر افضل من القراءة بلا تدبر. والصلاة بخشوع حضور قلب افضل من الصلاة بدون ذلك. سبعة وثلاثون. ومن الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح سبعة وسبعون وخمسمائة معلوم بالضرورة ان محمدا صلى الله عليه وسلم هو نفسه دعا اهل الكتاب من اليهود والنصارى الى الايمان به وبما جاء به كما دعا لا كتاب لهم من العرب وسائر الامم. وهو الذي اخبر عن الله بكفر من لم يؤمن من اهل الكتاب وغيرهم. وبانهم يصلون جهنم وساءت مصيرا. وهو الذي امر بجهادهم ودعائهم بنفسه ونوابه. فمن قال غير ذلك فهو مبطل كذاب. ثمانية وسبعون وخمسمائة ومن المعلوم ان القتال انما شرع للضرورة. ولو ان الناس امنوا بالبرهان والايات لما احتيج الى القتال. فبيان الاسلام واياته واجب مطلقا وجوبا اصليا. واما الجهاد فمشروع للضرورة. واذا وجب علينا جهاد الكفار بالسيف ابتداء ودفعا. فلان يجب علينا بيان الاسلام واعلامه ابتداء ودفعا لمن يطعن فيه بطريق الاولى. تسعة وسبعون وخمسمائة ومعجزاته صلى الله عليه وسلم زيدوا على الف معجزة مثل انشقاق القمر وغيره من الايات. ومثل القرآن المعجز ومثل اخبار اهل الكتاب قبله. وبشارة الانبياء به. ومثل اخبار الكهان والهواتف به ومثل قصة الفيل التي جعلها الله اية في عام مولده من العجائب الدالة على نبوته ومثل امتلاء السماء ورميها بالشهب التي ترجم بها الشياطين. بخلاف ما كانت العادة عليه قبل مبعثه وبعد مبعثه. ومثل اخباره بالغيوب التي لا يعلمها احد الا بتعليم الله من غير ان يعلمه اياها بشر. فاخبرهم بالماضي مثل قصص الانبياء مع قومهم وبالمستقبلات. وكان قومه يعلمون انه لم يتعلم من اهل الكتاب ولا غيرهم. ولم يكن بمكة احد من علماء اهل الكتاب. ممن يتعلم هو منه. بل ولا كان يجتمع باحد منهم يعرف اللسان العربي ولكان هو يحسن لسانا غير العربي. ولا كان يكتب كتابا ولا يقرأ كتابا مكتوبا. ولا سافر قبل نبوته الا سفرتين صفرة وهو صغير مع عمه ابي طالب لا يفارقه ولا اجتمع باحد من اهل الكتاب ولا غيرهم. وسفرة اخرى وهو كبير مع من قريش لم يفارقهم ولا اجتمع باحد من الكتاب. واخبر من كان معه باخبار اهل الكتاب بنبوته. مثل اخبار بحيرة الراهب بنبوة وما ظهر لهم منه مما دلهم على نبوته. وهذه الامور مبسوطة ومثل نبع الماء من بين اصابعه عدة مرات. ومثل تكثير الطعام قليل حتى اكل منه الخلق العظيم وتكثير الماء القليل حتى شرب منه الخلق الكثير. وهذا قد جرى غير مرة وله ولامته من ما يطول وصفه ومثل نصره ونصر امته القائمين بدينه ايمانا وعملا ونصرا لا نظير له. وما يذكره بعض اهل الكتاب والكفار من نصر فرعون ونمرود وسنحاريب وجنكيز خان وغيرهم من الملوك الكافرين. جوابه ظاهر. فان هؤلاء لم يدعي احد منهم النبوة. وان الله امره ان يدعو الى عبادته وطاعته. ومن اطاعه دخل الجنة ومن عصاه دخل النار. بخلاف من ادعى ان الله ارسله بذلك فانه لا يكون الا لا رسولا صادقا ينصره ويؤيده وينصر اتباعه ويجعل العاقبة لهم. او يكون كذابا فينتقم الله منه ويقطع دابره. ويتبين ان ما جاء به ليس من البراهين والايات التي لا تقبل المعارضة. فان معجزات الانبياء من خواصها انه لا يقدر احد ان يعارضها. ويأتي بمثلها بخلاف غيرها فان معارضتها ممكنة فتبطل دلالتها. والمسيح الدجال يدعي الالهية ويأتي بخوارق ولكن نفس دعواه الهية دعوة ممتنعة في نفسها. ويرسل الله المسيح ابن مريم فيقتله ويظهر كذبه. ومعه ما يدل على كذبه من وجوه متعددة كما ذكر في الاحاديث الصحيحة ثمانون وخمسمائة الدلائل الدالة على صدق محمد صلى الله عليه وسلم. اعظم واكثر من الدلائل الدالة على صدقه موسى وعيسى ومعجزاته اعظم من معجزات غيره. الكتاب الذي ارسل به اشرف من الكتاب الذي بعث به غيره. والشريعة التي جاء بها اكمل من شريعة موسى وعيسى عليهما السلام. امته اكمل من جميع الفضائل. من امة هذا وهذا. ولا يوجد في التوراة والانجيل علم نافع عمل صالح الا وهو في القرآن او مثله او اكمل منه. وفي القرآن من العلم النافع والعمل الصالح ما لا يوجد في التوراة والانجيل. فما من مطعن من مطاعم اعداء الانبياء يطعن به على محمد صلى الله عليه وسلم. الا ويمكن توجيه ذلك الطعن واعظم منه على موسى وعيسى يمتنع الاقرار بنبوة موسى وعيسى عليهما السلام مع التكذيب بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم ولا يفعل ذلك الا من هو اجهل الناس او من اعظمهم عنادا واتباعا لهواه. واحد وثمانون وخمسمائة. الشرائع ثلاث شريعة عدل فقط. وشريعة فضل فقط شريعة تجمع العدل والفضل فتوجب العدل وتندب الى الفضل. وهذه اكمل الشرائع الثلاث وهي شريعة القرآن التي يجمع فيه من العدل والفضل. لهذا كانت شريعة التوراة يغلب عليها الشدة. شريعة الانجيل يغلب عليها اللين. شريعة القرآن معتدلة جامعة بين هذا وهذا اثنان وثمانون وخمسمائة. وسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم من اياته واخلاقه واقواله وافعاله وشريعته من اياته وامته من اياته وعلم امته ودينهم من اياته. وكرامات صالحي امته من اياته. وذلك يظهر بتدبر سيرته في من حين ولد الى ان بعث ومن حين بعث الى ان مات. وبتدبر نسبه وبلده واصله وفصله. فانه كان من اشرف اهل الارض نسبا فمن صميم سلالة ابراهيم الذي جعل الله في ذريته النبوة والكتاب. فلم يأت نبي من بعد ابراهيم الا من ذريته. وجعل له بنين اسماعيل واسحاق وذكر في التوراة هذا وهذا وبشر في التوراة بما يكون من ولد اسماعيل. ولم يكن في ولد اسماعيل من ظهر فيما بشرت به النبوات غيره ودعا ابراهيم لزرية اسماعيل بان يبعث فيهم رسولا منهم. ثم هو من قريش صفوة بني ابراهيم. ثم هو من بني هاشم صفوت قريش ومن مكة ام القرى وبلدة البيت الحرام الذي بناه ابراهيم ودعا الناس الى حجه ولم يزل محجوجا من عهد ابراهيم ابراهيم مذكورا في كتب الانبياء باحسن وصف. وكان من اكمل الناس تربية ونشأة. لم يزل معروفا بالصدق والبر والعدل ومكارم الاخلاق لا ترك الفواحش والظلم وكل وصف مذموم. مشهودا له بذلك عند جميع من يعرفه قبل النبوة. وممن امن به وكفر بعده النبوة لا يعرف له شيء يعاب به لا في اقواله ولا في افعاله ولا في اخلاقه. ولا جرت عليه كذبة قط ولا ظلم ولا فاحشة صلى الله عليه وسلم وكان خلقه وصورته من اكمل الصور واتمها واجمعها للمحاسن الدالة على كماله. وكان اميا من قوم اميين لا يعرف لا هو ولا هم. لا يعرف لا هو ولا هم ما يعرفه اهل الكتاب. التوراة والانجيل. ولم يقرأ شيئا من علوم الناس لجالس اهلها ولم يدع نبوة الى ان اكمل الله له اربعين سنة. فاتى بامر هو اعجب الامور واعظمها. وبكلام لم يسمع الاولون والاخرون بنظيره. واخيرا بامر لم يكن في بلده ولا في قومه من يعرف مثله ولم يعرف قبله ولا بعده. لا في مصر من الامصار ولا في في عصر من الاعصار من اتى بمثل ما اتى به من اتى بمثل ما اتى به ولا من ظهر كظهوره ولا من اتى من العجائب والايات بمثل ما اتى به ولا من دعا الى شريعة اكمل من شريعته. ولا من ظهر دينه على الاديان كلها بالعلم والحجة وباليد والقوة كظهوره. ثم انه اتبعه اتباع الانبياء وهم الضعفاء من الناس. وكذبه اهل الرئاسة وعادوه وسعوا في هلاكه وهلاك من تبعه بكل طريق كما كان الكفار يفعلون مع الانبياء واتباعهم والذين اتبعوه لم يتبعوه لرغبة ولا لرهبة فانه لم يكن عنده مال يعطيهم ولا جهاد ان يوليهم اياها ولا كان له سيف بل كان السيف والجاه والمال مع اعدائه فقد اذوا اتباعه بانواع الاذى وهم صابرون محتسبون لا يرتدون عن دينهم لما خالط قلوبهم من حلاوة الايمان والمعرفة. وكانت مكة يحجها العرب من عهد ابراهيم. فتجتمع في الموسم في قبائل العرب فيخرج اليهم يبلغهم الرسالة ويدعوهم الى الله صابرا على ما يلقاه من تكذيب المكذب وجفاء الجافي واعراض المعرض على هجرته وهجرة اصحابه الى بلدهم. وعلى الجهاد معه. فهاجر هو ومن اتبعه الى المدينة. وبها المهاجرون والانصار. ليس فيهم من امن برغبة دنيوية ولا برهبة الا قليلا من الانصار. اسلموا في الظاهر ثم حسن اسلام بعضهم. ثم اذن له في الجهاد ثم امر وبه ولم يزل قائما بامر الله على اكمل طريقة واتمها من الصدق والعدل والوفاء. لا يحفظ عليه كذبة واحدة ولا ظلم لاحد ولا غدر باحد بل كان اصدق الناس واعدلهم وابرهم واوفاهم بالعدل مع اختلاف الاحوال عليه من حرب وسلم وامن وخوف وفقر وقلة وكثرة وظهوره على العدو تارة وظهور العدو عليه تارة. وهو على ذلك كله ملازم لاكمل الطرق واتمها حتى ظهرت الدعوة في جميع ارض العرب التي كانت مملوءة من عبادة الاوثان ومن اخبار الكهان. وطاعة المخلوق في الكفر بالخالق سفك الدماء المحرمة وقطيعة الارحام. لا يعرفون اخرة ولا معادا فصاروا اعلم اهل الارض وادينهم واعدلهم وافضلهم هذه اثار علمهم وعملهم في الارض. واثار غيرهم يعرف العقلاء فرق ما بين الامرين. وهو صلى الله عليه وسلم مع ظهور امره وطاعة خلق له وتقديمهم له على الانفس والاموال. مات ولم يخلف درهما ولا دينارا. ولا متاعا ولا دابة الا بغلته وسلاحه. ودرع مرهونة عند يهودي على ثلاثين وصفا من شعير ابتاعها لاهله. وكان بيده عقار ينفق منه على اهله. والباقي يصرفه في مصالح المسلمين فحكم بانه لا يورث ولا يأخذ ورثته منه شيئا. وهو في كل وقت يظهر على يديه من الايات وفنون الكرامات. ما يطول الوصفة ويخبرهم بما كان وما يكون. ويأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر. ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث. ويشرع شيعة شيئا بعد شيء. حتى اكمل الله دينه الذي بعث به. وجاءت شريعته اكمل شريعة لم يبق معروف تعرف العقول انه معروف الا امر بها ولا منكر تعرف العقول انه منكر الا نهى عنه. لم يأمر بشيء فقيل ليته لم يأمر به ولا نهى عن شيء فقيل ليته لم ينهى عنه الى اخر ما ذكر في هذا الفصل العظيم الجامع النافع. ثمانية وثلاثون. ومن كتاب السياسة الشرعية ثلاثة وثمانون وخمسمائة. قوله تعالى ان الله يأمركم ان تؤدوا الامانات الى اهلها. يدخل في هذا نوعان احدهما الولايات الكبار والصغار فيجب ان يولى فيها افضل من يوجد كفاءة وامانة وغيرهما من الصفات المقصودة. ومن ولى فيها الناقص مع وجود من ان هو افضل منه او حاب فيها صاحبا او قرابة او نحوها فلم يؤدي الامانة. وكذلك على من تولى امارة او حكما او ولاية وقف او يتيم ان يعمل بالاصلح ويجتهد في القيام بعمله بحسب امكانه. والمهم في هذا الباب معرفة الاصلاح. وذلك انما يتم بمعرفة مقصود الولاية ومعرفة طريق المقصود. فاذا عرفت الوسائل والمقاصد تم الامر. المقصود الواجب بالولايات اصلاح دين الخلق الذي متى فاتهم خسروا خسرانا مبينا؟ ولم ينفعهم ما نعموا به في الدنيا واصلاح ما لا يقوم الدين الا به من امر دنياهم وهو نوعان واحد قسم المال بين مستحقيه. اثنان وعقوبات المعتدين. فمن لم يعتد اصلح له دينه ودنياه. والمقصود ان تكون كلمة الله هي العليا وكلمة الله اسم جامع لكلماته التي تضمنها كتابه. القسم الثاني امانات الاموال ويدخل في هذا القسم الاعياد والديوان الخاصة والعامة مثل رد الودائع ومال الشريك الموكل والمضارب ومال المولى من اليتيم واهل الوقف ونحو ذلك كذلك وفاء الديون من اثمان المبيعات. وبدل القرض وصدقات النساء واجور المنافع ونحو ذلك. ومن باب اولى اداء الغصوب والسرقات والخيانات ونحو ذلك من المظالم وكذلك العارية. وقال صلى الله عليه وسلم ان الله اعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث. وهذا يتناول الرعاة والرعية. فعلى كل منهم ان يؤدي الى الاخر ما يجب اداؤه اليه. اربعة وثمانون وخمسمائة وليس لولاة الاموال ان يقسموها بحسب اهوائهم كما يقسم المالك ملكه فانما هم امناء ونواب ووكلاء. خمسة وثمانون وخمسمائة ان كل من عليه مال يجب اداؤه كرجل عنده وديعة او مضاربة او شركة او مال لموكله او مال يتيم او مال وقف او مال لبيت المال او عنده دين هو قادر على ادائه فانه يستحق العقوبة حتى يظهر المال او يدل على موضعه. فاذا عرف فالمال وصبر على الحبس فانه يستوفي الحق من المال ولا حاجة الى ضربه. وان امتنع من الدلالة على ما له ومن الايفاء ضرب حتى يؤدي الحق او يمكن من ادائه. كذلك لو امتنع من النفقة الواجبة عليه مع القدرة عليها. وهذا اصل متفق عليه ان كل من فعل محرما من اوترك واجبا استحق العقوبة فان لم تكن مقدرة في الشرع اجتهد ولي الامر فيها. واما قوله واذا حكمتم بين الناس ان تحكموا بالعدل فان الحكم بين الناس يكون في الحدود والحقوق وهو قسمان. فالاول الحدود والحقوق التي ليست لاحد معين. بل منفعتها لمطلق المسلمين او نوع منهم او كلهم يحتاج اليها. وتسمى حدود الله وحقوق الله. مثل حد قطاع الطرق والسراق والزناة ونحوهم فهذه من اهم امور الولايات. وهذا القسم يجب على الولاية البحث عنه واقامته من غير دعوى احد به. وكذلك تقام الشهادة فيه من غير دعوى احد به. ويجب اقامته على الشريف والوضيع والقوي والضعيف. ولا يحل تعطيله لا بشفاعة ولا بهدية ولا غيرهما ولا يحل الشفاعة فيه. ومن عطله لذلك وهو قادر على اقامته فعليه لعنة الله والملائكة والناس اجمعين. لا يقبل الله من منه صرفا ولا عدلا وهو ممن اشترى بايات الله ثمنا قليلا. ستة وثمانون وخمسمائة العقوبات التي جاءت بها الشريعة نوعا لمن عصى الله ورسوله. احدهما عقوبة المقدور عليه من الواحد والعدد بحسب ما جاءت به الشريعة. والثاني عقوبة طائفة ممتنعة التي لا يقدر عليها الا بقتال. فاصل هذا هو جهاد الكفار اعداء الله ورسوله. فكل من بلغته دعوة رسول الله الى دين الله الذي بعثه به فلم يستجب له فانه يجب قتاله حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله. وكذلك كل من امتنع من شريعة من شرائع اسلام الظاهرة قوتل حتى يلتزمها. سبعة وثمانون وخمسمائة. وكما ان العقوبات شرعت داعية لفعل الواجب وترك المحرم. فقد شرع ايضا كل ما يعين على ذلك. فينبغي تيسير طريق الخير والطاعة والاعانة عليه والترغيب فيه بكل ممكن. مثل ان يبذل لولده او او اهله او رعيته ما يرغبهم في العمل الصالح من مال او ثناء او غيره. ولهذا شرع المسابقة بالخيل والابل والسهام واعطاء المؤلفة قلوبهم وكذلك الشر والمعصية. فينبغي حسم مادته وسد ذريعته وما يفضي اليه. ثمانية وثمانون وخمسمائة. واما الحدود والحقوق التي لادمي معين فمنها القتل وقطع الاطراف والشجاج ونحوها. ففي العمد العدوان المحض يجب تمكين صاحب الحق من حقه الذي يختار اما قصاصا واما مالا وان كان ذلك خطأ اوجب الدية. وعلى الوالي الزام من كل عليه دية بها. كما يلزم من عليهم ديون واجبة ثابتة تسعة وثمانون وخمسمائة. كذلك يجب الحكم بين الزوجين في الحقوق عند التنازع. والزام كل منهما باداء ما عليه ذلك الاموال وبقية الحقوق. يجب الحكم فيها بين الناس بالعدل. وهذا النوع تدخله المسامحة. فمن عفا عن حقه او بعضه فاجره على الله بأس بالسعي في الصلح بينهم في تسهيل اداء هذه الحقوق. بل هذا من الاعمال الفاضلة. تسعون وخمسمائة ويجب ان يعرف ان ولاية امور الناس من اعظم واجبات الدين بل لا قيام للدين والدنيا الا بها. فان بني ادم لا تتم مصلحتهم الا بالاجتماع لحاجة بعضهم الى بعض. ولابد لهم عند الاجتماع من امير ويجب اتخاذ الامارة دينا وقربة يتقرب الى الله بها. ليقام بها العدل. تسعة وثلاثون. ومن كتاب التوسل والوسيلة واحد وتسعون وخمسمائة. قال الله تعالى او اليه الوسيلة. فابتغاء الوسيلة الى الله انما يكون لمن توسل الى الله بالايمان بمحمد واتباعه. وهذا واجب على كل احد في في كل حال ظاهرا وباطنا في حياة الرسول وبعد موته في مشهده ومغيبه لا يسقط التوسل بالايمان به وطاعته عن احد من الخلق في حال من الاحوال بعد قيام الحجة عليه ولا بعذر من الاعذار ولا طريق الى كرامة الله ورحمته والنجاة من هوانه وعذابه الا بالتوسل بالايمان به بطاعته ويتوسل الى الله بدعاء الرسول في الدنيا وشفاعته في الاخرة. وهذا انما ينفع مع الايمان والتوسل في عرف الصحابة كانوا يستعملونه في هذا هذا المعنى اثنان وتسعون وخمسمائة. فكل من مات مؤمنا بالله ورسوله مطيعا لله ورسوله كان من اهل السعادة قطعا. ومن كان كافرا به على كل مسلم وما لم يكن له اصل في النص والاجماع لم يجد قبوله ولا رده حتى يعرف معناه. اربعة وثلاثون ما من طائفة من اهل الانحراف الا ومعها حق وباطل. فاذا خوطبت بين لها ان الحق الذي ندعوكم اليه اولى بالقضاء بما جاء به الرسول كان من اهل النار قطعا. واما الشفاعة والدعاء فانتفاع العباد به موقوف على شروط وله موانع. ثلاثة وتسعون وخمسمائة. وكما يراد بالتوسل هذان النوعان المتفق عليهما وهما الايمان بالرسول. وطاعته والتوسل بدعائه وشفاعته فقد المراد بالتوسل في عرف كثير من المتأخرين دعاء الرسول والاستغاثة به فيما لا يقدر عليه الا الله. وطلب الحوائج منه بعد موته. فهذا من الشرك الاكبر الذي لا يغفره الله. وقد يراد بالتوسل التوسل بذاته وجاهه. فهذا قد يفعله بعض الناس. والصواب انه محرم لانه لا يتوسل الى الله الا باسمائه وصفاته لا بمخلوقاته. اربعة وتسعون وخمسمئة واولياء الله هم المؤمنون المتقون وكراماتهم ثمرة ايمانهم وتقواهم لا ثمرة الشرك والبدعة والفسق. واكابر الاولياء انما يستعملون هذه الكرامات بحجة للدين او حاجة للمسلمين والمقتصدون قد يستعملونها في المباحات. واما من استعان بها على المعاصي فهو ظالم لنفسه متعد حد ربه وان كان سببها الايمان والتقوى خمسة وتسعون وخمسمائة. فالدين الذي شرعه الله ورسوله توحيد وعدل واحسان واخلاص وصلاح للعباد في المعاش والميعاد. وما لم يشرعه الله ورسوله من العبادات المبتدعة فيه شرك وظلم واساءة وفساد العباد في المعاش والميعاد فان الله امر بعبادته والاحسان الى عباده كما قال واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين اين احسانا؟ ستة وتسعون وخمسمائة. الصراط المستقيم هو ما بعث الله به رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم. بفعل ما امر ترك ما حظر وتصديقه فيما اخبر. لا طريق الى الله الا ذلك. وهذا سبيل اولياء الله المتقين. سبعة وتسعون وخمسمائة من الخالق والمخلوق من الفروق ما لا يخفى على ذي بصيرة. منها ان الرب غني بنفسه عما سواه. ويمتنع ان يكون مفتقرا الى غيره وجه من الوجوه والملوك وسادة العبيد محتاجون الى غيرهم حاجة ضرورية. ومنها ان الرب وان كان يحب الاعمال الصالحة ويرضى ويفرح بتوبة التائبين فهو الذي يخلق ذلك وييسره. فلم يحصل ما يحبه ويرضاه الا بقدرته ومشيئته. المخلوق قد يحصل له ما يحبه بفعل لغيره. ومنها ان الرب امر العباد بما يصلحهم ونهاهم عما يفسدهم. بخلاف المخلوق الذي يأمر غيره بما يحتاج اليه وينهاه عما ينهاه عن بخلا عليه ومنها انه سبحانه هو المنعم بارسال الرسل وانزال الكتب. وهو المنعم بالقدرة والحواس وغير ذلك مما يحصل به العلم العمل الصالح وهو الهادي لعباده. فلا حول ولا قوة الا به. ولهذا قال اهل الجنة الحمد لله الذي هدانا لهذا وما فكنا لنهتدي لولا ان هدانا الله. وليس يقدر المخلوق على شيء من ذلك. ومنها ان نعمه على عباده اعظم من ان تحصى. فلو قدر ان العبادة جزاء النعمة لم تقم العبادة بشكر القليل منها. فكيف والعبادة من نعمته ايضا منها ان العباد لا يزالون مقصرين محتاجين الى عفوه ومغفرته. فلن يدخل احد الجنة بعمله وما من احد الا وله ذنوب يحتاج فيها آآ الى مغفرة الله اربعون. اصول منقولة من كتبه وفتاويه المتفرقة ومطاوي كتبه شيئا فشيئا بحسب التتبع والوقوف عليها ثمانية وتسعون وخمسمائة. الفرقان والسلطان يكون بالحجة والعلم. ويكون بالنصر والتأييد كقوله تعالى هو الذي ارسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله. تسعة وتسعون وخمسون مئة ومن امره الشارع بعبادة وطاعة يفعلها فهو افضل من هذا الوجه ممن لم يؤمر بها دينا وايمانا. وان لم يكن الاخر عاصيا معاقبة. وذلك ان اصل اهل السنة والجماعة ان الايمان يتفاضل من وجهين. واحد من جهة امر الله. اثنان ومن جهة فعل العبد قاطع منه ستمائة. فعلى كل مؤمن الا يتكلم في شيء من الدين الا تبعا لما جاء به الرسول. ولا يتقدم بين يديه بل ينظر ما قال فيكون قوله تبعا لقوله وعمله تبعا لامره. فمن قول الله وقول رسوله يتعلم وبه يتكلم. وفيه ينظر ويتفكر وبه يستدل فهذا اصل اهل السنة واهل البدع بخلاف ذلك. وكل من خالف ما جاء به الرسول لم يكن عنده علم بذلك ولا عدل. بل لا يكون عنده الا جهل وظلم وظن وما تهوى الانفس. ولقد جاءهم من ربهم الهدى. فانما اخبر به الرسول حق ظاهرا او باطن فاطمة فلا يناقضه الا الباطل والضلال. واحد وستمائة. الوحي وحيان. وحي رحماني. وهو الهام الخير والواردات الموافقة نستخدمهم في المحرمات ومنهم من يستخدمهم في المباحات. ومنهم من يستعملهم في طاعة الله ورسوله. وهذه حال نبينا صلى الله عليه وسلم سلم ومن اتبعه وهم افضل الخلق فانهم يأمرون الانس والجن بما امرهم الله ورسوله وينهونهم عما نهاهم الله ورسوله كان مبعوثا الى الانس والجن وورثته يدعون الى ما يدعو اليه. ثلاثة وستمائة والخير والشر درجات. فيقتنع بالخير اليسير اذا لم يحصل ما هو اكثر منه ويدفع الشر الكبير بالشر اليسير. وقد ذهب كثير من مبتدعة المسلمين من الرافضة والجهمية وغيرهم الى بلاد الكفار فاسلم على يديه خلق كثير وانتفعوا بذلك وصاروا مسلمين مبتدعين وهو خير من ان يكونوا كفارا. والنبي صلى الله الله عليه وسلم دعا الخلق بغاية الامكان. ونقل كل شخص الى خير مما كان عليه بحسب الامكان. ولكل درجات مما عملوا ولقد بعث بتحصيل المصالح وتكميلها وتعطيل المفاسد او تقليلها. اربعة وستمائة. وعلى المجتهد ان يعمل بما يعلم انه ارجح من غيره هو العمل بارجح الدليلين المتعارضين. فحينئذ فما عمل الا بالعلم وجمهور مسائل الفقه التي يحتاج الناس اليها ويفتون بها ثابتة بالنص او الاجماع. وانما يقع الظن او النزاع في قليل مما يحتاج اليه الناس. خمسة وستمائة. جعل الدين قسمين فصولا وفروعا لم يكن معروفا في الصحابة والتابعين. ولم يقل احد من السلف والصحابة والتابعين ان المجتهد الذي استفرغ وسعه في طلب بالحق يأثم لا في الاصول ولا في الفروع. ولكن هذا التفريق ظهر من جهة المعتزلة. وادخله في اصول الفقه من نقل ذلك عنهم. وكل مجتهد لا يأثم عند عامة الائمة ابي حنيفة والشافعي ومالك وغيرهم. والذين فرقوا بين الاصول والفروع لم يذكروا ضابطا يعتمد عليه ستة وستمائة والسلف لم يذموا جنس الكلام فان كل ادمي يتكلم ولا ذموا الاستدلال والنظر والجدل الذي امر الله به ورسوله والاستدلال بما بينه الله ورسوله. بل ولا ذموا كلاما هو حق. بل ذموا الكلام الباطل وهو المخالف للكتاب والسنة. وهو والمخالف للعقل ايضا وهو الباطل. سبعة وستمائة. الطرق الباطلة توصل الى الجهل والضلال لمن اعتقد صحتها. والى الحيرة شك لمن تبين له تناقضها من حزاق اهلها. والى اليقين لمن عرف الحق وسلكه بالطرق الصحيحة. فانه بمعرفته الباطل يزداد بصيرة بالحق وبضدها تتبين الاشياء ثمانية وستمائة. من ضيع الاصول حرم الوصول. والاصول اتباع ما جاء به الرسول تسعة وستمائة. والدليل يدل ويقوم على ان كلام الله صفة ذات وصفة فعل. صفة ذات تقوم بذات الرب. والله متصف كن بها وصفة فعل يتكلم بمشيئته وقدرته متى شاء وحيث شاء ازلا وابدا. عشرة وستمائة. والله تعالى اخبر انه ينصر رسله في الحياة الدنيا وفي الاخرة. والله سبحانه يجزي الانسان من جنس عمله. فالجزاء من جنس العمل فمن خالف الرسل عوقب بمثل لذنبه وارى عباده ذلك عيانا. واذا ظهرت البدع التي تخالف الرسل انتقم الله ممن خالف الرسل وانتصر لرسله احد عشر وست مئة والايمان بالرسول والجهاد عن دينه سبب لخير الدنيا والاخرة وبالعكس البدع والالحاد ومخالفة ما جاء به سبب لشر في الدنيا والاخرة اثنا عشر وستمائة. التوحيد وتصديق الرسل جماع الايمان. والشرك وتكذيب الرسل جماع الكفر. ثلاثة عشر ستمائة فمن دفع النصوص التي يحتج بها غيره لم يؤمن بها بل امن بما يحتج هو به صار ممن يؤمن ببعض الكتاب ويكفر في بعض اربعة عشر وستمائة. واذا ترك الناس بعض ما انزل الله وقعت بينهم العداوة والبغضاء اذا لم يبق هنا حق جامع يشترك فيه بل تقطعوا امرهم زبرا. كل حزب بما لديهم فرحون. خمسة عشر وستمائة. ودين الانبياء كلهم الاسلام وهو الاستسلام لله وحده وذلك انما يكون بطاعته فيما امر به في ذلك الوقت. فطاعة كل نبي هي من دين الاسلام اذ ذاك. وكل مبتدع ان خالف سنة الرسول لينتبع الا دينا مبدلا او منسوخا. ستة عشر وستمائة. خطاب النصارى ومناظرتهم في مقامين احدها تبديلهم لدين المسيح الثاني تكذيبهم لمحمد صلى الله عليه وسلم. اليهود خطابهم في مقامين. واحد في تكذيب من بعد موسى الى المسيح اثنان ثم في تكذيب محمد مع عدم عملهم بدينهم وتغييره وتحريفهم اياه. كما ذكر الله خطاب الطائف في كتابه سبعة عشر وستمائة. لا يوجد قط مسألة مجمع عليها الا وفيها بيان من الرسول. ولكن قد يخفى ذلك على بعض الناس ويعلم الاجماع فيستدل به كما انه يستدل بالنص من لم يعرف دلالة النص وهو دليل ثان مع النص ثمانية عشر وستمائة الخلق العظيم الذي وصف به محمد صلى الله عليه وسلم. هو الدين الجامع لجميع ما امر الله به مطلقا. وحقيقته المبادرة الى امتثال ما يحبه الله بطيب نفس وانشراح صدر تسعة عشر وستمائة. فتقوى الله تجمع فعل ما امر الله به ايجابا واستحبابا وترك ما نهى عنه تحريما وتنزيها. وذلك يجمع حقوق الله وحقوق العباد عشرون وستمائة. وجماع حسن الخلق مع الناس ان تصل من قطعك بالسلام والاكرام والدعاء له والاستغفار والثناء عليه والزيارة له. وتعطي من حرمك من التعليم والمنفعة والمال وتعفو عمن ظلمك في دم او مال او عرض. وبعض هذا واجب وبعضه مستحب. واحد وعشرون وستمائة. كل ما تكلم به اللسان وتصوره القلب مما يقرب الى الله من تعلم علم وتعليمه وامر بمعروف ونهي عن منكر فهو من ذكر الله. اثنان وعشرون وستمائة ما اشتبه على العبد امره فعليه بالاستخارة المشروعة. فما ندم من استخار الله ثلاثة وعشرون وستمائة. ارجح المكاسب التوكل على الله والثقة بكفايته وحسن الظن به ويأخذ المال بسخاوة نفس من غير ان يكون له في القلب مكانة ولكنه يسعى في تصليحه وتنميته لاقامة ما عليه من واجبات ومستحبات. وللاستغناء عن الخلق. اربعة وعشرون وستمائة واكمل انواع طلب العلم ان همة الطالب مصروفة في تلقي العلم الموروث عن النبي صلى الله عليه وسلم وفهم مقاصد الرسول في امره ونهيه وسائر كلامه واتباع ذلك وتقديمه على غيره وليعتصم في كل باب من ابواب العلم بحديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم من الاحاديث الصحيحة الجوامع. خمسة وعشرون وستمائة. قد امر صلى الله عليه وسلم المسلمين باتباعه. وان يعتقد وجوب ما اوجبه واستحباب ما احبه. وانه لا افضل من ذلك فمن لم يعتقد هذا فقد عصى امره. ستة وعشرون وستمائة. السنة هي الحق دون الباطل. وهي الاحاديث الصحيحة دون الموضوعة فهذا اصل عظيم لاهل الاسلام عموما. ولمن يدعي السنة خصوصا. سبعة وعشرون وستمائة. دين الله وسط بين الغالي فيه جافي عنا. والله تعالى ما امر بامر الا اعترض الشيطان فيه بامرين لا يبالي بايهما ظفر. اما افراط فيه واما تفريط فيه وامثلة هذا الاصل كثيرة معروفة. ثمانية وعشرون وستمائة لا يحل امتحان الناس باسماء ليست في الكتاب والسنة. فان هذا خلاف وما امر الله به ورسوله وهو محدث للفتن والتفريق بين الامة. فاكرم الخلق على الله اتقاهم في اي طائفة كانت. وقد جاءت نصوص الكتاب والسنة بحث الامة على الائتلاف وتحذيرهم من الافتراق. فكيف يجوز مع هذا لامة محمد صلى الله عليه وسلم ان تفترق وتختلف حتى يوالي الرجل طائفة ويعادي طائفة اخرى بالظن والهوى بلا برهان من الله. قد برأ الله نبيه ممن كان هكذا وانما هذا فعل اهل البدع كالخوارج الذين فارقوا جماعة المسلمين. واستحلوا دماءهم. واقل ما في هذا من الشر ان يفضل الرجل من يوافقه على هواه. وان كان الاخر اتقى منه. وانما الواجب ان يقدم من قدم الله ورسوله. وهذا التفريق الذي حصل من الامة علماء وامرائها وكبرائها هو الذي اوجب تسلط الاعداء. وذلك بتركهم العمل بطاعة الله ورسوله. فمتى ترك الناس بعض ما امر الله ورسوله به وقعت بينهم العداوة والبغضاء. واذا تفرق القوم فسدوا وهلكوا. واذا اجتمعوا صلحوا وملكوا. فان الجماعة رحمة والفرقة عذاب تسعة وعشرون وستمائة. اذا عوقب المعتدون من جميع الطوائف واكرم المتقون من جميع الطوائف. كان ذلك من اعظم الاسباب التي ترضي الله ورسوله وتصلح امر المسلمين ثلاثون وستمائة. ويجب على اولي الامر ان يأمروا بالمعروف وينهوا عن المنكر. فالاول من شرائع الاسلام كالصلوات الخمس وما يتبعها من واجبات وسنن لاسباب وغير اسباب. والصدقات والصوم والحج. فرض ذلك ونفع ومثل الايمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر والقدر خيره وشره. ومثل الاحسان وهو ان تعبد الله كأنك تراه ان لم تكن تراه فانه يراك. وكل معروف صدقة ومثل سائر ما امر الله به من الامور الباطنة والظاهرة كاخلاص الدين لله. والتوكل على الله وان يكون الله ورسوله احب اليه مما سواهما. والرجاء لرحمة الله والخشية من عذابه. والصبر لحكم الله والتسليم لامر الله ومثل صدق الحديث والوفاء بالعهود واداء الامانات الى اهلها وبر الوالدين. وصلة الارحام والتعاون على البر والتقوى والاحسان الى الجاري واليتيم والمسكين وابن السبيل والصاحب والزوجة والمملوك والعدل في المقال والفعال. ثم الندب الى مكارم الاخلاق كلها. والثاني مثل الشرك والقتل والزنا والسحر والربا والميسر واكل الاموال بالباطل. والمعاملات التي نهى عنها الرسول صلى الله عليه وسلم. وقطيعة الرحم وعقوق الوالدين وتطفيف المكيال والميزان والاثم والبغي بغير الحق. والقول على الله بلا علم كالبدع الاعتقادية والبدع العملية والافتاء بغير علم والتعاون على الاثم والعدوان. وهو جميع المعاصي وجميع الظلم للعباد في دمائهم واموالهم واعراضهم. واحد وثلاثون وستمائة الامور العامة التي يفعلها الباري تكون لحكمة عامة ورحمة عامة. وحكمته تعالى يعلمها العباد. وقد يخفى عليهم كثير منها الاضرار اليسيرة المغمورة تغتفر في جنب المصالح العامة. المحافظة على الكليات في الشرع والقدر مقدمة على مراعاة الجزئيات لانها لو لم توجد تلك الاضرار الجزئية اليسيرة فاتت المصالح الكلية الكبيرة الكثيرة اثنان وثلاثون وستمائة لا يجيء في كلام الله وكلام رسوله اضافته وحده الى الله. ولكنه يأتي على احد ثلاثة اوجه اما على وجه العموم او يحذف فاعله كقوله او بحذف فاعله كقوله وانا لا ندري اشر اريد بمن في الارض او يضاف الى فاعله من المخلوقين. ثلاثة وثلاثون وستمائة. واذا علم العبد من حيث الجملة ان لله تعالى فيما خلقه وفيما امر به حكمة عظيمة كفاه هذا. ثم كلما ازداد علما وايمانا ظهر له من حكمة الله ورحمته ما يبهر عقله ويبين له تصديق قوله تعالى سنريهم اياتنا في الافاق وفي انفسهم حتى يتبين لهم انه الحق. اربعة وثلاثون وستمائة طريق النبي صلى الله عليه وسلم في النظر الى القدر. ففي امر الله ونهيه يسارع الى الطاعة ويقيم الحدود على من تعدى ولا تأخذه في الله لومة لائم. واذا اذاه مؤذ او قصر احد في حقه عفا عنه ولم يؤاخذه نظرا الى القبر خمسة وثلاثون وستمائة يجب ان يكون الخطاب في المسائل المشكلة بطريق ذكر كل قول ومعارضة الاخر له حتى يتبين الحق بطريقه لمن يريد الله هدايته. فان الكلام بالتدريج مقاما بعد مقام هو الذي يحصل به المقصود. والا فاذا هجم على القلب بمقالات لم يحكم ادلتها وطرقها. والجواب عما يعارضها كان الى دفعها والتكذيب بها اقرب منه الى التصديق بها. ستة وثلاثون وستمائة. محال مع تعليم النبي صلى الله عليه وسلم لامته كل شيء لهم فيه منفعة في الدين. وان دقت ان يترك حليمهم ما يقولون بالسنتهم وقلوبهم في ربهم ومعبودهم ورب العالمين. الذي معرفته غاية المعارف وعبادته اشرف المقابر والوصول اليه غاية المطالب. بل هذا خلاصة الدعوة النبوية وزبدة الرسالة الالهية. فكيف يتوهم من في قلبه ادنى من ايمان وحكمة ان لا يكون بيان هذا الباب قد وقع من الرسول على غاية التمام. وقد علم بالبراهين الكثيرة والحس ان اصحابه متابعين لهم باحسان وائمة الهدى قد تلقوا هذا الباب وغيره عن نبيهم واحكموه وفاقوا به من قبلهم ومن بعدهم وانه يستحيل ان يكون غيرهم ممن لا يدانيهم في شيء من العلوم والمعارف اولى بالحق منهم. هذا معلوم بالادلة والبراهين المتنوعة. وكلام الله من اوله الى اخره وكلام رسوله من اوله الى اخره. وكلام اصحابه والتابعين وسائر الائمة مملوء بالنصوص على ذلك سبعة وثلاثون وستمائة. الضد يظهر حسنه الضد. فكل من كان بالباطل اعلم كان للحق اشد تعظيما واعرف بقدره. فاما المتوسط من المتكلمين فيخاف عليه ما لا يخاف على من لم يدخل فيه. وعلى من قد انهاه نهايته. فان من لم يدخل فيه في عافية. وان من انهاه قد عرف الغاية. فما بقي يخاف من شيء اخر. فاذا ظهر له الحق وهو عطشان اليه قبله. واما متوسط فمتوهم بما تلقاه من المقالات المأخوذة تقليدا. المعظمة تهويلا. ثمانية وثلاثون وستمائة. تأويل الامر امتثاله والعمل به. فتأويل الخبر نفس وقوعه. فقوله وما يعلم تأويله الا الله اي لا يعلم حقيقته وكيفيته قدرا ووقتا ونوعا الا الله ولا ينافي ان نعلم من صفات ذلك ما اخبرنا الله به ورسوله. تسعة وثلاثون وستمائة ضمان النفوس والاموال الاتلاف من باب العدل الواجب في حقوق الآدميين. وهو يجب في العمد والخطأ. فقاتلوا النفس خطأ لا يأثم ولا يفسق بذلك. ولكن عليه الضمان وكذلك من اتلف مالا خطأ فعليه بدله ولا اثم عليه. اربعون وستمائة. قال الامام احمد رحمه الله اصول الاسلام تدور على ثلاثة احاديث. واحد قوله الحلال بين والحرام بين. اثنان وقوله انما الاعمال بالنيات. ثلاثة وقوله من عمل عملا ليس عليه امرنا فهو رد. فان الاعمال اما مأمورات واما محظورات. والاول فيه ذكر المحظور. والمأمورات اما قصد القلب والنية واما العمل الظاهر وهو المشروع الموافق للسنة. واحد واربعون وستمائة. ومن خرج عن القانون النبوي الشرعي المحمدي الذي دل عليه الكتاب الكتاب والسنة احتاج ان يضع قانونا اخر متناقضا يرده العقل والدين. لكن من كان مجتهدا في طاعة الله ورسوله فان الله على اجتهاده ويغفر له خطأه. ربنا اغفر لنا ولاخواننا الذين سبقونا بالايمان. اثنان واربعون وستمائة. الارادة في كتاب الله على نوعين احدهما الارادة الكونية وهي الارادة المستلزمة لوقوع المراد التي يقال فيها ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن. والثاني الارادة الدينية الشرعية وهي محبة المراد ورضاه ومحبة اهله والرضا عنهم. وجزاؤهم بالحسنى. ولهذا كانت الاقسام اربعة فاجتمعت فيه الارادتان وهو ما وقع من الايمان والطاعات كلها وما انتفت عنه الارادتان وهو ما لم يكن من المباحين والمعاصي فان الله لم يردها دينا لانه لا يحبها ولم يردها كون لانه لم يقدرها وما تعلقت به الارادة الدينية وحدها وهو ما امر الله به من الاعمال الصالحة. فعصى ذلك الامر الكفار والفجار. فان الله ارادها محبة ولكنه لم يقضها ويقدرها وما تعلقت به الارادة الكونية وحدها. وهو ما قدره من الحوادث التي لم يأمر بها كالمباحات والمعاصي. وهذا واضح. ثلاثة واربعون وستمائة الرضا بالقضاء على قسمين. احدهما الرضا بفعله تعالى وتدبيره وتقديره الذي هو فعله. فهذا علينا ان نرضى لانه حمد وحكمة وعدل. ويدخل في هذا وجوب الرضا بالله ربا. وبالاسلام دينا وبمحمد نبيا. فهذا لا يتم الايمان الا بها. اربعة واربعون وستمائة. والثاني ما يقضى من افعال العباد. فهذا فيه تفصيل علينا ان نرضى بما يحبه الله ويرضاه منها كالايمان والطاعات. ولا يحل لنا ان نرضى بما يكرهه ويسخطه من المعاصي على اختلاف انواعها. واما ما يقدر علينا من المصائب. فالصواب وان الرضا مستحب وانما الواجب فيها الصبر. خمسة واربعون وستمائة. والله تعالى مدح في كتابه الصبر والشكر. ان في ذلك ايات لكل صبار شكور. فالصبر والشكر على ما يقدره الرب بعبده من السراء والضراء من النعم والمصائب التي يبلوها بها والسيئات فعليه ان يتلقى المصائب بالصبر والنعم بالشكر ومن النعم ما ييسره له من افعال الخير ومنها ما هي خارجة عن فيشهد القدر عند فعله للطاعات. وعند انعام الله عليه فيشكره. ويشهده عند المصائب فيصبر. واما عند الذنوب فيكون مستغفرا تائبا. واما من عكس هذا فشهد القدر عند ذنوبه وشهد فعله عند الحسنات. فهو من اعظم المجرمين. ومن شهد فعله فيهما فهو وقدري ومن شاهد القدر فيهما ولم يعترف بالذنب ويستغفره فهو من جنس المشركين. واما المؤمن فيقول ابوء لك بنعمتك علي وابوء بذنبي ستة واربعون وستمائة. قد يصيب الناس مصائب بفعل اقوام مذنبين وتابوا. مثل كافر يقتل مسلما ثم يسلم فيتوب الله عليه او يكون متأولا لبدعة ثم يتوب من البدعة او يكون مجتهدا او مقلدا مخطئا. فهؤلاء اذا اصاب العبد اذى بفعله فهو من جنس المصائب السماوية التي لا يطلب فيها قصاص من ادمي. ومن هذا القتال في الفتنة وقتال المرتدين وما اشبه ذلك واربعون وستمائة فمن كان مجاهدا لله باللسان بالامر بالمعروف والنهي عن المنكر وبيان الدين وتبليغ ما في الكتاب والسنة من الامر والنهي والخبر وبيان الاقوال المخالفة لذلك والرد على من خالف الكتاب والسنة او باليد كقتال الكفار فاذا اوذي على جهاده بيد غيره او لسانه فاجره في ذلك على الله لا يطلب من هذا الظالم عوض مظلمته. بل هذا الظالم ان تاب وقبل الحق الذي جوهد عليه فالتوبة تجب ما قبلها وان لم يتب بل اصر على مخالفة الكتاب والسنة فهو مخالف لله ورسوله والحق في ذنوبه لله ورسوله وان كان للمؤمنين ايضا حق تبعا لحق الله. وهذا اذا عوقب لحق الله. ولتكون كلمة الله هي العليا. ويكون الدين كله لله لاجل القصاص فقط. ثمانية واربعون وستمائة ما ثبت من المؤقتات بشرع او شرط فالهلال ميقات له. فبالهلال يكون قضية الشهر والسنة ولا يقوم شيء مقام الهلال البتة لظهوره وظهور العدد المبني عليه وتيسر ذلك وعمومه وغير ذلك من المصالح الخالية من المفاسد تسعة واربعون وستمائة ما نهي عنه من العقود ونحوها لحق الغير اذا عفا صاحب الحق نفذ العقد عقد وصار صحيحا والا ففيه علقة خيار ونحوه لصاحب الحق يكون عقدا غير لازم وتفاصيل هذا الاصل كثيرة معروفة خمسون وستمائة الملك الذي لا يحصل للعبد الا بمعصية الله اما مقابلة ترك واجب او مقابلة فعل محرم مكسب خبيث حرام. وعليه ان يتصدق به او يجعل في المصالح ولا يرده الى من اخذه منه. واحد وخمسون وستمائة. الاصل في العقوق جميعها هو العدل فانه بعثت به الرسل وانزلت الكتب. قال تعالى لقد ارسلنا رسلنا بالبينات وانزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط. وما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم من المعاملات كبيع الغرر والثمرة قبل بدو صلاحها والسنين والمزابلة والمحاطلة وغيرها داخل اما في ربا واما في الميسر وكلاهما ظلم واكل للمال بالباطل. اثنان وخمسون وستمائة. قوله صلى الله عليه وسلم مطل الغني ظلم واذا اتبع احدكم على مليء فليتبع من جوامع الكلم جمع فيه بين حسن الوفاء وحسن الاستيفاء. ونهى عما يضاد ذلك فامر المدينة بالوفاء ونهاه عن المطل. وبين انه ظالم اذا مطل. وامر الغريم بقبول الوفاء اذا احيل على مليء. وهذا قوله فاتباع بالمعروف واداء اليه باحسان. امر المستحق ان يطالب معروف وامر المدينة ان يؤدي باحسان ثلاث وخمسون وست مئة. الاعيان التي تستخلف شيئا بعد شيء بمنزلة المنافع على اربعة وخمسون وستمائة من الاصول ان تقاس مسائل النزاع على مسائل الاجماع. وما انعكس فقد غلط غلطا فاحشا كما توضح المسائل الغامضة بتمثيلها وتشبيهها على المسائل الواضحة كما يرد المتشابه على المحكم ليصير الجميع محكما خمسة وخمسون وستمائة. الاحسان الى المحتاجين كابناء السبيل والفقراء والمساكين والاقارب المحتاجين من الواجبات. ومن اصول الشرع التي بها قيام مصلحة العالم فان الله لما قسم عباده بين غني وفقير ولا تتم مصلحتهم الا بسد خلة الفقراء. فامر وبالصدقة فحرم الربا الذي يضر بالفقراء. ستة وخمسون وستمائة اسباب الرد في المعاوضات ثلاثة. العيوب وفقد صفات المشروطة لفظا او عرفا والتدليس وتفاصيل هذا الاصل كثيرة جدا. سبعة وخمسون وستمائة ادراك الصفات التي ترتب الشارع عليها الاحكام على الوجه التام ومعرفة الحكم والمعاني التي تتضمنها الشريعة من اشرف العلوم. فمنه الجلي الذي يعرفه كثير من الناس ومنه الدقيق الذي لا يعرفه الا خواصهم. وهذا ونحوه مما يعرف به كمال الشريعة وموافقتها لمصالح العباد في معادهم ومعاشهم في امورهم الكلية والجزئية. ثمانية وخمسون وستمائة. كل من اشتغل بالامور الضارة فهي مع ضررها تصد عن الامور النافعة. تسعة وخمسون وستمائة. اذا كان السبب محظورا لم يكن السكران معذورا. ستون وستون الولي لله كل مؤمن تقي وارتكاب الولي المحظور متأولا او عاصيا لا يخرجه عن ولاية الله ولا يمنع الانذار وعليه فان تاب رجع الى ولايته والا نقص من ايمانه وولايته بحسب ما ترك من المأمور او تجرأ على المحظور. واحد وستون وستمائة. اذا علمنا استحقاق كل واحد من الاشخاص. وجهل المقدار فالاصل ان يقسم بالسوية. وان علم ان المستحق احدهما او احدهم دون الاخر وجهلنا او انبهم علينا اعملت القرعة في العبادات والاموال والحقوق والعتق والطلاق وغيرها اثنان وستون وستمائة امر الله المؤمنين بامرين يجمعان الخير كله. بالتقوى التي مدارها على تصديق الله ورسوله وطاعته الله ورسوله وبالقول السديد وهو المطابق الموافق. فان كان خبرا كان صدقا مطابقا لمخبره لا يزيد ولا ينقص. وان كان امرا كان امرا بالعدل الذي لا يزيد ولا ينقص. ثلاثة وستون وستمائة. الاعادة بعد الممات. يعيد الله الخلق بعدما استحالت اجسامهم الى غيرها. فيعيدها من تلك الاجزاء التي انقلبت واستحالت اليها خلقة كاملة مخلوقة للبقاء. والنشأة الاولى لا خلقة فساد وفناء. فالنشأة الاولى والثانية نوعان تحت جنس يتفقان ويتماثلان ويتشابهان من وجهه. ويفترقان ويتنوعان من وجه اخر. لهذا جعل المعاد هو المبدأ وجعل مثله ايضا. فباعتبار اتفاق المبدأ والميعاد فهو هو. وباعتبار ما بين النشأتين من الفرق فهو مثله. اربعة وستون وستمائة. ولا يجوز ان يكون في القرآن ما يخالف صريح العقل والحس. الا وفي القرآن بيان معناه فان الله جعله شفاء لما في الصدور. وبيانا للناس. فلا يجوز ان يكون بخلاف ذلك. لكن قد تخفى فاثار الرسالة في بعض الامكنة والازمنة حتى لا يعرفون ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم. اما الا يعرفوا اللفظ واما ان يعرفوا اللفظ ولا يعرفوا معناه. فحينئذ يكونون في جاهلية بسبب عدم نور النبوة. ومن ها هنا يقع الشر وتفريق الدين كالفتن التي تحدث بالسيف. الفتن القولية والعملية هي من الجاهلية بسبب خفاء نور النبوة عنهم. فاذا انقطع نور النبوة عنهم وقعوا في البدع وحدثت البدع والفجور. ووقع الشر بينهم. فمسائل النزاع في الاصول والفروع اذا لم ترد الى الله الله ورسوله لم يتبين فيها الحق بل يصير المتنازعون فيها على غير بينة من امرهم. فان رحمهم الله اقر بعضهم بعضا يبغي بعضهم على بعض كما كان الصحابة في زمن عمر وعثمان يتنازعون في بعض مسائل الاجتهاد ايقر بعضهم بعضا ولا يعتدي عليه وان لم يرحموا وقع بينهم الاختلاف المذموم. فبغى بعضهم على بعض. اما بالقول مثل تكفيره وتفسيقه. واما بالفعل مثل حبسه وضربه وقتله وهذا حال اهل البدع والظلم كالخوارج وامثالهم. يظلمون الامة ويعتدون عليهم اذا نازعوهم في بعض مسائل الدين وكذلك سائر اهل الاهواء. فانهم يبتدعون بدعة ويكفرون من خالفهم فيها. كما يفعل الرافضة والمعتزلة والجهمية وغيرهم. الناس اذا خفي عليهم بعض ما جاء به الرسول اما عادلون واما ظالمون. فالعادل فيهم الذي يعمل بما وصل اليه من اثار الانبياء ولا يظلم غيره. والظالم الذي يعتدي على غيره. خمسة وستون وست مئة. من اضر الامور على العبد ليكون متميزا عن العامة ببعض العلوم الطبيعية او غيرها. فاذا جاءته العلوم الدينية النافعة التي لم تدخل في علمه نفاها خسر دينه وصار علمه الجزئي لبعض المعلومات وبالا عليه. وهكذا تجد من عرف نوعا من العلم يمتاز به على العامة الذين لا يعرفونه فيبقى بجهله نافيا لما لا يعلمه. وبنو ادم ضلالهم فيما جحدوه ونفوه بغير علم اكثر من ضلالهم فيما به واثبتوه. قال تعالى بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولما يأتهم تأويله ويله هذا لان الغالب على الادميين صحة الحس والعقل. فاذا اثبتوا شيئا وصدقوا به كان حقا بخلاف ما نفوه. فان غالبهم هم او كثيرا منهم ينفون ما لا يعلمون. ويكذبون بما لم يحيطوا بعلمه. ويتفرع على هذا الاصل الباطل. الجهل بالالهيات وبما جاء به الرسول والجهل بالامور الكلية المحيطة بالموجودات. وبهذا ضل زنادقة الفلاسفة وغيرهم كما انكروا الجن ملائكة وامور الغيب اذ لم تدخل تحت علومهم القاصرة فجحدوها وكذبوا بما لم يحيطوا بعلمه وجائتهم الرسل بالبينات براهين ففرحوا بما عندهم من العلم وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون. ستة وستون وستمائة معرفة تفسير اللفظ ومعناه وتصور ذلك في القلب غير معرفة الحقيقة الموجودة في الخارج. المرادة بذلك الكلام. سبعة وستون وستمائة. انزل الله القرآن كتابا متشابها مثاني. يذكر فيه الاقسام والامثال. فيستوعب الاقسام فيكون ويذكر الامثال فيكون متشابها. ثمانية وستون وستمائة متابعة النبي صلى الله عليه وسلم يعتبر فيها القصد اذا قصد مكانا للعبادة فيه كان قصده لتلك العبادة سنة. واما اذا صلى فيه اتفاقا من غير قصد لم يكن قصده للعبادة زادت سنة تسعة وستون وستمائة. وكلما كان الرجل اتبع لمحمد صلى الله عليه وسلم كان اعظم توحيدا لله اخلاصا له في الدين. واذا ابعد عن متابعته نقص من دينه بحسب ذلك. فاذا كثر بعده عنه ظهر فيه من الشرك والبدع سعى ما لا يظهر فيمن هو اقرب منه الى اتباع الرسول سبعون وستمائة. الاصل بقاء ما كان على ما كان. والاحتياط في المياه بمجرد الشك ليس مستحبا ولا مشروعا. والمائعات كالمائلة تنجس الا بتغيرها بالنجاسة. واحد وسبعون وستمائة ما كان من باب التروك التي يقصد تركها واجتنابها لم يشترط فيه القصد. وفعل العبد كازالة النجاسات ونحوها. لكن اذا فعلها العبد بنية التقرب الى الله اثيب على ذلك. واحد وسبعون وستمائة ما كان من باب التروك التي يقصد تركها واجتنابها لم يشترط فيه وفعل العبد كازالة النجاسات ونحوها. لكن اذا فعلها العبد بنية التقرب الى الله اثيب على ذلك. ومثل ذلك رد الامانات الخصوم والحقوق ونحوها. اثنان وسبعون وستمائة ما حرم تحريما خفيفا بان حرم لغير ذاته. بل لانه وسيلة الى مفسدة ابيح منها هذا النوع ما تدعو الحاجة اليه. كما استثني من لباس الحرير ومن ربا الفضل ونحوهما. ثلاثة وسبعون وستمائة وملابسة النجاسة جائز للحاجة اذا طهر ثوبه وبدنه للصلاة. اربعة وسبعون وستمائة من عاب شيئا فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم او اقل مر عليه عرف. فان اصر قتل كافرا. خمسة وسبعون وستمائة. الصحيح ان كل من صلى في الوقت بحسب امكانه لا يعيد. كالعادة عن شيء من واجبات الصلاة او شروطها او عن بعضه. ستة وسبعون وستمائة من اعتقد ما لم يدل عليه دليل شرعي قربة فهو مخطئ ظالم. سبعة وسبعون وستمائة والتحقيق ان كل عمل في الظاهر من مؤمن لابد ان يصحبه عمل القلب بخلاف عكس فلا يتصور عمل البدن منفردا الا من المنافق الذي يصلي رياء وكان عمله باطلا حابطا. ففرق بين المؤمن والمنافق فيظهر الفرق بين المؤمن الذي يقصد عبادة الله بقلبه مع الوسواس. وبين المنافق الذي لا يصلي الا رئاء الناس. ثمانية وسبعون وستمائة. وفي تكفير اهل البدع والاهواء نزاع. هما روايتان عن احمد وحقيقة الامر ان القول قد يكون كفرا. فيطلق القول بتكفير صاحبه لكن الشخص المعين لا يكفر حتى تقام عليه الحجة. فنفس القول قد يكون كفرا لكن قائله معذور اذا كان من المؤمنين فلا يكفر لانه قد يعذره الله بامور اما انه لم يعقله او انه لم يثبت عنده او انه لم يفهمه معارضة شبهة. فمن كان قصده الحق فاخطأه فان الله يغفر له. فمذاهب الائمة الفرق بين النوع والعين. ومن حكى الخلاف لم يفهم فور قولهم فطائفة تحكي عن احمد في تكفير اهل البدع مطلقا روايتين. وليس هذا مذهبا لاحمد ولا لغيره من الائمة. كذلك تكفير الشافعي لحفص الفرد حين قال القرآن مخلوق. فقال قد كفرت اي قولك كفر. ولهذا لم يسع في قتله ولو كان عنده كافرا لسعى في قتله. واما قتل الداعية الى البدع فقد يكون لكبش ضرره عن الناس كقطاع الطرق ونحوهم. تسعة وسبعون وستمائة ومن اعتقد انه بمجرد تلفظه بالشهادة يدخل الجنة ولا يدخل النار فهو ضال مخالف للكتاب والسنة والاجماع وانما يستحق دخول الجنة والنجاة من النار مع الشهادتين. بالقيام بالواجبات وترك المحرمات. ثمانون وستمائة ظلم العبد نفسه يكون بترك ما ينفعها وهي محتاجة اليه. وذلك فعل ما امر الله به وبفعل ما يضرها وذلك المعاصي كما ان ظلم الغير كذلك اما بمنع حقه او التعدي عليه فان الله امر العباد بما ينفعهم ونهاهم عما يضرهم. وجاء القرآن بالامر بالاصلاح والنهي عن الفساد. الصلاح كله طاعة. والفساد كله معصية. وقد لا يعلم كثير من الناس ذلك على حقيقته فعلى المؤمن ان يعلم ان الله يأمر بكل مصلحة وينهى عن كل مفسدة. وكل ما امر الله به راجع الى العدل. وكل ما نهى عنه راجع الى الظلم والظلم الذي حرمه الله على نفسه ان يترك حسنات المحسن فلا يجزيه بها. او يعاقب البريء على ما لم يفعله من السيئات او يعاقب هذا بذنب غيره او يحكم بين الناس بغير القسط ونحو ذلك. وذلك لكمال عدله وحمده. واحد وثمانون وستمائة. اصل الايمان في القلب وهو قول القلب وعمله وهو اقرار العبد بالتصديق والحب والانقياد. ولابد ان يظهر موجبه قضاه على الجوارح فالاعمال الظاهرة من موجب ايمان القلب ودليل عليه وشاهد له وشعبة من مجموع الايمان المطلق وبعض وما في القلب اصل لها وهو الملك والاعضاء جنوده. فالتحقيق ان اسم الايمان المطلق قد يتناول الاصل مع الفرع. وقد يخص بالاسم وحده في قوله على الله ما لا تعلمون. وكل ما حرم تحريما مطلقا عاما لا يباح في حال فهو داخل في هذه مذكورات وجميع الواجبات في قوله قل امر ربي بالقسط واقيموا وجوهكم عند كل مسجد ودعوه مخلصين له الدين اسمي مع الاقتران بعمل الجوارح. وهو كالشجرة يتناول الاصل والفرع اذا وجد. وقد يقطع من الفروع شيء فتبقى شجرة ناقصة بحسب بما زال منها وكذلك الايمان كما مثله الله بالشجرة. اثنان وثمانون وستمائة من اسباب نور الايمان وقوته سماع القرآن وتدبر ومعرفة احوال النبي صلى الله عليه وسلم ومعجزاته. والنظر في ايات الله والتفكر في ملكوت السماوات والارض. التأمل في احوال نفسك الانسان ومثل رؤية اهل الايمان. والنظر في احوالهم الضرورات التي يحدثها الله للعبد يضطره بها الى ذكر الله تعالى استسلامي له واللجأ اليه. وقد يكون هذا سببا لشيء من الايمان. وهذا سببا لشيء اخر. سبب الايمان وشعبه تارة من العبد وتارة من غيره مثل من يقيض له من يدعوه الى الايمان ويأمره بالخير وينهاه عن الشر. ثلاثة وثمانون وست مئة العلم نافع المقصود وغيره وسيلة ثلاثة انواع. واحد علم باسماء الله وصفاته وما يتبع ذلك. اثنان وعلم بما اخبر الله به من الامور الماضية والحاضرة والمستقبلة ثلاثة وعلم بما امر الله به من الامور المتعلقة بالقلوب والجوارح من الايمان بالله ومن معارف قلوب واحوالها واحوال الجوارح واعمالها. اربعة وثمانون وستمائة ليس كل سبب نال به الانسان حاجته يكون مشروعا ولا مباحا وانما يكون مشروعا اذا غلبت مصلحته على مفسدته مما اذن فيه الشرع. والمسلم يعلم ان الله لم يحرم شيئا الا ومفسدته لحظة او غالبة. خمسة وثمانون وستمائة. النبي صلى الله عليه وسلم اولى بالمؤمنين من انفسهم فهو الاب الروحاني. والوالد الجسماني وهو صلى الله عليه وسلم سبب السعادة الابدية للمؤمن في الدنيا والاخرة. والاب سبب لوجوده في الدنيا وازواج النبي صلى الله عليه وسلم امهات المؤمنين في الحرمة لا في المحرمية ولهن من الاحترام ما ليس للوالدة. ومعلوم ان الانسان يجب ان يطيع معلمه لما الذي يدعوه الى الخير ويأمره بما امر الله به ولا يجوز ان يطيع اباه في مخالفة هذا الداعي لانه يدله على ما ينفعه ويقربه الى ربه ويحصل له باتباعه السعادة الابدية. فظهر فضل الاب الروحاني على الاب الجثماني. فهذا ابوه في الدين وهذا ابوه في الطين واين هذا من هذا؟ ستة وثمانون وستمائة للعبد حالان واحد حال قبل القدر فعليه ان يستعين ويتوكل عليه ويدعوه. اثنان وحال بعد القدر. فعليه ان يحمد الله في الطاعة ويصبر ويرضى في المصيبة ويستغفر في الذنب وفي الطاعة من النقص سبعة وثمانون وستمائة وردت نصوص كثيرة في الوعد بالجنة والنجاة من النار على اعمال لا تكفي في ذلك بالاجماع. ووردت ايضا نصوص في الوعيد على اعمال بالخلود في النار او تحريم دخول الجنة. وهي لا تخرج من الاسلام باجماع السلف فاصح الاقوال فيها واحسنها ما فيه تصديق للنصوص كلها. وهي انها من باب الموجبات والاسباب التي لابد فيها من وجود الشروط وانتفاء الموانع. وبهذا يزول الاشكال وينتفي التعارض بين النصوص الصحيحة. ثمانية وثمانون وستمائة يعامل الناس في الحب والبغض بما يظهر منهم مما يوجب ذلك. تسعة وثمانون وستمائة علم الله بالاشياء واثارها لا ينافي ما علقها عليه من الاسباب. ولهذا امثلة كثيرة كحصول المغفرة ودخول الجنة وحصول النصر. كل ذلك لا يمنع قيام العبد باسباب ذلك وامره به تسعون وستمائة من رحمة الله تعالى ان النفل مثل الفرض في جبر خلل الفريضة عند التعذر كالمحاسبة ثبت على الصلاة وغيرها. ومن احرم بحج النفل وعليه فرضه فانه ينقلب فرضا. ومن عليه طهارة واجبة ونسيها ونوى المسنود ونحو ذلك والله اعلم واحد وتسعون وستمائة. قد تقرر ان بيع الغرر حرام وانه من الميسر. وقد يجوز بعضه اذا احتيج اليه وكان الغرر يسيرا او كان تبعا لغيره فانه يثبت تبعا ما لا يثبت استقلالا. وكذلك اذا عارض ذلك ضرر اعظم منه ابيح دفعا لاعظم الفسادين بارتكاب ادناهما. اثنان وتسعون وستمائة من اتلف شيئا من مال غيره لاصلاح الباقي او فليس بضامن اذ هذا مأذون فيه شرعا وعرفا. وهو محسن وما على المحسنين من سبيل. وخرق الخضر للسفينة الصالحة لتسلم من الملك من هذا الباب ثلاثة وتسعون وستمائة المال المكسوب بعقد فيه اعانة على محرم لا يطيب لصاحبه ولا يرد على من اخذ منه بل يصرف في المصالح العامة. اربعة وتسعون وستمائة. المنفعة لا قيمة لها في العادة بمنزلة في الاعيان التي لا قيمة لها لا يصلح ان يرد عليها عقد اجارة ولا بيع بالاتفاق. خمسة وتسعون وستمائة كل من افتقد شيئا وجب العمل به له وعليه وليس لاحد ان يعتقد احد القولين فيما له دون ما عليه. ستة وتسعون وستمائة طول الشريعة تفرق في المنهيات بين المحتاج وغيره كما في المأمورات. ولهذا يقال كسب فيه دناءة خير من مسألة ويجب قضاء الواجبات بمال مشتبه. واخذ المحتاج من مال اليتيم ومن عطايا السلطان. واجرة التعليم وغير ذلك. سبعة وتسعون وستمائة. بذل المال لا يجوز الا لمنفعة في الدين والدنيا وهذا متفق عليه بين العلماء. ومن خرج عن هذا كان سفيها مبذرا لماله فالحي ينفق ماله في منافع دينه او مباحات دنياه. واما الميت في اوقافه ووصاياه فتتعين منافع الدين في حقه. ولهذا اشترط في الوقف القربى فلا يصير الى جهة محرمة او مكروهة او مباحة. بل اما الى واجب او مستحب. وعلى هذا فالشروط مطمنة للامر بما نهى الله عنه ورسوله او النهي عما امر الله به ورسوله مخالفة للنص والاجماع. ثمانية وتسعون نصب المستوفين في الاعمال والمحاسبين والقابضين والمتصرفين قد يجب اذا لم تتم مصلحة قبض المال وصرفه الا به اذا قام المستوفي بما عليه وجب له ما فرض له تسعة وتسعون وستمائة. ولا ريب ان السعي في تمييز المستحقين للاوقاف والارزاق من بيت المال وغيره من غيرهم واعطاء الولايات والارزاق من هو احق بها. والعدل بين الناس وفعله بحسب الامكان هو من افضل بعمل ولاية الامور بل من اوجبها عليهم. فان الله يأمر بالعدل والاحسان. والعدل واجب على كل واحد في كل شيء. سبعمائة صرف الاموال التي اخذت بغير حق في المصالح العامة اولى من ابقائها بايدي الظلمة وصرفها فيما لا ينفع. لكن اذا امكن ردها الى اهلها فكان هو الواجب واحد وسبعمئة. جميع الايمان اذا حنث فيها ففيها كفارة يمين. سواء كانت بصيغة القسم او التحريم او الشرط او غيرها لقوله تعالى قد فرض الله لكم تحلة ايمانكم. روح الايمان ومقصودها هي التي يقصد بها الحث على الشيء او المنع منه ويتوسل الى ذلك باليمين باي نوع تكون. اثنان وسبعمائة. من اكره على عقد او فسخ او شرط او او غيرها فاوقع ما اكره عليه فان كان بحق بان امتنع مما وجب عليه فاكره عليه صار كالاختيار ونفذ ما اكره عليه من ذلك وان كان بغير حق لم يثبت ولم ينفذ شيء من ذلك. ثلاثة وسبعمائة ويجوز للانسان ان يبذل ما يتوصل به لا اخذ حقه الممنوع او دفع الظلم عنه مع انه لا يحل للاخذ. اربعة وسبعمائة امور الغيب علينا ان نؤمن بما اخبر الله به ورسوله منها وما زاد على ذلك من التعريض لكيفياتها وصفاتها فانه من باب القول بلا علم ومن باب التكلف الضار ويدخل في هذا صفات الملائكة والجن وهيئتها وكيفياتها. بل نؤمن بما في النصوص منها ونعلم انه حق على حقيقته. فنسكت عن ما سوى ذلك وبهذا يحصل الايمان الصحيح والعصمة خمسة وسبعمائة. محبة الانسان للامور الدنيوية لا يلام العبد عليه ولا يعاقب الا اذا دعا الى معصية الله او تضمن ترك واجب وجمع المال اذا قام فيه بالواجبات ولم يكتسبه من الحرام لا يعاقب عليه لكن اخراج الفضل والاقتصار على الكفاية افضل واسلم. وافرغ للقلب واجمع للهم وانفع للدنيا والاخرة. ستة وسبع ما تشتهيه النفوس من المحرمات جعل له الشارع حدودا وزواجر معينة وما لا تشتهيه النفوس. كفى بالزاجر الطبيعي واقتصر فيه على التعزيز في عقوبة فاعله. سبعة وسبعمائة. الالعاب المباحة والعوائد المباحة اذا اشتملت كثيرا على محرمات او واجبات حرمت ووجب اجتنابها والنهي عنها. لما اقترن بها من هذه المفاسد التي لا تخلو هذه المباحات منها. ثمانية وسبع سبعمائة لا يحل لاحد ان يحضر مجالس المنكرات باختياره لغير ضرورة. وعليه ان ينكر ولو بقلبه. تسعة وسبعمائة لا تحل الغيبة الا عند الحاجة اليها لمصلحة دينية. او تعريف بالشخص بشرط ان يكون القصد النصيحة وتلك المصلحة. لا قصد الغيبة وكل ما قيل في تجويزه منها فانه داخل في هذا الضابط. عشرة وسبعمائة. كل طائفة خرجت عن شريعة من شرائع الاسلام الظلام القاهرة المتواترة وجب قتالهم حتى يكون الدين كله لله احد عشر وسبعمئة يجب على جميع المسلمين ان يكونوا يدا واحدة على الكفار وان يجتمعوا ويقاتلوا على طاعة الله ورسوله والجهاد في سبيله. ويدعو المسلمين الى ما كان عليه سلفهم من الصدق وحسن الاخلاق. فان هذا من اعظم اصول الاسلام وقواعد الايمان التي بعث الله بها رسله وانزل بها كتبه. امر عباده عموما بالاجتماع ونهاهم عن التفرق والاختلاف اثنى عشر وسبعمائة. واذا كان اليهودي او النصراني ونحوهما خبيرا بالطب ثقة عند الانسان جاز له ان يستطبه كما يجوز له ان يودعه المال وان يعامله. واذا وجد طبيبا مسلما فهو اولى. واما ان لم يجد الا كافرا فله ذلك. واذا خاطبه بالتي هي احسن كان حسنا. ثلاثة عشر وسبعمائة. الدين الصحيح هو عبادة الله وحده بما شرع الله ورسوله. الدين الفاسد هو عبادة غير الله. او عبادة الله بعبادة فاسدة ابتدعها بعض الضالين. فالاول مشرك تاني مبتدع اربعة عشر وسبعمئة الاعمال التي تكون بين اثنين فصاعدا يطلب كل منهم ان يغلب الاخر ثلاثة اصناف صنف امر الله به ورسوله كالسباق بالخيل والرمي والنبل ونحوه من الات الحرب لانه مما يعين على الجهاد في سبيل الله صنف نهى الله ورسوله عنه كالميسر من النرد والشطرنج ونحوهما. فان كانت بعوض تضاعفت التحريم والنهي عنها. ويدخل في هذا هذا بيوع الغرر لما فيه من اكل المال بالباطل. وصنف مباح كالمصارعة والمسابقة على الاقدام فهذا مباح باتفاق المسلمين اذا خلا عن العوض وعن مفسدة راجحة قد يؤمر به اذا ترتب عليه مصلحة شرعية خمسة عشر وسبعمائة. والاجتهاد يقبل التجزؤ والانقسام فيكون الرجل مجتهدا في مسألة او صنف من العلم دون غيره. القياس الذي يسوغ هذا رد القضايا الى نظيرها الثابت بالكتاب والسنة بعلة تجمع بينهما ستة عشر وسبعمائة. وافضل الخلق النبيون ثم الصديقون ثم الشهداء ثم الصالحون. وافضل كل صنف اتقاهم وافضل الخلق في الطبقات. القرن الذي بعث فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم. وتنازعوا في الفقير الصابر والغني الشاكر ايهما افضل. والصواب ان افضلهما اتقاهما قال تعالى ان اكرمكم عند الله اتقاكم. سبعة عشر وسبعمائة. اعمال القلوب التي تسمى المقامات والاحوال وهي من اصول الايمان وقواعد الدين. مثل محبة الله ورسوله. التوكل على الله واخلاص الدين له. والشكر له. والصبر على حكمه الخوف منه والرجاء له وما يتبع ذلك. كل ذلك واجب على جميع الخلق المأمورين باصل الدين. باتفاق ائمة المسلمين والناس في فيها على ثلاثة درجات كما هم في اعمال الابدان. واحد ظالم لنفسه اثنان ومقتصد ثلاثة سابق بالخيرات. فالظالم العاص بترك مأمور وفعل محظور. والمقتصد المؤدي للواجبات والتارك للمحرمات. والسابق بالخيرات المتقرب بما يقدر عليه من واجبات ومستحبة والتارك للمحرم والمكروه. وكل من السابقين والمقتصدين من اولياء الله الذين قال الله فيهم الا الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين امنوا وكانوا يتقون. فحد اولياء الله هم المؤمنون المتقون واما الظالم لنفسه فهو من اهل الايمان. فمعه ولاية بقدر ايمانه وتقواه. كما معه من ولاية الشيطان بقدر فجوره. اذ الشخص الواحد يجتمع فيه الحسنات والسيئات. واصل الدين هو الامور الظاهرة والباطنة من العلوم والاعمال. فان الاعمال الظاهرة لا تنفع بدون العقائد الصحيحة كما في الحديث ان في الجسد مضغة اذا صلحت صلح الجسد كله. الحديث ثمانية عشر وسبعمائة. كل من لم قم بالواجب في ولايته فلا ولاية له. بل اما ان يرفع يده عن الولاية ويقام من يفعل الواجب. واما ان يضم اليه من يقوم معه وبالواجب تسعة عشر وسبعمائة يعاقب غير المكلف لتقويمه وتهذيبه او لدفع عدوانه او للاقتصاص من اعتدائه. ولذلك امثلة كثيرة عشرون وسبعمائة من ابتلي ببلاء قلبي ازعجه فاعظم دواء له قوة الالتجاء الى الله ودوام التضرع دعاء بان يتعلم الادعية المأثورة ويتوخى الدعاء في مظان الاجابة. مثل اخر الليل واوقات الاذان والاقامة. وفي سجوده وادبار صلوات ويضم الى ذلك الاستغفار وليتخذ وردا من الاذكار طرفي النهار وعند النوم فليصبر على ما يعرض له من الموانع فانه لابد ان يؤيده الله بروح منه ويكتب له الايمان في قلبه فليحرص على اكمال الفرائض من الصلوات الخمس بباطنه في وظاهره فانها عمود الدين. وليكن هجيراه لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم. فانه بها يحمل الاثقال ويكاد الاهوال وينال رفيع الاحوال. ولا يسأم من الدعاء والطلب. فان العبد يستجاب له ما لم يعجل. وليعلم ان النصر مع الصبر ان الفرج مع الكرب وان مع العسر يسرا. ولم ينل احد شيئا من عميم الخير الا بالصبر. والله الموفق. واحد وعشرون وسبعمئة لم ينفرد احد من اهل البدع بقول لم يقل به اهل السنة الا كان خطأ قطعا. وقد يكون الحق مع طائفة من اهل اهل البدع مختلطا بباطل وطائفة من اهل البدع تقابلها كذلك. الحق الخالص الذي لا باطل فيه مع اهل السنة جماعة هذا معروف بالتتبع في كثير من العقائد والاصول. اثنان وعشرون وسبعمائة تجب طاعة النبي صلى الله عليه وسلم كونه رسول الله في حياته وبعد مماته. فكما يجب على الغائب عنه في حياته طاعة امره ونهيه يجب ذلك على من يكون بعد وهو صلى الله عليه وسلم امره شامل عام لكل مؤمن شهده او غاب عنه في حياته وبعد مماته. واذا امر اناسا معينين بامور او حكم باعيان معينة باحكام لم يكن حكمه وامره مختصا بتلك المعينات. بل كان ثابتا في نظائرها وامثالها الى يوم القيامة. بل بعد مماته اوكد لان الدين كمل واستقر بموته فلم يبق فيه نسخ. ولهذا القرآن بعد موته لكماله واستقراره بموته. فطاعته شاملة لجميع العباد. شمولا واحدة وان تنوعت طرقهم في البلاء والسماع والفهم. فهؤلاء يبلغهم من امره ما لم يبلغ هؤلاء. وهؤلاء يسمعون من امره ما لم يسمعه هؤلاء. وهؤلاء يفهمون من امره ما لم يفهمه هؤلاء. وكل من امر بما امر به الرسول وجب طاعته طاعة لله ورسوله لا له واحق الناس به اقربهم الى معرفة دينه واتباعه ثلاثة وعشرون وسبعمائة. الله تعالى عم عباده بخلقه ورزقه اعطاهم كل ما يحتاجونه لقيام دينهم ودنياهم. وهداهم النجدين فريقي الخير والشر. وبين لهم ما يتقون. ولكن خص فضله بمزيد علم وايمان ومزيد عافية ورزق وقوة. قال تعالى اهم يقسمون رحمة ربك نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا. ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات. واذا خص احد الشخصين بقوة وطبيعة تقتضي غذاء صالحا خصه بما يناسب ذلك من الصحة والعافية وان لم يعطى الاخر نقص عنه وحصل له ضعف ومرض. وكذلك اذا خص احدا بالامور الدينية خصه ووفقه الاسباب التي يدرك بها العلم والايمان ولوازمه واعماله. اربعة وعشرون وسبعمائة. والله تعالى قد وسع طرق الهدى لعباده. فيعلم يعلم احد المستدلين المطلوب بدليل ويعلمه الاخر بدليل اخر. ومن علم صحة الدليلين معا كان كل منهما يدله على المطلوب وكان اجتماع الادلة يوجب قوة العلم. وكل منهما يخلفه الاخر اذا غاب الاخر عن الذهن. خمسة وعشرون وسبعمائة جميع نصوص الانبياء. واتفق على ذلك اتباعهم ان الله خالق كل شيء من الاعيان والصفات والافعال. فخلق الاعيان بصفاتها وافعالها بافعاله الاختيارية القائمة بنفسه فهو الذي يلهم العباد ان يدعوه فيدعونه فيستجيب لهم ويلهمهم ان يطيعوا فيطيعونه فيثيبهم. فهو سبحانه الفاعل للاجابة والاثابة. كما انه اولا جعل العباد داعين مطيعين. ولم يكن في شيء من ذلك مفتقرا الى غيره البتة بل هو الغني الحميد. ستة وعشرون وسبعمئة. كل من اقر بشيء من الحق من المنكرين ان كان ذلك ادعى له الى قبول غيره وكان يلزمه من قبوله ما لم يلزم من لم يعرف ذلك الحق. ولهذا كل من كان اقرب الى الحق من اهل البدع والكفار اولى بهذا الوصف المذكور. سبعة وعشرون وسبعمائة. والنص والعقل دل على ان كل ما سوى الله مخلوق حادث كائن بعد ان لم يكن. ولكن لا يلزم من حدوث كل فرد فرد مع كون الحوادث متعاقبة. حدوث النوع فلا يلزم ذلك انه لم يزل الفاعل المتكلم معطلا عن الفعل والكلام. ثم حدث ذلك بالسبب كما لم يلزم من ذلك في المستقبل ان كل فرد فرد من المستقبلات المنقضية فان. وليس النوع فانيا كما قال تعالى وظلها. وقال لا ينفد اي لا ينقضي هذا النوع. والا فكل فرد من افراده نافذ منقض ليس له بداء. وذلك ان الحكم الذي توصف به الافراد قد ان كان لمعنى موجود في الجملة وصفت به الجملة مثل وصف كل فرد بوجود او امكان او بعدم فانه يستلزم وصف الجملة بالوجوب والامكان والعدم. لان طبيعة الجميع طبيعة كل واحد واحد. وليس المجموع الا الاحاد الممكنة والموجودة او بخلاف العكس ثمانية وعشرون وسبعمائة. فالدين الحق لابد فيه من الكتاب الهادي والسيف الناصر. كما قال تعالى لقد ارسلنا رسلنا بالبينات وانزلنا معهم الكتاب والميزان ليقومن باسوا بالقسط وانزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع سوى ليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب ان الله قويم الكتاب يبين ما امر الله به وما نهى عنه. السيف ينصر ذلك ويؤيده. تسعة وعشرون وسبعمئة. وفي الجملة فكل ما ذكر في القرآن من خطاب المؤمنين والمتقين والمحسنين ومدحهم والثناء عليهم. فالصحابة رضي الله عنهم اول من دخل في ذلك من هذه الامة وافضل من دخل في ذلك من هذه الامة كما استفاض عنه صلى الله عليه وسلم في غير وجه انه قال خير القرون قرني الذي جئت فيهم ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم. وما تواتر في الكتاب والسنة من فضائلهم ومن والشهادة لهم بعلو الدرجات وكمال الصفات. امر معلوم من الدين بالضرورة. فلا يناقضه شيء مما قاله الضالون المفتون من الرافضة وغيرهم ثلاثون وسبعمائة والاقوال اذا حكيت عن قائلها او نسبت الطوائف الى متبوعها فانما ذاك على سبيل للتعريف والبيان. واما المدح والذم والموالاة والمعاداة فعلى الاسماء المذكورة في القرآن الكريم. كاسم المسلم والكافر والمؤمن والمنافق والبر والفاجر والصادق والكاذب والمصلح والمفسد وامثال ذلك. وكون القول صوابا او خطأ يعرف بالادلة الدالة على ذلك المعلومة بالعقل والسمع والادلة الدالة على العلم لا تتناقض. وهو ان يكون احد الدليلين يناقض مدلول اخر واحد وثلاثون وسبعمائة ولا يتصور عند اهل السنة تعارض الادلة الصحيحة العلمية لا السمعية ولا العقلية والكتاب والسنة يدل بالاخبار تارة ويدل بالتنبيه تارة. والارشاد والبيان للادلة العقلية تارة. وخلاصة ما عند ارباب النظر العقلي في الالهيات من الادلة اليقينية والمعارف الالهية قد جاء به الكتاب والسنة مع زيادات وتكميلات لم يهتدي اليها الا من هداه الله خطابه. فكان ما جاء به الرسول من الادلة العقلية والمعارف اليقينية فوق ما في عقول جميع العقلاء من الاولين والاخرين. وهذه الجملة لها هذا قسم عظيم قد بسط من ذلك ما بسط في مواضع متعددة. اثنان وثلاثون وسبعمائة من انكر من اهل الالحاد وجود الرب قيل له معلوم بصريح العقل ان الموجود اما واجب بنفسه واما غير واجب بنفسه واما قديم ازلي واما حادث كائن بعد ان لم كن واما مخلوق مفتقر الى خالق واما غير مخلوق ولا مفتقر الى خالق. واما فقير الى ما سواه واما غني عما سواه. وغير الواجب بنفسه لا يكون الا بالواجب بنفسه. والحادث لا يكون الا بقديم. والمخلوق لا يكون الا بخالق الفقير لا يكون الا بغني عنه. فقد لزم على تقدير النقيضين وجود موجود واجب بنفسه. قديم ازلي خالق غني عما ما سواه وما سواه بخلاف ذلك. وقد علم بالحس والضرورة وجود موجود حادث كائن بعد ان لم يكن. والحادث لا يكون واجبا نفسه ولا قديما ازليا ولا خالقا لما سواه ولا غنيا عما سواه. فثبت بالضرورة وجود موجودين احدهما غني اخر فقير واحدهما خالق والاخر مخلوق. وهما متفقان في كون كل منهما شيئا موجودا ثابتا. وليس احدهما مماثلا للاخر في حقيقته. اذ لو كان كذلك لتماثلا فيما يجب ويجوز ويمتنع. واحدهما يجب قدمه وهو موجود بنفسه احدهما غني عن كل ما سواه والاخر ليس بغني واحدهما خالق والاخر ليس بخالق. فلو تماثلا للزم ان يكون كل كل منهما واجب القدم ليس بواجب القدم موجودا بنفسه. ليس موجودا بنفسه غنيا عما سواه. ليس بغني عما سواه خالق لقاء ليس بخالق فيلزم اجتماع النقيضين على تقدير تماثلهما. وهو منتف بصريح العقل كما هو منتف بنصوص الشرع مع اتفاقهما في امور اخرى. كما ان كلا منهما موجود ثابت له حقيقة وذات هي نفسه فعلم بهذه البراهين اتفاقه من وجه واختلافهما من وجه. فمن نفى ما اتفقا فيه كان معطلا قائلا للباطل. ومن جعلهما متماثلين كان مشبها قائلا للباطل والله اعلم. وذلك لانهما وان اتفقا في مسمى ما اتفقا فيه فان الله تعالى مختص بوجوده وعلمه وقدرته وسائر صفاته. والعبد لا يشركه في شيء من ذلك. والعبد ايضا مختص بوجوده وعلمه وقدرته. والله تعالى منزل عن مشاركة العبد في خصائصه. ثلاثة وثلاثون وسبعمائة. الاقوال نوعان فما كان منصوصا في الكتاب والسنة وجب الاقرار قولي من الحق الذي وافقناكم عليه. خمسة وثلاثون وسبعمائة. التوبة والاستغفار لا يوجب تنفيرا ولا يزيل وثوقا. بل لا يتم كمال العبد الا بذلك. بخلاف دعوى البراءة مما يتاب منه ويستغفر. والسلامة مما يحوج الى الرجوع الى الله والالتجاء اليه فانه هو الذي ينفر القلوب ويزيل الثقة. فان هذا لم يعلم انه صدر الا عن كذاب او جاهل. واما الاول فانه يصدر عن الصادقين العالمين. ستة وثلاثون وسبعمائة واصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ولله الحمد من اصدق الناس حديثا عنه يعرف منهم من تعمد عليه كذبا مع انه يقع من احدهم من الهنات ما يقع ولهم ذنوب وليسوا معصومين. ومع هذا فقد اصحاب النقد والامتحان احاديثهم واعتبروها بما تعتبر به الاحاديث. فلم يوجد عن احد منهم تعمد كذبه. بخلاف من بعدهم فانهم لا يساويهم ولا يقاربهم احد رضي الله عنهم. ولهذا كان الصحابة كلهم ثقات باتفاق اهل العلم بالحديث والفقه حفظ من الله لهذا الدين. ولم يتعمد احد الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم الا هتك الله ستره وكشف امره. وقد كان التابعون في المدينة ومكة والشام والبصرة لا يعرف فيهم كذاب. لكن الغلط لم يسلم منه بشر. سبعة وثلاثون وسبعمائة. قد يقال ان ايمان ارجح من الكفر اذا احتيج الى المفاضلة عند من يظن ان ذلك ارجح كقوله ومن احسن دينا ممن اسلم وجهه لله وهو محسن. وقوله وذروا البيع ذلكم خير لكم. وقوله سبحانه ازكى لكم واطهر. بل قد يفضل الله نفسه على من عبد من دونه كقوله وقول السحرة والله خير وابقى. وما اشبه ذلك من ذكر افعل التفضيل مما ليس في المفضل عليه شيء. لان التنزل في المناظرات ونحوها من تمام الانصاف. ومن الداعي للنظر في الادلة والبركة رهين المرجحة وفيها دعوة لطيفة لاهل الانحراف كما هو معروف بالتأمل. ثمانية وثلاثون وسبعمئة. والله منزه توصف بشيء من الصفات المختصة بالمخلوقين. وكل ما اختص بالمخلوق فهو صفة نقص. والله تعالى منزه عن كل نقص. ومستحق غايات الكمال وليس له مثل في شيء من صفات الكمال. فهو منزه عن النقص مطلقا. ومنزه في الكمال ان يكون له مثل. وقد دل على ذلك سورة قل هو الله احد. فبين انه احد صمد. واسمه الاحد يتضمن نفي المثل. واسمه الصمد يتضمن جميع صفاته الكمال تسعة وثلاثون وسبعمائة. جميع الرسل عليهم السلام وجميع اهل الملل يعلمون قطعا ان الملائكة ليست كما يقوله الفلاسفة انها قوى معنوية وانما هم مخلوقون من نور كما اخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم وانهم كما وصفوا في الكتاب والسنة. ومن زعم ان جبريل هو العقل الفعال وهو ما يتخيل من نفس النبي صلى الله عليه وسلم من الصور الخيالية وكلام الله ما يوجد في نفسه كما يوجد في نفس النائم فهذا مما يعلم كل من علم ما جاء به الرسول انه من اعظم الامور تكذيبا للرسول ويعلم ان هؤلاء ابعد عن متابعة الرسول من كفار اليهود والنصارى. وان هذا مذهب زنادقة الفلاسفة. اربعون وسبعمائة التشبيه الممتنع تشبيه الخالق بالمخلوق او تشبيه المخلوق بالخالق. فيمتنع اتصاف الرب بشيء من خصائص المخلوقين. كما ان المخلوق لا يتصف بشيء من خصائص الخالق. ويمتنع ان يثبت للعبد شيء يماثل فيه الرب. واما اذا قيل حي وحي عالم وعالم وقادر وقادر. وقيل لهذا قدرة ولهذا قدرة. ولهذا علم ولهذا علم. كان نفس علم الرب لم يشركه فيه العبد ونفس علم العبد لا يتصف به الرب تعالى عن ذلك. وكذلك سائر الصفات وليس في اثبات هذا محذور. فان المحذور اثبات بشيء من خصائص احدهما للاخر. واحد واربعون وسبعمئة ونحن نعلم ان الله خالق كل شيء. وانه لا حول ولا قوة الا به. وان القوة كالتي في العرش وفي حملة العرش هو خالقها. بل نقول انه خالق افعال الملائكة الحاملين. فاذا كان هو الخالق لهذا كله. ولا حول ولا قوة الا به. امتنع ان يكون محتاجا الى غيره. ولا قال احد انه محتاج الى شيء من مخلوقاته. فضلا عن ان يكون محتاجا قوة شيء من مخلوق اوقاته. ولا يقول احد انه محتاج الى العرش مع انه خالق العرش. والمخلوق مفتقر الى الخالق. لا يفتقر الخالق الى المخلوق. وبقدرة قام العرش وسائر المخلوقات وهو الغني عن العرش وكل ما سواه فقير اليه. اثنان واربعون وسبعمائة. وقد استقر في بداية العقول ان الافعال الاختيارية من العبد تكسب نفس الانسان صفات محمودة وصفات مذمومة بخلاف لونه وطوله وعرضه فانها لا تكسبه ذلك العلم النافع والعمل الصالح والصلاة الحسنة وصدق الحديث واخلاص العمل لله وامثال ذلك تورث القلب صفات محمودة ففعل الحسنة له اثار محمودة في النفس وفي الخارج. وكذلك السيئات. والله تعالى جعل فعل الحسنات سببا لهذا والسيئات سببا لهذا هذا كما جعل اكل السم سببا للمرض والهلاك. واسباب الشر لها اسباب تدفع بمقتضاها. فالتوبة والاعمال الصالحة يمحى بها السيئات المصائب في الدنيا تكفر بها السيئات. والله تعالى يخلق الاختيار في المختار والرضا في الراضي والمحبة في المحب. وهذا لا يقدر عليه الا ولهذا انكر الائمة من قال جبر الله العباد ثلاثة واربعون وسبعمائة ومما يبين هذا ان الله تعالى جهة خلقه وتقديره غير جهة امره وتشريعه فان امره وتشريعه مقصوده بيان ما ينفع العباد اذا فعلوه وما يضرهم بمنزلة للطبيب للمريض بما ينفعه. فاخبر الله على السنة رسله بمصير السعداء والاشقياء. وامر بما يوصل الى السعادة ونهى عما تصل الى الشقاوة وخلقه وتقديره يتعلق به وبجملة المخلوقات فهو يفعل لما فيه حكمة متعلقة بعموم خلقه المطر ان كان في ضمن ذلك تضرر بعض الناس بسقوط منزله وانقطاعه عن سفره وتعطيل معيشته. وكذلك رسالة محمد صلى الله الله عليه وسلم لما في ارساله من الرحمة العامة. وان كان في ضمن ذلك سقوط رئاسة قوم وتألمهم بذلك. فاذا قدر على الكافر الكفرة قدره لما في ذلك من الحكمة والمصلحة العامة. وعاقبه لاستحقاقه ذلك بفعله الاختياري. وان كان مقدرا. ولما له في عقوبته من الحكمة والمصلحة العامة. اربعة واربعون وسبعمئة. الانسان حي حساس متحرك بالارادة. ولهذا قال النبي صلى الله عليه اصدق الاسماء الحارث وهمام. الحارث الكاسب العامر والهمام كثير الهم. والهم مبدأ الارادة والقصد. فكل انسان حارس همام وهو المتحرك بالارادة وذلك لا يكون الا بعد الحس والشعور. فان الارادة مسبوقة بالشعور بالمراد. فلا يتصور ارادة ولا حب ولا شوق ولا ولا طلب الا بعد الشعور. وما هو من جنسه كالحس والعلم والسمع والبصر والشم الذوق واللمس ونحو هذه الامور. فهذا الادراك والشعور هو مقدمة الارادة والحب والطلب. والحي مفطور على حب ما ينفعه ويلائمه وبغض ما يكرهه ويضره. فاذا تصور الشيء الملائم النافع اراده واحبه. اذا تصور الشيء الضار وابغضه ونفر منه. ولكن ذلك ان التصور قد يكون علما وقد يكون ظنا وخرسا. فالفطرة مجبولة على حب ما تحتاج اليه ودفع ما يضرها. وانها تستعين بالله على ذلك وهذا موجب الفطرة التي فطر الله عليها عباده وايجابها ذلك. ولهذا امر الله العباد ان يسألوه ان يعينهم على فعل ما امر خمسة واربعون وسبعمائة اهل السنة والجماعة متفقون على ان الله خالق افعال العباد. وعلى ان العبد قادر مختار يفعل بمشيئة وقدرته الله خالق ذلك كله وعلى الفرق بين الافعال الاختيارية والاضطرارية. وعلى ان الرب يفعل بمشيئته وقدرته انه ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن. وانه لم يزل قادرا على الافعال موصوفا بصفات الكمال. متكلما اذا شاء وانه موصوف بما وصف به نفسه وبما وصفه به رسوله محمد صلى الله عليه وسلم من غير تحريف ولا تعطيل ومن غير تكييف ولا تمثيل فيثبتون علمه المحيط ومشيئته النافذة وقدرته الكاملة وخلقه لكل شيء. ومن هداه الله لفهم قولهم علم انهم جمعوا محارم حسن الاقوال وانهم وصفوا الله بغاية الكمال. وانهم المستمسكون بصحيح المنقول وصحيح المعقول. وان قولهم القول السديد السليم من التناقض الذي ارسل الله به رسله وانزل به كتبه. ستة واربعون وسبعمئة انعم الله على المكلفين بنعم اصولية فروعية مشتركة بين البر والفاجر وخاصة المؤمنين بنعم اخرى بها تمت عليهم النعمة فاوجدهم بعد العدم وخلق لهم الاسماع الابصار والعقول وجميع ما تتم به العافية. اعطاهم قوتين عظيمتين بهما يجيدون افعالهم ويختار كل منهم ما اراد من علي الحسنة والقبيحة وهما المشيئة والارادة والقدرة. وباجتماع القوتين تتم الاقوال والافعال. ثم انه كمل على جميعهم نعمة بان امرهم ان يصرفوا مشيئتهم وارادتهم الى ما ينفعهم مما يحبه الله ويرضاه. وان يمتنعوا عما يكرهه الله. وارسل اليهم الرسل وانزل عليهم الكتب لتفصيل ما يحبه الله مما يكرهه. الترغيب في هذا والترهيب من ذلك بكل وسيلة وطريق اخبرهم بما يترتب على ذلك من الثواب والعقاب. واشهدهم انموذجا من ذلك في دار الدنيا. وكل هذه الامور وتوابعها اشتركت فيها كل احد فلم يبق لاحد على الله حجة بل حجته ورحمته وصلت اليهم كلهم. ثم انه تعالى خص المؤمنين بخصائص من رحمته بها امنوا واهتدوا وعملوا الصالحات. وهو انه حبب اليهم الايمان وزينه في قلوبهم. وكره اليهم الكفر والفسوق والعصيان هم كلما فعلوا شيئا من الهداية وقصدوا مراضي ربهم امدهم بهدايات متنوعة ولطف بهم ويسرهم لليسرى وجنبهم العسر وحفظهم ودافع عنهم بايمانهم السوء والفحشاء. فاستقاموا على الصراط المستقيم بمنتهي ورحمته. والله يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم. فكل نعمة منه فضل وكل نقمة منه عدل. افبعد هذا يبقى حجة للمعاند وشغب المكابر يحتج فيه بالقدر ولم يبقى الا ان يقول كيف خص المؤمنين بما خصهم به دوننا فيقال هذا فضله واحسانه يؤتيه من من يشاء. الم يمنع الكافر والفاجر حقا له يستحقه؟ بل منع عنه فضله الذي خص به المؤمنين لكمال حكمته ولعلمه انه لا يستحق هذا الفضل لاعراضه عن ربه واعتراضه عليه. ولو علم الله فيهم خيرا لاسمعهم ولو اهم لتولوا وهم معرضون. سبعة واربعون وسبعمئة خلق الله ابليس كما خلق الحيات والعقارب والنار وغير ذلك لما في خلقه ذلك من الحكمة. قد امرنا ان ندفع الضرر عنا بكل ما نقدر عليه. ومن اعظم الاسباب استعاذتنا منه فهو الحكيم في خلق ابليس وغيره وهو الحكيم في امرنا بالاستعاذة منه. وهو الحكيم اذ جعلنا نستعيذ به. وهو الحكيم في اعادتنا منه. وهو الرحيم بنا في ذلك كله. المحسن الينا المتفضل علينا اذ هو ارحم بنا من الوالدة بولدها. وهو الخالق لتلك الرحمة. فقال الرحمة اولى بالرحمة من الرحماء. ثمانية واربعون وسبعمائة قد ضمن الله السعادة لمن اطاعه واطاع رسوله. فتوعد بالشقاء لمن لم يفعل ذلك وطاعة الرسول هي مناط السعادة وجودا وعدما. وهي الفارقة بين اهل الجنة والنار. ومحمد صلى الله عليه وسلم فرق بين ناس ادل الخلق بما بينه لهم. وقال تعالى فاتقوا الله ما استطعتم. فمن اجتهد بطاعة الله ورسوله بحسب الاستطاعة كان من اهل الجنة والله يرفع درجات المتقين المؤمنين بعضهم على بعض بحسب ايمانهم وتقواهم تسعة واربعون وسبعمئة. الامام هو من يبتدى به اما ان يرجع اليه في العلم والدين بحيث يطاع باختيار المطيع لكونه عالما بامر الله امرا به فيطيعه المطيع لذلك وان كان عاجزا عن الالزام بالطاعة اما ان يكون صاحب يد وسيف بحيث يطاع طوعا وكرها قادرا على الزام المطيع بالطاعة وهؤلاء القسمان هم المراد بقوله يا ايها الذين امنوا اطيعوا الله واطيعوا الرسول اولي الامر منكم. ولا يتم كل واحد منهما الا بالاخر ولا يستقيم الدين والدنيا الا باجتماعهما. ووجود الظلم والمعاصي من بعض بعض المسلمين وولاة الامور وعامتهم لا يمنع ان يشارك فيما يعمله من طاعة الله. فيعاونون على الخير ولا يطاع احد من الخلق في معصية الله وملوك المسلمين حسناتهم كثيرة وسيئاتهم كثيرة. فلهم من الحسنات ما ليس لاحاد الامة من الامر بالمعروف والنهي عن المنكر واقامة الحدود وجهاد العدو وايصال كثير من الحقوق الى مستحقيها. ومنع كثير من الظلم واقامة كثير من العدل خمسون وسبعمئة ما ثبت في حق النبي صلى الله عليه وسلم من الاحكام ثبت في حق امته وبالعكس ان الله اذا امره وبامر تناول الامة كما قد عرف في عبارة الشرع. قال تعالى فلما قضى زيد منها وطرا وجناكها لكي لا يكون على المؤمنين حرج في ازواج ادعياء اذا قضوا منهن وترا. الا اذا دل دليل خاص على اختصاصه دون الامة. واحد وخمسون وسبعمئة باب الاحسان الى الناس والعفو عنهم مقدم على باب الاساءة والانتقام. كما في الحديث ادرأ الحدود بالشبهات. فان الامام ان يخطئ في العفو خير من ان يخطئ في العقوبة. فالخطأ في المدح اهون من الخطأ في القدح. واعطاء المجهول الذي يدعي الفقر من الصدقة اهون من حرمان الفقير. فالخطأ في اعطاء الغني خير من الخطأ في حرمان الفقير. والعفو عن المجرم خير من عقوبة البريء اثنان وخمسون وسبعمائة. والصواب الجامع في هذا الباب ان من حكم بعدل او قسم بعدل نفذ حكمه وقسمته. ومن امر وبمعروف ونهى عن منكر اعين على ذلك اذا لم يكن في ذلك مفسدة راجحة وانه لابد من اقامة الجمعة والجماعة فان امكن تولية امام بر لم يجز تولية فاجر ولا مبتدع يظهر بدعته. فان هؤلاء يجب الانكار عليهم بحسب الامكان. ولا يجوز توليتهم فان لم يمكن الا تولية احد رجلين كلاهما فيه بدعة وفجور كان تولية اصلحهما ولاية هو الواجب اذا لم يمكن في الغزو الا تأمير احد رجلين. احدهما فيه دين وضعف عن الجهاد. والاخر فيه منفعة في الجهاد مع ذنوبه له كان تولية هذا الذي ولايته انفع للمسلمين خيرا من تولية من ولايته اضر على المسلمين. واذا لم يمكن صلاة الجمعة والجماعة وغيرها الا خلف الفاجر والمبتدع صليت خلفه ولم تعد. وان امكن الصلاة خلف غيره وكان في ترك الصلاة خلفه هجر له ليرتدع هو وامثاله عن البدعة والفجور فعل ذلك. وان لم يكن في ترك الصلاة خلفه مصلحة دينية ان صلي خلفه وليس على احد ان يصلي الصلاة مرتين. ففي الجملة اهل السنة يجتهدون في طاعة الله ورسوله بحسب الامكان كما قال تعالى فاتقوا الله ما استطعتم. ثلاث وخمسون وسبعمئة. والله سبحانه لا يأمر بشيء لا يحصل به صلاح الدين ولا صلاح الدنيا ولو كان فاعل ذلك من عباد الله الصالحين. ولهذا امر النبي صلى الله عليه وسلم بالصبر على جور الائمة وترك قتالهم والخروج عليهم ففي لزوم امرهم من صلاح العباد في المعاش والميعاد. ومن خالف ذلك متعمدا او مخطئا لم يحصل بفعله صلاح بل فساد كما استفاض خاضت بذلك الاحاديث اربعة وخمسون وسبعمائة. لعن الفاسق المعين لا يجوز. وانما جاء الشرع بلعن الانواع مثل لعن الله ظالمين لعن الله من غير منار الارض ونحو ذلك. ونحن نعلم ان اكثر المسلمين لابد لهم من ظلم. فان فتح هذا الباب ساغ ان يلعن اكثر موتى المسلمين. والله تعالى امر بالصلاة على موتى المسلمين. وبالدعاء بالمغفرة والرحمة لعموم المؤمنين. لم يأمر بلعنتهم. فمن لعن احدا من المسلمين فقد ترك المأمور وفعل المحظور وخصوصا الاموات. فان لعنتهم اعظم من لعنة الاحياء كما قال صلى الله الله عليه وسلم لا تسبوا الاموات فانهم افضوا الى ما قدموا. خمسة وخمسون وسبعمئة ولا ريب ان لال النبي صلى الله عليه وسلم حقا على الامة لا يشركهم فيه غيرهم. ويستحقون زيادة المحبة والموالاة ما لا يستحقه سائر بطون قريش. كما ان جيشا يستحقون من المحبة والموالاة ما لا يستحقه غير قريش من القبائل. كما ان جنس العرب يستحق من المحبة والموالاة ما لا يستحقه سائر اجناس بني ادم. وتفضيل الجملة على الجملة لا يقتضي تفضيل كل فرد على كل فرد. كما ان تفضيل القرن ولعل الثاني والثاني على الثالث لا يقتضي ذلك. بل في القرن الثالث خير من كثير من في القرن الثاني. ومن خصائص بني هاشم تحريم الصدقة عليهم استحقاقهم من الفي. وبنو المطلب معهم في الاخير. وكذلك الصلاة على اهل البيت كلهم. واما ترتيب الثواب والمدح والذم فهذا لا يؤثر فيه النسب وانما يؤثر فيه الايمان والعمل الصالح وهو التقوى ان اكرمكم عند الله اتقاكم. لكن قال النبي صلى الله عليه وسلم الناس معادن كمعادن الذهب والفضة خيارهم في الجاهلية خيارهم في الاسلام اذا فقهوا فالعرب في الاجناس وقريش فيها ثم هاشم في قريش مظنة ان يكون فيهم الخير اعظم مما يوجد في غيرهم كما هو الواقع فلابد ان يوجد في الصنف الافضل ما لا يوجد مثله في المفضول. وقد يوجد في المفضول ما يكون افضل من كثير مما يوجد يد في الفاضل ستة وخمسون وسبعمئة ومحمد صلى الله عليه وسلم قد اخبر الله عنه انه يصلي عليه هو وملائكته فلم تكن فضيلته بمجرد كون الامة يصلون عليه. بل ان الله وملائكته يصلون عليه بخصوصه. وان كان الله وملائكته يصلون على المؤمنين ان عموم هو الذي يصلي عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات الى النور ويصلون على معلم الناس الخير كما في الحديث ان الله وملائكته يصلون على معلم الناس الخير ومحمد صلى الله عليه وسلم لما كان اكمل الناس فيما يستحق به الصلاة من الايمان. وتعليم الخير وغير ذلك كان له من الصلاة عليه خبرا وامر خاصية لا يوجد مثلها لغيره صلى الله عليه وسلم سبعة وخمسون وسبعمئة. والله تعالى اذا امر الناس بما لم يأمر به غيرة لم يكن افضل من غيره بمجرد ذلك. بل ان امتثل ما امر الله به كان افضل من غيره بالطاعة كولاة الامور وغيرهم ممن امر بما لم يؤمر به غيره. من اطاع منهم كان افضل لان طاعته اكمل. ومن لم يطع منهم كان من هو افضل منه بالتقوى افضل منه ثمانية وخمسون وسبعمائة. واذا شهد النبي صلى الله عليه وسلم لمعين بشهادة او دعا له بدعاء احب كثير من الناس ان يكون له مثل تلك الشهادة او مثل ذلك الدعاء. وان كان النبي صلى الله عليه وسلم يشهد بذلك لخلق كثير. ويدعو به لخلق كثير وكان تعيينه لذلك المعين من اعظم فضائله ومناقبه. تسعة وخمسون وسبعمائة لابد ان يكون مع الانسان اصول كلها كلية يرد اليها الجزئيات. ليتكلم بعلم وعدل. ثم يعرف الجزئيات كيف وقعت. والا فيبقى في كذب وجهل في الجزئية وجهل وظلم في الكليات. فيتولد فساد عظيم. ستون وسبعمائة. من بلغته دعوة النبي صلى الله عليه وسلم من الكفار في دار الكفر وعلم انه رسول الله فامن به وامن بما انزل عليه واتقى الله ما استطاع كما فعل النجاشي وغيره ولم الهجرة الى دار الاسلام ولا التزام جميع شرائع الاسلام لكونه ممنوعا من الهجرة وممنوعا من اظهار دينه وليس عنده من نعلمه جميع شرائع الاسلام فهذا مؤمن من اهل الجنة. كما كان مؤمن ال فرعون واسية امرأة فرعون. وكما كان يوسف وعليه السلام مع اهل مصر انهم كانوا كفارا. ولم يكن يمكنه ان يفعل معهم كل ما يعرفه من دين الاسلام. فانه دعاهم الى التوحيد فلم يجيبوه. وكذلك النجاشي وكثيرا ما يتولى الرجل بين المسلمين والتتار قاضية بل واماما وفي نفسه امور من العدل. يريد ان يعمل بها فلا يمكنه ذلك. بل هناك من يمنعه من ذلك. لا يكلف الله نفسا الا وسعها. فالنجاشي وامثاله سعداء في جنة وان كانوا لم يلتزموا من شرائع الاسلام ما لا يقدرون على التزامه. بل كانوا يحكمون بالاحكام التي يمكنهم الحكم بها. وبالجملة لا خلاف بين المسلمين ان من كان في دار الكفر وقد امن وهو عاجز عن الهجرة لا يجب عليه من الشرائع ما يعجز عنها بل الوجوب بحسب بالامكان وكذلك ما لا يعلم حكمه. فلو لم يعلم ان الصلاة واجبة عليه. وبقي مدة لم يصلي لم يجب عليه القضاء في اظهر قولي العلماء كذلك سائر الواجبات من صوم شهر رمضان واداء الزكاة وغير ذلك. ولو لم يعلم تحريم الخمر لم يحد عليها اذا اذا شربها باتفاق المسلمين. وكذلك لو عامل بما يستحله من ربا او ميسر ثم تبين له تحريم ذلك بعد القبض وما اشبه اشبه ذلك واصل هذا كله هل تلزم الشرائع من لم يعلمها ام لا تلزم الا بعد العلم ام يفرق بين الشرائع الناسخة والمبتدعة والصواب في ذلك كله ان الحكم لا يثبت الا مع التمكن من العلم. وانه لا يقضي ما لم يعلم وجوبه. وهذا يطابق الارض الذي عليه السلف والجمهور ان الله لا يكلف نفسا الا وسعها. فالوجوب مشروط بالقدرة والعقوبة لا تكون الا على ترك مأمور او فعل محظور بعد قيام الحجة. واحد وستون وسبعمئة. واذا تكلمنا على الملوك المختلفين على الملك والعلماء والمشايخ المختلفين في العلم والدين وجب ان يكون الكلام بعلم وعدل لا بجهل وظلم. فان العدل واجب لكل احد على كل لاحد في كل حال ظلم محرم مطلقا لا يباح قط بحال. والعدل محبوب باتفاق اهل الارض. مركوز حبه في القلوب تحبه القلوب وتحمده وهو من المعروف الذي تعرفه القلوب. والظلم من المنكر الذي تنكره القلوب فتبغضه وتزمه. الشرع الذي يجب على حكام المسلمين الحكم به عدل كله ليس في الشرع ظلم اصلا. بل حكم الله احسن الاحكام والشرع هو ما انزل الله فكل من حكم بما انزل الله فقد حكم بالعدل. لكن العدل قد يتنوع بتنوع الشرائع والمناهج اثنان وستون وسبعمائة قال تعالى فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم لا يجد في انفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما. فمن لم يلتزم تحكيم الله ورسوله فيما شجر بينهم. فقد اقسم الله بنفسه انه لا يؤمن. واما من كان ملتزما لحكم الله ورسوله قاهرة وباطنة لكن عصى واتبع هواه فهذا بمنزلة امثاله من العصاة. فمن لم يلتزم حكم الله ورسوله فهو كافر وهذا واجب على الامة في كل ما تنازعت فيه من الامور الاعتقادية والعملية. فالامور المشتركة بين الامة لا يحكم فيها الا الكتاب الكتاب والسنة ليس لاحد ان يلزم الناس بقول عالم ولا امير ولا شيخ ولا ملك. وحكام المسلمين يحكمون في الامور المعينة يحكمون في الامور الكلية واذا حكموا في المعينات عليهم ان يحكموا بما في كتاب الله ان لم يكن فبما في سنة رسول الله لم يجدوا اجتهد الحاكم برأيه ثلاثة وستون وسبعمائة الذنوب التي هي دون الكفر لا توجب كفر صاحبها ولا تخليد له في النار ولا منع الشفاعة فيه. والمتأول الذي قصده متابعة الرسول لا يكفر ولا يفسق اذا اجتهد فاخطأ وهذا مشهور عند الناس في المسائل العملية. واما مسائل العقائد فكثير من الناس كفروا المخطئين فيها. وهذا القول لا يعرف عن احد من الصحابة الصحابة والتابعين لهم باحسان ولا يعرف عن احد من ائمة المسلمين. وانما هو في الاصل من اقوال اهل البدع. وقد ينقل عن احد انه كفر من قال بعض الاقوال ويكون مقصوده ان هذا القول كفر ليحذر. ولا يلزم اذا كان القول كفرا ان يكفر كل كل من قاله مع الجهل والتأويل فان ثبوت الكفر في حق الشخص المعين كثبوت الوعيد في الاخرة في حقه وله شروط وموانع اربعة وستون وسبعمائة. الالتفات الى الاسباب شرك في التوحيد. ومحو الاسباب ان تكون اسبابا تغيير في وجه العقل. والاعراض عن الاسباب بالكلية قدح في الشرع. والتوكل معنى يلتئم من التوحيد والعقل والشرع. فالموحد المتوكل لا يلتفت الى الاسباب بمعنى انه لا يطمئن بها ولا يثق بها ولا يرجوها ولا يخافها. انه ليس في الوجود سبب يستقل بحكم. بل كل سبب فهو مفتقر الى امور اخرى تضم اليه. وله موانع وعوائق تمنع موجبة. وما ثم سبب مستقل بالاحداث الا مشيئة الله وحده فما شاء كان وما لم يشأ لم يكن. وما شاء خلقه بالاسباب التي يحدثها ويصرف عنه الموانع فلا يجوز التوكل الا عليه. خمسة وستون وسبعمائة. واما اهل التوحيد الذين يعبدون الله مخلصين له الدين. فان ما في قلوبهم من محبة الله لا يماثله فيها غيرها. ولهذا كان الرب محمودا حمدا مطلقا على كل ما فعله. وحمدا خاصا على احسانه الى الحامد. فهذا حمد الشكر والاول حمده على ما فعله كما قال الحمدلله الذي خلق السماوات والارض وقال الحمد لله فاطر السماوات والارض. والحمد ضد الذم والحمد خبر بمحاسن المحمود. مقرون بمحبته ولا يكون حمد لمحمود الا مع محبته. ولا ذم لمذموم الا مع بغضه. وهو سبحانه له الحمد في الاولى والاخرة. فلا تكونوا عبادة الا بحب المعبود. ولا يكون حمد الا بحب المحمود. وهو سبحانه المعبود المحمود. ولهذا كانت الخطب في الجمع والاعياد وغير ذلك مشتملة على هذين الاصلين تحميده وتوحيده. وافضل الذكر لا اله الا الله وافضل الدعاء الحمد لله ستة وستون وسبعمائة. لا ريب ان الاحكام النجومية مذمومة بالشرع مع العقل. وان الخطأ فيها اضعاف الصواب وان من اعتمد عليها في تصرفاته واعرض عما امر الله به ورسوله خسر الدنيا والاخرة. سبعة وستون وسبعمائة قد بينا ان الافلاك مستديرة عند علماء المسلمين من الصحابة والتابعين لهم باحسان. بل قد نقل اجماع المسلمين على ذلك غير واحد من علماء المسلمين الذين هم من اخبر الناس بالمنقولات كابي الحسين ابن المنادي وابي محمد ابن حزم وابي الفرج ابن الجوزي وكذلك المطر معروف عند السلف والخلف ان الله يخلقه من الهواء ومن البخار المتصاعد. لكن خلقه للمطر من هذا كخلق الانسان من نطفة وخلقه للشجر والزرع من الحب والنوى واثبات المادة التي خلق منها المطر والشجر والانسان والحيوان مما يدل على حكمته. ونحن لا نعرف شيئا قط خلق الا من مادة. ولا اخبر الله في كتابه بمخلوق الا من مادة الله قد وكل الملائكة بتدبير هذا العالم بمشيئته وقدرته. كما دلت على ذلك الدلائل الكثيرة من الكتاب والسنة. وكما يستدل على كذلك ايضا بادلة عقلية. والملائكة احياء ناطقون ليسوا اعراضا قائمة بغيرها كما يزعمه كثير من المتفلسفة ثمانية وستون وسبعمائة. الوسائل لا تراد الا لمقاصدها. فاذا جزمنا بانتفاء المقاصد كان الكلام في الوسيلة من السعي فاسد كما انها اذا حصلت المقاصد لم يكن بنا حاجة الى الوسائل. فتقدم في الاصول السابقة ان الوسائل لها احكام المقاصد ان كانت المقاصد مأمورا بها فالوسائل تابعة لها. وان كانت منهيا عنها فكذلك وسائلها والله اعلم. تسعة وستون وسبعمائة النبي صلى الله عليه وسلم قد نص على كليات الاحكام. ما يحرم من النساء وما يحل. فجميع اقارب الرجل من النساء حرام عليه الا بنات عمه وبنات عماته وبنات خاله وبنات خالاته. وحرم في الاشربة كل ما يسكر. وقد حصر المحرم فالواجب كله محصور في حق الله وحق عباده وحق الله على عباده ان يعبدوه ولا يشركوا به شيئا. وحقوق عباده العدل كما في حديث في معاذ ثم انه تعالى فصل انواع الفواحش والبغي وانواع حقوق العباد في مواضع اخر. وفصل المواريث ومن يستحق الارث ممن لا يستحقه وما يستحق الوارث بالفرض والتعصيب. وبينما يحل من المناكح وما يحرم وغير ذلك من نصوصه الكلية التي لا يشذ شيء سبعون وسبعمائة من استكبر على الحق او ادعى ما ليس له من المراتب او اشرك بالله وتعلق بغيره ابتلي بالذل والهوان والخوف من المخلوقين. فتراه مفتقرا الى لقمة خائفا من كلمة. قال تعالى سنلقي في قلوب الذين حين كفروا الرعب بما اشركوا بالله. واحد وسبعون وسبعمئة والردة قد تكون عن اصل الاسلام خالية من الاسماعيلية والنصيرية ونحوهم. وقد تكون الردة عن بعض الدين كحال كثير من اهل البدع. والله تعالى يقيم قوما يحبون يجاهدون من ارتد عن الدين او عن بعضه في كل زمان. اثنان وسبعون وسبعمائة تشبيه الشيء بالشيء يكون بحسب ما دل عليه السياق لا يقتضي المساواة في كل شيء. ثلاثة وسبعون وسبعمائة. وكذلك اذا كان التخصص لسبب يقتضيه فلا يحتج به باتفاق الناس اربعة وسبعون وسبعمائة. البلاغة المأمور بها في مثل قوله تعالى وقل لهم في انفسهم قولا بليغا. هي علم المعاني والبيان. فيذكر من المعاني ما هو اكمل مناسبة للمطلوب. ويذكر من الالفاظ ما هو اكمل في بيان تلك المعاني البلاغة بلوغ غاية المطلوب او غاية الممكن من المعاني باتم ما يكون من البيان. فيجمع صاحبها بين تكميل المعاني المقصودة وبين تبيينها باحسن وجه. خمسة وسبعون وسبعمائة واصل الشجاعة قوة القلب وثباته عند المخاوف. وكمال اليقين والثقة بوعد الله وشجاعة الفعل والقول تابعة لهذا. والاستنصار بالله والاستغاثة به والدعاء له من تمام ذلك. وهي من اعظم اسباب في تحصيل المأمور ودفع المحذور. ومما ينبغي ان تعلم ان الشجاعة انما فضيلتها في اقامة الدين وحصول المنافع العامة والخاصة الخاصة للمسلمين ستة وسبعون وسبعمائة وليس لاحد ان يدفع ما كان علم يقينا بالظن سواء كان ناظرا او مناظرا بل ان تبين له وجه فساد الشبهة وبينه لغيره كان ذلك زيادة علم ومعرفة وتأييدا في الحق في النظر والمناظرة وان لم بين ذلك لم يكن له ان يدفع اليقين بالشك والله اعلم. سبعة وسبعون وسبعمائة. ومن نور الله قلبه فرأى ما في النص شرع من الصلاح والخير والا فعليه الانقياد لنص رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس له معارضته برأيه وهواه. ثمانية وسبعون سبعون وسبعمائة لما كان محمد صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين ولم يكن بعده رسول ولا من يجدد الدين لم يزل الله يقيم تجديد الدين من الاسباب ما يكون مقتضيا لظهوره. كما وعد به في الكتاب. في ظهر به محاسن الايمان ومحامده. ويعرف به مساوئه الكفر ومفاسده. ومن اعظم اسباب ظهور الايمان والدين. وبيان حقيقة انباء الانبياء والمرسلين ظهور المعارضين لهم من اهل الافكار مبين كما قال تعالى وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الانس والجن. فان الحق اذا جحد وعود فرض بالشبهات اقام الله له مما يحقق الحق ويبطل به الباطل من الايات البينات ما يظهره من ادلة الحق رهينه الواضحة وفساد ما عارضه من الحجج الداحضة وهذا كالمحنة التي تميز الخبيث من الطيب. والفتنة هي الامتحان والاختبار الحق كالذهب الخالص كلما امتحن زاد جودة والباطل كالمغشوش المغشى اذا امتحن ظهر فساده. تسعة وسبعون وسبعمئة فبمعرفة حقيقة دين اليهود والنصارى وبطلانه يعرف به بطلان ما يشبه اقوالهم من اقوال اهل الالحاد والبدع. فاذا جاء نور الايمان الايمان والقرآن ازهق الله به ما خالفه. ثمانون وسبعمائة. الصدق اصل الخير. ويهدي الى الخير. والكذب اصل الشر ويهدي الى فجور كما في حديث ابن مسعود مرفوعا عليكم بالصدق فانه يهدي الى البر. الحديث واعظم ذلك الصدق على الله او الكذب على الله! الصدق في اعلى الدرجات. والصادق افضل الخلق. والكذب في اسفل الدرجات. والكاذب اظلم الخلق. وبين الصدق والكذب الصادق والكاذب فروق كثيرة معروفة. واحد وثمانون وسبعمئة. كثيرا يذكر الله تعالى في كتابه حكمة للاحكام الشرعية او القدرية. ولا يلزم من ذلك الا تكون له حكم اخرى غيرها. لكن لابد لتخصيص تلك الحكمة بالذكر في ذلك الموضع منه مناسبة اثنان وثمانون وسبعمائة. وكذلك نفي الدليل المعين لا يقتضي نفي المدلول ولا يقتضي نفي دليل اخر غيره يدله وعلى المقصود ثلاثة وثمانون وسبعمائة. واذا انتقض الدليل بطلت دلالته. انه انما يدل اذا كان مستلزما للمدلول. اذا كان تارة يوجد مع المدلول وتارة لا يوجد لم يكن مستلزما فلا يكون دليلا. اربعة وثمانون وسبعمائة ما امر الله به امرا عاما هو ما نقلته الامة عن نبيها محمد صلى الله عليه وسلم نقلا متواترا. واجمعت عليه مثل الامر بشهادة لا اله الا الله وان محمدا رسول الله وانه ارسل الى جميع الناس اميهم وغير اميهم واقام الصلاة وايتاء الزكاة صيام شهر رمضان وحج البيت العتيق من استطاع اليه سبيلا. وايجاد الصدق وتحريم الفواحش والظلم والامر بالايمان بالله وملائكته وكتبه ورسله والبعث بعد الموت هو ما يعرفه المسلمون معرفة عامة ولا يحتاج الانسان في معرفة ذلك الى ان يحفظ القرآن او ويتكلم بلغة العرب خمسة وثمانون وسبعمائة. اذا اوجب الله على العباد شيئا واحتاج اداء الواجب الى تعلم شيء من العلم كان تعلمه واجبا لان ما لا يتم الواجب الا به فهو واجب. ستة وثمانون وسبعمئة. المضافات الى الله نوعان عيان وصفات. الصفات اذا اضيفت اليه كالعلم والقدرة والكلام والحياة والرضا والغضب ونحو ذلك. دلت الاضافة على انها اضافة وصف له قائم به ليست مخلوقة. لان الصفة لا تقوم بنفسها. بل لابد لها من موصوف تقوم به. اذا اضيفت اليه علم انها صفة له. واما الاعيان اذا اضيفت الى الله تعالى فاما ان تضاف بالجهة العامة التي يشترك فيها المخلوق مثل كونها مخلوقة ومملوكة ومقدورة ونحو ذلك. فهذه اضافة عامة مشتركة. كقوله هذا خلق الله. وقد يضاف لمعنى يختص به ما يميز به المضاف عن غيره مثل بيت الله وناقة الله وعبد الله وروح الله فهذه تقتضي التشريف والعناية وانها امتازت عن غيرها من الاعيان بما يناسب السياق. سبعة وثمانون وسبعمائة. والحس الباطن او الظاهر ان لم يقترن به العقل الذي يميز بين المحسوس وغيره والا دخل فيه من الغلط من جنس ما يدخل على النائم او الممرور والمبرسم ونحوهم مما من يحكم بمجرد الحس الذي لا عقل معه. ثمانية وسبعون وسبعمائة. المعقول هو المعقول الصريح الذي يعرفه الناس بفطرهم التي فطروا وعليها من غير ان يتلقاه بعضهم عن بعض. كما يعلمون تماثل المتماثلين واختلاف المختلفين. اعني اختلاف التنوع لا اختلاف التضاد والتباين ان لفظ الاختلاف يراد به هذا وهذا. وهذه المعقولات في العلميات هي التي ذم الله من خالفها بقوله وقالوا لو وكنا نسمع او نعقل ما كنا في اصحاب السعير. واما ما يسميه بعض الناس معقولات ويخالفه فيه كثير من العقلاء اليس هذا هو العقليات التي يجب لاجلها رد الحس والسمع وينبني عليه علوم بني ادم بل المعقولات الصحيحة الدقيقة الخفية ترد الى معقولات بديهية اولية بخلاف العقليات الصريحة. فان هذا معلوم بفطرة الله. فاذا جاء في او في الخبر الصحيح ما يظن انه يخالف ذلك علم انه غلط. كل من اخبر بما يخالف صحيح المنقول او صريح المعقول يعلم انه وقع له غلط. وان كان صادقا فيما يشهده في الحس الباطن او الظاهر. لكن الغلط قد وقع في ظنه الفاسد المخالف لصريح العقل لا في مجرد الحس. فان الحس ليس فيه علم بنفي او اثبات. والانبياء صلوات الله عليهم معصومون. لا يقولون على الله الا الحق. ولا ينقلون عنه الا الصدق. فمن ادعى في اخبارهم ما يناقض صريح المعقول كان كاذبا. بل لابد بان يكون ذلك المعقول ليس بصريح او ذلك المنقول ليس بصحيح. فما علم يقينا انهم اخبروا به يمتنع ان يكون في العقل ما تناقضه وما علم يقينا ان العقل حكم به يمتنع ان يكون في اخبارهم ما يناقضه. تسعة وثمانون وسبعمائة. نعم الله على عباده هذه تتضمن نفعهم والاحسان اليهم وذلك نوعان. احدهما ان يدفع بذلك مضرتهم ويزيل حاجتهم وطاقتهم مثل رزقهم رزقهم الذي لولاه لماتوا جوعا. ونصرهم الذي لولاه لاهلكهم عدوهم. ومثل هداهم الذي لولاه لضلوا ضلالا يضرهم في اخرتهم وهذا النوع من النعمة لابد لهم منه وان فقدوه حصل لهم ضرر اما في الدنيا واما في الاخرة واما في والنوع الثاني النعم التي يحصل بها من كمال النعم وعلو الدرجة ما لا يحصل بدونها. كما انهم في الاخرة نوعان ابرار اصحاب يمين ومقربون سابقون. ومن خرج عن هذين كان من اصحاب الجحيم. واذا كانت النعمة نوعين فالخلق كانوا محتاجين الى ارسال محمد صلى الله عليه وسلم من هذين الوجهين وحصل بارساله هذان النوعان من النعمة فان الناس كانوا بدونه جهالا قالين اميهم واهل الكتاب منهم فكان ارساله اعظم نعمة على اهل الارض من نوعي النعم. ومن استقر احوال العالم تبين له ان الله لم ينعم على اهل الارض نعمة اعظم من انعامه بارسال محمد صلى الله عليه وسلم. وان الذين ردوا رسالته مما ان قال الله فيهم الم تر الى الذين بدلوا نعمة الله كفرا واحلوا قومهم دار البوار. ولهذا وصفهم بالشكر من قبل هذه نعمة وقال تعالى وكذلك فتنا بعضهم ببعض. الى قوله اليس الله باعلم بالشاكرين. وقال سيجزي الله الشاكرين. تسعون وسبعمائة. العجب الذي لا ينقضي ان كل عاقل يعجب ممن عرف دين محمد صلى الله عليه وسلم الحق ثم اتبع غيره. ويعلم انه لا يفعل ذلك الا مفرط في الجهل والضلال. او مفرط في الظلم واتباع الهوى. فما من طائفة من طوائف اهل الارض الا وهم مقرون ان محمدا صلى الله عليه وسلم دعا سائر الطوائف غيرهم الى خير مما كانوا عليه. وهذه شهادة من جميع اهل الارض بانه دعا اهل الارض الى خير مما كانوا عليه. فان شهادة جميع الطوائف مقبولة على غيرهم اذا كانوا غير متهمين عليهم فانهم معادون لمحمد وامته ومعادون لسائر الطوائف. واما شهادتهم لانفسهم فغير مقبولة فانهم خصومة وشهادة الخصم على خصمه غير مقبولة. وقد اعترف الفلاسفة انه لم يقرع العالم ناموس افضل من ناموسه. واعترفوا بانه افضل اكمل من نواميس الانبياء الكبار. واحد وتسعون وسبعمائة. قد دلت النصوص على ان الله لا يعذب الا من ارسل اليه رسولا تقوم وبه الحجة عليه. والحجة انما تقوم بالقرآن على من بلغه. قال تعالى لانذركم به ومن بلغ. فمن بلغه بعض القرآن دون بعض قامت عليه الحجة فيما بلغه دون ما لم يبلغه. اذا اشتبه معنى بعض الايات وتنازع الناس في تأويل الاية وجب رد ما تنازعوا فيه الى الله والرسول. فاذا اجتهد الناس في فهم ما اراده الرسل. المصيب له اجران والمخطئ له اجر واحد. ومن لم تقم عليه الحجة في الدنيا بالرسالة كالاطفال والمجانين واهل الفترات فهؤلاء فيهم اقوال اظهرها ما جاءت به الاثار انهم يمتحنون يوم القيامة فيبعث اليهم من يأمرهم بطاعته. فان اطاعوه استحقوا الثواب. وان عصوه استحقوا العقاب. اثنان وتسعون وسبعمئة. وكتب الله تدل على على ذم الضال والجاحد ومقته مع انه لا يعاقب الا بعد انذاره. ثلاثة وتسعون وسبعمائة. وسبب ضلال الضلال من الامم ثلاثة اشياء. احدها الفاظ متشابهة مجملة مشكلة. منقولة عن الانبياء وعدولهم عن الالفاظ الصريحة المحكمة فاما ان يفوضوها او يحرفوها. والثاني خوارق ظنوها من الايات. وهي من احوال الشياطين. وثالث اخبار منقولة اليهم ظنوها صدقا وهي كذب. اربعة وتسعون وسبعمائة. العلم ينال بالحس والعقل وما يحصل بهما. وبوحي الله على انبيائه الذي هو خارج عما يشترك فيه الناس من الحس والعقل. فاهل الكتاب امتازوا عن غيرهم بما جاءهم من النبوة. مع مشاركة لغيرهم فيما يشترك فيه الناس من العلوم الحسية والعقلية. والمسلمون حصل لهم من العلوم النبوية والعقلية ما كان للامم لهم وامتازوا عنهم بما لا يعرفه الامم. ونتصل اليهم من عقليات الامم هذبوه لفظا ومعنى حتى صار احسن مما كان عندهم ونفوا عنه من الناموس وضموا اليه من الحق ما امتازوا به على من سواهم. وكذلك العلوم النبوية اعطاهم الله منها ما لم يعطه امة قبلهم فهذا ظاهر لمن تدبر القرآن مع تدبر التوراة والانجيل فانه يجد من فضل علم القرآن ما لا الا على العميان خمسة وتسعون وسبعمائة. والظالم يكون ظالما بترك ما تبين له من الحق. واتباع ما تبين له انه والكلام بلا علم واتباع ما تبين له انه باطل والكلام بلا علم. فاذا ظهر له الحق فعند عنه كان ظالما وذلك مثل الالد في الخصام. ست وتسعون وسبعمئة كلما قويت حاجة الناس الى الشيء ومعرفته يسر الله اسبابه كما ييسر ما كانت حاجتهم اليه في ابدانهم اشد. فلما كانت حاجتهم الى النفس والهواء اعظم منها الى الماء كان مبزولا لكل احد في كل وقت. ولما كانت حاجتهم الى الماء اكثر من حاجتهم الى القوت كان وجود الماء اكثر لذلك. فلم ما كانت حاجتهم الى معرفة الخالق اعظم. كانت اياته ودلائل ربوبيته وقدرته وعلمه ومشيئته وحكمته اعظم من غيرها. ولما كانت حاجتهم الى معرفة صدق الرسل بعد ذلك اعظم من حاجتهم الى غير ذلك. اقام الله من دليل وشواهد نبوتهم وحسن حالهم من اتبعهم. وسعادته ونجاته وبيان ما يحصل له من العلم النافع والعمل الصالح صالح وقبح حال من خالفهم وشقاوتهم وجهلهم وظلمهم ما يظهر لمن تدبر ذلك ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور. سبعة وتسعون وسبعمائة والشيء يعرف تارة بما يدل على ثبوته. وتارة بما يدل على وانتفاء نقيضه وهو الذي يسمى قياس الخلف. فان الشيء اذا انحصر في شيئين لزم من ثبوت احدهما انتفاء الاخر ومنه انتفاء احدهما ثبوت الاخر. ومدعي النبوة اما صادق واما كاذب. وكل منهما له لوازم يدل انتفاؤها على انتفاء وله ملزومات يدل ثبوتها على ثبوته. فدليل الشيء مستلزم له كاعلام النبوة ودلائلها. وايات الربوبية وادلة الاحكام الشرعية وغير ذلك فدليل الشيء مستلزم له كعلام النبوة ودلائلها. وايات الربوبية وادلة الاحكام بالشرعية وغير ذلك. وانتفاء الشيء يعلم بما يستلزم نفيه كانتفاء لوازمه. مثل صدق الكذاب. يقال لو كان صادقا لكان متصفا بما يتصف به الصادقون. ثمانية وتسعون وسبعمائة شهادة الكتب لمحمد صلى الله عليه وسلم. اما شهادة بنبوته واما شهادتها بمثل ما اخبر به هو من الايات البينات على نبوته ونبوة من قبله. وهو حجة على اهل الكتاب وعلى غيرهم من المشركين والملحدين. تسعة وتسعون وسبعمائة. ولما كان محمد صلى الله عليه وسلم رسولا الى جميع الثقلين انسهم وجنهم عربهم وعجمهم. وهو خاتم الانبياء لا نبي بعده كان من نعمة الله على عباده ومن تمام حجته على خلقه ان تكون ايات نبوته وبراهين رسالته معلومة لكل الخلق الذين بعث اليهم. وقد يكون عند هؤلاء من والبراهين على نبوته ما ليس عند هؤلاء. وكان يظهر لكل قوم من الايات النفسية والافقية ما يبين به ان القرآن حق. ثمانمائة يجب ان يعلم ان العالم العلوي والسفلي بالنسبة الى الخالق تعالى في غاية الصغر. كما دلت عليه نصوص الكتاب والسنة سنة ولا نسبة لها الى عظمة الباري بوجه من الوجوه. وهي في قبضته اصغر من الخردلة في كف الانسان. الخليقة مفتورة على انها تقصد ربها في جهة العلو. لا تلتفت عن ذلك يمنة ولا يسرة. وجاءت الشريعة بالعبادة والدعاء بما يوافق الفطرة بخلاف ما عليها اهل الضلال من المشركين والصابئين من المتفلسفة وغيرهم. فانهم غيروا الفطرة في العلم والارادة جميعا. واحد وثمانون مائة. والسنة والاجماع منعقد على ان من بلغته دعوة النبي صلى الله عليه وسلم. فلم يؤمن فهو كافر لا يقبل منه الاعتذار وبالاجتهاد لظهور ادلة الرسالة واعلام النبوة. والنصوص انما اوجبت رفع المؤاخذة بالخطأ لهذه الامة. واذا كان كذلك فالمخطئ في بعض هذه المسائل اما ان يلحق بالكفار من المشركين واهل الكتاب مع مباينته لهم في عامة اصول الايمان واما ان يلحق بالمخطئين في مسائل الايجاب والتحريم. مع انها ايضا من اصول الايمان فان الايمان الذي يوجب الواجبات الظاهرة متواترة وتحريم المحرمات الظاهرة المتواترة واعظم اصول الايمان وقواعد الدين. والجاحد لها كافر بالاتفاق. مع ان اجتهد في بعضها اذا اخطأ ليس بكافر بالاتفاق. واذا كان لابد من الحاقه باحد الصنفين فالحاقه بالمخطئين المؤمنين اشد شبها من الحاقه بالمشركين واهل الكتاب. مع العلم بان كثيرا من اهل البدع منافقون النفاق الاكبر. اذا كان الامر كذلك فعقوبة الدنيا غير مستلزمة لعقوبة الاخرة ولا بالعكس. ولهذا اكثر السلف على قتل الداعي الى البدعة لما يجري عليه من الفساد في الدين سواء قالوا هو كافر او غير كافر. واذا عرف هذا فتكفير المعين من هؤلاء الجهال وامثالهم بحيث يحكم عليه انه مع الكفار لا يجوز الاقدام عليه الا بعد ان تقوم على احدهم الحجة بالرسالة التي يبين لهم بها انهم مخالفون للرسول. وان كان مقالتهم فيها لا ريب انها كفر. وهذا الكلام في جميع تكفير المعينين. مع ان بعض هذه البدع اشد من بعض. وبعض ابتدعت يكون فيه من الايمان والعمل الصالح ما ليس في بعض والله اعلم. اثنان وثمانمائة. واعلم ان المذهب اذا كان باطلا في نفسه لم يمكن الناقد له ان ينقله بوجه يتصور تصورا حقيقيا. فان هذا لا يكون الا للحق. فاما القول الباطل فاذا بين فبيانه يظهر فساده. فيقال كيف اشتبه هذا على احد؟ اتصوره كاف في فساده؟ ثلاث وثمان مائة. العلم بالكائنات وكشفها له طرق متعددة. حسية وعقلية وكشفية وسمعية. ضرورية ونظرية وغير ذلك وينقسم الى قطعي وظني وغير ذلك. اما العلم والدين وكشفه فالدين نوعان امور خبرية اعتقادية وامور طلبية عملية. فالاول كالعلم بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر. ويدخل في ذلك اخبار الانبياء واممهم ومراتبهم في الفضائل واحوال الملائكة وصفاتهم واعمالهم. ويدخل في ذلك صفة الجنة والنار. وما في الاعمال من الثواب والعقاب واحوال الاولياء والصحابة وفضائلهم ومراتبهم وغير ذلك. وقد يسمى هذا النوع اصول الدين يسمى العقد الاكبر ويسمى الجدال فيه بالعقل كلاما. ويسمى عقائد واعتقادات. ويسمى المسائل العلمية والمسائل الى الخبرية ويسمى علم المكاشفة. والثاني الامور العملية الطلبية من اعمال الجوارح والقلب كالواجبات والمحرمات والمستحبات والمكروهات والمباحات. فان الامر والنهي قد يكون بالعلم والاعتقاد فهو من جهة كونه علما واعتقادا او خبرا صادقا او كاذبا يدخل في القسم الاول. ومن جهة كونه مأمورا به او منهيا عنه يدخل في القسم الثاني. مثل شهادة ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله. فهذه الشهادة من جهة كونها صادقة مطابقة لمخبرها فهي من القسم الاول ومن جهة انها فرض واجب وان صاحبها بها يصير مؤمنا يستحق الثواب وبعدمها يصير كافرا يحل دمه فهي من القسم الثاني. وقد يتفق المسلمون على بعض الطرق الموصلة الى القسمين كاتفاقهم على ان القرآن دليل فيهما الجملة وقد يتنازعون في بعض الطرق. اربعة وثمانمائة طرق الاحكام التي اجمع عليها المسلمون. الاول الكتاب لم يختلف احد من الائمة في ذلك كما خالف بعض اهل الضلال في الاستدلال على بعض المسائل الاعتقادية. والثاني السنة متواترة التي لا تخالف ظاهر القرآن بل تفسره. مثل اعداد الصلاة واعداد ركعاتها ونصب الزكاة وفرائضها وصفة الحج والعمرة وغير ذلك من الاحكام التي لا تعلم الا بتفسير السنة. واما السنة المتواترة التي لا تفسر القرآن او يقال تخالف ظاهره كالسنة في تقدير نصاب السرقة ورجم الزاني وغير ذلك فمذهب جمهور السلف العمل وبها ايضا الا الخوارج فان من قولهم او قول بعضهم مخالفة السنة. وقد ينكر هؤلاء كثيرا من السنن طعنا في النقل لا ردا للمنقول كما ينكر كثير من اهل البدع السنن المتواترة عند اهل العلم كالشفاعة والحوض والصراط والقدر وغير الطريق الثالث السنن المتواترة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم اما متلقاة بالقبول بين اهل العلم بها او برواية الثقات لها. وهذه ايضا مما اتفق اهل العلم على اتباعها من اهل الحديث والفقه والتصوف. وقد انكرها بعض اهل وانكر كثير منهم ان يحصل العلم بشيء منها. الطريق الرابع الاجماع. وهو متفق عليه بين عامة المسلمين. من وبعض اهل البدع من المعتزلة والشيعة. لكن المعلوم منه ما كان عليه الصحابة. واما ما بعد ذلك فتعذر العلم به غالبا الطريق الخامس القياس على النص والاجماع. وهو ايضا وهو ايضا حجة عند جماهير الفقهاء. لكن بعضهم اسرف فيه استعمله قبل البحث عن النص ورد به شيئا من النصوص او استعمل منه القياس الفاسد ومن اهل الكلام والحديث من ينكره وتفاصيل هذا كثيرة. الطريق السادس الاستصحاب وهو البقاء على الاصل فيما لم يعلم ثبوته وانتفاؤه بالشرع وهو حجة عند عدم الاعتقاد بالاتفاق. وهل هو حجة في اعتقاد العدم فيه خلاف؟ ومما يشبه الاستدلال بعدم الدليل السمعي على عدم الحكم الشرعي. الطريق السابع المصالح المرسلة. وهو ان يرى المجتهد ان هذا الفعل يجلب مصلحة منفعة راجحة وليس في الشرع ما ينفيه. فهذه الطريق فيها خلاف مشهور. فالفقهاء يسمونها المصالح المرسلة. ومنهم من يسميها الرأي بعضهم يقرب اليها الاستحسان. وقريب منها ذوق الصوفية ووجدهم والهاماتهم. فان حاصلها انهم يجدون في القول والعمل مصلحة في قلوبهم واديانهم. ويذوقون طعم ثمرته. وهذه مصلحة. لكن بعض الناس يخص المصالح المرسلة حفظ النفوس والاموال والاعراض والعقول والاديان وليس كذلك. بل المصالح المرسلة في جلب المنافع ودفع المضار. وما عن دفع المضار عن هذه الامور الخمسة فهو احد القسمين. وجلب المنفعة يكون في الدنيا والدين. ففي الدنيا كالمعاملات والاعمال التي يقال فيها مصلحة للخلق من غير حظر شرعي. وفي الدين ككثير من المعارف والاحوال والعبادات والزهادات التي يقال قال فيها مصلحة للانسان من غير منع شرعي. فمن قصر المصالح على العقوبات التي فيها دفع الفساد عن تلك الاحوال ليحفظ جسمه فقط فقد قصر وهذا فصل عظيم ينبغي الاهتمام به. ثم ذكر من انتقد هذه الامور ومن قررها واعتمدها ثم قال القول الجامع ان الشريعة لا تهمل مصلحة قط. بل الله تعالى قد اكمل لنا الدين واتم النعمة. فما من شيء يقرب الى الجنة الا وقد حدثنا به النبي صلى الله عليه وسلم. وتركنا على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعده الا هالك لكن ما اعتقده العقل مصلحة وان كان الشرع لم يرد به فاحد الامرين لازم له. اما ان الشرع دل عليه من حيث لا يعلم هذا الناظر او انه ليس بمصلحة او اعتقد مصلحة مرجوحة لان المصلحة هي الخالصة او الغالبة. وكثيرا ما يتوهم الناس ان الشيء ينفع في الدين والدنيا ويكون فيه منفعة مرجوحة بالمضرة. كما قال تعالى في الخمر والميسر. قل فيهما اثم كبير ومنافع للناس. واثمهما اكبر من نفعهما. وكثير من بدع العقائد والاعمال من هذا الباب. قد زين لهم سوء عملهم فرأوه حسنا. وقد يكون عمدا فيكون ظلما. وقد يقع جهلا فيكون ضلالا. وهذا الباب مشترك بين اهل العلم والقول وبين اهل الارادة والعمل. خمس وثمانمائة فكل عمل لا يراد به وجه الله فهو حابط باطل لا ينفع صاحبه او وقت الحاجة اليه. فكل عمل لا يراد به وجه الله فهو باطل لان ما لم يرد به وجهه. اما الا ينفع بحال واما اما ان ينفع في الدنيا دون الاخرة. فالاول ظاهر. والثاني فقد يحصل للانسان في الدنيا لذات وسرور. وقد يجزى باعماله في الدنيا لكن تلك اللذات اذا كانت تعقب ضررا اعظم منها او تفوت انفع منها وابقى. فهي باطلة ايضا. فثبت ان فكل عمل لا يراد به وجه الله فهو باطل وان كان فيه لذة ما. ستة وثمانمائة والله تعالى لم يأمر عباده لحاجتهم الى خدمتهم ولا هو محتاج الى امرهم. وانما امرهم احسانا منه ونعمة انعم بها عليهم. فامرهم بما فيه صلاحهم ونهاهم عن ما فيه فسادهم وارسال الرسل وانزال الكتب من اعظم نعمه على خلقه سبعة وثمانمائة. ومن تأمل نصوص الكتاب والسنة في غاية الاحكام والاتقان وانها مشتملة على التقديس لله عن كل نقص والاثبات لكل كمال. وانه تعالى ليس له كمال ينتظر بحيث يكون قبله ناقصا بل من الكمال ان يفعل ما يفعله بعد ان لم يكن فاعله. وانه اذا كان كاملا بذلك وصفاته وافعاله لم يكن كاملا بغيره ولا مفتقرا الى سواه. بل هو الغني ونحن الفقراء. وهو سبحانه في محبته ورضاه ومقته وسخطه وفرحه واسفه وصبره وعفوه ورأفته. له الكمال الذي لا تدركه الخلائق وفوق الكمال. اذ كل كمال فمن كماله يستفاد وله الثناء الحسن الذي لا يحصيه العباد. وانما هو كما اثنى على نفسه له الغنى الذي لا يفتقر سواه وكلهم اتيه يوم القيامة فردا. ثمانية ثمانمائة. يجب ان يعلم ان الكمال ثابت لله. بل الثابت له اقصى ما يمكن من الاكملية. بحيث لا يكون وجود كمال لا نقص فيه الا هو ثابت للرب تعالى تستحقه بنفسه المقدسة وثبوت ذلك مستلزم النفي نقيضه. فثبوت الحياة يستلزم نفي الموت العلم يستلزم نفي الجهل. وثبوت القدرة يستلزم نفي العجز. وان هذا الكمال ثابت له بمقتضى الادلة العقلية والبراءة رهين اليقينية مع دلالة السمع على ذلك. تسعة وثمانمائة. ودلالة القرآن على الامور نوعان. احدهما خبر الله الصادق فما اخبر الله ورسوله فهو حق كما اخبر الله به. والثاني دلالة القرآن بضرب الامثال وبيان الادلة العقلية الدالة على على المطلوب فهذه دلالة شرعية عقلية فهي شرعية لان الشرع دل عليها وارشد اليها وعقلية لانها تعلم صحتها العقل وثبوت معنى الكمال لله قد دل عليه القرآن بعبارات متنوعة دالة على معان متضمنة لهذا المعنى فما في القرآن من اثبات الحمد له وتفصيل محامده. وان له المثل الاعلى واثبات معاني اسمائه ونحو ذلك. دال على هذا المعنى. وقد ثبت اللفظ الكامل في تفسير ابن عباس للصمد. وان الصمد المستحق للكمال. وهو السيد الذي كمل في سؤدده. والعليم الذي قد كمل في علمه والعظيم الذي قد كمل في عظمته. وهكذا سائر اسمائه الحسنى على هذا المنوال. وهذا المعنى هو المستقر في فطر الناس. كما انهم مفطورون على الاقرار بالخالق فانهم مفطورون على انه اجل واكبر واعلى. واعلم واكمل من كل شيء. ومن ثبوت الكمال هل لله بالعقل انه قد ثبت وجوب وجوده وقيومته وقدمه وسائر اوصافه. وان له المثل الاعلى. وبيان نقص ما عبد من دونه من المخلوقات. وتفصيل حمده الذي يستحقه من صفات كماله وحمده الذي فيه الاحسان المتنوع على خلقه وعلى كمال حكمته وسعة علمه ورحمته. وبيان كمال الوهيته واستحقاقه الجلال والاكرام. فله صفات الجمال والعظمة. ويستحق من عباده ان يكون مألوها معظما اعظم من كل شيء واحب اليهم من كل شيء تبارك وتعالى. عشرة وثمانمائة. واذا علم العبد من حيث ان لله فيما خلقه وفيما امر به حكمة عظيمة. كفاه ذلك. ثم كلما ازداد علما وايمانا ظهر له من حكمة الله ورحمته ما يبهر عقله ويتبين له تصديق ما اخبر الله به في كتابه. حيث قال سنريهم اياتنا في الافاق وفي انفسهم حتى يتبين لهم انه الحق. احد عشر وثمانمائة. الواجب وعلى المسلم اذا صار في مدينة من مدائن المسلمين ان يصلي معهم الجمعة والجماعة ويوالي المؤمنين ولا يعاديهم. وان رأى بعضهم ضالا او غاويا وامكن ان يهديه ويرشده فعل ذلك. والا فلا يكلف الله نفسا الا وسعها. وان كان قادرا على ان يولي في امامة المسلمين الافضل ولاه. وان قدر ان يمنع من يظهر البدع والفجور منعه. وان لم يقدر على ذلك فالصلاة خلف الاعلم بكتاب الله وسنة نبيه الاسبق الى طاعة الله ورسوله افضل. وان كان في هجره لمظهر البدعة والفجور مصلحة راجحة هجر واما اذا ولي غيره بغير اذنه وليس في ترك الصلاة خلفه مصلحة شرعية. كان تفويت هذه الجمعة والجماعة جهلا وكان قد رد بدعة ببدعة والصحابة لم يكونوا يعيدون الصلاة اذا صلوا خلف اهل الفجور والبدع. ولم يأمر الله تعالى قط واحدا اذا صلى كما امر بحسب استطاعته ان يعيد الصلاة. اثنى عشر وثمانمائة. قال الله تعالى يا ايها الذين امنوا لا تأكلوا اموالكم بينكم بالباطل. من اكل اموال الناس بالباطل باطل اخذ احد العوضين بدون تسليم العوض الاخر. لان المقصود بالعهود والعقود المالية هو التقابض. فان المعاوضة كالمبايعة سوى المؤاجرة مبناها على المعادلة والمساواة من الجانبين لم يبذل احدهما ما بذله الا ليحصل له ما طلبه. وكل منهما آخذ كن معط طالب مطلوب اذا تلف المقصود بالعقد قبل التمكن من قبضه مثل تلف العين المؤجرة قبل التمكن من قبضها او تلف ما به بكيل او وزن او عد او زرع قبل تمييزه بذلك واقباضه ونحو ذلك. لم يجب على المؤجر او المشتري اداء الاجرة او وهذا الاصل مستقر في جميع المعاوضات. اذا تلف المعقود عليه قبل التمكن من القبض تلفا لا ضمان فيه ان فسخ العقد. وان كان فيه الضمان كان في العقد الخيار. وكذلك سائر الوجوه التي يتعذر فيها حصول المقصود بالعقد من غير قياس ووضع الحوائج وغيرها مبني على هذا الاصل. وليس من شرط القبض ان يستعقب العقد. بل القبض يجب وقوعه على حسب ما اقتضاه العقد لفظا وعرفا ولهذا يجوز استثناء بعض منفعة المبيع مدة معلومة. وان تأخر بها القبض على الصحيح. وسر ذلك ان القبض هو موجب العقد. فيجب وفي ذلك ما اوجبه العاقدان بحسب قصدهما الذي يظهر بلفظهما وعرفهما. ثلاثة عشر وثمانمائة والمسلمون في مشارق الارض ومغاربها قلوبهم واحدة موالية لله ولرسوله ولعباده المؤمنين. معادية لاعداء الله ورسوله واعداء الدين. فما دام هذا وصفهم وقلوبهم الصادقة وادعيتهم الخالصة هي العسكر الذي لا يغلب. والجند الذي لا يخذل فانهم هم الطائفة المنصورة الى قيام الساعة اعتبر المعتبر بسيرة نور الدين وصلاح الدين ثم العادل كيف مكنهم الله وايدهم وفتح لهم البلاد واذل لهم الاعداء لما قاموا ذلك بما قاموا به من الدين. وليعتبر بسيرة من والى النصارى. كيف اذله الله وكبته؟ اربعة عشر وثمانمائة. وافضل اولياء هم انبياؤه وافضل انبيائه المرسلون منهم وافضل المرسلين. اولو العزم نوح وابراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلى الله عليهم وسلم. وافضل اولي العزم محمد صلى الله عليه وسلم. خاتم النبيين وامام المتقين. وسيد ولد ادم امام الانبياء اذا اجتمعوا وخطيبهم اذا وفدوا. صاحب المقام المحمود الذي يغبطه به الاولون والاخرون. وصاحب لواء الحمد والحوض المورود وشفيع الخلائق يوم القيامة. وصاحب الوسيلة والفضيلة الذي بعثه الله بافضل كتبه. وشرع له افضل شرائع دينه وجعل امته خير امة اخرجت للناس. وجمع له ولامته من الفضائل والمحاسن ما فرقه في من قبلهم. وهم اخر خلقا واولهم بعثا. ومن حين بعثه الله جعله الفارق بين اوليائه وبين اعدائه. فلا يكون وليا لله الا من امن به ما جاء به واتبعه ظاهرا وباطنا. ومن ادعى محبة الله وولايته وهو لم يتبعه فليس من اوليائه. بل من خالفه كان من اعداءه واولياء الشيطان. خمسة عشر وثمانمائة. اسم اليمين جامع للعقد الذي بين العبد وبين ربه. وان كان نذرا. وللعهد الذي بينه وبين المخلوقين ستة عشر وثمانمائة. العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب. سبعة عشر وثمانمائة. اصل الايمان والنفاق القلب وانما القول والفعل فرعان لهما. ثمانية عشر وثمانمائة. حق الله وحق رسوله متلازمان. وجهة حرمة الله ورسوله جهة واحدة. فمن آذى الرسول فقد آذى الله. ومن اطاعه فقد اطاع الله تسعة عشر وثمانمائة. الأعمال انما يحبط ما ينافيها عشرون وثمانمائة. واذا علم الرجل من حال صديقه انه يطيب نفسه بما يأخذ من ما له فله ان يأخذ وان لم نطقا. واحد وعشرون وثمانمائة الكلمة التي تصدر عن محبة وتعظيم تغفر لصاحبها. بل يحمد عليها وان كان فمثلها لو صدر بدون ذلك استحق صاحبها النكال وكذلك الفعل. اثنان وعشرون وثمانمائة الحكم المعلق بشرط لا يثبت بعينه عند عدمه باتفاق العقلاء. ثلاثة وعشرون وثمانمائة لما ذكر ايات الامر بالصبر وايات القتال قال فمن كان من المؤمنين بارض هو فيها مستضعف. وفي وقت هو فيه مستضعف. فليعمل باية الصبر والصفح والعفو عما يؤذي الله ورسوله من الذين اوتوا الكتاب والمشركين. اما اهل القوة فيعملون باية قتال ائمة الكفر الذين يطعنون في الدين. وباية قتال للذين اوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يدوا وهم صاغرون. اربعة وعشرون سب غير الرسول مع كونه معصية يوجد الجلد وسب الرسول مع كونه كفرا يوجب القتل. خمسة وعشرون وثمانمائة. الظاهر انما يكون دليلا صحيحا معتمدا اذا لم يثبت ان الباطن بخلافه. فاذا قام الدليل على الباطن لم يلتفت الى ظاهر قد علم ان الباطن بخلافه. ستة عشرون وثمانمائة الحكم اذا لم يثبت باصل ولا نظير كان تحكما. سبعة وعشرون وثمانمائة. قاعدة شريفة جامعة في وجوه بالايمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر ووجوب عبادة الله وحده لا شريك له وطاعته وطاعة رسله على كل احد في كل حال بحسب الاستطاعة. وان كل ما خالف ذلك فهو باطل. والتنبيه على ابطال الاعتقادات والعقود المخالفة لذلك. وبيان ان مراتب الخير والشر بحسب الدخول في ذلك والخروج منه. فافضلهم اكملهم قياما بذلك. كالنبيين والصديقين والشهداء والصالحين وشرهم ابعدهم عنه كالكفار المعطلين والمشركين. مثل فرعون وغيره من اصناف الكفار والمنافقين. وافضل الخلق من حين بعث محمد صلى الله عليه وسلم واقومهم بذلك اتبعهم له وهم السابقون الاولون من المهاجرين والانصار وشر الخلق اعظمهم مخالفة لهؤلاء. كالزنادقة الملحدين من القرامطة الباطنية العبيدية وغيرهم. ثم فصل هذه الجملة الكبيرة رسالة مستقلة رحمه الله وقدس روحه. فهذه اكثر من ثمانمائة من الاصول الجوامع والقواعد والضوابط كلها قد انتقيت من كتب هذا الامام شيخ الاسلام ابن تيمية وهي كما ترى في جميع العلوم النافعة والفنون الضرورية